ما قــاله الحـمَّال
مَنْ يحملُ هَمِّي الآنَ..
سِوَايْ!
ظَهْرِي مَفْقُودٌ
منذ عُقودْ
وعمودِي الفِقَرِيُّ..
تَخَطَّى مرحلةَ الوَصْفِ..
فكيف يُقالُ عمودْ؟!
بل هو كالعُودِ المائلِ
من كثرة أحمالي..
فكأني أبحثُ في أعماق الأرضْ
عن آمالي
ومآلي
قد كنتُ مع الحمَّالِينَ..
وفي صُحبتِهِمْ
فرأيتُ على أكتافِ الأصحابِ
حمولاً..
فتألَّمتُ وقررتُ بأن أبقى معهم
أنْ أحمل عنهم أجولةً..
وصناديقْ
لم أتوَرَّع..
أن أحملَ أثقالاً
عن أيِّ صديقْ
أعرفُ ساعتَها أني
كنتُ أرُصُّ حمولَ البشريَّةِ..
فوق العرباتِ..
فكنتُ أخففُ عن أعناقِ الحمَّالينَ..
لأُكْتَبَ عند اللهْ
حَمَّالاً للأوزارِ..
وحَمَّالاً للآثامِ..
وحمالاً للأثقالِ الزائدة على
أعناقِ الحمالينَ..
وأعناقِ الناسْ
شَجَّعَني الحمَّالونَ..
وشجَّعَني الناسُ..
وظلُّوا ينتظرون مجيئي..
حتى صرتُ الحمَّالَ الأكبرْ
أمَّا الآنَ..
فبعدَ مُرورِ السنواتِ على بحثي
عن ظهري المفقودْ
يأتي الناسُ..
يمُرُّونَ علَيّْ
وأنا حاملُ كلِّ الأثقالِ
على كتِفَيّْ
لا يعترفونَ بأنِّي
كنتُ الحمَّالَ الأكبرْ
لا يحترمون وقوفي مَحنيًّا..
مفقودَ الظهرِ..
ومفقودَ العُمْرِ..
ولا أقدِرُ أنْ
أحملَ أثقالي
هلْ يُنكِرُني الناسُ..
إلى هذا الحدّ
هل ذنبي أنِّي أهلكتُ شبابي
من أجلِ حمول البشريةْ؟
هل ذنبي
أني الآن بلا ظهرْ
هل ذنبي
أنْ يعلُوني القهرْ
لا أقدرُ أن أحملَ أثقالي؟!
لكنِّي أسألُهُمْ:
لو عادَ الظَّهْرُ إلَيّْ
وحملتُ حمولَ الناسِ
على كَتِفَيّْ
هل يعرفُني الناسُ..
ويأتونَ إلَيّْ
ويقولون وأعينُهُمْ في عَيْنَيّْ:
هذا الحمَّالُ الأكبرْ؟!