الضحك مفتاح التفاؤل ومبدد الآلام

الضحك مفتاح التفاؤل ومبدد الآلام

الفرح والسعادة والسرور والغبطة والأمل والابتسامة والضحك والهناء، ومفردات كثيرة في قواميس اللغة العربية تبعث على التفاؤل، اختلطت علينا ثم صعُب على من بعدنا أن يُعَرّفها فضاعت معانيها. 
ومع ضياع المعنى ضاع المفهوم، فلا نكاد اليوم نَعْرفها إلا بنقائضها: الحزن والتعاسة والكآبة والألم واليأس والعبوس والبكاء والكمد. وقد قيل: «بالضحك والمزاح تُشفى الأرواح». 

 

ربما لا يعلم كثير من الناس بأنّ الغضب والحزن والكآبة والألم النفسي بأنواعه، كل ذلك يؤدي إلى فقدان جسم الإنسان مناعته في مقاومة الأمراض. لذا، نرى الكثيرين ممن طال حزنهم واستمرت كآبتهم وتدافع غضبهم ولم ينقطع، يُصابون بأمراض جسدية عضال، فعندما لا تتحمل النفس الألم تُسقطه فوراً على الجسد، والعكس صحيح، فحين يمرض الجسد يثقل على النفس عبئها. وهذا ما أسماه ابن سينا «تلازم النفس والجسد»، وأشار إليه من قَبْل رسول الله، [، حين قال: «.... إذا اشتكى منه عضو تداعت سائر الأعضاء بالحمى والسهر»، وأوصانا بأنْ نتوضأ أو نغتسل حين الغضب، أو نترك موطن الحزن والغضب إلى مكان آخر. 
وقد خصّ الله سبحانه وتعالى الإنسان بالضحك، وميّزَه عن سائر المخلوقات بذلك، فالضحك نتيجة مزيج الإدراك العقلي بالخيال النفسي، يُحفّز الهمّة ويُبعد عن النفس همّها ويصبغ الوجوه العابسة بنور الانشراح. والضحك من الله، لقوله عزّ وجلّ: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} (سورة النجم - 43)، وهو مفتاح التفاؤل ومبدد الآلام والتفوق النفسي والجسدي للإنسان عن بقية الخَلْق. 
ويزخر الأدب العربي بالأمل والمضي قدماً في دروب السعادة. والضحك ليس نقيصة ولا هو عيب، ولكن قوماً أبوا على أنفسهم إلا أن يلتحفوا الحزن ويتوسدوا الألم ويلبسوا السواد، الْتَوَت رقابهم إلى الخلف، إلى الماضي، فتعثّروا بالحاضر مراراً وتكراراً، فسقطوا وسقطوا، وها هم يسقطون، فلا استطاعوا الثبات في الحاضر ولا رؤية المستقبل ومن ثم استشرافه، يتألمون ويبكون ويئنون، يبحثون عن السعادة والهناء فلا يجدون، يعاودون الالتفات إلى الخلف... إلى الماضي... فينتكصون، فيعاودون السقوط. حتى صار البكاء عادتهم والإحساس بالألم والكآبة حياتهم والعبوس صورتهم واليأس والإحباط هما المصير!
ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، وإنما تعداه ليصبح الألم عندهم عبادة والحزن لديهم عادة، وكاد البكاء يكون شعيرة من شعائر التقرب إلى الله، أو هكذا يحسبون! يبكون ولا يدرون، أيبكون تذللاً لله تعالى أم ينشجون الدنيا، فآثروا الموت على الحياة، ليصبح الكسل عادتهم والجهل وسادتهم والتواكل عبادتهم. اختلطت عندهم المفاهيم والمصطلحات فضاع الصواب وانهجر، وشاع الخطأ فاشتهر.

الفكاهة لإبعاد الملل
عندما نستعرض كتب الأدب في رفوف المكتبة العربية سنضع أيدينا على كتب كثيرة تُدخل السعادة على النفوس وتُبهجها، في الشعر الساخر والطرائف والقصص المضحكة والخيال المؤدي إلى الأمل والعمل والحب. 
وإذا كان الشعر «ديوان العرب»، فقصص الماضي كانت أسمارهم، بما تحمله من شجاعة وكرم وتضحيات، أو غرابة أو طرافة. وإذا كان لفحول الشعراء رواة، يحفظون قصائد الشاعر وينشرونها بين الناس، ويفسرون مقاصدها ويشرحون معانيها، فإنّ هناك رواة للقصص، يحكونها نثراً ورَجزاً، ليكون سردها متعة للسامعين. وتلك الأساليب لا شك قد حاكت في ذاك الزمان وسائل الإعلام في الوقت الحالي، فالشاعر جريدة عصره، والراجز كان «إذاعة» تنقل الأخبار من مكان إلى مكان.
ولعلنا لا نبالغ إن قلنا إن هناك محاولات تمثيلية لأحداث الرواية، شبيهة بالأداء التمثيلي على المسرح، ولكن بصورة ابتدائية، لا تحمل صفة الاحتراف أو المبادئ الرئيسة للتمثيل المُتقن، إلا أنّ مثل هذا الأداء المُصاحِب لإلقاء الراوي، كان يلقى القبول الكبير لدى العامة، ويُلقي بالفرح والسرور على قلوبهم.
وكان الجاحظ أوّل من سَجَّل الطرائف في كتبه، التي كانت لا تخلو من المتعة والغرابة، وامتد هذا الأسلوب في كلّ كتبه، حتى وإن كان موضوع الكتاب عميقاً ومُرَكّزاً، فما بين الصفحات ذات المواضيع العميقة في تخصصها، نراه يُقَدّم للقارئ معلومة طريفة، لا تَخْرج عن الموضوع نفسه.
لقد جعل الجاحظ من «الفكاهة» أسلوباً لترسيخ المعلومة في عقول قارئي كتبه، ومنهجاً لإبعاد الملل عند قراءة المواضيع الجادة. في كتاب «مروج الذهب ومعادن الجوهر»، يقول مؤلف الكتاب المسعودي (ج4- ص47)، وهو ممن يُعدّ في قائمة خصوم الجاحظ:
«وكُتُب الجاحظ مع انحرافه المشهور (لكونه من المعتزلة)، تجلو صدأ الأذهان، وتكشف واضح البرهان، لأنّه نظمها أحسن نظم، ورصفها أحسن رصف، وكساها من كلامه أجزل لفظ، وكان إذا تخوَف ملل القارئ، وسآمة السامع، خرج من جد إلى هزل، ومن حكمة بليغة إلى نادرة طريفة، وله كتب حسان».
كتب الجاحظ عن البخلاء والطفيليين، والبرصان والعرجان والعميان والحولان، وتعددت كتبه ورسائله، حتى شملت معالجات أمور الحياة الاقتصادية، ككتاب «التبصر بالتجارة» وكتاب «أقسام فضول الصناعات»، وفي السياسية: كتاب «التاج في أخلاق الملوك»، وكتاب «الاستبداد والمشاورة في الحرب». كانت كتب الجاحظ مرآة لثقافة عصره، وكان هو مدرسة علمية وأدبية جديدة لم يعرفها العرب من قبل، إذ جمعت بين التحصيل الفكري والمتعة، وامتدت مئات السنين، فخلقت أجيالاً مثقفة ومحبة للعلم والتحصيل الفكري من مختلف المشارب والمدارس الثقافية، حتى إنّ العلماء من المتدينين اتخذوا من منهج الفكاهة سبيلاً لنشر المعرفة والعلوم، لنرى أبا حيّان التوحيدي يمتعنا بكتابيه «الإمتاع والمؤانسة» و«البصائر والذخائر»، ومن بعده الراغب الأصبهاني، عالم التفسير، يكتب كتاب «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء»، ثم ابن الجوزي، العالم الفقيه، يكتب كتاب «أخبار الحمقى والمغفلين»، ويتحفنا أبوالفرج الأصفهاني بكتاب «الأغاني»، الذي جمع فيه الفنّ أدباً وشعراً وموسيقى وغناء، ويعيد ابن عبدربه الأندلسي كتابة التاريخ بأسلوب جديد في كتابه «العقد الفريد»، ليحمله قصائد شعرية وقصصاً وطرائف، تُبعد القارئ عن السأم، وتنفض عن نفسه غبار الملل وعن عقله رتابة الالتزام. ثم جاءت «المقامات» التي برع بها بديع الزمان الهمذاني والحريري، تلك المقامات التي جمعت بفنها القصة والشعر والنثر بأسلوب لا يخلو من الطرافة والفكاهة، لتكون متعة القارئ والسامع لها.
ومن وحي المقامات، جُمِعت القصص الشعبية، وكل ما نُقل وتُرجم عن الهند وفارس من قصص قصيرة وطرائف، ليكون اندماجاً للثقافات الثلاث، وسلوى للعامة في لياليهم، فكانت «ألف ليلة وليلة».
ويبدو من أسماء الأبطال الرئيسيين لقصة «ألف ليلة وليلة»، شهرزاد وشهريار، أنّ قصص الكتاب جُمعت في عصر السلاجقة، وزيد عليه موروثات شعبية انتهت في القرن الثالث عشر الميلادي، وجاء هذا التحديد بناء على عدم ورود «التبغ أو الدخان» في أي من تلك القصص، إذ لم يعرف الشرق التدخين إلا في ذلك القرن.  وبعد أنّ نجح أسلوب الفكاهة والطرافة في نشر الفكر والفنّ والثقافة، تراجع ليكون أقرب إلى الإسفاف والمجون في عصر شبه متفق عليه بأنّه عصر «الانحطاط الأدبي»، حتى يصبح كتاب «المستطرف من كل فن مستظرف» للأبشيهي، من أكثر الكتب المقروءة تداولاً. قال شمس الدين السخاوي في كتابه «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع»، وهو يشير إلى الأبشيهي:
ولكنه لعدم إلمامه بشيء من النحو يقع فيه وفي كلامه اللحن كثيراً. ومن تصانيفه «المستطرف من كل فنّ مستظرف».
من هنا نعيب على بعض الأدباء أن يعد «المستطرف» من أمهات كتب الأدب والثقافة، فضلاً لما يحمله من سرد للخرافات، خصوصاً عندما يتكلم عن الجن.
لم تكن الخرافة لصيقة بالثقافة إلا في عصر الانحطاط الفكري، عندما تجرأ المدّعون باسم العلم والدين على خوض ميادين الخطابة والكتابة، حتى كادوا يُقْسِمون على عامة الناس أنّ تصديق الخرافة من الإيمان وتكذيبها من الكُفْر والخسران. واستمروا على هذا المنوال إلى يومنا هذا. 

الضحك صناعة وفن
بات «الضحك» صناعة وفنّا وأدباً مكتوباً، بدأ من عصر الجاحظ إلى اليوم، بين مد وجزر، وواحة وقفر. في ذلك العصر، اشتهر نخبة من الظرفاء، كان من أشهرهم أشعب وجحا وأبودلامة، وقد أسقط عليهم أهل زمانهم، والذين من بعدهم، كثيراً من القصص والروايات الظريفة والطريفة، ونسبوا إليهم بعضاً من الطرافة عن طريق الشعر والحكمة، وربما نسبوا إليهم أيضاً السفاهة والتفاهة والمجون. وتناقل الناس الطرفة شفاهة، كما تناقلوا النكات اليوم بوسائل التواصل الاجتماعي، ترفيهاً عن النفس وترويحاً لها من هموم الحياة.
وترى الشعوب كلما زاد عليها همُّ الطغاة، وضاقت عليها الدنيا بعيشها، لجأت إلى النكتة والسخرية من أصحاب الثروة والمتنفذين، فهذا يسخر من الحاكم، وذاك يسخر من المحتسب أو صاحب الشرطة، وغير ذلك كثير. فيُنْقلُ عن أشعب أنّه قال:
ألا أخبرت أخباراً
أتت في زمن الشدّة
وكان الحُبُّ في القلب
فصار الحُبُّ في المعدة
أما أبودلامة زند بن الجون فشخصية حقيقية، وهو شاعر هجّاء من موالي بني أسد في الكوفة. يقول أبو الفرج الأصفهاني عنه في كتاب الأغاني:
عبْدٌ أسوَدٌ، فاسد الدين، رديء المذهب، مرتكب للمحارم.
وعلى الرغم من سوء أخلاقه، فقد شاعت بين الناس أخباره. كان معاصراً لخلفاء بني العباس، من أبي العباس إلى هارون الرشيد، وله شِعْر طريف كان ينشده أمام الخلفاء، فيستظرفونه ويواصلونه بالمال.
ويُروى عنه أنّه كان في رحلة صيد مع الخليفة المهدي محمد بن المنصور، فقال:
قد رمى المَهْدِيُّ ظبيا
شَكَّ بالسّهْمِ فؤاده
وعليّ بن سليما
ن رمى كلْباً فصاده  
فهنيئاً لهما، كل
امرئ يأكل زاده

عودة روح الثقافة
وفي بحث عميق ودقيق نشره د. محمد رجب النجار بعنوان «جحا العربي»، تكلم فيه عن جحا كنموذج لأدب الفكاهة عند العرب. وجحا هذا شخصية رمادية بين الوهم والحقيقة، مهما تأكدت نسبتها إلى دجين بن ثابت الفزاري، أو إلى الخوجة التركي نصرالدين الرومي. وكل ما نُسِب إليه من روايات فكهة وطرائف مضحكة وقصص نادرة الحدوث، فإنّ أكثرها إما منحول أو منسوب إليه.
وكلّ ما كُتِب عن جحا كان يُعبّر عن إسقاطات العامة؛ آلامهم وآمالهم، ومعاناتهم من هموم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. 
وأدب الفكاهة كغيره من ألوان الأدب والفنون، يصعد أحياناً إلى القمة ويهبط أحياناً أخرى إلى القاع، حيث لا تجد أدباً، بل نوع من السخافات الممجوجة أو التفاهات الممزوجة بالسفالة والوقاحة والقباحة والسباب. من أجل ذلك، تدخّل الكبار من الأدباء والشعراء والفنانين في العصر الحديث للنهوض بثقافة مجتمعاتهم، حتى في أحلك الفترات التي مرت بهم، مثل الطغيان والفقر والخوف. فهذا معروف الرصافي يستنهض الشعب ساخراً من المتخاذلين والجبناء، وكأنّه يخاطبهم اليوم فيقول:
يا قوم لا تتكلموا
إنّ الكلام مُحَرّمُ
ناموا ولا تستيقضوا
ما فاز إلا النُّوَمُ
ودعوا التفَهم جانبا
فالخير ألا تَفْهَموا
وتثَبَتوا في جهلكم
فالشر أن تتعلموا
أما السياسة فاتركوا
أبداً وإلا تندموا
إنّ السياسة سرّها
لو تعلمون مُطَلْسَمُ
من شاء منكم أن يعيـ
شَ اليوم وهْو مُكَرّمُ
فليُمْسِ لا سمعٌ ولا
بصرٌ لديه ولا فَمُ
لا يسْتَحقُ كرامة
إلا الأصم الأبكمُ
وإذا ظُلِمْتُم فاضحكوا
طرباً ولا تتظَلموا
أو قيل إن بلادكم
يا قوم سوف تُقَسَّمٌ
فتحمدوا وتشكروا
وترنحوا وترنموا
ومهما يكن من أمر، فإنّ جميع المعطيات تؤكد أنّ القرن العشرين شهد عودة روح الثقافة والأدب العربي، حيث جاد علينا بعمالقة من الشعراء والأدباء والفنّانين التشكيليين والموسيقيين والمطربين والممثلين، فمن الشعراء: أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وهما القامتان الشعريتان اللتان لم يثنهما جدّهما عن الهزل والفكاهة. فهذا حافظ إبراهيم يلمز شوقي بقوله.
يقولون إنّ الشوق نار ولوعة
فما بال شوقي أصبح اليوم بارداً؟
ليرد عليه أحمد شوقي هازلاً:
لقد أودعت إنساناً وكلبا وديعة
فضيعها الإنسان والكلبُ حافظُ!
 ومن عظماء الشعر في القرن العشرين: محمود طه وأمل دنقل والأخطل الصغير وإيليا أبوماضي وميخائيل نعيمة ومعروف الرصافي ومحمد مهدي الجواهري وعاتكة الخزرجي وأبوالقاسم الشابي وخليل مطران وعمر أبوريشة ونزار قباني ونازك الملائكة وإبراهيم طوقان وفهد العسكر والأمير عبدالله الفيصل وغازي القصيبي وأحمد مشاري العدواني وعبدالله العتيبي والشيخة سعاد الصباح وخليفة الوقيان.
وتميّز الشاعر الكويتي عبدالله سنان، رحمه الله، بشعر الفكاهة، حتى جمع قصائده الطريفة في ديوان «الشعر الضاحك». ومن شعره الضاحك، قصيدة في رثائه عنزته، يقول فيها:
قف بالحضيرة واندب ربة السِمَنِ
وابكِ العُطَيرةِ ذات الزبد واللبَنِ
حسناء كالظبي في تثغائها نَغَمٌ
وفي لواحظها شيء من الفِتَنِ
فلو رأتها تيوس الحيِّ بارزةً
لم يبقَ في الحيِّ تَيسٌ غير مُفتَتِنِ
حتى إذا آذنت أيام نظرتها
بالانصراف ودقت ساعة الإحَنِ
راحت وخلّفَتِ الأحزان في كبدي
وا حَرَّ قلبي من همٍّ ومن حَزَنِ
قل للتيوس عزاء إنّها رحلت
ولم تعد كبت العطار في اليَمَنِ
في القرن العشرين أيضاً، تميزت الكتابات الأدبية على يد: طه حسين وعباس محمود العقاد وأحمد أمين ونجيب محفوظ وحسين شفيق المصري وأمين الريحاني وجرجي زيدان ومي زيادة وروز اليوسف ومحمد الماغوط وغسان كنفاني وعلي أحمد باكثير وعبدالرحمن منيف وإبراهيم صنع الله وأحمد البشر الرومي وخالد سعود الزيد. ونرى الرسم والنحت والتصوير يبرز على غير عادة القرون السالفة بثلة من الفنانين الكبار، من أمثال: أحمد صبري ونجيب بلوخة وشوقي زغلول ومصطفى الحلاج وإسماعيل شموط وعبدالقادر الرسام وأكرم شكري وفائق حسن وسامي محمد.
ومن الموسيقيين سيد درويش وزكريا أحمد ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزي ورياض السنباطي وكمال الطويل ومحمد الموجي والأخوان رحباني وعمار الشريعي وعمر خيرت وأحمد الرجيب وغنام الديكان.
ومن المطربين أم كلثوم وأسمهان وفيروز وناظم الغزالي وصباح فخري وطلال مداح ومحمد عبده وأحمد قاسم وعبدالله الفضالة وعوض الدوخي وعبدالعزيز المفرج (شادي الخليج).
أما على مستوى التمثيل، مسرح وسينما، فنذكر نجيب الريحاني ويوسف وهبي وأمينة رزق وفاتن حمامة وأنور وجدي وعادل خيري وفريد شوقي ومحمود المليجي وأحمد مظهر وفؤاد المهندس وعادل إمام ونهاد قلعي ودريد لحام ومنى واصف وأسعد فضة وأسامة ونبيل المشيني وعبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج. 
كل فرد ذكرناه في القائمة السابقة يعتبر مدرسة فنية أو عملاقاً فنياً امتد أثره لأكثر من جيل. بعدها يقف تاريخ الفنّ والأدب ليلتقط أنفاسه، فالإبداع بحاجة إلى فترة سلام، كما يحتاج إلى دعم وتشجيع. 
حروب كثيرة شُنّت من قِبَل المتعصبين ضد الإبداع الأدبي والفنّي، فهذا يُهَدد الأديب بتهمة الكفر والإلحاد، طه حسين ونجيب محفوظ مثلاً، وذاك الفنان يُجَرُّ إلى المحاكم بتهمة ازدراء الأديان، عادل إمام مثلاً، وآخر يُهَدَدُ بالقتل من نظام سياسي طاغ، عبدالحسين عبدالرضا مثلاً. 
كل أولئك الأدباء والشعراء والفنانين قضوا حياتهم بألم ومعاناة، يوم كان نشاطهم يُتّهَم بالشطط والخروج عن الدين، أو ضد العادات والتقاليد، أو كما قُيِّمَت آنذاك بأنها ضد الأخلاق العامة، وقد تمكّن أعداء الفنّ والأدب من أن يُزَوّروا بأقلامهم ويُشَوّهوا بألسنتهم ويجرحوا بأسلحتهم ملامح الإبداع والتقدّم الثقافي، فأظلتنا غمامة ظلماء لا تمطر إلا تزمتاً وعبوساً ■