بنـوك النفايـات

بنـوك النفايـات

  ‬تعتبر‭ ‬مبادرة‭ ‬بنوك‭ ‬النفايات‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تربية‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬حب‭ ‬الطبيعة‭ ‬واحترامها،‭ ‬وصداقة‭ ‬البيئة،‭ ‬وغرس‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستدامة‭ ‬ومفاهيمها،‭ ‬كالتقليل‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬المخلفات،‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدام‭ ‬الموارد‭ ‬والمنتجات‭ ‬وإعادة‭ ‬تدويرها‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬التربوي‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬ثقافة‭ ‬نظافة‭ ‬وتمكين‭ ‬اقتصادي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدولة‭.‬

من‭ ‬الأمثلة‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مدارس‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬حيث‭ ‬يجلب‭ ‬الطلاب‭ ‬معهم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬تدويره‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬المنزلية،‭ ‬ليتم‭ ‬إيداعه‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬النفايات‭ ‬بالمدرسة،‭ ‬الذي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تديره‭ ‬لجنة‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬ومعلمين‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬تكون‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬المحاسبة‭ ‬والعلاقات‭ ‬العامة‭ ‬وأوجه‭ ‬النشاط‭ ‬المختلفة‭ ‬لتنظيف‭ ‬وجمع‭ ‬النفايات‭ ‬ووزنها،‭ ‬وتنظيم‭ ‬معارض‭ ‬لمعروضات‭ ‬معاد‭ ‬تدويرها‭. ‬

ويحصل‭ ‬المودعون‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬تحدد‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬حجم‭ ‬النفايات‭ ‬ونوعها‭. ‬ويمكن‭ ‬للطلاب‭ ‬استبدال‭ ‬النقاط‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬بنقود،‭ ‬أو‭ ‬بأدوات‭ ‬مدرسية‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬معاد‭ ‬تدويرها،‭ ‬مثل‭ ‬الحقائب‭ ‬أو‭ ‬الأضابير‭ ‬وسواها‭. ‬وهكذا‭ ‬يوفر‭ ‬المودعون‭ ‬الصغار‭ ‬دخلاً‭ ‬من‭ ‬النفايات،‭ ‬ويحافظون‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬بيئاتهم‭ ‬نظيفة‭ ‬وجميلة‭ ‬وصحية‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬لرفع‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬وأثرها‭ ‬الإيجابي،‭ ‬تدمج‭ ‬موضوعات‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬في‭ ‬المناهج‭. ‬ويتدرب‭ ‬الطلاب‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬أشغال‭ ‬يدوية‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬القابلة‭ ‬للتدوير‭ ‬التي‭ ‬أودعوها‭ ‬بأنفسهم‭ ‬في‭ ‬البنك،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬لديهم‭ ‬التفكير‭ ‬الإبداعي‭ ‬عندما‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تجميع‭ ‬الأجزاء‭ ‬وتحويلها‭ ‬لأشياء‭ ‬جديدة‭ ‬ومفيدة‭.‬

 

تحويل‭ ‬المجتمعات‭ ‬

تأتي‭ ‬مبادرة‭ ‬بنوك‭ ‬النفايات‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬كنموذج‭ ‬مصغر‭ ‬لبرنامج‭ ‬أكبر‭ ‬تتبناه‭ ‬وزارة‭ ‬البيئة‭ ‬الإندونيسية،‭ ‬بدأ‭ ‬بصدور‭ ‬قانون‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬بخصوص‭ ‬إدارة‭ ‬النفايات،‭ ‬استهدف‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬مشكلة‭ ‬القمامة،‭ ‬لكنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تحوَّل‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬لتوعية‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئية،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬التلوث‭. ‬وأصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وسيلة‭ ‬لتأمين‭ ‬مصدر‭ ‬دخل‭ ‬قومي،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البنوك‭ ‬خطة‭ ‬طموح،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬تأسيس‭ ‬عشرات‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭ ‬ومنطقة‭ ‬من‭ ‬مئات‭ ‬المدن‭ ‬والمناطق‭ ‬عبر‭ ‬البلاد‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تستوعب‭ ‬هذه‭ ‬البنوك‭ ‬آلاف‭ ‬العاملين،‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬ملايين‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬سنوياً‭. ‬

ولنجاح‭ ‬البرنامج،‭ ‬تم‭ ‬الترويج‭ ‬لفكرة‭ ‬تصنيف‭ ‬القمامة‭ ‬في‭ ‬البيوت،‭ ‬وتلقى‭ ‬الأهالي‭ ‬توعية‭ ‬وتدريباً‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمفهوم‭ ‬التدوير‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬النفايات‭ ‬وتصنيفها،‭ ‬ولاسيما‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬بيعها‭ ‬لمصانع‭ ‬البلاستيك‭ ‬لتتم‭ ‬إعادة‭ ‬تدويرها‭. ‬كما‭ ‬قام‭ ‬البرنامج‭ ‬بتوزيع‭ ‬أكياس‭ ‬لجمع‭ ‬العبوات‭ ‬والصحف‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬وتم‭ ‬تسعير‭ ‬المواد‭. ‬وكما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬تودع‭ ‬النقود‭ ‬في‭ ‬الحساب‭ ‬الشخصي‭ ‬ببنك‭ ‬النفايات‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬المودعون‭ ‬من‭ ‬سحبها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭. ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬لاحقة،‭ ‬توسع‭ ‬البرنامج‭ ‬بتدريب‭ ‬الأهالي‭ ‬على‭ ‬التصنيع‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬القابلة‭ ‬للتدوير‭. ‬واستطاعوا‭ ‬إبداع‭ ‬منتجات‭ ‬متنوعة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬حقائب،‭ ‬وصنادل،‭ ‬وأشياء‭ ‬أخرى‭ ‬جميلة‭ ‬ومفيدة‭.‬

 

فكرة‭ ‬بنك‭ ‬

ترجع‭ ‬حكاية‭ ‬تأسيس‭ ‬بنك‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير،‭ ‬الذي‭ ‬يكافئ‭ ‬الخيارات‭ ‬اليومية‭ ‬الذكية‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬مستدام‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬برنامجها‭ ‬الخاص‭ ‬بإعادة‭ ‬التدوير‭ ‬لعدم‭ ‬جدواه،‭ ‬ولاحظ‭ ‬باتريك‭ ‬فيتز،‭ ‬طالب‭ ‬الحقوق‭ ‬بجامعة‭ ‬فوردهام،‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬حافز‭ ‬اقتصادي‭ ‬حقيقي‭ ‬يشجع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير؛‭ ‬فأعد‭ ‬مسودة‭ ‬لنموذج‭ ‬أعمال‭ ‬يحفز‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭. ‬وفي‭ ‬2003،‭ ‬اتصل‭ ‬بصديقه‭ ‬القديم‭ ‬رون‭ ‬جونين‭ ‬Gonen‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حينها‭ ‬يعد‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال‭ ‬بجامعة‭ ‬كولومبيا؛‭ ‬ووضع‭ ‬الاثنان‭ ‬خطة‭ ‬بنك‭ ‬التدوير،‭ ‬وأكملا‭ ‬إجراءات‭ ‬تأسيس‭ ‬الشركة‭. ‬

ومع‭ ‬حلول‭ ‬العام‭ ‬التالي‭ ‬2004‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬أول‭ ‬برنامج‭ ‬مكافآت‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬في‭ ‬فيلادلفيا‭. ‬وللبنك‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬مركزه‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬اليوم‭ ‬شراكات‭ ‬واسعة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬والمجتمعات‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬أمريكا،‭ ‬يتعاون‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬انبعاث‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬الصوبات‭ ‬بتدابير‭ ‬مثل‭ ‬تشجيع‭ ‬النقل‭ ‬الجماعي؛‭ ‬وتحفيز‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬عيش‭ ‬أساليب‭ ‬حياة‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬بربطهم‭ ‬ببرنامج‭ ‬مكافآت‭ ‬تمنح‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تقديم‭ ‬أفكار‭ ‬وحلول‭ ‬ومعلومات‭ ‬خاصة‭ ‬بالاستدامة،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬وزن‭ ‬المخلفات‭ ‬المعاد‭ ‬تدويرها‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬نقاط‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬نقود‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬الشراء‭ ‬عبر‭ ‬متجر‭ ‬البنك‭ ‬للمنتجات‭ ‬المستدامة‭ ‬على‭ ‬الخط‭. ‬ويجد‭ ‬المتصفح‭ ‬للموقع‭ ‬Recyclebank‭.‬com‭ ‬ما‭ ‬يرشده‭ ‬عن‭ ‬البرامج‭ ‬الجديدة‭ ‬لمقايضة‭ ‬النقاط‭ ‬كالحصول‭ ‬على‭ ‬خدمات‭ ‬أو‭ ‬خصومات‭ ‬خاصة‭.‬

ولدى‭ ‬البنك‭ ‬اليوم‭ ‬برامج‭ ‬عديدة،‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬المدارس‭ ‬الخضراء‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬خطوات‭ ‬تبدأ‭ ‬بتقديم‭ ‬طلبات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المدارس‭ ‬للقيام‭ ‬بمشروعات‭ ‬مستدامة‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬الطلاب،‭ ‬والأداء‭ ‬المستدام‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والمجتمعات‭ ‬المحيطة،‭ ‬وذلك‭ ‬بتكلفة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬2500‭ ‬دولار‭ ‬للمشروع؛‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬أفضل‭ ‬50‭ ‬مشروعاً‭ ‬بعرضها‭ ‬على‭ ‬الموقع‭ ‬ودعوة‭ ‬الأعضاء‭ ‬لمنحها‭ ‬نقاطاً‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬دولارات‭ ‬تتبرع‭ ‬بها‭ ‬الشركات‭ ‬الداعمة‭. ‬وللترويج‭ ‬للمشروعات،‭ ‬يساعد‭ ‬الطلاب‭ ‬والمدارس‭ ‬في‭ ‬دعوة‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والأقارب‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬البنك،‭ ‬ليتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬النقاط‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬المنحة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تنالها‭ ‬المشروعات‭ ‬الفائزة،‭ ‬تحصل‭ ‬المدارس‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬لعام‭ ‬كامل،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬دوماتر‭ ‬Domater،‭ ‬المصنعة‭ ‬للورق‭ ‬والمهتمة‭ ‬بقضايا‭ ‬الاستدامة،‭ ‬والمشجعة‭ ‬لروح‭ ‬التجديد‭ ‬والابتكار‭ ‬وإعادة‭ ‬التدوير‭ ‬وتقليل‭ ‬الهدر،‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالحدائق‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬واستخدام‭ ‬الورق‭ ‬المبدع‭. ‬ونجح‭ ‬البنك‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2007و2014‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬تمويل‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬استفادت‭ ‬منه‭ ‬150‭ ‬مدرسة‭. ‬

 

شطب‭ ‬المخلفات‭ ‬

تعطي‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬من‭ ‬بنوك‭ ‬النفايات‭ ‬أمل‭ ‬شطب‭ ‬كلمة‭ ‬مخلفات‭ ‬من‭ ‬قاموس‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬بمحاكاة‭ ‬الطبيعة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬جميع‭ ‬النواتج‭ ‬المصاحبة‭ ‬لأي‭ ‬عملية‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج‭ ‬مدخلاً‭ ‬لعمليات‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بمدخل‭ ‬من‭ ‬المهد‭ ‬إلى‭ ‬المهد‭ -‬‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المهد‭ ‬إلى‭ ‬اللحد‭ - ‬وهو‭ ‬نظام‭ ‬تخطيط‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مخلفات،‭ ‬ويعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬المنتج‭ ‬من‭ ‬التصميم‭ ‬حتى‭ ‬الاستخدام،‭ ‬وإعادة‭ ‬التدوير‭. ‬ويتطلع‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬بلا‭ ‬مخلفات،‭ ‬أو‭ ‬بقدر‭ ‬قليل‭ ‬منها،‭ ‬ولاسيما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬كأمريكا‭ ‬وكندا‭ - ‬أمريكا‭ ‬وحدها‭ ‬تنتج‭ ‬243‭ ‬طناً‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬بقايا‭ ‬الطعام،‭ ‬والأوراق،‭ ‬والبلاستيك‭ ‬والمنسوجات‭ ‬والمعادن‭ ‬والزجاج،‭ ‬من‭ ‬المساكن‭ ‬والمحال‭ ‬التجارية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬وفقاً‭ ‬لإحصائيات‭ ‬2009‭ - ‬وما‭ ‬يثلج‭ ‬الصدر‭ ‬وجود‭ ‬مؤشرات‭ ‬لتوقف‭ ‬المخلفات‭ ‬عن‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2000‭ ‬و2007‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬فيها‭ ‬وإدارتها‭ ‬بشكل‭ ‬جديد‭. ‬

‭ ‬كان‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬بترتيب‭ ‬أماكن‭ ‬لدفنها‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬المجتمعات؛‭ ‬وعندما‭ ‬أدرك‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬أماكن‭ ‬الدفن‭ ‬محدودة،‭ ‬صار‭ ‬الحرق‭ ‬هو‭ ‬الحل،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬مصطلح‭ ‬التشافي‭ ‬Recovery‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬شفاء‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الحرق‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬جديدة‭ ‬لمعالجة‭ ‬تحويل‭ ‬المخلفات‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭. ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬الدعوات‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬المشكلة،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعالج‭ ‬الأسباب،‭ ‬فإعادة‭ ‬التدوير‭ ‬عملية‭ ‬قد‭ ‬تنقل‭ ‬الفوضى‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬ولا‭ ‬تمنع‭ ‬تراكم‭ ‬المخلفات،‭ ‬ولهذا‭ ‬برزت‭ ‬دعوات‭ ‬كالتقليل‭ ‬من‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬وإعادة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬وشجعت‭ ‬دعوات‭ ‬أخرى،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬التسعينيات،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتغيير‭ ‬سلوك‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المخلفات؛‭ ‬حتى‭ ‬ظهرت‭ ‬إستراتيجيات‭ ‬جديدة‭ ‬تستهدف‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬وإعادة‭ ‬التصميم‭ ‬لتفادي‭ ‬إنتاج‭ ‬مخلفات‭ ‬من‭ ‬الأساس‭. ‬وباتت‭ ‬المجتمعات‭ ‬المستدامة‭ ‬تدير‭ ‬مخلفاتها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬إطار‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬بقيادة‭ ‬لاعبين‭ ‬أساسيين،‭ ‬مثل‭ ‬قطاع‭ ‬الصناعة،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمساكن‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تنتج‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭. ‬

 

أمثلة‭ ‬جيدة

من‭ ‬الأمثلة‭ ‬الجيدة‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬شركة‭ ‬سوبارو‭ ‬للسيارات،‭ ‬حيث‭ ‬أعادت‭ ‬تصميم‭ ‬عملياتها،‭ ‬وأعادت‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬منتجاتها‭ ‬المصاحبة‭ ‬بصورة‭ ‬مبدعة،‭ ‬مستخدمة‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الإستراتيجيات‭ ‬كإعادة‭ ‬مواد‭ ‬التغليف‭ ‬للموردين،‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدام‭ ‬المواد‭ ‬داخلياً،‭ ‬وتغيير‭ ‬بعض‭ ‬العمليات‭ ‬لتخفيض‭ ‬مقدار‭ ‬المخلفات‭ ‬الناتجة؛‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬بعض‭ ‬المخلفات‭ ‬للمعالجة،‭ ‬ولكن‭ ‬ضمن‭ ‬خطة‭ ‬طموح‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬التخلص‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬دفن‭ ‬النفايات‭. ‬كما‭ ‬بادرت‭ ‬شركة‭ ‬تويوتا‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مجتمع‭ ‬قليل‭ ‬الكربون‭ ‬ومنسجم‭ ‬مع‭ ‬الطبيعة،‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة،‭ ‬وذلك‭ ‬بوضع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬الأثر‭ ‬البيئي‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬دورة‭ ‬حياة‭ ‬المركبات‭ ‬من‭ ‬التطوير‭ ‬والتصنيع‭ ‬والإنتاج‭ ‬واللوجستيات‭ ‬والمبيعات‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬المخلفات‭ ‬الصناعية‭ ‬وإعادة‭ ‬التدوير،‭ ‬حتى‭ ‬تشجيع‭ ‬الإدارة‭ ‬البيئية‭. ‬

وتساهم‭ ‬برامج‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مشروعات‭ ‬إدارة‭ ‬النفايات،‭ ‬مثل‭ ‬برامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنمية‭ ‬UNDP‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬برنامج‭ ‬TRWMP،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬2005‭ ‬كعملية‭ ‬صغيرة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬نفايات‭ ‬التسونامي‭ ‬والزلازل،‭ ‬وأصبح‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الناجحة‭ ‬للإدارة‭ ‬المستدامة‭ ‬للنفايات‭ ‬الصلبة‭ ‬يدعمه‭ ‬صندوق‭ ‬متعدد‭ ‬المتبرعين‭.  ‬وختاماً،‭ ‬تؤكد‭ ‬نماذج‭ ‬بنوك‭ ‬النفايات‭ ‬والمشروعات‭ ‬المشابهة‭ ‬على‭ ‬حقائق‭ ‬وشعارات‭ ‬مثل‭: ‬‮«‬ما‭ ‬تعتبره‭ ‬قمامة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كنزاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لشخص‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يجعلنا‭ ‬نفكر‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نرمي‭ ‬شيئاً‭ ‬في‭ ‬حاوية‭ ‬القمامة؛‭ ‬ويذكرنا‭ ‬بوصايا‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬النفايات،‭ ‬وإعادة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬وإعادة‭ ‬التدوير‭ ‬‭ ‬