قصص على الهواء

قصص على الهواء
        

قصص لأصوات شابة تنشر بالتعاون مع إذاعة بي. بي. سي العربية
لماذا اخترت هذه القصص?
-------------------------------------------

          من بين القصص التي قرأتها اخترت هذه القصص الأربع لتوافر شروط الجودة، كما استبعدت بعض القصص لطولها الذي لا يتناسب وشروط المسابقة وهذه القصص المختارة هي:

  • قصة «سيدة الشارع» لعلاء عبد المنعم- مصر:

          في القصة محاولة لخلق صورة مرئية تمتد على مدار القصة كلها. تصور القصة في إيجاز حالة الاشتياق التي تتملك البطل الراوي تجاه «عربة فول». في القصة تطور درامي ومحاولة لخديعة القارئ بتصوير عربة الفول كامرأة الأحلام المأمولة، كما أن نهاية القصة موفقة إذ تحمل للقارئ دهشة اكتشاف هذا «المأمول» من وجهة نظر البطل. في القصة أيضا إيحاء خافت يربط بين عربة الفول والوطن.

  • «غيبة» لمحمد عباس علي داود-مصر:

          القصة تصور لقطة إنسانية باختزال شديد. تحكي القصة عن الرجل الباحث عن ابن/ قريب غائب والذي يظنه الراوي في البداية متسولاً فيمد له اليد ببعض نقود، لكنه يفاجأ بالسؤال «هل رأيت محمود؟». تصور القصة لحظات ضياع الرجل بسبب الفقد وتلك «الغيبة». القصة جميلة وإن كان ينقصها تصوير اللحظة دون التفسير والتأكيد على أن تلك هي «لوحة عبقرية التعبير عن الأسى». 

  • «فسحة سماوية» لمي رزق - الأردن:

          في القصة محاولة لتقصي لحظات العودة للمنزل للبطلة المنهكة. التصوير الخارجي للشارع مفصل وجيد وقادر على خلق صورة مرئية واضحة هي مرادف للسأم والصخب. يتناقض العالم الخارجي مع عالم البطلة الداخلي في القصة، حيث تصوير نفسية البطلة ومعاناة الإجهاد والضياع والبحث عن مرفأ للروح وسط الصخب. يعيب القصة أن لحظة التنوير جاءت باهتة وغائمة وبالتالي غير كافية لإقناع القارئ بأنها لحظة تنوير، أي انقلاب من حال إلى حال. 

  • «لحظة مغادرة» لهناء فارس - العراق:

          في القصة محاولة للتصوير الدرامي للحظة الميلاد. تأتي الكتابة على لسان الجنين كمحاولة للدخول في منطقة وعي صعبة التصوير في الكتابة. نجحت الكاتبة إلى حد بعيد في تصوير صوت الجنين خاصة في الجزء الأول من القصة حيث معاناة الخروج إلى الحياة. وقد جاء تصوير الاندفاع اللاإرادي للحظة الميلاد أقوى من الجزء الثاني من القصة حيث يظهر وعي الجنين بأن هذه هي أمه وأنه يريد احتضانها وتعويضها عن ألم المخاض، لكن القصة جيدة لأنها تحاول رسم صورة وطن يتمزق من خلال لحظة ميلاد صعبة ثم موت يصيب الأم والجنين والمستشفى بأكمله، كما أن اختيار العنوان جيد وموحٍ حيث إن لحظة المغادرة التي من المفترض أن تكون مغادرة للرحم نحو الحياة تصبح أيضا مغادرة للحياة بعد لحظة من الميلاد.

----------------------------
سيدة الشارع
علاء عبدالمنعم إبراهيم - مصر

          لم يكد يخرج من بيته الضيق إلى شارعه الأكثر ضيقًا، حتى أبصرها واقفة بشموخ ممزوج بتدلل أنثوي صارخ، لم يستطع تفسير سر جاذبيتها النافرة التي جعلته يتسمر في مكانه، فلم تكن الألوان التي كست جسمها متناغمة أو متسقة مع بعضها فهي مزيج عشوائي من الأخضر الباهت والأحمر الصارخ والأزرق الممسوح، ولم يكن قوامها رشيقًا على الإطلاق بل كانت مستطيلة الشكل، ذات بروزات فجة تزيد مظهرها بعدًا عن المثالية، كما لم تكن أقدامها نحيلة أو سميكة بل دائرية مفرغة، والأغرب أنها لم تكن شابة بل عجوزٌ عتيقةٌ يمكن أن نقدِّر أنها تجوب الشوارع منذ سنوات طوال.

          على الرغم من هذا كله وجد نفسه مدفوعًا تجاهها، كانت حركتُه خفيفة على غير المعتاد، كلما اقترب منها خطوة ازدادتْ خفقات قلبه، وعندما وقف أمامها مباشرة أصبح أشبه بتمثال حافظ على صلابته الهشة لعقود كثيرة، قدَّر أن الشارع كله يسمع طبول الحرب في صدره، قهر خوفه من نظرات المحيطين بها، مزق الفراغ الضيق الذي كان يفصله عنها بخطوة طويلة مستفزة، مدَّ يده وبدأ يتحسَّس ملامحها بلا خجل، لم يفكر في رد فعل الآخرين كما تعود أن يفعل، لم يفكر في رد فعلها هي، شعر بأن هذا حقه، وأنها كُتبتْ له قبل أن يولد، اغرورقت مآقيه بالدمع السحاح وهو يمرر يده على ذراعيها الطويلتين اللامعتين، تحسس الشقوق التي ملأت وجهها بنشوة مستصرخة، انتفض جسده حين لامس سطحها الخشن.

          - «في حاجة يا أستاذ؟» اقتنصته العبارة اللائمة التي أطلقها أحد الملتفين حولها من مغامرته العابثة.

          - «لا...أبدًا» قالها وهو يقاوم رغبة ملحة في الصراخ في وجه هذا اللائم «طبعًا في حاجة بل في حاجات كثيرة لا تعرفها أنت أو غيرك من المتزاحمين حولها، إنها هي التي انتظرتها طويلاً، ثلاثون عاما هي كل عمري المديد وأنا أبحث عنها في كل شارع وفي كل حارة وفي كل زقاق، كانت تزورني في غفواتي وصحواتي، نعم خنتها كثيرًا، ولكنها كانت خيانة اليائس من تحقيق حلمه الوردي، صاحبتُ ما يقرب من المائتين من بني جنسها، تذوقت حلاوتها دون أن أشعر بسكرها، سمعت عبارات مالكيها: تذوق، لوز.. لن تجد  أحسن من هذا، جرب ولن تندم.. وغيرها من العبارات التي تشعرك بأنك في سوق النخاسين الذين يدللون على بضاعتهم من دون حياء، كثيرا ما وقعت في شرك إحداها لمدة شهر أو اثنين ولكن كنت سرعان ما ألملم ذاتي وأقفز فوق شهوتي النازفة وأستعيد صورتها البريئة فأفارق من تسليت بها ومعها، أما هي كما أراها الآن فلا تحتاج لنخاس يدلل عليها أو يغوي الرجل للاقتراب منها، رائحتها ليست رائحة شهوة مؤقتة وإنما عبق طيب ذائع».

          - «أول مرة أراها في المنطقة» تمتم بالعبارة وتعمد أن يعلو صوته عله يجد إجابة عند أحد الوقوف وهو ما تحقق له عندما بادره الرجل الذي أخذ يزاحم للوصول إليها: «لا إنها هنا منذ مدة طويلة حوالي ثلاثين عامًا، إنها سيدة الشارع كيف لم ترها من قبل؟» أصابته كلمات الرجل بالدهشة المستبشرة «ثلاثون عاما ولم ألحظها إلا الآن!» عاد يمارس لعبة التمتمة الماكرة: «كيف ظهرت الآن بهذه البهجة؟» جاءته الإجابة على لسان شيخ طاعن في السن «كان صاحبها عجوزا متجهم الوجه ينفِّر الناسَ منه ومنها ومنذ أيام جاءه هذا الشاب الباسم الواقف أمامها بردائه الأبيض النظيف وطلبها منه، ودفع مهرها، وأصبحت من نصيبه، وبدأ يجددها»

          «تأمر بشيء يا أستاذ؟» باغته سؤال الشاب الباسم ذي الرداء الأبيض.

          «طبق فول بالزيت الحار» رد بلا تردد.

          وضع طبق الفول على مقدمتها المعدنية وأخذ يتناول الفول بنهم مسعور وقد تصلبت عيناه على العبارة التي زُينت بها مقدمتها، كتبت العبارة بخط رديء ولكنه عفوي «كُل.. واشكر».

----------------------------
غيبة
محمد عباس علي داود - مصر

          مغلف بالفقر، يريد زاداً

          هكذا قلت لنفسى واناأحدق فى وجهه حينما اقترنا منه، لم يكن على حافة الطريق كالمعتاد، ولم يكن محنى الرأس كما تعودت أن أرى.. أشار الينا بالوقوف.. تعاطفت معه.. وضعت يدى فى جيبى، وكذلك فعل صاحبى.. لم تكن هيئته وسيماه تدلان عليه.. بدا رغم نحول وجهه شديد لمعة الأحداق، نظرته تشى باعتداد قديم لايتناسب مع طلب الإحسان.. مددت يدى مقبوضة الأصابع ببعض النقود.. ردها وحدق فى عينىّ، رأيت على ضفتى أجفانه بلورات دموع متجرة، وبدا وجهه بمشاعره المتأججة فى حبتى عينيه لوحةعبقرية التعبير عن الأسى.. لاح لى ظله على الأرض جزءً ملتصقاً به يمتد من قدميه الى عرض الطريق تطأه العربات والخلق.. أقبل بوجهه نحوى سائلاً

          :- -هل رأيت محمود؟

          نظرت الى صاحبى ونظر الّى.. عدت اليه.. هززت رأسى يمنة ويسرى هامساً :- لا

          ظل محاصراً وجهى لبرهة، ربما يحاول استيعاب ردى أو يتيقن من صدق قولى، بعدها أدار وجهه عنا ومضى.. تحرك ظله معه.. سألنى صاحبى :- ماله ؟

          لم أجبه.. كنت أرقب الآخر، أراه وهو يمضى متمهلا ً.. يحدق فى الوجوه.. يسأل البعض ينصت للإجابة.. يستوعبها ويمضى ليسأل من جديد.. مضيت اليه :- أين ذهب محمود؟

          من خلال العرق الثائر على ملامحه السمراءارتسمت على عينيه معالم حيرة، شرد قليلاً وهو يساءل نفسه بصوت خافت كمن يحاول استيعاب أمر جديد عليه :- ذهب !!

          ثم عاد الّى بلمعة حدقتيه، غارزاً نظراته فى عينّى، رافعاً يداّ معروقة مقبوضة الكف الا من إصبع السبابة أمام وجهى، وقال بحسم :-

          - لم يذهب، وسوف يعود

          وتركنى ليسأل آخر:- هل رأيت محمود؟

----------------------------
فسحة سماوية
مي مرزوق - الأردن

          عائدة من عملها، بعد يوم عمل لا يسعها الا أن تصفه بالشاق جدا، في سيارتها، وخلف عجلة القيادة، جالسة هي، بذهن أقرب إلى الشرود أو لربما لرتابة تفصيلات الحياة التي غدا نسقها واحدا متكررا، فكان ذلك الشرود أقرب الى اللاشيء أو اللاوصف. فكرة واحدة التي صبغت ذلك السأم بنكهة التمرد هي الاسراع الى المنزل والتمدد فوق أي شيء يمكن لها أن تفترشه لترمي بجسدها المنهك فوقه، ويد تمسك بكوب شاي ساخن وأخرى تقلب صفحات كتاب، لتكتمل بذلك صورة الراحة المثالية عندها لاسيما أن الغيوم كانت قد احتشدت في السماء، متشحة بالسواد لا الحزين بل المنبيء بالمطر القريب بينما انسلّت نسمات هواء تراوحت بين الخفيفة حينا و العنيفة حينا اخر، رغم أن الوقت كان ذيول نيسان إلا أن الشتاء ذلك العام أصر على مفاجأتها بين الفينة و الاخرى، فكانت اللوحة الربيعية الموسومة بالفوضى الشتوية المتأخرة تلك، مغرية حقا في اقتطاع جلسة استرخاء نادرا ما يتاح لها من قطف دقائقها في ضوضاء حياتها الصاخبة.

          أزمة مرورية خانقة كالمعتاد،أصوات شتى انطلقت في أرجاء الشارع في سيمفونية سيئة ذات ايقاع مزعج، أصوات نفير سيارات خيم العبوس على وجوه أصحابها، شتائم وأياد تلوح من جهة بكاء طفل من جهة أخرى، وتحول المكان بضجته الى سوق الجمعة. هي مازالت بذات الشعور الحيادي، مستمعة بذهنها الشارد الى برنامج اذاعي ما كان منه الا أن زادها ضجرا، جزء منها في العميق يود لو ينضم الى الجوقة التي وجدت من أرضية الشارع مسرحا لاستعراض مواهبها المتفردة و كأنما بأفعالهم هذه ستنتهي المشكلة ويخلو الشارع بضربة سحرية، لكنها لم تحرك ساكنا، وطمأنها الصف الطويل الممتد أمامها من السيارات بلا انتهاء والذي لم يتحرك قيد انملة بسخرية أن الطريق الى البيت اليوم ستكون أطول من المعتاد و يبدو أن خطة الاسترخاء قد أعدمت على يد شرطة المرور التي ما انفكت تزيد الأمر سوءا، مع ذلك كله لملمت انزعاجها، فلم تكن حقا في مزاج يغريها بالانقياد وراء الغضب أو الاضطراب أو لربما الأصح أنها لم ترد أن تعكر صفو ذهنها الذي اعتادت مجالسة رتابته كل يوم في طريق عودتها.

          طويلة مرت الدقائق كأنها النهار بطوله، و كأنما الأزمة أخذت تزداد اختناقا، و الأفق أمامها أخذ يضيق أكثر، فأخذت تقلب ببصرها بينما كانت أصابعها تقلب محطات المذياع، نظرة خاطفة الى أعلى ما إن أخفضتها حتى أعادت النظربعينيها مجددا . تسمرتا هي و يدها التي كانت على المذياع على السواء. عينان تطالعان فوق حيث السماء، واستقرتا على البقعة ذاتها و مذياع استقرت ابرته على الفراغ ليقتحم التشويش السكون مبتدئا حكاية الصمت و التأمل.... .

          دقائق عدة مرت و ما زالت لم تتجاوز مرحلة التأمل، وكأنما تحاول ترجمة ما أحسته رسالة من السماء، صورة لفسحة بيضاء أطلت من بين صفوف الغيوم المتراكمة، بينما أخذت الشمس المختبئة بوجل تمد ذراعاتها الذهبية من تلك الثغرة مرسلة على استحياء اجابتها للضيق الذي توارى عميقا في ثنايا روحها لتضرم دفئا من وراء الغيوم ليس في الجو فحسب بل في قلبها و كل القلوب الظمأى لاجتراح المعجزات الكامنة في العميق بعد ايجاد كل واحد منها فسحته السماوية....

          عادية هي الصورة، موجودة في كل مكان، في التلفاز، المجلات، بطاقات البريد ربما، مهملة لا بل منسية لكنها كانت قادرة في لحظة اليأس من اجتثاث تلك الحالمة فيها، الساكنة في أعماقها المنسية، وايقاظ الدهشة الغافية في ذاكرتها لتحيي حروف أبجديتها بالشغف مجددا، ويتدفق المعنى الى أوردة الكلمة لتنبض، فيتمزق ذلك الرمادي و يعود قوس قزح يطرز الغد.... .

          صوت نفير قوي يبدد سكون لحظتها، فالطريق قد بات خاليا أمامها و حان الوقت لتتحرك و حري بها أن تفعل قبل أن يطالها غضب السائق الذي خلفها لا سيما أنه قد بدا عليه الحنق الشديد.. .

          أكملت الطريق ذاته الى المنزل، المسرب ذاته، المنعطفات ذاتها الشرود ذاته لكنه كان أصغر بعشرين عاما ربما، ملونا، معطرا، بقافية و ايقاع و روح، متناغما لتبدو معه الحياة في تلك اللحظة مفهومة منطقية واضحة.

          تذكرت العمل، الزحام، فسحتها السماوية، الدفء الخجول فنجان الشاي، كتابها و استرخاءة في انطفاءة المساء وطيف حلم........ .

----------------------------
لحظة مغادرة
هناء فارس - العراق

          مهداة الى ارواح شهداء المستشفى التعليمي في تكريت وكل شهداء العراق 

          لاادري مابي اليوم، وشعور الرغبة بمغادرة مكاني المعتاد يلازمني ويلح علي،فرغم اني باقامتي الجبرية في هذا المكان اتمتع بكافة حقوقي وامتيازاتي الشخصية،ورغم الخدمة الممتازة التي تقدم الي بانتظام، الا ان الاقامة الجبرية هي الاقامة الجبرية فلابد ان تنتهي مدتها لان الانسان بطبعه ملول،وانا لظرفي الخاص اشد مللا

          ورغم ان مااريد يصل الي بكل سهولة والمكان واسع ومريح ويمكنني ان امرن عضلات رجلي ويدي ساعة اشاء الااني ضجرت،واريد ان اغادر هذا المكان بسرعة، فان بضعة اشهر اعتبرها فترة كافية، لتمل مكانا اعتدت عليه وان تغادر مواقع الفتها وتكررت رؤيتها لديك،لكل هذه الاسباب ولاسباب اخرى اضطررت في هذا الصباح الباكر ان اعلن عن رغبتي في مغادرة مقر اقامتي الجبرية ولغير عودة الى قيام الساعة، وهكذا صرت اتململ في وضعي وامدد اطرافي والوي برقبتي واقلص يدي وابسطهما لأعلن برمي المستفحل بهذا المكان ورغم كرم الضيافة التي لايمكن ان انكرها والتراتيل القرانية التي كنت اسمعها احيانا،بل بعض الاحيان كنت اسمع نغمات موسيقية هادئة تدل على ضائقة مستمعها ومستواه الثقافي والفني، لاتتصوروني جاحدا والعياذ بالله

          ولكن هناك امور اخرى دفعتني للمطالبة والعمل على مغادرة مقري،فمنذ البارحة كانت هناك تقلصات عضلية تدفعني وتضايقني وتقض مضجعي كل ثمان ساعات، ولو انها تتصاعد طرديا بتقدم ساعات الصباح بل انها اصبحت متقاربة كل اربع ساعات ثم تزايدت واصبح الفرق بين الساعات اقل والتقلصات اطول واكثر عددا واطول مدة فلكل هذا اني اتملل في موضعي وبدون جدوى اقاوم التقلصات، فقد وجدت نفسي اندفع تحت تاثيرها المتلاحق احاول ان اعدل من وضعيتي والملم اطرافي،ربما بعد ان اخرج من هذا المكان سيصبح بامكاني ان اعتذرعن المضايقات التي تسببت بها الى اعز الناس وأرقهم وان اعوضها عن الارق الذي باتت فيه منذ ايام،

          فقط عندما ساراها، لا ادري كيف ساقبل يديها او ربما اطبع قبلتي على جبينها او خدها،او ربما ستاخذني زحمة الناس المتجمعين حول سريري بعيدا عن يديها،او ربما ساستيقظ لاجدها مازالت تحت تاثير التخدير العام، هكذا ساجد شخصا اخر يقوم برعايتي والاهتمام بشؤوني حتى تستيقظ اميرتي وحبيبتي النائمة،هانا احس بيدها تتلمسني وتربت على راسي،وانا بدوري مازلت ارفس واتحرك بموضعي تحت تلك التقلصات العضلية المؤلمة، ولكن الان احس بيد اخرى يد معروقة تبدو لشخص كبير في السن واسمع تمتمات ادعية مقدسة تصلني الى موضعي من بعيد، اعرف اني قد ازعجتهم برغبتي بالمغادرة وافزعتهم من اسرتهم ولكن هذا الامر ليس بيدي ولكن لاباس بعد قليل سوف تغمر وجهوههم الابتسامة،حين اصبح بينهم جسدا وصوتا وصراخا، لاباس اني قادم احاول ان انزلق من موضعي بكل الرقة التي اقدر عليها ولكن تلك التقلصات المزعجة تدفعني وتدفعني، اني اصل بل اقترب، ياالله ما اشقى هذه الساعات،عذرا حبيبتي لقد ارهقتك جدا،وازعجتك جدا ولكني ادرك منذ الان كم تحبييني وكم انا مشتاق لكي اكون بين يديك،حتما سنكون بمنتهى السعادة والهناءة،مهلا ماهذه الفوضى والاضطراب احس بحركة سريعة ترى هل سقطتي ياحبيبتي وما دفعك لهذه الحركة السريعة ثم اه ماهذا الصوت الذي اصم اذني كم هو مزعج وماهذا الذ اسبح فيه الان لم يعد ذلك السائل الدافيء انه يتغير اصبح داميا وماهذا لماذا اظلمت الدنيا لم اعد ارى شيئا،لقد توقف القلب الذي كان يؤنس بدقاته الصمت من حولي ويتبادل الدقات مع قلبي،يالهي لقد توقف قلب امي، اني اندفع بفعل الانفجار الى ارض المستشفى، متدليا من حبلي السري على بلاط المستشفى عاريا،لماذا لم يبتسم احد لمقدمي،انتبهت كانوا نائمين،لابل هم ميتين ارى اشلائهم حولي،لم اميز وجهي امي او جدتي بيدها المعروقة او اراها وهي تصلي لقد فجر مفخخ نفسه في المستشفى حيث كانت والدتي تنقل الى عملية قيصرية،ترى ماشكل الشارع في خارج المستشفى وكيف هو شكل ابي وماهو صوت امي وكم تحفظ جدتي من القصص،كل ذلك لم اشهده،والان لا استطيع ان اتحدث اكثر لان تنفسي بداء يضيق شيئا فشيئا واطرافي تتنمل،واهدابي تثقل وتثقل هذا هو الموت يمد لي ذراعيه واخيرا ساذهب إلى حضن أمي.
-------------------------------
* ناقدة وكاتبة من مصر.

 

 

سحر الموجي*