الأرصفة... للمَرَرَة!

الأرصفة... للمَرَرَة!

من حكايات الفصحاء، كما وردت في بعض كتب التراث، ما حُكي أن الخليفة عبدالملك بن مروان، جلس يومًا وعنده جماعة من خواصه وأهل مسامرته، فقال: «أيُّكم يأتيني بحروف المعجم في بدنه، وله عليّ ما يتمناه»؟!
فقام إليه سويد بن غفلة فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين.
قال: هات. قال سويد: «أولها أنف، بطن، ترقوة، ثغر، جمجمة، حلق، خد، دماغ، ذكر، رقبة، زند، ساق، شفة، صدر، ضلع، طحال، ظهر، عين، غبغب (وهو اللحم المتدلي تحت الحنك - وربما كان يستطيع أن يقول «غمازتين»، لو كان في زماننا، وإن كانت الغمازة في القاموس هي الفتاة الحسنة الغمز للأعضاء، أي كبسها باليد، والمغمز العيب)!
وأكمل سويد فقال: «فم، قفا، كف. لسان، منخر، واللحمة عند اللهاة، (وربما هي التي شاع استخدام جمعها لغاليغ، كما ورد في إحدى المسرحيات الفكاهية)! وأكمل مختتمًا: «وجه، هامة، يد... وهذه آخر حروف المعجم، والسلام على أمير المؤمنين».
وقد أعجب المستشرقون بثروة اللغة العربية وقدرة الاشتقاق على توليد المصطلحات والتعابير الجديدة، ويقال إن في اللغة العربية، حتى دون اللجوء إلى الاشتقاق والاجتهاد اللغوي، نحو خمسمئة اسم للأسد، وثمانين مترادفة للعسل، وأكثر من ألف كلمة «سيف»، وفي المهجور من ألفاظها نحو سبعين ألف مادة لم تستعمل إلى اليوم.
ومن الكتب الطريفة في هذا المجال ما صنّفه الأب رفائيل نخلة اليسوعي باسم «غرائب اللغة العربية»، طبعة بيروت 1966، وأورد فيه بعض الكلمات الدقيقة التي لا نسمعها إلا نادرًا، ومنها «إثنوي»، وهو مَنْ يصوم كل يوم اثنين، و«ألحف ضيفه»، أي آثره بفراشه ولحافه في شدة البرد، و«كهكه» تنفّس في يده ليدفئها!
وقد ظهرت كتب لغوية كثيرة في تصويب «الأخطاء الشائعة»، منها «معجم الأغلاط النحوية»، من تأليف محمد العدناني. ومن هذه الكتب المدهشة «2000 خطأ شائع بين العامة والخاصة» لفهد خليل زايد، ومن بين التصويبات فيه تخطئة عبارة «تجرّ العربة أربعة خيول»، فالصواب «تجر العربة أربعة جياد»، لأن «خيل تُطلق على الفرسان، أما الجياد فتُطلق على الدواب».
ومن طرائف التصويبات تخطئة عبارة «الأرصفة للمارة» والصواب في الكتاب «الأرصفة للمررة»، والسبب أن جمع مار مَرَرَة على وزن فعَلَة، مثل بار: برَرَة!