الأمن الغذائي العربي... الواقع المر والمستقبل القاتم

الأمن الغذائي العربي... الواقع المر والمستقبل القاتم

أرقام‭ ‬صادمة،‭ ‬وإحصاءات‭ ‬كارثية،‭ ‬ومستقبل‭ ‬قاتم‭... ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬يخرج‭ ‬بها‭ ‬المتصفح‭ ‬لتقرير‭ ‬حديث‭ ‬يتطرق‭ ‬إلى‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬جوانبه‭ ‬كافة،‭ ‬مع‭ ‬شعور‭ ‬عميق‭ ‬بالأسى‭ ‬للفجوة‭ ‬الكبرى‭ ‬بين‭ ‬الإمكانات‭ ‬البشرية‭ ‬والطبيعية‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وبين‭ ‬المخرجات‭ ‬المتواضعة‭ ‬جداً‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬وقفة‭ ‬استشرافية‭ ‬جادة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية،‭ ‬وإجراءات‭ ‬علمية‭ ‬حاسمة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

يذكر‭ ‬التقرير‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬–‭ ‬أن‭ ‬العجز‭ ‬الغذائي‭ ‬العربي‭ ‬يبرز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نسبة‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬البالغة‭ ‬نحو‭ ‬46‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬للحبوب،‭ ‬و37‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬للسكّر،‭ ‬و54‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬للدهون‭ ‬والزيوت؛‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬العجز‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭.‬‭ ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬تواجه‭ ‬معضلة‭ ‬ندرة‭ ‬المياه،‭ ‬التي‭ ‬تعكسها‭ ‬الحصة‭ ‬السنوية‭ ‬للفرد‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المتجددة‭ ‬والبالغة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬850‭ ‬متراً‭ ‬مكعباً،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمتوسط‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يفوق‭ ‬6000‭ ‬متر‭ ‬مكعّب‭. ‬ويبرز‭ ‬هدر‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬نحو‭ ‬85‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬السحوبات‭ ‬المائية‭ ‬لأغراض‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي،‭ ‬المتسم‭ ‬بتدني‭ ‬كفاءة‭ ‬الري‭ ‬وإنتاجية‭ ‬المحاصيل‭. ‬

  ‬ويرى‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬المنتدى‭ ‬العربي‭ ‬للبيئة‭ ‬والتنمية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬الغذائي‭...‬التحديات‭ ‬والتوقعات‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬النادرة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬غير‭ ‬المتجددة،‭ ‬تتعرض‭ ‬لضغوط‭ ‬هائلة،‭ ‬كما‭ ‬يتبيّن‭ ‬من‭ ‬المعدلات‭ ‬العالية‭ ‬للسحوبات‭ ‬المائية‭ ‬لأغراض‭ ‬زراعية،‭ ‬بمتوسط‭ ‬يساوي‭ ‬630‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المياه‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬ويصل‭ ‬إلى‭ ‬2460‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭. ‬

ويظهر‭ ‬أن‭ ‬19‭ ‬بلداً‭ ‬عربياً‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي؛‭ ‬لأن‭ ‬معدلات‭ ‬السحب‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬المتجددة‭ ‬لأغراض‭ ‬زراعية‭ ‬تفوق‭ ‬بأشواط‭ ‬عدة‭ ‬الحدود‭ ‬المقبولة‭.‬

 

الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬الغذائي

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المساعي‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬وضع‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬للغذاء،‭ ‬تبقى‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القطري‭ ‬والمستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬مستوردة‭ ‬صافية‭ ‬للغذاء،‭ ‬خصوصاً‭ ‬الحبوب،‭ ‬وهي‭ ‬السلعة‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭ ‬الرئيسة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

  ‬يقول‭ ‬د‭.‬عبدالكريم‭ ‬صادق،‭ ‬أحد‭ ‬المعدين‭ ‬الرئيسين‭ ‬للتقرير‭ ‬في‭ ‬مقدمته‭: ‬إن‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكبير‭ ‬للبلدان‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬هشاشة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭ ‬الغذائية‭ ‬وتقلب‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء،‭ ‬كما‭ ‬يتبين‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬والتداعيات‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬الأزمة‭ ‬الغذائية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬2008‭. ‬وفي‭ ‬سعيها‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية،‭ ‬تواجه‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬تحديات‭ ‬جدية‭ ‬بسبب‭ ‬محدودية‭ ‬الأراضي‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬النادرة،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬ضعفاً‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬الحيوية‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬خدماتها،‭ ‬ويفاقم‭ ‬النمو‭ ‬السكاني‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬التحديات،‭ ‬وهذا‭ ‬يستدعي‭ ‬إيلاء‭ ‬عناية‭ ‬بالغة‭ ‬لإدارة‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬المتوافرة‭ ‬واستخدامها‭ ‬لضمان‭ ‬استدامتها‭.‬

ويحد‭ ‬الرابط‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬نقص‭ ‬المياه،‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائي‭ ‬المحلي‭. ‬لكن‭ ‬احتمالات‭ ‬تعزيز‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬الغذائي،‭ ‬كجانب‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬حلول‭ ‬ندرة‭ ‬الغذاء،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬اتجاه‭ ‬تدهور‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬المتوافرة،‭ ‬وعلى‭ ‬استخدم‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬فاعل‭ ‬ومنتج،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬تتضمن‭ ‬أولويات‭ ‬التخطيط‭ ‬والعمل‭ ‬خيارات‭ ‬مثل‭ ‬تحسين‭ ‬إنتاجية‭ ‬المحاصيل‭ ‬وإنتاجية‭ ‬المياه‭ ‬وفاعلية‭ ‬الري،‭ ‬وتقليص‭ ‬الخسائر‭ ‬التالية‭ ‬لمرحلة‭ ‬الحصاد،‭ ‬وتعزيز‭ ‬إعادة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬د‭.‬صادق‭.‬

  ‬ويرى‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬تمتين‭ ‬التعاون‭ ‬البيني‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاوف‭ ‬ندرة‭ ‬الغذاء،‭ ‬وفق‭ ‬الميزة‭ ‬النسبية‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬ورأس‭ ‬المال‭ ‬القابل‭ ‬للاستثمار،‭ ‬بالترافق‭ ‬مع‭ ‬المواءمة‭ ‬بين‭ ‬السياسات‭ ‬الزراعية‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التنموية،‭ ‬أن‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬تقليص‭ ‬اعتماد‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭. ‬ولخلق‭ ‬سلسلة‭ ‬متكاملة‭ ‬للقيَم‭ ‬الغذائية‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الجوانب‭ ‬الكاملة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬التوفير‭ ‬وسهولة‭ ‬المنال‭ ‬والاستقرار‭ ‬والاستخدام‭.‬

 

تحديات‭ ‬غذائية‭ ‬جدية

  ‬تواجه‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مسعاها‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬الغذائي‭ ‬تحديات‭ ‬جدية‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬المقيِّدة،‭ ‬تشمل‭ ‬الجفاف،‭ ‬ومحدودية‭ ‬الأراضي‭ ‬للزراعة،‭ ‬وندرة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وتداعيات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬وساهمت‭ ‬السياسات‭ ‬غير‭ ‬الملائمة‭ ‬والاستثمار‭ ‬الضئيل‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والتنمية‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬تدهور‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاستخدام‭ ‬غير‭ ‬الكفؤ‭ ‬لها‭ ‬وإنتاجيتها‭ ‬المتدنية‭. ‬ويمثّل‭ ‬النمو‭ ‬السكاني،‭ ‬والطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الغذاء،‭ ‬وتدهور‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وتحويل‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬إلى‭ ‬الاستخدام‭ ‬الحضري،‭ ‬تحديات‭ ‬إضافية‭ ‬أمام‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭. ‬

ويظهر‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬تحسين‭ ‬وضع‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬المحدودة،‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬الاستنزاف‭ ‬والتراجع،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬افتقار‭ ‬القدرة‭ ‬الحيوية‭ ‬للموارد‭ ‬الزراعية،‭ ‬مهمة‭ ‬صعبة،‭ ‬لكن‭ ‬ثمة‭ ‬إمكانات‭ ‬جديرة‭ ‬بالاعتبار‭ ‬متوافرة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تحسين‭ ‬نسبة‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬الغذائي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬السياسات‭ ‬السليمة‭ ‬والتقنيات‭ ‬الزراعية‭ ‬المحسَّنة،‭ ‬وخلق‭ ‬سلسلة‭ ‬متكاملة‭ ‬للقيمة‭ ‬الغذائية‭ ‬تستطيع‭ ‬ضمان‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬توافر‭ ‬الغذاء‭ ‬وسهولة‭ ‬مناله‭ ‬واستخدامه‭ ‬واستقراره‭.‬

ويتطلب‭ ‬تحسين‭ ‬ذلك‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬المتعلق‭ ‬بالاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬مقاربة‭ ‬إقليمية‭ ‬متكاملة‭ ‬وشاملة‭ ‬للجميع،‭ ‬تقرّ‭ ‬بالعلاقة‭ ‬المتلازمة‭ ‬بين‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والطاقة،‭ ‬ونموذجاً‭ ‬جديداً‭ ‬للاستدامة‭ ‬الزراعية‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬اعتبارات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وبيئية،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬يمكن‭ ‬تحديد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬لتحسين‭ ‬نسبة‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬الغذائي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستخدام‭ ‬الفاعل‭ ‬للموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬المتوافرة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬موارد‭ ‬الثروتين‭ ‬الحيوانية‭ ‬والسمكية‭. ‬

وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬الخيارات‭ ‬أموراً‭ ‬عدة‭ ‬أهمها‭ ‬تحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الري؛‭ ‬إذ‭ ‬يُعتبَر‭ ‬إنتاج‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬بمياه‭ ‬أقل‭ ‬خياراً‭ ‬يحمل‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬للبلدان‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬ندرة‭ ‬المياه،‭ ‬ويقل‭ ‬متوسط‭ ‬كفاءة‭ ‬الري‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬بلداً‭ ‬عربياً‭ ‬عن‭ ‬46‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬ويُقدَّر‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬كفيل‭ ‬بتوفير‭ ‬50‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬سنوياً‭.‬

ويرى‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬المهمة‭ ‬لتحسين‭ ‬نسبة‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬الغذائي‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجية‭ ‬المحاصيل،‭ ‬وتحسين‭ ‬إنتاجية‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعملي،‭ ‬واستخدام‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬المعالجة‭ ‬في‭ ‬الاستخدام‭ ‬الزراعي‭ ‬عبر‭ ‬البلدان‭ ‬العربية،‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الميزات‭ ‬النسبية‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬والمالية،‭ ‬وتطوير‭ ‬الثروتين‭ ‬الحيوانية‭ ‬والسمكية،‭ ‬وتقليص‭ ‬خسائر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬حصاد‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬ومعالجتها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬كحسن‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬الافتراضية‭. ‬

 

خطوات‭ ‬عملية

  ‬ويخلص‭ ‬التقرير‭ ‬بعد‭ ‬استعراضه‭ ‬لمجمل‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مسعاه‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬المهمة،‭ ‬هي‭:‬

أ‭ - ‬تمتين‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬العربية،‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬الميزات‭ ‬النسبية‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬ورأس‭ ‬المال‭ ‬القابل‭ ‬للاستثمار،‭ ‬بالترافق‭ ‬مع‭ ‬التنسيق‭ ‬والمواءمة‭ ‬بين‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والبرامج‭ ‬الزراعية‭.‬

ب‭ ‬–‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الضرورية‭ ‬لعكس‭ ‬الوضع‭ ‬المتدهور‭ ‬للموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬تنوعها‭ ‬الحيوي،‭ ‬بهدف‭ ‬إعادة‭ ‬توليد‭ ‬خدماتها‭ ‬ومساهمتها‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

ج‭ - ‬النظر‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬الخيارات‭ ‬المتوافرة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬وتحسين‭ ‬مستويات‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجية‭ ‬المحاصيل‭ ‬والمياه،‭ ‬وزيادة‭ ‬كفاءة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه،‭ ‬وتقليص‭ ‬خسائر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحصاد‭ ‬وخسائر‭ ‬أخرى،‭ ‬وتعزيز‭ ‬استخدام‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬المعالجة‭ ‬في‭ ‬الري‭.‬

د‭ - ‬تخصيص‭ ‬استثمارات‭ ‬إضافية‭ ‬للبحث‭ ‬العلمي‭ ‬الزراعي‭ ‬وبرامج‭ ‬التطوير،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬دعمها‭ ‬بموارد‭ ‬مالية‭ ‬مناسبة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تنمية‭ ‬القدرة‭ ‬البشرية‭ ‬والمؤسسية‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مدخلات‭ ‬أكثر‭ ‬إنتاجية‭ ‬وأكثر‭ ‬حماية‭ ‬للبيئة،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجية‭ ‬الزراعة‭ ‬المطرية‭ ‬والمرورية‭.‬

هــ‭ - ‬تخصيص‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لتطوير‭ ‬قطاعي‭ ‬الثروتين‭ ‬الحيوانية‭ ‬والسمكية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬مستديم،‭ ‬مع‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬وتعزيز‭ ‬إمكانات‭ ‬التصدير‭.‬

و‭ - ‬إطلاق‭ ‬حملة‭ ‬توعية‭ ‬لتغيير‭ ‬أنماط‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬سلع‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬غذائية‭ ‬مماثلة‭ ‬لكنها‭ ‬ذات‭ ‬استخدام‭ ‬أقل‭ ‬كثافة‭ ‬للمياه‭.‬

ز‭ - ‬تبني‭ ‬مقاربة‭ ‬متكاملة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬تشمل‭ ‬عناصر‭ ‬سلسلة‭ ‬القيمة‭ ‬الغذائية‭ ‬كلها،‭ ‬وتتضمن‭ ‬الحصاد‭ ‬والنقل‭ ‬والتخزين‭ ‬والتسويق،‭ ‬لجعل‭ ‬الغذاء‭ ‬متوافراً‭ ‬وسهل‭ ‬المنال‭ ‬وقابلاً‭ ‬للاستخدام‭ ‬بنوعية‭ ‬جيدة‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬والمكان‭ ‬المناسبين‭.‬

ح‭ - ‬تطوير‭ ‬استجابات‭ ‬تواكب‭ ‬تهديد‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تكيُّف‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬نماذج‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬وموثوقة‭ ‬للتنبؤ‭ ‬المناخي،‭ ‬مع‭ ‬تبني‭ ‬ممارسات‭ ‬زراعية‭ ‬وإدارة‭ ‬مائية‭ ‬محسَّنة،‭ ‬والزراعة‭ ‬الحمائية،‭ ‬وتنويع‭ ‬المحاصيل،‭ ‬واختيار‭ ‬المحاصيل‭ ‬والأصناف‭ ‬الأكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬للظروف‭ ‬المتوقعة،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬تدابير‭ ‬أخرى‭ ‬للتكيُّف‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬تداعياته‭ .