الكويت في أصيلة.. المجد للثقافة: إبراهيم فرغلي

الكويت في أصيلة.. المجد للثقافة: إبراهيم فرغلي
        

عدسة: رضا القلاف

          لم يتمالك محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة أصيلة، ووزير الخارجية والثقافة الأسبق  بالمملكة المغربية نفسه، فور انتهاء الفنانة الأوبرالية السوبرانو الكويتية أماني الحجي من وصلة غنائية من الأغنيات الأوبرالية التي اجتذبت انتباه الجمهور، وكتمت أنفاسهم إعجابا وانبهارا، ووقف يصفق بقوة ومعه رموز الوفد الكويتي من رجال الثقافة والفكر من المشاركين ليحيوا الفنانة والفرقة التابعة للمعهد العالي للفنون الموسيقية في الكويت على الأداء الذي وصفه بن عيسى لاحقا بأنه يشرف، لا الكويت فقط، بل كل العرب.

          تلك اللقطة واحدة من اللقطات الدالة، بين لقطات عدة امتدت على مدى نحو ثلاثة أسابيع هي مدة فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين لمنتدى مؤسسة أصيلة السنوي الذي احتفى هذا العام بالكويت وثقافتها، جاعلا منها ضيف شرف هذه الدورة المميزة، بمناسبة احتفالات الكويت بمرور خمسين عاما على استقلالها.

          الدلالة الرئيسية لهذه اللقطة تتعلق بالأداء المميز الذي قدمته الفنانة أماني الحجي، وفريق التينور من الفنانين الكويتيين مثل أحمد الكندري وغيره ممن سنذكر بالتفصيل لاحقا، وبكونه إشارة دالة على أن الكويت التي بنت سمعتها بعد الاستقلال في العالم العربي على مدى نصف قرن بكونها الدولة الصغيرة التي استطاعت أن تصبح كبيرة بدورها الثقافي الرائد في المنطقة وأصبح بمنزلة رسائل الثقافة العربية التي تقوم الكويت بلعب دور الوصل بينها جميعا، من جهة، وعبر اهتمامها المبكر بالفنون المسرحية والموسيقية والفكر والأدب من جهة أخرى، وأن الثقافة بالتالي لا تزال لها الأولوية في استمرار الدور الكويتي وتأكيد خصوصية وضعها السياسي والاقتصادي في العالم العربي والعالم أجمع، صاغت بها نهضتها، وجسدت بها جزءا أساسيا من كامل الدور الإقليمي والعربي والدولي الكويتي في الماضي، ولا يبدو أن مثل هذا الدور ينبغي أن يخبو في المستقبل.

          الدلالة الثانية للقطة، العرض الأوبرالي، تتعلق بأن الموسيقى الأوبرالية والسيمفونية، بقدر ما تبدو مظلومة إعلاميا في الكويت، فإن ما حدث في أصيلة يكشف عن أنها يمكن أن تصبح ذات جماهيرية لو أتيحت لها فرصة الوجود المستمر عبر مسارح وقاعات مختصة بعرض مثل هذا اللون الموسيقي الرفيع، خصوصا أن عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية المايسترو د.سليمان الديكان له تجارب مهمة في مزج الموسيقى السيمفونية مع مقاطع من الموسيقى الشعبية الكويتية، وربما قد تكون هذه الفرقة نواة لفكرة تأسيس دار أوبرا في الكويت، خصوصا أنه مع العازفين المحترفين من أساتذة المعهد المصريين والشرق أوربيين وغيرهم تكونت نواة من العازفين البارعين من طلبة المعهد النابغين.

تظاهرات الثقافة أم السياسة؟

          قبل أن أستعرض وقائع حفل الافتتاح وأهم الفعاليات التي أقيمت في هذه الدورة خصوصا الفعاليات الكويتية، أعتقد أنه من الضروري التوقف عند لقطة دالة أخرى، رغم طابعها السياسي، لكن خلفياتها ثقافية وأظنها تحتاج إلى الإضاءة والتعليق.

          فبعد انتهاء فعاليات حفل الافتتاح الذي حضره وزير الإعلام والمواصلات الكويتي السابق سامي النصف، وأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة، ومحمد السنعوسي وزير الإعلام الأسبق ورئيس تحرير مجلة «العربي» د. سليمان العسكري وعدد كبير من رجال الثقافة والإعلام في الكويت، وبعض رؤساء الدول السابقين، وغيرهم، خرج الحضور من مبنى مكتبة الأمير بندر التي أقيمت بها الاحتفالية لكي يتجهوا أولا إلى مقر المعرض الدائم لإصدارات الكويت الثقافية، حيث وجد الجمهور جمعًا من الأطفال يحيون الوفد الكويتي تعبيرا عن الاحتفاء بضيوف الشرف، وتحرك الجميع بين شوارع مدينة أصيلة سيرًا على الأقدام حتى بلغوا مقر المعرض، وبعد بدء فعاليات افتتاح المعرض الذي تضمن العديد من إصدارات الكويت من سلاسل عالم المعرفة والإبداعات العالمية، ومجلة العربي وإصداراتها من الكتب وغيرها، ومطبوعات عدد كبير من المؤسسات العلمية والثقافية الكويتية سمع الجمهور صخبا يأتي من خارج الحديقة التي يقام بها المعرض، وفوجئوا بتظاهرة يتزعمها عدد من الأفراد من أصيلة يهتفون ضد محمد بن عيسى ومنتدى أصيلة، مما عكر صفو اللقاء قليلا، وأصاب بعض أفراد الوفد الكويتي بالقلق، وأثار لونا من البلبلة، اضطرت بعض أعضاء الوفد للمغادرة قبل استكمال الحفل الموسيقي الشعبي الكويتي الذي أقيم في ساحة مدينة أصيلة الأثرية داخل السور القديم للمدينة.

          والحقيقة أنني تتبعت الموضوع على مدى اليومين اللاحقين، وتبين أن هؤلاء المتظاهرين، في غالبيتهم، مجموعة من المدفوعين من قبل منافسين لبن عيسى في انتخابات المجلس الشعبي لمدينة أصيلة التي تحل قريبا، ووجدوا في الحفل مناسبة لبدء حملة انتخابية مبكرة، بينما ردد البعض الآخر أن سبب غضب هؤلاء الشباب أنهم يسكنون عششا من الصفيح، وأن بن عيسى وعدهم، وعائلاتهم، بتسكينهم في شقق سكنية جديدة ولم يحقق وعده.

          ولأنني كان قد سبق لي زيارة أصيلة قبل عامين في مناسبة تكريم مجلة «العربي» بمناسبة مرور نصف قرن على صدورها، وتجولت في ربوع المدينة، وأجريت عددا من الحوارات مع مسئولين محليين في المدينة آنذاك، شعرت أن ما يحدث ليس طبيعيا، إن لم يكن يتضمن قدرا كبيرا من التناقض.

مؤسسة أصيلة نموذج تنموي

          المعروف أن مشروع مؤسسة أصيلة هو واحد من المشروعات الثقافية البارزة في العالم العربي التي قدمت نموذجا مهما لكيفية ارتباط التنمية بالثقافة والفكر والإبداع، واستطاع المهرجان على مدى ثلاثة وثلاثين عاما أن يحول أصيلة من مجرد قرية صغيرة يعيش بها نحو 17 ألف نسمة أغلبهم من الصيادين، إلى مدينة ساحلية جميلة ونظيفة يعيش بها اليوم ما يربو على الأربعين ألفا، تتمتع المباني القديمة فيها بلوحات تشكيلية مرسومة على جدرانها بريشات عدد من أبرز الفنانين العالميين، وتتوزع أسماء أبرز رموز الفكر في التراث العربي على لوحات تسمى بها شوارعها، حافظت على تراث المباني القديمة فيها رغم أنف عدد من المستثمرين الذين أرادوا هدم تلك البيوت القديمة واستبدالها بأبراج حديثة شاهقة. ويقال إن محمد بن عيسى كان له دور كبير في هذا الموضوع حيث اعتصم ونام أمام مدخل المدينة القديمة أمام البلدوزرات التي كانت في طريقها لهدم المباني، مهددا بأن البلدوزرات لكي تعبر عليها أن تمر من فوق جسده أولا.

          وبينما حضر الشاعر محمود درويش في الموسم الأول لمهرجان أصيلة من محطة القطار إلى مركز المدينة ممتطيا حمارا، لأن المدينة لم تكن تعرف وسائل المواصلات الحديثة آنذاك، إضافة إلى أن بن عيسى كان يضطر لاستضافة ضيوف المهرجان في منزله شخصيا، فإن أصيلة اليوم تحوي عددا من الفنادق التي يقيم بها ضيوف المهرجان، والسياح من الأجانب وخصوصا الإسبان، الذين يجدون في فعاليات المهرجان من أمسيات فنية وثقافية رفيعة المستوى فرصة جيدة لاستثمار زياراتهم للمدينة، إضافة إلى أن هذا المهرجان أنعش أسواق التجارة والمطاعم التي تعمل بكامل طاقتها خلال الموسم.

          وبالتالي فالحديث بأن مهرجان أصيلة ضد تنميتها قول يفتقد - في ظني - إلى الكثير من الدقة، إن لم يكن عاريا من الصحة، خصوصا أن مؤسسة أصيلة استطاعت بفضل الدعم الذي تحصل عليه بعلاقات شخصية من بن عيسى أن تبني لأهل أصيلة مستشفى جيدا، وأكثر من مدرسة ومجموعات من الشقق السكنية باستثمارات من السعودية والكويت وقطر ودولة الإمارات. بالإضافة إلى مكتبة بندر بن سلطان المجهزة بعدد كبير من الكتب المتخصصة في مختلف المجالات للباحثين والراغبين في القراءة والمعرفة وأخرى للأطفال، فضلا عما قدمه الموسم لسكان أصيلة من وجبات ثقافية ندر أن يتمتع بها سكان أي مدينة شبيهة الظروف، من أرفع الفنون العالمية في الموسيقى وعروض الأزياء، والأوبرا، والفنون التشكيلية، ومحاضرات من أبرز الكتاب ورجال الفكر في العالم العربي وفي الغرب على السواء على مدى 33 عاما.

          إنها تجربة رائدة، على جميع الدول العربية الاستفادة منها والسير على هداها في ربط الثقافة بالتنمية البشرية والاقتصادية.

افتتاح مميز

          شهد افتتاح موسم أصيلة في دورته هذه حضور العديد من الوجوه البارزة في الثقافة العربية، والكويتية، وبعض رءوس الدول السابقين، وترأس الجلسة الافتتاحية محمد بن عيسى الأمين العام لمنتدى أصيلة والذي قرأ الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في الندوة مرحبا بضيوف الندوة وبدولة الكويت كضيف شرف، ومؤكدا أهمية المحور الرئيس لهذه الدورة والخاص بفعاليات ندوة الهجرة بين الهوية الوطنية والهوية الكونية «اعتبارا لأهمية هذه الظاهرة التي أضحت محط انشغال العديد من المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء، المعنية بالهجرة». كما أضاف الملك محمد السادس: «إن المغرب، كمستقبل ومصدر ونقطة عبور للهجرة لا يساوره الخوف من هذه الظاهرة، بل يعتبرها علامة غنى وتنوع ومصدرا ثقافيا وحضاريا وسيرا على التقاليد المغربية العريقة المتمثلة في إيواء الأجنبي واستقبال الهجرات المتوالية، وانطلاقا من الإيمان بحق الإنسان وحريته في التنقل والتواصل والعيش الكريم، انخرطت المملكة المغربية في العمل المشترك على مختلف الصعد لاعتماد سياسات متجددة ومقاربات تشاركية مندمجة للتدبير الأمثل لظاهرة الهجرة».

          وقرأ وزير الإعلام والمواصلات السابق سامي عبداللطيف النصف كلمة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح جاء فيها: «إن الحضور الكويتي في منتدى أصيلة الثقافي الدولي يأتي طبيعيا ومنسجما والمقاصد النبيلة السامية لفعالياته في دورته الثالثة والثلاثين، كما شدد على القواسم الحضارية بين الكويت والمغرب التي تجعل العلم سندها ونور طريقها الذي يستلهم منها سموه وشقيقه الملك محمد السادس ما يحرصان عليه من العناية بالعلم لإرساء ثقافة المواطنة وبلوغ مراقي تربية النفوس وتهذيبها وتحقيق مرامي الريادة والنبوغ».

          وأضاف «إن الكويت وشعبها مقتنعان بأن الثقافة إرثهما الإنساني الذي لا يقيم للحدود قيمة ولا للأطر منزلة إلا بمقدار ما تسهم به في المسيرة الحضارية المتواصلة، مبينا أنه بهذا الاقتناع تشارك الكويت في فعاليات منتدى أصيلة بالحوار الثقافي والنقاش الفكري والمطارحة النظرية والتواصل الفني الإبداعي وبالتعبير الجمالي الموسيقي».

          وأوضح الشيخ صباح الأحمد أن الكويت آلت على نفسها حتى قبل استقلالها ومنذ العام 1958 أن تكون ذات رسالة معرفية مشيرا إلى الإصدارات الكويتية التي كانت تتعزز على رأس كل عقد من الزمن، ومنها مجلة (العربي 1958) و(سلسلة من المسرح العالمي 1969) و(عالم المعرفة 1978) والتي كانت علامة فارقة في تاريخ الثقافة العربية الحديثة بما نشرته من قيم المعرفة والعلم والأدب ووفرته للقارئ العربي من زخم معرفي وهيأته للمثقفين والأدباء من منابر للرأي الصريح الحر والإبداع المتميز دون قيود.

          وأعرب عن تقديره واعتزازه بهذه الالتفاتة من مؤسسة منتدى أصيلة بالاحتفاء بثقافة الكويت وحضارة شعبها في الدورة الثالثة لمهرجان أصيلة الثقافي الدولي بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال والذكرى العشرين للتحرير».

          من جهة أخرى أكد وزير السياحة والصناعة التقليدية المغربي ياسر الزناكي أن احتفاء منتدى أصيلة الثقافي الدولي في موسمه الـ33 في دولة الكويت كضيف شرف يعتبر تكريما لبلد شقيق كان له الدور الريادي في الوطن العربي في تشجيع المثقفين العرب ونشر الثقافة العربية والعالمية.

          وقال إن استضافة المنتدى لدولة الكويت تعكس بحق التعاون المثمر والبناء بين الشعبين الكويتي والمغربي الشقيقين في شتى المجالات لاسيما في المجالات الثقافية التي تشق طريقها بإصرار وثباث لترقى إلى مستوى العلاقات المتميزة والممتازة التي تربط البلدين على المستوى السياسي تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأخيه العاهل المغربي الملك محمد السادس.

          وأعرب الزناكي عن تقديره لحضارة الكويت وشعبها متمنيا للشعب الكويتي اطراد التقدم والازدهار تحت قيادته الرشيدة لأسرة آل الصباح.

          شارك في الجلسة الافتتاحية نخبة من رموز السياسة والثقافة والدبلوماسية في العالم من بينهم رئيس جمهورية غانا الأسبق جون أجيكيم كوفور، ومحمد عامر الوزيري مسئول المغاربة المهاجرين في الخارج، وطارق متري وزير الثقافة والإعلام اللبناني الأسبق نيابة عن فؤاد السنيورة، خورخي تيانا وزير خارجية الأرجنتين الأسبق، وترنيداد خيمينز جارسيا هيريرا وزيرة الخارجية الإسبانية، وإفان موريرا عضو مجلس النواب في تشيلي وفاطمة هدى بيبان النائبة الأولى لرئيس الجمعية الوطنية في كيبك بكندا، وغيرهم من رموز العمل السياسي والثقافي، الذين تحدثوا جميعا في موضوع الهجرة وأهميته بالنسبة لبلادهم، وقاموا بتحية المؤسسة وضيف شرف منتدى أصيلة دولة الكويت لهذا العام.

الموسيقى.. لغة عالمية

          شاركت الكويت في المنتدى بوفد كبير تنوعت اهتماماته بين الأدب والفكر والإعلام والفنون الموسيقية والغنائية، والحرف اليدوية، والتراث، والفن التشكيلي، وأقيمت على مدى الأسابيع الثلاثة يوميا مجموعة من الفعاليات كان من أكثرها جماهيرية الفعاليات الموسيقية والغنائية والتي حرصت الكويت في تمثيلها لهذه الفنون أن تنوع روافدها ما بين الموسيقى الشعبية والتراثية، وبين الموسيقى الشرقية والموسيقى السيمفونية والأوبرالية.

          أقيمت على سبيل المثال أولى الفعاليات الغنائية الشعبية من قبل فرقة الفنون الشعبية الكويتية في ساحة «القمرة»، داخل المدينة الأثرية في أصيلة، ولاقت استحسانا كبيرا من الجمهور المغربي الذي وقف محتشدا، ليتابع لوحات استعراضية عدة من فنون البادية الكويتية، وفن «العرضات»، والغناء البحري والسامري والخماري من ألوان الغناء التراثي الكويتي.

          أما مكتبة بندر بن سلطان فقد شهدت في اليوم التالي الحفل الموسيقي الأول لفرقة المعهد العالي للفنون الموسيقية بقيادة المايسترو د.سليمان الديكان، واشتملت أغلب الأغنيات التي قدمتها الفرقة على ألوان من الأغنيات الوطنية التي شدت بحب الكويت، مثل «بلدي»، «يا بلدنا»، و«يا الله يا ربنا»، و«حول الوطن»، «الوفا»، و«قد أشرق الدستور»، وامتزجت الآلات الموسيقية السيمفونية مع بعض الآلات الشعبية التقليدية مثل الطار والمرواس، بمشاركة من فرقة معيوف للغناء الشعبي، كما حضر في الأمسية التراث المغربي ممثلا في فريق «كناوة» من أصيلة، مع أصوات الكورال المميز من فرقة المعهد العالي للفنون الموسيقية بقيادة الفنانة أماني الحجي الأستاذة بالمعهد العالي للفنون الموسيقية، والمتخصصة في علم الأصوات، وبحضور لافت من الفنانة فتاة سلطان، المتخصصة في تدريس الكورال بالمعهد، ونورة القملاس وفاطمة العوضي وزهور القلاف وغيرهن.

          أماني الحجي كانت نجمة حفل آخر اتسم بالطابع الأوبرالي وأدت عددا من الأغنيات الأوبرالية من أشهر الأوبرات العالمية أبهرت جمهور أصيلة من العرب والأجانب، وأطلقت عليها صحف المغرب اسم «ماريا كالاس الكويت»، من فرط جمال الأداء وقوة الصوت والأداء التمثيلي المصاحب للغناء والذي يتسم بالرقي والبراعة، حيث إنها تؤدي جميع الأغنيات ذات الصوت السوبرانو داخل الفرقة، أما أغنيات التينور وهي الأصوات الرجالية الأقوى في الأوبرات فقد أداها كل من الفنانين أحمد الكندري، وعبد الرحمن المحيميد، وعبدالله المراغي.

          وكانت أغنيات التينور مختارات من الربرتوار الأوبرالي العالمي لفنانين مرموقين مثل فيردي وبوتشيني، وموزارت، وفرانشيشكو دوراتي وغيرهم.

الكويت نصف قرن من الثقافة

          في أولى فعاليات الاحتفاء بالثقافة الكويتية أقيمت ندوة موسعة في مركز الحسن الثاني في المدينة القديمة في أصيلة تحت عنوان «الكويت.. نصف قرن من العطاء الثقافي العربي»، شارك فيها عدد من نخبة المثقفين الكويتيين والعرب من بينهم محمد بن عيسى، علي اليوحة الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، د.سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة العربي، محمد السنعوسي وزير الإعلام الكويتي الأسبق، والكاتب الصحفي اللبناني عبدالوهاب بدرخان، ومحمد حسن عبدالله الأكاديمي المصري، والشاعر التونسي المنصف المزغني، والكاتب والروائي السوري نبيل سليمان، إضافة إلى عدد من الباحثين والكتاب المغاربة، منهم أحمد المديني ود.هشام العلوي وسعيد بن سعيد العلوي إضافة للناقد والكاتب عبدالرحيم العلام أمين اتحاد الكتاب في المغرب، وأدارها الدكتور محمد الرميحي.

          في كلمته رحب أمين عام منتدى أصيلة محمد بن عيسى بالحضور الكويتي في أصيلة وقال: «لقد كنا في مؤسسة منتدى أصيلة حريصين على أن تكون دولة الكويت دائما حاضرة في دورات موسم أصيلة الثقافي الدولي منذ تأسيسه عام 1978، كما كانت أيضا حاضرة ببهائها وألقها قبل ثلاث سنوات خلت حينما شارك موسم أصيلة الثقافي الدولي، في دورته الثلاثين، دولة الكويت احتفاءها بالذكرى الخمسين لتأسيس مجلة «العربي»، هنا في أصيلة، فضلا عن أن دولة الكويت كانت دائما حاضرة في المغرب بشموخها وحضارتها وثقافتها وفنونها وإعلامها، وأيضا بعطائها وسخائها ودعمها المشكور لمجموعة المشاريع التنموية في بلادنا».

          من جهته أكد الدكتور سليمان العسكري على الدور التنويري القومي للمؤسسات الثقافية الكويتية باعتباره نموذجا بارزا لما يمكن أن تقدمه الدولة المؤمنة بانتماءاتها المحلية وأدوارها الإقليمية ووشائجها العربية وحراكها الإنساني، كما تحدث عن رؤيته لمستقبل التنمية الثقافية العربي ودور الكويت والمملكة المغربية تحديدا في هذا الدور، خصوصا وهما يمثلان جناحي الوطن العربي في المشرق والمغرب. وأضاف: «أعتقد أن هذا المحفل يمكن أن يمثل انطلاقة لتخطيط عقد جديد من التنمية الثقافية على أساس برنامج يعنى بكل من: حاجات المجتمعات العربية المحلية، سوق الوسائل الإعلامية المنفتح، تيارات التغيير الجديدة في الثقافة العربية والدولية، والتواصل بديلا للقطيعة وخاصة في حقل الثقافة».

          وقدم الدكتور العسكري اقتراح ثلاثة مشروعات ثقافية يمكن أن تمثل نماذج لهذا التواصل، وهي كالتالي:

          - المشروع الأول: أدب الرحلات العربي، بوصفها قدمت دروسا من التواصل بين الثقافات العربية في المشرق والمغرب، وهذه الرحلات وسواها تحتاج إلى إصدار سلسلة خاصة بها توثق الرحلة المغربية للشرق، وكانت «العربي» قد وثقت رحلة الشرق إلى المغرب عبر كتاب جمعنا فيه كل استطلاعات «العربي» عن المغرب. وأقترح إحياء هذه الرحلات المتبادلة لتكون واقعا متجددا.

          - المشروع الثاني: القرية الثقافية العربية وهي ستكون بمنزلة قرى ثقافية عملاقة تقام في دول عربية عدة، بحيث تكون كل منها فضاء مفتوحا لعرض الثقافات العربية التي تقدم وحدتنا المتنوعة.

          - المشروع الثالث: كتاب مغربي لكل عربي، حيث لايزال الأدب المغربي بعيدا عن القارئ العربي وبحيث يتم إحياء مشروع المساهمة في تحمل تكاليف طباعة الإنتاج المغربي من الثقافة والفكر والأدب.

          من جهته تحدث وزير الإعلام الكويتي الأسبق محمد السنعوسي مؤكدا أن المناخ العام للعلاقات الثقافية العربية ليس مناخا مثاليا في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الكويتيين لا يعرفون المغاربة بشكل جيد، والعكس أيضًا، على اعتبار أن الصورة الشائعة عن الكويت هي مجتمع نفطي استهلاكي وهذا كل شيء.

          وأضاف أن دور الكويت في دعم الثقافة العربية لم يقتصر على مجال النشر كما هو شائع من خلال «مجلة العربي» والإصدارات فقط، بل للكويت دور آخر في المساهمة في إنتاج أعمال فنية عالمية وسأل قائلا: هل تعلمون أن الكويت ساهمت في إنتاج فيلم «الرسالة»؟ وكنت مسئولا آنذاك عن الموضوع وحملت برسائل من سمو الأمير إلى جلالة الملك، وكان للمغرب دور أيضا في الدعم عبر صندوق الإيداع والتدبير.

          لكن السنعوسي يرى أيضا أن ذلك كله لا يكفي، وأن المناخ العام اليوم لا يشجع التفاعل الثقافي بين الدول العربية على الوجه المأمول أو المبتغى، وشدد على ضرورة قيام المؤسسات الثقافية والمثقفين في كلا البلدين وبين الدول العربية بنقد أنفسهم، لأن المتاح الآن لا يمكن وصفه بأنه علاقات ثقافية عربية كبيرة.

          أما الجلسة المسائية فقد قدم السنعوسي خلالها رصدا لتجربة تأسيس التلفزيون في الكويت، وتجربته الخاصة في ذلك المشروع الذي وصفه بالشجاع لأنه كان ينافس التلفزيون المصري ويقدم نقدا مع وضد الدولة في الكويت، بسقف حرية عال.

          من جهة أخرى أكد أحمد المديني على فكرة عدم معرفة المغرب بما يصدر في الشرق العربي وخصوصا منطقة الخليج، وأن هذه المعرفة إن توافرت تظل في الغالب قائمة ومتداولة على نطاق النخب الضيق، لكنه يرى أن مجلة العربي لعبت دورا مهما في تقليل هذه الظاهرة «وكان لها أقوى الحضور وأنجع التكوين والإشعاع في ستينيات القرن الماضي في مجموع العالم العربي». كما أشار إلى خصائص المجلة معرفيا ودورها المهم في التعريف بالمغرب العربي عبر استطلاعاتها المصورة، كما عرج على إصدرات المجلس الوطني للثقافة والفنون وخصوصا مجلة «عالم الفكر»، مختتما كلماته بالقول: «إن الفاعلية الثقافية القادمة من الكويت ولدت وقبل أن تستفحل الطفرة النفطية، التي جعلت بلدانا أخرى في الخليج العربي تسخر بعض فائضها في الجهد الثقافي بصورة دعائية، أكثر منها معقلنة وهادفة. كما أنها فاعلية عددت من مواقع إنتاج الثقافة العربية الحديثة وإبداعها اللذين تم حصرهما في محور القاهرة - بيروت».

          وتحدث الدكتور محمد حسن عبدالله عن علاقته الخاصة بالكويت خلال السنوات الطويلة التي عاش خلالها في الكويت وعمل فيها، وأشار إلى أن الدور الثقافي الكويتي يمتد لما قبل النفط بسنوات بعيدة، مشيرا إلى كتابات عبدالعزيز الرشيد حول زيارات المثقفين الكبار والإصلاحيين من أمثال رشيد رضا وحافظ وهبة وغيرهما وكيف استقبلهم أهل الكويت، وكيف كانت الكويت عقلاً منفتحًا عبر ما أصدرته من الإصدارات وما أسهمت به من تأسيس لمشروعات ثقافية وأكاديمية في الكويت.

          وتناول د. سعيد بن سعيد علوي من المغرب بالتحليل سلسلة عالم المعرفة، التي لا تخلو منها مكتبة عربية على حد قوله.

          بينما ركز الناقد والباحث المغربي هشام بن علوي على فكرة أن الثقافة جزء من صلب المشروع المجتمعي في الكويت على اعتبار أن الكويت، على غير الشائع اختارت منذ الخمسينيات وقبل استقلالها أن ترسي نموذجها المجتمعي في بعديه القطري والقومي على رهان الثقافة كرافعة للتنمية والتقدم والتحديث.

          أما الناقد والكاتب رئيس اتحاد كتاب المغرب عبدالرحيم العلام فقد ركز في ورقته على «مجلة العربي» كجسر ثقافي بين المشرق والمغرب.

المقهى الكويتي

          وقد أقام المجلس الوطني للثقافة والفنون برنامجا موازيا في مقر مبنى المعرض الدائم لإصدارات الكويت، في مساحة أثنت على طريقة المجالس العربية والمستوحاة من الديوانيات الكويتية، تحت اسم «المقهى الكويتي» وتضمنت عددا من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية، منها - مثلا - ندوة تجربة الكويت في حفظ التراث، أدارتها الإعلامية أمل العبدالله وحاضر فيها مهنا المهنا، حيث استعرض فيها تجربة حفظ التراث الكويتي، وكان مركز الحسن قد أقام بها معرضا للوثائق والمخطوطات الكويتية في الوقت نفسه. كما أقيمت مجموعة أخرى من الندوات عن الخط العربي وبينها ورشة بعنوان «أنسنة الحرف العربي»، شارك فيها كل من فريد عبدال، وفريد العلي ومهنا المهنا ووائل الرومي.

          وفي هذا السياق قام  فريد العلي بعمل محاضرة وورشة فنية بعنوان «استنطا الحروف» في القاعة الكويتية في مدينة أصيلة.

          وأوضح فريد العلي للجمهور المغربي عن تطور الخط العربي عبر العصور الماضية وكيف استطاع الحرف الصمود والتنوع في أشكاله المختلفة من نوع إلى آخر، مؤكدا أن الخط العربي يعتبر من أبرز الفنون المعبرة عن الهوية الإسلامية.

          وأضاف العلي: إن الحرف العربي له صلة وثيقة بعناصر الثقافة العربية الإسلامية الأهم مثل الدين واللغة والأدب، الأمر الذي أضفى على هذا الحرف هالة من التقديس أسهمت في استقطاب جهود وطاقات الكثير من الفنانين لتطوير فن الخط والعمل في نطاقه.

          وقدم العلي للجمهور المغربي تجربته في الخط لكلمة لفظ الجلالة التي صممها بـ 99 شكلا، كما استعرض معهم فيلما عن المحمديات التي صممها بـ 500 شكل مختلف وقسمها إلى 11 مجموعة شكلية ولونية.

المسرح الكويتي

          كما أقيمت ندوة «مسيرة المسرح في الكويت» في المقهى الكويتي، شارك فيها الفنان منصور المنصور، حيث أوضح فيها أن  أول مسرحية عرفتها الكويت كانت في عام 1922 للأديب الراحل عبدالعزيز الرشيد وكانت تهدف إلى التنوير والانفتاح وبعدها توالت العروض المسرحية. وأضاف أن المسرح في الكويت بدأ بالمسرح المدرسي إلى أن تأسست أول فرقة مسرحية في الكويت عام 1957 وسميت «فرقة المسرح الشعبي»، وفي عام 1961 أنشئت فرقة المسرح العربي، وفي عام 1963 تأسست فرقة مسرح الخليج العربي وتلتها باقي الفرق المسرحية الكثيرة.

          وأضاف المنصور أيضا أن المرحوم الوزير والسفير حمد الرجيب يعتبر المؤسس الحقيقي للمسرح في الكويت، وذلك لاهتمامه الكبير بالحركة المسرحية، حيث كان وراء دعوة الفنان المصري الراحل زكي طليمات في العام 1958 والذي أنشأ مركزا للدراسات المسرحية، لاستقطاب الراغبين بدراسة الفنون المسرحية، منها التمثيل والتأليف والإخراج.

يا.. بحر!

          أقيمت أيضا أمسيتان للتعريف بالإيقاعات الموسيقية الكويتية وألوان الغناء الشعبي، حاضر فيها الفنان صالح حمدان بحضور فرقة «معيوف المجلي للفنون الشعبية» بالكويت، للتعرف والتدليل العملي بفقرات موسيقية تتغنى بالبحر والبحارة.

          وقال حمدان إن الفنان في الخليج العربي عرف بتأليف موسيقى تعكس ظروفه المعيشية، وكان «البحر» الموضوع الرئيسي والثابت للغناء لدى الكويتيين. وأصبحت مهن البحر لا تقتصر على السفر التجاري فقط، بل تتعداه إلى سفر فني يتغنى بالبحّار و«المجداف» و«رفع الشراع»، وأصبح البحّار فنانا يستخدم كلمات المناطق التي يزورها خلال رحلاته التجارية حسب الظروف التي تساعده على الغناء، وفرقة «معيوف المجلي» للفنون الشعبية أسست في أواخر عام 1961، وقد كان اهتمامها بالفن البحري هو الملمح الأساسي الذي اعتمدت عليه الفرقة.

أدب الكويت في نصف قرن

          فيما يتعلق بالأدب والشعر أقيمت أمسيتان شعريتان إحداهما للشاعر الكويتي محمد هشام المغربي، والشاعرة دلال البارود، والشاعرة المغربية كوثر البكاري. والثانية للشاعر إبراهيم الخالدي ود.سالم خدادة.

          وبهذه المناسبة أصدرت مؤسسة منتدى أصيلة كتابا على هامش الفعاليات بعنوان «الأدب الكويتي الحديث بأقلام مغربية» من إعداد الناقد عبدالرحيم العلام، وذلك في إطار الاحتفاء بدولة الكويت ضيف شرف للدورة الـ 33 لموسم أصيلة الثقافي الدولي.

          يضم الكتاب، الذي تم تقديمه على هامش ندوة «الحركة الأدبية بالكويت خلال نصف قرن»، المنظمة في إطار الدورة الـ26 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، 42 دراسة وقراءة ونقدا انصبت على عدد من الأعمال الأدبية الكويتية في أجناس الشعر والقصة القصيرة والرواية وأدب الرحلة والمسرح، وشارك في تأليف هذا الكتاب، الذي قدم له الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة السيد محمد بن عيسى ويقع في 465 صفحة من القطع الكبير، عدد من الكتاب والنقاد والأدباء المغاربة، من قبيل محمد عز الدين التازي، وبن عيسى بوحمالة، ومحمد سعيد الريحاني، وعبدالرحيم مؤدن، وعبدالمالك شهبون، وعبدالرحيم العلام، وأحمد زنيبر، وزهور كرام، ورشيدة بن مسعود، وعبدالمجيد شكير.

          من بين الأعمال الأدبية التي تم التعرض لها في هذا الكتاب، روايات «الثوب» لطالب الرفاعي، و«العصعص» و«صمت الفراشات» لليلى عثمان، و«العائلة» لمحمد الشارخ، و«رجيم الكلام» لفوزية سالم شويش، ودواوين «في البدء كانت الأنثى» للشاعرة سعاد الصباح، و«مشية الإوزة» لسعدية مفرح، و«نهارات مغسولة بماء العطش» لمنى كريم. كما تناول الكتاب أيضا عددا من المجموعات القصصية لمجموعة من كتاب القصة الكويتيين من أجيال مختلفة، كما أقيمت ندوة أدبية بعنوان «الأدب الكويتي في نصف قرن» شارك فيها العديد من الكتّاب المغاربة إضافة إلى الكاتبتين الكويتيتين سعداء الدعاس وهدى الشوا.

          والحقيقة أن المشاركة الكويتية لم تقتصر على الفعاليات الكويتية التي أقيمت في المقهى الكويتي أو مكتبة بندر بن سلطان فقط، بل امتد التفاعل الكويتي للمشاركة في البرنامج العام لموسم المنتدى هذا العام، والذي توزع على عدد من الفعاليات المهمة، بينها ندوة عن الهجرة بين الهوية الوطنية والهوية الكونية وشارك في أعمالها عبدالرضا أسيري بورقة نقاشية، كما شهدت ندوة تكنولووجيات الطاقة المتجدة النووية وأثرها على التنمية في الجنوب مشاركة الدكتور أحمد بشارة رئيس برنامج الطاقة النووية بدولة الكويت والدكتورة أمينة الفرحان من جامعة الكويت.

          وأكد الدكتور بشارة أن العالم يحتاج إلى كمية رهيبة من الطاقة وأن الدول النفطية بدأت تدخل في مجال الطاقة النووية لأسباب المحافظة على الطاقة الأحفورية، وأن هناك جهودا كويتية في ما يتعلق بالطاقة الشمسية، مشيرا إلى أن الطاقة الشمسية لن تكفي الحاجات والوفاء بالطلب، وأن الآمال يجب أن تكون على حد الواقع وتحتاج إلى أبحاث والتزام الدول للاستمرار فيها.

          ومن جانبها قالت أستاذة الفيزياء بجامعة الكويت الدكتورة أمينة الفرحان إن الندوة تطرقت إلى ثلاثة محاور أساسية، هي الطاقة المتجددة والطاقة النووية والمردود الاقتصادي للطاقة البديلة، موضحة أن الأمر بحاجة إلى جهود عالمية جبارة لتطوير الطاقة النووية وتقليل كلفتها مع زيادة كفاءتها، وذلك بالتعاون الدولي في تبادل المعلومات التكنولوجية.

          وأوضحت أن الندوة تطرقت إلى إمكانات دول مجلس التعاون الخليجي وجهودها الحالية في مجال الطاقة المتجددة والطاقة النووية ومدى إمكان التعاون العلمي والتقني بين الدول الأعضاء.

          تبقى الإشارة إلى أن مركز الحسن الثاني تضمن عددا من الأنشطة التي استمرت على مدى أيام الاحتفالية، منها معرض للفن التشكيلي ضم مجموعة من أعمال بعض الفنانين الكويتيين، كما ضم معرضا دائما للحرف التقليدية توافر فيها بعض الحرف التقليدية مثل صناعة الخوص والبشت الكويتي، بالإضافة إلى معرض صور عن الكويت وتاريخها.

          أيام الكويت في أصيلة كشفت بما لا يدع مجالا للشك أن الكويت لاتزال تمتلك الكثير من العطاء الفني والفكري والأدبي والموسيقي، وأثبتت أن الأجيال الجديدة من الفنانين يمتلكون القدرات الإبداعية التي تؤهلهم للمزيد من الإبداعات في المجالات كافة، وربما أن ما يجب التشديد عليه فقط أن يتحول المناخ الثقافي العام في الكويت إلى ما كان عليه، وهو ما أشار إليه وزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي في الندوة التي شارك فيها، بمعنى أن تستعيد الخطط الثقافية وما يسفر عنها الطموح القديم والشجاعة التي منحها الرواد وأصبحت حديث العالم العربي وحديث كل الذين شاركوا في هذه الاحتفالية، وهي جميعا مؤشرات تؤكد أن مستقبل الكويت مرهون كما كان في الماضي، بانتعاش الثقافة والفنون والإبداع.

 

 

 

إبراهيم فرغلي