مركز جابر الثقافي يعيد حديث السندباد في «مذكرات بحار»

مركز جابر الثقافي يعيد حديث السندباد  في «مذكرات بحار»

استهل مركز جابر  الأحمد الثقافي في الكويت (دار الأوبرا) موسمه الثقافي الأول بعرض أوبريت «مذكرات بحاّر» برؤية جديدة وتقنيات حديثة، تمزج بين الغناء والاستعراض والمسرح، وغيرها من الفنون.واحتضن العرض الجديد المسرح الوطني في المركز  على مدار ثلاثة أيام، بدءاً من التاسع عشر من سبتمبر  الماضي حتى الحادي والعشرين منه، وشهد حضوراً  كثيفاً، واقتبس المشرفون على المركز جملة «من الكويت نبدأ» من أحد خطابات أمير  الكويت الراحل الشيخ جابر  الأحمد، لتكون عنوانا للموسم الثقافي الرسمي الأول.

 

يستعرض العمل الذي كتبه الشاعر محمد الفايز من خلال سياق شعري التحديات التي يواجهها البحارة في أثناء رحلة البحث عن الرزق في وقت اشتهر بشظف العيش وقلة الموارد، وصعوبة الحياة في الكويت. وتقول كلمات الأوبريت: «سنعيد للدنيا حديث السندباد/ ماذا يكون السندباد شتان بين خيال مجنون وعملاق تراه/ يطوي البحار على هواه». 

مذكرات بحار
ونظرا لتميز العمل، فقد تمت ترجمته إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ومن المفارقات أن الشاعر حينما كتب هذه الملحمة نشرها تحت اسم مستعار وهو «سيزيف».
وعقب نجاح العمل الأدبي ونيله استحسان النقاد والقراء، طبــــع نسخــــة ثانـــية من الإصـــــدار جاءت موسومة باسمه الأصلي، محمد الفايز.
ولما أرادت إدارة المركز تـــدشـــين موسمها بعمل يرتبــــط بالوطن وبكفاح أبنائه، فرضــــت فكرة إعادة تقـــــديم هذا الأوبريــــت بشكل معاصر ورؤية مختلفة، لاسيما أن الكويتيين في السابق ارتبطت حياتهم بالبحر، فهو كان مصدر رزقهم الوحيد، وكانوا يجدلون السمك من عمق البحر ويمارسون التجارة عبره أيضاً ويشقون عبابه بحثاً عن اللؤلؤ، لذلك كان ثمة ترميز لاختيار هذا العمل ورسالة فنية ومجتمعية تكمن وراء تجسيد «مذكرات بحار» بطريقة جديدة.

دراما وغناء 
جاء الأوبريت بثوبه الجديد بشكل مختلف يمزج بين مجالات فنية متنوعة لإضفاء عناصر التشويق والمعاصرة والتجديد، وجرى تقديم نحو 12 لوحة فنية مدعمة بوسائل حديثة في المؤثرات البصرية والصوتية، إضافة إلى المشاهد الجديدة التي كانت بمنزلة ترجمة للنص الشعري الغنائي بطريقة درامية لإيضاح بعض الأمور من خلال سياق درامي مقتضب تسبق أي مشهد غنائي.
وتنوعت الفقرات في العمل من ناحية الغناء، فكان هناك حضور لمعظم الألوان الغنائية، مثل الموال والصوت العربي والتوشيحة، فضلاً عن النهمة والخطفة والدزة والقادري والرفاعي والفريسني والردحة والدواري والعرضة البحرية.
وأخرج النسخة الجديدة من «مذكرات بحار» المخرج يعرب بورحمة، وشارك في أداء الأدوار التمثيلية مجموعة من الفنانين، منهم الفنانة مريم الصالح وفيصل العميري وعبدالمحسن القفاص، بينما قدم الأغاني سلمان العماري ومطرف المطرف وآلاء الهندي، بمشاركة متميزة من الفنان القدير عبدالعزيز المفرج الشهير بـ«شادي الخليج».

العيد الوطني
حرص القائمون على العمل على مشاركة فرقة مركز جابر التي أُسست حديثا في الاستعراض، وتضم الفرقة نحو 50 عضواً بين عازف موسيقي وإيقاعي وكورال يقودهم المايسترو د. محمد باقر ومدرب الكورال الدكتور حمد المانع وخالد نوري كموزع موسيقي.
يذكر أن أوبريت «مذكرات بحار» أنتجه تلفزيون دولة الكويت للمرة الأولى عام 1979 بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني، وهو من إخراج محمد السنعوسي وكلمات الشاعر محمد الفايز وألحان غنام الديكان وغناء شادي الخليج وسناء الخراز بمشاركة عدد من طلاب المدارس.

تكريم
وعقب تقديم العروض، حرص الديوان الأميري على تكريم الفنان عبدالعزيز المفرج، وجرى التكريم في العرض الأخير من مذكرات بحار، وقدم له رئيس اللجنة التنفيذية لإنشاء المراكز الثقافية التابعة للديوان عبدالعزيز إسحق درعاً تذكارية بحضور وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وزير الإعلام بالوكالة، الشيخ محمد العبدالله، ومجموعة من الفنانين والشخصيات، وكان لهذا التكريم وقع كبير في نفس الفنان المفرج، لاسيما أنه يأتي من جهة مرموقة في الدولة تقديراً وعرفاناً بدوره الفني والتربوي خلال العقود السابقة. وبهذه المناسبة، قال عبدالعزيز إسحق: إن الفنان شادي الخليج قامة فنية كبيرة، وكان خير سفير لبلده حاملا لواء الغناء الوطني الذي أسر به قلوب الكويتيين والخليجيين عبر مشوار طويل.

بيئة حاضنة 
بدوره، اعتبر الفنان المفـــرج أن تكريمه وسام يعتــــز به، لاســــيما أنه يأتـــــي من الديــــوان الأميري، ممتدحاً مبنى مركز جابر الأحمد الثقافي، وقال ضمن هذا السياق «إنه صرح كبير ومفخرة للحركة الثقافــــية والفنية في الكويت، وهذا ما كنا نتمناه منذ أعـــوام طويلة». 
وأعرب عن سعادته لرؤية «مذكرات بحار» بهذا الشكل الجديد من خلال توظيـــف الإمكانات التقنـــية والعنــــاصر الشبابيـــة الكويتية لإظهار العمل بهذا الشكل المعاصر، وهو ما يؤكد أن المركز بيئة حاضنة للعمل والاجــــتهاد، وصرح يحتضن الشباب ويدعم المبدعين.
من جانب آخر، يستضيف المركز عددا من النجوم العرب والأجانـــب للمشــــاركة في فعاليات الموسم الجديد، التي سيحتضنها المسرح الوطني، ومسرح الدراما، ومسرح جابر العلي، والقاعة المستديرة، في المركز.

فعاليات متنوعة
كما يستضيف المسرح الوطني في الثاني من نوفمبر الجاري، المطربة غادة رجب، في حين سيحل المطرب عبادي الجوهر ضيفاً على مسرح جابر العربي لتقديم حفل غــــنائي في التاســع من الشهر الجاري، وفي لمسة وفاء من المركز سيكرم الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر بتقديم حفلين سيغني فيـــهما عــــدد من المطربين من أغنيات الصوت الجريح في يومي الرابع عشر والخامس عشر من هذا الشهر.
ويستضيف المركز فرقة أوركسترا لندن سيمفوني في يومي السادس عشر والسابع عشر، وعقب ذلك سيقدم الموسيقار عمر خيرت أروع معزوفاته في المركز في يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين من الشهر الجاري في المسرح الوطني. 
ومن أبرز الفعاليات التــــي سيقـــدمهــــا مـــركز جابر الثقافي خلال الفــترة المقبلــــة، حفل للفنانة المصرية رحــــاب مطــــاوع، وليلة موسيقية عن الفنان راشد الحملي، وليلــــة الفنـــان عوض دوخي، كما سيستضيف المركز الفنان هاني شاكر في 21 ديسمبر على المسرح الوطني ■