زَفرةُ العَربيِّ الأَخِير
نَاجِ القلوبَ التي تَهفُو لَها نَـاجِ
وابْكِ الأُلَى أُبْدلُوا خَيْشاً بِدِيبَاجِ
واتْلُ الحَنينَ عَلى أَسْماعِها نَسَقاً
حتَّى تَرقَّ حَواشِي النورِ للدَّاجِي
هي المنيرةُ مِن مِشكـاةِ خَالقِهَا
وكلُّ مُستَعصــِمٍ بنورها نَاجِ
هي العَتيقَةُ كمْ تُسْبِيـكَ جِدتُهَا
مَا خَابَ يَوماً عَلى أَعتَابِها رَاجِ
هي التليدةُ لا تُقضَى عَجـائِبُها
فَبُـزَّ مَن شِئتَ بِالتبيينِ أَو حَاجِ
لَها مَعيـنٌ مِن القُرآنِ مَنبـعُهُ
ليستْ كَذِي عِوجٍ أَو ذَاتَ إِخداجِ
ما خانتْ القلبَ في يومٍ ومَا سَكتتْ
عنِ البيــانِ لمُشتاقٍ ومُهتاجِ
كأَنَّهَا نُطْفةٌ في النفسِ مَا بَرحَتْ
حتَّى تُخَـالطَ أَمْشَـاجاً بِأَمشَـاجِ
عَاشتْ كَكـلِ بِحَارِ اللهِ طَامِـــيَةً
تَسـقي بِغيثٍ عميمِ الخيرِ ثَجَّاجِ
زادُ العفاةِ إذا ما مسَّهمْ شَظَـٌف
أُنْسُ الأحبةِ فِي رَوْحٍ وإِدْلاجِ
تحنو فتُوقظُ شوقَ الروحِ أحرفُهَا
تـَـوقاً بتَوقٍ ومعْراجاً بِمعرَاجِ
كُنَّا وكانَ صَهيلُ الحرْفِ يَرفعُنا
إِلى النجــومِ كَسَـاداتٍ وحُجَّاج
نَبنِي بُيوتاً بفيض الضادِ عَامـرةً
تَعلــو بِنـا لِسَمـاءٍ ذَاتِ أَبراجِ
حتَّى نُلامسَ رُوحَ النورِ في أُفقٍٍ
مِِن المجَــازِ، بَديعِ اللفظِ، وَهَّاجِ
أمّ اللغاتِ وهلْ في الأرضِ من لغةٍ
أَعْطتْ فأَرْضَتْ ولمْ تأتلْ بإِبهـاجِ؟
سِيَاجُ ديني وحصنٌ غيرُ مُنثـَـلمٍ
وَسعتِ في زمنِ التَّغريبِ أَحْراجِي
أَسْرَجْتِ خَيلَكِ خوفَ الصَّمتِ أم سَكَنَتْ
إِلـى الظلامِ ولم يُؤذنْ بإِبلاجِ؟
أَنا وأنـتِ كِـلانَا لاكَ غُــربتَهُ
نَرجُو النّجَاةَ عَلى مَوْجٍ وأَثباجِ
أنا وأنتِ طَــريدا أُمَّـةٍ أَفَلَتْ
تَشكُو ضياعَ سُوارِ المُلْكِ والتَّاجِ
كأنَما الكلمـاتُ حِيـنَ نَنطقُـها
تَرجيعُ ثاكلةٍ منْ بَعـدِ أَهزاجِ
كَـأرخبيلِ جِراحٍ طَالمَا انفثـأتْ
ولم تَجِـدْ أحداً لنوحها الشَاجي
لمْ يَبقَ في مَعدنِ الأيامِ مِن وَجَعٍ
مثـلُ البُكاءِ بِلا صوتٍ وإِلهَاجِ
سَيلُ الرطانةِ قدْ أَدمَى حَناجرَنا
والعِـيُّ يَأتي بأفواجٍ وأفواجِ
أَنا وأَنتِ على جَمرِ النَّوى مَـرَّا
متى أَصبتِ فقدْ أَخطأتُ مِنهاجي؟
خَرجتُ مِن أَلفِي، للآنَ ما وَصَلتْ
رُوحِي بِضلَّتِها، أَو عُدتُ أَدْراجِي
أينَ الفُحولُ تُعيدُ رواءَ ما نسجتْ
يدُ الفصاحةِ من وَشْيٍِ لنسـاجِ
مَنْ للمليحةِ إن مَرَّتْ بِعـاشِقها
تَسيـرُ في ظُعُنٍ حَيرى وأَحْداجِ؟
منْ للحروبِ إذا قَامتْ بوادرُها
كي تَستبينََ صَليلَ السيفِ والواجي؟
حبيب لم يَأتِنا بعدُ الربيعُ فلا
تَرجُ القصـائدَ أن تُأتي بإبْهـاجِ
قلْ ما تَشاءُ فلستَ اليومَ قَائـلَهُ
منْ علَّم القولَ أن يَزهو بِخُدَّاجِ؟
كلُّ الكلامِ على الأسماعِ بلبـلةٌ
يا ألفَ بابـلَ كم تَأتي بِسُمَّاجِ
يا منزلَ الروحِ لي روحٌ يُخاتلُها
وَجْـدُ الخليلِ على أَنَّاتِ زَجّاجِ
عُودي كماءٍ لأرضٍ شفَّها ظمَـأ
إنِّـي كجدبٍ لغَيثٍ جِدُّ مُحتاجِ
عُودي كأمٍ لطفلٍ مَــلَّ غُربتَـهُ
أَنا الغَـريبُ إلى أكنافِها لاجِي
عودي لِبُرءِ بلادِ العُربِ مِن وَجعٍ
وفيض نورٍ عَلى إِظلامِها الساجي
نَاجِ الحُروفَ فقد تلفَى بها وطناً
لم يَشقَ يَوماً ولمْ يُجلدْ بكُرباجِ ■