كذب الأطفال وعلاجه
تنتشر مشكلة الكذب عند الأطفال على نطاق واسع، وهي ظاهرة يجب التعامل معها من قبل الوالدين بصورة جدية، وذلك لحماية أبنائهما من هذه المشكلة التي تعود عليهم بالضرر، لأنها قد تصبح عادة متأصلة في أقوالهم وأفعالهم. وفي ما يلي سنعرض لمفهوم الكذب وأنواعه وأهم طرق الوقاية والعلاج:
الكذب خلق مذموم، تحرمه الأديان السماوية، وهو تجنب قول الحقيقة وقول ما لم يحدث واختلاق وقائع لم تحدث مع المبالغة في نقل ما حدث. وبالطبع لا يولد أحد كذاباً، فالكذب سلوك متعلم ومكتسب مثل الصدق، يتعلمه الطفل من البيئة التي ينشأ فيها.
أنواع الكذب
تحري الكذب أو الإصرار عليه هو ما يجعله مشكلة، وعلى الآباء معرفة أن الكذب الذي يصدر عن أبنائهم ليس واحداً وله تصنيفات عدة، وهناك دائماً غرض هو الذي يدفع الطفل إلى ممارسته وذلك على النحو التالي:
< الكذب الخيالي
هو شائع في الطفولة، لأن هناك كثيراً من الألعاب التي يلعبها الأطفال قد تتضمن نوعاً من التخيل، وقد يكون حلماً أو أمنية لدى الطفل، أو لأنه سمع حكايات خيالية من الوالدين أو الأجداد. ولا نستطيع أن نصف هذه التخيلات بالكذب، فعادة ما يكون الخيال خصباً لدى الأطفال المبدعين والموهوبين. ويتمثل دور الوالدين في توجيه الطفل للتفرقة بين الخيال والحقيقة بما يتناسب مع نمو الطفل.
< الكذب التعويضي
يظهر هذا النوع عندما يشعر الطفل بالنقص وبأنه أقل ممن حوله، أو كمحاولة لكسب إعجاب الوالدين، خاصة عندما يفشل في الوصول إلى توقعاتهما حول قدراته. ويجب على الوالدين تفهم احتياجات طفلهما والاهتمام به، ومحاولة إيجاد طرق واقعية لتحقيق هذه الاحتياجات.
< كذب المحاكاة
يقلد فيه الطفل أحد الوالدين في أمور قد يعتقدان أنها بسيطة، كأن يُطلب منه الرد على الهاتف أو إخبار المتحدث بأن ابابا غير موجودب، أو اماما نائمةب، أو اكتشاف الطفل أنه تم خداعه كأن تقول له والدته سنذهب إلى النادي، ثم يكتشف أنه ذُهب به إلى طبيب الأسنان، أو أن يتم وعده بشراء هدية ومن ثم عدم الوفاء بهذا الوعد.
< الكذب الادعائي
يلجأ فيه الطفل إلى المبالغة في امتلاكه أشياء كثيرة، فيُحدّث الأطفال أنه يمتلك ألعاباً كثيرة أو يحدثهم عن ثروة أسرته، ويبالغ في الوصف وذلك للمفاخرة أو لمسايرة زملائه. وكذلك فإن من صور هذا الكذب الادعائي التي تتكرر لدى الأطفال التظاهر بالمرض لعدم الذهاب إلى المدرسة، لاستدرار العطف من الوالدين أو عندما يشعرون بالتفرقة بينهم وبين أخواتهم.
< الكذب لجذب الانتباه
هذا النوع يلجأ إليه الطفل الأناني والمدلل الذي يرغب دائماً في أن يكون موضع اهتمام والديه طوال الوقت، لذلك فهو يكذب لجذب انتباههما، أو الطفل المهمل المنبوذ الذي يشعر بإهمال والديه له، فيلجأ إلى الكذب لجذب انتباه والديه الغافلين عنه، نظراً لانشغالهما بمشكلات الحياة.
طرق الوقاية والعلاج
«حافظ على نجومك»
هناك مجموعة من الوسائل والأساليب التي قد تساعد الوالدين على التغلب على مشكلة الكذب، وجدير بالذكر أنه قبل سن الخامسة لا يميز الطفل كثيراً بين الحقيقة والخيال، لذلك نظلمه إذا وصفناه بالكذاب. وفي ما يلي عرض لهذه الطرق:
< اللجوء إلى النصح المباشر عن طريق توجيه الأبناء نحو ترك الكذب وتنفير الطفل منه وتعريفه بمساوئه العديدة وبأنه سلوك مذموم.
< محاولة فهم الأسباب المؤدية إلى الكذب لدى الطفل، وتحديد نوع الكذب الذي يمارسه لتحديد كيفية التعامل معه.
< إتاحة الفرصة للطفل ليستطيع التعبير عن نفسه من دون خوف حتى لا يضطر إلى الكذب بسبب الخوف.
< الابتعاد عن استخدام عقوبة الضرب نهائياً عند التعامل مع الطفل. وقد نطلب منه السكوت بعد كل كذبة مدة ربع ساعة كعقوبة.
< عدم التشهير بالطفل، سواء أمام العائلة أو الأقارب أو الأصدقاء، لأن ذلك قد يجعله يتمادى في كذبه أو يؤثر سلباً على شخصيته.
< النظر إلى المصادر الأصلية للكذب في البيئة المحيطة بالطفل التي استقى منها هذا السلوك، والعمل على تنقية الجو المحيط بالطفل من كل مصادر الكذب.
< مداومة الوالدين على تصحيح المعلومات الكاذبة وكشفها والنهي عنها لدى أولادهم، بحيث لا يمثل ذلك سلوكاً ثابتاً لديهم.
< إشعار الطفل بالثقة بأن الوالدين اللذين يقومان بدور المخبر السري قد يدفعان طفلهما إلى الكذب في مختلف المواقف.
< منع شراء الأشياء الغالية التي يرغب فيها الطفل والربط بين عدم شرائها والكذب.
< إعلاء قيمة الصدق بين أفراد الأسرة، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة لطفلهما، وترسيخ فكرة أن الصدق سلوك محمود، ويجلب السعادة للجميع.
< في حالة اللجوء إلى العقاب، يجب أن يكون معقولاً ومتناسباً مع الخطأ، وأن يشعر الطفل أن العقاب الذي وقع عليه بسبب سلوك الكذب، وليس لأنه هو نفسه سيئ.
< محاولة توجيه سلوك الطفل نحو الأمور التي تقع في دائرة قدراته الطبيعية، ما يجعله يشعر بالسعادة، وعدم تكليفه بأعمال تفوق قدراته حتى لا يشعر بالفشل والإحباط.
< إشباع حاجات الطفل المختلفة، لأن عدم إشباعها ربما يدفعه للكذب انتقاماً أو هرباً أو تعويضاً.
< تأكيد أن الصدق يجلب له النفع ويخفف من وطأة العقاب في حالة ارتكابه الخطأ.
< تعليق لوحة في غرفته بها نجوم كثيرة، وكلما كذب نطمس نجمة من اللوحة فيتحمس للمحافظة على النجوم.
< أن يطلب منه دفع جزء من مصروفه كعقاب له في كل مرة يكذب فيها.
< إقناع الطفل بأن الكذب يؤدي إلى فقد الثقة به وعدم احترام الآخرين له.
< تجنب التجريح بالألفاظ، وفي حالة اكتشاف الوالدين كذب طفلهما واعتذر، فمن الأفضل قبول الاعتذار.
< أن يكون لديه علبة فيها حلويات ونزيدها كلما كان صادقاً.
< محاولة الوفاء بوعودنا التي نقطعها على أنفسنا مع الطفل.
< العمل على تلبية احتياجات الطفل البسيطة بقدر الإمكان.
< تحمل أخطاء الطفل وزلاته والتسامح معه كلما أمكن ذلك.
< عدم إظهار الريبة والشك في الأولاد، وعدم اللجوء إلى التحقيق معهم، بل يتم إظهار قدر من الثقة عند التعامل معهم.
< أن يتجنب الوالدان الكذب أمام الطفل للتخلص من المواعيد والالتزامات وللهروب من الآخرين.
وختاماً، فإن مشكلة الكذب من المشكلات السلوكية التي قد يتعرض لها أبناؤنا، ويجب على الوالدين تفهم هذه المشكلة ومحاولة علاجها، لأن الأطفال عماد المستقبل، ونعمة من نعم الله، ورعايتهم واجبة وحمايتهم أمانة في أعناقنا .