النفط بين إرث التاريخ وتحديات القرن الـ 21

مازال النفط يمثّل أهم العناصر المؤثرة في الاقتصاد العالمي، بالرغم من التحديات التي تواجه العرض والطلب والتطورات المؤثرة في مجال الطاقة.
يعد كتاب «النفط بين إرث التاريخ وتحديات القرن الحادي والعشرين» الذي أعده د. ماجد المنيف، والصادر عن المركز الثقافي العربي «الطبعة الأولى عام 2017»، من أهم ما كتب باللغة العربية بشأن النفط. بطبيعة الحال، ليس الأمر مستغربًا، حيث إن د. المنيف من أبرز الاقتصاديين العرب، فقد عمل أستاذًا للاقتصاد بجامعة الملك سعود، وممثلا للسعودية في مجلس محافظي «أوبك»، وأمينًا عامًّا للمجلس الاقتصادي الأعلى، وعضوًا في مجلس الشورى السعودي، كما أنه ترأس جمعية الاقتصاد السعودية وملتقى الطاقة العربي.
يشمل الكتاب كل الأمور ذات الصلة بالنفط؛ بدءًا من خصائصه الطبيعية وبدايات تكوين الصناعة وعلاقته بالغاز الطبيعي، ويتكون من ثلاثة مباحث: علاقات النفط المتداخلة، والقرن العشرون والعصر الذهبي للنفط، ثم آفاق وتحديات النفط في القرن الحادي والعشرين.
ويقول الكتاب في المقدمة: احظي النفط منذ اكتشافه واستغلاله تجاريًّا نهاية العقد الخامس من القرن التاسع عشر وحتى الآن، باهتمام لم تحظَ به أي سلعة أولية أخرى، نظرًا إلى دوره المحوري في تطور البشرية الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وفي تشكيل مصائر وتنظيم مجتمعات العديد من الشعوب والدول وعلاقاتها فيما بينهاب.
تؤكد هذه المقدمة الأهمية البالغة للنفط في حياة المجتمعات الإنسانية قاطبة منذ اكتشافه في منتصف القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا، وفي جميع البلدان المنتجة والمستهلكة.
كما هو معلوم أن النفط مرّ بمراحل تاريخية من أهمها أن عمليات الإنتاج تطورت، وبعد أن كان محتكرًا من شركة واحدة في الولايات المتحدة. يمكن الزعم بأن شركة ستاندرد أويل التي أسسها جون روكفلر عام 1870 هي الشركة الأولى التي تولت عمليات التنقيب والإنتاج والتكرير والتوزيع في الولايات المتحدة والعالم.
وقد تمكّنت الشركة من خلال تعاقداتها مع مؤسسة السكك الحديد مـن توفير إمدادات النفط ومكرراته في مختلف المناطق الأمريكية.
اكان الكيروسين من أهم المنتجات المكررة التي اعتمد عليها، وقد استخدم للإنارة في ذلك الوقت، كما أن ذلك المنتج أصبح من أهم الصادرات الأمريكية في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشرب.
«ستاندرد أويل»
بطبيعة الحال شكّل احتكار ستاندرد أويل مصاعب لعديد من المنتجين، وعزز العداء السياسي لها على مدى زمني طويل، قبل أن تعمل التشريعات والأنظمة على تمكين المنافسين من توفير إمدادات النفط الخام والمنتجات المكررة داخل الولايات المتحدة وبقية البلدان المستهلكة الأساسية.
وقد أدى اختراع توماس أديسون المصباح الكهربائي إلى تراجع الطلب على الكيروسين، لكن اختراعًا آخر أدى إلى تعزيز دور النفط، فقد عزز اختراع آلة الاحتراق الداخلي الطلب على الجازولين والديزل من أجل تسيير مركبات النقل البري.
كما تمكنت شركة فورد من تدشين تجميع السيارات في عام 1914، ثم بداية تسيير السفن والقطارات بمنتج زيت الوقود الثقيل، واستخدام الديزل وزيت الوقود في توليد الكهرباء، وبعدها النافتا، في إنتاج البتروكيماويات، واستعادة الكيروسين دوره في النقل الجوي، وهي القطاعات التي ميّزت دور النفط في القرن العشرينب.
هكذا يوضح الكاتب الدور المتنامي والمتسارع للنفط في الحياة الاقتصادية بمختلف البلدان، وقد انتهى القرن التاسع عشر دون بروز لمنطقة الشرق الأوسط، ومنها البلدان المشرقية، في إنتاج النفط، حيث اقتصرت مناطق الإنتاج على شرق الولايات المتحدة وباكو في بحر قزوين وسومطرة، كما يبيّن الكاتب أنه كانت هناك ثلاثة أسواق لمنتجَي الكيروسين وزيت الوقود في الولايات المتحدة وأوربا وشرق آسيا. وفي نهاية القرن التاسع عشر كان الفحم يمثّل مصدرًا للطاقة، حيث تجاوزت حصته 90 في المئة.
ويتطرق الكاتب د. المنيف، في الفصل الثاني من المبحث الأول إلى اأنواع وخصائص احتياطيات النفط وبنية صناعتهب.
تعقيد وتنويع
يتضح من العرض التعقيد والتنويع في أوضاع النفط وصناعته. هناك النفط التقليدي وغير التقليدي، الذي يتنوع بين النفط الثقيل جدًّا ورمال الزيت والنفط الصخري وصخور الزيت.
وهناك الغاز المحوّل إلى سوائل والفحم المحوّل إلى سوائل، كذلك هناك مصدر آخر للطاقة، وهو الوقود الحيوي المنتج من السكّر والنشويات.
لكن أهم ما ذُكر في هذا الفصل ما يتعلق بالنفط واحتياطاته، ويرتكز الباحث إلى عدد من المصادر التي تعتمد على دراسات مجلس النفط العالمي وجمعية مهندسي النفط والجمعية الأمريكية لجيولوجي النفط. يتحدد الاحتياطي، كما يشير الكاتب، إلى احتياطي مؤكد، والذي يمكن استخراجه بثقة لا تقل عن 90 في المئة، وهناك الاحتياطي المحتمل، ويمثّل الكميات التي يمكن استخراجها بمستوى ثقة تقدر بـ 50 في المئة. كذلك الاحتياطي الممكن الذي لا تزيد الثقة باستخراجه على 10 في المئة.
كما هو معلوم أن مسألة الاحتياطي وتقديره تظل من المسائل القابلة للجدل، وقد كانت من الأمور التي تثير القلق والخلافات السياسية في عدد من البلدان المنتجة للنفط، ومنها بلدان الخليج العربي.
وبموجب الجداول الواردة في الكتاب، فإن احتياطي النفط في العالم ارتفع من 353 مليار برميل في عام 1960 إلى 1700 مليار في عام 2015. أما احتياطي بلدان الشرق الأوسط فقد ارتفع من 182 مليار برميل عام 1960 إلى 804 مليارات عام 2015.
بُعد استراتيجي
لقد أصبح للنفط بُعد استراتيجي، بعد أن نجح ونستون تشرشل، وزير البحرية البريطانية عام 1913، (الذي أصبح رئيسًا للوزراء فيما بعد)، في إقناع البرلمان بتحوّل البحرية البريطانية من استخدام الفحم إلى استخدام زيت الوقود من النفط المنتج خارج بريطانيا. وقد عزز ذلك الاستخدام القدرات العسكرية البريطانية في مواجهة الأعداء، خصوصًا في الحروب التي نشبت مع الألمان، الحربين العالميتين الأولى والثانية.
لا شك في أن هذا التطور دفع الحكومات الغربية لتحفيز الشركات الكبرى للبحث عن النفط في مواقع جديدة خارج المناطق المعلومة بثروتها النفطية.
وأصبحت بلدان الشرق الأوسط محطّ اهتمام تلك الشركات، حيث تم العمل على إنتاج النفط في إيران والعراق والكويت والسعودية. ووقّعت اتفاقيات الامتياز والتنقيب خلال عشرينيات القرن الماضي وقبل ذلك. وقد أسست شركة النفط الأنجلوفارسية في عام 1914، كما أُسست شركة نفط العراق في عام 1928. تلك الشركات كانت تمثّل شراكات بين الشركات العالمية الرئيسة، مثل British Petroleum وشركات فرنسية أو أمريكية أو هولندية.
كما أن شركتي British Petroleum وGulf Oil حصلتا على امتياز للتنقـــيب وإنتاج نفط الكويت، وأسستا شركة نفط الكويت (K.O.C).
ومنذ العقد الثاني من القرن العشرين أصبح الشرق الأوسط مركز اهتمام الشركات النفطية الرئيسة في العالم، وجرت - بناء على ذلك - مباحثات مع الحكومات والسلطات السياسية القائمة في بلدان مثل إيران والعراق والكويت والسعودية من أجل الحصول على عقود امتياز.
عصر النفط بامتياز
غنيّ عن البيان أن انهيار الخلافة العثمانية والتغيير الذي حدث في تركيا، بعد وصول مصطفى كمال أتاتورك قد ساهم في تطوير العلاقات السياسية بين بلدان المنطقة والحكومات الغربية، والتي مكّنت الشركات النفطية من تعزيز حضورها ونفوذها في هذه البلدان. ولا يمكن لأي باحث إلا تأكيد أهمية الشرق الأوسط في تطوير صناعة النفط العالمية.
ويشير الكاتب إلى اأن القرن العشرين هو عصر النفط بامتيازب، إذ قدّر الإنتاج في عام 1905 بنحو 590 ألف برميل يوميًّا، تنتج الولايات المتحدة 62 في المئة منها، و31 في المئة تنتج من روسيا القيصرية و6 في المئة بإندونيسيا.
وقد ساهم إنتاج السيارات منذ بداية القرن في زيادة إنتاج النفط، حيث كانت مبيعات السيارات لا تتعدى مليون سيارة خلال الفترة 1908 إلى 1914، ثم ارتفعت المبيعات إلى 10 ملايين سيارة في عام 1924، وقد ساعد على زيادة المبيعات انخفاض أسعار السيارات، حيث كانت 890 دولارًا للسيارة الواحدة عام 1908 انخفضت إلى 290 دولارًا عام 1924.
إذا كان القرن العشرون هو قرن النفط، فإن ذلك مكّن الدول المصدرة للنفط من جني الثمار، وبطبيعة الحال لم تكن إدارة الأموال التي تأتي من مبيعات النفط متشابهة، فهناك بلدان مثل البلدان الخليجية عززت الأوضاع المعيشية التي كانت بائسة قبل عصر النفط، وطورت المرافق والخدمات، وارتفعت بالمستويات التعليمية والصحية. في الوقت ذاته، ونظرًا إلى محدودية أعداد السكان في هذه البلدان، فقد تدفقت أعداد الوافدين من كل حدب وصوب، وجاء كثير من البلدان العربية والآسيوية لأداء مختلف الأنشطة، والقيام بأعمال عدد الوظائف والمهن التي عجز المواطنون أو عزفوا عن أدائها.
تحولات سياسية
هناك بلدان أخرى مصدرة للنفط، ولأسباب متعددة ديمغرافية واقتصادية، وأهم من ذلك سياسية، عجزت عن مواكبة المتغيرات التي جرت في بلدان الخليج. ولا شك في أن الإدارة السياسية تمثّل أهم العناصر المؤثرة في إدارة الثروة في أي من بلدان العالم.
بعد التحولات السياسية بعد عام 1958 في العراق وعام 1979 في إيران، شهدت الدولتان تراجعات مهمة في الأوضاع المعيشية، وتدهورت نوعية الحياة فيهما، خصوصًا بعد أن نشبت بينهما حرب دامت من 1980 إلى 1988، دون أن تكون هناك مسوغات مقنعة لها. وقد بددت أموال النفط على التسلح والعسكرة في الوقت الذي كان يجب أن توجه هذه الأموال إلى التنمية والتعمير وصناعة ثروات جديدة ومتنوعة.
دول الشرق الأوسط النفطية كان لها دور مهم وأساسي في تأسيس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في عام 1960 حيث عقد الاجتماع التأسيسي ببغداد في عهد الرئيس العراقي الراحل عبدالكريم قاسم، فقد اجتمع ممثلو السعودية وفنزويلا وإيران والعراق والكويت في سبتمبر 1960، وقرروا تأسيس اأوبكب، بعد أن عانت الدول المنتجة أسعار النفط المنخفضة والشروط الصعبة التي وردت في عقود الامتياز، واعتبرتها تلك الدول متحيزة لمصلحة الشركات النفطية.
يضاف إلى ذلك أن تأسيس اأوبكب جاء بعد متغيرات سياسية في فنزويلا والعراق، وبعد انقلابات عسكرية؛ منها الانقلاب العسكري على الملكية بالعراق في يوليو 1958 بقيادة اللواء قاسم. كذلك كان لإيران مخاض مع مسألة النفط، بعد قيام محمد مصدق في أوائل خمسينيات القرن الماضي بتأميم شركة النفط الإيرانية، ثم الانقلاب الذي دبّر ضده بقيادة شاه إيران بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، هذه العوامل وارتفاع درجة الوعي في بلدان نفطية عديدة بالشرق الأوسط، أو في فنزويلا، دفعت إلى خلق كيان اأوبكب لمواجهة الشركات النفطية العملاقة، والعمل على صياغة علاقات أفضل وتحقيق إيرادات مناسبة لمتطلبات البلدان المنتجة.
صيغ لعلاقات جديدة
في عام 1960 بلغ إنتاج النفط في العالم ما يقارب 21 مليون برميل في اليوم، بعد أن كان 6 ملايين في عام 1940، لكن إنتاج الشرق الأوسط ارتفع من 260 ألف برميل إلى 5.2 ملايين في اليوم.
ولم تتوقف عمليات التحول في العلاقات بين شركات النفط والدول المنتجة عند تأسيس اأوبكب، فقد عززت التطورات السياسية ومتطلبات الاقتصادات الوطنية دفع مختلف الدول المنتجة للبحث عن صيغ لعلاقات جديدة، وربما إعادة هيكلة الصناعة النفطية.
وبعد تأسيس اأوبكب ظل سعر النفط متهاودًا، وتراوح خلال الفترة من 1960 إلى 1972 بين 1.8 و2.5 دولار للبرميل.
لكن حرب أكتوبر 1973، أو حرب العبور التي شنتها مصر على الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء، أوجدت ديناميكية جديدة في اقتصادات النفط والطاقة، بعد أن قررت الدول العربية المنتجة للنفط وقف تصديره لعدد من الدول التي ساندت إسرائيل في تلك الحرب. وتفاوضت بلدان مثل إيران والسعودية والكويت مع الشركات لتحقيق شروط أفضل، وتم تأميم الشركات النفطية في أواسط سبعينيات القرن الماضي في عدد من تلك البلدان، مثل السعودية والكويت والعراق. كما أن أسعار النفط أخذت بالارتفاع اعتبارًا من عام 1973، وتراوحت بين 3.29 و36.83 دولارًا للبرميل خلال الفترة من 1973 إلى 1985.
كان للصدمة النفطية الأولى في عام 1974 أثر مهمّ وهيكلي على اقتصادات النفط، حيث أدت إلى ارتفاع الأسعار في ذلك الحين. لكن تلك الأسعار مرّت بمراحل صعود وهبوط على مدى فترة زمنية تجاوزت الآن ما يقارب الخمسة عقود.
شركات وطنية
أدت الصدمة النفطية، أيضًا، إلى تحفيز البلدان المنتجة لإقامة الشركات الوطنية المملوكة بالكامل من الدولة، وأصبحت تلك الشركات منافسة للشركات الكبرى العالمية؛ سواء من حيث الاحتياطيات النفطية والغازية، أو معدلات الإنتاج أو قيمة الأصول.
بيد أن تلك الشركات الوطنية، منذ تأسيسها، تفاوتت في الأداء وتطوير آليات وأدوات الإنتاج، أو تطويع التكنولوجيا الحديثة في أعمالها.
هناك شركة أرامكو السعودية، التي أصبحت من أهم الشركات النفطية العالمية، الوطنية والعالمية، إذ تسيطر على مخزون نفطي طبيعي كبير، وتقوم بإنتاج وتصدير كميات أساسية من النفط، يقابل ذلك مؤسسة البترول الكويتية التي تعتبر مؤسسة نفطية أساسية، لكنها افتقرت للإدارة المستقرة والكفؤة نتيجة لعمليات التسييس غير الواعية، بيد أن الشركات الوطنية التي تطرّق لها الكاتب أصبحت من أهم اللاعبين في اقتصادات بلدانها، وعملت على تعزيز مسؤولياتها التعليمية بموجب برامج تدريب وابتعاث خارجي.
وقد تشهد هذه الشركات تحولات مهمة خلال السنوات المقبلة، كما هو منتظر لشركة أرامكو التي يمكن أن تخصص السلطات المسؤولة في السعودية حصة مهمة من حقوق المساهمين فيها.
التحدي البيئي
التحدي الأساسي الذي يواجه اقتصادات النفط هو التحدي البيئي، حيث إن الاهتمام في البلدان المستهلكة الرئيسة بتوفير وقود صديق للبيئة ولا يزيد من تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكربون، دفع الحكومات والجهات الأخرى إلى البحث عن بدائل للطاقة وتطوير استخدامات وآليات لا تعتمد على مشتقات النفط.
وهكذا أصبح الاهتمام متزايدًا بإنتاج السيارات الكهربائية أو السيارات الهجينة، بما يعني أن قطاع النقل الذي اعتمد على وقود الديزل أو البنزين قد يقلص الطلب على هذه المنتجات النفطية خلال السنوات والعقود المقبلة لمصلحة الكهرباء.
وبطبيعة الحال فإن ذلك التحول المتوقع لن يكون سهلًا، وسوف تمضي مدة زمنية قبل أن ترتفع مساهمة ذلك الوقود في قطاع النقل، لكن هناك قطاعات أخرى أهمها قطاع توليد الطاقة الكهربائية الذي أصبح يعتمد بشكل أساسي على بدائل النفط، مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقات المتجددة الأخرى، وإلى حد كبير الغاز الطبيعي.
وتبقى صناعة البتروكيماويات من أهم مصادر الطلب على النفط لزمن قادم طويل. ولا شك في أن حكومات البلدان المنتجة تواجه مصاعب في الوقت الراهن، نظرًا لتراجع أسعار النفط منذ عام 2014 وعدم تعافيها بما يحقق التوازن في موازناتها السنوية، وهذا ناتج عن عدم توظيف إيرادات النفط بشكل عقلاني، وبما يؤدي إلى خلق ثروات جديدة وتنويع القاعدة الاقتصادية.
الصناديق السيادية
إن الاعتماد على إيرادات النفط لتمويل الإنفاق، والجاري بشكل أساسي، عزز الاتكالية والهدر في الثروة المالية، وعطل مسيرة التنمية البشرية.
ولعل من المفيد أن نشير إلى الصناديق السيادية التي اعتمدتها البلدان المنتجة للنفط، مثل الكويت والسعودية والإمارات وقطر وغيرها من بلدان، والتي يمكن أن تحقق عوائد مناسبة لهذه البلدان تمكّنها في السنوات القادمة من تلافي مخاطر تراجع إيرادات النفط، لكن هناك أهمية للبحث عن بدائل اقتصادية محلية تمكّن من خلق الأعمال وتوفير الوظائف للقادمين إلى سوق العمل، حيث إن شعوب هذه البلدان هي شعوب شابة تتجاوز نسبة من تقل أعمارهم عن الثلاثين عامًا أكثر من 70 في المئة من إجمالي المواطنين.
الكتاب الذي نحن بصدده االنفط بين إرث التاريخ وتحديات القرن الحادي والعشرينب سفر عظيم تتجاوز صفحاته 613، فضلًا عن الملاحق والجداول المهمة، ويعد من أهم الدراسات العربية حول النفط، ولا شك في أن د. المنيف قد بذل جهدًا كبيرًا ووظّف إمكاناته العلمية لإنجازه .