الديسيلكسيا خلل جيني في التطور الجنيني

الديسيلكسيا خلل جيني في التطور الجنيني

يعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬الجين‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إعاقة‭ ‬الديسيلكسيا‭ ‬أو‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬إنجازاً‭ ‬علمياً‭ ‬هائلاً‭ ‬لأحد‭ ‬أكبر‭ ‬الأسرار‭ ‬الغامضة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬دراسة‭ ‬الأعصاب،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يبعث‭ ‬ببارقة‭ ‬أمل‭ ‬للمصابين‭ ‬به‭ ‬ولذويهم،‭ ‬ويحدثنا‭ ‬التاريخ‭ ‬عن‭ ‬مشاهير‭ ‬كثر‭ ‬في‭ ‬مجـالات‭ ‬عدة،‭ ‬عانوا‭ ‬إعاقة‭ ‬بطء‭ ‬التعـلـم،‭ ‬منهم‭ - ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ - ‬وينستون‭ ‬تشرشل،‭ ‬بابلو‭ ‬بيكاسـو،‭ ‬ألبرت‭ ‬أينشتاين،‭ ‬محمد‭ ‬علـي‭ ‬كلاي،‭ ‬ليوناردو‭ ‬دافنــشي،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬معاناتهم‭ ‬لهذا‭ ‬المرض‭ ‬الذي‭ ‬تبدأ‭ ‬أعراضه‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬للعمر‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬فشلهم‭ ‬فإنهم‭ ‬تداركوا‭ ‬الأمر‭ ‬وحققوا‭ ‬إنجازات‭ ‬مهمة‭ ‬شرفتهم‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬وبعد‭ ‬وفاتهم،‭ ‬وهناك‭ ‬فروق‭ ‬جوهرية‭ ‬بين‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬وصعوبة‭ ‬التعلم،‭ ‬وقد‭ ‬يصفه‭ ‬البعض‭ ‬خطأ‭ ‬بصعوبة‭ ‬التعلم‭.‬

تعد‭ ‬إعاقة‭ ‬الديسيلكسيا‭ ‬أو‭ ‬عسر‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬وبطئها،‭ ‬الشهيرة‭ ‬بمصطلح‭ ‬بطء‭ ‬التعلم،‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬حيث‭ ‬يتراوح‭ ‬معدل‭ ‬انتشارها‭ ‬بين‭ ‬5‭ ‬و12‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وتكثر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬بين‭ ‬الأقارب‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬وبين‭ ‬الذكور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الإناث،‭ ‬ووفق‭ ‬دراسة‭ ‬أنجزت‭ ‬بفرنسا‭ ‬وأجرتها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬التربية‭ ‬واختصاصيي‭ ‬الأعصاب‭ ‬هناك،‭ ‬حددت‭ ‬أهم‭ ‬أعراض‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬بعسر‭ ‬القراءة‭ ‬عند‭ ‬قيام‭ ‬الطفل‭ ‬بزيادة‭ ‬أو‭ ‬نقصان‭ ‬حرف‭ ‬أو‭ ‬نطقه‭ ‬بطريقة‭ ‬خاطئة،‭ ‬مع‭ ‬القراءة‭ ‬ببطء‭ ‬وفهم‭ ‬ضعيف،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أعراض‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬التذبذب‭ ‬في‭ ‬النطق،‭ ‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬يقرأ‭ ‬الكلمة‭ ‬أحياناً‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الصفحة،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬تكررت‭ ‬في‭ ‬سطر‭ ‬آخر،‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬ينطقها‭ ‬بصورة‭ ‬خاطئة‭. ‬

كان‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬عسر‭ ‬التعلم‮»‬‭ ‬ولايزال‭ ‬مصطلحاً‭ ‬غامضاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكثيرين‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬التربويون،‭ ‬وقد‭ ‬يستخدم‭ ‬بعضهم‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬بمرونة‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬يصعب‭ ‬معها‭ ‬تمييزه‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الفئات‭ ‬التربوية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وبخاصة‭ ‬الصعوبات‭ ‬التعلمية‭ ‬والتخلف‭ ‬العقلي،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كان‭ ‬الاختصاصيون‭ ‬يصفون‭ ‬الأطفال‭ ‬المتخلفين‭ ‬عقلياً‭ ‬بأنهم‭ ‬بطيئو‭ ‬التعلم،‭ ‬لأنهم‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬تدريب‭ ‬مكثف‭ ‬يستغرق‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬كي‭ ‬يحققوا‭ ‬الأهداف‭ ‬النمائية‭ ‬التي‭ ‬يحققها‭ ‬أترابهم‭ ‬العاديون‭ ‬بجهد‭ ‬أقل‭ ‬ووقت‭ ‬أقصر‭. ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬فإن‭ ‬مصطلح‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬يستخدم‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬التربوية‭ ‬المهتمة‭ ‬بالتلاميذ‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬مشكلات‭ ‬تعلمية‭ ‬وسلوكية‭.‬

الطفل‭ ‬بطيء‭ ‬التعلم‭ ‬هو‭ ‬طفل‭ ‬لا‭ ‬يتمتع‭ ‬بقدرات‭ ‬عقلية‭ ‬عادية،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يعاني‭ ‬التخلف‭ ‬العقلي،‭ ‬لأن‭ ‬مستوى‭ ‬الأداء‭ ‬العقلي‭ ‬العام‭ ‬لديه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قيس‭ ‬باختبارات‭ ‬الذكاء‭ ‬الفردية‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬مستويات‭ ‬الأداء‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الإجرائية‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نسبته‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭  70‭ ‬و85‭ ‬في‭ ‬المائة‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬التقويم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬لذكاء‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬يظهر‭ ‬أنه‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬العام‭ ‬فإنه‭ ‬منسجم‭ ‬مع‭ ‬قدراته‭ ‬الحقيقية‭ ‬وقابلياته‭ ‬الفعلية،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬يعانون‭ ‬مشكلات‭ ‬تعلمية‭ ‬كبيرة‭ ‬فإنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬الفئات‭ ‬التي‭ ‬تخدمها‭ ‬التربية‭ ‬الخاصة‭ ‬لذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ (‬وهي‭ ‬فئات‭ ‬التخلف‭ ‬العقلي،‭ ‬الإعاقة‭ ‬السلوكية،‭ ‬الإعاقة‭ ‬البصرية،‭ ‬الإعاقة‭ ‬السمعية،‭ ‬الإعاقة‭ ‬الجسمية،‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم،‭ ‬اضطرابات‭ ‬الكلام‭ ‬واللغة‭). ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬الأطفال‭ ‬بطيئي‭ ‬التعلم‭ ‬يتلقون‭ ‬تعليمهم‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬العادية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوي‭ ‬الحاجات‭ ‬الخاصة‭ ‬يلتحقون‭ ‬جزئياً‭ ‬أو‭ ‬كلياً‭ ‬بمدارس‭ ‬التربية‭ ‬الخاصة‭. ‬

و‭ ‬هكذا‭ ‬فإن‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬وصعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬شيئان‭ ‬مختلفان،‭ ‬فالأطفال‭ ‬ذوو‭ ‬الصعوبات‭ ‬التعليمية‭ ‬لا‭ ‬يعانون‭ ‬انخفاضاً‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الأداء‭ ‬العقلي‭ ‬العام،‭ ‬وتحصيلهم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬لا‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬قدراتهم‭ ‬الفعلية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬والصعوبات‭ ‬التعلمية‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬وذلك‭ ‬أمر‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬مخاطر‭ ‬وقد‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬خاطئة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأساليب‭ ‬التربوية‭ ‬العلاجية‭ ‬والتصحيحية‭.‬

ومن‭ ‬حيث‭ ‬الخصائص‭ ‬المميزة‭ ‬للأطفال‭ ‬بطيئي‭ ‬التعلم‭ ‬فإن‭ ‬أهمها‭ ‬أن‭ ‬نضجهم‭ ‬وسرعة‭ ‬تعلمهم‭ ‬أبطأ‭ ‬وبشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬الشريحة‭ ‬العمرية‭ ‬نفسها‭. ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬لا‭ ‬ينشغلون‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬بالمهمات‭ ‬التعلمية‭ ‬المطلوبة‭ ‬منهم‭ ‬ويظهرون‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬التململ‭ ‬والتشتت‭ ‬وفقدان‭ ‬الاهتمام‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬الأطفال‭ ‬بطيئي‭ ‬التعلم‭ ‬يعانون‭ ‬اضطرابات،‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬لغة‭ ‬الطفل‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬ناضجة‭ ‬ونموه‭ ‬العام‭ ‬يتصف‭ ‬بالتأخر،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬درست‭ ‬حالة‭ ‬الطفل‭ ‬التطورية‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬العمرية‭ ‬المبكرة‭ ‬فسيتضح‭ ‬أيضاً‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بطيئاً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬منذ‭ ‬مولده،‭ ‬فهو‭ ‬يمشي‭ ‬متأخراً‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأطفال‭ ‬الآخرين،‭ ‬ويتكلم‭ ‬متأخراً،‭ ‬وهكذا‭.‬

إن‭ ‬الأطفال‭ ‬بطيئي‭ ‬التعلم‭ ‬ينضجون‭ ‬ويتعلمون‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بمعدل‭ ‬نضج‭ ‬وتعلم‭ ‬الأطفال‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬لا‭ ‬يتأخرون‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬المظاهر‭ ‬النمائية‭ ‬فقط‭ ‬ولكنهم‭ ‬يتأخرون‭ ‬عن‭ ‬زملائهم‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬المهارات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الأساسية،‭ ‬مثل‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭ ‬لا‭ ‬تتضح‭ ‬المشكلات‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬يعانيها‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالمدرسة،‭ ‬فعندما‭ ‬يتابع‭ ‬المعلمون‭ ‬أداء‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬يلاحظون‭ ‬أنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬كأقرانهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬سرعة‭ ‬التعلم‭ ‬والنمو،‭ ‬ويلاحظون‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬التعبيرية‭ ‬واللغة‭ ‬الاستيعابية،‭ ‬وأن‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬صعوبات‭ ‬سلوكية‭ ‬أيضاً‭ ‬ولا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فهناك‭ ‬ارتباط‭ ‬بين‭ ‬المشكلات‭ ‬التعلمية‭ ‬والمشكلات‭ ‬السلوكية‭.‬

‭ ‬

صعوبات‭ ‬التعلم

  ‬يعاني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬المدارس‭ ‬مشكلات‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬وهو‭ ‬مصطلح‭ ‬عام‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬غير‭ ‬متجانسة‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صعوبات‭ ‬دالة‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬واستخدام‭ ‬مهارات‭ ‬الاستماع‭ ‬أو‭ ‬الحديث‭ ‬أو‭ ‬القراءة‭ ‬أو‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬الاستدلال‭ ‬أو‭ ‬القدرات‭ ‬الرياضية،‭ ‬وهذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬ذاتية،‭ ‬أي‭ ‬تنشأ‭ ‬داخلياً،‭ ‬ويفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬راجعة‭ ‬إلى‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬المركزي،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬خلال‭ ‬حياة‭ ‬الفرد،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متلازمة‭ ‬مع‭ ‬مشكلات‭ ‬الضبط‭ ‬الذاتي‭ ‬والمشكلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للإدراك‭ ‬والتفاعل،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬لا‭ ‬تنشئ‭ ‬بذاتها‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الصعوبات‭ ‬تحدث‭ ‬متلازمة‭ (‬متزامنة‭) ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬ظروف‭ ‬الإعاقة‭ ‬الأخرى‭ (‬القصور‭ ‬الحسي‭ ‬والتأخر‭ ‬الحركي‭ ‬والاضطرابات‭ ‬الانفعالية‭)‬‭,‬‭ ‬والمؤثرات‭ ‬الخارجية‭ ‬أي‭ ‬الفروق‭ ‬الثقافية،‭ ‬التعلم‭ ‬غير‭ ‬الكافي،‭ ‬ورداءة‭ ‬التدريس،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الصعوبات‭ ‬ليست‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الظروف‭ ‬والمؤثرات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬المصابين‭ ‬لا‭ ‬يتصرفون‭ ‬مثل‭ ‬أقرانهم،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬مقصرين‭ ‬عقلياً‭ ‬ولا‭ ‬يشكون‭ ‬من‭ ‬آفات‭ ‬عصبية،‭ ‬وهي‭ ‬فئة‭ ‬ذات‭ ‬صفات‭ ‬خاصة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تتصرف‭ ‬بأشكال‭ ‬متشابهة‭. ‬وقد‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬تسميات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تصنيفها،‭ ‬ولكن‭ ‬المقبول‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التصنيفات‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬يعانون‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم،‭ ‬أو‭ ‬تناذر‭ ‬قصور‭ ‬الدماغ‭ ‬الطفيف‭. ‬

ويعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬التسمية‭ ‬الأخيرة‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إثبات‭ ‬قصور‭ ‬الدماغ‭ ‬بالفحوص‭ ‬الفيزيائية‭ ‬أو‭ ‬الكيميائية‭ ‬الحيوية،‭ ‬بينما‭ ‬يعتبر‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬التصرف،‭ ‬واختلاف‭ ‬التطور،‭ ‬وعسر‭ ‬التعلم،‭ ‬والحركات‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬كلها‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬الدماغية،‭ ‬ويبدو‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬يعانون‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الانتظام‭ ‬في‭ ‬الجملة‭ ‬العصبية‭ ‬المركزية،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬قدراتهم‭ ‬على‭ ‬الاستيعاب‭ ‬والتعلم‭ ‬والتصرف‭ ‬مثل‭ ‬أقرانهم‭ ‬الآخرين‭. ‬

ويطلق‭ ‬تعبير‭ ‬قصور‭ ‬الدماغ‭ ‬الطفيف‭ ‬Minimal‭ ‬Cerebral‭ ‬Dysfunction‭ ‬ليميز‭ ‬تناذراً‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬الطفل‭ ‬ذ‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يتمتع‭ ‬بسوية‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬عادية‭ ‬أو‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الطبيعية‭ ‬ذ‭ ‬معانياً‭ ‬لدرجة‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬قصور‭ ‬التعلم‭ ‬والسلوك‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬الدرجة‭ ‬الطفيفة‭ ‬إلى‭ ‬المتوسطة‭ ‬الشدة،‭ ‬وتبتدئ‭ ‬بسوء‭ ‬تقبل‭ ‬الأشياء،‭ ‬أو‭ ‬تفهمه‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬المحادثة‭ ‬اللغوية‭ ‬أو‭ ‬التعبير،‭ ‬والنقص‭ ‬في‭ ‬الذاكرة،‭ ‬أو‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الانتباه‭/‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬الحركية‭ ‬الأخرى‭. ‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬هذه‭ ‬الأعراض‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬اضطرابات‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬الجملة‭ ‬العصبية‭ ‬المركزية،‭ ‬مثل‭: ‬التأخر‭ ‬العقلي،‭ ‬الاختلاجات،‭ ‬شلل‭ ‬الدماغ،‭ ‬سوء‭ ‬التصرف،‭ ‬العمى،‭ ‬الصمم،‭ ‬ويبدو‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬التناذر‭ ‬وفرط‭ ‬الحركة‭ ‬للأطفال‭ ‬أو‭ (‬الكنع‭ ‬الطفلي‭ ‬hyperkinetic‭-‬child‭) ‬المصاب‭ ‬بقصور‭ ‬القراءة‭ ‬البدئي‭ ‬مع‭ ‬الحبسة‭. ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إيجاد‭ ‬سبب‭ ‬لتناذر‭ ‬قصور‭ ‬الدماغ‭ ‬الطفيف،‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬يوجد‭ ‬أحياناً‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬الصبغيات،‭ ‬أذية‭ ‬أثناء‭ ‬الولادة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الرحم،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة،‭ ‬تصاب‭ ‬خلالها‭ ‬الجملة‭ ‬العصبية‭ ‬المركزية‭. ‬

إن‭ ‬الأعراض‭ ‬السريرية‭ (‬الإكلينيكية‭) ‬لصعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المدرسة‭ ‬إلا‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬السلوك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مراحل‭ ‬نمو‭ ‬الطفل،‭ ‬ويتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحركات،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأشياء‭ ‬المميزة‭: ‬اضطراب‭ ‬السلوك،‭ ‬العناد،‭ ‬قصر‭ ‬فترة‭ ‬التركيز،‭ ‬فرط‭ ‬الحركة،‭ ‬النزف،‭ ‬فرط‭ ‬الاستثارة،‭ ‬سرعة‭ ‬الغضب،‭ ‬صعوبة‭ ‬تقبل‭ ‬الأشياء‭ ‬وفهمها،‭ ‬عدم‭ ‬انتظام‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬الحركات،‭ ‬اضطراب‭ ‬النوم،‭ ‬سوء‭ ‬التركيز‭ ‬نحو‭ ‬المؤثرات‭ ‬الخارجية‭. ‬فإذا‭ ‬دخل‭ ‬المدرسة‭ ‬فهو‭ ‬يعاني‭ ‬عدم‭ ‬تنظيم‭ ‬وإتمام‭ ‬واجباته،‭ ‬ومناقشاته‭ ‬وتتبعه‭ ‬للأشياء‭. ‬كما‭ ‬يعاني‭ ‬صعوبة‭ ‬التعلم،‭ ‬والنطق،‭ ‬وتذكر‭ ‬الأشياء‭ ‬وحفظها‭... ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬القصور‭ ‬الدراسي،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬فترة‭ ‬الطفولة‭ ‬يتزايد‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬لشعوره‭ ‬باختلافه‭ ‬عن‭ ‬أقرانه،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬لتشخيص‭ ‬العلة،‭ ‬ولكن‭ ‬اجتماع‭ ‬عدد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬طفل‭ ‬واحد‭ ‬يدعونا‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬اضطراب‭ ‬الوظيفة،‭ ‬الدماغية،‭ ‬وقد‭ ‬يتباين‭ ‬سلوك‭ ‬الطفل‭ ‬بين‭ ‬يوم‭ ‬وآخر‭ ‬دونما‭ ‬سبب،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬هو‭ ‬تفسيره،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬حوله‭. ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬عدم‭ ‬ارتياحه‭ ‬بفرط‭ ‬الحركة‭ ‬والمشي‭ ‬دونما‭ ‬هدى،‭ ‬وعدم‭ ‬اهتمامه‭ ‬بحركة‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬مثلما‭ ‬يجب‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬هو‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬النمو،‭ ‬وقد‭ ‬يبدي‭ ‬حماساً‭ ‬ولكن‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬تصرفاته‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬والتعقل‭ ‬بصلة،‭ ‬وهو‭ ‬شديد‭ ‬التركيز‭ ‬والذعر‭ ‬نحو‭ ‬المؤثرات،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬سبباً‭ ‬لثورات‭ ‬عاصفة‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬الأسرة‭. ‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يبدي‭ ‬ذكاء‭ ‬عادياً‭ ‬أو‭ ‬فائقاً‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬الحدود،‭ ‬فإنه‭ ‬يعاني‭ ‬دوماً‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تقبل‭ ‬الأشياء،‭ ‬واستنباط‭ ‬نتائج‭ ‬منطقية‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ (‬العويصة‭) ‬الخالية،‭ ‬ويمكنه‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الأشياء‭ ‬المادية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬الخيالية،‭ ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يبدو‭ ‬جيداً‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الاعتيادية‭ ‬الرتيبة‭ ‬مثل‭ ‬التهجئة،‭ ‬وجداول‭ ‬الضرب،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬القراءة‭ ‬والمجالات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬الأشياء‭ ‬الرمزية‭. ‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬قصوراً‭ ‬في‭ ‬تفهم‭ ‬الأشياء‭ ‬الصعبة‭ ‬التجريدية،‭ ‬لذا‭ ‬يصعب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يكون‭ ‬قليل‭ ‬الملاحظة‭ ‬والانتباه‭ ‬للأشياء‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬عليها‭ ‬عيناه‭ ‬أو‭ ‬سمعتها‭ ‬أذناه،‭ ‬وبهذا‭ ‬يكون‭ ‬مصدر‭ ‬إزعاج‭ ‬لغيره‭ ‬ولنفسه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭. ‬

وعندما‭ ‬يتقدم‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬فإن‭ ‬المظاهر‭ ‬السلوكية‭ ‬التي‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬قلقه‭ ‬حول‭ ‬نفسه‭ ‬وعن‭ ‬اتصالاته‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬قد‭ ‬تخفي‭ ‬المظهر‭ ‬الأول‭ ‬الطفولي،‭ ‬إذ‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬المظاهر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬النضج‭ ‬العاطفي،‭ ‬ضعف‭ ‬الحركة‭ ‬وليس‭ ‬انعدامها‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الإعاقات‭ ‬الأخرى‭.‬

‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭... ‬إعاقة‭ ‬وراثية

من‭ ‬الناحية‭ ‬الوظيفية،‭ ‬ينقسم‭ ‬بطء‭ ‬التعلم‭ ‬إلى‭ ‬أقسام‭ ‬مختلفة‭ ‬منها‭: ‬صعوبة‭ ‬تمييز‭ ‬الكلمات‭ ‬البصرية‭ ‬وصعوبة‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬الحرف‭ ‬وصوته،‭ ‬وصعوبة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬الوحدات‭ ‬الصوتية‭ ‬للكلمة،‭ ‬وصعوبة‭ ‬تتبع‭ ‬سلاسل‭ ‬الحروف‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬إلى‭ ‬اليسار،‭ ‬وصعوبة‭ ‬التوصيل‭ ‬بين‭ ‬الحروف‭ ‬والكلمات‭. ‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬أعراض‭ ‬صعوبات‭ ‬الكتابة‭: ‬نقل‭ ‬الكلمات‭ ‬بصورة‭ ‬خاطئة‭ ‬من‭ ‬السبورة،‭ ‬وعكس‭ ‬الأرقام‭ ‬والحروف‭ ‬عند‭ ‬الكتابة،‭ ‬وكذلك‭ ‬صعوبة‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬اتجاه‭ ‬اليمين‭ ‬أو‭ ‬الشمال،‭ ‬ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬صعوبات‭ ‬الكتابة‭ ‬قد‭ ‬تصاحب‭ ‬صعوبات‭ ‬القراءة‭ ‬وقد‭ ‬تصاحب‭ ‬ضعف‭ ‬الفهم‭ ‬والتعبير‭ ‬اللغوي‭. ‬

ويعتقد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أساساً‭ ‬وراثياً‭ ‬لحدوث‭ ‬هذه‭ ‬الإعاقة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬الباحثين‭ ‬لوبيك‭ ‬وماربورج‭ (‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬لأبحاث‭ ‬الجينات‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بون‭ ‬الألمانية‭) ‬لتقصّي‭ ‬أسبابها،‭ ‬واستطاع‭ ‬هذان‭ ‬العالمان‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الجين‭ ‬المسبب‭ ‬لهذا‭ ‬الخلل‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬DCDC2،‭ ‬ولكن‭ ‬اكتشاف‭ ‬هذا‭ ‬الجين‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬سوى‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬تطوير‭ ‬وسائل‭ ‬العلاج‭ ‬المناسبة‭. ‬

وقد‭ ‬بنيت‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬137‭ ‬طفلاً‭ ‬على‭ ‬فرضية‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجين‭ ‬يسبب‭ ‬تغيرات‭ ‬في‭ ‬خلايا‭ ‬الأعصاب‭ ‬أثناء‭ ‬تطور‭ ‬الدماغ،‭ ‬وقد‭ ‬يمتد‭ ‬أساساً‭ ‬إلى‭ ‬رحم‭ ‬الأم‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬خلص‭ ‬د‭. ‬يوهانس‭ ‬شوماخر‭ (‬أحد‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الجينات‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بون‭) ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬العصبية‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التطور‭ ‬الجنيني‭ ‬وتنتهي‭ ‬بعملية‭ ‬الميلاد،‭ ‬وهذه‭ ‬الافتراضات‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬أبحاث‭ ‬أخرى‭ ‬أجراها‭ ‬العلماء‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬الرنين‭ ‬المغناطيسي‭ ‬Magnetic‭ ‬Resonance،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تصوير‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬مقدار‭ ‬الاهتزاز‭ ‬أو‭ ‬الرنين‭ ‬لجزيئات‭ ‬الخلية‭ ‬البشرية‭.‬

هذه‭ ‬المسوحات‭ ‬الدماغية‭ ‬أظهرت‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الدماغي‭ ‬عند‭ ‬أولئك‭ ‬المصابين‭ ‬بعسر‭ ‬التعلم،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬د‭. ‬شوماخر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬الوظيفي‭ ‬قد‭ ‬يصيب‭ ‬بعض‭ ‬أجزاء‭ ‬الدماغ‭ ‬الأيسر‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬المسؤولة‭ ‬فسيولوجياً‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬تحليل‭ ‬اللغة‭ ‬والإشارات‭ ‬العصبية‭ ‬البصرية،‭ ‬ولكن‭ ‬تبقى‭ ‬المشكلة‭ ‬قائمة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬الجين‭ ‬المسبب‭ ‬لهذا‭ ‬الخلل،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أدوات‭ ‬كافية‭ ‬لمقاومة‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭. ‬

وعن‭ ‬إمكان‭ ‬تطوير‭ ‬عقار‭ ‬لهذا‭ ‬الاضطراب،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يبدو‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬وفق‭ ‬الباحثين،‭ ‬ولكن‭ ‬اكتشاف‭ ‬الجين‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬يبقى‭ ‬إنجازاً‭ ‬علمياً‭ ‬لأحد‭ ‬أكبر‭ ‬الأسرار‭ ‬الغامضة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬دراسة‭ ‬الأعصاب،‭ ‬وكذلك‭ ‬يبعث‭ ‬ببارقة‭ ‬أمل‭ ‬للمصابين‭ ‬به‭ ‬ولذويهم‭ ‬