الكويت والثقافة العربية الإسلامية

الكويت  والثقافة العربية الإسلامية

  سعدنا كثيراً باختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2016، والحق أنها بالفعل وعلى أرض الواقع عاصمة دائمة للثقافتين العربية والإسلامية عن جدارة واستحقاق، بما بذلته منذ خمسينيات القرن الماضي ولا تزال تبذله حتى الآن.
  ولهذا لا أستطيع تصور حال الثقافة العربية والإسلامية من دون المشاركة الكويتية الثرية، ودورها النشط الفعّال في هذا المجال، لاسيما بعد انحسار هذا الدور نسبياً، ربما لظروف متنوعة يعرفها الجميع في كل من دمشق وبيروت والقاهرة وبغداد.

استطاعت دولة الكويت بفلاح ونجاح وتخطيط محكم سليم، ملء هذا الفراغ، ولا غضاضة في هذا، فالتكامل بين البلاد العربية الإسلامية أمر محمود، أو تحديداً هو ما ينبغي أن يكون، ولعلي أتذكر الآن ما وُجِّه من أسئلة إلى عميد الأدب العربي د.طه حسين - رحمه الله - حينما حلّ ضيفاً بأرض سورية ولبنان الشقيقتين، ورأى هناك نشاطاً ثقافياً هائلاً، فعبَّر في بعض أحاديثه ولقاءاته الصحفية عن هذه الظاهرة، التي قد يبلورها البعضُ في تبادل الأدوار الثقافية بين البلاد العربية، وربما جاء التساؤل من صحفي وشاعر مصري آثر أن يأتي السؤال على لسانه، نيابة عن زملائه العرب، وهو الصحفي والشاعر الرقيق كامل الشناوي، الذي جاء سؤاله هكذا: أمازلت عند رأيك أن هذا النشاط يوشك أن ينقل زعامة الأدب من القاهرة إلى بيروت أو دمشق؟ فضحك العميد ضحكته المعهودة، ثم صمت قليلاً، وقال: «لقد كان هذا السؤال أول سؤال استقبلني في لبنان، وأول سؤال استقبلني في سورية. وقد قلت لكل من سألني: إنني أردت بما قلته في مصر عن انتقال راية الأدب إلى اللبنانيين أو السوريين أن أحضَّ المصريين على أن ينشطوا، ويجدُّوا في مجال الثقافة والمعرفة. وأنا في لبنان وفي سورية أقول للبنانيين والسوريين إنهم إن لم يستمروا في نشاطهم وإنتاجهم فإن لواء الأدب لن ينتقل إلى أيديهم، وسيظل دائماً في أيدي المصريين...». 
ثم يمضي العميد في حديثه ليقول: إن كل ما أقصد إليه هو التحريض على الإنتاج الأدبي والنشاط الثقافي، وإشعال نار المنافسة بين جميع البلاد العربية، ولا يعنينا بعد ذلك أن ينتقل اللواء من القاهرة إلى لبنان أو سورية، وإنما الذي يعنينا أن يظل لواء الأدب والثقافة العربية مرفوعاً، ويستوي في ذلك أن تحمله أيدي المصريين، أو أيدي اللبنانيين، أو أيدي السوريين... المهم هو أن يظل اللواء مرفوعاً.
وهذه هي النظرة العلمية الموضوعية السليمة التي تُجمِّع وتوحِّد وتثري، لا النظرة الشعوبية التي تفرِّق وتفسدُ ولا تغني، فكثيراً ما يردد علماء الاجتماع أن الثقافة المشتركة الواحدة هي من المقومات الأساسية التي تربط بين البلاد العربية والإسلامية، ولهذا فلابد أن يُترجَم هذا المعنى النظري واقعاً ملموساً، وليس كلاماً نظرياً يُقال ويُسمع فحسب، أو سطوراً تكتب وتقرأ وكفى.

مجلة العربي
في خمسينيات القرن الماضي أدرك القائمون على الشؤون الثقافية في الكويت كل هذه الأمور، فصحت العزيمة على إنشاء مجلة متميزة شكلاً ومضموناً تكون هدية الكويت لعالمها العربي، تؤكد الهوية العربية الإسلامية عن طريق نشر الفكر والثقافة والمعرفة الخاصة بهما في ربوع الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، بعيداً عن التيارات والخلافات السياسية لتقدم هذا الزاد الثقافي المتميز لكل ناطق بالعربية في كل مكان من العالم، ومن ثمَّ فقد استقبلها الجميع، حاكمون ومحكومون بالبشر والترحاب، فنرى في العدد الثالث من المجلة صوراً لرسائل التهنئة على إصدار هذه المجلة، بعثَ بها كل من حاكم البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وملك المغرب محمد الخامس، ورئيس مصر جمال عبدالناصر، وملك ليبيا إدريس السنوسي، ورئيس الحكومة المؤقتة لجمهورية الجزائر السيد فرحات عباس، وغيرهم.  
وقد رأس تحريرها منذ العدد الأول وحتى عام 1975 العالم الأديب د.أحمد زكي (1894-1975)، ثم تبعه الصحفي النابه الأستاذ أحمد بهاء الدين (1927-1996) الذي تولى رئاسة تحريرها في الفترة من 1976وحتى عام 1982، فأضاف إليها بُعداً قوميّاً، وحِسّاً صحافيّاً، كما أضاف اهتماماً آخر بالاستطلاعات المصورة الخاصة بالمدن العالمية، ثم تسلم الراية الكويتي الأكاديمي د.محمد غانم الرميحي في الفترة من 1982 وحتى 1999، الذي خطا بالمجلة أيضاً خطوات واضحة إلى الأمام، حيث نمت المجلة في عهده ونضجت لتلد مولودها الأول وهو «كتاب العربي»، وقد صدر العدد الأول منه بعنوان «الحرية» للدكتور أحمد زكي، عرفاناً بمنجزه في هذه المجلة التي يتلهف عليها القاصي والداني من قرّاء العربية في مختلف دول العالم. 
خلف د.الرميحي د.سليمان إبراهيم العسكري الذي تولى مسؤولية هذه المجلة من عام 1999 ليضيف إليها ويجدد من شبابها بما استحدثه من موضوعات، وما استولد للمجلة من أبناء جدد كـ«العربي الصغير» و«العربي العلمي»... ثم نظم الرجلُ وعقد الندوات التي صدرت عنها كتب في سلسلة «كتاب العربي»، ليضيف بُعداً جديداً من الاهتمام بالمجلات الثقافية في العالم العربي، تقوده وتدعو إليه مجلة العربي العريقة. 
ثم تسلم الراية رئيس التحرير الحالي الأستاذ الدكتور عادل سالم العبدالجادر في 2013، ليعود بالمجلة إلى سيرتها الأولى في شكل عصري جديد، فأصبحنا نشم منها الآن نكهتها المعتقة، بداية من صفحتي الغلاف الخارجي والداخلي، والاهتمام بإعادة بعض الأبواب التي كانت علامة مضيئة في الصحافة الثقافية العربية، والتي تميزت بها «العربي» عن سواها من المجلات الأخرى، اعتنت كثيراً بالتراث العربي - الإسلامي، مع الاهتمام أيضاً بتنويع الكُتَّاب لتجديد شباب المجلة، وتطوير موادها الأدبية والعلمية والثقافية بشكل عام، مستعيداً قدراً ملحوظاً من روح المجلة إبان المرحلة الأولى من إصدارها، وبهذا التغيير المحمود يستعيد د.العبدالجادر الفترة الذهبية لهذه المجلة العريقة التي تتحدى الزمن بالمحافظة على تراثها وشخصيتها، وبمواكبتها في الوقت ذاته روح العصر ومعارفه وعلومه. 
وقد ضمت «العربي» في مسيرتها الطويلة أعمالاً لرموز الأدب والفكر والثقافة في العالم العربي والإسلامي، فكتب فيها كل من د.محمود السمرة، والأستاذ عباس العقاد، ود.طه حسين، والأستاذ عبدالهادي التازي، والشيخ محمد أبوزهرة، ود.عبدالحليم منتصر، ود.إحسان عباس، ود.زكي نجيب محمود، ود.زكي المحاسني، وجميل صليبا، ود.أحمد أبوزيد، وجابر عصفور، وغيرهم. ونشر فيها قصائده كل من الشعراء أحمد الصافي النجفي، وكامل الصيرفي، ونزار قباني، ومحمود حسن إسماعيل، ود.سعاد الصباح، وبدر شاكر السياب، وصلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وفاروق شوشة، وغيرهم.
 
مجلة «الوعي الإسلامي» 
كما تقدم دولة الكويت لشقيقاتها من الدول العربية والإسلامية مجلة «الوعي الإسلامي»، وهي مجلة إسلامية تعمل على تأصيل القيم في المجتمعات الإسلامية والمساهمة في تنميتها بخطاب شرعي معتدل يجمع كلمة المسلمين. وقد صدر أول إصدار لها بحلول غرة المحرم من عام 1385 هـ الموافق مايو سنة 1965 برعاية من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي أسندت رئاسة تحريرها للدكتور عبدالمنعم أحمد النمر مدير إدارة الدعوة والإرشاد، وأشرف عليها عبدالرحمن عبدالله المجحم وكيل الوزارة آنذاك، وتكونت أسرة التحرير من: د.علي عبدالمنعم عبدالحميد مديراً للتحرير، والشيخ رضوان رجب البيلي نائباً لرئيس التحرير، ود.عبدالستار محمد فيض سكرتيراً للتحرير. وكما بدأت المجلة مسيرتها بمنهجها الواضح المعتدل المستقيم الذي ظهرت معالمه في أهدافها منذ إصدارها فإنها مازالت تعمل تحت لوائه حتى الآن.
ومن أعلام الكتّاب الذين كتبوا للمجلة: د.عبدالحليم محمود، والشيخ حمد الجاسر، ود.عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ)، والشيخ محمد الغزالي، والأستاذ أنور الجندي، والأستاذ نديم الجسر، والأستاذ علي الطنطاوي، والشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد، والأستاذ مالك بن نبي، والشيخ أبوالحسن الندوي، والأستاذ أحمد حسن الزيات، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ بدر المتولي عبدالباسط، وغيرهم. 

مجلة الكويت في إصدارها الأول
صدرت «مجلة الكويت» الذي يأتي على رأس اهتمامنا بها اسمها الذي تسمت به، وقد كانت في إصدارها الأول مجلة نصف شهرية تصدر عن إدارة الشؤون الفنية بوزارة الإعلام لتعنى بالثقافة بمفهومها العام، ولكي تكون حلقة وصل بين مستمعي راديو «هنا الكويت» من جهة، والقائمين على هذه الإذاعة الفتية في ذلك الوقت من جهة ثانية، وهي في هذا تشبه مجلة «الإذاعة والتلفزيون» التي تصدر الآن بجمهورية مصر العربية، والتي كانت تصدر منذ عقود طويلة تحت اسم «الراديو المصري». وقد كانت «مجلة الكويت» تحتوي في «الملزمة» الأخيرة منها على جداول مفصلة للمواد والبرامج الإذاعية من بداية البث الإذاعي حتى نهايته طوال نصف الشهر الذي تصدر فيه. ومع هذا فقد كانت المجلة تُعنى بنشر المواد الثقافية المنوعة بصورة جادة، بأقلام مشاهير الكتّاب والشعراء والمتخصصين. 
وأمامي الآن العدد رقم 281 الصادر في الأول من مايو 1975، وكان ثمنها خمسين فلساً في الكويت، أو ما يعادلها في البلاد العربية. ومن المواد الثقافية التي نشرت بهذا العدد:
«الأمثال الشعبية العربية» إعداد: عبدالله النويحس وأنور فايد، «شاعر الأقطار العربية خليل مطران»: بقلم الشاعر صالح جودت، «نشأة الشعر العربي»، «إذاعة الكويت»، «اللقاء الفكري بين الخليج العربي والمغرب العربي» بقلم خالد سعود الزيد، «من وحي فلسطين» للشاعر عمر بهاء الدين الأميري»، عرض وتقديم حسين أحمد كمونة، «أنا بالحب طبيب خبير» للشاعر والكاتب عبدالرحمن صدقي، «تضحية أم» قصة قصيرة بقلم محمد إسماعيل، «الإيجابيات والدلالات في العراء» نقد أدبي بقلم محمد القيسي. هذا فضلاً عن نوافذ أخرى تعنى بالسياسة، والاقتصاد، والإعلام التلفزيوني، والشؤون الصحية والأسرية وشؤون الطفل، والجريمة، والعلوم، وغيرها. 

مجلة الكويت في إصدارها الثاني
صدر العدد الأول من «الكويت» في مرحلتها الثانية في الأول من نوفمبر سنة 1979 كمجلة شهرية تصدر عن وزارة الإعلام يرأس تحريرها الأستاذ حمد يوسف الرومي (1937-1993). وكتب فيها في تلك المرحلة مشاهير الكتاب والمتخصصين العرب، ومنهم كما يبدو من فهرست العدد الثالث: سعد دوارة، د.محمد خليفة بركات، د.مصري حنورة، د.رياض العلمي، الشاعر كمال النجمي، الشاعر محمد الفايز، د.عبدالمحسن صالح، مختار العطار، د.سامي عمران، المسرحي نعمان عاشور، د.محمد عمارة، د.ناهد رمزي، سمر روحي الفيصل، المخرج المسرحي سعد أردش، والقاص مراد السباعي، وغيرهم.

إنشاء الجامعة
كان لا بد بعد أن نفضت الدولة عن نفسها غبار المحتل الأجنبي في التاسع عشر من يونيو عام 1961 حينما أُلغِيَت معاهدة الحماية البريطانية، وتم إعلان استقلال البلاد، وتبع ذلك إصدار الدستور في الحادي عشر من نوفمبر عام 1962، واستقرت الأمور للبناء ووضع الأسس القوية للنهوض والرخاء، أقول، كان لابد من إنشاء الكويت لجامعتها سنة 1966، لتوطين وتطوير ونشر المعرفة والعلم والثقافة الإنسانية، وذلك بتأسيس كليات العلوم والآداب والتربية وكلية البنات الجامعية، لتخريج جيل جديد قادر على القيادة الرشيدة، ورفع راية الثقافة عالية خفاقة، شأن بقية البلاد العربية التي سبقت الكويت في هذا المضمار. وها هم أولاء الآن، بل ومنذ فترة ليست بالقليلة أبناء الكويت يتبوأون موقع القيادة في كل المؤسسات الثقافية في البلاد بنجاح ملحوظ، وتوفيق كبير.

مجلة عالم الفكر
حينما أنشأت الحكومة الكويتية جامعة الكويت سنة 1966 شارك د.أحمد أبوزيد في تأسيسها وعمل بها، حيث أعير الرجل إليها في ذلك الوقت، ومن واقع التعرف إلى ثقافة الرجل ومناقبه الفكرية والثقافية، فقد اختاره مؤسس مجلة «عالم الفكر» الشاعر الأستاذ أحمد مشاري العدواني - رحمه الله - ليساعده في تأسيس واحدة من أبرز الدوريات الثقافية المُحَكَّمة، ليس في الكويت وحدها ولكن في المنطقة العربية كلها، وهي مجلة «عالم الفكر» التي يعرف قدرها ومكانتها الأكاديميون والجامعيون في الوطن العربي منذ أن بدأت تطلق إشعاعاتها الفكرية والثقافية في كل أنحاء الوطن العربي، بدءاً من عددها الأول الصادر في أبريل سنة 1970، وحتى الآن، وقد كانت تصدر أولاً عن وزارة الإعلام، وحينما أنشئ المجلس الوطني انتقلت تبعيتها إليه.  
وبفضل الجهود المكثفة المنظمة للقائمين على إصدارها، من إحكام الإدارة وحُسن المشورة فقد حافظت هذه الدورية الفصلية على نشر الفكر الجاد المستنير، والدراسات الرفيعة المستوى، لتصل بشكل منتظم إلى دوائر المثقفين والأكاديميين العرب وغيرهم، ما جعلها تحظى بتقدير واحترام كبيرين، منذ صدورها وحتى الآن، والجدير بالذكر أن مستشارها الأول كان طوال الوقت الذي تولى فيه الإشراف على المجلة، أستاذاً بجامعة الإسكندرية، وذلك قبل إعارته إعارة كاملة للمجلة خلال السنوات الست الأخيرة من مجمل سبعة عشر عاماً وضع فيها أسساً راسخة لهذه المجلة جعلتها في طليعة الدوريات العلمية في العالم العربي بأسره، حيث قدمت المجلة كثيراً من الزاد الفكري والثقافي العميق في كل مجالات المعرفة تقريباً.
أما في ما يختص بالتراث والثقافة والحضارة العربية الإسلامية، فقد قدمت المجلة محاور عدة مهمة تحت عناوين مختلفة، منها: الفكر الإسلامي، والتجربة الإسلامية، والمدينة الإسلامية، والقرآن والسيرة النبوية، وغيرها، واستكتبت لهذا الشأن لفيفاً من أعلام الفكر الإسلامي ورموزه في العالمين العربي والإسلامي. 

المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
أُنشـئ «المجـلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، كما صدر في حيثيات تأسيسه بالمـرسوم الأميـري الصادر في السابع عشر من يوليو 1973 لكي «تأخذ الدولة على عاتقها الدور الرئيسي في عملية التنمية الفكرية والثقافية والفنية ضمن رؤية واضحة تعمل على رعاية الثقافة والفنون والنهوض بها وإفساح المجال أمام الاتصال والتواصل مع الثقافة العربية والعالمية، وهو هيئة مستقـلة تابعة للدولة، تعمـل على تهـيئة المنـاخ المـناسب للإبداع الثقافي والفني وتنمية النشاطات الثقافية على أوسع نطاق، ويتمتع المجلس باستقلال مالي وإداري ومسؤوليات ثقافية واسعة تجعله عملياً أقرب إلى وزارات الثقافة في الدول الأخرى».
وقد صدرت عن هذا المجلس مجموعة من الدوريات المتخصصة القيمة, منها ما يلي:

سلسلة كتاب عالم المعرفة 
هي سلسلة من الكتب الثقافية التي تصدر مطلع كل شهر بانتظام منذ صدور العدد الأول في يناير عام 1978. وقد عمل د.فؤاد زكريا (1927-2010) أستاذ الفلسفة المعروف مستشاراً لها منذ تأسيسها وحتى رحيله، كما شارك الرجل في وضع وترجمة أو مراجعة ترجمة عديد من كتب هذه السلسلة, التي تهدف إلى تزويد القارئ العربي بمادة جيدة من الثقافة التي تغطي تقريباً جميع فروع المعرفة، كما تهدف أيضاً إلى ربطه بأحدث التيارات الثقافية والفكرية المعاصرة. 
وقد غطت هذه السلسلة من الكتب الجادة مجالات الدراسات الإنسانية من تاريخ وفلسفة وحضارة وأدب الرحلات وتاريخ وفكر وغيرها، أما العلوم الاجتماعية فشملت كلّاً من علوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة وعلم النفس والجغرافيا والتخطيط والدراسات الاستراتيجية والمستقبليات، وغيرها. وقد شملت الدراسات الأدبية واللغوية كلّاً من الأدب العربي والآداب العالمية وعلوم اللغة، وغيرها، وأما الدراسات الفنية، فقد عُنيت بعلم الجمال وفلسفة الفن والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والشعبية وغيرها. أما مجال الثقافة العلمية، فقد اهتم بتاريخ العلوم من كيمياء وأحياء وعلوم طبية وفلك ورياضيات مع الاهتمام بالجوانب الإنسانية والتطبيقية والتكنولوجية لهذه المجالات والعلوم، وقد اعتمدت في كل هذه الجوانب على الدراسات الجادة الحديثة، سواء كانت تأليفاً أو ترجمة من اللغات الأجنبية المختلفة، وليس الإنجليزية فحسب، وإن كانت الأخيرة تحظى بنصيب الأسد، نظراً لأنها اللغة العالمية الأولى الآن.
وجدير بالذكر أن هذه السلسلة قد عنيت بنشر مجموعة كبيرة من الكتب التي تهتم بالشأن الإسلامي، ومنها على سبيل المثال تراث الإسلام، المساجد، الإسلام في الصين، الإسلام والاقتصاد، الإسلام والشعر، مفاهيم قرآنية في تراثنا الإسلامي، الإسلام وحقوق الإنسان، المدينة الإسلامية، مقدمة لتاريخ الفكر العلمي في الإسلام، المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا، تجارة المحيط الهندي في عصر السيادة الإسلامية، مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي، فجر العلم الحديث: الإسلام - الصين - الغرب (في جزأين) الماضي المشترك بين العرب والغرب، الكتاب في العالم الإسلامي، الإسلام شريكاً، العمارة الإسلامية والبيئة، العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية، المجتمع العربي الإسلامي: الحياة الاقتصادية الاجتماعية، التلامس الحضاري الإسلامي الأوربي، الغرب والإسلام: الدين والفكر السياسي في التاريخ العالمي، وغيرها.
  
سلسلة المسرح العالمي
اهتم المجلس الوطني أيضاً بتبني سلسلة قيمة صدر العدد الأول منها في مارس سنة 1971 تحت إشراف كل من الأستاذ أحمد مشاري العدواني, ود.محمد إسماعيل الموافي, والأستاذ زكي طليمات المشرف الفني لشؤون المسرح، وقد سدت نقصاً في المكتبة العربية أحدثه غياب «سلسلة المسرح العالمي» التي كانت تصدرها وزارة الثقافة المصرية، في بداية حكم رئيس مصر الأسبق أنور السادات. وقدمت لنا هذه السلسلة روائع المسرح العالمي لعمالقة الشعراء والمسرحيين منذ عهد اليونان وحتى الآن، فقدمت أعمالاً لفوكليس، وشكسبير، وراسين، وجوته، وبيكيت، وغيرهم. 
كما يعنى المجلس الوطني أيضاً بإصدار بعض الدوريات العلمية الأخرى, مثل مجلة «الثقافة العالمية» التي أسسها الأستاذ أحمد مشاري العدواني سنة 1981، لتعنى بترجمة كل ما هو جديد ومفيد في مجالات العلوم والفنون والآداب والعلوم الإنسانية من فلسفة واجتماع وعلم نفس واقتصاد وغيرها. 

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي 
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي أسست سنة 1976، وهي مؤسسة كويتية تهدف إلى دعم التطور العلمي والتكنولوجي، وقد أنشئت بموجب مرسوم أميري صدر في 12 ديسمبر 1976 كمؤسسة خاصة ذات نفع عام، يدير مجلس إدارتها سمو أمير البلاد، ويساعده ستة أعضاء يُختارون كل ثلاث سنوات، ويختار المجلس مديراً عامّاً للمؤسسة ينفذ توجهات مجلس الإدارة.
وتهدف المؤسسة إلى دعم التطور العلمي والتكنولوجي عن طريق تقديم الدعم المادي للأبحاث، وتقديم الجوائز كوسيلة لتشجيع البحث العلمي، وإقامة المؤتمرات العلمية، ونشر الوعي العلمي، ونشر الكتب والمجلات والموسوعات، ومن أهمها «مجلة العلوم» التي صدرت عام 1986، وهي الترجمة العربية لمجلة العلوم الأمريكية التي تعنى بنشر الجديد في مجالات العلوم المختلفة، وتعتبر من أهم المجلات العلمية على مستوى العالم، وتترجم إلى ثلاث عشرة لغة عالمية شهرياً.
هذا قليل من كثير، نظراً لمحدودية المساحة المتاحة، مما تقدمه الكويت العظيمة، ولذا فإنها - بحق - تستحق أن تكون عاصمة للثقافتين العربية والإسلامية، ليس لعام 2016 فحسب، وإنما لسنوات وسنوات طويلة إن شاء الله تعالى.