مَن المسئول حقًا عن تخلّف العرب والمسلمين؟

 مَن المسئول حقًا عن تخلّف العرب والمسلمين؟
        

          السيد الدكتور سليمان إبراهيم العسكري رئيس تحرير مجلة العربي الغراء..

          تحية عطرة لكم وإلى مساعديكم

          لما تقدمونه من ثقافة نافعة للعرب وللناس جميعًا.

          لقد اطّلعت باهتمام على مقال الدكتور محمد كامل ضاهر الباحث والسفير اللبناني السابق بعنوان «الإسلام والمسلمون وتحدّيات القرن الواحد والعشرين» في عدد «العربي» (629) أبريل 2011.

          يدور مقاله حول رأي أبداه المؤرخ البريطاني المعاصر بول كندي منذ عشرين عامًا من أن العرب والمسلمين هم المسئولون وحدهم عن تخلّفهم، وكان قد سبقه إلى هذا الرأي المؤرخ آرنولد توينبي منذ أكثر من خمسين عامًا، ولم يبين كلاهما السبب في هذا التخلف، وكان باحثون آخرون في الغرب قد اتهموا الإسلام نفسه بالسبب في تخلف المسلمين زورًا وبهتانًا.

          قام الباحث الفاضل بدحض هذه التهمة باسطًا القول في خصائص الإسلام العظيمة ومثله السامية من دعوة للمساواة بين البشر وإلى العناية بالجسد والروح معًا، وإقامة العدل وحب العلم والعمل والخير والتضامن بين الناس، ويوازن في الوقت نفسه بينه وبين اتجاهات الغرب التي انتهت إلى الانحراف في الحياة المادية وإهمال الحياة الروحيّة، ولم يبق أمامه سوى اتهام المسلمين وحدهم بأنهم المسئولون عن التخلف، دون أن يبحث عن أسباب أخرى.

          وليخرج الباحث الفاضل د.ضاهر العرب والمسلمين من ذلك التخلف يقترح «تشكيل مرجعية مؤسساتية كالفاتيكان عند المسيحيين تضم كبار المفكرين، تقوم بتطوير مفاهيم الإسلام وتجديدها للتكيّف مع تطورات العصر ومفاهيمه السياسية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية».

تناقض كبير

          هنا يقع الباحث الفاضل في تناقض كبير من جهتين:

          الأولى: لماذا لم يدعُ إلى العودة إلى الإسلام وهو الذي اقتنع بعظمة مبادئه وسموّ قيمه؟

          الثانية: لماذا يدعو د.ضاهر إلى تطوير مفاهيم الإسلام وتجديدها للتكيف؟ وهو يعلم أن مفاهيم الغرب وغيره قد أخفقت إخفاقًا ذريعًا، وقد نال الغرب الذي يُعد أرقى الأمم صناعيًا في عصرنا ما نالهم من تعاملهم بالربا (الفائدة)، وعانوا ما عانوا من كوارث عظيمة لم يتخلّصوا منها حتى الآن، مما جعل بعض اقتصادييهم يلجأ للتعامل مع البنوك الإسلامية المقامة في الغرب، وقد قامت على الشراكة في الربح والخسارة لا على الربا.

          ويريد الباحث الفاضل أيضًا تطويرًا في مفاهيم الإسلام الاجتماعية، والباحث نفسه ينقل في مقاله عن «توينبي» تهالك الغرب على «المادّة» وابتعادهم عن القيم الروحية إذ يعاني الغرب من تفكك الأسرة والأنانية المفرطة والقسوة على الشعوب الضعيفة، مما يعدّه مفكروهم بوادر لانهيار حضارتهم.

          هذه الدعوة إلى تطوير مفاهيم الإسلام كافة، كان يدعو إليها كثير من المستشرقين لتتكيّف مع أساليبهم في الحياة الغربية، إلا أن بعضهم أخذ يدعو شعوبه إلى ضرورة الاعتدال في الحياة المادية البحتة والعودة إلى التأمل والصلاة والقيم الروحية.

          أما الدعوة إلى مرجعية مؤسساتية، فالمرجعية منذ ظهور الإسلام تتمثل في كل قطر إسلامي بوجود «مجمّع فقهي إسلامي» محلي، كما أن هناك «مجمعًا فقهيًا إسلاميًا عالميًا» مركزه في «جدة» بالمملكة العربية السعودية يبحث في كل ما يهم المسلمين ويُفتي فيه.

أسباب التخلّف

          لم يكن العرب والمسلمون متخلّفين تمامًا في الصناعة، كانت هناك صناعات بدائية ومتوسطة على مرّ العصور. ولقد بدأ محمد علي باشا والي مصر بالتأسيس لصناعة متطوّرة، ولكن ما إن احتلّ الإنجليز مصر حتى بادروا بالقضاء عليها وفي الوقت نفسه كانت اليابان تدخل عصر النور «الفيجي» في النهضة، فأين اليابان الآن من مصر؟!

          أخذ الغرب بكل الوسائل الممكنة لديه لمنع العرب والمسلمين - دون غيرهم من الأمم - من معرفة أسرار الصناعة وخاصة الثقيلة منها، إلى أن استطاعت مصر في عهد جمال عبدالناصر أن تتفلّت من القيود، وتنشئ «الفرن العالي» لمجمّع الحديد والصلب، وتنتج سيارات صغيرة ومتوسطة، وغيرها، وتبعتها الجزائر بعد استقلالها، ودول أخرى، فإيران أخذت على نفسها أن تسير في التصنيع قدمًا، وعملت في أبحاث للذرّة، وقامت المملكة العربية السعودية بالتخطيط كذلك لهذه الأبحاث للحصول عليها واستعمالها للأغراض السلميّة.

عثمان الحاج حسّون - سورية

---------------------------------

أهنا وبين صحيفتين سطوُرها
                              باحتْ بسرٍّ لم يَكُن بمباحِ
أودتْ بنضرتِك السنونُ وأذبلتْ
                              كفّ السلوِّ رواءك الوضاحِ
قد شبّ عن طوقِ الصباوةِ وانتضى
                              للحبّ في ساحِ الحياةِ سلاحي
أبنيّ واحدةٌ بواحدَةٍ فقُلْ
                              لأميمك الحسناء قولَ وقاحِ
أبتي لقد سالتْ جراحُ فؤادِهِ
                              كيما يضمِّدُ بالغُدَاةِ جراحي

عِرَار