الكتابة بعد التقاعد

الكتابة بعد التقاعد

يثبت‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬التي‭ ‬تُضرب‭ ‬على‭ ‬كُتَّاب‭ ‬بدأوا‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬تألقوا‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬متقدم،‭ ‬أن‭ ‬أحلام‭ ‬الكتابة‭ ‬المؤجلة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الشغف‭ ‬والسعي‭ ‬والمشاركة،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬رواج‭ ‬حركات‭ ‬الدعم‭ ‬الواقعية‭ ‬والافتراضية‭ ‬من‭ ‬مجموعات‭ ‬الكتابة‭ ‬والمواقع‭ ‬والمدونات‭ ‬الموجهة‭ ‬لمن‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬النشر‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬كيف‭ ‬يقومون‭ ‬بذلك‭. ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يشجع‭ ‬المتقاعدون‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬ببتأكيد‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬كاتباً‭. ‬وأن‭ ‬مغامرة‭ ‬الكتابة‭ ‬متاحة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يمتلك‭ ‬حداً‭ ‬ملائماً‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬اللغوية‭ ‬والمعرفة‭ ‬الأساسية‭ ‬بقواعد‭ ‬النحو‭ ‬والإملاء،‭ ‬ولديه‭ ‬شيء‭ ‬يقوله‭.‬‭ 

  ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الموهوبين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬الوقت‭ ‬ولا‭ ‬الدعم‭ ‬ولا‭ ‬الفرصة‭ ‬المناسبة‭ ‬للكتابة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الشباب،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الحلم‭ ‬بها‭ ‬يبقى‭ ‬نابضاً‭ ‬منتظراً،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬انحسرت‭ ‬مسؤوليات‭ ‬الحياة‭ ‬وانشغالاتها‭ ‬تحقق‭ ‬ونما‭. ‬وآخرون‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬التقاعد‭ ‬لتجاوز‭ ‬الشعور‭ ‬بالملل‭ ‬أو‭ ‬الإحساس‭ ‬بقصور‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتراجع‭ ‬المشاركة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬لديهم‭ ‬رسالة‭ ‬مهمة‭ ‬يودون‭ ‬إبلاغها،‭ ‬أو‭ ‬لمجرد‭ ‬ملء‭ ‬الفراغ‭. ‬قسم‭ ‬آخر‭ ‬ممن‭ ‬كانوا‭ ‬يتوقون‭ ‬للكتابة‭ ‬تجهدهم‭ ‬متاعب‭ ‬الحياة‭ ‬وملاهيها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الجمود‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬الحلم،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬تفعيله‭ ‬تماماً‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بلعب‭ ‬دور‭ ‬المتفرج‭.‬

‭ ‬ووفقا‭ ‬لمسح‭ ‬أجراه‭ ‬موقع‭ ‬Retirement‭ -‬Writing‭ - ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬المتقاعد‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬ومعلومات‭ ‬حول‭ ‬الكتابة‭ ‬والنشر‭- ‬يفضل‭ ‬المتقاعدون‭ ‬كتابة‭ ‬المذكرات،‭ ‬والملاحظات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بأسرار‭ ‬الصنعة،‭ ‬والروايات،‭ ‬ومقالات‭ ‬المجلات،‭ ‬وحكايات‭ ‬السفر‭ ‬والهوايات‭ ‬والمهن‭ ‬السابقة‭.‬

 

تذوق‭ ‬الحياة‭ ‬

كانت‭ ‬الكاتبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الفريق‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬تذوق‭ ‬الحياة‭ ‬مرتين‭: ‬لحظة‭ ‬عيشها‭ ‬واقعياً،‭ ‬ولحظة‭ ‬استرجاع‭ ‬أصدائها‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الذكريات‭ ‬الذي‭ ‬تخلقه‭ ‬الكتابة‭. ‬

بدأت‭ ‬كارتر‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬الستين‭ ‬من‭ ‬عمرها،‭ ‬وكانت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬تؤلف‭ ‬قصصاً‭ ‬وحكايات‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكتبها‭. ‬وتعلم‭ ‬جيداً‭- ‬كما‭ ‬تروي‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬المواقع‭ ‬المهتمة‭ ‬بالكتابة‭ - ‬أنها‭ ‬ولدت‭ ‬بخيال‭ ‬خصب،‭ ‬وإحساس‭ ‬غامر‭ ‬بالفضول‭ ‬والدهشة‭. ‬فكانت‭ ‬تتسكع‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬عقلها،‭ ‬وتلهو‭ ‬مع‭ ‬خيالها،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تتبخر‭ ‬حكاياتها‭ ‬المؤلفة‭ ‬غير‭ ‬المجسدة‭ ‬بالكلمات‭ ‬المكتوبة‭ ‬وتذهب‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح؛‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الحلم‭ ‬بالكتابة‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬المطاف‭ ‬وبعد‭ ‬أعوام‭ ‬طويلة‭ ‬جزءاً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬حياتها،‭ ‬وحقيقة‭ ‬لا‭ ‬خيالاً‭. ‬

وتعيش‭ ‬اليوم‭ ‬نتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬سعادة‭ ‬وحياة‭ ‬حلوة‭ ‬لم‭ ‬تعهدها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وكم‭ ‬تمنت‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬الكتابة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬البداية‭ ‬المتأخرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬كارتر‭ ‬بالأمر‭ ‬اليسير،‭ ‬بل‭ ‬واجهت‭ ‬صعوبات‭ ‬اكتنفت‭ ‬عملية‭ ‬الكتابة‭ ‬الحقيقية‭ ‬الجديدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭. ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬الكتابة‭ ‬الفعلية‭ ‬مرور‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬درس‭ ‬تلقته‭ ‬في‭ ‬اللغة‭. ‬ولكي‭ ‬تتغلب‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الصعوبة،‭ ‬قامت‭ ‬بشراء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬موضوعات‭ ‬مثل‭ ‬عملية‭ ‬الكتابة،‭ ‬وقواعد‭ ‬النحو،‭ ‬وعلامات‭ ‬الترقيم،‭ ‬ثم‭ ‬انطلقت‭ ‬تكتب‭ ‬في‭ ‬مدونة‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يستدعي‭ ‬الأمر‭ ‬الكثير‭ ‬كي‭ ‬تصبح‭ ‬سعيداً‮»‬‭. ‬

وهي‭ ‬العبارة‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬سمعتها‭ ‬من‭ ‬زوجها‭. ‬لقد‭ ‬قررت‭ ‬أخيراً‭ ‬أن‭ ‬تكتب‭ ‬حكايات‭ ‬وتتقاسمها‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬العائلة‭ ‬والأصدقاء‭ ‬وأجيال‭ ‬المستقبل‭. ‬

 

نماذج‭ ‬مشرقة

هناك‭ ‬نماذج‭ ‬مشرقة‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬الكتَّاب‭ ‬الجدد‭ ‬والقدامى،‭ ‬مثل‭ ‬فرانك‭ ‬ماكورت‭ (‬1930-2009‭)‬،‭ ‬المعلم‭ ‬والكاتب‭ ‬الأيرلندي‭ ‬الأصل،‭ ‬الذي‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬مع‭ ‬صدور‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬رماد‭ ‬أنجيلا‮»‬‭ ‬Angelas‭ ‬Ashes‭ ‬عام‭ ‬1996‭ ‬وحصوله‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬بوليتزر‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬والستين‭ ‬من‭ ‬عمره‭. ‬

وكاتب‭ ‬السيناريو‭ ‬والروائي‭ ‬الأمريكي‭ ‬ميلارد‭ ‬كوفمان‭ (‬1917-2009‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬روايته‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬سلطانية‭ ‬الكرز‮»‬‭ ‬Bowl‭ ‬of‭ ‬Cherries‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬السادسة‭ ‬والثمانين،‭ ‬ونشرت‭ ‬الرواية‭ ‬مع‭ ‬بلوغه‭ ‬التسعين‭. ‬

والكاتبة‭ ‬البريطانية‭ ‬آنا‭ ‬سويل‭ (‬1820-1878‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬أول‭ ‬أعمالها‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬والخمسين‭ ‬وتوفيت‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬روايتها‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬الجمال‭ ‬الأسود‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬فيلم‭ ‬سلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬معاملة‭ ‬الخيول‭ ‬القاسية‭. ‬

 

نصيحة‭ ‬مجرِّب

في‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الكتابة‭ ‬بعد‭ ‬التقاعد‮»‬‭ -  ‬تحرير‭ ‬كارول‭ ‬سمولوود‭ ‬وكريستين‭ ‬ردمان‭- ‬سجل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬المحترفين‭ ‬الناجحين‭ ‬تجاربهم‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬متقدمة‭.‬

‭ ‬ركز‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬تهيئة‭ ‬أجواء‭ ‬اجتماعية‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬الكتابة،‭ ‬تبدأ‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬المحلية‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬كتَّاب،‭ ‬وحضور‭ ‬ورش‭ ‬عمل،‭ ‬وتعلم‭ ‬مستمر،‭ ‬ومشاركة‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬عبر‭ ‬مدونات،‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬حقيقتين‭: ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬تتحسن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬ومع‭ ‬تقدم‭ ‬العمر؛‭ ‬والثانية‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬ليس‭ ‬متأخرا‭ ‬أبداً‭.‬

  ‬كتبت‭ ‬أرلين‭ ‬مانديل،‭ ‬أستاذة‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬بجامعة‭ ‬وليام‭ ‬باترسون‭ ‬في‭ ‬نيوجيرسي،‭ ‬المتقاعدة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1999‭,‬‭ ‬أنها‭ ‬عندما‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬نيويورك‭ ‬إلى‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬وقطتها‭ ‬وكلبها،‭ ‬حيث‭ ‬ستكتب‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬انتظار،‭ ‬وضعت‭ ‬إعلاناً‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬Poets‭&‬writers‭ ‬لتكوين‭ ‬مجموعة‭ ‬كتابة‭. ‬ولم‭ ‬تتلق‭ ‬سوى‭ ‬موافقة‭ ‬واحدة،‭ ‬وبعد‭ ‬شهر‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬فعالية‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالكتابة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تشكيل‭ ‬مجموعة‭ ‬هدفها‭ ‬توفير‭ ‬بيئة‭ ‬مبدعة‭ ‬ومدعمة‭ ‬للكتابة‭. ‬واقتضى‭ ‬النظام‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬4‭-‬8‭ ‬أفراد‭ ‬مهتمين‭ ‬بالكتابة‭ ‬ممن‭ ‬يسكنون‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬نفسها،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬قريبة‭. ‬ويتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬1500‭ ‬كلمة،‭ ‬وعدداً‭ ‬آخر‭ ‬للرواية،‭ ‬ويجتمعون‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬أحدهم‭ ‬بالتناوب،‭ ‬ويحتفلون‭ ‬احتفالاً‭ ‬كبيراً‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬السنة‭.‬

وعادة‭ ‬ما‭ ‬تجتمع‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬والنصف‭ ‬أو‭ ‬السابعة‭. ‬وتخصص‭ ‬الدقائق‭ ‬الأولى‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬مهمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم،‭ ‬ثم‭ ‬يلقي‭ ‬المضيف‭ ‬كلمات‭ ‬تأملية‭ ‬قصيرة‭ ‬أو‭ ‬مقولة‭ ‬ملهمة‭. ‬وعلى‭ ‬المؤلف‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬نسخاً‭ ‬مما‭ ‬كتبه‭ ‬للحضور،‭ ‬ويقرأ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شرح‭ ‬تفصيلي،‭ ‬ويكتفي‭ ‬بملاحظات‭ ‬سريعة‭ ‬حول‭ ‬مصدر‭ ‬القطعة‭ ‬المقروءة،‭ ‬كأن‭ ‬تكون‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قصيدة،‭ ‬وربما‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬معين‭.‬

‭ ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬يسار‭ ‬القارئ‭ ‬باتجاه‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬التعليق‭ ‬بذكر‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجابية‭ ‬أولاً،‭ ‬مثل‭ ‬الإطراء‭ ‬على‭ ‬القطعة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬أو‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مواطن‭ ‬القوة‭ ‬فيها،‭ ‬ثم‭ ‬يتناول‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شرح‭ ‬أو‭ ‬تعديل‭. ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬من‭ ‬الاعتذار‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬النص‭ ‬مفهوماً‭. ‬ويطلب‭ ‬من‭ ‬المؤلف‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬صامتاً،‭ ‬ويكتفي‭ ‬بتسجيل‭ ‬الملاحظات‭. ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬يمكنه‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬أو‭ ‬اثنين،‭ ‬وذلك‭ ‬لتجنب‭ ‬الجدل‭ ‬والنقاشات‭ ‬الطويلة‭.‬

‭ ‬وتكتب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬المقترحات‭ ‬كتلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستخدام‭ ‬الكلمات،‭ ‬أو‭ ‬علامات‭ ‬الترقيم‭ ‬على‭ ‬الصفحة،‭ ‬مع‭ ‬توقيع‭ ‬يبين‭ ‬هوية‭ ‬صاحب‭ ‬المقترح،‭ ‬وتسلم‭ ‬للمؤلف‭ ‬القارئ‭. ‬

ويشترط‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬فترات‭ ‬متساوية‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لكل‭ ‬عضو‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجموعة‭. ‬وعلى‭ ‬من‭ ‬يضطر‭ ‬للانصراف‭ ‬المبكر‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬أولاً،‭ ‬ويحل‭ ‬المضيف‭ ‬آخراً‭. ‬

ومن‭ ‬النصائح‭ ‬التي‭ ‬تناولتها‭ ‬الكاتبة‭ ‬مانديل‭ ‬حمل‭ ‬كراسة‭ ‬لتسجيل‭ ‬الملاحظات‭ ‬المهمة‭ ‬والتفصيلية‭ ‬حول‭ ‬مواقف‭ ‬أو‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬للاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭. ‬والكتابة‭ ‬في‭ ‬المدونات‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬‭ ‬لكونها‭ ‬الطريقة‭ ‬الأسهل‭ ‬للكتابة‭. ‬وحضور‭ ‬فعاليات‭ ‬مثل‭ ‬القراءات‭ ‬والمسرحيات‭ ‬والحفلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬والمهرجانات‭ ‬لاستلهام‭ ‬الأفكار‭ ‬وتنشيط‭ ‬المخيلة،‭ ‬مع‭ ‬توصية‭ ‬بتجنب‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬بـ‭ ‬الأنشطة‭ ‬الثقافية،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يجور‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬وقت‭ ‬الكتابة‭. ‬

 

مزايا‭ ‬مجموعة‭ ‬الكتابة

أما‭ ‬ستانلي‭ ‬كليميتسون‭ - ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ - ‬فقد‭ ‬أدرج‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬كتابة‭ ‬من‭ ‬بينها‭:‬

‭- ‬التشبيك،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬المجموعة‭ ‬شبكة‭ ‬أو‭ ‬رابطة‭ ‬تجمــــع‭ ‬كتّاباً‭ ‬خــــراء‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لمساعدة‭ ‬الكتّاب‭ ‬الجدد،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ناشرين‭ ‬وأعضاء‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬متخصصة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتيح‭ ‬معلومات‭ ‬مفيدة‭ ‬وفرص‭ ‬كتابة‭ ‬ثرية‭. ‬

‭- ‬الانضباط،‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬عملية‭ ‬جادة‭ ‬تقتضي‭ ‬الالتزام‭ ‬بأداء‭ ‬تمرينات‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬إعداد‭ ‬النصوص‭ ‬للاجتماع‭ ‬التالي،‭ ‬ومناقشة‭ ‬الطرق‭ ‬المستخدمة‭ ‬لإنجاز‭ ‬المشروعات‭ ‬الكتابية‭. ‬

‭- ‬القراءة‭ ‬بصوت‭ ‬مسموع،‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬فرص‭ ‬الإلقاء‭ ‬أمام‭ ‬جمهور،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬مهارات‭ ‬العرض،‭ ‬ويجعل‭ ‬صوت‭ ‬المؤلف‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬ووضوحاً،‭ ‬ويحسن‭ ‬شعوره‭ ‬العام‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تدفق‭ ‬الكتابة‭. ‬

‭- ‬النقد،‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬مقترحات‭ ‬مفتوحة‭ ‬للتنمية‭ ‬والتطوير‭.‬

‭- ‬تكوين‭ ‬مجتمع‭ ‬خاص‭ ‬يعمل‭ ‬أعضاؤه‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬الأخذ‭ ‬بأيدي‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضاً‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التطور‭.‬

‭- ‬التعلم‭ ‬المستمر،‭ ‬ولاسيما‭ ‬عند‭ ‬دعوة‭ ‬متحدثين‭ ‬خارجيين‭ ‬وأعضاء‭ ‬مهتمين‭ ‬بالمعرفة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالنشر‭ ‬وتسويق‭ ‬النصوص‭ ‬وخبراء‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬نوعية‭ ‬الكتابة،‭ ‬وربما‭ ‬تكنولوجيين‭.‬

‭- ‬رعاية‭ ‬الفعاليات‭ ‬الخاصة،‭ ‬كورش‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬فرص‭ ‬التدريب‭ ‬أو‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المعززة‭ ‬لفعل‭ ‬الكتابة‭.‬

‭- ‬التحفيز،‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬أجواء‭ ‬المنافسة‭ ‬المحمودة‭ ‬بين‭ ‬أنداد‭ ‬الكتابة‭. ‬

‭- ‬الانتشار،‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬المجموعة‭ ‬ومن‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬دوائرهم‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بالقراءة‭ ‬والكتابة‭. ‬

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كليميتسون‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬مراهقته‭ ‬يجمع‭ ‬الصور‭ ‬ويسجل‭ ‬الأحداث‭ ‬العائلية،‭ ‬ويراسل‭ ‬أقاربه‭ ‬البعيدين‭ ‬ليطلب‭ ‬منهم‭ ‬معلومات؛‭ ‬ثم‭ ‬ركّز‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ ‬المبكرة‭ ‬وزواجه‭ ‬وإنجابه،‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬والعمل‭ ‬لإعالة‭ ‬أسرته‭. ‬وعمل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬بالجامعة،‭ ‬وكتب‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬البحثية‭ ‬والكتب‭ ‬والمطبوعات‭. ‬وفي‭ ‬عمر‭ ‬السادسة‭ ‬والأربعين،‭ ‬ترك‭ ‬العمل‭ ‬بالجامعة‭ ‬لينضم‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬استشارات‭ ‬هندسية،‭ ‬وراح‭ ‬يكتب‭ ‬التقارير‭ ‬الفنية‭. ‬وأخيراً‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬بلغ‭ ‬الثامنة‭ ‬والستين‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬ليقوم‭ ‬بما‭ ‬يود‭ ‬عمله‭ ‬وهو‭ ‬الكتابة‭. ‬

 

الكتابة‭ ‬والهوية

‭ ‬تؤكد‭ ‬د‭. ‬إيلين‭ ‬ريان‭ ‬عبر‭ ‬موقعها‭ ‬‮«‬كتابة‭ ‬سنواتنا‮»‬‭ ‬Writing‭ ‬Down‭ ‬Our‭ ‬Years،‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬تقوي‭ ‬شعور‭ ‬الكاتب‭ ‬بالهوية‭ ‬وتساعده‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬منظورات‭ ‬ومعان‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬الإبداع‭. ‬ويمكن‭ ‬لمشاركة‭ ‬حكايات‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬ومن‭ ‬العائلة‭ ‬ومن‭ ‬الآخرين‭ ‬أن‭ ‬تحفظ‭ ‬التاريخ،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الهوية،‭ ‬وتحتفي‭ ‬بالعلاقات‭ ‬العميقة‭ ‬المتداخلة‭ ‬التي‭ ‬تتخطى‭ ‬المسافات‭ ‬والأزمنة‭ ‬والجغرافيا‭ ‬