أمطري حيثُ شئْـتِ
طال دربي... والرِّيحُ فيــه عويــلُ
أطريق العـــشَّــــاق دوماً يطــولُ؟
تنقضي دونــنا الــــــــــدُّهـــــــــــــــــورُ وإنّــي
حَــزَنٌ دائـمٌ وقـــلْـــــبٌ عليــلُ
(كلـــــّمـــــا رحّـــــــــــبتْ بنـا الرَّوْضُ قلــنا:
حَـلـبٌ قصْــــدُنا)... فكــيف السّــبيـــلُ؟
وبحاري عـــــميقــةٌ، وسـفينــي
تــــاه رُبّـــانـــــــــهــــا، وزادي قـــــلـــيـــــــــــــــلُ
ارحْلي حيْث شــــئْت غيمــةَ عشْـــقٍ
كلما شـاق خافقيــــكِ الرَّحـيلُ
أمـــــــطري حيث شئْـــتِ إنَّ فــؤادي
لكِ حـــقْلٌ، إذا تــنــاءت حـــقولُ
واسلُـــكي ما يــؤودني مـن شــــعابٍ
فأنا حـــيثُ ملْـــتِ أنــــتِ أمــيـــلُ
واحمـلي يا شهبــاءُ أحْـلامَ روحي
نحن أبراجُــــك الـتي لا تزولُ
كلُّ بُـــرْجٍ من الحجــارة والـطّين
وبـرجـاكِ عـــــزَّةٌ لا تـــحُولُ
ضَـــمِّخيني منْ شعْــــر أحْـــمَــدَ يشْـــدُو
فيغنِّيـــــــــــــه الـــــصَّــيْــقَــلُ الــمسْــلــــولُ
وابــعـــثي من بهاءِ خولـــةَ ذِكْــــــــــــــــرًا
عــــــــــربـــــيــاً مــــــــرَّتْ علـــيه الـــفصــولُ
أمْــطِــري يا شَــــــــــــآمُ لؤلؤكِ الرَّطْـبَ
فــأنـــــــــــتِ العــذراءُ... أنــتِ البتولُ
فـأنا ما أزال مـــن ألْــفِ عــامٍ
حـــلبيّ الــهــــوى... وقـلبي القـــــــتيلُ
لم تـــزدْني السّــــــــنـــونُ إلا مضــــــــــاءً
ولقد يَــحْـــمَــــدُ الســنـــينَ الصَّـقِـــيلُ
اغْضَبي!! اغْضَبي، أرى الغــضَبَ المــُــرّ
شفـاءً لما أتاه الجـــــهولُ
وامسحي عنـك الحُـــزْنَ، تفـديكِ مــــنَّا
أنفــــــسٌ ترفـُـــــــــض الـــخــنــا وعــــــقولُ
وإذا مــــــــــــــــــا أراد ربُّـــــــــــــــــك أمْـــــــــــــرًا
فاللّــــيالي لِـمَا يريـــدُ رسـولُ
قـــلْــــعةَ المجـْــد مــــــــــــــا أزال أراهـــــا
دون أســـوارها تَـــــهـــاوى المـــغُــــــولُ
غير أني أبصرتُ خَــــــوْلـــــةَ في الفَـجْـــــــ
ــــــــــرِ عــــــــلــــــــى النأيِ تشـــتكي وتقـولُ:
آهِ، إنّــــــي أســــــيرةُ الـــــــــحُـــــزْنِ والدّمْـ
ـــــــعُ ولـــيــْــلــي مـــــــــــن الهمــوم ثقيـــلُ
وأحبـــَّـــايَ أُحْصِروا في المــنافــــي
والفـــيافي بـــــيوتُها والمــقيلُ
تلك أمّــــــي مـــــــرّت علـــــيها الليـالي
وعلـــيها من وقْــعهـــنَّ ذبــولُ
هيــه يا شهْــــباء المدائنِ، قد كــان
لـــــــــــــنـا فــيـــــــــــــــكِ مــــرْتــعٌ ونــــخـــيلُ
وســــواقٍ مـــيـاهُــــــــــــــــــهُـــنّ فـــــــــــــــــراتٌ
ورواب نشـــــــــــــــــــيــــــدهـــــنّ صـــــهـــيــلُ
وبســـاتينُ زانها سَـــمَــرٌ يهْـــدي
الحـــيارى وأعْــــيــنٌ وسُـــهُـــولُ
وجــــــــوارٍ كــــــــــأنــــــــــــــــهـــنَّ شــــــمــــــوسٌ
طـــيبهنّ الحَــياء لا الزنْــجـــبيلُ
أطرقــــتْ واللسانُ جلّلهُ الصَّمْـــتُ
وفي الـــرُّوحِ صـــرخــةٌ وعويلُ
(في فمي ماءٌ) قـال صاحبُ منْـــــفى
ولــقــــد شــــــاق خــــافــــــــــقــيَّ القـفــــولُ
طال حـزْنــي وطال فيكِ انتظــاري
واصـطباري كأنَّ وعْــدي طــــلُــول
أمطري لؤلــؤاً جــــــبــــــال سَــــــرَنْــدِيــبَ
وفيضي تبْــراً... فحـــســـبي القلــــيلُ
أنا لا أبْتـــغي سـواها مـــلاذًا
فــأَطـــلْ في ملامــتي يا عـــذول
وبحـسْــبي إنْ قـــيــــلَ: مَــــنْ شُــــــــــهَداءُ
الــحـُـــبِّ فــيها؟ يــقال هذا الـقتيلُ .