تاريخ الكويت في دار الآثار الإسلامية
قدمت ندوة «تاريخ الكويت» التي استضافها مركز اليرموك الثقافي، جانباً من تاريخ نشأة الكويت.
و قدمت الندوة في جلستها الأولى ثلاث أوراق عن نشأة الكويت، قراءة جديدة قدمها د. ميمونة الصباح ود.عبدالله الغنيم ود.فيصل الكندري، ورحّب رئيس اللجنة الـتأسيسية لأصدقاء الدار بدر البعيجان بداية بالقول: هذه الندوة برعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود الصباح، وبحضور الأمين العام للمجلس المهندس علي اليوحة.
في الورقة الأولى، تناولت د. ميمونة الصباح قصة نشأة الكويت في المصادر التاريخية، قائلة:
إن استناد نشأة الكويت في خلال دراستها وبحوثها إلى القرن السابع عشر يعود لمصادر عدة، أولها بيان الحدود الذي ذكر عام 1613م أن الكويت أرض قفراء، وبيان الحدود الذي قدم للسلطات العثمانية. وأشارت د. ميمونة إلى أن البرهان الثاني يعود إلى ما كتبه المقيم السياسي البريطاني «بيللي»، عام 1863م. أن الكويت يعود وجودها إلى 200 عام مضت، بمعنى أن الوجود الكويتي كان عام 1663م. وقال إن متوسط أعمار من حكموا الكويت 50 عاماً. واستندت د. ميمونة إلى ما ذكر عام 1613م، من قبل وثائق قضاة نجد وعنزة.
وتابعت: تم الإثبات بالأدلة الوثائقية والمادية أن الكويت نشأت مبكراً عن التاريخ الذي كان يذكر في بعض المؤلفات، حيث تم التوصل إلى أن الكويت أُسست في عام 1613 م، وليس في عام 1756م.
وذكرت د. ميمونة أن للكويت مواقع حضارية يمتد تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد في جزيرة فيلكا وإيكاروس وكاظمة وكذلك الأمر بالنسبة للتاريخ الإسلامي، حيث وقعت فيها أحداث مهمة مثل معركة ذات السلاسل، أما في التاريخ الحديث، فلم نجد لها ذلك الدور المؤثر الذي يبرزها ككيان قائم بذاته قبل وصول العتوب إليها، وما وجدناه ينحصر في استقرار بعض صيادي الأسماك على شواطئها واستقرار بعض القبائل الرحّل فيها خلال رحلتهم الموسمية، انتقالاً وراء مناطق الكلأ والماء والمراعي بين الجزيرة العربية وبلاد الرافدين، مشيرة إلى أن بعض المؤرخين يذكرون أن الكويت أو القلعة، بناها براك بن عريعر أمير بني خالد ليستخدمها كمخزن للمؤن والذخيرة، في حين يشير آخرون إلى أن الذي أنشأ القلعة هو محمد بن نفلة بن عريعر، لكننا مع الرأي القائل إن الشيخ صباح الأول هو الذي أنشأ القلعة اعتماداً على أن تاريخ إنشاء القلعة ونشأة الكويت سبقا تأسيس دولة بني خالد وحكم براك ومحمد، الذي يرجعه البعض لعام 1669م، والبعض الآخر إلى 1671م، وقد تأكد أن فتح القطيف كان بتاريخ 1081هـ الموافق 1670م.
وتطرقت د. ميمونة إلى قول المقيم السياسي في الخليج الكولونيل بيللي عن انتقال آل الصباح إلى الكويت: «أقبل أول الشيوخ (الرئيس) بعد ذلك عبر خور بوبيان مع أتباعه وحط الرحال على الخليج الذي يسمى الآن الكويت أو القرين، وبعد أن عبر الخليج استقر على الشاطئ الشمالي وأقام قلعة أو كوتاً، ومن هنا اشتق اسم الكويت»، مضيفة أن من الأدلة ما جاء في تقرير الميجور كولبرك الذي كتب تقريراً عن المنطقة بتاريخ 10 سبتمبر 1982م، وذكر فيه أن أول مستوطنة على رأس الخليج هي الكويت التي يقطنها خليط من العرب التابعين لآل الصباح، وهو فرع من العتوب، وتقوم على حمايتهم قلعة مزوّدة بعشرين مدفعاً، لافتة إلى أن العتوب هنا ليسوا قبيلة عتيبة، وإنما هم جماعات من العشائر ترجع في أصولها إلى قبيلة عنزة، وهي قبيلة عربية كبرى تنزل شمال جزيرة العرب ينتمي إليهم آل الصباح وآل خليفة، ومعهم بعض الفروع الأخرى مثل آل زايد الذين ينتمي إليهم آل غانم وغيرهم من الأسر الكويتية الأخرى. والعتوب ثلاثة فروع رئيسة هي «آل الصباح - آل خليفة - الجلاهمة»، وتنتمي إلى الفرع الأخير أسر كويتية معروفة، مثل النصف، وينتمي آل الصباح إلى قبيلة عنزة، وأبناء تغلب بن وائل إلى فخذ «جميلة» وبالتحديد فرع «شملان».
وأضافت د. ميمونة أنه من الدلائل على أن الكويت أُسست في عام 1613م وثيقة منشورة في volum3/archiv Editions، وهي عبارة عن بيان حدودها كما أسماها الشيخ مبارك الصباح عام 1912، يوضح فيه حدود بلاده بناء على طلب السلطات العثمانية في البصرة أثناء المفاوضات البريطانية - العثمانية التي بدأت عام 1911م بالاتفاقية الإنجليزية - التركية عام 1913م لتسوية الخلافات المتعلقة بين الدولتين، وفيها قسم خاص بالكويت. وقد استهل الشيخ مبارك بيانه بعبارة: «الكويت أرض قفراء نزلها جدنا صباح عام 1022هـ الموافق 1613م».
وبينت أن من الوثائق الأخرى ما جاء في تقرير الكولونيل بيللي عن القبائل العربية في سواحل الخليج الفارسي العربي، المؤرخ بتاريخ 1863م، حيث ذكر: «تتولى عائلة الشيخ الحالي حكم الكويت منذ نحو خمسة أجيال، أي منذ نحو 250 عاماً»، وهو بذلك حدد أن عائلة الشيخ الحالي (الشيخ صباح بن أحمد بن جابر بن عبدالله بن صباح بن جابر)، حكمت الكويت قبل 250 عاماً، وبطرح 250 من 1863 نجده يصل إلى التاريخ ذاته الذي حدده الشيخ مبارك في بيانه، أي إن الكويت أُسست عام 1613م.
وأكّدت د. ميمونة أن كل الأدلة تثبت أن الشيخ صباح الأول هو أول مَن تولى حكم الكويت، وكان هو وولداه الشيخان مبارك بن صباح وعبدالله بن صباح الأول يحكمون الكويت في الفترة من 1613م.
وأشارت أيضاً إلى عديد من الوقفات التاريخية التي تبرهن على وجود ونشأة الكويت في القرن السابع عشر الميلادي، في تلخيص لما ذكرت وما استندت إليه من مصادر أربعة، هي: بيان الحدود وما ذكره «بيللي» الحاكم البريطاني وقضاة نجد وعنزة ووثائق الخرائط التاريخية التي تحدث عنها د. الغنيم في ما بعد.
الورقة الثانية تحدث من خلالها أستاذ التاريخ في جامعة الكويت د. فيصل الكندري، قائلاً:
أولاً: الكويت في تقرير مدحت باشا 1817م... منذ تعيين عبدالله الصباح قائم مقام على قصبة الكويت وهي تكتسب أهمية بالغة، وتقع على بعد 70 ميلا من الفاو، وتم ضمها تحت الحكم العثماني منذ عامين.
وأضاف: تشتمل قصبة الكويت على 5000 أو 6000 منزل، موقعها مرتفع، وماؤها وبساتينها ومزروعاتها جميلة، وهواؤها لطيف جداً وصحي، ولها ميناء واسع وجميل جداً، وهي محصنة.
يعيش سكانها في حالة استقرار، وهي محاطة من الناحية البرية بكثير من مواطنيها من العشائر والقبائل البدوية، ويزداد رقيها من يوم لآخر.
وقال د. الكندري عن الكويت في مذكرات مدحت باشا: إنهم قوم لا يشتغلون بالزراعة بل بالتجارة البحرية وعندهم 2000 من المراكب التجارية الكبيرة والصغيرة ويشتغلون بصيد اللؤلؤ في البحرين وعمان وتسافر سفنهم الكبيرة إلى الهند وزنجبار للتجارة.
وقد رفعوا فوق مراكبهم التجارية راية مخصوصة بهم واستعملوها زمناً طويلاً، غير أن خوفهم من غارات الأجانب عليهم قد حدا بهم إلى رفع الرايات الأجنبية، فرفع بعضم راية الفلمنك (هولندا) وآخرون راية الإنجليز.
وتناول أيضاً د. الكندري الكويت في «بصره سالنامه سي» ذ من الوثائق الفارسية، وقيل إن أبنيتها من طابق واحد، وتشتمل على 2000 دار من الطين و14 جامعاً، وخان وسوق به 200 إلى 500 حانوت، وسكانها 4000 نسمة، ومع العشائر 10000 إلى 20000. وأكثر أهلها يعملون بالبحر ويتوجهون إلى فارس والهند والسند، ولديهم 2000 سفينة.
أما الورقة الثالثة، فتناول فيها د. عبدالله الغنيم الوثائق والأدلة والأبحاث حول النشأة، وقال: منذ إنشاء مركز البحوث والدراسات الكويتية وهو يهتم بموضوع تاريخ نشأة الكويت، وتجمعت مجموعة من الوثائق والأدلة التي تقود إلى رأي جديد خلافاً لما وصلنا في كتب تاريخ الكويت، سواء من عبدالعزيز الرشيد أو أحمد مصطفى أبو حاكمة أو غيرهما. وإن تلك الوثائق تستحق الدراسة والتحليل. ولما كانت الإشارات تكاد تتفق على أن تاريخ نشأة الكويت هو عام 1613، فقد اقترح د. خليفة الوقيان أن يكتب إلى الديوان الأميري للإفادة بهذا الأمر، وأن يتم الإعداد لاحتفالية تليق بتلك المناسبة التي توثق مرور خمسة قرون على نشأة الكويت. وقد أرسل المقترح بتاريخ 22 أبريل 2009م، ليكون الوقت كافياً للقيام بدراسة هذا الموضوع والتأكد منه علمياً والاستعداد له الاستعداد المناسب.
وعليه، فإن هذه الندوة تأتي في سياق ما طلبه مجلس الوزراء، وأنا على قناعة بأن هناك كثيراً من التساؤلات التي قد تعطي الإجابة عنها إضافة مهمة إلى هذا الموضوع. وتقدم بعض الاطمئنان إلى من قد يخالجه الشك في ما توصلت إليه لجنة قسم التاريخ أو عدد من الأساتذة والباحثين الذين وجدوا في الوثائق ما يكفي للاقتناع.
وتابع د. الغنيم: لقد أثار عبدالعزيز الرشيد في بداية تاريخه مجموعة من التساؤلات، وقد أشار إلى ما ذكره الشيخ مبارك في إحدى رسائله لبعض ولاة البصرة بأنها أُسست عام 1022 هـ (1613م)، وذكر تواريخ أخرى هي (1803هـ/ 1672م) و(1100هـ/ 1689م) و(1125هـ/1713م)، وقد رجح الرشيد القولين الأخيرين، ودليله في ذلك قوله:
«وبمعرفتنا عدد الحكام الذين تولوا عليها (آل الصباح) يزول عنا كثير من الغموض، وتكون بأيدينا حجة قوية في رفض بقية الأقوال، ولاسيما إذا علمنا أن صباح الأول هو أولهم، وأنه توفي حوالي سنة (1190هـ/1776م)».
وأشار إلى أنه لابد من الإجابة عن هذا السؤال في ضوء وجود التقرير الذي كتبه لويس بللي المقيم السياسي في الخليج، الذي مكث في الكويت قرابة الشهر وجالس رجال الأسرة وأعيان البلاد، وكتب أن الحكم في أسرة الصباح يعود إلى 250 سنة، وكان ذلك في عام 1813م. أي إن بداية حكمهم كانت عام 1613 م. وهو التاريخ نفسه الذي أشار اليه وأكده الشيخ مبارك بعد ذلك بنحو خمسين سنة.
وختم بالقول: بناء على ما تقدم، فإن أحمد مصطفى أبوحاكمة قد افترض افتراضات لا يوجد لها ما يدعمها إذا ما تتبعنا أحوال دولة بني خالد في ظروفها الداخلية وفي علاقاتها الخارجية من جهة، ومن جهة أخرى لم نجد ما يؤيد وجهة نظره، فالسيد واردن كتب مقالته عام 1717م. أي إنه كان معاصراً للأسماء التي ذكرها وافترض أبوحاكمة أنها محرفة عن محمد دون دليل، لكن واردن قال أيضاً: «أول رئيس لآل الصباح»، فهل كلمة صباح محرفة أيضاً؟
هذه ملاحظات تحتاج من المختصين إلى التوقف والتأمل ومزيد من البحث.
على شفير الحرب
وفي ختام الندوة تم تدشين كتاب «على شفير الحرب»، وتحدث خلال حفل التدشين الشيخ صباح جابر العلي الصباح، والصحفي المعروف عادل درويش مؤلف الكتاب، والعقيد الركن متقاعد ناصر سالمين عن ذكرياتهم أيام الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت، وتحدث الشيخ صباح العلي بداية عن مجموعة الخفجي وما قدمته المقاومة الكويتية قائلاً: إن أي كلام يبدو صغيراً أمام كل دور قام به أفراد المقاومة، لقد فعلوا ما فعلوه بكل تلقائية حباً في الوطن وكل في مجاله، والتف الجميع تحت قيادة واحدة، وكان القائد لهذه الخلية المرحوم الشيخ علي صباح السالم الصباح، الذي جلس على حدود الكويت وقام بدور أساسي مع كوكبة من الفرسان الكويتيين، لهذا سمي الكتاب «على شفير الحرب». وقال إن كل الأفراد كان أمامهم هدف واحد وهو تحرير الوطن تحت لواء سمو الأمير المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح. وختم: إن المجموعة كانت رائعة وكل منا قام بدور بطولي وظل من ظل واستشهد من استشهد دفاعاً عن وطننا الغالي، كما تمنى السلام وأن يحفظ الله الكويت وشعبها تحت قيادة حكيمة لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وولي العهد سمو الشيخ نواف الأحمد.
وتحدث الصحفي عادل درويش عن ذكرياته في تأليف الكتاب والظروف التي أحاطت بعملية التأليف، وقال إن الكتاب يحمل أسراراً كبيرة توثّق الأدوار البطولية التي قدمتها المقاومة الكويتية، مشيراً إلى أن هناك وثائق مهمة في الكتاب، وأن هناك وثائق سوف تُنشر في طبعة جديدة عندما يتم الإفراج عنها في بريطانيا.
وتحدث العقيد الركن متقاعد ناصر سالمين مقدماً التهاني للشعب الكويتي وسمو الأمير بمناسبة أعياد الوطن والتحرير، وقدم كتابه «مذكرات أسير في السجون العراقية»، وأيضاً عرض فيلماً وثائقياً لعمليات الأسر والتعذيب التي لاقاها خلال فترة الغزو التي امتدت إلى 238 يوماً، وقال إن الفيلم يصوّر معاناة الأسرى الكويتيين خلال فترة الغزو الغاشم ويعرض لمحطات في كتابه. كما تحدث في مداخلة خلال حفل التدشين اللواء محمود الدوسري، الذي تناول عملية الأسر وطرق التعذيب، وكيف كان الأسرى يلاقون أشد أنواع المعاناة، وذكر بعض الأسماء من الشهداء الذين نالوا شرف الدفاع عن الوطن، كما ذكر أن القوات الغازية أصدرت حكماً بإعدامه مع بعض الأسماء الكويتية في الأسر، ولكن يوم التنفيذ كان هو يوم بداية حرب تحرير الكويت.
وكانت الحلقة الختامية قد جاءت بعنوان «تاريخ الكويت في المصادر التاريخية والشفاهية»، وتحدث فيها المؤرخ والباحث الكويتي فرحان الفرحان، الذي تناول قصة التاريخ بين الوثائق والروايات، مستعرضاً عديداً من المحطات التاريخية التي تشير إلى وجود الكويت.
د. عبدالله الهاجري جاءت ورقته بعنوان «كيف كتب تاريخ الكويت» وقال بداية:
لماذا اختلفت المصادر حول علمية تأسيس الكويت؟ وأجاب بالقول: أولاً: ندرة وقلة المصادر المحلية أو الأجنبية التي عاصرت عملية التأسيس ورصدها.
ثانياً: جرى الاعتماد في الغالب على تواريخ ومصادر شفهية.
ثالثاً: بعد الاستقرار والتأسيس، لم تحظ الكويت باهتمام بسبب الفقر وقسوة الحياة فيها في الفترة الأولى وعدم ظهور أهميتها السياسية.
رابعاً: ظهور أدلة وأسانيد ووثائق متأخرة سبقتها أدلة ووثائق وأسانيد مختلفة عما ظهر لاحقاً، ما سبب ارتباكاً وخلطاً وتداخلاً بين السابق واللاحق.
وتناول الهاجري كتاب «تاريخ الكويت» للمؤرخ عبدالعزيز الرشيد قائلاً: إن عملية ترتيب وتقسيم الموضوعات في كتاب الرشيد جاءت غير مترابطة في بعض الأجزاء، فما بين كثرة الشواهد والأبيات الشعرية والقفز على النتائج التاريخية، سار الرشيد في قسمه الأول.
وبرزت الانتقائية في تناول الرشيد عملية تولي الشيخ أحمد الجابر الحكم، حيث بلغ عدد الموضوعات التي تناولها في عهد الشيخ أحمد الجابر حوالي ثلاثة وعشرين موضوعاً، تنوعت بين الجوانب الاجتماعية في معظمها، باستثناء بعض المواضيع ذات الطبيعة السياسية.
وقد تجاهل الرشيد الحراك السياسي في الكويت الذي أنتج أول مجلس شورى فيها عام 1921م، مع وفرة المادة الموجودة لكونه مشاركاً فيه، الذي تعرض له الرشيد على استحياء، مبرراً فشله ونافياً أي مسؤولية للسلطة عن ذلك.
كما تناول صفحات من تاريخ الكويت للشيخ يوسف بن عيسى القناعي والمؤلف عام 1946، وقال إنه يعد ثاني أهم كتاب محلي عن تاريخ الكويت، الذي بدأه القناعي بالقول «هذه نبذة يسيرة عن تاريخ الكويت ألفتها لأبناء المدارس مبتدئاً فيها من صباح الأول وختمتها بوفاة مبارك بن صباح، وأرجأت تاريخ من بعده إلى وقت آخر إن سنحت لي الفرصة، وقد اعتمدت فيها على ما شاهدته، ثم النقل عن الآباء ونقلهم عن أسلافهم». واستشهد بكتاب من تاريخ الكويت للمؤرخ سيف مرزوق الشملان.
أما د. أحمد القناعي، فتناول الكويت في كتب الرحالة وقال بداية: كانت منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام عديد من الدول الغربية قديماً وحديثاً، وقد انعكس هذا الاهتمام بصور شتى، كان منها مرور عدد من الرحّالة بهذه المنطقة، ومكوثهم فيها لفترة من الزمن لدراسة أحوال البلاد والسكان، وكتبوا ذلك في مذكرات وثّقوا فيها أهم المدن التي زاروها والمناطق والطرق التي سلكوها في رحلاتهم بشكل مفصل أحياناً، ومجمل أحياناً أخرى.
لقد كانت الكويت من البلدان التي حظيت بنصيب وافر من اهتمامات الرحّالة الذين زاروها وكتبوا عنها، ومكث بعضهم فيها زمناً طويلاً وخالط أبناء الكويت وكتب عن طبيعة البلاد والحكم فيها وعادات وتقاليد وأخلاق شعب الكويت في تلك الفترة التي زارها فيها الرحالة، ووثّقوا ذلك في مذكرات خاصة تشمل الكويت والبلدان المجاورة أحياناً، وفي أحيان أخرى كانت تختص بالكويت فقط.
قدمت هذه المذكرات أيضاً معلومات تفصيلية تتعلق بحوادث صاحبت نشأة الكويت، وتعتبر تلك الحوادث معالم مهمة تضيء جوانب من تاريخ الكويت، وتفيد المهتمين بالتاريخ الكويتي من حيث توثيق مواقف وأحداث تاريخية بأقلام من عاصرها وكتب عنها بشكل مباشر.
لهذا تعتبر كتابات الرحالة ودراستها مرجعاً أساسياً لإلقاء مزيد من الأضواء على تاريخ الكويت، التي تزخر بعديد من المعلومات القيمة، التي لا يستغني عنها المهتم بالتاريخ الكويتي عند سعيه لتدوين تاريخ المنطقة بشكل عام، والكويت بشكل خاص ■