بول ريكور في الفكر الفلسفي العربي.. قراءة ببلوغرافية

بول ريكور في الفكر الفلسفي العربي.. قراءة ببلوغرافية

من‭ ‬الصعب‭ ‬جداً‭ ‬ومن‭ ‬الظلم‭ ‬حصر‭ ‬كل‭ ‬الأعمال‭ ‬البحثية‭ ‬المكتوبة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬والمترجمة‭ ‬لأعمال‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الفرنسي‭ ‬المعاصر‭ ‬بول‭ ‬ريكور‭ ‬Paul Ricoeur‭ (‬1913-2005م‭) ‬في‭ ‬مقال‭ ‬واحد‭.‬

‭ ‬ولكن‭ ‬استقصاء‭ ‬ما‭ ‬أشير‭ ‬لهذا‭ ‬الفيلسوف‭ ‬بلغتنا‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬اهتمت‭ ‬بفلسفته‭ ‬ترجمةً‭ ‬وبحثاً‭ ‬ودراسةً‭ ‬في‭ ‬مقالنا‭ ‬هذا،‭ ‬قد‭ ‬يختزل‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬التي‭ ‬اكتسحت‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬راهناً‭. ‬

ومن الواجب ذكره هنا قبل الحديث عن نقل نصوص بول ريكور إلى العربية، أن هذا الفيلسوف قد زار تونس عام 2002م، أي قبل وفاته بثلاثة أعوام، من أجل تكريمه في بيت الحكمة التونسي، ولم يمنعه كبر سنه من المشاركة وقبول دعوة الأكاديمية التونسية للعلوم والآداب والفنون وهو في سن التسعين. وهناك - أي في تونس - التقى بتلميذه القديم اللبناني جورج زيناتي الذي كتب على يد ريكور أطروحته عندما كان طالباً في الدكتوراه بباريس عام 1960م.

إنَّ أولى المحاولات لنقل نصوص هذا الفيلسوف إلى العربية تصعد إلى عام 2002م، ففي هذا العام صدرت ترجمة عربية بقلم المترجم العراقي فلاح رحيم لكتاب ريكور «محاضرات في الأيديولوجية واليوتوبيا»، وذلك عن دار الكتاب الجديد في بيروت،  وفي عام 2003، صدرت ترجمتان عربيتان عن المركز الثقافي العربي في بيروت لنصي بول ريكور الفلسفيين، الأول، تحت عنوان:  «نظرية التأويل - الخطاب وفائض المعنى، 1973»، قام بها المترجم العراقي سعيد الغانمي، والثاني، تحت عنوان «فلسفة الإرادة - الإنسان الخطاء، 1950»، قام بها المترجم اللبناني عدنان نجيب الدين. وفي العام ذاته صدرت في دمشق ترجمة عربية لكتاب ريكور «في التفسير، محاولة في فرويد»، قام بها المترجم السوري وجيه أسعد.  

وبعد هذا التاريخ، انطلقت النقول العربية لنصوص هذا الفيلسوف بقوة، فبرز من بين هؤلاء العرب، المهتمين بفلسفة بول ريكور، المتفلسف اللبناني د.جورج زيناتي، إذ أسهم زيناتي في تقديم الفيلسوف ريكور إلى المثقفين العرب من خلال ترجمته الرائعة لكتاب «الذات عينها كآخر، 1990» مع كتابة مقدمة رائعة عن الكاتب والكتاب، وصدرت هذه الترجمة عن المنظمة العربية للترجمة في بيروت عام 2005. وفي العام ذاته صدرت عن دار الكتاب الجديد في بيروت ترجمة كتاب ريكور «صراع التأويلات... دراسات هيرمينوطيقية»، بقلم منذر عياشي، ومراجعة جورج زيناتي، الذي أعدّه حوارياً عربياً بامتياز، وخير رفيق لبول ريكور، شأنه شأن ابن رشد مع أرسطو.

ونظراً لما يحتله هذا الفيلسوف من مكانة بين الدارسين المتفلسفين العرب المعاصرين وغيرهم من المثقفين، نجد أن التوجُّه بالكلية لنقل مؤلفاته الأخرى إلى العربية كان قائماً على قدم وساق، إذ تم نقل كتاب موسوعة ريكور «الزمان والسرد بتفرعات عناوينها الثلاثة بين الحبكة والسرد التاريخي، والتصوير في السرد القصصي، والزمان المرويّ، 1983» إلى العربية، حيث تناوب عليه المترجمان والناقدان العراقيان سعيد الغانمي وفلاح رحيم، فقام الغانمي بترجمة الجزأين الأول والثالث، في حين اكتفى فلاح رحيم بترجمة الجزء الثاني منه. والأجزاء الثلاثة نظر فيها مراجعاً د.جورج زيناتي. كما أسهم زيناتي بدوره مرة أخرى حين تصدى لنقل كتاب ريكور «الذاكرة والتاريخ والنسيان» 2000م إلى العربية، مصدراً إياه عن دار الكتاب الجديد في بيروت عام 2009.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وجدنا محاولات جادة في الإسهام في نقل نصوص أخرى لبول ريكور إلى العربية، جاءت هذه المرة في تونس، إذ قام المركز الوطني للترجمة فيها بنقل أكثر من نص فلسفي لهذا الفيلسوف، فكان أول هذه النقول العربية كتاب «سيرة الاعتراف»، وهي عبارة عن ثلاث دراسات لريكور قام بنقلها فتحي إنقزو، وصدرت عن دار سيناتورا عام 2010م، ليتلوه بعد ذلك نقل محمد محجوب  لكتابي ريكور «مقالات ومحاضرات في التأويلية»، و«الوجود والماهية والجوهر لدى أفلاطون وأرسطو»، وهو مجموعة محاضرات ألقاها عام 1953 - 1954 في جامعة شتراسبورج، فرنسا، إذ اشترك مع محجوب في نقل الكتاب الأخير كل من فتحي إنقزو وحبيب الجربي ومحمد بن ساسي، وصدر عام 2012م عن دار سيناتورا.  

ولكن، وبنظرة سريعة على سنة الإصدارات لمجموعة الأعمال المترجمة، نجد أن معظمها جاء بعد وفاة بول ريكور، وهذا تأكيد على أننا ما زلنا في طور نقل الفلسفة الحديثة والمعاصرة بأشكالها المختلفة، وأنساقها المتعددة، وتوجهاتها المتناقضة إلى مجتمعاتنا، كما جاء في وصف أستاذ الفلسفة في جامعة تونس فتحي التريكي، وهو يتحدث عن اللحظة التونسية في فلسفة ميشيل فوكو، في ندوة الفلسفة في الوطن العربي في مائة عام، الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية عام 2002، وإن كان فتحي التريكي لم يُشر للمنجز الفلسفي عند بول ريكور، بل اكتفى بالتنويه والإشادة بالفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو حصراًً.

وبعد صدور نقول عربية لمؤلفات بول ريكور الفلسفية، وجدنا في السنوات الأخيرة - أي بعد وفاة هذا الفيلسوف - أن الإقبال زاد عليها عند القراء العرب، ومن ثم الكتابة فيها والتأليف، وهنا نجد أعمالاً فردية وجماعية أسهمت في التنويه والإشادة والتحليل بقيمة منجز هذا الفيلسوف المعاصر.

 

بصمة‭ ‬عربية‭ ‬مغربية

وهنا نجد بصمة عربية مغربية بامتياز قام بها
د. عبدالله البريمي في تصديه لمهمة الكتابة عن الفيلسوف بول ريكور، ضمن مشروع أصدرته «منشورات ضفاف» بالتعاون بين الرابطة العربية الأكاديمية للفلسفة في بيروت عام 2013، تحت عنوان: «الفلسفة الغربية المعاصرة في جزأين». احتل بحث البريمي الصفحات من 1253-1292 من الجزء الثاني. إذ وقف د. عبدالله البريمي متسائلاً:  عن أيّ ريكور نتحدث؟ هل نتحدث عن ريكور هيرمينوطيقا الرموز، أم عن ريكور الذي استثمر وطوّر أفكاره في قراءاته الفاحصة والعميقة لكلّ من فرويد والبنيوية، أم عن ريكور صاحب نظرية الاستعارة والحكاية والهوية بوصفها نمط علاقة مع الذات التي تفترض آخرها؟

وبإمكان القارئ الحصيف أن يجد أجوبة عن تساؤلات البريمي هذه في متن بحثه المنوه عنه أعلاه.

في حين يصرح تلميذه القديم اللبناني د.جورج زيناتي: الآن وبعد وفاة فيلسوفنا في العشرين من شهر مايو 2005م، وقد هدأت الأهواء من حوله، نستطيع أن نتبيّن أننا فقدنا واحداً من أهم فلاسفة القرن العشرين، وأن موقعه داخل الفلسفة الفرنسية في القرن المنصرم هو إلى جانب كبارها:  برجسون وسارتر وميرلوبونتي. ففلسفة ريكور كما يراها د.جورج زيناتي جاءت حصيلة لتأثره أولا بالفينومينولوجيا الهوسرلية (نسبة للفيلسوف الألماني هوسرل)، وشعار إلى الأشياء ذاتها، التي كانت منهجيته في أطروحته للدكتوراه، وكذلك نجد حضور منهجية سارتر وميرلوبونتي في فلسفته بارزاً، وقد وصفها: زيناتي بالانفتاح على فلسفة الآخر، وبذلك دخل ريكور ميادين غير الفلسفة، منها في حقل اللسانيات والنقد الأدبي، إذ نجد في مجموعة الزمان والسرد مراجعات من ريكور لمجموعة أعمال روائية.

يقول د.زيناتي في مقدمة كتاب ريكور «الذات عينها كآخر» في محاولة للتعمق أكثر في نتاج بول ريكور المعرفي: «هناك كتاب الإرادي واللاإرادي نوع من الديالكتيك بين الحرية والطبيعة، ورغم أن قضية الإرادة هي قضية نفسية محضة، فإن ريكور أرادها أن تكون نقطة انطلاق من أجل إقامة أنثروبولوجيا فلسفية متكاملة، تتفحص الإنسان في إنجاز مشاريعه، من دون الكلام عن سقوطه في عمل الشر، ثم عن انتصاره الأخير، وعودته إلى نوع من البراءة الثانية تعانق البراءة الأولى التي كانت لآدم في الفردوس».

وعن علاقة الفيلسوف ريكور بعالم النفس الشهير سيجموند فرويد، يتساءل د.زيناتي في مقدمته لكتاب «الذات عينها كآخر»: مع أي فرويد سيتعامل إذن ريكور؟ ولماذا؟

وهنا يجيب د.زيناتي: فرويد الذي سيتعامل معه ريكور هو سيد الريبة الذي يشك في وعي الإنسان لذاته ولحريته، فيسير على خطى ماركس ونيتشه، اللذين سبقاه إلى هذا الشك المدمر للاقتناعات السابقة.   

ويرى العربي ميلود أن فلسفة ريكور مزاوجة بين الفينومينولوجيا والهيرمينوطيقيا، وأن لحظة الكوجيتو كانت لحظة راديكالية، وإن وصلت إليه مجروحة بسبب مطرقة نيتشه المناوئ الأكبر لديكارت، فباتت الغيرية تمثل حركة التاريخ، وأن مستقبل الذات داخل هذا العالم منوط بترتيب مسبق يرزح تحت العلاقات التي تتحدد داخل نسق الغيرية. جاء ذلك كله في مقاله الذي اشترك فيه ضمن كتاب جماعي عن بول ريكور والفلسفة، الذي أشرف على تنسيقه وتحريره نابي بوعلي، وصدر في بيروت عام 2014م، عن «منشورات ضفاف»، إذ اعترف محرر الكتاب نابي بوعلي بأن كتابه هذا عن ريكور لا يدعي الإلمام بكل جوانب فلسفة هذا الفيلسوف المتشعبة، وإنما سيتركنا مع المزيد من الأسئلة وعلامات الاستفهام المحيّرة التي تفرزها أوضاع الثقافة الإنسانية من جهة، ومع فضاء القراءات الممكنة التي تنفتح عليها كتابات بول ريكور الثرية والمتنوعة من جهة ثانية.

 

أربع‭ ‬محطات‭ ‬فلسفية

ميّزت الباحثة جنات بلخن في كتابها الصادر عن «منشورات ضفاف» 2014م، المعنون بـ«السرد التاريخي عند بول ريكور»، بين أربع لحظات في مسيرته الفلسفية، هي: لحظة الرمز، لحظة النص، لحظة الفعل، وأخيراً لحظة السرد.

ومن الطريف أن يكون وصف فتحي إنقزو لعمل سيرة الاعتراف لريكور وهو يقوم بنقله إلى العربية، أنه آخر ما نشر الفيلسوف من مؤلفات، إذ اجتمع فيه أقصى الفكر وغاية الإمكان، وهذا التوصيف لريكور فيه مقاربة مع وصف د.زيناتي لعمل ريكور «الذات عينها كآخر»، وإن هذا الكتاب كان التتويج لكل فلسفة ريكور، وفقاً لجورج زيناتي، وفي رأينا أن ما بين المترجمَين زيناتي وإنقزو إشكالية للقارئ قابلة للإزالة متى ما توسع أكثر في البحث عن مصادر المعرفة.

ومما هو جدير بالذكر، أنه يبرز على الصعيد الفكري لبول ريكور اسم ريمون قسيس، ذلك التلميذ النجيب لهذا الفيلسوف والعالم الممتاز بجميع مؤلفات هوسرل، وتمكن العودة إلى كتاب التاريخ، الذاكرة، النسيان، وبالتحديد في عام 1991، بالترجمة العربية الصادرة عن دار الكتاب الجديد في بيروت، لمعرفة المزيد عن ريمون قسيس، وكيف وصل به الأمر لأن يصحح لريكور نفسه ما وقع فيه من خطأ.

ومع ذلك كله، الذي قيل عن بول ريكور من قبل باحثين عرب انشغلوا واهتموا بفلسفته نقلاً وتقديماً وبحثاً ودراسة، أجد نفسي منصاعاً إلى القول بشكل عام عن اشتغالات الفيلسوف (أي فيلسوف): إن الفيلسوف هو وحده من يُنظر إلى نصه الإبداعي، فضلاً عن المكان الذي عاش فيه والزمان، إذ تقف هذه جميعها في الصف نفسه، ولا يجوز هذا الإسقاط على غيرهم من مفكرين أو أدباء أو حتى مثقفين، وذلك بعدِّ الفيلسوف هو وحده من يملك القدرة على صناعة الأفكار وإبداعها.

 

سيرة‭ ‬مأساوية‭ ‬وفيلسوف‭ ‬إشكالي

إنَّ مقالي هذا يعدُّ مُدخلاً للنظر في سيرة الفيلسوف بول ريكور ومكانته، لربما يسهم في فتح الباب على مصراعيه لمن أراد المزيد من البحث والدرس في فلسفة هذا الفيلسوف الإشكالي وأطروحاته الفلسفية العميقة، إذ تتكشف بدءاً حقيقة المأساة العميقة التي عاشها هذا الفيلسوف منذ لحظة ولادته وحتى مراحل متأخرة من عمره، إذ عاش ريكور اليتم المزدوج مبكراً، وليفقد شقيقته الوحيدة في ريعان شبابها، فضلاً عن استدعائه للحرب ضابطاً في صف الاحتياط، ليقع أسيراً في قبضة النازيين عام 1939، بالإضافة إلى ذلك كله معاناته الفكرية بسبب تغلغل الأحادية الثقافية لليسار الأيديولوجي في الجسد الثقافي الفرنسي، لتكون نتيجة هذا التغلغل اليساري الحتمية هي انعزال فكري اجتماعي، وما حدث جراء ذلك كله، تجاوز تجربة العزل الفكري إلى الضرر المادي مع ثورة الطلبة الماويين، التي كانت محطة ينتقل فيها الفيلسوف بول ريكور من فرنسا إلى أمريكا من اليسار الأيديولوجي إلى المدرسة التحليلية التي كانت موضة العصر الفكري في أمريكا. ولم تتوقف المعاناة عند هذا الفيلسوف حتى توجت في عام 1986 بواقعة انتحار ابنه أوليفي. ومع هذه السلسلة من الأحداث، يتساءل المتتبع لخيوط بول ريكور الفلسفية: هل لها انعكاس تاريخي على مشروعه الفلسفي؟

وفي هذا الصدد، يقول ريكور عن نفسه مجيباً عن تساؤلنا أعلاه، ما نصه: «بإمكاني أن أسهم بجهودي المتواضعة، ليس في محو بعض فظائع زماننا، وإنما على الأقل في كشف الجلادين». و«عندما يتعلق الفعل بعمل يتطلب الأمر مساحة أوسع من الجهد والوقت لتعزيز المعرفة التراكمية بعمل ذاتي، إن كانت صواباً فهي في رغبة صادقة، وإن كانت خاطئة فهي إلى الحاجة أقرب، فالحاجة شيء يتعلق بالألم، ومن كان هذا طريقه فهو في المسار لأن تستفزه الحياة أكثر مما هي عليه»، وهنا نستحضر بشأن معنى الحاجة مقولة باشلار عن الفيلسوف العربي المسلم الفارابي في كتاب «الطوبيا والطوباويون» لتييري باكو، ما نصه: «الإنسان كائن تحكمه الرغبة وليست الحاجة». والحاجة على وفق تعريف الفيلسوف المصري المعاصر مراد وهبة، في معجمه الفلسفي الصادر عن دار قباء، هي: «ما يفتقر إليه الإنسان، وفسيولوجياً هي حال الكائن تجاه ما هو ضروري لوجوده، أو لتحقيق غاية من غاياته، داخلية كانت أو خارجية، شعورية أو
لا شعورية،  ويصحب الشعور بالحاجة ألم وبحث عن وسائل تحقيقها».

وختاماً نقول: «إنَّ فلسفة ريكور - كما نرى بتواضع - رغبة حقيقية منه للعمل الجاد، لا حاجة لملء الفراغ الأكاديمي، ففي النسق الفلسفي الريكوري - نسبة لريكور- عمق فينومينولوجي ووجودي وتأملي، ومساحات من التحليل النفسي، وحضور للفلسفات البنيوية والتحليلية والأنثربولوجيا، ومشاكسات لكبار الفلاسفة، أفلاطون وأرسطو، وأوغسطين، وسبينوزا، وهيجل، وماركس، ونيتشه، وهوسرل، وهيدجر، وفرويد ، هذا النتاج المهول لن يتحقق إلا برغبة جادة لتحقيق شيء ما ينهم به الفيلسوف رغبة منه للمشاركة الفاعلة في الوسط الفكري والأخلاقي القيمي والاجتماعي والسياسي في عصره وأوانه. 

وهذه دعوة منا إلى القارئ العربي، أن يتفحص بعمق قارئاً وناقداً فلسفة بول ريكور والغوص فيها أكثر. فالعقل العربي يُفترض به أن يكون مشغولاً بالهم المعرفي، وأن ينظر في العقل والطرائق وما هو العلم، ولا ينشغل بهموم الأيديولوجية ومشكلاتها العديدة، لما كيف أن نكون.

 وفي الختام، لابد من الإشارة إلى أن لهذا الفيلسوف مواقف إيجابية من العرب ومشكلاتهم السياسية والاجتماعية، ومنها موقفه المعارض للحرب الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، ومعارضته لمنع الحجاب في المدارس العمومية الفرنسية، وتأييده لقضايا المهاجرين .