المشهد الثقافي الكويتي من الاستقلال إلى التحرير

المشهد الثقافي الكويتي من الاستقلال إلى التحرير

بالرغم من الصخب السياسي الذي تآلفت معه الكويت بقي الوجه الثقافي فيها مشعاً وفاعلاً، وهي سمة ليست طارئة على هذا البلد قبل الاستقلال أو بعده، بل متجذرة ولها امتدادات متشعبة، ولعل إطلالة بانورامية على هذه اللوحات تعطي صورة واقعية عن الحراك الثقافي بكل تجلياته وأشكاله، نستعرضها في هذا التقرير في أجواء احتفالات العيد الوطني وعيد التحرير...

ميلاد الإذاعة
بدأت أولى محاولات البث الإذاعي في الكويت في عام 1938، من قصر دسمان تلاها بعد فترة بث إذاعة خاصة اسمها «شيرين»، واستمر نشاطها بين العامين 1948و1951م، حتى جاء صوت مبارك الميال في عام 1951م قائلاً «هنا الكويت» إيذاناً ببدء انطلاقة إذاعة دولة الكويت، من إحدى غرف الأمن العام في قصر نايف في تمام الساعة السابعة من مساء 12 مايو من ذلك العام، مستخدماً جهازاً لاسلكياً تابعاً للقوات المسلحة، كانت أول أغنية عبر أثيرها للفنان محمود الكويتي، كذلك فقد استقطبت هذه التجربة الإذاعية المميزة الأصوات النسائية في عام 1960، مع القديرة أمينة الأنصاري. وعلى صعيد الإشراف، فقد تولى رئاسة الإذاعة عند التأسيس الشيخ عبدالله المبارك الصباح ثم تسلم رئاستها الشيخ سعد العبدالله الصباح حتى عام 1962، وقبل ذلك بعام ونصف العام نقلت تبعيتها لدائرة المطبوعات والنشر قبل أن تتبع وزارة الإرشاد والأنباء في عام 1962م.  
وكغيرها من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي اتخذت طابعاً ثقافياً فنياً، مرت الإذاعة في الكويت بمراحل عدة، إلا أنه ومما لا شك فيه أن أكثرها تعبيراً ووطنية كانت تجربة الإذاعة مع الغزو الغاشم، والدور الذي لعبته في تلك الحقبة السوداء. وعلى هذا الأساس يمكن القول إن تجربة الإذاعة في الكويت مرت بمراحل أساسية عدة: 
المرحلة الأولى هي مرحلة الخمسينيات، وكان البث فيها أقرب للعمل غير المنظم أو المنتظم، واقتصر على تلاوة القرآن الكريم والموسيقى، دون أن يتضمن وجود برامج قائمة في حد ذاتها، في تلك الفترة كان البث يمتد لنحو ساعتين، في حين كان عدد الموظفين يقتصر على اثنين، ولكن بعد مرور نحو عام ارتفع إلى ثلاث ساعات ونصف الساعة، أما في عام 1958 فكان عدد الموظفين قد بلغ نحو 15 موظفاً، غير أن مرحلة الستينيات بدأت تشهد اكتساب إذاعة دولة الكويت الطابع المؤسسي، لاسيما على صعيدَي التنظيم والإدارة، وارتفع عدد ساعات البث إلى نحو عشر ساعات ونصف الساعة كانت تتم من خلال جهاز بقوة 10 كيلوواط، وفي المضمون أخذت تلك الساعات تتضمن نشرات الأخبار، وكان جانب مما بث في تلك الفترة قد جرى تسجيله في الإذاعة نفسها بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية التي كانت صاحبة سلطة الإشراف على القطاعات الفنية والمسرحية وغيرها في تلك الحقبة التي سجلت أيضاً ارتفاع عدد الموظفين إلى 135 موظفاً، وسجل عام 1961 استخدام جهاز إرسال على الموجة المتوسطة بقوة 100 كيلوواط، وآخر على الموجة القصيرة بقوة 50 كيلوواط، لتتجلى صورة التحولات المؤسسية بشكل واضح في 1/6/1964 مع تأسيس إذاعة البرنامج الثاني تحت اسم «الإذاعة الشعبية». ثم جاءت المرحلة الثالثة التي جسّدتها حقبة السبعينيات واتسمت بارتفاع ملحوظ في عدد ساعات البث على البرنامج العام، لتبلغ نحو 15 ساعة يومياً، فقد سجل عام 1971م بدء إذاعة الـ FM ستريو الأجنبية البث لمدة 18 ساعة يومياً، وفي الأول من شهر مايو من عام 1974، بدأ البث ببرنامج الأوردو لمدة ساعتين، ثم سجل عام 1979 بدء البث بإذاعة الموجة القصيرة باللغة العربية الموجهة إلى أوربا وشمال إفريقيا. وفي الثمانينيات بدأت الإذاعة أيضاً مرحلة جديدة مع تسجيلها تطورات نوعية وكمية في آن معاً ترجمت من خلال رفع عدد ساعات البث على البرنامج العام لتصبح 24 ساعة يومياً، في حين أن إذاعة القرآن الكريم رفعت بثها إلى 15 ساعة يومياً ومثلها إذاعة الـ«إف إم» إلى عشرين ساعة يومياً.   
  
الغزو الغاشم والدور النضالي
إذا كانت المؤسسات المتعددة في الكويت قاومت الغزو الغاشم على طريقتها، فإن لإذاعة دولة الكويت دوراً ساطعاً في هذا المجال، فعلى الرغم من الدمار الهائل الذي خلَّفه الغزو الغاشم، بقي صوت الإذاعة «يشتعل» مقاومة، وهذه المرة من الخفجي بالسعودية، ورأس الزور ومن ثم مدينة الدمام، وعرف في تلك الفترة فريق عمل الإذاعة السرية التي واظبت على البث أثناء الغزو الغاشم على الكويت وهم: سلوى حسين، يوسف مصطفى، حميد خاجة، منصور المنصور وعلي حسن. وقد كان للإذاعة دور حاسم في بث الروح الوطنية ونقل الرسائل ونقل ما يجري عبر أثيرها إلى العالم. 
 وكانت الإذاعة قد عززت ساعات بثها مع بدء الحرب الجوية، مكرسة تعاوناً مع إذاعة صوت الخليج التابعة للقيادة العسكرية لقوات التحالف. وفــي الأول من يناير من عام 1991 احتضنت القاهرة إذاعة صوت الكويت من خلال إحدى موجات صوت العرب ولمدة 5 ساعات، بالتزامن مع بدء العمليات القتالية ضد القوات العراقية المحتلة، وما كاد يبزغ فجر التحرير حتى كانت عبارة «هنا الكويت» تتردد عبر الأثير من جديد، وتحديداً في الثامن والعشرين من شهر فبراير 1991، في وقت كانت الغالبية العظمى من الاستديوهات قد دمرت وسرقت الأجهزة الأخرى، ومن هنا بدأت إذاعة دولة الكويت مرحلة انطلاق جديدة من الصفر، بعد أن فقدت كل أرشيفها السابق، وبدأ العمل على وضع شبكة برامج جديدة، وما إن حل عام 1993، حتى كانت الإذاعة قد استعادت مقوماتها السابقة الفنية والهندسية، ومن ثم بدأ العمل من جديد بكل من إذاعة البرنامج العام، إذاعة البرنامج الثاني، الإذاعات الأجنبية، إذاعة القرآن الكريم والبرامج الثقافية، محطة الغناء العربي FM، محطة الغناء العربي القديم، الإذاعات الموجهة كالأوردو والفارسية... وغيرها. 
حفرت إذاعة دولة الكويت بكل أقسامها ذكريات طيبة على امتداد الوطن العربي، وصولاً إلى دول أوربية وغـــربية، من خلال حزمة من البرامج المميزة، ولأن عجلة التطور لابد أن تستمر وبالتزامن مع احتفالات دولة الكويت بمرور 50 عاماً على الاستقلال و20 عاماً على التحرير وخمــــس سنوات على تولي صاحب السمو أمير البلاد الشــــيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقالـيد الحكم، خصصت الإذاعة موجة خاصة باسم «يا أغلى دار»، وكذلك مع الاحتفال بمرور 60 عاماً على إنشائها، أطلقت إذاعة الكويت في العاشر من صباح الأول من مايو 2011، محطة جديدة باسم «هنا الكويت»، استذكاراً للعبارة التي أطلقها مبارك الميال في الأيام التي تلت بدء الإذاعة بثها الحي، وتم خلال هذه المناسبة العودة بالذاكرة إلى عدة برامج وأعمال إذاعية قديمة وسابقة تركت أثراً طيباً في النفوس، بالإضافة إلى برامج حية أخرى، وكذلك البرامج الإذاعية القديمة التي حرصت المحطة الجديدة على إعادة بثها والتي تبث يومياً على مدار الساعة. 
لا شك في أن إذاعة دولة الكويت أسست بحق لتجربة مميزة، وجاب أثيرها أصقاع الوطن العربي في مسيرة امتدت أكثر من ستة عقود اتسمت بالتألق، واليوم تضم أكثر من 8 قنوات إذاعية تصل إلى جميع أصقاع الأرض، وهي مجهزة بأحدث الاستديوهات التي تحوي أفضل التقنيات، كما تم تحويل معظم استديوهات الإذاعة إلى نظام الديجيتال، وكذلك تم تحويل معظم الأرشيف إلى هذا النظام.  

السينما
إذا كان هناك إجــماع علــــى أن ألن فلـــييرز هو أول من صور فــيلماً في الكويت، أو عــلى الأقل جزءاً منه، فـــإن الــمؤرخ سيف مرزوق شملان يذكر في كتــابه «تاريخ الغوص علـى اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي - الجزء الثاني» أن أول من اهــــتم بتـــصوير سفن الغوص على اللؤلؤ في الكويت كانت أم سعود زوجــة الكولونيل ديكــسون (المعتمد السياسي البريطاني في الكويت بين عامي 1929و1936)، وقد تولت تصوير «البتيل» (سفـــينة راشــــد بن أحمد الرومي) آخر رواد الغوص، وذلك في عام 1931. غير أن التصوير السينمائي الحقيقي إذا صح التعبير تم في عام 1939 في «إلى الكويت من ميناء عدن»، على يد سائح أسترالي تولى تصوير فيلم سينمائي لمدة ساعتين عن جميع أعمال البحر من عدن إلى الكويت، وضم مشاهد عدة عن الكويت، وبالتالي اعتبرت هذه الخطوة بمنزلة أول فيلم تسجيلي حي وشمل التصوير جزءاً من ساحل الكويت وبعض سفن الغوص. 
ثم بعدها بسنوات وتحديداً في 30 يونيو 1946، ومع تدشين الشيخ أحمد الجابر تصدير أول شحنة نفط كويتي على متن الناقلة «بريتش فيوزيلير»، تولت وحدة سينمائية إنجليزية مكونة من مصور ومسجل صوت ومساعد مهام تصوير هذا الحدث، وقد استقدمتها شركة نفط الكويت، وهنا سجل هذا الحدث التاريخي تصوير أول فيلم تسجيلي حقيقي في تاريخ الكويت، وأسست هذه الخطوة في ما بعد لخطوات مماثلة، منها ما خصص لتصوير بناء الجزر الاصطناعية ومشروع الغاز وغيرهما، قبل أن تشمل عمليات التصوير التي تولتها الشركة معالم عامة عن الكويت.  

الإنتاج السينمائي 
استمر النشاط السينمائي في إطاره كهواية حتى الخمسينيات من القرن الماضي، عندما بدأت تتبلور نظرة رسمية لهذا الفن الحديث، سواء من خلال السعي إلى الاستعانة بأحدث أجهزة حديثة متخصصة، أو تشكيل إطار رسمي عام ينضوي تحته النشاط السينمائي، غير أن مثل هذا النشاط الرسمي اقتصر بطبيعة الحال على إنتاج الأفلام الخاصة بالوزارات والأفلام الرسمية. وعلى الصعيد الهيكلي شهد عام 1950 تأسيس دائرة المعارف-  قسم السينما والتصوير، ونجح في إنتاج 60 فيلماً وثائقياً عن التعليم والصحة وغيرهما من المعطيات المحيطة بالحياة العامة في الكويت، ثم في عام 1964 افتتح قسم السينما في تلفزيون الكويت ثم مراقبة السينما في عام 1981، كما كان للوزارات الأخرى حضورها، إذ أنتجت وزارة الشؤون الاجتماعية بعض الأفلام الثقافية ذات البعد الاجتماعي، وعلى الصعيد التنظيمي أيضاً ألحق نشاط الإنتاج السينمائي بوزارة الإعلام، وقامت الأخيرة بالتزامن مع عيد الاستقلال بإنتاج فيلم اليوم المشهود في عام 1962، في حين أن هذه الخطوة كان قد سبقها بعام بدء تلفزيون الكويت إنتاجه السينمائي، وقد آلت إليه أقسام السينما من الوزارات الأخرى، وقد مهدت هذه الخطوة المهمة لتسريع عملية الإنتاج، ففي عام 1964 أخرج محمد السنعوسي بعد عودته من بعثته في أميركا أول فيلم درامي تحت اسم «العاصفة»، وكانت مدته 37 دقيقة، وشاركت الكويت من خلاله في مهرجان التلفزيون العربي الرابع في عام 1965، وكذلك أخرج خالد الصديق أول أفلامه القصيرة «الصقر» في عام 1965 في معمل التلفزيون. 
ومع الرؤية التي صاغها السنعوسي ومخرجو تلك المرحلة، وصياغتها في تصور رفع لإحدى اللجان الوزارية متضمناً تصوره بالدعوة لشركات إنتاج وتشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت هذه الجهود في تحقيق السينما في الكويت مزيداً من التقدم، فجاء فيلم «بس يا بحر» ليكون أول فيلم كويتي طويل للمخرج خالد الصديق، وقد وصفته الصحف العربية والأجنبية بأنه «نقطة ضوء في ليل السينما العربية». وسط هذه المعطيات شهدت السينما في الكويت معطيات إيجابية مع بدء عودة العديد من المبتعثين إلى الخارج، فعاد على سبيل المثال د. نجم عبدالكريم من القاهرة، حاملاً مقترح تأسيس أكاديمية للفنون، في حين قدم هاشم محمد ثاني فيلم روائي طويل تحت عنوان الصمت، بينما تناولت بعض الأفلام قضايا خارج حدود الوطن، من بينها فيلم عبدالله المحيلان مـــــتناولاً ثورة إريتريا في فيلم تسجيلي «إريتريا وطني»، بعد ذلك بسنوات قليلة توقفت عملية الإنتاج السينمائي في الكويت واستمرت في سبات عميق حتى عام 2003 مع ولادة فيلمين جديدين، الأول هو «شباب كوول» والثاني «منتصف الليل» وهما من إنتاج خاص، وقد اعتمد فيهما التصوير الديجيتال، وعاد الإنتاج ليتوقف من جديد، وكان هناك مزيد من التركيز على صناعة الفيديو والتلفزيون، ولاسيما أن صناعة الإنتاج تتطلب إمكانات كبيرة وضخمة. 
  
... ودور العرض 
جاء تأسيس شركة السينما الكويتية في الخامس من أكتوبر 1954، برأسمال 7 ملايين روبية، وهي أول شركة من نوعها في منطقة الخليج العربي كشركة مساهمة بامتياز حكومي، لتلتقي الجهود الرسمية على صعيد الإنتاج، مع انطلاق دور العرض رسمياً من خلال افتتاح السينما الشرقية، وكان ذلك في عام 1955، بالقرب من مستشفى الأميري الحالي، وما كاد يمر أكثر من عقدين حتى وصلت في عام 1978 إلى 14 دار عرض، ومن هناك بدأت الشركة التي تعرف باسم «سينسكيب» رحلة سريعة في التطور، حيث شهد عام 1986 انطلاقة جديدة للنهوض بأدائها، من خلال افتتاح مجموعة دور عرض في مناطق مختلفة كسينما الأندلس والسالمية والحمراء وغيرها، ومنذ عام 1995 بدأت بإطلاق شبكة دور عرض ضخمة استهدفت بشكل خاص المجمعات التجارية، حيث تم الاتفاق مع شركة السالمية العقارية المالكة لمجمع الفنار على افتتاح سينما في المجمع الواقع في شارع سالم المبارك، في حين سعت على المستوى الفني ومن ناحية البنية التحتية إلى مواكبة أحدث التقنيات العالمية، ففي عام 2007 كانت من بين أوليات الشركات على مستوى المنطقة التي تستخدم التقنيات الرقمية في دور عرضها، من خلال فيلم «تيمور وشفيقة»، ليكون أول فيلم عربي يعرض بهذه التكنولوجيا، واليوم تضم الشركة أكثر من 11 سينما تشمل تحت مظلتها أكثر من 53 صالة بأحدث التقنيات، ومع افتتاح سينما 360، كرست الشركة نظام الأيماكس لعرض الأفلام التجارية والوثائقية. 
غير أنه لا يمكن المرور على تجربة العروض السينمائية في الكويت، من دون الإشارة إلى أن مشاهدة الأفلام في الكويت بدأت قبل تأسيس الشركة بسنوات طويلة، إذ كان الكويتيون يشاهدونها في منازل ميسوري الحال، الذين كانوا يستأجرونها من الوكلاء، وبالتالي فقد كان أفراد الحي يتجمعـــون في أحد البيوت لمشاهدة فيلم ما، كما امتد الاهتمام بهذه الهواية إلى إنشاء مكتبات لهذه الأفلام، وكانوا يتابعون ما يجري حول أحدثها من خلال المجلات الفنية.  
 
نادي الكويت للسينما 
لم تقتصر التطورات في السينما على الإنتاج والعرض، بل شهد عام 1976 وتحديداً في الرابع عشر من مايو ولادة نادي الكويت للسينما، بمبادرة من عدد من المثقفين والعاملين في التلفزيون والمهتمين بالسينما وبعض مخرجي السينما، وبلغ عددهم 15 شخصاً، وقد جاء في البند الثاني من قانونه الأساسي أنه «أسس بهدف نشر الثقافة في مجال الفن السينمائي»، والسعي إلى زيادة الاهتمام بالسينما وتشجيع المبدعين في هذا المجال وتعزيز قدرات الهواة، وقد سعى النادي لترجمة رؤيته من خلال نشاطات عدة من بينها إصدار الكتيبات والنشرات المستمرة بهدف المساهمة في رفع مستوى الثقافة السينمائية، 
وقد عرض النادي في 15 أبريل 1978 أول فيلم وثائقي كويتي طويل، تولى تصويره أول هواة التصوير في الكويت محمد حسين قبازرد، مستعيناً ببعض اللقطات الأرشيفية للكويت من الثلاثينيات، وكان قبازرد قد حصل على كاميرا من البحرين في عام 1948، وعرض النادي مئات الأفلام، وأقام ندوات عدة فاتحاً آفاقاً كبيرة أمام هواة هذا الفن تحت مظلة أول تجمع سينمائي كويتي.   
في المحصلة، شهد الفن السينمائي في الكويت تطورات متسارعة في مراحل عدة، بل إنه عاش مراحل ذهبية، وبقيت هذه التجربة قاصرة عن ابتكار صناعة سينما متكاملة، سواء من جهة التأسيس لمقومات نجاحها الاقتصادي والفني، أو على الأقل من ناحية اجتذاب عدد كبير من الحضور إلى دور العرض لتغطية نفقات الإنتاج، فضلاً عن تحديات فنية حالت دون تكريس صناعة سينمائية شاملة وناجحة، إذن حالت ظروف عدة دون ولادة سينما في الكويت، واقتصر الأمر على واقع سينمائي ترجم في عدة محاولات فردية ورسمية، دون أن يعني ذلك التقليل من قيمة المبادرات والجهود التي طرحت، والتي يمكن القول اختصاراً إنها كانت مهمة وثرية ولكنها غير كافية.

الصحافة... رمز الحرية والديمقراطية 
تعد صحيفة الرأي العام التي صدرت في 16 أبريل من عام 1961، أول صحيفة بالمفهوم التقني والعصري في الكويت، ثم كرَّت سبحة الصحف والمجلات، فكانت جريدة السياسة اليومية التي صدرت في 3 يونيو 1963، سبقتها بعام جريدة الطليعة كصحيفة أسبوعية، وكذلك جريدة الوطن في العام نفسه التي صدرت أسبوعية في البداية، وتحولت منذ عام 1974 إلى صحيفة يومية، ثم صدرت «القبس» وهي صحيفة يومية سياسية في عام 1972. 
وفي تأكيد على الازدهار الذي عرفته الصحافة المحلية منذ الستينيات، وبسبب الحاجة إلى وجود كيان يدعم مصالحها ويوحد جهودها، أسست جمعية الصحفيين الكويتية في 21 يونيو 1964، ومن أهدافها توثيق روابط الصداقة بين الصحفيين والسعي للنهوض بالصحافة المحلية والدفاع عن مصالح الأعضاء. 
عرفت الكويت منذ تلك الحقبة الازدهار على المستويات كافة، وجاء النهج الديمقراطي في البلاد، ليعطي للنشاط الصحفي زخماً كبيراً، فصنفت الكويت في مقدمة الدول العربية والعديد من الدول العالمية في المراتب الأولى لحرية الصحافة والتعبير. وفي مؤشر يعكس حجم انتشار الصحف والمطبوعات، جاءت الكويت في المرتبة الأولى عربياً في استهلاك الورق في عام 1977، حيث بلغ معدل استهلاك الفرد الكويتي 86 رطلاً من الورق يليه اللبناني بـ65 رطلاً. 
من جهة أخرى، لعبت الصحف المحلية دوراً مهماً في القضايا الوطنية، مستفيدة من حرية الرأي، بما فيها الشأن السياسي المحلي، فعبرت عن آرائها بشكل واضح وصريح، واتخذت مواقف من القضايا المطروحة، من بينها على سبيل المثال حل مجلس الأمة ووقف أعماله، سواء في السبعينيات أو الثمانينيات.  

خلال الغزو الغاشم
اتسمت فترة الغزو الغاشم على الكويت بطابع خاص بالنسبة للصحف في الكويت، بالنظر إلى أن المقاومة رأت في الصحف الوسيلة الكفيلة بإيصال المعاناة المحلية إلى العالم، وهي لم تكن اكتسبت طابع الصحيفة بالمعنى التقني للكلمة، سواء من حيث الحجم أو الإدارة، وقد تميل إلى كونها نشرات أكثر منها صحفاً، ولكنها لعبت دوراً مهماً بعد توقف الصحف المحلية، وقد بلغ عددها أكثر من 15 نشرة، وكان من اللافت أن هذه النشرات جاءت متنوعة شكلاً ومضموناً حتى إن البعض منها جاء ليعبر عن خواطر الأطفال والنساء خلال تلك الفترة. 
- جريدة «صوت الكويت الدولي» أسسها سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء السابق، وكان آنذاك وزيراً للشؤون الخارجية، لتعبر عن الرأي الكويتي في فترة الغزو الغاشم، وقد صدر العدد الأول منها في نوفمبر عام 1990، وأغلقت في 16 نوفمبر 1992.  
- نشرة «الصمود الشعبي» أول مطبوعة صدرت في اليوم الثالث من بدء دخول القوات الغازية، أي في الخامس من أغسطس 1990، وهي النشرة الوحيدة التي كانت تصل إلى بعض إذاعات العالم. 
- أما أبرز النشرات الأخرى فهي: 
- نشرة الصباح: وكانت تحررها اللجنة الإعلامية المـــتفرعة من القيادة العليا للمقاومة.
هيئة تحرير يوميات الأحداث (DEED): وكان الهدف منها تزويد الصحافة العالمية ووكالات الأنباء الدولية بما يدور داخل الكويت، وكانت تصدر باللغة الإنجليزية وترسل إلى الخارج بواسطة جهاز ستلايت لدى أحد أفراد المقاومة الكويتية وهو السيد خالد بودي.
- نشرة نساء وأطفال الكويت: صدرت بشكل يومي، وكانت عبارة عن ورقتين فقط، وخصصت لنقل أفكار وخواطر الأطفال والنساء. 
- نشرة «صرخة»: صدرت في 15 أغسطس 1990، وهي من النشرات القليلة التي طبعت على الكمبيوتر، وكانت موجهة إلى الشعب الكويتي والجندي العراقي. 
- «صوت الحق»: نشرتها مجموعة من المدرسات الكويتيات. 
- نشرة القبس: يومية صدرت في 15 أغسطس 1990، وهو اليوم الذي أصدرت فيه القوات العراقية جريدة «النداء» العراقية من مبنى جريدة القبس الكويتية.
- صحيفة «26 فبراير»: هي أول صحيفة أسست بعد تحرير الكويت، لكنها لم تدم أكثر من شهر. 
في عام 2006 صدر القانون رقم 3 لسنة 2006، في شأن المطبوعات والنشر، وهو القانون المعمول به حالياً في الكويت، ومن ميزاته أنه ألغى العقوبات من جنح الصحافة، وحظر سجن الصحفيين واستبدل مبلغاً مادياً به كتعويض للمدعي.   
قبل صدور القانون اقتصر عدد الصحف المحلية على 9 صحف رئيسة، 6 منها بالعربية و3 بالإنجليزية، وبعد صدوره، بلغ عدد طلبات الترخيص المقدمة لوزارة الإعلام أكثر من 110 طلبات، انطبقت الشروط على 37 منها، في حين بلغ عدد الصحف اليومية التي رخص لها 18 صحيفة.  
 
المجلات
يعود تاريخ المجلات في الكويت إلى بداية شهر فبراير من عام 1928، حين وضع مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد، اللبنة الأولى له مع إصداره مجلة «الكويت». 
مجلة الكويت: تعد أول مجلة في الكويت ومنطقة الخليج، وقد غلب على أعدادها الطابع الأدبي، وكانت حريصة على استقطاب كتَّاب من ذوي الكفاءة واللغة، متضمنة نتاجاً أدبياً وفنياً ودينياً وفكرياً واجتماعياً، ضمت مجلة الكويت نحو 80 صفحة، وكان الشيخ الرشيد ينفق عليها من ماله الخاص، حتى إنه كان يتحمل عناء السفر إلى مصر لطباعتها هناك، وفي ما بعد نقل طباعتها إلى إندونيسيا، واستمر في طباعتها هناك عامين حتى عام 1930، ثم أصدر الرشيد في جاوة الإندونيسية مجلة التوحيد، وصدر أول أعدادها في 3 مارس 1933، وصدرت في أحد عشر عدداً كل عدد جاء في 8 صفحات، وهي مجلة شهرية كان من المقرر أن تصدر أسبوعياً، لكن ذلك لم يتحقق. 
كذلك يتردد أن الرشيد أصدر أيضاً في إندونيسيا مجلة الحق، لكن لم يأت أحد على ذكرها إلا مجلة البعثة في عددها الأول من السنة الثالثة الصادر في يناير 1948. 
ومن بين المجلات التي تم الحديث عنها مجلة الصباح التي ورد ذكرها في مجلة الكويت في عام 1928، وقيل إنها ستصدر نزولاً عند رغبة الشيخ أحمد الجابر، وقيل إنها ستكون أسبوعية من دون أن يتم التأكد من صدورها من عدمه. 
 ويمكن القول إن مجلة الكويت جسدت المرحلة الأولى في مسيرة الصحافة المكتوبة في الكويت أو مرحلة البدايات التي بدأت في عام 1928، وانتهت في عام 1949، وقد تزامن ذلك التاريخ مع توقف مجلة كاظمة الأسبوعية عن الصدور. 
على أن مرحلة البدايات هذه اتسمت بشيء من الصعود والهبوط إذا صح التعبير، وخصوصاً مع وفاة الشيخ الرشيد في عام 1938، وهو ما ترك فراغاً امتد حتى عام 1946، قبل أن يصدر عبدالعزيز حسين مجلة البعثة في القاهرة في ديسمبر من عام 1946، التي عدت إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في مسيرة الصحافة، ممهدة لولادة الجيل الذهبي من الصحفيين، ومع سفر حسين إلى بريطانيا تولى رئاستها عبدالله زكريا الأنصاري في عام 1951، وتعد «البعثة» أول مجلة أولت الكاريكاتير اهتماماً خاصاً، إذ تولى أحمد زكريا الأنصاري رسم أول كاريكاتير فيها. 
ثم أتت مجلة «كاظمة» في عام 1948، التي رأس تحريرها أحمد السقاف بينما كان عبدالحميد الصانع صاحب الامتياز، وكانت أول مجلة تطبع في الكويت، بعد تأسيس مطبعة المعارف، واستمر صدورها تسعة أشهر فقط، حيث توقفت عن الصدور في شهر مارس 1949. 
ثم كانت المرحلة الثانية في عصر الصحافة وامتدت بين عامي 1950و1958، وصدرت خلالها صحف وإصدارات عدة شكلت النهضة الحقيقية وأساساً متيناً للصحافة الحديثة في الكويت، وتخلت عن التمسك بالأدب والقصص، كما سجلت هذه المرحلة ولادة الصحف الأسبوعية وحتى اليومية، وأسست لظهور الصحافة السياسية، حيث بلغ عدد الإصدارات منذ فترة الخمسينيات حتى الاستقلال أكثر من 30 إصداراً، وقد شكلت مجلة الكويت باكورة إصدارات هذه المرحلة، حيث صدر أول أعدادها في يونيو من عام 1950، وكان يعقوب عبدالعزيز الرشيد هو صاحب مجلة الكويت ومديرها المسؤول، ورئيس تحريرها عبدالله الصانع، ولكنها عادت للتوقف في ديسمبر من العام نفسه. 
وخلال مرحلة مجلة الكويت ولدت مجلة البعث في يونيو من عام 1950، على يد حمد عيسى الرجيب وأحمد مشاري العدواني، وهما من أبرز كتّاب البعثة، وكانت تطبع في مطابع مقهوي وعدد صفحاتها يصل إلى عشرين، ولكنها أغلقت بعد العدد الثالث.
في خضم هذا الثراء الصحفي جاءت مجلة الفكاهة، وصدر أول عدد لها في 12 أكتوبر من العام نفسه، مكرسة نمطاً جديداً من الصحافة، على يد عبدالله خالد حاتم، وأسندت رئاسة تحريرها إلى فرحان راشد الفرحان، وتوقفت بعد 9 أعداد فقط، وكان ذلك تحديداً في 7/2/1951، ثم عاد العدد العاشر منها ليصدر بعد 3 سنوات، وتحديداً في 20/7/1954، واستمرت بصورة منتظمة حتى توقفت نهائياً في 2/11/1958، بعد أن أكملت 94 عدداً. 
«اليقظة»: أول مجلة طلابية مطبوعة صدرت في الكويت في شهر مارس من عام 1959، وهي مجلة مدرسة المباركية، وطبعت في البداية في مطبعة الكويت، وانتقلت في ما بعد إلى مطابع دار الكشاف في بيروت. تكون العدد الأول منها من 36 صفحة، وكانت نهايتها مع العدد الرابع، وكان ذلك في فبراير 1953، وحاولت لجنة من الأساتذة والطلاب إعادة إحيائها، وكان من المفترض أن يتم ذلك في شهر نوفمبر من العام نفسه، لكنها فشلت في العودة للحياة، إذ لم يكن المبلغ المخصص لها من دائرة المعارف كافياً للنهوض بها. ومع افتتاح ثانوية الشويخ وبداية العام الدراسي 1953-1954، عادت «اليقظة» للصدور بحلَّة جديدة. 
«الرائد»: شكلت مجلة الرائد إحدى أيقونات المرحلة الصحفية الثرية في الكويت، وبدأت في الصدور في مارس 1952، واستمرت لمدة عامين حتى توقفت في يناير 1954، وهي مجلة شهرية، أصدرتها لجنة الصحافة والنشر في نادي المعلمين، أو نواة جمعية المعلمين، وكان مؤسسوها من أقطاب مجلة البعثة، وكان توجهها تربوياً رزيناً.  
«الإيمان»: عكس صدورها مدى ارتباط شرائح من المجتمع الكويتي بالفكر القومي، وهي شهرية تعبِّر عن لسان حال النادي الثقافي القومي، وضمت عدداً من الأسماء اللامعة من بينهم أحمد الخطيب وأحمد السقاف وغيرهما من الأسماء، وصدرت في أوائل عام 1953، وكانت تطبع في بيروت وعدد صفحاتها 64، وتميزت بأن مقاربتها للعمل الصحفي كانت مماثلة للصحف الحديثة في ذلك الوقت من حيث وجود افتتاحية وأخبار محلية وتبويب واضح، كما شاركت أقلام نسائية في تحريرها. 
«الإرشاد»: هي مجلة إسلامية، وكانت تصدر عن لجنة الصحافة والنشر في جمعية الإرشاد الإسلامية، وتطبع في بيروت، وأصدرت ملاحق طبعت في القاهرة، وبعدد 80 صفحة، رأس تحريرها عبدالعزيز العلي المطوع المراقب العام لجمعية الإرشاد الإسلامية، والقائم عليها من بعده عبدالرزاق المطوع. عُدت «الإرشاد» أول مجلة دينية تعبِّر عن الاتجاه الإسلامي في الكويت، وقد صدر العدد الأول منها في أغسطس من عام 1953. 
«الرائد الأسبوعي»: صدرت عن لجنة الصحافة والنشر في نادي المعلمين، بعد توقُّف مجلة الرائد الشهرية، في يناير 1954، ورأسها أحمد العدواني، وقد شكلت امتداداً لمجلة الرائد الصادرة عام 1952، وأخذ الشاعر عبدالمحسن الرشيد مكان حمد الرجيب في التحرير، وشارك في تحريرها يوسف الرفاعي. وصدر أول أعدادها يوم الخميس 14 يناير 1954، واحتجبت في عام 1955، ولكنها عادت في فبراير 1970 ورأسها خالد المسعود الفهيد، وقد بدأت شهرية إلى شهر نوفمبر ثم عادت أسبوعية. 
«الكويت اليوم»: ولدت من الحاجة إلى ربط الدوائر الحكومية بالمقاولين، وذلك بعد اقتراح تقدم به السكرتير في مكتب المدير الإداري في دائرة المعارف بدر خالد البدر في سبتمبر 1954 في رسالة إلى مدير الإدارة المالية، تضمنت اقتراحاً بتأسيس المجلة، بدوره رفعه خالد المسلم إلى اللجان المختصة، وفي ما بعد انتخب كل من يوسف مشاري الحسن، وطلعت الغصين وبدر خالد البدر أعضاء في أسرة التحرير، وتولى إدارتها البدر نفسه، وصدر العدد الأول منها في 11 ديسمبر 1954، بعدد 16 صفحة وبوتيرة صدور أسبوعية. 
«الفجر»: هي مجلة نادي الخريجين، وصدرت في 2 فبراير 1955، وتولى تحريرها مجموعة من الشباب بنمط أسبوعي، وقد توقفت بعد صدور 17 عدداً وبقيت محتجبة حتى عادت بعددها الثامن عشر في 10 مارس 1958، والسبب هذه المرة هو قانون المطبوعات، حيث يتطلب تفرُّغ رئيس التحرير للعمل الصحفي، وتولى رئاسة تحريرها بعد عودتها يعقوب الحميضي، وبعض من مقالاتها كان يصدر بلا توقيع أو بأسماء مستعارة.
«الاتحاد»: ولدت من آراء القائمين على اتحاد بعثات الكويت في القاهرة وحاجتهم لإصدار مجلة شهرية بعد توقف مجلة البعثة، وصدر عددها الأول في مارس 1955 برئاسة رجاء النقاش، ونتيجة السقف الذي ظهرت فيه أوقفت بعد صدورها، ثم عادت للصدور على يد الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في سبتمبر 1965، وكانت تطبع في القاهرة أول الأمر، ورأس تحريرها صلاح عبدالصبور، ومع صدور العدد الـ 31 بتاريخ 15 نوفمبر انتقلت طباعتها إلى الكويت ورأسها محمد سليمان غانم ثم عبدالمحسن الفرحان. 
أخبار الأسبوع: جريدة أسبوعية عنيت بالشأن السياسي، صدرت في أول نوفمبر 1955 وكانت هي المجلة الأسبوعية الوحيدة في الكويت في تلك الفترة، ورأس تحريرها داود مساعد الصالح. وتميزت بتبويبها وتنظيمها، واستمرت حتى عام 1956 عند تأسيس دائرة المطبوعات والنشر، أي وزارة الإعلام، حيث تم إيقاف الصحف، ومع ذلك فإن رئيس تحريرها رفض إجراء الوقف معبراً عن ذلك صراحة في العدد الأخير منها الصادر في 27 مارس 1956. 
مجلة العربي: جاء إطلاق مجلة العربي كسفير ثقافي وفني وأدبي محلي إلى الأقطار العربية قاطبة، ليعكس حجم التطور الصحافي السريع في دولة الكويت وقدرتها على جذب أسماء لامعة، بالإضافة إلى سقف الحريات الذي كان سائداً، كما أنها عكست من حيث توقيت صدورها التطورات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة في البلاد، في وقت كانت فيه الكويت تجني ثمار النفط، ويعود تاريخ إطلاق المجلة إلى عام 1954، ولكنها لم تتبلور إلا بعد 4 سنوات، حيث بذلت جهود شاقة لإخراجها إلى الواقع بالصيغة التي كان يطمح إليها المسؤولون، وهو ما تم بالفعل في شهر ديسمبر من عام 1958. 
جاء في العدد الأول من مجلة العربي، أنها مجلة شهرية مصورة، عربية علمية أدبية ثقافية جامعة قبل أن يتحول هذا الشعار ويصبح مجلة عربية مصورة شهرية جامعة، وقد صدر عنها في ما بعد ملحق خاص بالأطفال تحت اسم «العربي الصغير» منذ العدد الرابع الصادر في يناير 1960. 
بعد نحو شهر من البحث، وقع الاختيار على د. أحمد زكي لتولي رئاسة تحريرها، واختار كلاً من سليم زبال مخرجاً وأوسكار متري مصوراً وعبدالوارث كبير سكرتيراً للتحرير والمخرج محمد حسني زكي، ثم الرسام أحمد الوردجي، ثم وقع الاختيار على محمود السمرة لمهام نائب رئيس التحرير، وكان مدرساً في ثانوية الشويخ. تزامن صدورها مع انعقاد مؤتمر الأدباء في الكويت، وقد طبع من العدد الأول 35 ألف نسخة وزعت على جميع الدول العربية ونفدت من الأسواق خلال أيام قليلة، وبعد د.أحمد زكي تولى مهام رئاسة التحرير أحمد بهاء الدين، ثم د.محمد غانم الرميحي، ثم د. سليمان العسكري، كما رأس تحريرها أ.صلاح منصور المباركي فترة وجيزة بحكم منصبه وكيلاً لوزارة الإعلام، ثم رأس تحريرها د.عادل سالم العبدالجادر. صدر مع مجلة العربي مطبوعات عدة كان من بينها «العربي الصغير» التي تحولت إلى مشروع مستقل منذ عام 1986، وكذلك سلسلة كتاب العربي، وهي عبارة عن كتاب مستقل يضم أبرز ما كتبه كتّاب المجلة. 

الفنون التشكيلية
كسائر الفنون والنشاطات الأخرى بدأ الفن التشكيلي والرسم في الكويت على يد الهواة الذين ترجم فنهم نقوشاً ورسومات على السفن والقوارب، وقد طغت عليها بطبيعة الحال معالم البيئة الحاضنة، وبدا واضحاً التأثر بالصحراء والبادية، كما اتسمت تلك الأعمال بالبساطة، وكان من بينها الزخارف على الأبواب وفي المساجد والبيوت القديمة. 
غير أن الاهتمام الجاد والرسمي بفنون الرسم بشكل خاص لم يتأخر، حيث برز اهتمام دائرة المعارف بهذا الفن منذ عام 1936، قبل أن يبدأ إرسال المواهب إلى القاهرة وأوربا، وكان من بين هؤلاء معجب الدوسري في عام 1945.  
من هنا يمكن القول إن هذه الحركة بقيت على طبيعتها هذه حتى ولادة المدارس، التي وضعت اللبنة الأولى في بناء الحركة التشكيلية في الكويت وفقاً لخطط مهنية، وكان من بين أوائل الأساتذة في هذا المجال معجب الدوسري، إذ تخرج في عام 1950 وأخذت لوحاته في الظهور، وظهر إلى جانبه أيوب حسين، خليفة القطان، طارق السيد فخري، قاسم عمر الياقوت، أحمد زكريا الأنصاري وغيرهم. ومع هؤلاء برزت الفنون والرسوم التي تعبِّر عن البيئة المحلية على جدران الأزقة القديمة، وسجل عام 1958 إقامة أول معرض فني في الكويت بالتزامن مع مؤتمر الأدباء العرب، لتكر سبحة المعارض، منها معرض الربيع الأول بعد نحو عام، واستمرت حتى عام 1967 مع معرض الربيع التاسع.  

مرحلة المؤسسات والتنوع 
منذ الستينيات أخذت تظهر الأعمال الخزفية إلى جانب الرسوم، وقد برز في تلك الفترة اسم الفنان عيسى صقر الذي تميزت أعماله بطغيان الطابع البيئي عليها، في حين جاءت أعمال الفنان حسين مسيب لتتسم بالكلاسيكية، وتترجم في تماثيل خزفية أو خشبية ونحت على الجص، في تأكيد أنه خلال ذلك العقد، كان الفن التشكيلي في الكويت قد أخذ طابع المنحى التعددي، واتسم بمزيد من العمق، كذلك فقد شهدت تلك الحقبة تأسيس المرسم الحر وولادة فكرة التفرغ، ومنذ عام 1963 ولدت فكرة إقامة الأندية الصيفية، وبعد عامين ولد نادي المعلمين والمعلمات، وكانت هذه المؤسسات الدافع الرئيس لافتتاح شعبة خاصة بالتربية الفنية، ومع عام 1968 ومع افتتاح دار المعلمين، كانت الشعبة الفنية ضمن شعب الدراسة الرئيسة فيها. 
هذه المعطيات سبقها إطلاق البعثات الدراسية التي شكلت أهم عوامل دعم الفنون التشكيلية في الكويت، وقد جاب فنانو الكويت الشباب دول العالم والعواصم الفنية، ما أضفى على فنهم طابع التنوع وأثرى تجاربهم. وعلى مستوى الأسلوب والاتجاهات الجديدة التي تكرست على مستوى الفن التشكيلي، أدت وزارة الإعلام دوراً مهماً في دعم الفنون التشكيلية عبر تبني المعارض الفنية والتعاون مع الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية.  
وفي مرحلة السبعينيات، استمرت حركة الفنون التشكيلية على ازدهارها مدعومة بحركة المعارض والبعثات الدراسية، مستندة إلى دعم الحكومة للفنانين، وبناء على ذلك ظهرت أساليب حديثة أكثر تمكناً في أعمال الفنانين، وشهد مستواهم الأدائي تقدماً ملحوظاً، هذا بالإضافة إلى اتساع آفاق اطلاعهم، ما منحهم القدرة على معايشة الحركات والأساليب المعاصرة، فتعزز الأسلوب السريالي في التصوير في الفنون الكويتية على يد فنانين عدة من بينهم عبدالرسول سلمان وعبدالله القصار، كما سجل الفن الكويتي تجربة الحرف العربي، وكان من أبرز من مارسه الفنان القصار، حيث شكل من أبعاد الحرف وحدوده تشكيلات زاخرة بالألوان الزاهرة، كما برز الأسلوب الزخرفي في أعمال قريبة من التجريدية، خصوصاً على يد الفنان محمود الرضوان.  
 كذلك لم يغب الفن الكويتي عن الظروف المحيطة بالمنطقة، حيث شارك عديد من الفنانين عبر أعمالهم الفنية في عديد من المناسبات، وعبَّروا عن آرائهم في أعمالهم، مثل اعتراضهم على الممارسات الإسرائيلية وغير ذلك من القضايا الوطنية والعربية الشاملة. 

المرسم الحر
جاء تأسيس المرسم الحر ليشكل محطة مهمة في مسيرة الفنون التشكيلية، وقد دعا مدير المعارف آنذاك عبدالعزيز الحسين إلى تأسيسه بحيث يجمع الفنانين تحت مظلة واحدة ويوفر لهم كل الإمكانات المطلوبة، وكان ذلك في عام 1960، متخذاً من مدرسة قتيبة سابقاً مقراً له، وهو ما شكل الانطلاقة الحقيقية للفن التشكيلي في الكويت، حيث تم تعيين مدرسين أكفاء فيه لتدريس الهواة في صفوف مسائية، وبعد عام على تأسيسه طرحت فكرة التفرغ للعمل الفني، وكان الفنان عيسى صقر أول من حصل على منحة التفرع في عام 1961، وعاد إليه بعد دراسة الفنون الجميلة في القاهرة في عام 1966، وكرَّت سبحة الفنانين الحاصلين على منح التفرغ، وكان من بينهم عبدالله القصار وبدر القطامي. ومنذ عام 1972 تبنت وزارة الإعلام الإشراف على المرسم الحر للفنانين، بعد أن كان تحت إشراف وزارة التربية. وقد أرسلت الوزارة عديداً من الفنانين المتفرغين في المرسم لدراسة الفنون في الخارج في أمريكا وفرنسا، من بينهم غزل عوض، سامي محمد، زعابي حسين، صبيحة بشارة، وغيرهم. وفي عام 1974 سجل المرسم تشكيل لجنة للتحكيم على أعمال الفنانين وتقييم مستوياتهم الفنية، وتولى سعيد خطاب مهام مقرر اللجنة، وفي عام 1979 أصبح المرسم تحت إشراف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتحديداً إدارة الآثار. 
بعد تأسيسه بفترة اتخذ المرسم الحر من أحد البيوت الواقعة في منطقة شرق على شارع الخليج العربي مقراً له، وكانت ملكية البيت تعود إلى جاسم بن محمد الغانم الجبر، وهو أحد تجار اللؤلؤ، وأحد أثرياء الكويت في تلك الفترة، يمتد البيت على مساحة 1937 متراً مربعاً، وهو يقع في منطقة شرق على شارع الخليج العربي، حيث تم تجهيزه بما يتناسب مع متطلبات الفنانين، ولاسيما من جهة إقامة الورشات الفنية، علماً بأن البيت يتكون من أربعة أقسام أو أحواش. 

الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية 
ولدت الجمعية من رحم أفكار مجموعة من الفنانين في المرسم الحر، وقد بدأت أولى محاولات تأسيسها في منتصف الستينيات، دون جدوى، ثم أعيد طرحها مرة جديدة، ورفع القانون المعد حولها في عام 1967 إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقد أشهرت في الوزارة تحت رقم 49 في تاريخ 11/2/1968، وقامت على أربعة أهداف رئيسة.

المتاحف
أولت الكويت اهتماماً خاصاً لإنشاء المتاحف باعتبارها من الأنشطة الثقافية التي تعكس وتصون تاريخ البلاد، وقد جاء في المادة الـ 12 من الدستور أن على الدولة أن تصون التراث الإسلامي والعربي. 
متحف الكويت الوطني: كانت بداية المتاحف في الكويت مع متحف الكويت الوطني الذي افتتح في عام 1957، وكان موقعه في شرق في بيت الشيخ عبدالله الجابر، أي ديوان الشيخ خزعل سابقاً، ليكون ممثلاً للبيئة الكويتية بجميع مظاهرها المعيشية، وليعكس عادات وتقاليد أهل الكويت، إلى جانب كونه مؤسسة علمية مهتمة بنشر الثقافة، ومرجعاً يوثق تاريخ الكويت، وفي عام 1976 تم نقل محتوياته إلى بيت البدر، واستمر هناك حتى عام 1983، عندما افتتح المتحف بحلته الجديدة في منطقة القبلة، ليضم مقتنيات قديمة للآثار الحية للتراث الشعبي وآثاراً إسلامية تعود للقرون الأولى من العهد الإسلامي، ويضم المتحف ثلاث صالات رئيسة: الأولى لعرض التراث الشعبي، والثانية لعرض الآثار القديمة العائدة للقرون الأولى من العهد الإسلامي، وأخيراً القبة السماوية التي تمثل الكرة الأرضية، وتتضمن معلومات للباحثين في مجال الفلك والمجرات. 
القصر الأحمر: يعود تاريخ بنائه إلى عام 1896 أو 1897 على أبعد تقدير، ليكون القصر الصيفي للشيخ مبارك الصباح. يقع القصر في منطقة الجهراء، وهو  يعد أحد أهم المعالم التاريخية لدولة الكويت لارتباطه بمعركة الجهراء المعروفة، وقد نُسِب إلى الطين الأحمر كمادة رئيسة استخدمت في بنائه،  والقصر عبارة عن بناء مربع الشكل تبلغ مساحته تسعة عشر ألف متر مربع تقريباً، ولا يزيد طول ضلعه على سبعين متراً، وترتفع جدرانه إلى 4.5 أمتار، ويبلغ سمكها أكثر من 80 سنتيمتراً. وترتفع فوق هذه الجدران أبراج يطلق عليها الغولة عند زوايا القصر الأربع مسافة مترين ونصف المتر، ويضم القصر 33 غرفة وستة أحواش وله ثلاث بوابات رئيسة، شرقية كبيرة وشمالية متوسطة الحجم وصغيرة في جهة الشمال، وخاصة بحوش الحريم، ويتألف القصر من ثلاثة أقسام، هي سكن الأمير والمسجد والديوانية. 
بيت ديكسون: بني في نهاية القرن التاسع عشر على شارع الخليج العربي قرب قصر السيف، وكانت ملكيته تعود لأحد التجار، وكان يستخدم مسكناً ومخزناً، وكان من نتيجة الاتفاقية الموقعة بين الشيخ مبارك الكبير وبريطانيا في عام 1899 أن أصبح هذا البيت مكتباً وسكناً للمعتمد السياسي البريطاني في الكويت منذ عام 1904م وحتى عام 1935، قبل أن تقرر الدولة تحويله إلى مركز ثقافي ومتحف لتاريخ العلاقة الكويتية - البريطانية تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ويمثل البيت إلى جانب مبنى السفارة البريطانية القديم المبنيين الوحيدين في الكويت اللذين تم تصميمهما على الطراز المعماري الكولونيالي، وهو نمط ساد في المستعمرات الإسبانية وفي البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية في بداية القرن الثامن عشر، وهو طراز يساعد في التغلب على صيف البلاد الاستوائي والمداري. اتخذه الكولونيل ديكسون مقراً له واستمر فيه حتى عام 1935، ثم تركه لمدة عام واحد، وذلك بعدما اكتمل بناء مقر المعتمد البريطاني الجديد أو مقر السفارة البريطانية وبيت السفير في الوقت الحاضر.
غير أنه وبعد تقاعده من الخدمة في العمل السياسي عـام 1936 انتـــقل مجــدداً إلــى بــيتــه السابق وعاش فيه حتى وفاته في عام 1959، وواصلت أرملته مسيرتها فيه حتى عام 1990، ولم تغادره إلا بعد الغزو الغاشم. 
بيت البدر: أنشئ في الفترة من 1837-1847م وتعود ملكيته إلى ورثة عبدالعزيز وعبدالمحسن يوسف البدر، وهما من كبار تجار الكويت، وفي مراحل لاحقة تم ضمه إلى إدارة الآثار والمتاحف التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. 
في عام 1976 استخدم مقراً مؤقتاً لمتحف الكويت الوطني، وهو مستغل حالياً مقراً لإدارة التراث الموسيقي. 
يقع بيت البدر في حي القبلة، ويطل على الطرف الغربي من الخليج العربي، ويمثل نموذجاً معمارياً مميزاً، يعبّر بوضوح عن المظاهر الاجتماعية والاقتصادية والحضارية التي كانت تسود المجتمع الكويتي في القرن الماضي، والتصميم الأصلي للبيت يضم خمس ساحات مكشوفة هي: حوش الديوانية، حوش الحريم، حوش المطبخ، ساحة الأعمال، وحوش الغنم.
المتحف العلمي: يعود تاريخ افتتاحه إلى عام 1972، في منطقة المرقاب، ومن أهم  أهدافه المساعدة على فهم واستيعاب المعلومات العلمية وحقائق التاريخ الطبيعي وإجراء مختلف الأبحاث والمحافظة على الطبيعة والحياة البرية، وهو يتكون من أربعة أقسام مهمة: هي قسم العلوم والفضاء وقسم التاريخ الطبيعي وقسم العلاقات، أما القسم الأخير فيضم الخدمات العامة للمتحف. 
متحف طارق رجب: سجل عام 1980، وبجهود شخصية، افتتاح متحف طارق رجب في منطقة الجابرية، وضم مجموعة نادرة من المصاحف والمخطوطات العربية والفخاريات الإسلامية والمشغولات المعدنية والمطرزات العربية القديمة والدروع العائدة للحضارة الإسلامية، ولاسيما التحف الإسلامية الأثرية المصنوعة من السيراميك، حيث يضم أكثر من 2000 قطعة عائدة لأوائل القرن العشرين، وتحديداً من أواخر عهد الباريثيين (فارس) إلى أوائل الساسانيين، وملابس أثرية من فلسطين وسورية وتركيا، كما يحتوي المتحف أيضاً على قطع زجاجية نادرة تعود للقرنين السابع والثامن. ومن أهم مقتنياته أيضاً مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة، بينها نسخ من القرآن الكريم تعود للقرن الرابع الهجري، ومن هذه المخطوطات مخطوطة للخطاط ياقوت المستعصي تعود لعام 1293 ميلادي.  
المركز العلمي: شهد عام 2000 افتتاح المركز العلمي في منطقة السالمية، وهو يولي الثقافة العلمية ونشر العلوم والمعارف العامة وتحفيز الاهتمام بالحفاظ على الحياة البرية والبحرية اهتماماً كبيراً، ويتضمن ثلاثة مرافق رئيسة، حوض الأسماك المعروف بالأكواريوم وقاعة الاستكشاف وصالة عرض بنظام آي ماكس. 
متحف بيت القرين: في عام 2004 أصدر أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - طيّب الله ثراه - قراراً قضى بتحويل بيت القرين إلى متحف وطني تحت مسمى متحف شهداء القرين، ليجسد معركة بيت القرين التي وقعت في 24 فبراير 1991 وخاضها 19 شاباً من المقاومة الكويتية ينتمون إلى مجموعة المسيلة ضد الاحتلال العراقي، وراح ضحية هذه المعركة 12 شهيداً. وقد قرر الأمير الراحل افتتاح المتحف في العام نفسه بعد تطويره وإضافة بعض الأقسام عليه كقسم الوثائق وقسم السينما وقسم المكتبة. يضم المتحف ثلاثة منازل، الأول الإدارة وقاعة كبار الزوار، والثاني منزل الشهيد بدر العيدان، بينما يضم الثالث قاعة للسينما ومعرضاً للصور والمكتبة، من الناحية الإدارية يتبع المتحف وزارة الإعلام متمثلة بإدارة الآثار والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. 
بيت العثمان: الاهتمام بالمتاحف جزء من استراتيجية شاملة ومستمرة، لذا سجل عام 2013 افتتاح بيت العثمان في منطقة حولي كصرح يجسد المعالم التاريخية التي تعكس الوجه الحضاري للكويت، وقد تبلورت فكرة المتحف على خلفية وجود حاجة ملحة لمؤسسة تحفظ دور الأجداد والآباء وما تبقى من المادة التراثية، ويجسد متحف بيت العثمان النموذج المتكامل للبيت الكويتي التقليدي الذي أسس في عام 1947 بأسلوب تقليدي. 
يضم البيت متحفاً خارجياً يعرض فيه آليات قديمة من بينها أول طائرة عسكرية، وأول دبابة، وأول بيرق نفط، وأول سيارة شرطة، وأول دراجة نارية، وأول سيارة إسعاف وأول سيارة إطفاء، أما من الداخل فيضم ثلاثة متاحف، وهي: البيت الكويتي التقليدي الذي يضم قطعاً أصلية حتى إن كل قطعة معروف لمن تعود ملكيتها. 
كذلك هناك قسم يعرف بـ«رحلة الحياة في تاريخ الكويت» مؤلف من غرف عدة، من بينها غرفة شركة نفط الكويت التي تجسد عملية اكتشاف النفط وإنتاجه، وأول بئر نفطية، ووثائق تاريخية تعبِّر عن هذه المرحلة، كما أن هناك غرفة وزارة التربية، وتجسد تطور رحلة التعليم، بالإضافة إلى بعض المواد ذات الصلة من كتب وصور وغير ذلك، وهناك أيضاً غرف للبريد والمواصلات، وأخرى لتاريخ الشرطة والداخلية والمرور ومراحل تطور الأسلحة والملابس والمخفر وحرس الأسواق، وأخرى للجيش والحرس والشهداء ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وغيرها من المؤسسات الوطنية العريقة. 
أما الغرفة الوحيدة التي لها علاقة بالماضي غير الكويتي فهي غرفة التاريخ الإسلامي، وهي تروي تاريخ الدين الإسلامي الحنيف في عصر الأجداد والآباء. ويضم متحف بيت العثمان قاعة للاحتفالات الكبرى تمتد على مساحة 1000 متر، مخصصة للاحتفالات الشعبية والوطنية. 
وبشكل عام يضم بيت العثمان كمّاً كبيراً من القطع البحرية والوثائق النادرة، من بينها على سبيل المثال مصحف نادر يعود تاريخه إلى عام 1837 كتب في الكويت، بالإضافة إلى صور نادرة لحاكم الكويت الشيخ جابر المبارك في الفترة من 1917 -1925.   
هذا البيت بناه عبداللطيف العثمان، التاجر الكويتي المعروف بحبه لعمل الخير على ثلاث مراحل، منذ عام 1947، واستكمل معظمه في عام 1950، حيث تم استخدام الطابوق الأسمنتي، والجزء الثالث بني في منتصف الخمسينيات، وباستخدام الأسمنت المسلح.  
متحف شرطة الكويت: افتتح تحت رعاية وبحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح بتاريخ 20 فبراير 2014، يقع المتحف في منطقة بنيد القار، في موقع ما يعرف بالنقطة القديمة التي تحولت في ما بعد إلى مخفر ومن ثم إلى متحف، وهو يجسد مسيرة الشرطة من تاريخ ومرحلة «الفداوية» إلى ما بعد الغزو الغاشم، ويزخر متحف شرطة الكويت بالتاريخ والقطع القديمة، كما أنه ثري بالسجلات والوثائق، وأهم إنجازات الشرطة وتطورها، كما أنه يضم قطعاً قديمة تجسد المرحلة من 1938 حتى عام 1960، بالإضافة إلى وثائق سفر بريطانية، وأول جواز مكتوب على غلافه عبارة «إمارة الكويت» والذي كان يطلق عليه جواز «أبو خيشة» لكونه مغلفاً بالقماش المشمع، بالإضافة إلى جواز آخر عليه عبارة «حكومة الكويت». 
يضم المتحف مجموعة غرف، في الأولى منها جنسية أصدرت في عام 1959، وأول رخصة قيادة، وأول لباس لرجال الشرطة ومقتنيات قيِّمة أخرى مرتبطة بقطاع الشرطة، بالإضافة إلى نماذج الجنسيات الكويتية المختلفة التي تم العمل بها سابقاً، وقطع سلاح نادرة ومميزة، من بينها سلاح مكتوب عليه «قوة شرطة الكويت» وعليه ختم التاج البريطاني، ولدى القيمين على المتحف خطة طموحة لتطويره، ستبدأ بالانتقال إلى قصر نايف، حيث سيصبح المقر الرئيس له. 
معرض التراث الشعبي: افتتح في عام 2003، وتعد قاعة التراث الشعبي الكويتي صورة مصغرة لكويت الآباء والأجداد، وتشمل ساحة سوق الصفاة، السوق القديم، الفريج والبيت الكويتي، حياة البحر وصناعة السفن، مقتنيات الحياة اليومية، سوق الحرف اليدوية، الأزياء الكويتية، والقهوة الشعبية.  
وكذلك هناك القرية التراثية في السالمي، وهي تتبع فريق الموروث الشعبي. 
وفي المحصلة تزخر دولة الكويت بعدد جيد من المتاحف المتخصصة التي يختصر بعضها بشكل واضح تاريخ الكويت والمراحل التي مرّ بها، ولعل هذا الواقع دفع عديداً من المعنيين والأكاديميين للمطالبة بتأسيس هيئة عامة للآثار والمتاحف تشرف على هذه القطاعات وتعزز دورها وحيويتها.   
  وعلى الرغم من هذا التنوع في المتاحف في الكويت، فإن التاريخ العريق للكويت في التجارة بقي غائباً عنها، وهو ما دفع أستاذة التمويل في جامعة الكويت حصة البعيجان إلى طرح مبادرة من هذا النوع، وقد نجحت في افتتاح متحف من هذا القبيل في كلية العلوم الإدارية في الشويخ، وضم المتحف نبذة عن أهم المحطات في تاريخ الكويت المالي والاقتصادي، جسّدته إصدارات ومقتنيات مهمة وقطع معدنية وعملات نادرة.

المسرح 
مر المسرح في الكويت، على غرار الفنون الأخرى، بمراحل تاريخية عدة، قبل أن يبلغ مستواه الفني المهني الراقي، منذ الستينيات، وقد كان لتناوله القضايا الاجتماعية الأثر البالغ في تحقيقه نجاحات تجاوزت حدود الكويت، فترددت أصداء أعماله في بغداد والقاهرة، واستمر المسرح في الكويت في حالة زخم ونجاحات مستمرة حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ففي تلك الفترة بدأ التراجع في مستوى المسرح بعد أن بدأت إرهاصاته قبل سنوات، نتيجة عوامل ومعطيات عدة، كان من بينها على حد وصف أحد وجوه هذا الفن الكاتب المسرحي سليمان الخزامي سيادة الاهتمام بالمسرح التجاري، والاهتمام حصراً بشباك التذاكر على حساب المضمون ليصبح المسرح التجاري سائداً.  
أما التوصيف الأدق للتحولات التي مر بها المسرح في الكويت فكرسه أحد أبرز رموزه وهو حمد عيسى الرجيب، فقال في إحدى كتاباته إن الأستاذ محمود نجم (من البعثة الفلسطينية) وضع بذرة المسرح في الكويت خلال فترة الأربعينيات، غير أن هذا الواقع لا ينفي الحقيقة القائلة إن المسرح كفكرة للهواة بدأ في عام 1922 عندما قدم عبدالعزيز الرشيد أول مسرحية في الكويت، وذلك في عام 1922م بمناسبة الاحتفالية الخاصة بمرور عام على افتتاح المدرسة الأحمدية، غير أن اسم هذا العمل الفني لم يذكر في الكتب المؤرخة، ولكن مما كتب حول ذلك العمل يستنتج أنه اتسم بالواقعية، وكان محوره التطور وتعدد الرؤى، عاكساً في بعض جوانبه شخصية كاتبه التي اتسمت كشخصية راغبة في الانفتاح على العالم، كما أن مثل هذا العمل بني على أسس صلبة ومهنية فجاء استناداً إلى نص مؤلف ومعد سلفاً غير مرتجل. 
أما العمل المسرحي التالي في تاريخ الكويت، فانتظر حتى عام 1939، وقد جرى هذه المرة في المدرسة المباركية تحت اسم «إسلام عمر بن الخطاب»، وأخرجه عضو البعثة التعليمية الفلسطينية محمد محمود نجم، الذي كان قد تتلمذ على يد الفنان زكي طليمات، وقد شاركه في هذا العمل عدد من التلاميذ الوافدين والكويتيين، كان من بينهم على سبيل المثال محمد المغربي وحمد الرجيب، ثم في أعمال أخرى شارك طلبة جدد كان من بينهم أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح. ومن هنا توالت الأعمال المسرحية متخذة طابعاً موسمياً، ومنها «فتح مصر أو عمرو بن العاص» وكذلك «حرب البسوس» بين عامي 1940و1943م، وقد عكس هذا العمل الأخير مدى الاحتضان الرسمي الذي عرفه العمل المسرحي في الكويت آنذاك، إذ أُقيم تحت رعاية أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح، وقد استعين بسيوف وسجاد من قصر دسمان، وقد حضر الأمير العرض المسرحي وكرّم المشاركين بنفسه. من هنا يمكن القول إن العمل المسرحي في الكويت أخذ يشق طابعه المحترف مزيلاً عنه أي صفة من صفات الهواية والارتجال، إذ مزجت جهود أساتذة هذا الفن بالتحصيل العلمي لدى الطلبة يدعمها تشجيع الأهالي، وقد ساهمت زيادة المدارس في تلك الحقبة في دعم انتشار العمل المسرحي على مستوى الوطن، إذ شهد عام 1944 عرض خمس مسرحيات في مدارس: المباركية، الأحمدية، القبلية الشرقية، تحت المسميات التالية: «بلقيس»، «حرب البسوس»، «فتح الأندلس»، «صلاح الدين»، «عبدالرحمن الداخل». 
وتجاوزت مرحلة التألق المسرحي المحلي حدود الوطن، لتتردد أصداؤه بين جدران معهد المعلمين في القاهرة، ويلمع اسم جديد أسس لمرحلة مختلفة في تاريخ العمل المسرحي في الكويت، هو حمد عيسى الرجيب، الذي تتلمذ على يد الفنان زكي طليمات، إذ جسدت مسرحية «إسلام عمر» أول عمل شارك فيه، ومن هناك أصبح اسمه حاضراً في مختلف الأعمال المسرحية، بدءاً من عام 1945 ولاسيما الأعمال التي أقيمت في بيت الكويت في القاهرة، وحتى عام 1950، وبالفعل، فقد ساهم الرجيب في تشجيع وإرساء معالم المسرح الحديث في الكويت، مقدماً في الوقت نفسه مجموعة أعمال قيّمة، إذ كان من بين أول ما ألَّف «من الجاني»، «خروف نيام نيام»، كما شارك مع أحمد العدواني في تأليف مسرحية «مهزلة في مهزلة». 

من المدارس إلى النوادي 
منذ عام 1950 دخل العمل المسرحي في الكويت منعطفاً جديداً، ولاسيما بعد أن أصبحت النوادي تشهد تنظيم عروض مسرحية بعد المدارس، فأسست جمعية للتمثيل في نادي المعلمين الذي يعود تاريخه إلى عام 1951، وقدمت فيه مسرحيات عدة، كما شهد النادي الأهلي مجموعة عروض أيضاً في العام التالي، ثم كان هناك تطور مهم برز مع تأسيس «فرقة الكشاف الوطني» كأول تجمع مستقل يمثل الهيئات والمدارس يخصص للمسرح، قبل أن يتحول اسمها إلى «المسرح الشعبي»، وكان تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية في عام 1956، وفي تلك الحقبة كان عيسى حمد الرجيب قد أصبح أحد مسؤولي الوزارة، حيث دعا أستاذه زكي طليمات إلى الكويت، وتولى الأخير ملف المسرح برمته معداً دراسة شاملة حوله، أخذت طريقها إلى التنفيذ منذ عام 1961، وكان من أثرها ولادة «فرقة المسرح العربي» القائمة على نهج علمي في اختيار الممثلين، وتقديم أعمال بلغة عربية فصحى، لتكون مسرحية «صقر قريش» باكورة أعمالها في عام 1962، قبل  ولادة مركز الدراسات المسرحية بعد نحو ثلاثة أعوام، وقد تخلت الوزارة عن الإشراف على الفرق وتقرر أن تكون ذات طابع أهلي، ليتوالى إشهار الفرق، وكان أبرزها: 
- فرقة المسرح العربي 1961. 
- فرقة المسرح الشعبي 1964، وسبق أن بدأت في عام 1956. 
- فرقة مسرح الخليج العربي 1962.
- فرقة المسرح الكويتي 1964. 
سجل نشاط الفرق الأهلية تميزاً ملحوظاً بدءاً من عام 1966، عندما أخذت المسرحيات الكويتية تعرض خارج حدود الوطن في دلالة على مكانتها الفنية والأدبية، وكان من بينها على سبيل المثال مسرحية «الحاجز» لفرقة المسرح العربي، إذ عُرضت في كل من بغداد والقاهرة، بينما شارك «مسرح الخليج» في نشاطات ومهرجانات خارجية عدة كان من بينها على «جناح التبريزي» و«تابعة قفة» في مهرجاني قرطاج ودمشق. 
  إلى ذلك، سجل عام 1967 خطوة أخرى مهمة على طريق إضفاء المزيد من البعد المؤسسي على المسرح في الكويت، وذلك مع تطور دور مركز الدراسات ليحمل اسم معهد الدراسات المسرحية، مع احتفاظه بنظام العامين الدراسيين بعد شهادة الثانوية العامة، إضافة إلى قسم الدراسات الحرة الذي لم يكن يشترط أن يحمل المرشح إليه شهادة الثانوية العامة، وفي عام 1975 تغير اسمه مجدداً ليصبح هذه المرة «المعهد العربي للفنون المسرحية»، معتمداً نظاماً دراسياً من أربع سنوات، وضم ثلاثة أقسام هي: قسم التمثيل والإخراج، وقسم النقد والأدب المسرحي، وقسم الديكور المسرحي، ونجح في استقطاب طلاب من دول الخليج العربية. 
وكان من نتيجة هذه التطورات أن أسهم المعهد في تخريج أجيال درست المسرح وفق أسس علمية، طارحاً عديداً من العروض المسرحية التي ما زالت عالقة في الأذهان، وامتد أثره نحو إثراء الحياة الثقافية في الكويت والمشاركة في فعاليات عدة من بينها مهرجان القرين الثقافي، وقد استمر المعهد في نشاطه الثري خلال عقد التسعينيات، وأطلقت عروض مسرحية عدة، ولاسيما في عهد الكاتب والمخرج حسين المسلم، ثم توالى إشراف شخصيات مرموقة عدة على إدارة المعهد، من بينها أحمد عبدالحليم، سعد أردش، كرم مطاوع، أحمد زكي، المنصف السويسي، صالح سعد، ويحيى عبدالتواب وغيرهم.
وإلى جانب الدور الذي أدته الفرق الأهلية، ومن ثم المعهد على مستوى النشاط المسرحي في الكويت، فقد كان لبعض المؤسسات الأكاديمية لمستها في هذا المجال، حيث أسست وزارة التربية منذ العام الدراسي 1962-1966 قسماً للنشاط المدرسي الذي ينضوي النشاط المسرحي تحت مظلته، وكذلك سجل عام 1977 ولادة المسرح الجامعي، واستمر في نشاطه حتى عام 1980، عندما قررت عمادة شؤون الطلبة تعيين مشرف متخصص في المسرح لمتابعة نشاطه، وكان من نتيجة هذه الفورة في النشاطات المسرحية أن عمد المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى إطلاق مهرجان المسرح المحلي منذ عام 1989، ثم سجل عام 2004 إطلاق مهرجان الخرافي السنوي كنشاط يجري تنظيمه بصفة سنوية، وكان من نتيجة هذه الحركة النشطة مصنفات وكتب قيمة تناولت العمل المسرحي في الكويت، وعلى الرغم من كل الطموحات التي علقت على العمل المسرحي في الكويت، فإنه سجل تراجعاً ملحوظاً خلال العقدين الماضيين، حتى لخص الفنان محمد المنصور واقعه بالقول: «إن المسرح في الماضي كان يصنع المناسبة، أما اليوم فقد أصبح أسيراً لها».
كذلك فقد كان للمرأة الكويتية دور بارز في إثراء تجربة المسرح الوطني، من خلال شخصيات لمعت أسماؤها على خشباته كان من بينهن: سعاد عبدالله، حياة الفهد، مريم الصالح، مريم الغضبان، وطيبة الفرج.   

المسارح الخاصة 
وبالعودة إلى النشاط المسرحي بشكل عام، فقد سجل عام 1984 تطوراً جديداً، وإن كان له الأثر الإيجابي التام كأقرانه من التطورات التي شهدتها الحركة المسرحية، حيث كرست المسارح الخاصة نفسها كلاعب جديد، وسجل ذلك العام دخول المسارح الخاصة كمنافس للمسارح الأهلية، وعلى الرغم مما تميز به هذا العام من ثراء على صعيد الإنتاج المسرحي، فإن معظم النقاد اتفقوا على أن هذه الظاهرة الجديدة كرست واقع «الكم» على حساب «الكيف»، ولعل هذا الواقع طبع ومازال يطبع المسرح حتى اليوم، فانحصر دور المسارح الأهلية ولا نقول اندثر، وكذلك دور الفرق الأهلية، بينما كان من نتيجة هذا التراجع، أو حتى مما ساهم في تكريسه، انتقال عديد من نجوم العمل المسرحي إلى الأعمال التلفزيونية، وربما الدرامية على وجه التحديد. 
وبالرغم من هذا الواقع، فإن هناك مساعي لإعادة تحديث البنية التحتية للمسارح من خلال إطلاق مسارح جديدة من بينها مسرح السالمية الذي افتتح في أكتوبر 2014، ويعد صرحاً مميزاً، ويكرس نمطاً غير مسبوق في المسارح على مستوى الكويت، غير أن عديداً من المعنيين بهذه الصناعة يرون أنه مطلوب توفير الدعم الفني والتقني لها، وصولاً إلى القوانين والتشريعات التي ترعاها وعدم قصرها على المباني والتجهيزات.   
 ومع ذلك، فلا شك في أن تجربة المسرح في الكويت كان لها رونقها الخاص، وقد حجزت لنفسها مكانة مهمة في أوساط المثقفين ومختلف شرائح المجتمع، وإن كانت قد برزت فوارق عدة بين مستوى الأعمال التي تقدمها الفرق الأهلية وبين أعمال المعهد، ثم برز عامل آخر تمثل في انحسار التفاعل بين المعهد نفسه وعالم المسرح، وتحول عدد من خريجيه إلى الأعمال التلفزيونية والإذاعية والفرق الخاصة. 
ورغم المراحل المتعددة التي مر بها المسرح في الكويت، ولاسيما مراحل التراجع التي سجلها خلال العقود الثلاثة الماضية، فإنه ومما لا شك فيه أن المسرح في الكويت ترك بصمة واضحة كفن قائم بذاته، ولعل التوصيف الأكثر حوله يبقى في ما لخصه الأستاذ الرجيب نفسه بالقول: «كان المسرح ولايزال المرآة التي تطل منها الشعوب على ماضيها وحاضرها وأيضاً مستقبلها...». 

الموسيقى والغناء
بالعودة إلى الأغنــــية الكويتية بشكل عام، فقد استمدت التقليدية أو الأصيلة منها خصائصها وجذورها ومناهجها التلحينية من فنون العصور الأولى للحضارة العربية، وإن كانت الأغنية في ما بعد شهدت شيئاً من التطور حتى أصبحت تشبه إلى حد كبير الأغاني العربية المعاصرة، فالأغاني التقليدية كانت على أنواع ثلاثة: المدنية، والبحرية، والبدوية. فالنوع الأول ينتمي إلى المدينة، ومارسه المطربون، ويشمل أيضاً الأغاني الجماعية التي كانت تتلوها الفرق الشعبية أو الأغاني الفلكلورية.
أما الأغاني البحرية، فهي تضم أغاني فردية وجماعية يمارسها البحارة على ظهر السفن، وهي تتطلب ممن يؤديها مهارات فنية وموسيقية ذات مستوى عالٍ من الحس، وتتصاحب مع استخدام آلة الصرناي، في حين أن الأخيرة هي تلك التي تنتمي إلى البادية، وهي مجموعة من القوالب الشعرية واللحنية التي يتم ترديدها بمصاحبة آلة الربابة.
إذن، يمكن القول إن الكويت تفردت ضمن منظومة دول الخليج منذ القدم، بلون من أعرق الألوان الغنائية الشعبية العربية وهو فن «الصوت»، وهو ضرب من الغناء العربي عرفه الأولون. ومنذ عام 1960م، عرفت الكويت الأغنية الحديثة، وخصوصاً مع الفنان شادي الخليج، حيث شكلت أغنية «لي خليل حَسِين» أول أغنية حديثة مطورة. ومنذ تلك الفترة، شهدت الكويت حفلات فنية راقية أقيمت في صالات عدة، منها على سبيل المثال الحفلة التي شارك فيها الفنان عبدالحميد السيد في عام 1963، في سينما الأندلس. 

الفنانون الأوائل 
يعد عبدالله الفرج من أوائل العازفين على العود في الكويت، وإن كانت البلاد قد سجلت وجود عازفين على هذه الآلة، لكن يبدو أنهم كانوا غير مشهورين، ومنذ العشرينيات عرفت الكويت العود الهندي المصنوع من قطعة واحدة من الخشب الأكثر رواجاً، قبل أن يصبح العود الشامي شائعاً بين الناس، ويحل مكان نظيره الهندي. 
إذن، يعد عبدالله بن محمد الفرج «أبو الأصوات» في الكويت، وقد ولد في عام 1836، وعلى الرغم من أنه برع في العلوم العامة، فإنه آثر عليها الشعر والموسيقى، ويبدو أن الفرج تأثر خلال فترة وجوده في بومباي بأهل اليمن الموجودين هناك، الذين كانوا معروفين بأنهم ذواقة في الموسيقى، وقد حمل فنه معه إلى الكويت عند عودته إلى بلاده، وبرع في العزف على آلة العود وفي التلحين، هذا بالإضافة إلى أنه كان شاعراً، وخصص الفرج في ديوانه غرفة للعزف عرفت بالـ «أدخينة»، وقد لازمه في عزفه إبراهيم اليعقوب، حتى وفاة الفرج في عام 1903م، فأخذ مكانه واستمر في العزف حتى بلغ مرحلة العجز.
 وبرز أيضاً من الفنانين الذين توارثوا الألحان في تلك الفترة عبدالله الفضالة، عبداللطيف الكويتي، محمود الكويتي، أحمد الزنجباري، عوض دوخي، يوسف دوخي، وعبداللطيف الدوخي... وغيرهم.
 وبعد الفرج ذاع صيت خالد البكر، وقد فتح ديواناً لمريديه في شارع دسمان وكان يزوره علية وأعيان البلاد، وقد تأثر به أيضاً شقيقه يوسف البكر، وينقل عن جيل تلك المرحلة أن متذوقي الموسيقى لم يكونوا يفرّقون بين الشقيقين. ويروي أحمد البشر الرومي أنه استفاد من الهدية المقدمة من الشيخ جابر العلي الصباح في عام 1953م، وهي عبارة عن مسجل جديد، فاستغل الفرصة ليسجل ليوسف البكر أكثر من 60 أغنية من أغانيه.
أحمد الزنجبار: ولد في زنجبار في عام 1917م، وهاجر إلى الكويت في عام 1933م، على متن إحدى السفن التجارية، قادته إلى البلاد شهرة عبدالله الفرج، وعُرف عنه أنه ملحن وعازف ومطرب وكذلك ممثل مسرحي، وعلى الرغم من أن عدد أعماله الغنائية لم يتعد 8 ألحان، فإنه شكّل بحق مدرسة فنية وغنائية، كما أنه أول من غنى له المطرب فرج الفرج، بالإضافة إلى أنه من مؤسسي فرقة الإذاعة الكويتية، وكان من الأعضاء البارزين في مركز الفنون الشعبية الذي أُسس في عام 1957م. 
عبدالله الفضالة: ينسب إليه أنه أول من أدخل البيانو في الأغنية الكويتية، وقد ساهم في تطور الأغنية الكويتية من حيث استعمال الإيقاعات وبعض الآلات الموسيقية. تميز الفضالة بقدرة كبيرة في الكتابة، كما لمع في الشعر والتأليف والطرب والتلحين، وبرع في الغناء الشعبي (الصوت) والأغاني الخفيفة، سجل أولى أسطواناته في عام 1913م، وتم ذلك في الهند، وكان من المعروف أن أسطواناته كانت تُباع بسعر أعلى من الأسطوانات الأخرى، وكان من بين الأغاني التي سجلت أرقاماً مرتفعة في المبيعات أغنية بعنوان «العجائز»، وقد حققت أغانيه نجاحاً كبيراً في حقبة الخمسينيات. 
عبداللطيف الكويتي: هو باختصار فنان الأوائل، فهو أول فنان كويتي يسجل أغانيه على أسطوانات وكان ذلك في بغداد في عام 1927م، كما أنه أول مطرب كويتي غنى أغنية في بغداد، قبل أن ينتقل للتسجيل في القاهرة، ليكون أيضاً أول فنان كويتي يسافر إلى هناك، ويلتقي بكبار فنانيها مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، ورافقه في تلك الحقبة، المطرب سعود عبدالرزاق الياقوت، كما أنه يعد أول مطرب كويتي سافر إلى السعودية واتصل بعاهلها الملك عبدالعزيز بن سعود في عام 1934، حيث غنى له نشيداً خاصاً... الأولية عنده لا تقف عند هذا الحد، فهو أول مطرب كويتي غنى في الإذاعات العربية والأجنبية منذ عام 1938م، ويقال إنه في وقت من الأوقات لم يكن هناك طرب غير طرب عبداللطيف الكويتي.  
  شادي الخليج: يجسِّد شادي الخليج جيل الفنانين الأصيلين والجدد في الكويت، واسمه الأصلي عبدالعزيز خالد المفرج، وقد أطلق اسمه الفني عليه من قبل حمد الرجيب. تبوأ مكانة كبيرة في قلوب شرائح المجتمع المختلفة، ومازال اسمه يتردد حتى اليوم في عالم الغناء الأصيل، كما كان له موقعه واحترامه بين الفنانين، إذ كان يحمل مؤهل بكالوريوس من المعهد العالي للتربية الموسيقية منذ عام 1967، وهو أحد مؤسسي جمعية الفنانين الكويتيين وأمين سرها. 
بدأ مسيرته منذ عام 1954م مشاركاً ضمن أفراد الكشافة في المدرسة الأحمدية التي أحيت حفلة سمر غنى فيها، وكان من بين الحضور الشيخ عبدالله الجابر الصباح، في حين  كانت بدايته الحقيقية في عام 1960م، حين قدم له الملحن أحمد باقر لحن أغنيته الشهيرة «لي خليل حسين» من كلمات الشاعر أحمد العدواني، ولكنه لم يسجل هذه الأغنية مباشرة، حيث اعتبرت أغنية «الأم» أول أغانيه الرسمية. وعلى الرغم من الشهرة السريعة التي حصدها، فإنه توقف لمدة 11 عاماً ثم عاد في عام 1976، وطرح أغنيتين من ألحان غنام الديكان.   

وللمرأة حصتها 
لم يقتصر التراث الفني والغنائي الكويتي على الرجل، بل امتد ليشمل المرأة الكويتية، وكان للنساء حضور شعبي ليس فقط في الكويت بل في منطقة الخليج العربي أيضاً، وكان من بينهن أو أبرزهن الأسماء التالية:
- عودة المهنا: واسمها الحقيقي عودة بشير معيوف المهنا...  بدأت مسيرتها الفنية في الخامسة عشرة من عمرها، وعُرفت بأنها فنانة شعبية، وكانت ضمن فرقة خالتها المرحومة هدية المهنا، وفي ما بعد أصبحت في الصفوف الأولى في الفرقة ومن وجوهها الرئيسة، حيث حفظت جميع الفنون الشعبية، وقد تولت في ما بعد رئاسة الفرقة. وتذكر في إحدى مقابلاتها أنها كانت تسمى بالـ «رعدة»، وبرزت الفنانة في فنون عدة أخرى من بينها المسرح، حيث كانت فرقتها أول فرقة نسائية تصعد على خشبة المسرح في عام 1955م، كما شاركت في فيلم سينمائي بعنوان «تقاليد وعادات الزواج في الكويت» في عام 1957م. إلى ذلك، تعد فرقتها أول فرقة نسائية شاركت في الكورس في بداية تسجيل الأغاني الحديثة مع الفنان شادي الخليج. وكانت لها مشاركات في مناسبات وطنية عدة، من بينها على سبيل المثال تشييع شهيدي مركز الصامتة يوم 24/3/1973م بحضور شخصيات رسمية وشعبية. 
- أم زايد: عرف الفن الكويتي الفنانة الشعبية أم زايد، وهي من الأعضاء المؤسسين لجمعية الفنانين الكويتيين، وصاحبة فرقة حملت اسمها، ولها تسجيلات إذاعية كثيرة. 
- عائشة المرطة: عرفت الكويت عائشة المرطة التي لقبت بملكة السامري، ولم تكتف بالسامري، بل غنت الأغاني التي تمتاز بالإيقاع الدوسري والنجدي والحوطي والنجازي... عرفت بحبها المستمر لزيارة القاهرة ولقائها بأم كلثوم، وسجلت فيها أحب أغانيها.
أما أبرز الآلات الموسيقية والإيقاعية التي عرفتها الكويت، فهي: الطبل الكبير، الطبل النصفي، الأحجلة (الأيحلة)، المرواس، الطار، المسوندو، الطويسات، الهاون، التصفيق، المنجور، التنكة، جيكانجا، المنحاز، الربابة، العود، السمسمية، الطنبورة، الباتو أو التنكة، العدناوي، الهبان، المنارة، الدكل والبيبا.
مركز الفنون الشعبية: افتتح في عام 1956م، وشكل مظلة للفنانين الذين أخذوا بارتياده، في خطوة تؤكد الاهتمام بفن الغناء والموسيقى، بالإضافة إلى انتشار هذا الفن في الكويت في تلك الفترة. وقد أصبح المركز بمنزلة المقر للفنانين يزاولون فيه حياتهم الفنية، وقد بلغ المركز من القوة في مرحلة من المراحل بحيث كانت الإذاعة لا تجيز شيئاً إلا بموافقته على النص واللحن والأداء، وقد سجلت فيه العديد من الأغاني الشهيرة، من بينها «لي خليل حسين وفرحة العودة»... باختصار، لعب المركز دوراً مهماً في إبراز الأغنية الكويتية ودعم انتشارها.  
معهد الدراسات الموسيقية: لا يمكن المرور على تجربة الغناء والموسيقى في الكويت من دون تسليط الضوء على تجربة معهد الدراسات الموسيقية، التي عكست بشكل أو بآخر مواكبة مؤسسات الدولة لهذا الفن المتنامي منذ عقود، والسعي لتوفير الدعم له بكل الأشكال المتوافرة، وهو ما توج من خلال تأسيس معهد الدراسات الموسيقية في عام 1972م، قدم المعهد دراسات المرحلة الثانوية ليتطور بعد أربعة أعوام ويشمل المعهد العالي للفنون الموسيقية، موفراً فرصة تعلم شتى مجالات الموسيقى، ومع ذلك فهو يوفر لخريجي المرحلة الثانوية الالتحاق به بشرط الانخراط في برنامج تمهيدي لمدة عام. 
ويتمثل أحد أهدافه في صناعة جيل من الموسيقيين، ويتضمن من خلال منهجه، إضافة إلى تعليم العزف على الآلات المختلفة وأنماط الموسيقى المختلفة مثل الشرقية والكلاسيكية، مناهج متخصصة في التراث الموسيقي الكويتي وتاريخها. 

تلفزيون الكويت
عرف أهل الكويت التلفزيون لأول مرة، مع أول بث تلفزيوني محلي في عام 1957م، من خلال محطة إرسال صغيرة بقوة عشرة كيلو واط، وكان مملوكاً لأحد التجار، غير أن الانطلاقة الحقيقية للتلفزيون كانت في الخامس عشر من نوفمبر من عام 1961م، عندما صدر المرسوم الأميري رقم2،  الذي قضى بإلحاق تلفزيون دولة الكويت بوزارة الإرشاد والأنباء، أي وزارة الإعلام حالياً، ليصبح ثاني تلفزيون في الخليج بعد العراق، وكان باسم البرنامج العام يبث من الحي الشرقي في مدينة الكويت تحت مظلة شبرات عدة، بينما تم تأسيس محطة المطلاع في البداية بحيث يصل البث إلى مختلف مناطق الكويت، وكانت ساعات البث لا تتعدى 4 ساعات بنظام البث الأبيض والأسود، غير أن البث الرسمي بدأ في نهاية عام 1962م، وسجل في 19 يونيو من ذلك العام خروج أول كاميرا من الاستديو، لتسجيل الاحتفالات الرسمية والشعبية بمناسبة عيد الاستقلال، علماً بأنه عرف في عام 1961م إنتاجه السينمائي.  
استمر البث التجريبي لمدة عامين حتى نهاية عام 1962م، حيث بدأ البث الرسمي، واستمر التلفزيون بالخصائص الفنية نفسها تقريباً حتى 15/3/1974م، عندما بدأ البث الملون وفق نظام «بال» الأوربي، بالتزامن مع دورة كأس الخليج في البحرين، ثم بعدها بفترة قصيرة افتتح التلفزيون مقره الجديد ضمن مجمع وزارة الإعلام، وكان ذلك في 17/2/1979م، لتشكل هذه الخطوة محطة مهمة على طريق التحول الشامل في المؤسسة، حيث تم تجهيزه بأفضل المعدات، في حين اتخذت البرامج طابعاً أكثر تنوعاً من حيث الروائية والرسوم المتحركة والثقافية وغيرها، وارتفعت ساعات البث إلى 16 ساعة يومياً، أما أوائل المذيعين في تلك الفترة فكانوا سالم الفهد، رضا الفيلي، جاسم الشهاب، باسمة سليمان، منى طالب وأمل جعفر. 
عرفت مؤسسة تلفزيون الكويت قنوات عدة أبرزها: 
- القناة الأولى: بدأ بثها في عام 1961م، وشكلت القناة الرئيسة لدولة الكويت بطابع شامل، تضمنت المنوعات، العروض الموسيقية، الأفلام والأخبار وغيرها، وتبث على مدى 24 ساعة في اليوم. 
- القناة الثانية: مختصة بالبرامج الأجنبية، وافتتحت في 2/12/1979م، وبدأ البث فيها بمعدل 4 ساعات يومياً، وكانت موجهة للجاليات الأجنبية المقيمة في البلاد، وتضم أفلاماً ومسلسلات، بالإضافة إلى البرامج السياسية والإخبارية، وتقدم ترجمة للغة العربية، وتم رفع ساعات بثها إلى 24 ساعة يومياً على مدار الأسبوع. 
- القناة الثالثة: جسدت دور القناة الرياضية المتخصصة، بدأت البث بنحو 12 ساعة.   
القناة الرابعة: ترفيهية منوعة، بدأ البث فيها في نوفمبر 1993م، بمعدل 8 ساعات، من الساعة 12:30 بعد منتصف الليل حتى 8:30 صباحاً، وفي شهر يوليو 1997م رفعت ساعات بثها، حيث أصبحت تبدأ من الساعة الواحدة ظهراً، قبل أن ترفع ساعات بثها إلى 24 ساعة. 
الخامسة: أنشئت لبث المسلسلات والأفلام الكويتية، وكانت مشابهة للرابعة، ولكنها خصصت لمشاهدي القارتين الأمريكيتين، ومع زيادة البث في القناتين الأولى والثانية لـ24 ساعة، ألغي العمل بالرابعة والخامسة.  
- الفضائية الكويتية: أسست في 4/7/1992م لكي يغطي بث تلفزيون دولة الكويت الكرة الأرضية كاملة. 
ومع التطــور الحاصل في عالم البث، ولاسيما البث بالتقنية العالية الجودة HD، أصبحت هناك القناة الأولى HD، الثانية HD والثالثة HD. 
وقبل سنوات قليلة، وفي خطوة تهدف للاستفادة من التاريخ الطويل لمجلة العربي، تقرر تأسيس قناة «العربي» الثقافية، ضمن قنوات تلفزيون دولة الكويت، عاكسة الوجه الحضاري والثقافي للبلاد. 
جسد تلفزيون الكويت أحد أبرز المعالم الفنية والثقافية لدولة الكويت، وبقي اسمه يتردد في حنايا الوطن العربي، باعتباره الأكثر تميزاً بين المحطات على مستوى العالم العربي، ولم تبخل الحكومة في توفير جميع إمكانات الدعم له، فمن الجدير القول على سبيل المثال إن تلفزيون الكويت كان أول تلفزيون في الشرق الأوسط يحصل على سيارة نقل خارجي، وكانت هذه التطورات الكبيرة عنصراً مهماً في جذب الفنانين العرب إلى البلاد، من بينهم فريد الأطرش، محمد عبدالوهاب، كاظم الغزالي، وقد سجل فيه عبدالحليم أغنيتين الأولى «يا فرحة السمار» عند موقع أبراج الكويت، والثانية «يا هلي يا هلي» صوت الكويت.  

المجـلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
أسس المجـلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بموجب المرسوم الأمــيري الصادر بتاريخ 17 يوليو 1973م، كمــؤســــسة تجسد جهود الدولة وسعيها لتطوير الأنشطة الثقافية وتعزيز الأنشطة الفكرية والفنية وفقاً لاستراتيجية واضحة وبأهداف محددة، وبما يساهم في الوقت نفسه في تكريس بيئة تترعرع بين أحضانها الأنشطة الثقــافية المختلفة، وكذلك التواصل مع الجهات ذات النشاط المشابه حول العالم. 
من هنا ولد المجلس كمؤسسة مستقلة، حيث يتمتع باستقلال مالي وإداري ومسؤوليات ثقافية واسعة تجعله عملياً أقرب إلى وزارات الثقافة في الدول الأخرى.  ويـرأس المجلس مـعالي وزير الإعلام، ويضـم في عضويته ممثلـين عن بعـض الجـهات الحكومية وشخصيات أدبية وثقافية وفنية.
أما في ما يتعلق باختصاصاته ومهامه، فقد جاءت المادة الثالثة من مرسوم تأسيسه لتؤكد أن نشاطه يتركز في مسح الواقع الثقافي، وجمع البيانات حول جهود الهيئات المختلفة في ما يتعلق بأوجه النشاط وإجراء دراسات دورية مستفيضة حول الجهد المبذول من أجل نمو الثقافة وازدهارها وتقدم الآداب. وكذلك العمل على إصدار المؤلفات والمعاجم والفهارس وتجميع الوثائق، بما يساهم في نشر الإنتاج الفكري الجيد المبتكر والمترجم، والاهتمام بالتبادل الثقافي والمشاركة في المعارض والمؤتمرات والمهرجانات والندوات الثقافية والفنية.
وفي ما يتعلق بمهامه الرئيسة، يمكن القول إنها تتركز في: 
- حفظ وتوثيق التراث الشعبي والتراث العربي.
- تشجيع الاهتمام بالقراءة والكتابة.
- دعم ورعاية الإبداع الفكري والثقافي المحلي. 
- دعم ورعاية الإبداع الفني والموسيقي المحلي.
- نشر الثقافة العامة من خلال إصدارات المجلس المتنوعة. 
بدورها، جاءت المادة الثانية لتحدد أهداف المجلس، من خلال العمل على العناية بشؤون الثقافة والفنون والآداب، والعمل على تطوير الإنتاج الفكري وتوفير المناخ المناسب للإنتاج الفني والأدبي، هذا بالإضافة إلى اختيار الوسائل لنـشر الثقـافة والفنون الجميلة، إلى جانب دوره في السعي لتمتين الروابط مع الهيئات الثقافية العربية والأجنبية، ووضع خطة ثقافية متكاملة. وقد سعى المجلس إلى وضع هذه الأهداف والتوجهات موضع التنفيذ، من خلال تشكيل لجان استشارية تضم كفاءات وأكاديميين وأصحاب خبرات في المجالات الفكرية والثقافية، كذلك سعى المجلس إلى بلورة رؤى هذه اللجان، من خلال أنشطة متنوعة في مختلف المجالات الثقافية. من هنا، سعى المجلس إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال أنشطة عدة ثقافية وإبداعية كان من بينها: 
- معرض الكويت الدولي للكتاب.
- مهرجان القرين الثقافي.
- المهرجان الثقافي للأطفال والناشئة.
- مهرجان الكويت المسرحي.
- إقامة أسابيع ثقافية كويتية خارج الكويت.
- استقبال أسابيع ثقافية عربية وعالمية داخل الكويت.
بالإضافة إلى الدور المميز الذي يؤديه المجلس على صعيد الأنشطة والمهرجانات ذات الطابع المؤسسي، فإنه يصدر مجموعة من الدوريات الثقافية العربية التي ارتبطت أسماؤها باسم المجلس نفسه، فكان من بينها جريدة «الفنون» وسلسلة كتاب «عالم المعرفة» التي تعد واحدة من أهم السلاسل الثقافية العربية، ومجلة «عالم الفكر» الفصلية الموجهة للجهات الثقافية والأكاديمية، وتهتم بنشر الدراسات والبحوث الثقافية والعلـمية، ومجـلة «الثقافة العالمية» التي تصدر كل شهرين وتقـدم للقارئ مختـارات مترجمة من أحدث ما ينشر في الدوريات الأجنبية، وسلسلة «إبداعات عالمية» وسلـسلة «من المسرح العالمي» التي تصدر مرة كل شهرين، وتهـتم بالنصوص الإبداعية المترجمة والمؤلفة. 
وبهدف الارتقاء بدوره، وكــــذلك العــــمـــل على رفع مستوى الأنشطة الثـــقافية فــــي دولــــــة الكويت، بما يكفل لها المحافظـــة على الدور الذي أدته الكويت كمنارة ثقافية على مدى العقود الماضية، فقد سعى المجلس إلى إطلاق خطة تطوير شاملة من خلال استراتيجية طـــموحة، سواء من خلال رفع مستوى البنية التحتــــية الثقافية، أو العــــمل على الارتقاء بمستوى المؤسسات القائمة، وقد تمثلت أولى خطوات المجلس على هذا الصعيد من خلال: 
- إطلاق مشروع المكتبة الوطنية والعمل على تجهيزها بأحدث التقنيات المعاصرة حتى تستطيع أن تؤدي خدماتها البحثية والمعلوماتية الآلية بشكل يواكب المكتبات العالمية، وقد أصبحت هذه المكتبة واقعاً على الأرض بعد افتتاحها رسمياً قبل أشهر قليلة. 
- مشروع إعادة تأهيل متحف الكويت الوطني.
- مشروع بناء مراكز ثقافية في المحافظات الست، ومشروع إنشاء دار أوبرا في محافظة العاصمة.
- مشروع إنشاء مسرح السالمية، وهو توجه عاد ليؤكد سعي المجلس إلى إعادة إطلاق مؤسسات ثقافية وفنية تراعي المتطلبات العالمية، وقد افتتح المسرح في حفل مهيب شاركت فيه جهات عدة من دول عربية خليجية شقيقة. 
- مشروع التنقيبات الأثرية ولاسيما في جزيرة فيلكا، ويتابع المجلس هذا الملف بحرص شديد ويسعى إلى تعميق تعاونه مع البعثات العالمية بهدف الاستفادة من خبراتها. 
كذلك على الصعيدين الثقافي والفني البـحت، يســــعى المركز إلى استعجال تطبيق بعض المبادرات المهمة، من بينها: مشروع تأسيس فرق وطنية للمسرح، مشروع تطوير وتنويع مختلف الأنشطة الثقافية والفنية والتراثية محلياً، والاهتمام بالإبداعات الكويتية والمبدعين وتوفير الحوافــز والجوائز لهم، مشروع تطوير العمل الثقافي والفني وآليات التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإقليمية والعربية والعالمية ذات العلاقــــة، مشـــروع تشجيع الأعمال الثقافية والفنية الهادفة إلى الارتقاء بثقافة الطفل، ومشروع النشر الإلكتروني. 

المكتبة الوطنية صرح ثقافي وأدبي شامخ 
ولدت المكتبة الوطنية في الكويت، تحت مسمى المكتبة الأهلية، وقد تلقت مجموعات عدة من الكتب من مكتبة الجمعية الخيرية التي أُسست في عام 1913م، واتخذت من ديوانية ابن عامر في نهاية عام 1923م مقراً لها، واستمرت هناك نحو 5 سنوات. 
ثم في عام 1936م، أقيم بناء جديد لها في شارع الأمير وألحقت بإدارة المعارف العامة، وحملت اسماً جديداً هو مكتبة المعارف العامة، وخلال حقبة الأربعينيات، كان هذا الصرح محور نشاط المثقفين الكويتيين، حيث عُيّن محمد صالح أول أمين لها. 
ومع دخول الكويت مرحلة جديدة على مستوى الثقافة والآداب في الخمسينيات، اقترح عبدالعزيز حسين بناء مبنى جديد للمكتبة يواكب التطورات ويعكس الوجه الثقافي الذي تسعى الكويت لتكريسه، وعلى الرغم من افتتاح عدد من المكتبات العامة، فإن الهدف بقي يتمحور حول فكرة إنشاء مكتبة مركزية تواكب التطورات العامة وتوجهات الدولة على وجه الخصوص في هذا المجال، وفي حقبة الستينيات تسارعت الوتيرة والجهود بهذا الاتجاه، وبالفعل سجلت المرحلة الممتدة بين العامين 1958و1976م المرحلة الأكثر استقراراً في عصر المكتبة الوطنية في الكويت، حيث كانت توجد في شارع عمان، قبل أن تنتقل إلى صالة المسرح في مدرسة المتنبي الواقعة في شارع الهلالي في الصالحية. 
وسجل عام 1979م نقل تبعية المكتبة إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وقد سعى المجلس إلى تطوير مبنى مدرسة المباركية، ليكون مقراً يليق بالمكتبة المركزية، وبالفعل فقد أصبحت المكتبة المركز الأول في دولة الكويت كصرح متخصص في تبادل المعلومات. ثم اتخذ المجلس خطوات إضافية نحو تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تأسيس مكتبة وطنية شاملة للكويت، وبناء على ذلك، تم استدعاء خبيرين بريطانيين لتحقيق هذا الهدف ووضعه موضع التنفيذ وإعداد التوصيات اللازمة، وقد وضع الخبيران تقريراً شاملاً منذ عام 1983م كهدف لتأسيسها، وبالفعل أدرج المشروع ضمن المشروعات الإنشائية الكبرى، وقد خصصت لها مساحة تمتد على نحو 23 ألف متر مربع على شارع الخليج العربي، وفي عام 1990م كان قد تم الانتهاء من إعداد المتطلبات الفنية والتصميم المقترح للمشروع. 
لكن الظروف القسرية التي مرت بها الكويت مع الغزو الغاشم لأراضيها، جعلت المكتبة والثقافة تدفعان ثمناً باهظاً إلى جانب الثمن الذي دفعه الوطن ككل، حيث سرقت محتوياتها وأحرقت كتبها ومخطوطاتها النادرة، وهو ما أدى بالتأكيد إلى تأجيل الحلم بتأسيس مبنى متكامل للمكتبة الوطنية، وساهمت لجان الأمم المتحدة في استعادة جــــزء بســـيط من الكتب التي فقدت أيام الغزو الغاشم، في حين أن المجموعة الأهم من التراث الوطني من الكتب والمخطوطات والأرشيف الوثائقي والسمعي ومجموعات الصحف والدوريات القديمة والنادرة فقدت أو أتلف الجزء الأكبر منها والذي لا يقدر بثمن. 
وعلى الرغم مــن النتــــائج الكارثـــيـــة والضريبة الضخمـــة التي دفعتها المكتبة، فقد سعـــت الدولة منذ عام 1994م، إلــــى إعادة الزخــــم للمشروع، وكذلك السعي لإعادة بناء مقتنيات المكتبة، وتوجت هذه الخطــــوات بصـــدور المرسوم الأميري تحت رقم 52 لعام 1994م الذي قضى بإنشاء مكتبة الكويت الوطنية، بحيث تكون المكتبة الرسمية للـــــدولة، وحــــددت الــمادة الثــــانية مــــن المرســــوم أهـــدافها التي أناطـــــت بها مسؤولية جمع وتنظيم وتوثـــيق وحفظ التراث والإنتاج الفكري الوطني الكويتـــــي والمدون بمختلف أشكاله، وجمع المصنفات الأدبية والوثائق المتوافرة في الكويت. 

المقر الجديد 
في توجه يؤشر إلى اهتمام مؤسسات الدولة بالعمل الثقافي والأدبي، جاء مشروع إطلاق المبنى الجديد للمكتبة الوطنية على شارع الخليج العربي، ليجسّد بحق صرحاً ثقافياً وأدبياً، يضم بين دفاته ثروات أدبية وثقافية وأرشيفاً ضخماً من المصادر والمراجع النادرة.  وفي مؤشر آخر على أهمية هذا الصرح، جاء العنوان «ذاكرة وطن»، الذي اختاره المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمكتبة، وكذلك الرسالة الخاصة بأنها «منارة الثقافة والمعرفة... صرح حضاري شامخ يحتضن الإنتاج والإبداع الفكري والعلمي والأدبي».
  
الحلم الرقمي 
بعد هــذه الخطــــوة التي طال انتـظـــارها والتي كرست وجود مكـتــــبة وطنيــة فـــي دولــــة الكويت، ينتظر القــيمــون على الثقـــافة والآداب في البلاد، وضـــــع خطة المجلس الوطني القاضـــية بالانتـــقال النوعي من الواقع التقليدي للمكتــبة إلى الاســـتـخدام الآلي وتنـــفـــيذ نظـــام آلي متكامل وميكنة خدماتها البحثيــــة والمعلوماتية بالكامل، بالإضافة إلى الربط الإلكتروني بين أقسامها وقاعاتها المختلفة، والعمل على التوسع باستخدام شبكة الإنترنت، باختصار: إنه حلم التحول الرقمي الذي يعزز دور المكتبة الوطنية كمركز وطني ببلوجرافي للدولة.

رابطة الأدباء 
لا يمكن المرور على تجربة رابطة الأدباء في الكويت، من دون التعريج على تاريخ وحركة الأدب من وجهة نظر مؤسسية والمبادرات الجماعية التي حاولت احتضانها. وقد بدأت هذه الحركة منذ عام 1924م من خلال النادي الأدبي الأول فــــي عام 1924م، ثم النادي الأدبي الثاني في عام 1946م. 
وبعد هاتين المؤسستين ولدت الرابطة الأدبيـــة في عام 1958م، وكان من أهم أهدافها رعاية النهضة الأدبية في الكويت وإضفاء البعــد القومي على الأدب العربي بشكل عام.
 وعـــــلى هذا الأســــاس يمــكن القول إن الحضور الكويــــتي في الميدان الثقافي والأدبي لم يكن غائباً عن المجتمع المحلي، فقد كانت الكويت نقطة جذب للعالم العربي أجمع، وهو ما يعكسه تنظيمها واستضافتها للأحداث الإقليمية منذ عقود، كان من بينها على سبيل المثال المؤتمر الرابع للأدباء والكتّاب العرب بين 20 و28 ديسمبر من عام 1958م. 
وفي شهر نوفمبر من عام 1964م، وبعد اجتماعـــات بين أدباء عدة، أصبحت الفكرة واقعاً على الأرض، لتكون الرابطــــة جمعـــيــة نفع عام ترعـــى وتهــــتم بالثــــقـــافة والأدب، وتخضــــع لوزارة الشـــؤون الاجتمــــاعية والعمل، تحت رقم 33 بتاريخ 31-1-1965م، وبالفعل فقد ولدت فكرة تأسيس رابطـــــة الأدباء الكويتـــــيــــين بحيث تكون علامة ممـــيزة في تـــاريــخ الأدب في الكويت، وضمت قائمة المؤسسين الأوائل كــلاً من: يوسف السيد هاشم الرفاعي، عبدالصمد التركي، عبدالمحسن الرشيد، عبدالله سنان، يعقوب ويوسف الغنيم، عبدالله الدويش، فهد الدويري، فاضل خلف اليلجي، هداية السلطات، محمد عبدالمحسن البداح وعلي السبتي.
وقد أخذت الرابطة على عاتقها مـــــنذ تأسيسها السعي إلى رعاية الحركة الأدبيــــة والفــــكرية في الكـــويــــت والعمل عـــلى ازدهارها عبر الدفع بالأدب بصفــــة عامة قـــدماً، بما يشكل قيمة مضافة للمــجتمع، والحث على الإنتاج الأدبي النفيس على المستويين الفكري والثقافي، إلى جانب تشجيع البحوث والدراسات، وصيانة تراث الكويت. 
كذلــــك كـــان للرابطـــة إصــــدارها الخاص بها في محاولة لجــعل هـــذه الأهداف قابلة للتحـــقق، حيث أسســـــت مجلة البيان التي صــــــدر أول عـــدد لهـــا في شهر أبريــــل مـــــن عـــــام 1966م ومازالـــت مســـتــمرة فــــي الصــــدور.

مجمع الحمراء الذي أقيم على موقع سينما الحمراء

يعود تاريخ المجلات في الكويت إلى بداية شهر فبراير من عام 1928، حين وضع مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد اللبنة الأولى له مع إصداره مجلة «الكويت»