التدوين في عصر «النت» الصراع بين الورقي والإلكتروني

التدوين في عصر «النت»  الصراع بين الورقي والإلكتروني

إنها‭ ‬بالآلاف،‭ ‬تمتد‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬أودية‭ ‬السيليكون،‭  ‬فيها‭ ‬ومن‭ ‬حولها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الغبار،‭ ‬البعض‭ ‬وجدها‭ ‬مساحة‭ ‬حرة‭ ‬لوقيع‭ ‬شغبه،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الوصاية‭ ‬والاحتواء،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬اعتبرها‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الورقي‮»‬‭ ‬وهجرة‭ ‬فضلى‭ ‬نحو‭ ‬القارة‭ ‬السابعة،‭ ‬مدونات‭  ‬صارت‭ ‬للإبداع‭ ‬والاحتجاج‭ ‬وكل‭ ‬شيء،‭ ‬بنقرات‭ ‬بسيطة‭ ‬تصير‭ ‬ملكاً‭ ‬لصاحبها،‭ ‬ينشر‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬ويزورها‭ ‬الملايين،‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المدونات‭ ‬الموسومة‭ ‬بلغة‭ ‬الآخر‭ ‬بالبلوغات،‭ ‬تدور‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭.‬

هناك‭ ‬مبررات‭ ‬موضوعية‭ ‬لا‭ ‬ذرائعية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬حسمت‭ ‬هذا‭ ‬الاختيار،‭ ‬ودفعت‭ ‬بالفكرة‭ ‬إلى‭ ‬أقصاها،‭ ‬لتترجم‭ ‬مدونة‭ ‬أو‭ ‬مسكناً‭ ‬افتراضياً‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬فهي‭ ‬برأي‭ ‬كثيرين‭ ‬لا‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬مستوى‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلالية،‭ ‬وهو‭ ‬عنصر‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬الاختيار،‭ ‬فلقد‭ ‬تعودنا‭ ‬في‭ ‬مشهدنا‭ ‬الثقافي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النشر‭ ‬يظل‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بالانتماءات‭ ‬والولاءات،‭ ‬وهذا‭ ‬يكاد‭ ‬يبين‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬النشر‭ ‬بالجرائد‭ ‬الحزبية‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تعمل‭ ‬بمنطق‭ ‬حارس‭ ‬البوابة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬في‭ ‬الأدبيات‭ ‬الإعلامية،‭ ‬فمن‭ ‬يحمل‭ ‬بطاقة‭ ‬الحزب‭ ‬ينشر‭ ‬له‭ ‬نصه‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬موغلاً‭ ‬في‭ ‬الرداءة،‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يدين‭ ‬للمؤسسة‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬الجريدة‭ ‬بأي‭ ‬ولاء‭ ‬يذكر،‭ ‬فسلة‭ ‬المهملات‭ ‬تصير‭ ‬خير‭ ‬مستقبل‭ ‬لنتاجاته‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬عميقة‭ ‬الشكل‭ ‬والمحتوى‭. ‬

وفضلا‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمستوى‭ ‬المقروئية،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بأن‭ ‬النص‭ ‬الذي‭ ‬ينشر‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬الورقية،‭ ‬يظل‭ ‬عمره‭ ‬الافتراضي،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التداول،‭ ‬قصيراً‭ ‬جداً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قراءه‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عددهم‭ ‬المئات‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬وذلك‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬محدودية‭ ‬القراءة‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬المنتوج‭ ‬الثقافي‭ ‬بالمغرب،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬فإن‭ ‬القراء‭ ‬يعدون‭ ‬بالملايين،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬المرء‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬البريد‭ ‬الوارد‭.‬

 

أعصاب‭ ‬ما‭ ‬عادت‭ ‬تحترق

يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الإنترنت‮»‬‭ ‬تجعل‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الكتَّاب‭ ‬لا‭ ‬يموتون‭ ‬غيظاً‭ ‬من‭ ‬تأخر‭ ‬بعض‭ ‬الجرائد‭ ‬أو‭ ‬المجلات‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬إبداعاتهم،‭ ‬وإن‭ ‬أعصابهم‭ ‬ما‭ ‬عادت‭ ‬تحترق‭ ‬بسبب‭ ‬اعتذار‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬الجريدة‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬نشر‭ ‬مقال‭ ‬لهم،‭ ‬بسبب‭ ‬معارضته‭ ‬لمصالح‭ ‬مالكي‭ ‬وسائل‭ ‬الإنتاج‭ ‬والإكراه،‭ ‬أو‭ ‬تشويهه‭ ‬للمقال‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬اجتهاده‮»‬‭ ‬الزائد‭ ‬أو‭ ‬إخراجه‭ ‬الرديء‭. ‬بفضل‭ ‬الشبكة‭ ‬يقوم‭ ‬الكاتب‭ ‬بنشر‭ ‬إبداعاته‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موقع،‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة،‭ ‬وبعدما‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬هاته‭ ‬الإبداعات‭ ‬إلا‭ ‬نزر‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬الذين‭ ‬يدمنون‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الجرائد،‭ ‬فإنه‭ ‬اليوم‭ ‬يقرأ‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الآلاف‭ ‬بل‭ ‬الملايين‭. ‬عموماً‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬يعفي‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬تجرع‭ ‬مرارة‭ ‬انتظار‭ ‬نشر‭ ‬نصه،‭ ‬ويعفيه‭ ‬بعدُ‭ ‬من‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬نصه‭ ‬سواء‭ ‬باجتهاد‭ ‬الصحفي‭ ‬أو‭ ‬المخرج‭ ‬التقني‭. ‬

 

فوارق‭ ‬تكاليف‭ ‬النشر‭ ‬

من‭ ‬أكثر‭ ‬العوائق‭ ‬التي‭ ‬تسيج‭ ‬الفعل‭ ‬الثقافي‭ ‬بالمغرب،‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬النشر،‭ ‬فأسعار‭ ‬طباعة‭ ‬ونشر‭ ‬وتوزيع‭ ‬الكتب‭ ‬تظل‭ ‬الأكثر‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬في‭ ‬مجموع‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬لا‭ ‬تغامر‭ ‬بنشر‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬لشاب‭ ‬حديث‭ ‬عهد‭ ‬بالكتابة،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬صارت‭ ‬اليوم‭ ‬بعد‭ ‬انطلاق‭ ‬عملية‭ ‬الدعم‭ ‬لا‭ ‬تنشر‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مدعوم‭ ‬أصلاً‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عما‭ ‬له‭ ‬صلة‭ ‬بالمقرر‭ ‬المدرسي‭. ‬لكن‭ ‬اليوم‭ ‬وبفضل‭ ‬القارة‭ ‬السابعة‭ ‬المفتوحة‭ ‬على‭ ‬عوالم‭ ‬الإنترنت‭ ‬الافتراضية،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬فزاعة‭ ‬النشر‭ ‬الورقي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تخيف‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الكتَّاب،‭ ‬نظراً‭ ‬لانبناء‭ ‬مساحات‭ ‬وصيغ‭ ‬جديدة‭ ‬للنشر‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬وبأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬الممكنة‭ ‬وبأكثر‭ ‬درجات‭ ‬الانتشار‭ ‬والحضور‭. ‬فالنشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬غير‭ ‬مكلف‭ ‬مادياً،‭ ‬فتكفي‭ ‬زيارة‭ ‬موقع‭ ‬أدبي،‭ ‬وإتقان‭ ‬عملية‭ ‬أضف‭ ‬مقالاً،‭ ‬لنشر‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬الأوقات،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬النص‭ ‬المنشور‭ ‬لمقص‭ ‬الرقيب‭ ‬أو‭ ‬يرفض‭ ‬نشره،‭ ‬أو‭ ‬يتلكأ‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬نشره،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬جرعة‭ ‬الجرأة‭ ‬والشغب‭ ‬المعرفي‭ ‬عالية‭ ‬بين‭ ‬حروفه‭.‬

إن‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬يفسح‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يحسم‭ ‬التميز‭ ‬والإبداعية،‭ ‬فالنص‭ ‬المنشور‭ ‬إلكترونياً،‭ ‬يعد‭ ‬متلقوه‭ ‬بالملايين،‭ ‬ومن‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬المعمورة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فهذا‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬الإبداعية،‭ ‬فهناك‭ ‬كتَّاب‭ ‬يسجلون‭ ‬حضوراً‭ ‬قوياً‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مواقع‭ ‬الإنترنت،‭ ‬ولهم‭ ‬مدونات‭ ‬ومواقع‭ ‬شخصية،‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يصلوا‭ ‬إلى‭ ‬العالمية،‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬نصوصهم‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬أي‭ ‬عمق‭ ‬إبداعي،‭ ‬لهذا‭ ‬أتحفظ‭ ‬عن‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬يعد‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬نحو‭ ‬العالمية‭. ‬

إن‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬مبدعاً،‭ ‬إنه‭ ‬يوسع‭ ‬دوائر‭ ‬الانتشار‭ ‬فقط،‭ ‬أما‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬الانشغال‭ ‬العالمي‭ ‬بما‭ ‬يبدعه‭ ‬ويخطه‭ ‬الكاتب،‭ ‬فلا‭ ‬تكون‭ ‬بالمصادفة‭ ‬ولا‭ ‬بالتسويق‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬بل‭ ‬يجذرها‭ ‬المشروع‭ ‬الفكري‭ ‬والإبداعي‭ ‬الذي‭ ‬يحمله‭ ‬المبدع‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭.‬

 

سرقات‭ ‬أدبية‭ ‬مفضوحة

النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬له‭ ‬حسنات‭ ‬بهية،‭ ‬لكن‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬يعرفه‭ ‬عالم‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬سرقات‭ ‬أدبية‭ ‬مفضوحة،‭ ‬واستعمالات‭ ‬غير‭ ‬مأذونة‭ ‬للنصوص‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الآخرين،‭ ‬فإنه‭ ‬يغدو‭ ‬سيئاً‭ ‬للغاية،‭ ‬فهناك‭ ‬بعض‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬أدنى‭ ‬حرج‭ ‬في‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬مواد‭ ‬الغير‭ ‬وتوظيفها‭ ‬شر‭ ‬توظيف‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ما‭ ‬يخدم‭ ‬مواقفها‭ ‬الملتبسة‭ ‬والعدائية،‭ ‬وهناك‭ ‬كتَّاب‭ ‬آخرون‭ ‬يعمدون‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬العناوين‭ ‬وقلب‭ ‬النصوص‭ ‬ونشرها‭ ‬باسمهم‭ ‬دونما‭ ‬خجل‭.‬

لهذا‭ ‬فمن‭ ‬أكبر‭ ‬مساوئ‭ ‬النشر‭ ‬الرقمي‭ ‬أنه‭ ‬شرع‭ ‬أبواب‭ ‬السرقة‭ ‬الأدبية‭ ‬أمام‭ ‬أشباه‭ ‬المثقفين،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬منحهم‭ ‬فرصة‭ ‬لتفريغ‭ ‬أحقادهم‭ ‬وسمومهم‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬والأشخاص‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬رديء‭ ‬وبشع‭ ‬للحرية‭ ‬التي‭ ‬يتيحها‭ ‬السفر‭ ‬عبر‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭.‬

 

مسار‭ ‬تطور‭ ‬الكتابة‭ ‬والكتاب

النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬النشر‭ ‬الورقي‭ ‬هو‭ ‬محطة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬تطور‭ ‬الكتابة‭ ‬والكتاب،‭ ‬إنه‭ ‬امتداد‭ ‬لتجارب‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬القدم‭ ‬عرفت‭ ‬الحضارات‭ ‬الإنسانية‭ ‬خلالها‭ ‬أنماطاً‭ ‬عدة‭ ‬للكتابة‭ ‬والتداول‭ ‬الثقافي،‭ ‬فمن‭ ‬الكتابة‭ ‬والنقش‭ ‬على‭ ‬الصخور،‭ ‬إلى‭ ‬الكتابة‭ ‬المسمارية‭ ‬إلى‭ ‬الكتابة‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬البردي‭ ‬والثوب‭ ‬والرقاع،‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬المطابع‭ ‬وتوسيع‭ ‬دوائر‭ ‬الانتشار‭ ‬والتواصل‭ ‬الإبداعي‭. ‬إلى‭ ‬عوالم‭ ‬النشر‭ ‬الرقمي‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬العوالم‭ ‬الافتراضية‭ ‬للشبكة‭ ‬العنكبوتية‭.‬

الأمر‭ ‬متعلق‭ ‬إذن‭ ‬بتطور‭ ‬طبيعي‭ ‬صنعته‭ ‬الاجتهادات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬إنه‭ ‬تطور‭ ‬يشي‭ ‬باحتمال‭ ‬أكيد‭ ‬للجذر‭ ‬واقعياً‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الميادين،‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬ومنظومات‭ ‬إلكترونية‭ ‬مائة‭ ‬في‭ ‬المائة‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بطعم‭ ‬الاكتساح،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يلغي‭ ‬بالمرة‭ ‬النشر‭ ‬الورقي،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬البشري‭ ‬أمامه‭ ‬مسافات‭ ‬زمنية‭ ‬كبيرة‭ ‬للقطع‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النشر‭ ‬والانتقال‭ ‬بالتالي‭ ‬إلى‭ ‬فرضية‭ ‬صفر‭ ‬ورقة‭.‬

لهذا‭ ‬فالاستعاضة‭ ‬عن‭ ‬النشر‭ ‬الورقي‭ ‬بالنشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سريعة‭ ‬جداً،‭ ‬بل‭ ‬تتطلب‭ ‬تطورات‭ ‬ومخاضات‭ ‬حضارية‭ ‬عميقة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يلاحظ‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى،‭ ‬بات‭ ‬واقعاً‭ ‬وفعلاً‭ ‬أثيراً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الكتَّاب‭ ‬والمبدعين،‭ ‬أما‭ ‬الآن،‭ ‬فمازالت‭ ‬الأمية‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تعيق‭ ‬انخراط‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬المغاربة‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬فالقلة‭ ‬من‭ ‬آل‭ ‬الحرف‭ ‬والسؤال‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬انخرطوا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العوالم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬مازالت‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬خارج‭ ‬زمن‭ ‬الإنترنت‭ ‬