حصاد السينما المصرية

حصاد السينما المصرية

يؤرّخ‭ ‬لبداية‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬عام‭ ‬1895،‭ ‬وهو‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬فيه‭ ‬فنون‭ ‬السينما‭ ‬وصناعتها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬باريس،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أطلقها‭ ‬الأخوان‭ ‬‮«‬لوميير‮»‬‭ ‬من‭ ‬الجراند‭ ‬كافيه‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬كابوسين‭. ‬وقد‭ ‬جرى‭ ‬أول‭ ‬عرض‭ ‬سينمائي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بمقهى‭ ‬‮«‬زواني‮»‬‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬1896‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وتبعه‭ ‬عرض‭ ‬سينمائي‭ ‬بالقاهرة‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه،‭ ‬ثم‭ ‬عرض‭ ‬ثالث‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بورسعيد‭ ‬عام‭ ‬1898‭. ‬وقام‭ ‬المصور‭ ‬الفرنسي‭ ‬بروميو‭ ‬بتصوير‭ ‬ميدان‭ ‬القنـــاصل‭ ‬بالإسكنــــدرية‭ ‬وميدان‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقي‭ ‬مصري،‭ ‬والذي‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬لوميير‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬يونيو‭ ‬1907،‭ ‬ويعد‭ ‬ذلك‭ ‬بداية‭ ‬الإنتاج‭ ‬السينمائي‭ ‬المصري‭.‬

انطلقت‭ ‬السينما‭ ‬الروائية‭ ‬المصرية‭ ‬عام‭ ‬1917‭ ‬بجهود‭ ‬‮«‬الشركة‭ ‬السينمائية‭ ‬الإيطالية‭ ‬المصرية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬فيلمين،‭ ‬هما‭ ‬‮«‬الشرف‭ ‬البدوي‮»‬‭ ‬و«الأزهار‭ ‬القاتلة‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬أوكلت‭ ‬الشركة‭ ‬الإخراج‭ ‬للمخرج‭ ‬والممثل‭ ‬محمد‭ ‬كريم،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬أول‭ ‬ممثل‭ ‬سينمائي‭ ‬مصري‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬فيلم‭ ‬مصري،‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬مائة‭ ‬عام‭ ‬تقريباً‭. ‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬تمثل‭ ‬صناعة‭ ‬متكاملة،‭ ‬عكس‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتعدَّ‭ ‬إنتاجات‭ ‬سينمائية‭ ‬محدودة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬أفلام‭ ‬سنوياً،‭ ‬بعضها‭ ‬يمثل‭ ‬إنتاجات‭ ‬مشتركة،‭ ‬غالباً‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬فرنسية‭ ‬أو‭ ‬إيطالية‭. ‬وقد‭ ‬انتعشت‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬أربعينيات‭ ‬وخمسينيات‭ ‬وستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬برز‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬السيناريو‭ ‬المتميزين‭ ‬والمخرجين‭,‬‭ ‬وبزغت‭ ‬نجوم‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬والممثلات‭ ‬في‭ ‬مصر‭,‬‭ ‬وبشكل‭ ‬ضاهى‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وقارب‭ ‬مستويات‭ ‬هوليوود،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬بداية‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬الحقيقية‭ ‬كانت‭ ‬عام‭ ‬1927،‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬وعرض‭ ‬أول‭ ‬فيلمين‭ ‬مشهورين‭ ‬صامتين،‭ ‬هما‭ ‬‮«‬قبلة‭ ‬الصحراء‮»‬‭ ‬و«ليلى‮»‬‭ ‬وقامت‭ ‬عزيزة‭ ‬أمير‭ ‬بالتمثيل‭ ‬في‭ ‬الفيلمين،‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬ممثلة‭ ‬مصرية‭. ‬كذلك‭ ‬شهد‭ ‬عام‭ ‬1932‭ ‬إنتاج‭ ‬وعرض‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬مصري‭ ‬ناطق،‭ ‬وهو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬أولاد‭ ‬الذوات‮»‬‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬يوسف‭ ‬وهبي‭ ‬وأمينة‭ ‬رزق،‭ ‬وكذلك‭ ‬أنتج‭ ‬فيلم‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬ذاته‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭: ‬‮«‬أنشودة‭ ‬الفؤاد‮»‬‭ ‬وتلا‭ ‬ذلك‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الوردة‭ ‬البيضاء‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬محمد‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬دور‭ ‬البطولة‭ ‬فيه‭. ‬وتطورت‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬بشكل‭ ‬مهم‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬مصري‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬وهو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬وداد‮»‬‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬الذي‭ ‬أنتج‭ ‬في‭ ‬استديو‭ ‬مصر،‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬والذي‭ ‬أسس‭ ‬عام‭ ‬1935،‭ ‬وظل‭ ‬هذا‭ ‬الاستديو‭ ‬علامة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬السينمائية‭ ‬حتى‭ ‬توقف‭ ‬عند‭ ‬نشوب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

‭ ‬وقبل‭ ‬توقف‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الاستديو‭ ‬عام‭ ‬1939‭ ‬جرى‭ ‬إنتاج‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬العزيمة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أعمال‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬وقام‭ ‬بالبطولة‭ ‬فيه‭ ‬حسين‭ ‬صدقي‭. ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬انطلقت‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬مصر‭ ‬السينمائية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الجريدة‭ ‬الناطقة‮»‬‭.‬

بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬انطلقت‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وتم‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬1944‭ ‬إنتاج‭ ‬16‭ ‬فيلماً،‭ ‬ثم‭ ‬زاد‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬67‭ ‬فيلماً‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1946‭. ‬أهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬برز‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬مثل‭ ‬إبراهيم‭ ‬عمارة‭ ‬وهنري‭ ‬بركات‭ ‬وأحمد‭ ‬بدرخان‭ ‬وحسن‭ ‬الإمام‭ ‬وأحمد‭ ‬كامل‭ ‬مرسي‭ ‬وكامل‭ ‬التلمساني‭. ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بروز‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬السينما،‭ ‬ومنهم‭ ‬ليلى‭ ‬مراد‭ ‬وتحية‭ ‬كاريوكا‭ ‬وإستيفان‭ ‬روستي‭ ‬وأنور‭ ‬وجدي‭ ‬ويحيى‭ ‬شاهين‭ ‬وعماد‭ ‬حمدي‭ ‬وفاتن‭ ‬حمامة‭ ‬وماجدة‭ ‬وغيرهم‭.‬

وتمكن‭ ‬المنتجون‭ ‬السينمائيون‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬السينما‭ ‬لطرح‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بالواقع‭ ‬المصري‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬العقود‭,‬‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬المهمة‭ ‬تم‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أفلام‭ ‬سينمائية‭ ‬ذاع‭ ‬صيتها،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬إنتاج‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬الاستعراضية‭ ‬والغنائية،‭ ‬منها‭ ‬أفلام‭ ‬لفريد‭ ‬الأطرش‭ ‬وعبدالحليم‭ ‬حافظ،‭ ‬أنتجت‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مثل‭ ‬فيلمي‭ ‬لحن‭ ‬الخلود‭ ‬ولحن‭ ‬الوفاء‭. ‬

تلك‭ ‬الأفلام‭ ‬كانت‭ ‬متميــزة‭ ‬بالديكـــــور‭ ‬والاجتهاد‭ ‬في‭ ‬الألحان‭ ‬الغنـــائية‭ ‬والرقصات،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬أساسية‭ ‬لأفلام‭ ‬الاستعراض‭. ‬وخلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬أنتجت‭ ‬الأفلام،‭ ‬غالباً‭ ‬بالأبيض‭ ‬والأسود،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬غير‭ ‬موفقة‭ ‬لإنتاج‭ ‬أفلام‭ ‬بالألوان‭ ‬الطبيعية‭. ‬ولم‭ ‬تحظ‭ ‬الأفلام‭ ‬الملونة‭ ‬بنجاح‭ ‬فاعل،‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬سنوات‭ ‬السبعينيات،‭ ‬وأصبح‭ ‬بث‭ ‬التلفزيون‭ ‬ملوناً‭.‬

ومما‭ ‬يستحق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬كصناعة‭ ‬وإنتاج،‭ ‬تم‭ ‬تأميمها‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبنى‭ ‬النظام‭ ‬الناصري‭ ‬فلسفة‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬وقد‭ ‬تولت‭ ‬المؤسسة‭ ‬العامة‭ ‬للسينما‭ ‬مسؤولية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬عدد‭ ‬الأفلام‭ ‬المنتجة‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬فيلماً‭ ‬سينمائياً‭ ‬سنوياً‭... ‬أيضاً،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائية‭ ‬بلغ‭ ‬354‭ ‬عام‭ ‬1954،‭ ‬وبعد‭ ‬التأميم‭ ‬تراجع‭ ‬إلى‭ ‬255‭ ‬داراً‭ ‬عام‭ ‬1966‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬شيوع‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوجيه‭ ‬لكي‭ ‬تتناول‭ ‬الأفلام‭ ‬الروائية‭ ‬موضوعات‭ ‬محددة‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬الفلسفة‭ ‬الاشتراكية‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬مثل‭ ‬قضايا‭ ‬الفقر‭ ‬وأهمية‭ ‬قيم‭ ‬العمل‭ ‬وتأكيد‭ ‬إدانة‭ ‬الانتهازية‭ ‬والفساد،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬موضوعات‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الارتباط‭ ‬بالأرض‭ ‬وتعزز‭ ‬قيم‭ ‬المقاومة‭ ‬الوطنية‭.‬

ورغــــم‭ ‬الـــتأثيرات‭ ‬غير‭ ‬المواتية‭ ‬لعملــــية‭ ‬تأميم‭ ‬السينما،‭ ‬فإن‭ ‬مصر‭ ‬ظلت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬أفلام‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحبكة‭ ‬الدرامية‭ ‬والأداء‭ ‬التمثيلي‭ ‬والإخراج‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬التدهـــــور‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬عندما‭ ‬جرت‭ ‬محاولات‭ ‬لإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬للإنتاج‭ ‬الخاص،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬أتــــى‭ ‬مشوهاً‭. ‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الســينما‭ ‬المصرية‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬أمجاد‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬معظم‭ ‬الأفلام‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬اللائق‭ ‬بتاريخها‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬والممثلين‭ ‬والممثلات‭ ‬الذين‭ ‬برزوا‭ ‬منذ‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مثل‭: ‬محمود‭ ‬ياسين‭ ‬ونور‭ ‬الشريف‭ ‬وأحمد‭ ‬زكي‭ ‬وعادل‭ ‬إمام‭ ‬ويسرا‭ ‬وليلى‭ ‬علوي‭ ‬وإلهام‭ ‬شاهين،‭ ‬كما‭ ‬برز‭ ‬مخرجون‭ ‬مثل‭ ‬رأفت‭ ‬الميهي‭ ‬وعاطف‭ ‬الطيب‭ ‬وخيري‭ ‬بشارة‭ ‬ومحمد‭ ‬خان‭. ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬أفلام‭ ‬المقاولات‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬أفلام‭ ‬كانت‭ ‬تنتج‭ ‬بميزانيات‭ ‬متواضعة‭ ‬ولكن‭ ‬بمستوى‭ ‬فني‭ ‬رديء،‭ ‬ووصلت‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬إلى‭ ‬86‭ ‬فيلماً‭ ‬عام‭ ‬1986‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬أخذت‭ ‬السينما‭ ‬تواجه‭ ‬معضلات‭ ‬الطلب‭ ‬والتكاليف‭ ‬وارتفاع‭ ‬أجور‭ ‬الممثلين،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخـــــفاض‭ ‬الإنتاج‭ ‬بعــــد‭ ‬أن‭ ‬تــراجع‭ ‬الطلب‭ ‬عليــــها‭ ‬في‭ ‬بلـــدان‭ ‬الخليج،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬سوق‭ ‬مهم‭ ‬لعرض‭ ‬لتلك‭ ‬الأفلام‭ ‬المنخفضة‭ ‬القيمة‭ ‬والنوعية‭.‬

وقد‭ ‬أوجدت‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬الـــواقع‭ ‬السينمائي‭ ‬الراهن‭. ‬نُشر‭ ‬تقرير‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬ليؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭. ‬ويذكر‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬في‭ ‬2014‭ ‬بلغت‭ ‬23‭ ‬فيلماً،‭ ‬منخفضاً‭ ‬عن‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬28‭ ‬فيلماً‭. ‬وقد‭ ‬تراوحت‭ ‬حصيلة‭ ‬شباك‭ ‬التذاكر‭ ‬لأفلام‭ ‬2014‭ ‬بين‭ ‬107‭ ‬آلاف‭ ‬جنيه‭ ‬و33‭ ‬مليون‭ ‬جنيه،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الإيرادات‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬نجاحاً‭ ‬تجارياً‭ ‬عند‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬التكاليف‭ ‬الباهظة‭ ‬التي‭ ‬يتكبدها‭ ‬المنتجون‭. ‬ويتعين‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬بدائل‭ ‬للإنتاج‭ ‬لمواجهة‭ ‬تلك‭ ‬التكاليف،‭ ‬وكذلك‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬الملائم‭ ‬لتسويق‭ ‬الأفلام‭ ‬وتحسين‭ ‬إمكانات‭ ‬العرض‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬وفي‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬كذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬المهرجانات‭ ‬السينمائية‭ ‬للترويج‭ ‬للأعمال‭ ‬السينمائية‭ ‬المصرية‭. ‬

غني‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنتشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آليات‭ ‬العرض‭ ‬الجديدة‭ ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬التقليدية،‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إصدار‭ ‬الأقراص‭ ‬المدمجة‭ ‬CDS،‭ ‬والنشر‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الإنترنت‭ ‬مقابل‭ ‬مبلغ‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أدوات‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الارتقاء‭ ‬بنوعية‭ ‬الأفلام‭ ‬وتحسين‭ ‬أدوات‭ ‬الإخراج‭ ‬وتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬التصويرية‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬وأداء‭ ‬الممثلين‭. ‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬مصر‭ ‬قد‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬مسلسلات‭ ‬مهمة‭ ‬وبإمكانات‭ ‬فنية‭ ‬رفيعة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الأفلام‭ ‬بشكل‭ ‬مؤثر‭. ‬ويلاحظ‭ ‬خلال‭ ‬موسم‭ ‬2015،‭ ‬أن‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬قد‭ ‬أنتج‭ ‬بتكاليف‭ ‬محدودة،‭ ‬حيث‭ ‬توقع‭ ‬الموزعون‭ ‬ضعف‭ ‬الإقبال،‭ ‬نظراً‭ ‬لعوامل‭ ‬الامتحانات‭ ‬المدرسية‭ ‬والجامعية‭ ‬وحلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬أواسط‭ ‬يونيو‭... ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬إيراد‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬مصري‭. ‬mهناك‭ ‬أفلام‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬جيدة‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬مثل‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬كابتن‭ ‬مصر‮»‬‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬محمد‭ ‬إمام،‭ ‬حيث‭ ‬حقق‭ ‬إيرادات‭ ‬قدرها‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬العرض‭. ‬أيضاً،‭ ‬حقق‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬زنقة‭ ‬الستات‮»‬‭ ‬17‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭. ‬أنتجت‭ ‬أفلام‭ ‬متنوعة‭ ‬الموضوعات‭ ‬والقضايا‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الموسم،‭ ‬بعضها‭ ‬بلغت‭ ‬تكاليفه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬جنيه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إيراداتها‭ ‬كانت‭ ‬دون‭ ‬المليون‭ ‬جنيه‭... ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يراجع‭ ‬المنتجون‭ ‬والمخرجون‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج‭ ‬وعمليات‭ ‬التوزيع‭ ‬وقضايا‭ ‬الأفلام‭ ‬لكي‭ ‬يمكن‭ ‬لأفلامهم‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬بالجدوى‭ ‬وتؤدي‭ ‬العائد‭ ‬الملائم‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭ ‬على‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭.‬

ويظل‭ ‬الأمل‭ ‬قائماً‭ ‬لإمكانات‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬رغم‭ ‬المصاعب‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬اقتصادية‭ ‬صعبة‭. ‬وفي‭ ‬مصر‭ ‬قضايا‭ ‬اجتماعية‭ ‬وحياتية‭ ‬مهمة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تطرح‭ ‬سينمائياً‭ ‬وباقتدار،‭ ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تطرَّقت‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬المصري‭ ‬المعاصر،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬أفلام‭ ‬سينمائية،‭ ‬مثلما‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬روايات‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وإحسان‭ ‬عبدالقدوس‭ ‬وإبراهيم‭ ‬غراب‭ ‬وفتحي‭ ‬غانم‭ ‬وطه‭ ‬حسين‭ ‬ويوسف‭ ‬إدريس،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬بداية‭ ‬ونهاية‮»‬‭ ‬و«اللص‭ ‬والكلاب‮»‬‭ ‬و«ميرامار‮»‬‭ ‬و«في‭ ‬بيتنا‭ ‬رجل‮»‬‭ ‬و«الحرام‮»‬‭ ‬و«دعاء‭ ‬الكروان‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬أدبية‭ ‬خالدة‭. ‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصري‭ ‬يمر‭ ‬بمصاعب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬وهناك‭ ‬آمال‭ ‬بتمكن‭ ‬الإدارة‭ ‬المصرية‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المصاعــب،‭ ‬فمن‭ ‬المأمول‭ ‬أن‭ ‬تعالج‭ ‬مصاعب‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬وتذلل‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬تواجهــــها‭. ‬وبتقديري‭ ‬هناك‭ ‬إمكانات‭ ‬لتأسيس‭ ‬شركات‭ ‬إنتاج‭ ‬مصرية‭ ‬وخليجية‭ ‬تتولى‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج‭ ‬على‭ ‬أُسس‭ ‬اقتصادية‭ ‬مناسبة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬ويمكن‭ ‬لصناع‭ ‬السينما‭ ‬المصريين‭ ‬أن‭ ‬يتولوا‭ ‬إقناع‭ ‬أطراف‭ ‬خليجية‭ ‬أساسية‭ ‬بولوج‭ ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬الحيوي‭ ‬