قراء «العربي» يوثّقون مرحلة ما قبل صدورها

قراء «العربي»  يوثّقون مرحلة ما قبل صدورها

حمل بريد مجلة العربي - ولايزال - مئات الرسائل المدهشة الدالة على عمق العلاقة بينها وبين قرائها، خاصة تلك الفئة التي تبعث لـ «العربي» بتفاعلات غير تقليدية مفعمة بالمحبة الخالصة والبحث الهادف للفت أنظار المجلة إلى مواضيع قد تكون أغفلتها، أو لم تأخذ حقها الكافي على صفحاتها من وجهة نظر المُرسل. فالتواصل مع القراء له مذاقه الخاص، ويجعل للعلاقة بين الطرفين نتائج إيجابية تصب دائماً في المصلحة العامة. 

لكن التفاعلات غير التقليدية، وهذا للبيان والتوضيح، ليس المقصود منها تصويباً لخطأ ما أو إضافة لمعلومة غابت أو رداً يرسل بهدف النشر.
تلك التفاعلات يمكن اختصار القول فيها بأنها «رسائل ترسل لمجلة العربي لا لقرّائها»، اتخذت أشكالاً متنوعة ومكثفة بما يكفي لوضع تصنيفات جديدة لا تنسب لأبواب المجلة التي تندرج تحتها الرسائل التقليدية التي تغذي تلك الأبواب بما تم الاتفاق عليه مع الكتّاب، أو بما بادر به مَن يرون أن مساهماتهم ترقى للنشر.
قبل عقد من الزمان، عندما كان البريد الورقي الذي يصل إلى المجلة يوازي أو يفوق بقليل ما يصل إليها عن طريق البريد الإلكتروني، وصلت إليَّ رسائل قليلة، ولكنها مهمة جداً، لم أجد لها تصنيفاً سوى «تأريخ مجلة العربي»، يضم كل ما له علاقة بالمراحل التي سبقت ولادة العدد الأول في ديسمبر عام 1958م، وكذلك التفاعلات الأولى في الصحف والمجلات العربية مع ذلك الخبر، والأقلام التي تنبأت بمستقبل المجلة إذا استمرت على النهج نفسه الذي سار عليه عددها الأول.  

مواد ليست للنشر 
البريد الذي يحمل الرسائل التي ترسل للمجلة لا لقرائها، هو غالباً لا يصلح للنشر في حال رغبت المجلة في نشره، فمثلاً يقوم أحد الأبناء أو الأحفاد بإعادة إرسال خطاب رسمي سبق أن صدر قبل أربعة عقود من «العربي» إلى الجد أو الأب يفيد بقبول نشر مقال له في أقرب عدد مقبل، وضمن هذا النسق نفسه من الارتباط والحنين بين الأجيال ومجلتهم العزيزة، تصل إلينا طلبات مؤثرة لأشخاص يطلبون صوراً منشورة في استطلاعات «العربي» القديمة، يظهر فيها أحد أقاربهم، أو منزل كان في يوم من الأيام منزلهم. 
ويحرص بعض قراء «العربي» على تقديم مقترحات لاستحداث أبواب جديدة، أو تطوير ما هو موجود بالمزيد من الأفكار، ومنهم من يعتب لعدم زيارة بعثات «العربي» لمدينته، مجتهداً في إبراز محاسنها وفوائد زيارتها.
أما من نعتبرهم الفريق المعاون للمسؤولين عن توزيع المجلة، فهم من ينقلون إلينا، بعفوية، الكيفية التي تحصّلوا من خلالها على نسخة من «العربي»، إما بالإشادة أو بالتذمر في المكان أو الزمان الفلاني، هؤلاء المخلصون يزيدون من فاعلية المتابعة والمحاسبة وتصحيح الأخطاء.
 
القرّاء المؤرخون 
وصلت إلى بريد «العربي» رسالتان، إحداهما من الكويت والأخرى من اليمن، تندرجان تحت تصنيف «تأريخ مجلة العربي»، وبرغم الاختلاف في المحتوى، فقد ظل التصنيف السابق هو العنوان العريض مع توافق زمني واحد يخدم مرحلة ما قبل صدور العدد الأول.
الرسالة الأولى كانت من د. مشاعل الهاجري ووجدت في العدد رقم 179 من الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) نتيجة مسابقة اختيار أحسن اسم للمجلة الجديدة (المقصود بها مجلة العربي)، التي نظمتها دائرة المطبوعات، وفاز فيها السيد نبيل حليم دكاش بجائزة قدرها 500 روبية، وذلك من بين 612 اسماً مقترحاً. لقد أجابت هذه الرسالة عن سؤال قديم هو: ما اسم الشخص الذي اقترح اسم «العربي» وفاز به؟ فقد كان خبر المسابقة معروفاً، وسبقت الإشارة إليه على صفحات المجلة في أكثر من محطة تاريخية، كما كشفت لنا عن مقدار الجائزة، وهي بمقاييس ذلك الزمان تعد سخية، مما يعكس حرص حكومة دولة الكويت واهتمامها بمجلة العربي منذ مرحلة التأسيس، ويتبقى ضمن السياق مهمة أخيرة هي الحصول على عدد الجريدة الرسمية الذي نشر فيه خبر المسابقة وشروط الاشتراك فيها.
الرسالة الثانية كانت من القارئ اليمني عبدالله علي النخلاني، تضمنت الإعلان الدعائي الذي كشف فيه النقاب عن «المفاجأة الصحفية الكبرى المنتظرة»، وهي ميلاد مجلة العربي، مع الخطوط العريضة لهويتها الصحفية، وطموحها في أن تبلغ مبلغ المجلات العالمية، وقد نشر هذا الإعلان في العدد رقم 1781 من مجلة المصور المصرية، الصادر في 28 نوفمبر 1958. لقد أثارت هذه الرسالة كثيراً من الأسئلة المتعلقة بالحملة الدعائية التي مهدت لظهور المجلة مثل: هل نشر مثل هذا الإعلان في صحف ومجلات مصرية وعربية؟، وإذا كان الجواب بـ «نعم»، فما هي؟ وهل استمرت الحملة الدعائية بعد صدور المجلة لتعزيز انتشارها في أيامها الأولى؛ أم توقفت بعد صدور العدد الأول؟.
إن التفاصيل المتعلقة بتأريخ صدور مجلة العربي، موضوع مهم وشائق لقرّاء المجلة المخلصين، والبحث في ذلك التاريخ لم ينته بعد، والأمل لايزال معقوداً في الحصول على المزيد من المعلومات والوثائق. 
والدعوة عامة ومفتوحة لجميع قرّاء المجلة لتزويدها بما لديهم من ذكريات حول بدايات المجلة وطبيعة ما كان ينشر فيها وردود القراء وتفاعلاتهم، وخصوصاً مع التطور الكبير في عالم التقنيات والتواصل السريع ■