التعليم في ظل مفهوم الاقتصاد المعرفي

التعليم في ظل مفهوم  الاقتصاد المعرفي

يعد‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬قواعد‭ ‬صناعة‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ولذا‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬نتيجة‭ ‬إهمال‭ ‬التعليم‭ ‬إلى جانب‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬أسهم‭ ‬في‮ ‬صناعة‭ ‬مفهوم‭ ‬اقتصاد‭ ‬اليأس في‮ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬كما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬تكريس‭ ‬ثقافة‭ ‬الانقسام‭ ‬والصراعات‭ ‬في‮ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬مع‭ ‬إهمال‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‮ ‬إلى جانب‭ ‬الإشكالية‭ ‬الخاصة‭ ‬بتطبيق‭ ‬العلم في‮ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وإمكانية‭ ‬التحول إلى مجتمع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المعرفي‭ ‬وتطبيق‭ ‬العلم‮ ‬في‮ ‬الحياة،‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬العلمية‭. ‬ببساطة‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬تتعلمه‭ ‬في‭ ‬الحياه‭ ‬تطبيقاً،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬التعليم‭ ‬يفقد‭ ‬قيمته‭.‬

العلاقة‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬والتعليم‭ ‬علاقة‭ ‬طردية،‭ ‬أي‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬التعليم‭ ‬زادت‭ ‬معه‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المناسبة،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬مخرجات‭ ‬للتعليم‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬محور‭ ‬وأهمها‭:‬

 

المحور‭ ‬الأول

الوضع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتأثــــير‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬معدل‭ ‬التعليم‭ ‬والمعــــرفة‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المهارات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالشخص‭ ‬مع‭ ‬المجتمع،‭ ‬مثل‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬وتوقعها‭ ‬وإدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬وصناعة‭ ‬القرارات‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬الغير،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المهارات‭.‬

 

المحور‭ ‬الثاني

هو‭ ‬الانعكاس‭ ‬المادي،‭ ‬أي‭ ‬إنه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬التعليم‭ ‬زاد‭ ‬المقابل‭ ‬المادي،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نظرية‭ ‬الندرة‭ ‬النسبية،‭ ‬وكلما‭ ‬زادت‭ ‬ندرة‭ ‬التعليم‭ ‬وطلب‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬لهذا‭ ‬التعليم‭ ‬زاد‭ ‬المقابل‭ ‬المادي،‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭ ‬الشخصية‭ ‬وعلاقته‭ ‬من‭ ‬حوله‭.‬

 

المحور‭ ‬الثالث

هو‭ ‬محور‭ ‬الرضا‭ ‬الداخلي‭ ‬والشعور‭ ‬بالتقدير‭ ‬الداخلي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬توازناً‭ ‬نفسياً‭ ‬للشخص،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬نوعية‭ ‬وجودة‭ ‬التعليم‭ ‬ذات‭ ‬محتوى‭ ‬قيم‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تتزامن‭ ‬مع‭ ‬تدريب‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬الخبرات‭ ‬سريعاً،‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬أفضل‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭ ‬فقط،‭ ‬فقياس‭ ‬التكلفة‭ ‬والعائد‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬مهم‭,‬‭ ‬فإذا‭ ‬أصبح‭ ‬التعليم‭ ‬تكلفة‭ ‬بلا‭ ‬عائد‭ ‬فلا‭ ‬قيمة‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬هدف‭ ‬منه‭. ‬هذا‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬امتلاك‭ ‬الموهبة‭ ‬الشخصية،‭ ‬لأنها‭ ‬أساس‭ ‬النجاح‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬والتعليم‭ ‬لخلق‭ ‬مكانة‭ ‬متميزة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية،‭ ‬فإن‭ ‬الموهبة‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬إدارتها‭ ‬بالأسلوب‭ ‬المناسب،‭ ‬مع‭ ‬تعليم‭ ‬ذي‭ ‬جودة‭ ‬فإنها‭ ‬ستحقق‭ ‬نتائج‭ ‬باهرة‭ ‬على‭ ‬المجالات‭ ‬كافة‭. ‬

من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يدل‭ ‬تعليم‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬موهبته‭ ‬وقدراته‭ ‬وإمكانيته،‭ ‬لأن التعليم‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قيمته‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ضد‭ ‬مهارات‭ ‬ومواهب‭ ‬الفرد‭ ‬الشخصية‭ ‬فإنه‭ ‬يصبح‭ ‬عملية‭ ‬مدمرة،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬يبعد‭ ‬الفرد‭ ‬عن‭ ‬مواهبه‭ ‬ويكسبه‭ ‬تعليماً‭ ‬غير‭ ‬نافع،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬لم‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الشخص،‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬موهبة‭ ‬نصف‭ ‬نجاح،‭ ‬والموهبة‭ ‬بلا‭ ‬تعليم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬النجاح‭ ‬والتعليم‭ ‬والموهبة‭ ‬النجاح‭ ‬بعينه‭.‬

ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أيضا‭ ‬فهم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬والموهبة‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬

 

مصطلح‭ ‬التعليم‭ ‬غير‭ ‬المكلف

وهو‭ ‬تعليم‭ ‬قليل‭ ‬التكاليف‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬العائد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬له‭ ‬قليلاً‭ ‬أو‭ ‬متوسطاً‭ ‬أو‭ ‬كبيراً،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬تعليماً‭ ‬نظرياً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تجارب‭ ‬أو‭ ‬تطبيق‭ ‬أو‭ ‬أبحاث‭ ‬أو‭ ‬تفاعل‭ ‬علمي،‭ ‬أو‭ ‬تنمية‭ ‬القدرات‭ ‬العلمية‭ ‬والشخصية،‭ ‬وينتشر‭ ‬التعليم‭ ‬غير‭ ‬المكلف‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬الكليات‭ ‬النظرية‭ ‬ذات‭ ‬الأعداد‭ ‬الكبيرة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬إحدى‭ ‬الكليات‭ ‬في‮ ‬إحدى الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬العريقة‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬معامل‭ ‬للحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬تغطي‭ ‬أعداد‭ ‬الطلاب،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬برامج‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬نظرياً‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬المعامل‭!! ‬فتحول‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬إجادة‭ ‬مهارة‭ ‬للطالب‭ ‬إلى‭ ‬حفظ‭ ‬منهج‭ ‬ونسيانه‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬بعد‭ ‬الدراسة‭! ‬التعليم‭ ‬الأمثل‭ ‬هو‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬أركان‭ (‬التعلم‭ ‬والبحث‭ ‬وتطوير‭ ‬المهارات‭ ‬الشخصية‭ ‬والمهنية‭). ‬الفساد‭ ‬والروتين‭ ‬والمحسوبية‭ ‬وزيادة‭ ‬عدد‭ ‬الخريجين،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬المعروض‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري،‭ ‬فمهما‭ ‬زاد‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬فإن‭ ‬العرض‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الطلب،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬حقيقية‭ ‬للشباب‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ليس‭ ‬مفتوحاً‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬يواجهان‭ ‬تشويهاً‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وبما‭ ‬ينعكس‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬والظواهر‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وأهمها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬البطالة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬البطالة‭ ‬ليست‭ ‬ظاهرة‭ ‬قاصرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬ومؤشراته،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ظاهرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬ظواهر‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬نسب‭ ‬الجريمة‭ ‬والعنوسة‭. ‬وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬مفاهيم‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬للربط‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬وسوق‭ ‬العمل،‭ ‬ومنها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬

 

التعليم‭ ‬بالمحاكاة

‭ ‬وهو‭ ‬استخدام‭ ‬الطالب‭ ‬الأجواء‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬يمارس‭ ‬فيها‭ ‬مهمته‭ ‬أو‭ ‬مهنته‭ ‬بعد‭ ‬التخرج،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬تعليمية،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬باستخدام‭ ‬أجهزة،‭ ‬مثل‭ ‬استخدام‭ ‬جهاز‭ ‬محاكاة‭ ‬قيادة‭ ‬الطائرات‭ ‬والدبابات‭ ‬لطلاب‭ ‬الكليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬أو‭ ‬محاكاة‭ ‬للمحاكم‭ ‬لطلاب‭ ‬الكليات‭ ‬القانونية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أو‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬للطلاب‭ ‬لمناقشة‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬قاعة‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬لطلاب‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭. ‬تسهم‭ ‬عملية‭ ‬المحاكاة‭ ‬Simulation‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬التعليم‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬وتقليل‭ ‬الفجوة‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عند‭ ‬التخرج‭ ‬تكون‭ ‬نسبة‭ ‬النجاح‭ ‬والتأقلم‭ ‬أعلى‭ ‬كثيراً‭ ‬ممن‭ ‬استخدموا‭ ‬النظريات‭ ‬فقط‭. ‬

 

التعليم‭ ‬المرح

هو‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬الألعاب،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التعليم،‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬ألعاب‭ ‬لها‭ ‬أهداف‭ ‬تعليمية،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ألعاباً‭ ‬فكرية‭ ‬أو‭ ‬رياضية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬علمية‭ ‬وأناشيد‭ ‬ومسابقات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬الطفل‭ ‬وقدراته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الألعاب‭ ‬ووضعه‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تخيلية‭ (‬محاكاة‭ ‬صغيرة‭ ‬ومناسبة‭) ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬إبداعاته،‭ ‬وهذا‭ ‬المفهوم‭ ‬تقريباً‭ ‬غائب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتربية‭ ‬والعلوم‭ ‬والثقافة‭ (‬اليونسكو‭) ‬عام‭ ‬2014‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬43‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬للتعليم،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭. ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬36‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬حصلن‭ ‬عن‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭!!‬

 

التعليم‭ ‬التفاعلي

هو‭ ‬التعليم‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬مثل‭ ‬الندوات‭ ‬والدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬والمؤتمرات،‭ ‬وأبرز‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬تدريب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬على‭ ‬كورس‭ ‬تدريبي‭ ‬معين،‭ ‬ثم‭ ‬يدرب‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلاب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬زملاءهم‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬أكاديمي،‭ ‬وبذلك‭ ‬يتم‭ ‬إعطاء‭ ‬الفرصة‭ ‬لصنع‭ ‬قيادات‭ ‬طلابية‭ ‬وتعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬للطلاب‭ ‬وتشجيع‭ ‬البحث‭ ‬والتعليم‭ ‬التفاعلي‭.‬

ذكرت‭ ‬المنظمة‭ ‬العربية‭ ‬للتربية‭ ‬والثقافة‭ ‬والعلوم‭ ‬‮«‬ألكسو‮»‬‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لها‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬سكان‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬مازالوا‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬ومواصلة‭ ‬التعلم،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬الإلمام‭ ‬بالقراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬72.9‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬نسبة‭ ‬الأمية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬27.1‭ ‬في‭ ‬المائة‭. ‬الأمل في‮ ‬التعليم‭ ‬والمعرفة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬موجود،‭ ‬وبالطبع‭ ‬الصورة‭ ‬ليست‭ ‬قاسية‭ ‬هكذا،‭ ‬فهناك‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬تبذل‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تصنيف‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬شانغهاي‭ ‬لعام‭ ‬2014،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬التصنيفات‭ ‬للجامعات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ويعتمد‭ ‬الأداء‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبحوث،‭ ‬ولاسيما‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬جودة‭ ‬التعليم،‭ ‬كما‭ ‬تشمل‭ ‬معاييره‭ ‬مرور‭ ‬الحائزين‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬نوبل،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬التدريس‭ (‬20‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬العلامة‭ ‬الممنوحة‭) ‬ونجاح‭ ‬الخريجين‭ (‬10‭ ‬في‭ ‬المائة‭)‬،‭ ‬وحجم‭ ‬الدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلتي‭ ‬‮«‬ناتشر‮»‬‭ ‬و‮«‬ساينس‮»‬‭ ‬البريطانيتين‭ (‬20‭ ‬في‭ ‬المائة‭)‬،‭ ‬ونسبة‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬البحوث‭ ‬والجامعات‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والمجلات‭ ‬العلمية‭ (‬20‭ ‬في‭ ‬المائة‭)‬،‭ ‬ونسبة‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الأخيرة‭ (‬20‭ ‬في‭ ‬المائة‭) ‬والأداء‭ ‬الأكاديمي‭ (‬10‭ ‬في‭ ‬المائة‭)‬،‭ ‬وجاءت‭ ‬جامعة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬السعودية‭ ‬الأولى‭ ‬عربياً‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬156،‭ ‬متبوعة‭ ‬بجامعة‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬157‭. ‬وحلت‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬ثالثة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬410‭ ‬عالمياً،‭ ‬ثم‭ ‬حلت‭ ‬جامعة‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬426،‭ ‬متبوعة‭ ‬مباشرة‭ ‬بجامعة‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬للبترول‭ ‬والمعادن‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬427‭.‬

‭ ‬نموذج‭ ‬للأمل‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬وتطبيقه‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬مسبار‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الإمارات‮»‬،‭ ‬ففي‭ ‬مايو‭ ‬2015‭ ‬أعلن‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬مسبار‭ ‬الأمل‮»‬‭ ‬على‭ ‬مسبار‭ ‬المريخ‭ ‬الإماراتي‭. ‬وينطلق‭ ‬المسبار‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬تستغرق‭ ‬9‭ ‬أشهر‭ ‬يقطع‭ ‬خلالها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر،‭ ‬وستكون‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬ضمن‭ ‬9‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فقط،‭ ‬لها‭ ‬برامج‭ ‬فضائية‭ ‬لاستكشاف‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬المسبار‭ ‬لكوكب‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬الخمسين‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭. ‬وتهدف‭ ‬وكالة‭ ‬الإمارات‭ ‬للفضاء‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬الفضائي‭ ‬الوطني‭ ‬ودعمه‭ ‬ورعايته‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المستدام‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬المعرفة،‭ ‬والإسهام‭ ‬في‭ ‬تنوع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬وشدد‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شباب‭ ‬الإمارات‭ ‬هم‭ ‬أمل‭ ‬للشباب‭ ‬العربي‭ ‬والمسلم،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬اليأس‭ ‬ولا‭ ‬المستحيل،‭ ‬واخترنا‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬مسبار‭ ‬الأمل‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬المسبار‭ ‬الذي‭ ‬يقترب‭ ‬حجمه‭ ‬ووزنه‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬ووزن‭ ‬سيارة‭ ‬صغيرة،‭ ‬سيحلق‭ ‬بسرعة‭ ‬126‭ ‬ألف‭ ‬كيلومتر‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬الكونية‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬طولها‭ ‬600‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر،‭ ‬والتي‭ ‬ستستغرق‭ ‬200‭ ‬يوم‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬سيدور‭ ‬حول‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬ويقوم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بإرسال‭ ‬معلومات‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬ليحللها‭ ‬المختصون‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬ويتبادلوها‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مؤسسة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم،‭ ‬ويتم‭ ‬المشروع‭ ‬بسواعد‭ ‬إماراتية،‭ ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬لبناء‭ ‬الكوادر‭ ‬وربط‭ ‬التعليم‭ ‬بسوق‭ ‬العمل،‭ ‬فهناك‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والمقترحات‭ ‬لتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬وربطه‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬ومنها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ربط‭ ‬التعليم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وحدات‭ ‬للتوظيف‭ ‬والتدريب‭ ‬وتنمية‭ ‬المهارات‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والمدارس‭ ‬العربية،‭ ‬وتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬الفني‭ ‬والصناعي،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬مكافأة‭ ‬الخريجين‭ ‬الأوائل‭ ‬والمتميزين،‭ ‬سواء‭ ‬للجامعات‭ ‬أو‭ ‬التعليم‭ ‬الفني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قروض‭ ‬حسنة‭ ‬ومكافآت‭ ‬مالية‭ ‬لائقة،‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬مشروعات‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال والمساندة في‮ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬فتح‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدريب‭ ‬والاستشارات‭ ‬الفنية‭ ‬والمالية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬ثقافة‭ ‬العمل‭ ‬الحر،‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والجامعات‭ ‬لنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الخبرة‭ ‬وكفاءة‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬بعد‭ ‬التخرج،‭ ‬ودمج‭ ‬الأنشطة‭ ‬الطلابية‭ ‬في‭ ‬المقررات‭ ‬الدراسية،‭ ‬مع‭ ‬تصميم‭ ‬أنشطة‭ ‬طلابية‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم،‭ ‬سواء‭ ‬الجامعي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الجامعي‭. ‬

وفي‭ ‬النهاية‭ ‬يحتاج الوطن‭ ‬العربي‭ ‬إلى مجهود‭ ‬ضخم‭ ‬وكبير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وهناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العلامات‭ ‬المضيئة‭ ‬للتحول‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المعرفي‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فالتعليم‭ ‬هو‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الحقيقي‭ ‬للدول‭ ‬وأساس‭ ‬أي‭ ‬تنمية‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وهي‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬الدولية‭ ‬والإحصاءات‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سيئة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أملاً‭ ‬وجهوداً‭ ‬قد‭ ‬تنعكس‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ ‬التعليم،‭ ‬ولم‭ ‬لا؟‭ ‬فقد‭ ‬نستطيع‭ ‬يوماً‭ ‬أن‭ ‬نغزو‭ ‬الفضاء‭ ‬أو‭ ‬نستحوذ‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬نوبل،‭ ‬فلن‭ ‬يتغير‭ ‬مفهوم‭ ‬اقتصاد‭ ‬اليأس‭ ‬إلا من‭ ‬خلال‭ ‬التعليم،‭ ‬ليصبح‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬وقود‭ ‬التنمية‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬