مكتبة الكويت الوطنية مسيرة نهضة وذاكرة وطن

مكتبة الكويت الوطنية  مسيرة نهضة وذاكرة وطن

عند‭ ‬تأريخ‭ ‬بواكير‭ ‬النهضة‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬والأدبية‭ ‬والتعليمية‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوز‭ ‬محطة‭ ‬تأسيس‭ ‬المكتبة‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1923م‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬وجهاء‭ ‬الكويت‭ ‬ومثقفيها‭ ‬وأدبائها،‭ ‬تلك‭ ‬النواة‭ ‬التي‭ ‬تكونت‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬غلب‭ ‬عليها‭ ‬طلب‭ ‬الرزق‭ ‬بمشقة‭ ‬وانشغال‭ ‬دائم‭ ‬بمواسم‭ ‬الغوص‭ ‬والسفر،‭ ‬تدرجت‭ ‬هذه‭ ‬المكتبة‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬الإشعاع‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬صغيرة‭ ‬حتى‭ ‬غدت‭ ‬منارة‭ ‬شامخة‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬تستلهم‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬رسالتها‭ ‬الخالدة‭ ‬في‭ ‬نشر‭  ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬وتسترشد‭ ‬بأدوات‭ ‬الحاضر‭ ‬المتطورة‭ ‬طريقها‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭.‬

رؤية‭ ‬واسعة‭ ‬أثمرت‭ ‬مكتبة‭ ‬

من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الاحتكاك‭ ‬ورؤية‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬السفر‭ ‬والترحال‭ ‬ساهما‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬مواكبة‭ ‬تطورات‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬كالهند‭ ‬والبلاد‭ ‬العربية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الكويت،‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬وقد‭ ‬استفادت‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬علاقتها‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬نافذة‭ ‬واسعة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وضمن‭ ‬كتاب‭ ‬تذكاري‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬المكتبة‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً‮»‬‭ ‬صدر‭ ‬عام‭ ‬1986م‭ ‬يلقي‭ ‬الأستاذ‭ ‬بدر‭ ‬خالد‭ ‬البدر،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬كانت‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬محدودة،‭ ‬وغالبية‭ ‬الناس‭ ‬إما‭ ‬تجار‭ ‬أو‭ ‬ممن‭ ‬يركبون‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬الغوص‭ ‬والسفر،‭ ‬وبجانب‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬واعية،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يزور‭ ‬الكويت‭ ‬أناس‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬مثل‭ ‬الشيخ‭ ‬رشيد‭ ‬رضا،‭ ‬صاحب‭ ‬مجلة‭ ‬المنار،‭ ‬والشيخ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الثعالبي‭ ‬وغيرهما‮»‬‭ ‬ويضيف‭: ‬‮«‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬خميرة‭ ‬طيبة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬أدباء‭ ‬وعلماء‭ ‬العالم‭ ‬العربي‮»‬‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬تفهُم‭ ‬مغذيات‭ ‬الحراك‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬المبكر‭ ‬الذي‭ ‬أثمر‭ ‬عن‭ ‬تأسيس‭ ‬المدارس‭ ‬كالمدرسة‭ ‬المباركية‭ ‬سنة‭ ‬1911م‭ ‬والمدرسة‭ ‬الأحمدية‭ ‬سنة‭ ‬1921م،‭ ‬وبداية‭ ‬الصحافة‭ ‬الكويتية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬1928م‭ ‬لمؤسسها‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الرشيد،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وتأسيس‭ ‬النادي‭ ‬الأدبي‭ ‬سنة‭ ‬1924م‭ ‬وتأسيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الخيرية‭ ‬سنة‭ ‬1913م‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬معها‭ ‬مسيرة‭ ‬المكتبات‭ ‬في‭ ‬الكويت‭.‬

 

المكتبة‭ ‬الأهلية

افتتحت‭ ‬ضمن‭ ‬أنشطة‭ ‬الجمعية‭ ‬الخيرية‭ ‬أول‭ ‬مكتبة‭ ‬عامة‭ ‬عرفتها‭ ‬الكويت،‭ ‬ونظراً‭ ‬لعدم‭ ‬استمرار‭ ‬تلك‭ ‬الجمعية،‭ ‬انتقلت‭ ‬محتويات‭ ‬المكتبة‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬جديد‭ ‬هو‭ ‬ديوانية‭ ‬‮«‬علي‭ ‬بن‭ ‬عامر‮»‬‭ ‬في‭ ‬سكة‭ ‬‮«‬عنزة‮»‬‭ ‬بالقرب‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬الوسط‭ ‬بمدينة‭ ‬الكويت‭ ‬آنذاك،‭ ‬وبقيت‭ ‬هناك‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬قبل‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬المكتبة‭ ‬الأهلية‭.‬

وقد‭ ‬تنامت‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬مكان‭ ‬يصلح‭ ‬لمناقشة‭ ‬الأفكار‭ ‬الأدبية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وبعد‭ ‬لقاءات‭ ‬عدة‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬الشيخ‭ ‬حافظ‭ ‬وهبة‭ ‬وبحضور‭ ‬عبدالحميد‭ ‬الصانع‭ ‬وسلطان‭ ‬إبراهيم‭ ‬الكليب‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الرغبة‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬المكتبة‭ ‬الأهلية‮»‬‭ ‬على‭ ‬ديوانية‭ ‬‮«‬علي‭ ‬بن‭ ‬عامر‮»‬‭ ‬ليكون‭ ‬عملها‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬قياساً‭ ‬على‭ ‬معطيات‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1936م‭ ‬شكلت‭ ‬المكتبة‭ ‬الأهلية‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬وجهاء‭ ‬الكويت‭ ‬ومثقفيها‭ ‬وأدبائها،‭ ‬وضم‭ ‬أول‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬لها‭ ‬تسعة‭ ‬شخصيات‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬برئاسة‭ ‬الشيخ‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬القناعي،‭ ‬وتم‭ ‬تعيين‭ ‬عبدالله‭ ‬العمران‭ ‬النجدي،‭ ‬ملاحظاً‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬المكتبة،‭ ‬وتعيين‭ ‬عبدالحميد‭ ‬الصانع‭ ‬مشرفاً‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬عمل‭ ‬المكتبة،‭ ‬وقد‭ ‬ازدهرت‭ ‬تلك‭ ‬المكتبة‭ ‬بمقتنيات‭ ‬ثمينة‭ ‬من‭ ‬نفائس‭ ‬الكتب‭ ‬والمخطوطات‭ ‬والدوريات‭ ‬القيّمة‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬مقصداً‭ ‬لطلاب‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬وكانت‭ ‬تضم‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬1500‭ ‬كتاب‭.‬

وهنا‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المكتبة‭ ‬الأهلية‭ ‬اعتمدت‭ ‬في‭ ‬تمويلها‭ ‬على‭ ‬تبرعات‭ ‬الشخصيات‭ ‬العامة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الأسماء‭ ‬المذكورة‭ ‬سلفاً،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬انفراط‭ ‬عقد‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬المنتظم،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬قرارات‭ ‬المكتبة‭ ‬الأهلية،‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬الأهرام‭ ‬والمقطم‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬وجريدة‭ ‬المقتبس‭ ‬من‭ ‬سورية‭.‬

 

مكتبة‭ ‬المعارف‭ ‬العامة‭ ‬

وضمن‭ ‬ملامح‭ ‬اتجاه‭ ‬الكويت‭ ‬نحو‭ ‬التنظيم‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطور‭ ‬احتضنت‭ ‬الحكومة‭ ‬المكتبة‭ ‬الأهلية‭ ‬عام‭ ‬1937م،‭ ‬وضمتها‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬المعارف‭ ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬مسمى‭ ‬مكتبة‭ ‬المعارف‭ ‬العامة،‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬عاماً‭ ‬أودعت‭ ‬فيها‭ ‬كتب‭ ‬ومجلدات‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬ذخائر‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭. ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬حقول‭ ‬المعرفة،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1979،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬استقلال‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬بـ‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬ضُمت‭ ‬مكتبة‭ ‬المعارف‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب،‭ ‬وكان‭ ‬مخزونها‭ ‬حينذاك‭ ‬يتجاوز‭ ‬خمسين‭ ‬ألف‭ ‬كتاب‭ ‬ومجلد‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬آلاف‭ ‬دورية‭ ‬عربية‭ ‬وأجنبية،‭ ‬عدا‭ ‬المخطوطات‭ ‬النادرة‭.‬

مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬

أُنشئت‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬بموجب‭ ‬المرسوم‭ ‬الأميري‭ ‬السامي‭ ‬رقم‭ ‬52‭ ‬لسنة‭ ‬1994م‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬أهدافها‭ ‬كما‭ ‬يلي‭: ‬تجميع‭ ‬وتنظيم‭ ‬وتوثيق‭ ‬وحفظ‭ ‬التراث‭ ‬والإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬الوطني،‭ ‬تكوين‭ ‬وتنمية‭ ‬المجموعات‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬المعنية‭ ‬بتاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬والخليج‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬حفظ‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلفين‭ ‬والمخترعين‭ ‬والمبتكرين‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصنفات‭ ‬الفنية‭ ‬وحماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬القيام‭ ‬بدور‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬لصنع‭ ‬القوائم‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬متكامل‭ ‬للفهرس‭ ‬الوطني‭ ‬الموحد،‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬أداء‭ ‬العناصر‭ ‬الوطنية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المكتبات‭ ‬ومراكز‭ ‬المعلومات‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬النظم‭ ‬التقنية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬عمل‭ ‬المكتبات،‭ ‬وأخيراً‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المكتبات‭ ‬الوطنية‭ ‬ومراكز‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬والمكتبات‭ ‬المتخصصة‭ ‬والعامة‭ ‬والاتحادات‭ ‬المعنية‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬نشاط‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬وإثراء‭ ‬مقتنياتها‭ ‬والنظم‭ ‬الفنية‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭.‬

جولة‭ ‬داخل‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬

كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬جولة‭ ‬استطلاعية‭ ‬شاملة‭ ‬داخلة‭ ‬مبنى‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وقد‭ ‬رافقنا‭ ‬فيها‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للمكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬كامل‭ ‬العبدالجليل،‭ ‬تقديراً‭ ‬منه‭ ‬لدور‭ ‬ومكانة‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي‭.‬

قبل‭ ‬البداية‭ ‬حرص‭ ‬العبدالجليل‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬جهود‭ ‬الرواد‭ ‬الأوائل‭ ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬اللبنات‭ ‬الأولى‭ ‬للمكتبة‭ ‬الأهلية،‭ ‬كما‭ ‬أشاد‭ ‬بجهود‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬ساهموا‭ ‬بتطويرها‭ ‬ورعايتها‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬لما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬رقي‭ ‬وشموخ،‭ ‬العبدالجليل‭ ‬قدم‭ ‬صورة‭ ‬شاملة‭ ‬لمبنى‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬مساحة‭ ‬22‭ ‬ألف‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬أحدث‭ ‬وأفضل‭ ‬المباني‭ ‬الحكومية‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجوانب،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬التجهيزات‭ ‬والمعدات‭ ‬الهندسية‭ ‬والفنية‭ ‬والأمنية‭ ‬لأنظمة‭ ‬التشغيل‭ ‬في‭ ‬المبنى‭.‬

المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬طوابق،‭ ‬انطلقت‭ ‬الجولة‭ ‬من‭ ‬بهو‭ ‬الطابق‭ ‬الأرضي‭ ‬الذي‭ ‬تُقام‭ ‬فيه‭ ‬عادةً‭ ‬الفعاليات‭ ‬والأنشطة‭ ‬مثل‭ ‬معارض‭ ‬الكتب،‭ ‬والمعارض‭ ‬الفنية‭ ‬والحرفية‭ ‬وغيرها،‭ ‬الطابق‭ ‬الأرضي‭ ‬ضم‭ ‬ثلاث‭ ‬مكتبات‭ ‬نوعية‭ ‬هي‭ ‬مكتبة‭ ‬الأطفال‭ ‬ومكتبة‭ ‬الناشئة‭ ‬ومكتبة‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬ونادي‭ ‬أصدقاء‭ ‬المكتبة،‭ ‬كما‭ ‬يوجد‭ ‬قسم‭ ‬خاص‭ ‬لعرض‭ ‬إصدارات‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب‭ (‬سلسلة‭ ‬عام‭ ‬المعرفة،‭ ‬مجلة‭ ‬عالم‭ ‬الفكر،‭ ‬مجلة‭ ‬الثقافة‭ ‬العالمية،‭ ‬سلسلة‭ ‬إبداعات‭ ‬عالمية،‭ ‬جريدة‭ ‬الفنون‭) ‬ومجلدات‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬العدد‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬1958،‭ ‬وهو‭ ‬بمنزلة‭ ‬معرض‭ ‬دائم‭ ‬لتلك‭ ‬الإصدارات،‭ ‬وتُقام‭ ‬أنشطة‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬الجماهيرية‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬الأرضي‭ ‬وهو‭ ‬مجهز‭ ‬بأحدث‭ ‬التقنيات‭ ‬المتنوعة،‭ ‬التي‭ ‬تستوعب‭ ‬العروض‭ ‬السينمائية‭ ‬وإقامة‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والندوات‭.‬

في‭ ‬الطريق‭ ‬صعوداً‭ ‬نحو‭ ‬الطابق‭ ‬الأول‭ ‬كشف‭  ‬العبدالجليل‭ ‬عن‭ ‬رصيد‭ ‬المكتبة‭ ‬الشامل‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأقسام‭ ‬والقاعات‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬الـ‭ ‬310‭ ‬آلاف‭ ‬كتاب‭ ‬ومجلد،‭ ‬مضيفاً‭: ‬‮«‬إن‭ ‬طموحنا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬رصيدنا‭ ‬كماً‭ ‬ونوعاً‭ ‬لكي‭ ‬يقارب‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬المسجل‭ ‬في‭ ‬كبرى‭ ‬المكتبات‭ ‬الوطنية‭ ‬العالمية،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬مليون‭ ‬كتاب،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬جهوداً‭ ‬متواصلة‭ ‬وإمكانات‭ ‬كافية‮»‬‭.‬

وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬الطابق‭ ‬الأول،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬مكتبة‭ ‬الدوريات‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬حوالي‭ ‬800‭ ‬عنوان‭ ‬لدوريات‭ ‬عربية‭ ‬و150‭ ‬عنواناً‭ ‬لدوريات‭ ‬أجنبية‭ ‬منتظمة‭ ‬الإيداع،‭ ‬وثلاثة‭ ‬أقسام‭ ‬أخرى‭ ‬مصنفة‭ ‬للعلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬واللغات‭ ‬والرسائل‭ ‬الجامعية‭ ‬والمعارف‭ ‬العامة‭ ‬والفلسفة‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭ ‬والأديان‭.‬

وأخيراً‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انتقلنا‭ ‬للطابق‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬احتوى‭ ‬على‭ ‬قسم‭ ‬المطبوعات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ومطبوعات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وأيضاً‭ ‬ثلاثة‭ ‬مصنفات‭ ‬للفنون‭ ‬والآداب‭ ‬والعلوم‭ ‬التطبيقية،‭ ‬وأخيراً‭ ‬العلوم‭ ‬البحتة،‭ ‬وخصصت‭ ‬قاعة‭ ‬مميزة‭ ‬حملت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬كويتنا‮»‬‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬تاريخ‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬وتراثها‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي،‭ ‬بالكلمة‭ ‬والصورة‭ ‬الثابتة‭ ‬والمتحركة،‭ ‬قديماً‭ ‬وحديثاً‭.‬

في‭ ‬الدور‭ ‬الثالث‭ ‬والأخير‭ ‬توقفنا‭ ‬طويلاً‭ ‬عند‭ ‬قسم‭ ‬المكتبات‭ ‬الخاصة‭ ‬شرح‭ ‬العبدالجليل‭ ‬فكرة‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬المكتبة‭ ‬التي‭ ‬اعتبرها‭ ‬بصمة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية،‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬تلبية‭ ‬لرغبة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬والفكر‭ ‬والإعلام‭ ‬في‭ ‬إيداع‭ ‬جميع‭ ‬محتويات‭ ‬مكتباتهم،‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬محتويات‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية،‭ ‬فقد‭ ‬خُصص‭ ‬مكان‭ ‬يجمع‭ ‬تلك‭ ‬المكتبات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد،‭ ‬كما‭ ‬بادرنا‭ ‬بطلب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المكتبات‭ ‬الخاصة‭ ‬الأخرى‭ ‬وسنحصل‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬قريباً‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬القيم‭ ‬والمهم‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬النادرة‭ ‬والمخطوطات‭ ‬الموجودة‭ ‬ضمن‭ ‬مقتنيات‭ ‬مكتبة‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬والشاعر‭ ‬عبدالله‭ ‬زكريا‭ ‬الأنصاري‭ ‬والأديب‭ ‬عبدالرزاق‭ ‬البصير‭ ‬والإعلامي‭ ‬رضا‭ ‬الفيلي‭ ‬رحمهم‭ ‬الله‭ ‬جميعاً‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭  ‬المكتبات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬مررنا‭ ‬عليها،‭ ‬مكتبة‭ ‬الشاعر‭ ‬الراحل‭ ‬أحمد‭ ‬مشاري‭ ‬العدواني‭ (‬1923م‭ ‬ذ‭ ‬1990م‭) ‬مؤلف‭ ‬النشيد‭ ‬الوطني‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬وأول‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب‭.‬

وأشار‭ ‬العبدالجليل‭ ‬إلى‭ ‬تقديمه‭ ‬عرضاً‭ ‬ومقترحاً‭ ‬لنقل‭ ‬الجزء‭ ‬المميز‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الرواد،‭ ‬إلى‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬الثقافي‭ ‬الفريد،‭ ‬وعرضه‭ ‬بأبهى‭ ‬صورة‭. ‬أما‭ ‬بقية‭ ‬محتويات‭ ‬الطابق‭ ‬الثالث‭ ‬فتدل‭ ‬أسماؤها‭ ‬على‭ ‬معانيها،‭ ‬مثل‭ ‬مكتبة‭ ‬‮«‬الكتب‭ ‬النادرة‮»‬،‭ ‬ومكتبة‭ ‬‮«‬التراث‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬نفائس‭ ‬الكتب‭ ‬العربية‭ ‬الثمينة،‭ ‬يصل‭ ‬عددها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬كتاب،‭ ‬وضم‭ ‬كذلك‭ ‬مخطوطات‭ ‬أصلية‭ ‬من‭ ‬أمهات‭ ‬التراث‭ ‬العربي،‭ ‬يصل‭ ‬عددها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2700‭ ‬مخطوط‭.‬

في‭ ‬طريقنا‭ ‬إلى‭ ‬مكتب‭ ‬العبدالجليل‭ ‬أجاب‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية،‭ ‬وأول‭ ‬ما‭ ‬استهل‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬حفظ‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلفين‭ ‬على‭ ‬مؤلفاتهم‭ ‬المبتكرة‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأدبي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬الكاملة‭ ‬لهم‭ ‬طبقاً‭ ‬للقوانين‭ ‬والإجراءات‭ ‬التنفيذية‭.‬

وأردف‭ ‬العبدالجليل‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إدارة‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬تمنح‭ ‬شهادات‭ ‬الإيداع‭ ‬ذات‭ ‬الرقم‭ ‬المعياري‭ ‬الدولي،‭ ‬لحماية‭ ‬المؤلفات‭ ‬وحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلفين‭ ‬للكتب‭ ‬والمصنفات‭ ‬الفنية‭ ‬والتقنية‭ ‬والإنتاج‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وتملك‭ ‬السلطة‭ ‬لضبط‭ ‬المخالفات‭ ‬والتعديات‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلفين‭ ‬والملكية‭ ‬الفكرية‮»‬‭.‬

وتُقدم‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬خدمات‭ ‬رئيسية‭ ‬مثل‭ ‬استرجاع‭ ‬المعلومات‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬المعلومات‭ ‬والأنظمة‭ ‬الآلية‭ ‬وعبر‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وتقدم‭ ‬الخدمات‭ ‬المساندة‭ ‬والمستمرة‭ ‬للباحثين‭ ‬والطلبة‭ ‬والقرّاء،‭ ‬مثل‭ ‬خدمة‭ ‬التصوير‭ ‬وتوفير‭ ‬المراجع‭ ‬والإحاطة‭ ‬الجارية‭ ‬والبحث‭ ‬الانتقائي‭ ‬في‭ ‬مصادر‭ ‬المعلومات‭.‬

 

المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬ومشاريعها‭ ‬المستقبلية‭ ‬

وعن‭ ‬المشاريع‭ ‬المستقبلية‭ ‬لمكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬أوضح‭ ‬العبدالجليل‭ ‬أن‭ ‬المكتبة‭ ‬تعمل‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مشروعين‭ ‬وضعا‭ ‬ضمن‭ ‬الخطة‭ ‬الإنمائية‭ ‬المتوسطة‭ ‬الأجل‭ ‬لمشروعات‭ ‬الدولة،‭ ‬وداخل‭ ‬إطار‭ ‬مشروعات‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب،‭ ‬الأول‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬ذاكرة‭ ‬وطن‮»‬‭ ‬والثاني‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬الفهرس‭ ‬الوطني‭ ‬الموحد‮»‬‭.‬

يعتبر‭ ‬مشروع‭ ‬ذاكرة‭ ‬وطن‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬المشاريع‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬دور‭ ‬وأهداف‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية،‭ ‬وبلوغ‭ ‬رسالتها‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬وتنظيم‭ ‬وتوثيق‭ ‬وحفظ‭ ‬وعرض‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬والفني‭ ‬للكويت‭ ‬وإعلامها‭ ‬وأعلامها،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬المادي‭ ‬واللامادي،‭ ‬وإبراز‭ ‬تاريخ‭ ‬الوطن‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يحفل‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬ووقائع‭ ‬ومناسبات،‭ ‬وهو‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬إرساء‭ ‬قواعد‭ ‬البيانات‭ ‬والتوثيق‭ ‬والحفظ‭ ‬والنشر‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وإتاحة‭ ‬الأرشيف‭ ‬الثقافي‭ ‬الوطني‭ ‬الرسمي‭ ‬والأهلي‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬للباحثين‭ ‬والقراء‭ ‬وطلاب‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬كافة‭.‬

في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬لمشروع‭ ‬ذاكرة‭ ‬وطن‭ ‬كشف‭ ‬العبدالجليل‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬تحويل‭ ‬5000‭ ‬كتاب‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬الرقمي‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬تاريخ‭ ‬وتراث‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬شاملة‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬وجوانب‭ ‬الثقافة‭ ‬والمجموعات‭ ‬النادرة‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬المنشورة‭ ‬عبر‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت،‭ ‬وتحويل‭ ‬المخطوطات‭ ‬الكويتية‭ ‬المتوافرة‭ ‬بعد‭ ‬فهرستها‭ ‬إلى‭ ‬التوثيق‭ ‬والعرض‭ ‬الإلكتروني‭.‬

وسيتم‭ ‬إدخال‭ ‬جميع‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬الكويتية‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬والوثائق‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬العدوان‭ ‬العراقي‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬1990م‭ ‬ذ‭ ‬1991م،‭ ‬والوثائق‭ ‬الخاصة‭ ‬بحرب‭ ‬التحرير‭ ‬وما‭ ‬تلاها،‭ ‬مع‭ ‬جمع‭ ‬وتصنيف‭ ‬وفهرسة‭ ‬وإيداع‭ ‬الخرائط‭ ‬الكويــــتية‭ ‬القديمة،‭ ‬عبر‭ ‬الأطالس‭ ‬الجغــــرافية‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

كما‭ ‬يشمل‭ ‬مشروع‭ ‬ذاكرة‭ ‬وطن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المهمة،‭ ‬التي‭ ‬يراد‭ ‬حفظها‭ ‬وتوثيقها‭ ‬مثل‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬الموثقة‭ ‬للمناسبات‭ ‬والأحداث‭ ‬الوطنية،‭ ‬وإصدارات‭ ‬الطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬الكويتية،‭ ‬وطوابع‭ ‬الفترتين‭ ‬الهندية‭ ‬والبريطانية‭ ‬الموشحة‭ ‬باسم‭ ‬الكويت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1923،‭ ‬وجميع‭ ‬إصدارات‭ ‬الدينار‭ ‬الكويتي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1961م‭ ‬والعملات‭ ‬السابقة‭ ‬المتداولة‭ (‬الروبية‭ ‬والبيزة‭ ‬والآنة‭ ‬الهندية‭) ‬وتوثيقها‭ ‬وعرضها‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أصول‭ ‬وصور‭ ‬رقمية‭.‬

وقد‭ ‬دشنت‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬أخيراً‭ ‬عملية‭ ‬تحويل‭ ‬الكتب‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬الرقمي‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬جديد‭ ‬لها‭ ‬يستهدف‭ ‬توثيق‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬وحفظه،‭ ‬وستكون‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬بهذا‭ ‬المشروع‭ ‬مرجعاً‭ ‬للأرشيف‭ ‬الوطني،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬كبريات‭ ‬المكتبات‭ ‬العريقة‭ ‬والمتقدمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وتم‭ ‬توثيق‭ ‬ورقمنة‭ ‬وحفظ‭ ‬مجلدات‭ ‬سلسلة‭ ‬تاج‭ ‬العروس‭ ‬من‭ ‬إصدارات‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب،‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬إحياء‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬النادر‭. ‬وجار‭ ‬حالياً‭ ‬تحويل‭ ‬مجلدات‭ ‬الموسوعات‭ ‬البريطانية‭ ‬ذات‭ ‬الوثائق‭ ‬التاريخية‭ ‬المهمة‭ ‬إلى‭ ‬كتب‭ ‬إلكترونية،‭ ‬من‭ ‬الأرشيف‭ ‬البريطاني‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬حقب‭ ‬تاريخية‭ ‬تبدأ‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬حتى‭ ‬العقد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

كما‭ ‬تقوم‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬حالياً‭ ‬بتحويل‭ ‬مجلدات‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬الكويتية‭ ‬القديمة،‭ ‬الصادرة‭ ‬منـــذ‭ ‬العــــقد‭ ‬الثـــــالث‭ ‬من‭ ‬العــــام‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬المجلدات‭ ‬الورقية‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬الرقمي‭ ‬الإلكتروني‭.‬

الفهرس‭ ‬الوطني‭ ‬الموحد‭ ‬

والمشروع‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬الفهرس‭ ‬الوطني‭ ‬الموحد،‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المهمة‭ ‬لمكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭. ‬يضم‭ ‬المشروع‭ ‬بصفة‭ ‬أساسية‭ ‬قوائم‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬الوطني‭ ‬والمجموعات‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬والمجلدات‭ ‬الموجودة‭ ‬بالمكتبات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والهيئات‭ ‬العامة‭.‬

ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬ربط‭ ‬عمليات‭ ‬التصنيف‭ ‬والفهرسة‭ ‬الآلية‭ ‬ورؤوس‭ ‬الموضوعات‭ ‬وحفظها‭ ‬ضمن‭ ‬النظام‭ ‬الرقمي‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الموحد،‭ ‬وربط‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬بالمكتبات‭ ‬المتخصصة‭ ‬والعامة،‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬واحدة‭ ‬متكاملة‭ ‬للببليوجرافيا‭ ‬الوطنية‭ ‬وإشراكها‭ ‬معاً‭ ‬ضمن‭ ‬بوابة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الفهرس‭ ‬العربي‭ ‬الموحد‭ ‬الذي‭ ‬يتخذ‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الرياض‭ ‬مقراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬له‭. ‬

ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬ربط‭ ‬خمـــسين‭ ‬مكتبة‭ ‬داخل‭ ‬الكويت‭ ‬بالنظــــام‭ ‬الآلي‭ ‬للفهرس‭ ‬الوطني‭ ‬الموحد‭.‬

الأنشطة‭ ‬والفعاليات‭ ‬

لمكتبة‭ ‬مفكرة‭ ‬ثقافية‭ ‬سنوية‭ ‬معتمدة،‭ ‬للنشاطات‭ ‬والفعاليات‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬وتقدمها‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب،‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬ثقافية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬وتشمل‭ ‬أنشطة‭ ‬المكتبة‭ ‬الندوات‭ ‬والمحاضرات‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬التدريبية،‭ ‬والمعارض‭ ‬والملتقيات‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬الثقافة‭ ‬والآداب‭ ‬والمعارف‭ ‬والفنون‭ ‬كافة‭.‬

واستحدثت‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬مشروعاً،‭ ‬أطلقت‭ ‬عليه‭ (‬سفارات‭ ‬تعرض‭ ‬حضارات‭) ‬بحيث‭ ‬تقدم‭ ‬السفارات‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬بالدول‭ ‬ذات‭ ‬الحضارات‭ ‬التاريخية‭ ‬فعاليات‭ ‬ثقافية‭ ‬ومعارض‭ ‬كتب‭ ‬وأفلاماً‭ ‬وثائقية‭ ‬وصوراً‭ ‬فوتوغرافية،‭ ‬حول‭ ‬حضارة‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬وتاريخها‭ ‬وتراثها‭ ‬المادي‭ ‬العريق‭.‬

وفي‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬آخر‭ ‬تحدث‭ ‬العبدالجليل‭ ‬عن‭ ‬علاقات‭ ‬المكتبة‭ ‬مع‭ ‬نظيراتها،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬السعي‭ ‬متواصل‭ ‬لتطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬المكتبات‭ ‬المتخصصة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العلمية‭ ‬والثقافية‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الكويت‭ ‬وخارجها،‭ ‬وداخلياً‭ ‬أعدت‭ ‬مذكرات‭ ‬تفاهم‭ ‬وتعاون‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬والهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتعليم‭ ‬التطبيقي‭ ‬و‭ ‬التدريب،‭ ‬والمركز‭ ‬الوطني‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬الكويت‭ ‬للأبحاث‭ ‬العلمية‭ ‬والجامعات‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬ومركز‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬الكويتية‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬علاقات‭ ‬مكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬الخارجية،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬بالفعل‭ ‬التواصل‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المكتبات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬مثل‭ ‬دارة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬ومكتبة‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬الوطنية،‭ ‬ودار‭ ‬الكتب‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أبوظبي‭ ‬ومركز‭ ‬الإمارات‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أبوظبي،‭ ‬ومكتبة‭ ‬قطر‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومكتبة‭ ‬البحرين‭ ‬الوطنية‭.‬

واختتم‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لمكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬حديثه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬اهتمام‭ ‬الإدارة‭ ‬وحرصها‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬تطوير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬المكتبة،‭ ‬وزيادة‭ ‬حصيلتها‭ ‬العلمية‭ ‬والمعرفية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المهنة،‭ ‬وتعد‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬برامج‭ ‬تدريبية‭ ‬متخصصة‭ ‬ومشاركات‭ ‬في‭ ‬دورات‭ ‬وورش‭ ‬عمل‭ ‬لتنمية‭ ‬المهارات‭ ‬والتطوير‭ ‬الوظيفي،‭ ‬‮«‬ونأمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬تفعيل‭ ‬برنامج‭ ‬للزيارات‭ ‬الميدانية‭ ‬لبعض‭ ‬المكتبات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الشقيقة،‭ ‬بغرض‭ ‬تدريب‭ ‬العاملين‭ ‬الكويتيين‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬الفنية،‭ ‬والخدمات‭ ‬المعلوماتية‭ ‬المرجعية‭ ‬للمستفيدين‭ ‬وإكسابهم‭ ‬المهارات‭ ‬والخبرات،‭ ‬ومكتبات‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى‭ ‬مثــــل‭ ‬مكتبـــة‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكية‭ ‬والمكتبة‭ ‬البريطانية‭ ‬ومكتبة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬ودار‭ ‬الكتب‭ ‬والوثائق‭ ‬القومية‭  ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ودار‭ ‬الكتب‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المكتبات‭ ‬المهمة‭ ‬والعريقة‮»‬‭ ‬

مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬لصور‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬عرضت‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬توسط‭ ‬البهو‭ ‬الرئيسي‭ ‬للمكتبة‭ ‬

المدير‭ ‬العام‭ ‬لمكتبة‭ ‬الكويت‭ ‬الوطنية‭ ‬الأستاذ‭ ‬كامل‭ ‬العبدالجليل‭ ‬متحدثا‭ ‬لمجلة‭ ‬العربي‭ ‬