استخدامات الذكاء الاصطناعي بنظام تحديد المواقع العالمي حلول علمية لمشكلات مستعصية

استخدامات الذكاء الاصطناعي بنظام تحديد المواقع العالمي حلول علمية لمشكلات مستعصية

لم‭ ‬تعد‭ ‬استخدامات‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‭) ‬Positioning System‭ ‬Global‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬الأغراض‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬أنشئ‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬سرياً‭ ‬جداً‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬بداياته،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬تلك‭ ‬الاستخدامات‭ ‬متنوعة‭ ‬ومتعددة‭ ‬لتشمل‭ ‬مجالات‭ ‬كثيرة،‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭ ‬عمليات‭ ‬النقل‭ ‬والشحن‭ ‬والطيران‭ ‬والملاحة‭ ‬الجوية،‭ ‬التي‭ ‬تستخدمه‭ ‬لمتابعة‭ ‬حركة‭ ‬الآليات‭ ‬وتوجيهها‭ ‬بدقة‭ ‬متناهية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬مزودة‭ ‬بخرائط‭ ‬تفصيلية‭ ‬للشوارع‭ ‬وأفضلها‭ ‬وأقصرها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬الكوارث‭ ‬والتنبؤ‭ ‬بها‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬آثارها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعقب‭ ‬الأعاصير‭ ‬والفيضانات‭ ‬ومراقبة‭ ‬حرائق‭ ‬الغابات‭ ‬وحـــركة‭ ‬الجــــبال‭ ‬الجليدية‭. ‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬استخدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭  ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭  (‬GPS‭)  ‬بهدف‭ ‬الاستطلاع‭ ‬والمراقبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬استخدمته‭ ‬بعدها‭ ‬للأغراض‭ ‬المدنية‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬وهو‭ ‬نظام‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬قمراً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬تزود‭ ‬المستخدم‭ - ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الـ‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ - ‬بالموقع‭ ‬ذي‭ ‬الإحداثيات‭ ‬الثلاث‭ ‬بدقة‭ ‬عالية‭ ‬جداً،‭ ‬وبالمعلومات‭ ‬الزمنية‭ ‬لأي‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭. ‬

لكن‭ ‬وجود‭ ‬الأخطاء‭ ‬والتشوهات‭ ‬الكثيرة‭  ‬في‭ ‬الشبكات‭ ‬الطبوغرافية‭ ‬الحالية‭ ‬المنفذة‭ ‬باستخدام‭ ‬الطرق‭ ‬المساحية‭ ‬التقليدية‭ (‬أي‭ ‬الشبكات‭ ‬غير‭ ‬المرصودة‭ ‬بنظم‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭) ‬جعلها‭ ‬غير‭ ‬متناسبة‭ ‬مع‭ ‬المتطلبات‭ ‬الحديثة‭ ‬العلمية‭ ‬والأمنية،‭ ‬كالتنبؤ‭ ‬بالزلازل‭ ‬ومراقبة‭ ‬تحركات‭ ‬القشرة‭ ‬الأرضية‭ ‬وانزلاق‭ ‬التربة‭ ‬واستقرار‭ ‬المنشآت‭ ‬الضخمة،‭ ‬كالأبنية‭ ‬العالية‭ ‬والجسور‭ ‬المعلقة‭ ‬والأنفاق‭ ‬الطويلة‭ ‬ومحطات‭ ‬الطاقة‭ ‬ومصافي‭ ‬الغاز‭ ‬والبترول،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنشآت‭ ‬الحساسة‭. ‬

ومع‭ ‬تقدم‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المساحة‭ ‬الفضائية‭ ‬والجيومعلومــــاتية،‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬المـــــتزايدة‭ ‬والضــــرورة‭ ‬الملحة‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬الشبكات‭ ‬الجيوماتيكية‮»‬‭ ‬الكبيرة‭ ‬المرصودة‭ ‬باستخدام‭ ‬النظم‭ ‬العالمية‭ ‬لتعين‭ ‬المواقع‭ ‬الإحداثية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ربطها‭ ‬بإطار‭ ‬‮«‬جيوديزي‮»‬‭ ‬عالمي‭ ‬متناسق‭ ‬ودقيق‭. ‬

تتكون‭ ‬هذه‭ ‬النظم‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الأمريكي‭ (‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‭) ‬والنظام‭ ‬الروسي‭ (‬غلوناس‭) ‬والنظام‭ ‬الأوربي‭ ‬الحديث‭ (‬غاليليو‭). ‬

 

تطبيقات‭ ‬عملية

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ذُكر‭ ‬آنفاً،‭ ‬يمتلك‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ ‬تأثيراً‭ ‬فعَّالاً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬الهندسية‭ ‬والجيوفيزيائية،‭ ‬لاسيما‭ ‬الأعمال‭ ‬المساحية‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬والتغيرات‭ ‬الحاصلة‭ ‬فيها‭ ‬بدقة‭ ‬متناهية‭ ‬وبكلفة‭ ‬قليلة،‭ ‬وخلال‭ ‬فترات‭ ‬رصد‭ ‬قصيرة‭. ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬شرط‭ ‬الرؤية‭ ‬بين‭ ‬النقاط‭ ‬المساحية،‭ ‬الذي‭ ‬يُعدُّ‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الشبكات‭ ‬الطبوغرافية‭. ‬وتكمن‭ ‬قدرة‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‮»‬‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬المساحة‭ ‬الدقيقة‭ ‬للأغراض‭ ‬الجيوديزية‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬والكلفة‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الطرق‭ ‬التقليدية‭. ‬إن‭ ‬استخدام‭ ‬أجهزة‭ ‬نظام‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‮»‬‭ ‬مكلف‭ ‬جداً‭ ‬مقارنة‭ ‬بالطرق‭ ‬الأخرى،‭ ‬لكنه‭ ‬يصبح‭ ‬مهماً‭ ‬جداً‭ ‬عندما‭ ‬تزداد‭ ‬كمية‭ ‬الأعمال‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الشبكات‭ ‬الجيوماتيكية‭ ‬الكبيرة‭. ‬تُشكل‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬الإطار‭ ‬الأساس‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الجيوماتية‭ ‬لمعظم‭ ‬تطبيقات‭ ‬الحياة‭ ‬العملية،‭ ‬كإدارة‭ ‬الكوارث‭ ‬وتصميم‭ ‬شبكات‭ ‬الاتصالات‭ ‬الضخمة‭ ‬وجدولة‭ ‬تنظيم‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬وإيجاد‭ ‬المواقع‭ ‬المثالية‭ ‬لمحطات‭ ‬ومخازن‭ ‬الطاقة‭ ‬والسدود،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬الضخمة‭.‬

يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬الشبكة‭ ‬الجيوماتيكية،‭ ‬وفقاً‭ ‬للمساحة‭ ‬الفضائية‭ ‬باستخدام‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‭) ‬بأنها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬المساحية‭ (‬stations‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تعيين‭ ‬إحداثياتها‭ ‬بوضع‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستقبال‭ ‬عليها‭ ‬لتحديد‭ ‬الأشعة‭ ‬أو‭ ‬القياسات‭ ‬الزمنية‭ (‬sessions‭) ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬النقاط،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مبين‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ ‬2،‭ ‬أي‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‭ ‬باستخدام‭ ‬قياسات‭ ‬الأشعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ (‬3D‭). ‬يُعرف‭ ‬الشعاع‭ ‬أو‭ ‬القياس‭ ‬بالفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬أو‭ ‬مدة‭ ‬الرصد‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬جهازا‭ ‬استقبال‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬لتسجيل‭ ‬أو‭ ‬التقاط‭ ‬الإشارات‭ ‬المبثوثة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭. ‬إن‭ ‬العدد‭ ‬الأصغر‭ ‬اللازم‭ ‬لأجهزة‭ ‬الاستقبال‭ ‬هو‭ ‬اثنان،‭ ‬وتصبح‭ ‬مسألة‭ ‬تصميم‭ ‬الشبكة‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬وتعقيداً‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬هذا‭ ‬العدد،‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬تصميم‭ ‬شبكات‭ ‬الإنذار‭ ‬المبكر‭. ‬

والأمر‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أفضل‭ ‬ترتيب‭ ‬لتنظيم‭ ‬الأشعة‭ ‬الزمنية‭ ‬بحيث‭ ‬تُعطي‭ ‬أفضل‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬ممكن‭ (‬أقل‭ ‬كلفة‭) ‬لإتمام‭ ‬رصد‭ ‬كامل‭ ‬هذه‭ ‬الأشعة‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬عملياً‭ ‬تحديد‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬بها‭ ‬نقل‭ ‬كل‭ ‬جهاز‭ ‬استقبال‭ ‬بين‭ ‬النقاط‭ ‬المراد‭ ‬تحديد‭ ‬إحداثياتها‭ ‬بأسلوب‭ ‬فعَّال‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬بعض‭ ‬العناصر‭ ‬المهمة‭ ‬كالزمن‭ ‬والدقة‭ ‬والكلفة‭.‬

  ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬الرصد‭ ‬يتم‭ ‬تجميع‭ ‬هذه‭ ‬الأشعة‭ ‬في‭ ‬الحاسوب‭ ‬لمعالجتها‭ ‬وتحليلها‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬تُبنى‭ ‬عليها‭ ‬قاعدة‭ ‬البيانات‭ ‬الأساسية‭ ‬والمعلومات‭ ‬التفصيلية‭ ‬لكامل‭ ‬المنطقة‭ ‬المغطاة‭ ‬بالشبكة‭ ‬الجيوماتيكية‭. ‬تُستخدم‭ ‬نظم‭ ‬المعلومات‭ ‬الجغرافية‭ (‬جي‭ ‬آي‭ ‬إس‭) (‬Geographic Information System GIS‭) ‬لإدخال‭ ‬وتنظيم‭ ‬هذه‭ ‬البيانات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الرقمية‭ ‬لكامل‭ ‬الشبكة‭ ‬الجيوماتيكية‭. ‬وتستطيع‭ ‬الطرق‭ ‬الحسابية‭ ‬الدقيقة‭ ‬حل‭ ‬شبكات‭ ‬صغيرة‭ ‬فقط،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬عملية‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬أبعاد‭ ‬الشبكة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬جداً‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬طرق‭ ‬عملية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬تزويد‭ ‬التصميم‭ ‬المثالي‭ ‬أو‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬المثالي‭ ‬لشبكات‭ ‬كبيرة‭ ‬بزمن‭ ‬حسابي‭ ‬مقبول،‭ ‬وبأقل‭ ‬تكلفة‭ ‬ممكنة‭.‬

 

خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬

ثمة‭ ‬تطور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التصميم‭ ‬المثالي‭ ‬للشبكات‭ ‬الجيوماتيكية‭ ‬بأسلوب‭ ‬علمي‭ ‬مبرمج،‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬نمذجة‭ ‬خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬يعتمد‭ ‬مبدأ‭ ‬عمل‭ ‬هذه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬التصميم‭ ‬الأولي‭ ‬للشبكة،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تشكيله‭ ‬اختيارياً‭ ‬أو‭ ‬تجريبياً،‭ ‬ثم‭ ‬تحسينه‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬جديد‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬سابقه‭ ‬بتطبيق‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التحسين‭ ‬المتتالية‭. ‬تُكرر‭ ‬هذه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬على‭ ‬التصميم‭ ‬الجديد‭ ‬المعتمد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬بغية‭ ‬إيجاد‭ ‬أفضل‭ ‬تصميم‭ ‬ممكن‭. ‬تُوقِف‭ ‬الخوارزميات‭ ‬عمليات‭ ‬التحسين‭ ‬فور‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التصميم‭ ‬المثالي‭ ‬النهائي‭ ‬للشبكة‭ ‬الجيوماتيكية،‭ ‬الموافق‭ ‬للشروط‭ ‬المحددة‭.‬

تُعد‭ ‬الخوارزميات،‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬ومفاهيم‭ ‬وأفكار‭ ‬ونظريات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬أحدث‭ ‬الأساليب‭ ‬المطوَّرة‭ ‬والأكثر‭ ‬استخداماً‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المثالية‭ ‬لمشكلات‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬متنوعة‭ ‬وواسعة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العملية‭ ‬كعلوم‭ ‬الإدارة‭ ‬والإحصاء‭ ‬والبحث‭ ‬العملياتي‭ ‬وكل‭ ‬المجالات‭ ‬الهندسية‭ ‬والمعلوماتية‭... ‬إلخ‭. ‬وتتصف‭ ‬هذه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬ابتداع‭ ‬طرق‭ ‬ديناميكية‭ ‬ملائمة‭ ‬لطبيعة‭ ‬المسألة‭ ‬المراد‭ ‬دراستها‭ ‬وتحديد‭ ‬الصيغة‭ ‬العملية‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحل‭ ‬الأكثر‭ ‬مناسبة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬لدراسة‭ ‬هذه‭ ‬المسألة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تحسين‭ ‬قيمة‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حدود‭ ‬الإمكانية‭. ‬

ويُقصد‭ ‬بمفهوم‭ ‬التحسين‭ ‬وفق‭ ‬مبدأ‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬إيجاد‭ ‬الحدود‭ ‬الدنيا‭ ‬لتكلفة‭ ‬تصميم‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬الحدود‭ ‬العظمى‭ ‬للاستخدام‭ ‬الفعَّال‭ ‬لهذا‭ ‬التصميم‭. ‬مثلاً،‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬الميكانيكية‭ ‬يهدف‭ ‬المهندس‭ ‬المُصمّم‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬التصميم‭ ‬المثالي‭ ‬للسيارة‭ ‬آخذاً‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬جميع‭ ‬العوامل‭ ‬الهندسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والفنية‭... ‬إلخ،‭ ‬فالمهندس‭ ‬الميكانيكي‭ ‬يهدف‭ ‬باستخدام‭ ‬التحسين‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬تصميم‭ ‬ممكن‭ ‬لسيارة‭ ‬نموذجية‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬الحدود‭ ‬العظمى‭ ‬لعوامل‭ ‬الأمان‭ ‬والقوة‭ ‬والجاذبية‭ ‬والخفة‭ ‬والكلفة‭... ‬إلخ‭ (‬الحدود‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭)‬،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬الجيوماتيكية،‭ ‬فيهدف‭ ‬المهندس‭ ‬المصمم‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬التصميم‭ ‬المثالي‭ ‬للشبكة‭ ‬الجيوماتيكية،‭ ‬آخذاً‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬كل‭ ‬الشروط‭ ‬الفنية‭ ‬والهندسية‭ ‬والاقتصادية‭... ‬إلخ،‭ ‬فالمهندس‭ ‬الجيوماتيكي‭ ‬يهدف‭ ‬باستخدام‭ ‬التحسين‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬تصميم‭ ‬ممكن‭ ‬لشبكة‭ ‬جيوماتيكية‭ ‬نموذجية‭ ‬بأسرع‭ ‬وقت‭ ‬وبأقل‭ ‬تكلفة‭ (‬الحدود‭ ‬الدنيا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭).‬

 

مراحل‭ ‬تطبيق‭ ‬الخوارزميات

تتألف‭ ‬المراحل‭ ‬الأساسية‭ ‬لتطبيق‭ ‬أي‭ ‬خوارزمية‭ ‬متطورة‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬الشبكة‭ ‬الجيوماتيكية‭ ‬مما‭ ‬يلي‭:‬

1-‭ ‬مرحلة‭ ‬التصميم‭ ‬الأولي‭ ‬للشبكة‭ ‬الجيوماتيكية‭ ‬وفقاً‭ ‬للشروط‭ ‬الفنية‭ ‬والهندسية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬

2-‭ ‬مرحلة‭ ‬تشكيل‭ ‬مجموعة‭ ‬التصاميم‭ ‬البديلة‭ ‬المجاورة‭ ‬والمشتقة‭ ‬من‭ ‬التصميم‭ ‬الأولي‭ ‬للشبكة،‭ ‬حيث‭ ‬تحتوي‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬على‭ ‬تصاميم‭ ‬ذات‭ ‬حلول‭ ‬متنوعة،‭ ‬جيدة‭ ‬ومتوسطة،‭ ‬وهدف‭ ‬الخوارزمية‭ ‬اختيار‭ ‬أفضل‭ ‬تصميم‭ ‬ممكن‭. ‬تكمن‭ ‬صعوبة‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬التصاميم‭ ‬البديلة‭ ‬والوقت‭ ‬الحسابي‭ ‬اللازم‭ ‬لاختبار‭ ‬هذه‭ ‬التصاميم‭ ‬بغية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التصميم‭ ‬الأفضل‭. ‬

كلما‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬هذه‭ ‬التصاميم‭ ‬كبيراً‭ ‬أصبحت‭ ‬عملية‭ ‬البحث‭ ‬شاملة‭ ‬وطويلة،‭ ‬وتطلبت‭ ‬زمناً‭ ‬حسابياً‭ ‬أطول‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬التصميم‭ ‬المثالي‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬الاستخدام‭ ‬الفعّال‭ ‬لهذه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬يتطلب‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬التصاميم‭ ‬الناتجة‭ ‬والزمن‭ ‬اللازم‭ ‬لاختبارها‭.‬

3-‭ ‬مرحلة‭ ‬تحسين‭ ‬وقبول‭ ‬التصميم‭ ‬الأكثر‭ ‬مناسبة‭: ‬تعتمد‭ ‬الخوارزمية‭ ‬التصميم‭ ‬الحالي‭ ‬وتطبّق‭ ‬عليه‭ ‬عمليات‭ ‬التحسين‭ ‬وتحوله‭ ‬إلى‭ ‬تصميم‭ ‬جديد‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬سابقه‭. ‬تُعرف‭ ‬عملية‭ ‬التحسين‭ ‬بأنها‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬عوامل‭ ‬وشروط‭ ‬التصميم،‭ ‬كنقل‭ ‬أو‭ ‬مبادلة‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬مواقع‭ ‬رصد‭ ‬القياسات‭... ‬إلخ،‭ ‬تكرر‭ ‬الخوارزمية‭ ‬عمليات‭ ‬التحسين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تصميم‭ ‬جديد‭ ‬ناتج‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مرحلة،‭ ‬وفقاً‭ ‬للشروط‭ ‬المعينة،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التصميم‭ ‬الأمثل‭.‬

4-‭ ‬مرحلة‭ ‬الإيقاف‭: ‬توقف‭ ‬الخوارزمية‭ ‬عمليات‭ ‬التحسين‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬حصول‭ ‬أي‭ ‬تحسن‭ ‬ملحوظ‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬التصميم‭ ‬الحالي،‭ ‬وتعتمده‭ ‬كتصميم‭ ‬نهائي‭ ‬موافق‭ ‬للشروط‭ ‬المطلوبة‭. ‬تتحدد‭ ‬مرحلة‭ ‬الإيقاف‭ ‬بإيجاد‭ ‬الزمن‭ ‬اللازم‭ ‬أو‭ ‬بالمجموع‭ ‬الكلي‭ ‬للعمليات‭ ‬المتكررة‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬عمل‭ ‬الخوارزمية‭ ‬وحتى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التصميم‭ ‬الأمثل‭.‬

ويعتمد‭ ‬نجاح‭ ‬عمل‭ ‬هذه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬على‭ ‬خبرة‭ ‬المصمم‭ ‬وعلى‭ ‬المعلومات‭ ‬المتوافرة‭ ‬عن‭ ‬المسألة‭ ‬المراد‭ ‬معالجتها‭.   ‬تبدأ‭ ‬الطريقة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬باعتماد‭ ‬تصميم‭ ‬أولي‭ ‬للشبكة،‭ ‬وتحاول‭ ‬بشكل‭ ‬تكراري‭ ‬تحسين‭ ‬هذا‭ ‬التصميم‭ ‬بتطبيق‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬تغييرات‭ ‬التحسين‭ ‬المحلية‭ (‬المبادلة‭ ‬بين‭ ‬الأشعة‭ ‬الزمنية‭) ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجها‭ ‬تبعاً‭ ‬لآلية‭ ‬مناسبة‭ ‬ومحددة‭ ‬حتى‭ ‬تحقيق‭ ‬صيغة‭ ‬إيقاف‭ ‬العمل‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬التصميم‭ ‬النهائي‭ ‬المثالي‭ ‬للشبكة‭ ‬ووفقاً‭ ‬للشروط‭ ‬المناسبة‭. ‬

 

طرق‭ ‬تطبيقية‭ ‬متطورة

من‭ ‬أهم‭ ‬الطرق‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المطوَّرة‭ ‬والمطبَّقة‭: ‬طريقة‭ ‬البحث‭ ‬المتقارب‭ ‬المحلي،‭ ‬وطريقة‭ ‬التلدين‭ ‬التجريبي،‭ ‬وطريقة‭ ‬البحث‭ ‬المحظور‭. ‬تعتمد‭ ‬الطريقة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬البحث‭ ‬والتفتيش‭ ‬في‭ ‬جوار‭ ‬التصميم‭ ‬الحالي،‭ ‬أما‭ ‬الطريقة‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬العلوم‭ ‬الفيزيائية‭ ‬وبشكل‭ ‬أخص‭ ‬من‭ ‬الميكانيك‭ ‬الإحصائي،‭ ‬أما‭ ‬الثالثة‭ ‬فتعتمد‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬العامة‭ ‬لحل‭ ‬المسألة‭ ‬بشكل‭ ‬ذكي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستخدام‭ ‬الفعال‭ ‬لمفهوم‭ ‬ذاكرة‭ ‬الحاسوب‭. ‬تقبل‭ ‬طريقة‭ ‬البحث‭ ‬المتقارب‭ ‬المحلي‭ ‬فقط‭ ‬التصميم‭ ‬الذي‭ ‬ينتج‭ ‬تخفيضاً‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬الكلفة‭. ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬فإن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬طريقتي‭ ‬التلدين‭ ‬التجريبي‭ ‬والبحث‭ ‬المحظور‭ ‬تتضمنان‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تنفيذية‭ ‬وتنظيمية‭ ‬متنوعة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬المتانة‭ ‬والنماذج‭ ‬الحاسوبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تصاميم‭ ‬بجودة‭ ‬عالية‭. ‬

ويمكن‭ ‬استخدام‭ ‬الطرق‭ ‬الثلاث‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والمبرمجة‭ ‬بلغة‭ ‬الحاسوب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬أفضل‭ ‬تصميم‭ ‬ممكن‭ ‬للشبكات‭ ‬الجيوماتيكية‭. ‬وتعتبر‭ ‬عملية‭ ‬تصميم‭ ‬الشبكات‭ ‬الجيوماتيكية‭ ‬باستخدام‭ ‬خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الأولى‭ ‬والفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬كاتب‭ ‬المقال،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تعديل‭ ‬عناصر‭ ‬وعمل‭ ‬هذه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬لتناسب‭ ‬الطبيعة‭ ‬الديناميكية‭ ‬لتصميم‭ ‬الشبكات‭ ‬الجيوماتيكية،‭ ‬وتم‭ ‬تطبيقها‭ ‬بنجاح‭ ‬لإيجاد‭ ‬التصاميم‭ ‬المثالية‭ ‬لشبكات‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬مالطا‭ ‬وسيشيل‭.‬

 

تطبيقات‭ ‬واعدة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية

وبالنسبة‭ ‬لكلٍ‭ ‬من‭ ‬الشبكتين،‭ ‬أعطت‭ ‬طريقتا‭ ‬التلدين‭ ‬التجريبي‭ ‬والبحث‭ ‬المحظور‭ ‬المطوَّرتان‭ ‬تصاميم‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬رصدها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭. ‬بالنسبة‭ ‬للمهندس‭ ‬المسَّاحي‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬المطوَّرة‭ ‬تستطيع‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬تخفيض‭ ‬تكلفة‭ ‬تنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬المساحة‭ ‬الفضائية‭. ‬يتم‭ ‬حالياً‭ ‬تطبيق‭ ‬الخوارزميات‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬المنهجية‭ ‬العملية‭ ‬لمعالجة‭ ‬بيانات‭ ‬الخرائط‭ ‬التكتونية‭ ‬والمعطيات‭ ‬الزلزالية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ (‬كنشاط‭ ‬الفوالق‭ ‬والتحركات‭ ‬الأرضية‭ ‬وتحديد‭ ‬سلوكها‭ ‬وتوقع‭ ‬حدوث‭ ‬الزلازل‭ ‬الكبيرة‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬السكان‭ ‬والمنشآت‭... ‬إلخ‭). ‬

توفر‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬المرونة‭ ‬المناسبة‭ ‬لمعالجة‭ ‬الحجم‭ ‬الهائل‭ ‬للبيانات‭ ‬المجمعة‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬واقتصادي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬العملية‭ ‬لمعالجة‭ ‬تأثيرات‭ ‬هذه‭ ‬الفوالق‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تساعد‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬السريع‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المعلومات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمنطقة‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬جمع‭ ‬البيانات‭ ‬اللازمة‭ (‬كالزلزالية‭, ‬والتكتونية‭, ‬والطبوغرافية‭, ‬والجيومورفولوجية‭, ‬والجيولوجية‭... ‬إلخ‭) ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬أساسية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تطبيق‭ ‬طرق‭ ‬التحليل‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬المساهمة‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬الوضع‭ ‬التكتوني‭ ‬الإقليمي،‭ ‬الذي‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬النطاقات‭ ‬الزلزالية‭ ‬وتحديد‭ ‬قيم‭ ‬تنبؤ‭ ‬النشاط‭ ‬الجيوديناميكي‭ ‬لمناطق‭ ‬الفوالق‭ ‬النشطة‭ ‬والصدوع‭ ‬الموزعة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬المدروسة‭ ‬وتحديد‭ ‬العلاقة‭ ‬الدقيقة‭ ‬بين‭ ‬درجة‭ ‬الاهتزاز‭ ‬الأرضي‭ ‬وحجم‭ ‬الزلزال‭ ‬المتوقع‭ ‬والأضرار‭ ‬الناجمة‭. ‬

وتساعد‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬الفعال‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المواقع‭ ‬المناسبة‭ ‬لإقامة‭ ‬المواقع‭ ‬الحيوية‭ ‬والمــــشاريع‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬كالسدود‭ ‬ومحطات‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬وتمديد‭ ‬أنابيب‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭... ‬إلخ‭. ‬

ويمكن‭ ‬تعميم‭ ‬هذه‭ ‬المنهجــــية‭ ‬بنـــجــاح‭ ‬لتــــشــمل‭ ‬منطقة‭ ‬فالق‭ ‬الانهدام‭ ‬العربي‭ ‬والفوالق‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وهذا‭ ‬يدعم‭ ‬المساهمة‭ ‬الفعالة‭ ‬لتحقيق‭ ‬النظام‭ ‬المتكامل‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬أضرار‭ ‬وخطر‭ ‬الكوارث‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬كالزلازل‭ ‬والفيضانات‭ ‬وغيرها‭.  ‬ومادامت‭ ‬الطرق‭ ‬الثلاث‭ ‬المذكورة‭ ‬آنفاً‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬نظرية‭ ‬وعملية‭ ‬على‭ ‬حدٍّ‭ ‬سواء،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬فقط‭ ‬تبيان‭ ‬وعرض‭ ‬أفضل‭ ‬النتائج،‭ ‬لكن‭ ‬تم‭ ‬اقتراح‭ ‬بعض‭ ‬النواحي‭ ‬المتنوعة‭ ‬لهذه‭ ‬الطرق‭. ‬وهذا‭ ‬يوفر‭ ‬دافعاً‭ ‬قوياً‭ ‬وفرصة‭ ‬غنية‭ ‬للابتكار‭ ‬بتكييف‭ ‬وتعديل‭ ‬الطرق‭ ‬المذكورة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬وتحسين‭ ‬المشكلات‭ ‬العملية‭ ‬المساحية‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جداً‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجدوى‭ ‬والحلول‭ ‬الجيدة‭.‬

والأمل‭ ‬معقود‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬الواعدة،‭ ‬وانتشارها‭ ‬الواسع‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬العلمية‭ ‬والبحثية‭ ‬المعنية،‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬لاسيما‭ ‬الأضرار‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ .