تاريخ الكويت في دار الآثار الإسلامية

تاريخ الكويت في دار الآثار الإسلامية

قدمت ندوة «تاريخ الكويت» التي استضافها مركز اليرموك الثقافي، جانباً من تاريخ نشأة الكويت.
 و قدمت  الندوة في جلستها الأولى ثلاث أوراق عن نشأة الكويت، قراءة جديدة قدمها د. ميمونة الصباح ود.عبدالله الغنيم ود.فيصل الكندري، ورحّب رئيس اللجنة الـتأسيسية لأصدقاء الدار  بدر البعيجان بداية بالقول: هذه الندوة برعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود الصباح، وبحضور الأمين العام للمجلس  المهندس علي اليوحة.

في‭ ‬الورقة‭ ‬الأولى،‭ ‬تناولت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬الصباح‭ ‬قصة‭ ‬نشأة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية،‭ ‬قائلة‭: ‬

إن‭ ‬استناد‭ ‬نشأة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬دراستها‭ ‬وبحوثها‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬يعود‭ ‬لمصادر‭ ‬عدة،‭ ‬أولها‭ ‬بيان‭ ‬الحدود‭ ‬الذي‭ ‬ذكر‭ ‬عام‭ ‬1613م‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬أرض‭ ‬قفراء،‭ ‬وبيان‭ ‬الحدود‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬للسلطات‭ ‬العثمانية‭. ‬وأشارت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البرهان‭ ‬الثاني‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬المقيم‭ ‬السياسي‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬بيللي‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬1863م‭. ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬يعود‭ ‬وجودها‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬مضت،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الوجود‭ ‬الكويتي‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬1663م‭. ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬متوسط‭ ‬أعمار‭ ‬من‭ ‬حكموا‭ ‬الكويت‭ ‬50‭ ‬عاماً‭. ‬واستندت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬عام‭ ‬1613م،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وثائق‭ ‬قضاة‭ ‬نجد‭ ‬وعنزة‭.‬

وتابعت‭: ‬تم‭ ‬الإثبات‭ ‬بالأدلة‭ ‬الوثائقية‭ ‬والمادية‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬نشأت‭ ‬مبكراً‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤلفات،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬أُسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1613‭ ‬م،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1756م‭.‬

وذكرت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬أن‭ ‬للكويت‭ ‬مواقع‭ ‬حضارية‭ ‬يمتد‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬فيلكا‭ ‬وإيكاروس‭ ‬وكاظمة‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للتاريخ‭ ‬الإسلامي،‭ ‬حيث‭ ‬وقعت‭ ‬فيها‭ ‬أحداث‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭ ‬معركة‭ ‬ذات‭ ‬السلاسل،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث،‭ ‬فلم‭ ‬نجد‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭ ‬الدور‭ ‬المؤثر‭ ‬الذي‭ ‬يبرزها‭ ‬ككيان‭ ‬قائم‭ ‬بذاته‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬العتوب‭ ‬إليها،‭ ‬وما‭ ‬وجدناه‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬بعض‭ ‬صيادي‭ ‬الأسماك‭ ‬على‭ ‬شواطئها‭ ‬واستقرار‭ ‬بعض‭ ‬القبائل‭ ‬الرحّل‭ ‬فيها‭ ‬خلال‭ ‬رحلتهم‭ ‬الموسمية،‭ ‬انتقالاً‭ ‬وراء‭ ‬مناطق‭ ‬الكلأ‭ ‬والماء‭ ‬والمراعي‭ ‬بين‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬وبلاد‭ ‬الرافدين،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المؤرخين‭ ‬يذكرون‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬أو‭ ‬القلعة،‭ ‬بناها‭ ‬براك‭ ‬بن‭ ‬عريعر‭ ‬أمير‭ ‬بني‭ ‬خالد‭ ‬ليستخدمها‭ ‬كمخزن‭ ‬للمؤن‭ ‬والذخيرة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يشير‭ ‬آخرون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬أنشأ‭ ‬القلعة‭ ‬هو‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬نفلة‭ ‬بن‭ ‬عريعر،‭ ‬لكننا‭ ‬مع‭ ‬الرأي‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أنشأ‭ ‬القلعة‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬إنشاء‭ ‬القلعة‭ ‬ونشأة‭ ‬الكويت‭ ‬سبقا‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬بني‭ ‬خالد‭ ‬وحكم‭ ‬براك‭ ‬ومحمد،‭ ‬الذي‭ ‬يرجعه‭ ‬البعض‭ ‬لعام‭ ‬1669م،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬1671م،‭ ‬وقد‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬فتح‭ ‬القطيف‭ ‬كان‭ ‬بتاريخ‭ ‬1081هـ‭ ‬الموافق‭ ‬1670م‭.‬

وتطرقت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬إلى‭ ‬قول‭ ‬المقيم‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬الكولونيل‭ ‬بيللي‭ ‬عن‭ ‬انتقال‭ ‬آل‭ ‬الصباح‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭: ‬‮«‬أقبل‭ ‬أول‭ ‬الشيوخ‭ (‬الرئيس‭) ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬خور‭ ‬بوبيان‭ ‬مع‭ ‬أتباعه‭ ‬وحط‭ ‬الرحال‭ ‬على‭ ‬الخليج‭ ‬الذي‭ ‬يسمى‭ ‬الآن‭ ‬الكويت‭ ‬أو‭ ‬القرين،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬عبر‭ ‬الخليج‭ ‬استقر‭ ‬على‭ ‬الشاطئ‭ ‬الشمالي‭ ‬وأقام‭ ‬قلعة‭ ‬أو‭ ‬كوتاً،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬اشتق‭ ‬اسم‭ ‬الكويت‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الميجور‭ ‬كولبرك‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬تقريراً‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬بتاريخ‭ ‬10‭ ‬سبتمبر‭ ‬1982م،‭ ‬وذكر‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬مستوطنة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الخليج‭ ‬هي‭ ‬الكويت‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬التابعين‭ ‬لآل‭ ‬الصباح،‭ ‬وهو‭ ‬فرع‭ ‬من‭ ‬العتوب،‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬حمايتهم‭ ‬قلعة‭ ‬مزوّدة‭ ‬بعشرين‭ ‬مدفعاً،‭ ‬لافتة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العتوب‭ ‬هنا‭ ‬ليسوا‭ ‬قبيلة‭ ‬عتيبة،‭ ‬وإنما‭ ‬هم‭ ‬جماعات‭ ‬من‭ ‬العشائر‭ ‬ترجع‭ ‬في‭ ‬أصولها‭ ‬إلى‭ ‬قبيلة‭ ‬عنزة،‭ ‬وهي‭ ‬قبيلة‭ ‬عربية‭ ‬كبرى‭ ‬تنزل‭ ‬شمال‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭ ‬ينتمي‭ ‬إليهم‭ ‬آل‭ ‬الصباح‭ ‬وآل‭ ‬خليفة،‭ ‬ومعهم‭ ‬بعض‭ ‬الفروع‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬آل‭ ‬زايد‭ ‬الذين‭ ‬ينتمي‭ ‬إليهم‭ ‬آل‭ ‬غانم‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬الكويتية‭ ‬الأخرى‭. ‬والعتوب‭ ‬ثلاثة‭ ‬فروع‭ ‬رئيسة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬آل‭ ‬الصباح‭ - ‬آل‭ ‬خليفة‭ - ‬الجلاهمة‮»‬،‭ ‬وتنتمي‭ ‬إلى‭ ‬الفرع‭ ‬الأخير‭ ‬أسر‭ ‬كويتية‭ ‬معروفة،‭ ‬مثل‭ ‬النصف،‭ ‬وينتمي‭ ‬آل‭ ‬الصباح‭ ‬إلى‭ ‬قبيلة‭ ‬عنزة،‭ ‬وأبناء‭ ‬تغلب‭ ‬بن‭ ‬وائل‭ ‬إلى‭ ‬فخذ‭ ‬‮«‬جميلة‮»‬‭ ‬وبالتحديد‭ ‬فرع‭ ‬‮«‬شملان‮»‬‭.‬

وأضافت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الدلائل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬أُسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1613م‭ ‬وثيقة‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬volum3‭/‬archiv‭ ‬Editions،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بيان‭ ‬حدودها‭ ‬كما‭ ‬أسماها‭ ‬الشيخ‭ ‬مبارك‭ ‬الصباح‭ ‬عام‭ ‬1912،‭ ‬يوضح‭ ‬فيه‭ ‬حدود‭ ‬بلاده‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬السلطات‭ ‬العثمانية‭ ‬في‭ ‬البصرة‭ ‬أثناء‭ ‬المفاوضات‭ ‬البريطانية‭ -  ‬العثمانية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عام‭ ‬1911م‭ ‬بالاتفاقية‭ ‬الإنجليزية‭ - ‬التركية‭ ‬عام‭ ‬1913م‭ ‬لتسوية‭ ‬الخلافات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بين‭ ‬الدولتين،‭ ‬وفيها‭ ‬قسم‭ ‬خاص‭ ‬بالكويت‭. ‬وقد‭ ‬استهل‭ ‬الشيخ‭ ‬مبارك‭ ‬بيانه‭ ‬بعبارة‭: ‬‮«‬الكويت‭ ‬أرض‭ ‬قفراء‭ ‬نزلها‭ ‬جدنا‭ ‬صباح‭ ‬عام‭ ‬1022هـ‭ ‬الموافق‭ ‬1613م‮»‬‭.‬

وبينت‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬الأخرى‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الكولونيل‭ ‬بيللي‭ ‬عن‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬سواحل‭ ‬الخليج‭ ‬الفارسي‭ ‬العربي،‭ ‬المؤرخ‭ ‬بتاريخ‭ ‬1863م،‭ ‬حيث‭ ‬ذكر‭: ‬‮«‬تتولى‭ ‬عائلة‭ ‬الشيخ‭ ‬الحالي‭ ‬حكم‭ ‬الكويت‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬خمسة‭ ‬أجيال،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬250‭ ‬عاماً‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬بذلك‭ ‬حدد‭ ‬أن‭ ‬عائلة‭ ‬الشيخ‭ ‬الحالي‭ (‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬جابر‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬صباح‭ ‬بن‭ ‬جابر‭)‬،‭ ‬حكمت‭ ‬الكويت‭ ‬قبل‭ ‬250‭ ‬عاماً،‭ ‬وبطرح‭ ‬250‭ ‬من‭ ‬1863‭ ‬نجده‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬حدده‭ ‬الشيخ‭ ‬مبارك‭ ‬في‭ ‬بيانه،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬الكويت‭ ‬أُسست‭ ‬عام‭ ‬1613م‭.‬

وأكّدت‭ ‬د‭. ‬ميمونة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الأدلة‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬مَن‭ ‬تولى‭ ‬حكم‭ ‬الكويت،‭ ‬وكان‭ ‬هو‭ ‬وولداه‭ ‬الشيخان‭ ‬مبارك‭ ‬بن‭ ‬صباح‭ ‬وعبدالله‭ ‬بن‭ ‬صباح‭ ‬الأول‭ ‬يحكمون‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1613م‭. ‬

وأشارت‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الوقفات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تبرهن‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬ونشأة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬في‭ ‬تلخيص‭ ‬لما‭ ‬ذكرت‭ ‬وما‭ ‬استندت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬أربعة،‭ ‬هي‭: ‬بيان‭ ‬الحدود‭ ‬وما‭ ‬ذكره‭ ‬‮«‬بيللي‮»‬‭ ‬الحاكم‭ ‬البريطاني‭ ‬وقضاة‭ ‬نجد‭ ‬وعنزة‭ ‬ووثائق‭ ‬الخرائط‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬د‭. ‬الغنيم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭.‬

الورقة‭ ‬الثانية‭ ‬تحدث‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أستاذ‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬د‭. ‬فيصل‭ ‬الكندري،‭ ‬قائلاً‭: ‬

أولاً‭: ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مدحت‭ ‬باشا‭ ‬1817م‭... ‬منذ‭ ‬تعيين‭ ‬عبدالله‭ ‬الصباح‭ ‬قائم‭ ‬مقام‭ ‬على‭ ‬قصبة‭ ‬الكويت‭ ‬وهي‭ ‬تكتسب‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬وتقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬70‭ ‬ميلا‭ ‬من‭ ‬الفاو،‭ ‬وتم‭ ‬ضمها‭ ‬تحت‭ ‬الحكم‭ ‬العثماني‭ ‬منذ‭ ‬عامين‭.‬

وأضاف‭: ‬تشتمل‭ ‬قصبة‭ ‬الكويت‭ ‬على‭ ‬5000‭ ‬أو‭ ‬6000‭ ‬منزل،‭ ‬موقعها‭ ‬مرتفع،‭ ‬وماؤها‭ ‬وبساتينها‭ ‬ومزروعاتها‭ ‬جميلة،‭ ‬وهواؤها‭ ‬لطيف‭ ‬جداً‭ ‬وصحي،‭ ‬ولها‭ ‬ميناء‭ ‬واسع‭ ‬وجميل‭ ‬جداً،‭ ‬وهي‭ ‬محصنة‭.‬

يعيش‭ ‬سكانها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استقرار،‭ ‬وهي‭ ‬محاطة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البرية‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مواطنيها‭ ‬من‭ ‬العشائر‭ ‬والقبائل‭ ‬البدوية،‭ ‬ويزداد‭ ‬رقيها‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬لآخر‭.‬

وقال‭ ‬د‭. ‬الكندري‭ ‬عن‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬مذكرات‭ ‬مدحت‭ ‬باشا‭: ‬إنهم‭ ‬قوم‭ ‬لا‭ ‬يشتغلون‭ ‬بالزراعة‭ ‬بل‭ ‬بالتجارة‭ ‬البحرية‭ ‬وعندهم‭ ‬2000‭ ‬من‭ ‬المراكب‭ ‬التجارية‭ ‬الكبيرة‭ ‬والصغيرة‭ ‬ويشتغلون‭ ‬بصيد‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وعمان‭ ‬وتسافر‭ ‬سفنهم‭ ‬الكبيرة‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬وزنجبار‭ ‬للتجارة‭.‬

وقد‭ ‬رفعوا‭ ‬فوق‭ ‬مراكبهم‭ ‬التجارية‭ ‬راية‭ ‬مخصوصة‭ ‬بهم‭ ‬واستعملوها‭ ‬زمناً‭ ‬طويلاً،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬خوفهم‭ ‬من‭ ‬غارات‭ ‬الأجانب‭ ‬عليهم‭ ‬قد‭ ‬حدا‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الرايات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬فرفع‭ ‬بعضم‭ ‬راية‭ ‬الفلمنك‭ (‬هولندا‭) ‬وآخرون‭ ‬راية‭ ‬الإنجليز‭.‬

وتناول‭ ‬أيضاً‭ ‬د‭. ‬الكندري‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬‮«‬بصره‭ ‬سالنامه‭ ‬سي‮»‬‭ ‬ذ‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬الفارسية،‭ ‬وقيل‭ ‬إن‭ ‬أبنيتها‭ ‬من‭ ‬طابق‭ ‬واحد،‭ ‬وتشتمل‭ ‬على‭ ‬2000‭ ‬دار‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬و14‭ ‬جامعاً،‭ ‬وخان‭ ‬وسوق‭ ‬به‭ ‬200‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬حانوت،‭ ‬وسكانها‭ ‬4000‭ ‬نسمة،‭ ‬ومع‭ ‬العشائر‭ ‬10000‭ ‬إلى‭ ‬20000‭. ‬وأكثر‭ ‬أهلها‭ ‬يعملون‭ ‬بالبحر‭ ‬ويتوجهون‭ ‬إلى‭ ‬فارس‭ ‬والهند‭ ‬والسند،‭ ‬ولديهم‭ ‬2000‭ ‬سفينة‭.‬

أما‭ ‬الورقة‭ ‬الثالثة،‭ ‬فتناول‭ ‬فيها‭ ‬د‭. ‬عبدالله‭ ‬الغنيم‭ ‬الوثائق‭ ‬والأدلة‭ ‬والأبحاث‭ ‬حول‭ ‬النشأة،‭ ‬وقال‭: ‬منذ‭ ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬الكويتية‭ ‬وهو‭ ‬يهتم‭ ‬بموضوع‭ ‬تاريخ‭ ‬نشأة‭ ‬الكويت،‭ ‬وتجمعت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬والأدلة‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬رأي‭ ‬جديد‭ ‬خلافاً‭ ‬لما‭ ‬وصلنا‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الرشيد‭ ‬أو‭ ‬أحمد‭ ‬مصطفى‭ ‬أبو‭ ‬حاكمة‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭. ‬وإن‭ ‬تلك‭ ‬الوثائق‭ ‬تستحق‭ ‬الدراسة‭ ‬والتحليل‭. ‬ولما‭ ‬كانت‭ ‬الإشارات‭ ‬تكاد‭ ‬تتفق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬نشأة‭ ‬الكويت‭ ‬هو‭ ‬عام‭ ‬1613،‭ ‬فقد‭ ‬اقترح‭ ‬د‭. ‬خليفة‭ ‬الوقيان‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬إلى‭ ‬الديوان‭ ‬الأميري‭ ‬للإفادة‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬الإعداد‭ ‬لاحتفالية‭ ‬تليق‭ ‬بتلك‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬توثق‭ ‬مرور‭ ‬خمسة‭ ‬قرون‭ ‬على‭ ‬نشأة‭ ‬الكويت‭. ‬وقد‭ ‬أرسل‭ ‬المقترح‭ ‬بتاريخ‭ ‬22‭ ‬أبريل‭ ‬2009م،‭ ‬ليكون‭ ‬الوقت‭ ‬كافياً‭ ‬للقيام‭ ‬بدراسة‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬والتأكد‭ ‬منه‭ ‬علمياً‭ ‬والاستعداد‭ ‬له‭ ‬الاستعداد‭ ‬المناسب‭.‬

وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ما‭ ‬طلبه‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعطي‭ ‬الإجابة‭ ‬عنها‭ ‬إضافة‭ ‬مهمة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭. ‬وتقدم‭ ‬بعض‭ ‬الاطمئنان‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬قد‭ ‬يخالجه‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬لجنة‭ ‬قسم‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬والباحثين‭ ‬الذين‭ ‬وجدوا‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬للاقتناع‭.‬

وتابع‭ ‬د‭. ‬الغنيم‭: ‬لقد‭ ‬أثار‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬تاريخه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التساؤلات،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬الشيخ‭ ‬مبارك‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬رسائله‭ ‬لبعض‭ ‬ولاة‭ ‬البصرة‭ ‬بأنها‭ ‬أُسست‭ ‬عام‭ ‬1022‭ ‬هـ‭ (‬1613م‭)‬،‭ ‬وذكر‭ ‬تواريخ‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ (‬1803هـ‭/ ‬1672م‭) ‬و‭(‬1100هـ‭/ ‬1689م‭) ‬و‭(‬1125هـ‭/‬1713م‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬رجح‭ ‬الرشيد‭ ‬القولين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬ودليله‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قوله‭:‬

‮«‬وبمعرفتنا‭ ‬عدد‭ ‬الحكام‭ ‬الذين‭ ‬تولوا‭ ‬عليها‭ (‬آل‭ ‬الصباح‭) ‬يزول‭ ‬عنا‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الغموض،‭ ‬وتكون‭ ‬بأيدينا‭ ‬حجة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬بقية‭ ‬الأقوال،‭ ‬ولاسيما‭ ‬إذا‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬صباح‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أولهم،‭ ‬وأنه‭ ‬توفي‭ ‬حوالي‭ ‬سنة‭ (‬1190هـ‭/‬1776م‭)‬‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬وجود‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬كتبه‭ ‬لويس‭ ‬بللي‭ ‬المقيم‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬الذي‭ ‬مكث‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬قرابة‭ ‬الشهر‭ ‬وجالس‭ ‬رجال‭ ‬الأسرة‭ ‬وأعيان‭ ‬البلاد،‭ ‬وكتب‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬الصباح‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬250‭ ‬سنة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1813م‭. ‬أي‭ ‬إن‭ ‬بداية‭ ‬حكمهم‭ ‬كانت‭ ‬عام‭ ‬1613‭ ‬م‭. ‬وهو‭ ‬التاريخ‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬اليه‭ ‬وأكده‭ ‬الشيخ‭ ‬مبارك‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بنحو‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭.‬

وختم‭ ‬بالقول‭: ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬فإن‭ ‬أحمد‭ ‬مصطفى‭ ‬أبوحاكمة‭ ‬قد‭ ‬افترض‭ ‬افتراضات‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يدعمها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تتبعنا‭ ‬أحوال‭ ‬دولة‭ ‬بني‭ ‬خالد‭ ‬في‭ ‬ظروفها‭ ‬الداخلية‭ ‬وفي‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬ما‭ ‬يؤيد‭ ‬وجهة‭ ‬نظره،‭ ‬فالسيد‭ ‬واردن‭ ‬كتب‭ ‬مقالته‭ ‬عام‭ ‬1717م‭. ‬أي‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬معاصراً‭ ‬للأسماء‭ ‬التي‭ ‬ذكرها‭ ‬وافترض‭ ‬أبوحاكمة‭ ‬أنها‭ ‬محرفة‭ ‬عن‭ ‬محمد‭ ‬دون‭ ‬دليل،‭ ‬لكن‭ ‬واردن‭ ‬قال‭ ‬أيضاً‭: ‬‮«‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬لآل‭ ‬الصباح‮»‬،‭ ‬فهل‭ ‬كلمة‭ ‬صباح‭ ‬محرفة‭ ‬أيضاً؟

هذه‭ ‬ملاحظات‭ ‬تحتاج‭ ‬من‭ ‬المختصين‭ ‬إلى‭ ‬التوقف‭ ‬والتأمل‭ ‬ومزيد‭ ‬من‭ ‬البحث‭.‬

 

على‭ ‬شفير‭ ‬الحرب

وفي‭ ‬ختام‭ ‬الندوة‭ ‬تم‭ ‬تدشين‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬على‭ ‬شفير‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬وتحدث‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬التدشين‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬جابر‭ ‬العلي‭ ‬الصباح،‭ ‬والصحفي‭ ‬المعروف‭ ‬عادل‭ ‬درويش‭ ‬مؤلف‭ ‬الكتاب،‭ ‬والعقيد‭ ‬الركن‭ ‬متقاعد‭ ‬ناصر‭ ‬سالمين‭ ‬عن‭ ‬ذكرياتهم‭ ‬أيام‭ ‬الاحتلال‭ ‬العراقي‭ ‬الغاشم‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت،‭ ‬وتحدث‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬العلي‭ ‬بداية‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬الخفجي‭ ‬وما‭ ‬قدمته‭ ‬المقاومة‭ ‬الكويتية‭  ‬قائلاً‭: ‬إن‭ ‬أي‭ ‬كلام‭ ‬يبدو‭ ‬صغيراً‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬دور‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬أفراد‭ ‬المقاومة،‭ ‬لقد‭ ‬فعلوا‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬بكل‭ ‬تلقائية‭ ‬حباً‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬وكل‭ ‬في‭ ‬مجاله،‭ ‬والتف‭ ‬الجميع‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬واحدة،‭ ‬وكان‭ ‬القائد‭ ‬لهذه‭ ‬الخلية‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬صباح‭ ‬السالم‭ ‬الصباح،‭ ‬الذي‭ ‬جلس‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الكويت‭ ‬وقام‭ ‬بدور‭ ‬أساسي‭ ‬مع‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬الفرسان‭ ‬الكويتيين،‭ ‬لهذا‭ ‬سمي‭ ‬الكتاب‭ ‬‮«‬على‭ ‬شفير‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬الأفراد‭ ‬كان‭ ‬أمامهم‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ ‬تحرير‭ ‬الوطن‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭. ‬وختم‭: ‬إن‭ ‬المجموعة‭ ‬كانت‭ ‬رائعة‭ ‬وكل‭ ‬منا‭ ‬قام‭ ‬بدور‭ ‬بطولي‭ ‬وظل‭ ‬من‭ ‬ظل‭ ‬واستشهد‭ ‬من‭ ‬استشهد‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬وطننا‭ ‬الغالي،‭ ‬كما‭ ‬تمنى‭ ‬السلام‭ ‬وأن‭ ‬يحفظ‭ ‬الله‭ ‬الكويت‭ ‬وشعبها‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬حكيمة‭ ‬لسمو‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح،‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭.‬

وتحدث‭ ‬الصحفي‭ ‬عادل‭ ‬درويش‭ ‬عن‭ ‬ذكرياته‭ ‬في‭ ‬تأليف‭ ‬الكتاب‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬أحاطت‭ ‬بعملية‭ ‬التأليف،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬الكتاب‭ ‬يحمل‭ ‬أسراراً‭ ‬كبيرة‭ ‬توثّق‭ ‬الأدوار‭ ‬البطولية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬المقاومة‭ ‬الكويتية،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬وثائق‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الكتاب،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬وثائق‭ ‬سوف‭ ‬تُنشر‭ ‬في‭ ‬طبعة‭ ‬جديدة‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬الإفراج‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

وتحدث‭ ‬العقيد‭ ‬الركن‭ ‬متقاعد‭ ‬ناصر‭ ‬سالمين‭ ‬مقدماً‭ ‬التهاني‭ ‬للشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬وسمو‭ ‬الأمير‭ ‬بمناسبة‭ ‬أعياد‭ ‬الوطن‭ ‬والتحرير،‭ ‬وقدم‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬مذكرات‭ ‬أسير‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬العراقية‮»‬،‭ ‬وأيضاً‭ ‬عرض‭ ‬فيلماً‭ ‬وثائقياً‭ ‬لعمليات‭ ‬الأسر‭ ‬والتعذيب‭ ‬التي‭ ‬لاقاها‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الغزو‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬238‭ ‬يوماً،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬الفيلم‭ ‬يصوّر‭ ‬معاناة‭ ‬الأسرى‭ ‬الكويتيين‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الغزو‭ ‬الغاشم‭ ‬ويعرض‭ ‬لمحطات‭ ‬في‭ ‬كتابه‭. ‬كما‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬مداخلة‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬التدشين‭ ‬اللواء‭ ‬محمود‭ ‬الدوسري،‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬عملية‭ ‬الأسر‭ ‬وطرق‭ ‬التعذيب،‭ ‬وكيف‭ ‬كان‭ ‬الأسرى‭ ‬يلاقون‭ ‬أشد‭ ‬أنواع‭ ‬المعاناة،‭ ‬وذكر‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬نالوا‭ ‬شرف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الغازية‭ ‬أصدرت‭ ‬حكماً‭ ‬بإعدامه‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬الأسر،‭ ‬ولكن‭ ‬يوم‭ ‬التنفيذ‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬يوم‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬الكويت‭. ‬

وكانت‭ ‬الحلقة‭ ‬الختامية‭ ‬قد‭ ‬جاءت‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية‭ ‬والشفاهية‮»‬،‭ ‬وتحدث‭ ‬فيها‭ ‬المؤرخ‭ ‬والباحث‭ ‬الكويتي‭ ‬فرحان‭ ‬الفرحان،‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬قصة‭ ‬التاريخ‭ ‬بين‭ ‬الوثائق‭ ‬والروايات،‭ ‬مستعرضاً‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬المحطات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬الكويت‭.‬

د‭. ‬عبدالله‭ ‬الهاجري‭ ‬جاءت‭ ‬ورقته‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬كتب‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‮»‬‭ ‬وقال‭ ‬بداية‭:‬

لماذا‭ ‬اختلفت‭ ‬المصادر‭ ‬حول‭ ‬علمية‭ ‬تأسيس‭ ‬الكويت؟‭ ‬وأجاب‭ ‬بالقول‭: ‬أولاً‭: ‬ندرة‭ ‬وقلة‭ ‬المصادر‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬عاصرت‭ ‬عملية‭ ‬التأسيس‭ ‬ورصدها‭.‬

ثانياً‭: ‬جرى‭ ‬الاعتماد‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬تواريخ‭ ‬ومصادر‭ ‬شفهية‭.‬

ثالثاً‭: ‬بعد‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتأسيس،‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬الكويت‭ ‬باهتمام‭ ‬بسبب‭ ‬الفقر‭ ‬وقسوة‭ ‬الحياة‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأولى‭ ‬وعدم‭ ‬ظهور‭ ‬أهميتها‭ ‬السياسية‭.‬

رابعاً‭: ‬ظهور‭ ‬أدلة‭ ‬وأسانيد‭ ‬ووثائق‭ ‬متأخرة‭ ‬سبقتها‭ ‬أدلة‭ ‬ووثائق‭ ‬وأسانيد‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬ظهر‭ ‬لاحقاً،‭ ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬ارتباكاً‭ ‬وخلطاً‭ ‬وتداخلاً‭ ‬بين‭ ‬السابق‭ ‬واللاحق‭.‬

وتناول‭ ‬الهاجري‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬تاريخ‭ ‬الكويت‮»‬‭ ‬للمؤرخ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الرشيد‭ ‬قائلاً‭: ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬ترتيب‭ ‬وتقسيم‭ ‬الموضوعات‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الرشيد‭ ‬جاءت‭ ‬غير‭ ‬مترابطة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأجزاء،‭ ‬فما‭ ‬بين‭ ‬كثرة‭ ‬الشواهد‭ ‬والأبيات‭ ‬الشعرية‭ ‬والقفز‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬التاريخية،‭ ‬سار‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬قسمه‭ ‬الأول‭.‬

وبرزت‭ ‬الانتقائية‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬الرشيد‭ ‬عملية‭ ‬تولي‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الحكم،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تناولها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬الجابر‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬وعشرين‭ ‬موضوعاً،‭ ‬تنوعت‭ ‬بين‭ ‬الجوانب‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬معظمها،‭ ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬المواضيع‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬السياسية‭.‬

وقد‭ ‬تجاهل‭ ‬الرشيد‭ ‬الحراك‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬الذي‭ ‬أنتج‭ ‬أول‭ ‬مجلس‭ ‬شورى‭ ‬فيها‭ ‬عام‭ ‬1921م،‭ ‬مع‭ ‬وفرة‭ ‬المادة‭ ‬الموجودة‭ ‬لكونه‭ ‬مشاركاً‭ ‬فيه،‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬الرشيد‭ ‬على‭ ‬استحياء،‭ ‬مبرراً‭ ‬فشله‭ ‬ونافياً‭ ‬أي‭ ‬مسؤولية‭ ‬للسلطة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

كما‭ ‬تناول‭ ‬صفحات‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬للشيخ‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬القناعي‭ ‬والمؤلف‭ ‬عام‭ ‬1946،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬يعد‭ ‬ثاني‭ ‬أهم‭ ‬كتاب‭ ‬محلي‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت،‭ ‬الذي‭ ‬بدأه‭ ‬القناعي‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬نبذة‭ ‬يسيرة‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬ألفتها‭ ‬لأبناء‭ ‬المدارس‭ ‬مبتدئاً‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬صباح‭ ‬الأول‭ ‬وختمتها‭ ‬بوفاة‭ ‬مبارك‭ ‬بن‭ ‬صباح،‭ ‬وأرجأت‭ ‬تاريخ‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬آخر‭ ‬إن‭ ‬سنحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة،‭ ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬شاهدته،‭ ‬ثم‭ ‬النقل‭ ‬عن‭ ‬الآباء‭ ‬ونقلهم‭ ‬عن‭ ‬أسلافهم‮»‬‭. ‬واستشهد‭ ‬بكتاب‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬للمؤرخ‭ ‬سيف‭ ‬مرزوق‭ ‬الشملان‭.‬

أما‭ ‬د‭. ‬أحمد‭ ‬القناعي،‭ ‬فتناول‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬الرحالة‭ ‬وقال‭ ‬بداية‭: ‬كانت‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬قديماً‭ ‬وحديثاً،‭ ‬وقد‭ ‬انعكس‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬بصور‭ ‬شتى،‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬مرور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الرحّالة‭ ‬بهذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومكوثهم‭ ‬فيها‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لدراسة‭ ‬أحوال‭ ‬البلاد‭ ‬والسكان،‭ ‬وكتبوا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مذكرات‭ ‬وثّقوا‭ ‬فيها‭ ‬أهم‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬زاروها‭ ‬والمناطق‭ ‬والطرق‭ ‬التي‭ ‬سلكوها‭ ‬في‭ ‬رحلاتهم‭ ‬بشكل‭ ‬مفصل‭ ‬أحياناً،‭ ‬ومجمل‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بنصيب‭ ‬وافر‭ ‬من‭ ‬اهتمامات‭ ‬الرحّالة‭ ‬الذين‭ ‬زاروها‭ ‬وكتبوا‭ ‬عنها،‭ ‬ومكث‭ ‬بعضهم‭ ‬فيها‭ ‬زمناً‭ ‬طويلاً‭ ‬وخالط‭ ‬أبناء‭ ‬الكويت‭ ‬وكتب‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬البلاد‭ ‬والحكم‭ ‬فيها‭ ‬وعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬وأخلاق‭ ‬شعب‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬زارها‭ ‬فيها‭ ‬الرحالة،‭ ‬ووثّقوا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مذكرات‭ ‬خاصة‭ ‬تشمل‭ ‬الكويت‭ ‬والبلدان‭ ‬المجاورة‭ ‬أحياناً،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬تختص‭ ‬بالكويت‭ ‬فقط‭.‬

قدمت‭ ‬هذه‭ ‬المذكرات‭ ‬أيضاً‭ ‬معلومات‭ ‬تفصيلية‭ ‬تتعلق‭ ‬بحوادث‭ ‬صاحبت‭ ‬نشأة‭ ‬الكويت،‭ ‬وتعتبر‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث‭ ‬معالم‭ ‬مهمة‭ ‬تضيء‭ ‬جوانب‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت،‭ ‬وتفيد‭ ‬المهتمين‭ ‬بالتاريخ‭ ‬الكويتي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬توثيق‭ ‬مواقف‭ ‬وأحداث‭ ‬تاريخية‭ ‬بأقلام‭ ‬من‭ ‬عاصرها‭ ‬وكتب‭ ‬عنها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

لهذا‭ ‬تعتبر‭ ‬كتابات‭ ‬الرحالة‭ ‬ودراستها‭ ‬مرجعاً‭ ‬أساسياً‭ ‬لإلقاء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت،‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬القيمة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستغني‭ ‬عنها‭ ‬المهتم‭ ‬بالتاريخ‭ ‬الكويتي‭ ‬عند‭ ‬سعيه‭ ‬لتدوين‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬والكويت‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬