هالـة كاظـم...المرأة التي جعلت الأرض كلّها ممشى!

هالـة كاظـم...المرأة التي جعلت الأرض كلّها ممشى!


سيدة أعمال إماراتية، وأول امرأة عربية تبتكر برنامجاً خاصاً بالمرأة، زاوجت فيه بين رياضة المشي مع الاستشارات، وورشات للعمل، بغية إحداث أقصى قدر ممكن من التغيير في حياة المرأة العربية، بهدف تحويل حياتها إلى حياة إيجابية، وسعيدة.

تقول سيرتها الذاتية: إنها «أم لخمسة أبناء وجدّة لحفيد واحد، مرت رحلتها في الحياة بتجارب مختلفة، عرفت نجاحات وإخفاقات، حاصلة على جوائز عدة، منها جائزة محمد بن راشد لأفضل سيدة أعمال في دولة الإمارات 2013».
قيل عنها إنها لويز هاي العرب، فقد تم تكريمها من قبل «جوجل» ومنظمة الأمم المتحدة بوصفها الشخصية النسائية العربية الأكثر تأثيراً على قريناتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حدث  «My Voice Matters»  تحاول أن تتغلب على كل ما من شأنه أن يقف في طريقها. فهي نفسها، تفصح، أنها مرت بظروف الحياة الصعبة، لكنها استطاعت أن تنتصر لنفسها وتجعل من نفسها امرأة قوية، امرأة يمكنها أن تؤثر على الآخرين ليغيروا حياتهم.
في لقائي بها في الكويت، شعرت بأنني أمام سيّدة من طراز آخر، الحديث معها يبعث على الصفاء والراحة النفسية، فهالة لها هالة من الحضور في مجتمع متعدّد الأفكار.
امرأة تريد أن تسير وتفكر، أو تتحدّث وهي تتمشّى، مثلما كان أرسطو يفعل قديما في الرواق مع حوارييه في أثينا.
لكن هالة تريد من «حواريّيها» من النساء أن يرحلن لكي يسرن وهن يفضفضن متخلّصات من همومهن، أعبائهن، وأي طاقة سلبية قد تكون كامنة، مستحضرات كلّ جميل وإيجابي في حياتهن. تتمدّد عضلات الجسد، مسترخية، لتخرج الطاقة السلبية فتهدأ الروح بسكينة الجسد، وهما معا يريحان العقل.
هالة كاظم امرأة تريد للنساء أن يتغيّرن، أما الوسيلة التي اختارتها فهي الرحلة, كونها ترى أن الرحلة والترحال ظلا مقصورين على الرجال على مدى التاريخ، وهي تريد أن تغير مسار التاريخ، فالرحّالة امرأة أيضا في هذا الزمان. المرأة بإمكانها أن ترحل بحثاً عن الجودة، تقريبا في كلّ شيء، جودة الجسد، والروح، والعقل. امرأة كتلك هي امرأة موحية بالطاقة الإيجابية، منجذبة إليها السعادة، جاذبة وجذّابة في استقطابها.
أريد المساعدة دوماً... تقول هالة التي أيضا «تكظم» غيظ كلّ ما يوتّر حياتها وحياة من معها من نساء عربيات باحثات عن تغيير لهن، ولعائلاتهن، ولمجتمعهن.
رائدة... متميّزة... مرتحلة في بلاد الله، فيما تستمر مناجاتها ومواردها مع الطبيعة التي خلقها الله أساسا لنا. أسمعت كل ما يجلب السعادة لعشرات البلدان التي زارتها، وحدها، أو معها وفودها التي لا تشبه الوفود الرسمية. وفدت إلى رحلة التغيير من المعاناة. تقول إن المعاناة غيّرتها، ولو لم تتغيّر هي ذاتها لما استطاعت أن تغيّر.
تطمح إلى أن تصل لكلّ النساء العربيات، بل إلى كلّ نساء العالم.
غيّرها كذلك الامتنان للآخر، فكوفئت بالجائزة.
تقف لتسير، وتسيّر رحلة إثر أخرى نحو الهدف الكبير الذي تتمناه المشاركات... رحلاتها علاج وثقافة وخلاص.
توازن حياتها، تعترف هالة كاظم، هو مصدر من مصادر الطاقة لديها. تؤمن بأن التوازن هو جسر التغيير، وهو لديها امتياز لامرأة ممتازة بجودة حياة لافتة أو استثنائية.
لكنها تهتم وتعتني وتركز على المرأة فقط، لأن الرجل عندها مختلف، اختلاف التكامل، من أجل امرأة سعيدة بواجهة من المشاعر المتوازنة، والمتغيّرة، والإيجابية. قاموسها اليومي تشكّله بالريشة، بالكولاج، بالحرف، بالرحلة، بالسفر، بالورشة، بزيوت اللوحة. ولديها هذا التغيير حتمي، لمصلحة المغيِّر والمغيَّر. هي تحتاج إلى رفقة مختلفة، نسوة مكمّلات ومكتملات بها، لأن تغيير المرأة لديها هو تغيير للمجتمع بأكمله. امرأة سعيدة وإيجابية يعني ضمن فلسفتها مجتمعاً سعيداً وإيجابياً.

صناعة المطر ليست كحمل مظلّة
هالة كاظم صانعة مطر، صانعة فرح، صانعة تغيير، في مدينة دبي محمد بن راشد، مدينة رجل يغيّر في مدينته بلا هوادة، تستلهم من تلك الإرادة وتؤمن بأن ما يبدو صعب المنال يبدو لها يسيراً، وتؤمن بأن السيدة التي تصاحبها في فريق رحلات التغيير، تجتذب الطاقة السلبية عند جارتها في السير، وهذه بدورها ترمي بها في الوهاد البعيدة، في عملية إخلاء لكلّ ما يعكّر الروح والجسد والعقل.
فالسير الذي يعد أقدم رياضة في التاريخ بالنسبة لها هو الأفق والأرض ورياضة مسرحها المفتوح الآفاق، فقد قتلتنا الأماكن المغلقة. مثل البدو الرحّل، تريد للنساء أن يترحلن طلبا للحياة، يسافرن ثم يخرجن عن المألوف، تريد للمرأة أن تُخرج أجمل ما فيها، تحدّها على أقصاها، مثلما نقول، حتى تتبيّن قواها الكامنة.
وكنت أتمنى أن يكون لها في كلّ مدينة عربية مكتب وورشة، ولكنها تمنّت ذلك أيضا قبلي.
تُعرِّف نفسها قائلة: بداية, وقبل أي تعريف أنا إنسانة، أم، زوجة وجدّة، متخصّصة في الاستشارات الاجتماعية العامة والبرمجة العصبية، فنانة تشكيلية ورائدة أعمال اجتماعية، حائزة جائزة أفضل سيدة أعمال في الإمارات.

< ما النقطة الفارقة في حياة هالة كاظم؟
النقطة الفارقة أو مرحلة التحول في حياتي كانت عندما أصبت باكتئاب وأنا في عمر الثلاثين، كانت هذه نقطة المعاناة الكبيرة في حياتي.
من الأمومة انطلقتْ هالة كاظم نحو رحاب العمل الإنساني، من الخاص إلى العالم. نقطة التحوّل من تجربة عابرة للمجتمع نحو الإنسانية، ولادة عسيرة، مثل آلام الطلق وبعده الأمومة الحانية.
كنت قد قرأت لها من قبل ما معناه: «إنّ حب الآخرين وحبّ مساعدتهم هما غريزة عندي، ورثتها من والدتي رحمها الله، فلديّ نزعة ألا أدع أحداً يمرّ بتجربة صعبة إلّا وأقف بجانبه وأسانده، ففي فترة من فترات حياتي، مررت بمرحلة صعبة ولم أجد من يساعدني ويقف بجانبي.

< هل كان للأهل دور في ما وصلت إليه؟
بالتأكيد لهم دور كبير جدّا، ولولا دعم زوجي وأولادي لي، لما وصلت إلى ما وصلت إليه الآن.

< سألتها: مجتمع الإمارات مجتمع محافظ... ألم يدخلك في المنظومة المضادّة؟
فعلا... مجتمع الإمارات مجتمع محافظ لكنه مفتوح على جميع الأفكار الجديدة، بحكم تعدّد الجنسيّات داخل الدولة. فدولة الإمارات تضم 206 جنسيات، وبالطبع لابد من مواجهة بعض الصعوبات في المراحل الأولى لرحلة التغيير، التي كانت تكمن في عدم فهم فكرة برنامج رحلة التغيير وعدم وضوح الهدف، لكن مع الجهود المستمرّة لإيضاح مفهوم رحلة التغيير خلال السنوات الماضية، تجلت الفكرة والهدف الأساس لها، وهما خدمة المجتمع وتطوير الذات.

< كيف وردت فكرة رحلة التغيير؟
بدأت فكرة رحلة التغيير عندما قررت السفر إلى إسبانيا، وبالتحديد ممشى كامينو دي سانتياجو المعروف منذ ما يقارب 1000 سنة، الذي تبلغ مسافته 100 كم، عندها شعرت برغبة في نقل هذا الإحساس لأكبر عدد ممكن من النساء، ومن هنا بدأت رحلة التغيير.
«كانت المراودة الأولى لفكرة برنامج رحلة التغير من ذلك الممشى الإسباني... فإذا كان أقدم ممشى في إسبانيا يبلغ طوله مائة كم، فإن د. هالة قرّرت أن تجعل ممشاها كلّ الكرة الأرضية، فالأرض كلها ممشى».
< أين الرجال في رحلة التغيير، فمن المؤكد أن الرغبة في التغيير ليست قاصرة على المرأة؟
مجالي هو التنظيم للنساء فقط، فللرجال طباعهم المختلفة عن المرأة، حيث إن الرجل بطبيعته لا يحب الفضفضة والتحدث عن المشاعر، وهذا ما يرتكز عليه برنامج رحلة التغيير... التطوير ومحاكاة النفس والآخرين.
أعتقد أن رحلة التغيير رحلة للمرأة في عالم الطبيعة والتضاريس والثقافات، أمّا الرجل فله عالمه الخاص.
كما أنني لا أؤمن بـ: «المساواة التامّة بين الرجل والمرأة، فنحن مخلوقان مختلفان، جسمي غير جسمه، تفكيري غير تفكيره، عاطفتي تختلف عن عاطفته، الرجل له كيانه وتفكيره وقدراته، وكذلك المرأة».
وعلى الرغم مما أنجزته، فمازالت طموحاتها كبيرة، تقول هالة كاظم: «أتطلّع لتأسيس مركز لرحلة التغيير، وأطمح إلى الوصول والتركيز على العالم العربي.
وربما في وقت لاحق أتطلع إلى أن أصل إلى النساء في جميع أنحاء العالم» .