حضور اللغة العربية في الهند

حضور اللغة العربية في الهند

بعد ظهور الإسلام في جزيرة العرب، اتسع الفتح الإسلامي بدخول القائد العربي محمد بن القاسم إلى شمال الهند الغربي في نحو 91هـ الموافق 711م، وأصبحت اللغة العربية وآدابها منتشرة في أنحاء الهند، وكان رجال العرب المتشبعون بدعوة الإسلام، وكذلك الهنود الذين اعتنقوا الدين الإسلامي، يبذلون قصارى جهودهم في سبيل نشر اللغة العربية وآدابها في أنحاء البلاد، باعتبار كونها لغة القرآن الكريم والدين الجديد(18)، وعلى جانب آخر انتشرت اللغة العربية على نطاق واسع بين سكان هذه البلاد بانتشار الإسلام، حيث تروي كتب التاريخ أن الهنود الذين أسلموا في أقاليم السند كانوا يتحدثون إلى العرب بلغتهم وكانوا يرتدون زيهم. ولا شك أن العصر العربي في السند كان بمنزلة الفجر الأول الذي يؤذن بصبح مشرق، ويتجلى ذلك بوضوح من كلام «المقدسي» الذي زار السند بعد انتهاء العصر العربي هناك، حيث يقول عن سكان مدينة الديبل: «كلهم تجار، كلامهم سندي عربي»، وكذلك بشهادة الاصطخري (340 هـ) الذي يقول: «ولسان أهل المنصورة والملتان ونواحيها العربي والسندي» (19)، وبشهادة المسعودي والاصطخري وابن حوقل: «اللغة العربية تفهم في أسواق المنصورة والملتان» (20).

كما يؤكد الأستاذ زبيد أحمد أنه قد انتشرت اللغة العربية في المنصورة والملتان وغيرهما من المدن السندية لأجل دخولها تحت سيادة الحكم العربي ومساعدة العرب الذين استوطنوها وممن دخل الإسلام من أهالي السند بعدد كبير(21).

وجود العربية في الهند 
في العهد العربي 92 - 387هـ
يشهد التاريخ أن أول منطقة دخلها العرب عبر طريق البر هي المنطقة الغربية، ما يسمى في زمننا المعاصر بكراشي وملتان وغيرهما، بغزو المجاهد الشاب محمد بن قاسم الثقفي البالغ من العمر 17 عاماً، وذلك بتوجيه من الحجاج بن يوسف واستقر بها، وبتعامله الحسن توطدت العلاقة بين العرب والهنود، وبدأ الاحتكاك العربي - الهندي وبهذا الاحتكاك نشأت العربية في الهند، وتسربت الثقافة الإسلامية بجهود الغزاة العرب الذين أسسوا دولة عربية إسلامية لأول مرة على أرض الهند، واستمر الحكم العربي الإسلامي في البقعة لأكثر من قرنين، فهاجر عدد كبير من العلماء العرب وفحولهم وبذلوا جهوداً قيمة لتنمية الثقافة العربية الإسلامية، وأدت الحكومة العربية الإسلامية دوراً كبيراً وملموساً لنشر اللغة العربية في السند، فقد أنجبت الأرض الخصبة السندية من العلماء النابغين وشعراء العربية، مثل أبي عطاء السندي (180هـ)، والمحدث الشهير أبو معشر نجيح بن عبدالرحمن السندي المدني (170هـ) الذي يعد من أقدم الكتَّاب في السيرة النبوية.
ويقول ابن نديم عن انتشار العربية وثقافتها في السند:
«وانتشرت اللغة العربية في السند وما يجاورها من المدن من حيث كان يتحدث مع سكان هذه المنطقة الرحالة والجغرافيون العرب الذين زاروها في الزمن الماضي من أمثال المسعودي والاصطخري وابن حوقل، يعني ذلك أن اللغة العربية قدأصبحت في ذلك الحين لغة أهل المنصورة وملتان، فيفهمونها ويتكلمون بها، وقد أثرت اللغة العربية في المحلية السندية كثيراً، وكانت نتيجة ذلك أن عدداً كبيراً من الكلمات العربية لاقت رواجاً وشيوعاً في اللغة السندية (22).

العهد الغزنوي (387- 547هـ)
كانت اللغة العربية لغة رسمية في مناطق غجرات والسند طوال فترة الحكم العربي، وكانت تكتب المراسيم بالعربية، حتى بداية العهد الغزنوي في الهند (23)، واحتلت الفارسية مكان العربية عندما هاجر عدد كبير من العلماء من آسيا الوسطى في العصرالغزنوي، وأخذوا يجمعون بين الفارسية والعربية، فألف بعضهم بالعربية والبعض الآخر بالفارسية، فقدم في هذه الفترة أبوريحان البيروني (المتوفى 444هـ) لدراسة الثقافة الهندوسية ودياناتها، وألف كتابه الشهير «كتاب الهند»، كما استقر في لاهور الشيخ محمد إسماعيل (448هـ)، وأنجبت الهند في هذا العصر مسعود بن سعد بن سلمان اللاهوري (515هـ) وهو يعتبر أول شاعر عربي هناك.

العهد الغوري (582-602هـ)
من العلماء المشهورين الذين عاشوا في العهد الغوري الإمام فخرالدين الرازي (606هـ) الذي انخرط في البلاط الغوري، كما قدم إلى الهند في هذا العصر الشيخ معين جشتي (634هـ) وصحبه الشيخ قطب الدين البختياري الكعكي رحمهما الله. أقام الشيخ جشتي في لاهور أياماً ثم انتقل إلى ملتان، حيث أقام خمس سنوات قبل أن يستقر في مدينة أجمير. إن العهدين الغزنوي والغوري لم ينتجا كثيراً بالعربية، ولكن العربية كانت موجودة (24).

دولة المماليك (602-689هـ)
المجاهد قطب الدين أيبك (606 هـ -1210م) تمكن من تأسيس مملكة المماليك في دلهي، وأصبحت دلهي مركزاً كبيراً في زمانه، فقصدها كبار العلماء والأدباء بعدد كبير من بلاد آسيا الوسطى واستقروا بها، كما هاجر عدد ملحوظ من العلماء من بخارا عندما دمرها جنكيزخان (25)، ونتيجة حشد عدد كبير من العلماء المهاجرين بدأت نهضة علمية عظيمة باللغتين العربية والفارسية، وأصبحت دلهي عاصمة إسلامية، وظلت تتطور وتتقدم حتى بدأت تضاهي العواصم الإسلامية الأخرى في العالم كبغداد والقاهرة وبخارا وغزنة وسمرقند والري وآصفهان وغيرها في القوة والغنى والعلم والثقافة، وفي الوقت الذي اضمحلت فيه كثير من هذه العواصم الإسلامية ظلت دلهي تترقى وتتقدم حتى بعد هذا العصر لقرنين آخرين(26)، وتطورت أكثر وازدهرت في عهد الملك بلبن، ويعتبر المؤرخون عهده خير العهود في الهند، حيث تولدت طبقة علمية كبيرة من العلماء والأدباء (27). ومن أبرز علماء هذا العصر: الحسن بن محمد بن الحسن السغاني اللاهوري (577-650هـ) الذي كان محدثاً وفقيهاً ولغوياً، وله مؤلفات قيمة، منها العباب الزاخر واللباب الفاخر في عشرين مجلداً، والذي يعد من مراجع اللغة العربية، وكتاب في الحديث «مشارق الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفوية».

العهد الخلجي (689-720هـ)
هذا العصر امتداد لعصر المماليك، حيث تربع فيه السلطان علاء الدين الخلجي، وازداد عدد العلماء الوافدين إلى دلهي، وأخذت دلهي تزدهر بالعدد الهائل، وهم أدوا دوراً ريادياً في نشر العربية وتطورها، كما ساهموا في تنمية الأدب العربي، وكان على رأسهم الشيخ نظام الدين محمد بن أحمد المعروف بنظام الدين أولياء (752هـ -1325م) فاشتهرت خطبه بالعربية في أرجاء الهند، كما نبغ معه تلميذه الشاعر أمير خسرو بن سيف الدين الدهلوي (1253-1325م) والذي كان بارعاً وماهراً في العلوم العربية العديدة، فقرض الشعر في العربية، وشعره موجود بغزارة في الكتاب «إعجاز خسروي» (28).

عهد التغلق (720 – 815هـ)
كان الملك غياث الدين تغلق مؤسس المملكة التغلقية ومحمد بن تغلق من المولعين بالعلم والعلماء والساعين لنشر العلوم الإسلامية والعربية، من بين هذه السلالة الملك فيروزشاه تغلق الذي اشتهر كباحث كبير ومؤلف، ونبغ في عصره عدد من العلماء والكتاب أمثال الشيخ أبي بكر اسحق بن تاج الدين الملتاني الحنفي (763هـ)، وله مؤلفات منها خلاصة جواهر القرآن، وخلاصة الأحكام بشرائط الإيمان والإسلام، والقاضي حميد الدين الدهلوي، صاحب شرح «الهداية» والشيخ حسام الدين الدهلوي صاحب بحارالزخيرة (29).
كما اشتهر الملك فيروز بالفتاوى التاتارخانية، من تأليف الشيخ عليم بن علاء الدين الأندابتي، ومجدد الدين الفيروز آبادي (758هـ-1329م) الذي قام بتأليف القاموس المعروف في أصقاع العالم، كما أن الشيخ السيد علي الهمداني الذي وفد إلى منطقة كشمير، قد أدى دوراً كبيراً في نشر العربية والعلوم الإسلامية، وكذلك الشيخ عمر بن اسحق الهندي الذي سافر إلى مصر بعد نبوغه في العلوم الإسلامية والعربية، حيث عين قاضي القضاة في مصر (30).

عصر السادة (817 -855هـ)
بعد هذه العصورالتي دامت فيها فترة الحكم للملوك السابقين لفترات طويلة، أخذت تنكمش فترات الحكم، لذا نرى أنه قد تبدلت الحكومات كثيراً، فالدويلة التي استبدلت بحكم التغلقيين هي حكم السادة الذي بدأ في 817هـ ودام حتى 855هـ الموافق1414 -1451م، أي استمر لـ 38 عاماً.

الحكم اللودهي (855- 930هـ)
 استبدل بحكم السادة الحكم اللودهي الذي بدأ عام 855 واستمر حتى عام 930هـ الموافق 1451 -1526م وانتقلت العاصمة من دهلي إلى آغرة، فشاهدت مدينة آغرة أنواعاً من التغيرات الإنشائية وغيرها، وأخذت تتباهى بها مدن أخرى، حتى مدينة دهلي كانت ترنو إليها بأنظار الغبطة والشوق، فتوجه إليها شيوخ وعلماء من بينهم المحدث الجليل رفيع الدين الشيرازي الذي شمر عن ساق الجد لنشر الحديث الشريف وعلومه.

دويلة بنغال599-984هـ 
وعلى يد أخرى نرى تطوراً في منطقة بنغال، حيث أخذت تجذب الملوك والسلاطين، فأقيمت دويلة في بنغال في الفترة من 599 -984هـ 1202 -1576م، وتركزت الثقافة الإسلامية في مدينة لكناوتي، وكانت مدينة مرشدآباد مركزاً ثقافياً للعربية في هذه الفترة.

الدولة الشرقية في جونبور 796 – 905هـ
كما ازدهرت الدولة الشرقية في جونبور للفترة من 796 – 905هـ 1394 – 1500م، وذاع صيتها كمركز إسلامي كبير، واشتهر في هذا القطر الشيخ محمد جونبوري.

دولة مالوه 804-937هـ
من هذه الدويلات دولة مالوه التي ازدهرت للفترة من 804 – 937هـ 1401 – 1530م، حيث ازدهرت العربية والعلوم الإسلامية، ومن علمائها المشهورين الشيخ شاه أحمد الجنديري المتوفى 928هـ الموافق 1521م.

دولة غجرات 799-980هـ
وفي منطقة الجنوب دولة غجرات التي نشأت في 799 – 980هـ 1396 – 1572م، وأنشأها أحمد شاه الإبدالي، وهي مدينة معروفة باسم أحمد آباد، واشتهرت كمركز إسلامي عربي كبير، وجذبت عشرات من التجار والعلماء العرب، ومن بينهم الشيخ نورالدين الشيرازي ووجيه الدين محمد المالكي المعروف بملك المحدثين، اللذان ساهما مساهمة جادة في نشر الثقافة الإسلامية بها، كما ترعرع فئة من العلماء تحت الظل الوارف لهذه الدولة من أمثال الشيخ علي بن أحمد المهائمي، (835-777هـ)  (1274 -1432م)، الذي ألَّف عدداً كبيراً من المؤلفات القيمة، نحو تبصير الرحمن وتيسير المنان الذي هو تفسير للقرآن الكريم في مجلدين، وعبدالله محمد بن سراج الدين المعروف بالحاجي دبير، المتوفى 1030هـ 1611م، والذي ألف تاريخ غجرات في ثلاث مجلدات. 

دويلة خانديش 801 -1008هـ
ومن بين هذه الدويلات دولة خانديش التي أقيمت من 801 -1008هـ 1399-1599م واتخذت مدينة برهانبور عاصمة لها، حيث انتشرت العربية وثقافتها، ومن العلماء البارزين بها الشيخ علي المتقي (975 هـ 1567م) الذي خلد اسمه بكتابه الشهير «كنز العمال» في الحديث الشريف. 

الدولة البهمنية 747-933هـ
الدولة البهمنية حكمت من 747 – 933هـ 1347 -1526م، وأسست في الدكن واستقرت في مدينة غلبرغا، وجعلتها عاصمة لها، واشتهر بها الشيخ سيد محمد بن يوسف بن علي المعروف ببنده نواز غيسودراز (721-825هـ 1321 – 1422م) وله مؤلفات عديدة من أشهرها تفسير القرآن الكريم والهوامش على الكشاف وشرح مشارق الأنوار. 
 
دولة عادل شاهية 855 – 1097هـ 
ومن بين الدويلات التي ازدهرت في الدكن دولة عادل شاهية التي استقرت في مدينة بيجابور في الفترة من 895 -1097هـ 1489-1686م، وقامت هذه الدولة برعاية العلم والعلماء فبرز فيها الشيخ أبوزين الدين بن علي بن أحمد الشافعي المعبري المليباري (المتوفى 873 -928هـ 1438 -1521م) وله مؤلفات عديدة في الأدب والتاريخ وغيرهما.

دولة القطب شاهية 918-1098هـ
ومن الدويلات التي ازدهرت واستقرت في الدكن دولة القطب شاهية التي أثبتت جدارتها في غولكندة والتي اشتهرت في ما بعد بحيدرآباد الدكن للفترة من 918 - 1098هـ 1513 – 1687م، وهاجر إلى هذه الدولة عدد من العلماء العرب، وبذلوا جهوداً مشكورة في نشر الثقافة العربية الإسلامية.

دولة نظام شاهي 896 – 1006 هـ
كما أقيمت دويلة في أحمد نغر باسم دولة النظام شاهي للفترة من 896 -1006هـ 1490 – 1595م واستقبلت عدداً من العلماء العرب، ومن أشهرهم ملا عبدالنبي الذي ألف عدداً من الكتب.
 
 عهد المغول 933-1273هـ، 1526 -1857م
الدولة المغولية خلدت اسمها بأعمالها العديدة، وأسست على يد الملك ظهيرالدين بابر عام 1526م، وظلت حاكمة لحين احتلال الإنجليز للهند عام 1857م , وأدت دوراً كبيرا في نشر الثقافة الإسلامية والعربية، والعلماء الذين خدموا العربية وعلومها يبلغ عددهم عشرات من بينهم الشيخ عبدالحق المعروف بالمحدث الدهلوي، والشيخ الشاه ولي الله الدهلوي، والشيخ عبدالحليم السيالكوتي، والشيخ أبوالفيض الفيضي، والشيخ الشاعر غلام آزاد بلغرامي، والشيخ محب الله بيهاري، والشيخ أحمد السرهندي، والشيخ محمد الجونبوري، والشيخ عبدالباقي، والشيخ محب الله، والشيخ الشاه عبدالعزيز، والشيخ نظام الدين، والشيخ عبدالجليل بلغرامي، والشيخ سيد دلدار علي، والشيخ عبدالعلي، والشيخ فضل إمام، والشيخ فضل حق خيرآبادي، والشيخ ثناء الله باني بتي، والشيخ تراب علي، والشيخ عبدالحي فرنغي محلي، والشيخ الأمير صديق حسن خان القنوجي.

الدولة الآصفية... مملكة النظام... عاصمتها حيدر آباد الدكن 1133-1368هـ 1724 -1948م
الأسرة الأصفجاهية هي أسرة ملوك الدكن المشهورة، ذكر المؤرخون أنها تنتمي إلى أبي بكرالصديق ÿ، وكان جد هذه الأسرة الأعلى خاجا عابد الملقب بقليج خان، الذي هاجر إلى الهند سنة 1658م في زمن الإمبراطور شاه جهاه المغولي، فعين قاضياً وفوض إليه مناصب مختلفة عبر الزمن في العهد المغولي، إلى أن سلم إليه شؤون الدكن من قبل الملك أورينغ زيب، واستشهد في معركة غولكندة سنة 1686مة، فعينه الملك نجله ميرشهاب الدين خان الملقب بفيروزجنغ، فخاض المعارك ببسالة، وبعد انتصاراته عين رئيساً للوزراء، ولما توفي دفن في دلهي عام 1122هـ الموافق 1710م، وخلفه ابنه الأكبر مير قمرالدين علي خان الذي أسس الدولة الآصفية مملكة النظام في 1724م، وحكم الدولة سبعة ملوك، واشتهر من بينهم الملك السادس لتعاطفه مع شعبه، وذاع صيت الملك السابع مير عثمان علي خان الذي تنازل عن الحكم لمصلحة الجيش الهندي عام 1948، ولقب الملك عثمان بسلطان العلوم، حيث قام بنهضة غير اعتيادية فأسس مؤسسات تعليمية عديدة وأنشأ الجامعة العثمانية الشهيرة التي هي أول جامعة اتخذت الأردية لغة التعليم عام 1918م، وأقيم قسم اللغة العربية، كما أقام دائرة المعارف العثمانية التي ظلت مركز إشعاع ليس للهند، بل للعالم العربي كله. 
 
اهتمام الباحثين في الجامعات الهندية بالآداب العربية
اهتمت الهند باللغة العربية تعليماً وبحثاً بعد استقلالها عام 1948م عن احتلال الانجليز، فبذلت جهودها القيمة في نشر اللغة العربية وآدابها كمادة في المقررات الدراسية، بداية من الثانوية إلى المستوى الجامعي، فتدرس العربية في مئات الكليات المتوسطة، ويكتب أكثر من ثلاثين ألف طالب الامتحان الثانوي والبكالوريوس اللغة العربية كلغة ثانية، في حيدرآباد وحدها، ومن ثم يلتحق من يرغب بالماجستير بالعربية، وهكذاالحال في جميع الولايات.
إن العربية موجودة في جميع الولايات الجنوبية في كل من ولاية آندهرابرديش، وولاية كيرالا، وولاية كرناتكا، ولكن لا تدرس بها على مستوى الماجستير، وولاية مهارشترا، وفي الشمال تدرس العربية في كل من ولاية آترا برديش وولاية بيهار وولاية جمون وكشمير، وولاية آسام، وولاية بنغال الغربية.
وعلى جانب آخر، يكون هناك إقبال ملحوظ لتعلم العربية من قبل الهنود، إذا تكرمت الدول العربية، وخاصة دول الخليج، بدورات أو فصول من أجل تعليم العربية، كما تهتم الدول الأوروبية بنشر لغاتها، حيث تتكفل بجميع تجهيزات الدورات والمراكز إذا عرفت رغبة لتعلم لغاتها، كما تكفل الأساتذة الزوار، وهكذا تشوق الطلبة الدارسين لغاتها بإغراءات عدة نحو تنظيم رحلات لدولها وكفالة دراستهم. أما في الدول الإسلامية فنرى تحرك إيران بشكل ملحوظ، حيث تتكفل رسوم دراسات الطلبة الذين يختارون اللغة الفارسية أثناء دراستهم في البكالوريوس، وتتكفل بالأساتذة الزوار، وإرسال بعثات للباحثين وأعضاء الهيكل التدريسي في الكليات والجامعات الهندية. 

العناية بأدب الخليج العربي في الهند
حين انخرطت بالهيكل التدريسي بجامعة الإنجليزية واللغات الأجنبية – حيدر آباد - الهند عام 2001، لاحظت أن الباحثين الهنود يهتمون بالآداب العربية وقلما يلتفتون إلى الآداب العربية في الخليج العربي، فحاولت أولاً معرفة أسباب ذلك، فاكتشفت أن السبب عدم تدريس مادة أدب الخليج العربي في الجامعات الهندية، فلا توجد أي خلفية لدى الطالب عن أدب الخليج العربي، ولا يتشجع لتناول أدبه كموضوع للبحث، فقمت بإقناع الباحثين لتناول موضوعات تتعلق بأدب الخليج، فلما اقتنعوا واختاروا موضوعات تتعلق بأدب الخليج عامة وبأدب دولة الكويت خاصة، حاولت الاتصال بجهات في الخليج والكويت خاصة، فوفقت في الاتصال مع الدكتور عبدالله القتم، عضو الهيكل التدريسي في جامعة الكويت، فأخذ يزودنا بمصادر ومراجع عن أدب الكويت... وهكذا خطوت خطوة خطوة إلى أن بلغ عدد الباحثين الذين نالوا درجة الدكتوراه والماجستير تحت إشراف كاتب هذه السطور أكثر من أربعين باحثاً، وهو رقم قياسي يحدث لأول مرة في الهند.