الكاتبة السورية غادة السمان وعِذاب الركابي سأنشر كل أوراق الحب التي أُرسلت لي!

الكاتبة السورية غادة السمان وعِذاب الركابي  سأنشر كل أوراق الحب  التي أُرسلت لي!

غادة‭ ‬السمّان‭.. ‬المبدعة‭ ‬الكبيرة‭ ‬الّتي‭ ‬لا‭ ‬ترتدي‭ ‬ثوبَ‭ ‬الكاهنة،‭ ‬بلْ‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬قلبها،‭ ‬ودينُها‭ ‬السريّ‭ ‬الحريّة،‭ ‬ومعابدهُ‭ ‬مضاءةٌ‭ ‬أبداً‭ ‬بالإيحاء‭ ‬التعبيريّ‭ ‬الجماليّ‭. ‬الحريّة‭ ‬وحدها‭ ‬مَنْ‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬استعبادها،‭ ‬أيقونة‭ ‬حياتها‭ ‬وهي‭ ‬تنزفُ‭ ‬ضوءاً‭ ‬وعطراً‭! ‬ألتقي‭ ‬بها‭ ‬عبرَ‭  ‬أثير‭ ‬القصيدة‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تغيبُ‭ ‬نسماته،‭ ‬وقناة‭ ‬التواصل‭ ‬بيننا‭ ‬الّتي‭ ‬تبثّ‭ ‬فقراتها‭ ‬العذبة‭- ‬الجارحة‭ ‬هي‭ ‬الكلمات،‭ ‬أمهر‭ ‬وأرقّ‭ ‬مَنْ‭ ‬يُرتّبُ‭ ‬اللقاءات‭ ‬بينَ‭ ‬الأحبّة‭ ‬الذينَ‭ ‬يذوبونَ‭ ‬وداً،‭ ‬ويطفئون‭ ‬بدموعهم‭ ‬الحجرية‭ ‬نيرانَ‭ ‬زمنٍ‭ ‬مراوغٍ‭... ‬وهي‭ ‬تبعثُ‭ ‬بإبداعاتها‭ (‬شعراً‭ ‬ورواية‭) ‬لي،‭ ‬تارةً‭ ‬أوراقها‭ ‬بعطر‭ ‬بيروتَ،‭ ‬وتارةً‭ ‬أخرى‭ ‬مموسقة‭ ‬بفضاءات‭ ‬باريس،‭ ‬حيث‭ ‬تقيم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭. ‬وليسَ‭ ‬أمامي‭ ‬إلاّ‭ ‬الإصغاء‭ ‬لأنين‭ ‬وجراحات‭ ‬وأحلام‭ ‬امرأة‭ ‬ليسَت‭ ‬ككلّ‭ ‬النساء،‭ ‬تتشكّل‭ ‬بيانياً‭... ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ (‬تلهو‭ ‬بالاستعارات‭)‬،‭ ‬مخالفةً‭ ‬بذلك‭ ‬ميلان‭ ‬كونديرا‭ ‬الّذي‭ ‬لا‭ ‬يُحبُّ‭ ‬اللهو‭ ‬بها‭!‬

كاتبة‭ ‬ومبدعة‭ ‬ليسَت‭ ‬كبقية‭ ‬الكاتبات‭ ‬والمبدعات،‭ ‬عقدتْ‭ ‬حلفاً‭ ‬دهرياً‭ ‬مع‭ ‬الكلماتِ‭ ‬–‭ ‬حريتها‭ ‬القصوى،‭ ‬وهي‭ ‬مبتهجة‭ ‬باستعبادها‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬مضى‭ ‬من‭ ‬السنين،‭ ‬وما‭ ‬سيأتي‭ ‬حتى‭ ‬تقف‭ ‬عقارب‭ ‬ساعة‭ ‬الزمن‭!‬

تكتبُها‭ ‬كلماتُها‭ ‬قصائدَ‭... ‬قصصاً‭... ‬ورواياتٍ،‭ ‬توقظُ‭ ‬عشبَ‭ ‬الأرض‭ ‬كرنفالاتُ‭ ‬إبداعها‭ ‬الجميل‭... ‬وأنا‭ ‬أقرأ‭ ‬بكلّ‭ ‬طقوس‭ ‬التديّن،‭ ‬وأصغي‭ ‬مستعيناً‭ ‬بكيمياء‭ ‬القصيدة‭ ‬–‭ ‬شفيعي،‭ ‬فكانت‭ ‬الثمرة‭ ‬كتابي‭ ‬‮«‬غادة‭ ‬السمّان‭... ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬كلمات‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬بعطرِ‭  ‬قلبينا،‭ ‬وفسفورِ‭ ‬همومِنا‭.‬

هلْ‭ ‬ملأتِ‭ ‬الدنيا‭ ‬وشغلتِ‭ ‬الناس؟

الجوابُ‭: ‬نعم‭! ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬بيتٍ‭ ‬كتاب،‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬جنونها‭ ‬الضروريّ‭ ‬و«رفّ‭ ‬شرس‭ ‬من‭ ‬الكتبِ‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‮»‬‭!!‬

وهي‭ ‬غادة‭ ‬السمّان‭ ‬وكفى‭!! ‬كلماتها،‭ ‬أعمالها،‭ ‬إبداعاتها،‭ ‬مصدر‭ ‬بهجةٍ‭ ‬وحزنٍ‭ ‬في‭ ‬الآن‭... ‬تمرين‭ ‬على‭ ‬صوفية‭ ‬الولادة‭ ‬والموت،‭ ‬وعلى‭ ‬جسارة‭ ‬الفرح‭ ‬والحزن‭ ‬معاً‭... ‬إبداعاتها‭ ‬وهي‭ ‬بمشاعرَ‭ ‬وأحاسيسَ‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها،‭ ‬جوازُ‭ ‬سفر‭ ‬صالح‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬لثقافةٍ‭ ‬عربيةٍ‭ ‬أصيلة،‭ ‬جديدة،‭ ‬ومثيرة‭!‬

 

غادة‭ ‬السمّان‭... ‬مخلوقٌ‭ ‬بيانيّ‭! ‬

‭ ‬هي‭ ‬الكاتبة‭.. ‬والعاشقة‭.. ‬والشاعرة‭ ‬الساحرة‭... ‬والروائية‭... ‬مكتبة‭ ‬بأرفف‭ ‬مخملية،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬اندلع‭ ‬حريقٌ‭ ‬في‭ ‬غرفِ‭ ‬الوقت،‭ ‬فإنَّ‭ ‬كلماتها‭ ‬تطيرُ‭ ‬بأجنحة‭ ‬الرؤى‭ ‬والأحلام‭ ‬لتخلدَ‭ ‬في‭ ‬مكانٍ‭.. ‬فضاءٍ‭ ‬آخرَ،‭ ‬حدائقَ‭ ‬بعطر‭ ‬المدى‭ ‬والأزل،‭ ‬يدلُّ‭ ‬عليها‭ ‬كلّ‭ ‬عاشقٍ،‭ ‬وكلّ‭ ‬عصفورٍ‭... ‬وفراشةٍ،‭ ‬وزهرةٍ‭... ‬وندى‭!‬


الكتابة‭ ‬هيَ‭ ‬الموت‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬أحياء

‭<‬‭ ‬من‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬إلى‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬قصيدة‭ ‬النثر‭ ‬والنص‭ ‬المفتوح‭ ‬إلى‭ ‬أدب‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬اليوميات‭ ‬الصحفية‭ ‬الثقافية‭... ‬تتعدد‭ ‬وجوه‭ ‬المغامرة‭... ‬أي‭ ‬قلب‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يترك‭ ‬دمه‭ ‬وإمضاءه‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك؟‭ ‬قولي‭ ‬لي‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬الشاقة‭ ‬مع‭ ‬صخب‭ ‬الكلمات‭ ‬وفسفور‭ ‬الحروف‭ ‬ودهاليز‭ ‬الأفكار،‭ ‬ماذا‭ ‬أخذت‭ ‬منك،‭ ‬وماذا‭ ‬أعطتك؟

‭- ‬رحلات‭ ‬العمر‭ ‬كلها‭ ‬صفحة‭ ‬مسيرة‭ ‬واحدة‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬صفحاته‭ ‬تعب‭... ‬بدءاً‭ ‬بعامل‭ ‬البناء‭ ‬وانتهاءً‭ ‬بالأدباء،‭ ‬المهم‭ ‬دائماً‭ ‬هو‭ ‬النهوض‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ضربة‭ ‬نسقط‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وربما‭ ‬إلى‭ ‬القاع‭. ‬أنا‭ ‬شخصياً‭ ‬أحب‭ ‬ما‭ ‬أفعله‭ ‬واقتراف‭ ‬الكتابة‭ ‬يلذ‭ ‬لي‭... ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬أجهل‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬أديب‭ ‬صادق‭ ‬يحفر‭ ‬قبره‭ ‬بمعول‭ ‬قلمه‭. ‬بالمقابل،‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬أكتب‭ ‬لازددت‭ ‬تعباً،‭ ‬ثم‭ ‬إننا‭ ‬مع‭ ‬الحب‭ ‬ننسى‭ ‬حكاية‭ ‬‮«‬الفواتير‮»‬‭ ‬وماذا‭ ‬أعطتنا‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬أعطيناها‭ ‬أو‭ ‬أخذنا‭ ‬منها‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أعرفه‭ ‬أنني‭ ‬بالكتابة‭ ‬كنت‭ ‬أتحول‭ ‬تدريجياً‭ ‬عاماً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬نزفاً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬جنوناً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬حبراً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬كنت‭ ‬أتحول‭ ‬من‭ ‬امرأة‭ ‬دمشقية‭ ‬لطيفة‭ ‬إلى‭ ‬رف‭ ‬شرس‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭... ‬وإنني‭ ‬أكاد‭ ‬أنجح‭ ‬في‭ ‬الموت‭ ‬بأسلوبي‭ ‬الخاص‭ ‬بعدما‭ ‬عشت‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬أردته‭ (‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭). ‬الكتابة‭ ‬هي‭ ‬الموت‭ ‬اليومي‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬أحياء‭.‬

 

الكتابة‭ ‬حرفة‭ ‬المجانين‭ ‬السريين

‭<‬‭ ‬قلتِ‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬حواراتك‭ ‬الممتعة‭: ‬إن‭ ‬الكتابة‭ ‬انتحار‭!! ‬أهو‭ ‬الانتحار‭ ‬المشهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ولادة‭ ‬أكثر‭ ‬صخباً‭... ‬ووجود‭ ‬أكثر‭ ‬استفزازاً‭ ‬ومعنى؟‭ ‬أم‭ ‬ماذا؟‭ ‬أي‭ ‬انتحار‭ ‬هذا؟‭ ‬ولأجل‭ ‬من؟

‭- ‬إنه‭ ‬الاشتعال‭ ‬بتلك‭ ‬المتعة‭ ‬الأليمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬شفاء‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬بالموت‭ ‬أو‭ ‬الجنون‭. ‬إنها‭ ‬الكتابة‭ ‬حرفة‭ ‬المجانين‭ ‬السريين‭ ‬الذين‭ ‬يبدون‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬العقل‭... ‬وهم‭ ‬يتسترون‭ ‬على‭ ‬مجنونهم‭ ‬الذي‭ ‬سجنوه‭ ‬في‭ ‬قاعهم،‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬مبطنة‭ ‬بكاتم‭ ‬الصراخ،‭ ‬ويسمحون‭ ‬له‭ ‬بالتعبير‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬أنابيب‭ ‬الحبر‭ ‬والأبجدية‭. ‬الكتابة‭ ‬هي‭ ‬انتحار‭ ‬الأليف‭ ‬والروتيني‭ ‬فينا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حياة‭ ‬أبجدية‭ ‬متأججة‭ ‬بلا‭ ‬قفازات‭ ‬ولا‭ ‬أقنعة‭ ‬ننسكب‭ ‬فيها‭ ‬وقد‭ ‬نستمر‭... ‬أو‭ ‬نتوهم‭ ‬ذلك‭!‬

 

أكتبُ‭ ‬لأنّني‭ ‬أشتعلُ‭ ‬حياةً

‭<‬‭ ‬يقول‭ ‬الروائي‭ ‬غارسيا‭ ‬ماركيز‭: ‬‮«‬أكتب‭ ‬كي‭ ‬يحّبني‭ ‬أصدقائي‮»‬،‭ ‬وتقول‭ ‬نوال‭ ‬السعداوي‭: ‬‮«‬أكتب‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬يغضبني،‭ ‬ولا‭ ‬يرضيني‮»‬،‭ ‬وآخرون‭ ‬يكتبون‭ ‬لأن‭ ‬الكتابة‭ ‬أداة‭ ‬مقاومة‭ ‬شريفة،‭ ‬مقاومة‭ ‬الموت،‭ ‬والظلمة،‭ ‬والبلادة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ديكوري‭ ‬مقيت،‭ ‬قولي‭ ‬لماذا‭ ‬تكتبين؟‭ ‬وإلى‭ ‬متى‭ ‬يستمر‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النزيف‭ ‬الساحر‭ ‬الكوني‭ ‬لديك؟‭ ‬

‭- ‬أكرر‭: ‬أكتب‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬أقتل،‭ ‬أكتب‭ ‬لأنني‭ ‬أشتعل‭ ‬حياة‭.‬

أكتب‭ ‬كي‭ ‬أنسى،‭ ‬أكتب‭ ‬كي‭ ‬أتذكر،‭ ‬أكتب‭ ‬لأتواصل‭ ‬والناس‭.‬

أكتب‭  ‬كمحاولة‭ ‬طفولية‭ ‬لتبديل‭ ‬عالم‭ ‬أرفض‭ ‬معظمه،‭ ‬أكتب‭ ‬واهمة‭ ‬أنني‭ ‬أساهم‭ ‬في‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬بشاعة‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬واعتقال‭ ‬حلاوته‭ ‬في‭ ‬كلمة‭.‬

أكتب‭ ‬لألتقي‭ ‬برفاقي‭ ‬الحقيقيين،‭ ‬والكلمة‭ ‬مؤامرة‭ ‬بناء‭ ‬لا‭ ‬تخريب‭.‬

أكتب‭ ‬كموقف‭ ‬ضد‭ ‬الحسّ‭ ‬بالعبثية‭ ‬واللاجدوى،‭ ‬ثم‭ ‬أكتشف‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ذروة‭ ‬العبثية‭ ‬واللاجدوى،‭ ‬أكتب‭ ‬صرخة‭ ‬يائسة‭ ‬ولكن‭ ‬ضد‭ ‬اليأس،‭ ‬أكتب‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أصلح‭ ‬لشيء‭ ‬آخر‭. ‬

أكتب‭ ‬لأنني‭ ‬أحبّ‭ ‬ذلك‭.. ‬وأكرهه‭ ‬أحياناً،‭ ‬ولكن‭ ‬حبّه‭ ‬يستعبدني‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭.‬

الكتابة‭ ‬عبث‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬منه،‭ ‬والصمت‭ ‬أيضاً‭!‬

أكتب‭.. ‬أكتب‭.. ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬المستحيل‭, ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭. ‬ولكن،‭ ‬ما‭ ‬جدوى‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬الآن؟

لا‭ ‬تسألني‭ ‬لماذا‭ ‬أكتب،‭ ‬فقد‭ ‬فات‭ ‬زمن‭ ‬تصحيح‭ (‬مساري‭)! ‬إني‭ ‬متورطة‭ ‬بالحرف،‭ ‬وقد‭ ‬أنجبنا‭ ‬خمسين‭ ‬كتاباً‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬ترجم‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬18‭ ‬لغة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أيضاً‭! (‬وقعت‭) ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬ولا‭ ‬نجاة‭ ‬لي‭. ‬وها‭ ‬أنا‭ ‬أرتجف‭ ‬ريشة‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الجنون‭ ‬الملقب‭ ‬كتابة،‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬أذكر‭ ‬كيف‭ ‬ولماذا‭ ‬اقترفت‭ ‬ذلك‭ ‬ولمْ‭ ‬أعد‭ ‬أذكر‭ ‬درب‭ ‬العودة،‭ ‬ولستُ‭ ‬متأكدة‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬مغادرة،‭  ‬فهو‭ ‬اللارجوع‭ ‬هذا،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬وجدت‭ ‬المركب‭ ‬السحري‭ ‬الذي‭ ‬يخرجني‭ ‬من‭ ‬تياراته‭.. ‬الكتابة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الأمر‭ ‬الواقع‮»‬‭ ‬في‭ ‬حياتي‭!... ‬ونسيت‭ ‬كيف‭ ‬تورّطت‭ ‬ولماذا‭ ‬ومتى‭..‬؟‭ ‬ولعل‭ ‬الكتابة‭ ‬هي‭ ‬الانتحار‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬الموت‭! ‬نسيت‭ ‬كيف‭ ‬بدأ‭ ‬الجنون،‭ ‬كعاشقة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬حبّ‭ ‬مليئة‭ ‬باليأس‭ ‬المشع،‭ ‬والأمل‭ ‬الخائب‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬سرير‭ ‬الأبجدية‮»‬‭. ‬

 

العالمُ‭ ‬ضجرٌ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علامات‭ ‬استفهام‭ ‬وتعجّب

‭<‬‭ ‬الكتابة‭ ‬سؤال‭ ‬عسير‭... ‬فهل‭ ‬جاءت‭ ‬الإجابة‭ ‬المستحيلة‭! ‬أم‭ ‬إن‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬والتعجب‭ ‬ستظل‭ ‬تملأ‭ ‬حياتنا؟

‭- ‬كم‭ ‬سيصير‭ ‬العالم‭ ‬مضجراً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬غابات‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬وورود‭ ‬إشارات‭ ‬التعجب‭. ‬أحتفي‭ ‬بعلامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬أفرح‭ ‬برقم‭ ‬إضافي‭ ‬في‭ ‬حسابي‭ ‬المصرفي‭!‬

فعلامة‭ ‬الاستفهام‭ ‬شهوة‭ ‬إلى‭ ‬المعرفة‭ ‬والتلصص‭ ‬على‭ ‬كهوف‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬والآخر‭ ‬والذات‭ ‬للاستماع‭ ‬إلى‭ ‬همس‭ ‬احتضار‭ ‬الليل‭ ‬وطمأنة‭ ‬الفجر‭ ‬له‭ ‬مادام‭ ‬سيولد‭ ‬ثانية‭ ‬بين‭ ‬أحضان‭ ‬الغروب‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬شروق‭ ‬الليل‭. ‬الكتابة‭ ‬محاولة‭ ‬للإنصات‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬النغم‭ ‬الراكض‭ ‬في‭ ‬عروق‭ ‬النباتات‭ ‬وأصوات‭ ‬الليل‭ ‬والكلمات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقل‭.‬

لا‭ ‬أرتاح‭ ‬إلى‭ ‬الذين‭ ‬يكتبون‭ ‬بسيوف‭ ‬اليقين‭ ‬المُطلق‭ ‬لقطع‭ ‬رؤوس‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭... ‬فما‭ ‬من‭ ‬يقين‭ ‬كبير‭ ‬إلا‭ ‬ويأتي‭ ‬متخاصراً‭ ‬مع‭ ‬علامة‭ ‬استفهام‭.‬

 

العالمُ‭ ‬مظلمٌ‭ ‬وكئيبٌ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شعر‭ ‬وشعراء

‭<‬‭ ‬‮«‬ستكتسح‭ ‬الرواية‭ ‬كل‭ ‬شيء‮»‬‭ - (‬سانت‭ ‬بيف‭)!‬

ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العبارة؟‭ ‬وهل‭ ‬تؤكد‭ ‬ما‭ ‬يشيع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرواية‭ ‬ديوان‭ ‬العرب‮»‬‭.. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬بهذه‭ ‬الانزلاقات‭ ‬التعبيرية‭ ‬الانفعالية؟‭ ‬وهل‭ ‬تغضب‭ ‬الشعر‭ ‬والشعراء؟‭ ‬

‭- ‬هذه‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭. ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬قائلها‭ ‬اسماً‭ (‬فرنجياً‭) ‬مهماً‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬صواب‭.‬

لا‭ ‬أؤمن‭ ‬بنظرية‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬التاريخ‮»‬‭ ‬سياسياً‭ ‬ولا‭ ‬أدبياً،‭ ‬وأثبتت‭ ‬الأحداث‭ ‬أنها‭ ‬نظرة‭ ‬خاطئة،‭ ‬وتجاوز‭ ‬التاريخ‭ ‬نهاية‭ ‬التاريخ،‭ ‬وكذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬سدرة‭ ‬المنتهى،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬كتابها‭.. ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬ترك‭ ‬نوافذ‭ ‬المستقبل‭ ‬الأدبي‭ ‬مفتوحة‭ ‬للدهشة‭. ‬وكم‭ ‬سيصير‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬مظلماً‭ ‬وكئيباً‭ ‬ومتوحشاً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قمر‭ ‬الشعر‭ ‬والشعراء‭.  

أنا‭ ‬معنية‭ ‬بالشحنة‭ ‬الإبداعيّة

‭<‬‭ ‬ويقولون‭ ‬أيضاً‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬زمن‭ ‬الرواية‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬‮«‬زمن‭ ‬الشعر‮»‬‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمان‭ ‬المفتعلة؟‭ ‬أهو‭ ‬إيقاع‭ ‬الإبداع‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬مبرمجة‭ ‬في‭ ‬مقاهي‭ ‬النقاد؟‭ ‬قولي‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتنازل‭ ‬فن‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الإبداع‭ ‬عن‭ ‬زمنه‭ ‬وموكبه‭ ‬الكرنفالي؟‭ ‬أليست‭ ‬هذه‭ ‬الادعاءات‭ ‬تربك‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬فنون‭ ‬الإبداع‭ ‬التي‭ ‬يكمل‭ ‬بعضها‭ ‬البعض؟

‭- ‬الرواية،‭ ‬الشعر‭  ‬أدب‭ ‬الاعتراف،‭ ‬أدب‭ ‬الرحلات‭ (‬وأنا‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬وعشاقه‭ ‬ولي‭ ‬خمسة‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬حقله،‭ ‬هي‭: ‬‮«‬الجسد‭ ‬حقيبة‭ ‬سفر‮»‬،‭ ‬‮«‬غربة‭ ‬تحت‭ ‬الصفر‮»‬،‭ ‬‮«‬شهوة‭ ‬الأجنحة‮»‬،‭ ‬‮«‬رعشة‭ ‬الحرية‮»‬،‭ ‬‮«‬القلب‭ ‬نورس‭ ‬وحيد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أدب‭ ‬السيرة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التسميات،‭ ‬هذه‭ ‬كلها‭ ‬تأتي‭ ‬عندي‭ ‬في‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية،‭ ‬لأنني‭ ‬معنية‭ ‬أولاً‭ ‬بالشحنة‭ ‬الإبداعية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حقل‭ ‬جاءت‭ ‬وبأيّ‭ ‬زي‭ ‬أسلوبي‭ ‬قدمت‭ (‬عصري‭ ‬نعرفه‭ ‬أو‭ ‬مستقبلي‭ ‬مختلف‭)!‬

لا‭ ‬فرق‭ ‬عندي‭ ‬بين‭ ‬الكتابة‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬البردي‭ ‬الفرعوني‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬الرواية‭ ‬أو‭ ‬الشعر،‭ ‬المهم‭ ‬دائماً‭ ‬الشحنة‭ ‬الإبداعية‭ ‬والشرر‭ ‬المتطاير‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬عبرها،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ (‬هذه‭ ‬الادعاءات‭) ‬كما‭ ‬تدعوها‭ ‬لا‭ ‬تربكني‭ ‬ولا‭ ‬تربك‭ ‬فن‭ ‬التواصل،‭ ‬بل‭ ‬أجدها‭ ‬مسلية‭ ‬في‭ ‬‮«‬السيرك‭ ‬النقدي‮»‬‭.‬

 

لو‭ ‬قالَ‭ ‬جاليليو‭ ‬الأرضُ‭ ‬تدورُ‭ ‬شعراً‭ ‬لما‭ ‬حُكِمَ‭ ‬بالإعدام

‭<‬‭ ‬يشهد‭ ‬الفضاء‭ ‬الثقافي‭ ‬انتعاشاً‭ ‬إبداعيا‭ ‬روائياً‭ ‬كبيراً‭ ‬ظاهراً‭... ‬قولي‭ ‬لي‭ ‬أهي‭ ‬نسمة‭ ‬صحية‭ ‬في‭ ‬فضائنا‭ ‬الثقافي؟‭ ‬ألا‭ ‬ترين‭ ‬معي‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يستسهل‭ ‬كتابة‭ ‬الراوية،‭ ‬وهي‭ ‬مخزون‭ ‬فكري‭ ‬وإنساني‭ ‬وحياتي‭ ‬كبير؟‭ ‬ما‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك؟‭ ‬أهي‭ ‬الرغبة‭ ‬الجامحة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تسبق‭ ‬اسم‭ ‬الكاتب‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬الروائي‮»‬؟‭ ‬ألهذا‭ ‬الحد‭ ‬هذه‭ ‬المفردة‭ ‬جذابة‭ ‬وساحرة؟

‭- ‬الرداء‭ ‬لا‭ ‬يصنع‭ ‬الراهب،‭ ‬والإناء‭ ‬الكريستالي‭ ‬لا‭ ‬يحتوي‭ ‬بالضرورة‭ ‬على‭ ‬أجمل‭ ‬الأزهار‭. ‬الإبداع‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬أولاً‭... ‬إنه‭ ‬اقتراف‭ ‬التجديد‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬الأدب،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬فضاءات‭ ‬لم‭ ‬تخطر‭ ‬ببال‭. ‬‮«‬الموضات‮»‬‭ ‬تأتي‭ ‬وتروح،‭ ‬وتبقى‭ ‬روح‭ ‬العمل،‭ ‬مبدعة‭ ‬أو‭ ‬لا،‭ ‬حية‭ ‬أو‭ ‬لا‭.‬

من‭ ‬طرفي‭ ‬أجد‭ ‬لقب‭ ‬شاعر‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬لقب‭ ‬آخر،‭ ‬وأسأل‭ ‬ت‭. ‬س‭ ‬إليوت‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬خلاصة‭ ‬المعارف‭ ‬الإنسانية‭ ‬وجوهرها‭. ‬ولو‭ ‬قال‭ ‬العالم‭ ‬جاليليو‭ ‬نظريته‭ ‬العلمية‭ ‬حول‭ ‬دوران‭ ‬الأرض‭ ‬شعراً‭ ‬لما‭ ‬حكموه‭ ‬بالإعدام‭.‬

 

الأحلامُ‭  ‬أفلامٌ‭  ‬شخصيّة

ما‭ ‬دور‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬في‭ ‬حياتنا؟‭ ‬احكِ‭ ‬لي‭ ‬شيئاً‭ ‬عن‭ ‬كيمياء‭ ‬حلمك‭ ‬وأنتِ‭ ‬المبدعة‭ ‬الكبيرة‭.. ‬ومن‭ ‬تعيد‭ ‬سلالة‭ ‬الحالمين؟

‭- ‬الحلم‭ ‬يوقظني‭ ‬من‭ ‬سبات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭. ‬الأحلام‭ ‬أفلام‭ ‬شخصية‭ ‬يكتب‭ ‬حتى‭ ‬الأميّ‭ ‬السيناريو‭ ‬لها‭ ‬ويمثلها‭ ‬وينتجها،‭ ‬وهو‭ ‬البطل‭ ‬والمتفرج‭ ‬والناقد‭ ‬والممثل،‭ ‬وذلك‭ ‬كله‭ ‬يحدث‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬إغماضة‭ ‬عين‭!‬

حين‭ ‬رحل‭ ‬الإنسان‭ ‬المثقف‭ ‬النبيل‭ ‬الذي‭ ‬احتضن‭ ‬حرفي‭ ‬وجنوني‭ (‬بشير‭ ‬الداعوق‭) ‬شعرت‭ ‬ضمناً‭ ‬في‭ ‬اللاوعي‭ ‬أنني‭ ‬مت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬الباريسي‭ ‬واحتضرت‭ ‬معه‭. ‬وحين‭ ‬كان‭ ‬يلهث‭ ‬ولا‭ ‬يكفيه‭ ‬قناع‭ ‬الأكسجين‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬أكسجين‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬لا‭ ‬يكفيني‭ ‬لأحيا‭ ‬وأستمر‭.. ‬وكلما‭ ‬تذكرته‭ ‬شعرت‭ ‬أنني‭ ‬أعيش‭ ‬ولا‭ ‬أحيا،‭ ‬وكلما‭ ‬حلمت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭ ‬الأخرى‭ ‬أتمنى‭ ‬لو‭ ‬ظللت‭ ‬نائمة‭ ‬لأذهب‭ ‬إليه،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬يقظة‭ ‬كابوسية‭ ‬أليمة‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الأدبي‭ ‬فثمة‭ ‬أحلام‭ ‬تأتي‭ ‬كإجابة‭ ‬غرائبية‭ ‬على‭ ‬رواية‭ ‬أحار‭ ‬في‭ ‬خاتمتها‭. ‬أذكر‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬خاتمة‭ ‬روايتي‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬يا‭ ‬دمشق‭ ‬وداعاً‮»‬‭ ‬لقد‭ ‬حرتُ‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬خاتمتها‭ ‬ووجدت‭ ‬تلك‭ ‬الخاتمة‭ ‬في‭ ‬كابوس‭ ‬ليلي‭ ‬عشته‭ ‬بكثافة‭ ‬موجعة‭.‬

ووعيت‭ ‬أن‭ ‬أشباح‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬اليقظة‭ ‬تسللت‭ ‬إلى‭ ‬جحافل‭ ‬أشباح‭ ‬كوابيسي‭ ‬الليلية‭ ‬وأحلامي،‭ ‬كأنني‭ ‬لا‭ ‬أنام‭ ‬حقاً‭ ‬بل‭ ‬أفتح‭ ‬في‭ ‬وسادتي‭ ‬نافذة‭ ‬أقفز‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬آخر،‭ ‬ولكنه‭ ‬عالم‭ ‬لمْ‭ ‬يقطع‭ ‬صلته‭ ‬بعدُ‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬والأبجدية‭.‬

أجل‭ ‬لقد‭ ‬أملى‭ ‬عليّ‭ ‬كابوس‭ ‬عشته‭ ‬خاتمة‭ ‬روايتي‭ ‬‮«‬يا‭ ‬دمشق‭ ‬وداعاً‮»‬‭ ‬وليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يحدث‭ ‬لي‭ ‬فيها‭ ‬ذلك‭ ‬أدبياً‭.‬

‭ ‬

البداية‭ ‬هيَ‭ ‬شهوة‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬تواصل

‭<‬‭ ‬كل‭ ‬أدباء‭ ‬العالم‭ ‬بدأوا‭ ‬شعراء‭! ‬قولي‭ ‬لي‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬بدايتك؟‭ ‬ما‭ ‬الفن‭ ‬الإبداعي‭ ‬الذي‭ ‬يؤرخ‭ ‬للحظة‭ ‬حريتك؟‭ ‬كيف‭ ‬صغتِ‭ ‬أبجدية‭ ‬هذه‭ ‬البداية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬إضافة‭ ‬للحياة‭... ‬وتجميل‭ ‬العالم‭... ‬ومكسب‭ ‬لخطى‭ ‬الإنسان‭ ‬الحالم؟

‭- ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬بساطة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬كنت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬أخاطب‭ ‬عبرها‭ ‬الأشجار،‭ ‬وأقول‭ ‬لها‭ ‬اسكتي‭ ‬قليلاً‭ ‬لأسمع‭ ‬بقية‭ ‬أصوات‭ ‬نباتات‭ ‬الغابة‭ ‬وأخاطب‭ ‬العصافير‭ ‬الثرثارة،‭ ‬وأمد‭ ‬جسراً‭ ‬إلى‭ ‬الذين‭ ‬أحبّهم‭ ‬والذين‭ ‬أكرههم‭. ‬البداية‭ ‬شهوة‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬تواصل‭ ‬ودية‭ ‬أو‭ ‬عدوانية‭ ‬لا‭ ‬فرق‭! ‬لا‭ ‬إضافة‭ ‬ولا‭ ‬عملية‭ ‬تجميل‭ ‬لعالم‭ ‬إبداعي‭ ‬لا‭ ‬تجدي‭ ‬معه‭ ‬لعبة‭ ‬الألعاب‭.‬

الكاتب‭ ‬الحقيقي‭ ‬لا‭ ‬يقول‭: ‬نويت‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬شاعراً،‭ ‬بل‭ ‬ينزف‭ ‬حبر‭ ‬قلمه‭ ‬على‭ ‬الورقة‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬شاعراً‭. ‬وما‭ ‬أكثر‭ ‬السخاء‭ ‬بهذا‭ ‬اللقب‭ ‬النبيل،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬نقاد‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬حق‭ ‬إهدائه‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يستحقون‭. ‬

‭<‬‭ ‬الحرية‭ ‬هيَ‭ ‬كلمة‭ ‬السرّ‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬أخطّه

‭- ‬تقولين‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬حواراتك‭: ‬‮«‬إن‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حراً‭ ‬وحيداً‭ ‬حينما‭ ‬يحس‭ ‬أنه‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الآخرين‭ ‬ويقول‭ ‬كويلهو‭: ‬‮«‬الحرية‭.. ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وحيداً‮»‬‭ ‬أهي‭ ‬لحظة‭ ‬الجلوس‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬أمْ‭ ‬مع‭ ‬الفكرة‭ ‬أمْ‭ ‬هي‭ ‬وضع‭ ‬لغة‭ ‬جديدة‭ ‬للعلم؟

‭- ‬إنها‭ ‬لحظة‭ ‬تجاوز‭ ‬الذات‭ ‬أيضاً،‭ ‬لحظة‭ ‬الشعور‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نشهر‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬سيف‭ ‬الرفض‭ ‬أو‭ ‬رايات‭ ‬العناق‭ ‬أو‭ ‬لحظة‭ ‬اللامبالاة‭... ‬الحرية‭ ‬هي‭ ‬أيضاً‭ ‬احتضان‭ ‬اللغة‭ ‬العتيقة‭ ‬للأسلاف‭: ‬لا‭ ‬حرية‭ ‬للفرد‭ ‬إلا‭ ‬بالتواصل‭ ‬والحوار،‭ ‬وحتى‭ ‬روبنسن‭ ‬كروزو‭ ‬اخترع‭ ‬لغة‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬‮«‬جمعه‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬التقاه‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬توحده‭. ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬روبنسن‭ ‬كروزو‭ ‬نقيض‭ ‬لرحلة‭ ‬السندباد،‭ ‬أكان‭ ‬ذلك‭ ‬بفشل‭ ‬أو‭ ‬بنجاح‭.. ‬فالحرية‭ ‬هي‭ ‬أيضاً‭ ‬محاولة‭ ‬لاقتراف‭ ‬مصير‭ ‬آخر‭... ‬والحرية‭ ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬السرّ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أخطه،‭ ‬فأنا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬الحرية‭... ‬الحبيب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬أخنه‭ ‬يوماً‭!‬

 

إنّني‭ ‬عاشقة‭ ‬للشعر

‭<‬‭ ‬أرجو‭ ‬ألا‭ ‬أكون‭ ‬مخطئاً‭ ‬إذا‭ ‬قلت‭: ‬إن‭ ‬حياتك‭ ‬كلها‭ ‬شعر‭... ‬وكذلك‭ ‬إبداعك‭ ‬بكلّ‭ ‬أنواعه‭... ‬وأنتِ‭ ‬تفرحين‭ ‬شعراً‭... ‬وتحزنين‭ ‬شعراً‭... ‬وتعشقين‭... ‬وتولدين‭ ‬شعراً‭ ‬أهو‭ ‬‮«‬ميتافيزياؤك‭ ‬وحدك؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬ميتا‭ ‬فيزياء‭ ‬الكيان‭ ‬الإنساني؟‭ ‬ماذا‭ ‬أضاف‭ ‬لك‭ ‬الشعر‭ ‬أيضاً؟‭ 

‭- ‬أعترف‭ ‬كطفل‭ ‬تم‭ ‬ضبطه‭ ‬متلبساً‭ ‬بلعق‭ ‬حلوى‭ ‬جدته‭ ‬التي‭ ‬أخفتها‭ ‬على‭ ‬الرف‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬الخزانة‭ ‬وتسلق‭ ‬ظهر‭ ‬الخزانة‭ ‬ليصل‭ ‬إليها‭: ‬أنا‭ ‬أعشق‭ ‬ولا‭ ‬أستطيع‭ ‬كبقية‭ ‬العشاق‭ ‬التعميم،‭ ‬فعقلي‭ ‬اللعين‭ ‬الصافي‭ ‬مليء‭ ‬بالشك‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الغرام‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أستطيع‭ ‬قوله‭: ‬إنني‭ ‬عاشقة‭ ‬للشعر،‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬إطلاق‭ ‬الأحكام‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬جنون‭ ‬قلبي،‭ ‬ولعل‭ ‬العصور‭ ‬الآتية‭ ‬ستخترع‭ ‬صيغاً‭ ‬إبداعية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬مع‭ ‬زمن‭ ‬الإنترنت‭ ‬والكمبيوتر‭ ‬والصور‭ ‬التي‭ ‬تومض‭ ‬أمام‭ ‬العين‭ ‬راكضة‭ ‬مهرولة‭ ‬كبرق‭ ‬رصاصة‭ ‬قاتلة‭ ‬أو‭ ‬كومضة‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬مشع‭ ‬آت‭... ‬أم‭ ‬تراه‭ ‬زمن‭ ‬الاكتئاب‭ ‬الإلكتروني؟‭ ‬وهل‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تبديل‭ ‬‮«‬روح‭ ‬الشعر»؟

 

أطالعُ‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬تطولهُ‭ ‬يدي

‭<‬‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬استراحة‭ ‬الروح‭.. ‬تذكرة‭ ‬السفر‭ ‬المخملي‭ ‬للاصطياف‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬لم‭ ‬تكتشف‭ ‬بعد؟‭ ‬لِمنْ‭ ‬تقرئين‭ ‬حين‭ ‬تحزمين‭ ‬حقائب‭ ‬الروح‭ ‬ومتاع‭ ‬الأحلام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة؟‭ ‬وحين‭ ‬تثقل‭ ‬رأسك‭ ‬الرؤى‭ ‬والأسئلة؟‭ ‬مَنْ‭ ‬شاعرك‭ ‬الأمثل؟‭ ‬حدثيني‭!‬

‭- ‬أنا‭ ‬قارئة‭ ‬‮«‬مخزية‮»‬‭ ‬إذ‭ ‬أطالع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تطوله‭ ‬يدي‭.. ‬ولا‭ ‬أرمي‭ ‬بأي‭ ‬نصّ‭ ‬مطبوع،‭ ‬لأنني‭ ‬أحبّ‭ ‬أنْ‭ ‬أحكمَ‭ ‬بنفسي،‭ ‬وكمْ‭ ‬أفرح‭ ‬حين‭ ‬أكتشف‭ ‬مبدعاً‭ ‬لمْ‭ ‬يعطهِ‭ ‬النقدُ‭ ‬حقّه‭ ‬لأسباب‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬لها‭ ‬بالإبداع،‭ ‬بل‭ ‬لعزوفه‭ ‬عن‭ ‬تسويق‭ ‬نصّه‭ ‬بالأساليب‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬اليوم،‭ ‬أو‭ ‬لأنه‭ ‬تصادف‭ ‬أن‭ ‬صدر‭ ‬نصّه‭ ‬في‭ ‬التوقيت‭ ‬غير‭ ‬المناسب‭ ‬سياسياً‭ / ‬حزبياً‭... ‬إلى‭ ‬آخره‭. ‬وانشغل‭ ‬النقاد‭ ‬والقراء‭ ‬عنه‭ ‬بهموم‭ ‬أخرى‭ ‬تتهدد‭ ‬لقمتهم‭ ‬وحياتهم،‭ ‬وتاريخ‭ ‬أوطانهم‭... ‬ومصالحهم‭ ‬الذاتية‭ ‬أيضاً‭. ‬

‭ ‬

في‭ ‬كلّ‭ ‬إبداعٍ‭ ‬إنسانيّ‭ ‬شحنة‭ ‬شعرية

‭<‬‭ ‬البعض‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬يقرأك‭ ‬شاعرة‭... ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يحفظ‭ ‬كتابك‭ ‬‮«‬أعلنت‭ ‬عليك‭ ‬الحب‮»‬‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب‭... ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬حقائب‭ ‬الأصدقاء‭ ‬‮«‬عاشقة‭ ‬في‭ ‬محبرة‮»‬‭... ‬ماذا‭ ‬تقولين؟‭ ‬أهو‭ ‬جواز‭ ‬مرورك‭ ‬إلى‭ ‬أرواحنا؟‭ ‬هل‭ ‬يزعجك‭ ‬أن‭ ‬تقدمي‭ ‬في‭ ‬محفل‭ ‬ثقافي‭ ‬كشاعرة؟‭ ‬وهل‭ ‬سيغضب‭ ‬أبطال‭ ‬‮«‬عيناك‭ ‬قدري‮»‬‭ ‬و«الرواية‭ ‬المستحيلة‮»‬‭.. ‬وهل‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬الشعر‭ ‬رابح‭... ‬مضمون؟

‭- ‬لا‭ ‬لن‭ ‬يغضب‭ ‬أبطال‭ ‬‮«‬عيناك‭ ‬قدري‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬ليلة‭ ‬المليار‮»‬‭ ‬و«القمر‭ ‬المربع‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬يشرفهم‭ ‬ذلك‭ ‬ويسعدهم‭ ‬كما‭ ‬يسعدني‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬لا‭ ‬أحبّ‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬عاطفتي‭ ‬كعاشقة‭ ‬للشعر،‭ ‬بإفساد‭ ‬ذائقتي‭ (‬المستقبلية‭)‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ففي‭ ‬قلبي‭ ‬مكان‭ ‬ينتظر‭ ‬دائماً‭ ‬الصيغ‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬سيطلع‭ ‬بها‭ ‬عالمنا‭ ‬الأدبي‭ ‬المستقبلي‭ ‬للجيل‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬سيولد‭ ‬وأنا‭ ‬أحتضر‭...  ‬فالأدب‭ ‬العربي‭ ‬نهر‭ ‬إبداع‭ ‬ونحن‭ ‬قطرات‭ ‬فيه،‭ ‬ومن‭ ‬يتوهم‭ ‬أنه‭ ‬الشلال‭ ‬الأعظم‭ ‬إبداعاً‭ ‬أو‭ ‬السدّ‭ ‬الأخير‭ ‬فهو‭ ‬واهم‭... ‬نهر‭ ‬العطاء‭ ‬محصلة‭ ‬نزف‭ ‬من‭ ‬تدفقوا‭ ‬فيه‭ ‬بالمحبة‭ ‬لا‭ ‬بالعدوانية،‭ ‬ولا‭ ‬بعشق‭ ‬الظهور‭ ‬بذريعة‭ ‬الشعر‭ ‬بين‭ ‬المتشاعرات‭ ‬والمتشاعرين،‭ ‬ثم‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬إبداع‭ ‬إنساني‭ (‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬علمياً‭) ‬شحنة‭ ‬شعرية‭ ‬كثيفة‭. ‬لحظة‭ ‬اكتشاف‭ ‬نيوتن‭ ‬لقانون‭ ‬الجاذبية‭ ‬في‭ ‬سقوط‭ ‬تفاحة‭ ‬من‭ ‬الشجرة‭ ‬هي‭ ‬لحظة‭ ‬شعرية‭ ‬بامتياز،‭ ‬ولحظة‭ ‬ركض‭ ‬أرخميدس‭ ‬عارياً‭ ‬من‭ ‬حوض‭ ‬الاستحمام‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭ ‬‮«‬وجدتها‮»‬‭ ‬هي‭ ‬لحظة‭ ‬شعرية‭ ‬أيضاً‭ ‬لا‭ ‬علمية‭ ‬فقط‭. ‬لكنني‭ ‬أميز‭ ‬دائماً‭ ‬بين‭ ‬مزاجي‭ ‬الخاص‭ ‬وحركة‭ ‬التاريخ‭ ‬الأدبي‭! ‬أنا‭ ‬أعشق‭ ‬الشعر‭ ‬وتلك‭ ‬حكاية‭ ‬حب‭ ‬شخصية،‭ ‬لكنني‭ ‬أولاً‭ ‬أحترم‭ ‬الإبداع‭ ‬الآتي‭ ‬لا‭ ‬الماضي‭ ‬وحده‭ ‬والحاضر،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬عطاء‭ ‬بلا‭ ‬انبثاق‭ ‬ممن‭ ‬شيد‭ ‬قبله‭.  ‬لا‭ ‬رهان‭ ‬مضموناً،‭ ‬لكنني‭ ‬أكرر‭: ‬أيّ‭ ‬إبداع‭ ‬إنساني‭ ‬لا‭ ‬مفرّ‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬شحنة‭ ‬شعرية‭ ‬بمعنى‭ ‬ما‭. ‬يشرفني‭ ‬أن‭ ‬يجدني‭ ‬البعض‭ ‬شاعرة‭ ‬أكثر‭ ‬مني‭ ‬روائية،‭ ‬ويطالعني‭ ‬في‭ ‬‮«‬أعلنت‭ ‬عليك‭ ‬الحب‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مطالعته‭ ‬لروايتي‭ ‬‮«‬سهرة‭ ‬تنكرية‭ ‬للموتى‮»‬‭ ‬مثلاً‭.‬

 

لا‭ ‬أحد‭ ‬يلغي‭ ‬إبداعاً‭ ‬سبقهُ‭ ‬بلْ‭ ‬يضيفُ‭ ‬إليه

‭<‬‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬أدب‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬الروائي‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يهيل‭ ‬التراب‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أنتجه‭ ‬كلاسيكيو‭ ‬الرواية‭ ‬العالمية‭ (‬همنغواي،‭ ‬وايلد،‭ ‬كولن‭ ‬ويلسن،‭ ‬تولستوي‭) ‬وآخرون‭.. ‬ما‭ ‬تعليقك‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القول؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬روائيي‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية؟‭ ‬لماذا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الضجّة‭ ‬حول‭ ‬أدبهم؟‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية؟‭ ‬من‭ ‬منهم‭ ‬توقفتِ‭ ‬عنده‭ ‬كثيراً،‭ ‬وتهمك‭ ‬قراءته؟

‭- ‬هذه‭ ‬مبالغات‭ ‬نقدية‭. ‬كشعوب‭ ‬قديمة‭ ‬جداً،‭ ‬نعرف‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬إبداع‭ ‬يهيل‭ ‬التراب‭ ‬على‭ ‬آخر،‭ ‬وخصوصية‭ ‬أدب‭ ‬ما‭ ‬ثراء‭ ‬إضافي‭ ‬للمكاسب‭ ‬الإنسانية‭. ‬ولولا‭ ‬اختراع‭ ‬الدولاب‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬سفينة‭ ‬فضاء‭... ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يلغي‭ ‬إبداعاً‭ ‬سبقه،‭ ‬بل‭ ‬يضيف‭ ‬إليه،‭ ‬وإلى‭ ‬فضاء‭ ‬العطاء‭ ‬اللامتناهي‭ ‬الشاسع‭ ‬المنفتح‭ ‬لجديد‭ ‬آخر‭ ‬مستقبلي‭. ‬

المبدع‭ ‬هو‭ ‬العصفور‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحلق‭ ‬بجناحيه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكنْ‭ ‬قدماهُ‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬التراب‭ ‬كجذور‭... ‬ولذا‭ ‬تحلق‭ ‬عصافير‭ ‬كثيرة‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬قارات‭ ‬أخرى‭ ‬وأزمنة‭ ‬متعددة‭. ‬لسنا‭ ‬وحدنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭!‬

 

أكسجين‭ ‬الحرية‭ ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العربي

‭<‬‭ ‬تقولين‭: ‬‮«‬ومن‭ ‬دون‭ ‬حرية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬مسؤولاً،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إطلاق‭ ‬أيّ‭ ‬حكم‭ ‬أخلاقي‭ ‬عليه‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬قهر‭ ‬وظلم‭ ‬وتسلط‭ ‬اجتماعي‭ ‬وقبلي‭ ‬وسياسي‭... ‬أي‭ ‬تعريف‭ ‬بقي‭ ‬لهذه‭ ‬الحرية؟‭ ‬وأي‭ ‬أخلاق‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬صارت‭ ‬فيه‭ ‬الأخلاق‭ ‬نقيصة‭ ‬وتهمة‭..‬؟‭ ‬زمن‭ ‬التجار‭ ‬والمرابين‭ ‬والأفاكين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الأذهان‭ ‬التقليدية‭ ‬الصدئة؟‭ ‬كيف‭ ‬تقدمين‭ ‬نفسك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلماتك‭ ‬وحروفك‭ ‬بلا‭ ‬حرية؟‭ ‬وفي‭ ‬عالمنا‭ ‬هل‭ ‬تتوافر‭ ‬الحرية‭ ‬الكافية‭ ‬للمبدع؟

‭- ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬من‭ ‬المقصات‭ ‬تطارد‭ ‬أجنحة‭ ‬عصافير‭ ‬تحلق‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭... ‬أكسجين‭ ‬الحرية‭ ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬عربياً‭ ‬كما‭ ‬ينبغي،‭ ‬ولكن‭ ‬طائر‭ ‬الإبداع‭ ‬يحلق‭... ‬لدى‭ ‬المغامر‭ ‬المبدع‭. ‬أما‭ ‬استشهادك‭ ‬بقولي‭: ‬‮«‬بدون‭ ‬حرية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬مسؤولاً‮»‬،‭ ‬فأظنه‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬لي‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬المرأة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حريتها‭ ‬كي‭ ‬تصنع‭ ‬بها‭ ‬فضيلتها‭ ‬‮«‬كتبته‭ ‬قبل‭ ‬ألف‭ ‬عام‭ (‬ذاكرتي‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬قوية‭ ‬جداً‭!!)‬،‭ ‬وكنت‭ ‬أتحدث‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أذكر‭ ‬عن‭ ‬مظلومة‭ ‬المظلومين‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لقمع‭ ‬مضاعف‭ ‬مركب‭.‬

ولكننا‭ ‬جميعاً‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬من‭ ‬المقصات‭ ‬تتكاثر‭ ‬كالجراثيم،‭ ‬مقصات‭ ‬تاريخية‭ ‬ومحلية‭ ‬ومستوردة‭ ‬أو‭ ‬متأسلمة‭... ‬ولكننا‭ ‬نصرّ‭ ‬على‭ ‬الطيران‭ ‬كما‭ ‬أصرّ‭ ‬عجوز‭ ‬همنغواي‭ ‬على‭ ‬صيد‭ ‬سمكته،‭ ‬وحين‭ ‬التهمتها‭ ‬بقية‭ ‬الأسماك‭ ‬كان‭ ‬الشيخ‭ ‬مهزوماً‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يقهر‭.‬‭.. ‬نحن‭ ‬نهزم‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬ولا‭ ‬نقهر،‭ ‬بل‭ ‬نصمم‭ ‬غالباً‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬الرحلة‭ ‬بكبرياء‭.‬

 

نحتالُ‭ ‬على‭ ‬الموتِ‭ ‬بالكتابة

‭<‬‭ ‬‮«‬الموت‭ ‬لغز‭ ‬منيع‭... ‬لغز‭ ‬غريب‮»‬‭ ‬هل‭ ‬تتفقين‭ ‬مع‭ ‬أندريه‭ ‬مورو‭ ‬في‭ ‬عبارته‭ ‬هذه؟‭ ‬هل‭ ‬تخافين‭ ‬الموت؟‭ ‬ما‭ ‬تعريفك‭ ‬له؟‭ ‬ما‭ ‬سلاحك‭ ‬الأشد‭ ‬مضاء‭ ‬لمقاومته‭ ‬والانتصار‭ ‬عليه؟

‭- ‬الموت‭ ‬‮«‬فيروس‮»‬‭ ‬يصيبنا‭ ‬لحظة‭ ‬ولادتنا‭ ‬ولا‭ ‬شفاء‭ ‬منه‭.. ‬وبين‭ ‬شهقة‭ ‬الولادة‭ ‬وشهقة‭ ‬الاحتضار‭ ‬نعربد،‭ ‬وبعضنا‭ ‬يمشي‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مرحاً،‭ ‬لكننا‭ ‬جميعاً،‭ ‬الطغاة‭ ‬و«العبيد‮»‬‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬صالة‭ ‬الترانزيت‭ ‬بانتظار‭ ‬النداء‭ ‬علينا‭ ‬لنركب‭ ‬الطائرة‭ ‬إلى‭ ‬كوكب‭ ‬آخر‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬منه‭ ‬أحد‭ ‬ليكتب‭ ‬‮«‬ريبورتاجاً‮»‬‭ ‬مصوراً‭ ‬عن‭ ‬مشاهداته‭.‬

الأشعار‭ ‬الجميلة‭ ‬والرديئة‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬البشر،‭ ‬الموسيقى‭ ‬التي‭ ‬عزفها‭ ‬على‭ ‬البيانو‭ ‬شوبان‭ ‬وبيتهوفن‭ ‬وسواهما،‭ ‬هؤلاء‭ ‬جميعاً‭ ‬كانوا‭ ‬يعزفون‭ ‬في‭ ‬المقهى‭ ‬المجاور‭ ‬للمقبرة‭.‬

نحتال‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬بالكتابة،‭ ‬نتوهم‭ ‬أن‭ ‬حياتنا‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬مكتبات‭ ‬القراء‭ ‬الذين‭ ‬يحتضنون‭ ‬كتبنا،‭ ‬لكننا‭ ‬نعرف‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬أنفسنا‭ ‬أننا‭ ‬لن‭ ‬نكون‭ ‬هنا‭ ‬لنفرح‭ ‬بذلك‭... ‬نحتال‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الحب‭ ‬وندّعي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأبدية‭ ‬لحظة‭ ‬حب‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬عنوان‭ ‬كتاب‭ ‬شعري‭ ‬لي،‭ ‬ولكن‭ ‬الأبدية‭ ‬ليست‭ ‬صناعة‭ ‬بشرية‭ ‬والعشاق‭ ‬كلهم،‭ ‬كما‭ ‬المبدعون‭ ‬والأشرار‭ ‬سيموتون،‭ ‬ولن‭ ‬يدهشني‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬أحد‭ ‬بالانتحار‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬الموت‭! ‬

 

أخافُ‭ ‬مِنَ‭ ‬الخوف

‭<‬‭ ‬مم‭ ‬تخافين؟‭ ‬أليس‭ ‬الخوف‭ ‬إحدى‭ ‬قواعد‭ ‬التطهير؟‭ ‬أم‭ ‬ماذا؟‭ ‬قولي‭ ‬لماذا‭ ‬الخوف؟‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬وقصيدة‭ ‬وكتابٍ‭ ‬نصنع‭ ‬الحياة،‭ ‬نجملها‭ ‬نؤكد‭ ‬استمرارها‭! ‬وفي‭ ‬كلّ‭ ‬عمل‭ ‬إبداعي‭ ‬نولدُ‭... ‬ونعيشُ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحياة؟

‭- ‬أخاف‭ ‬من‭ ‬الخوف‭... ‬وأموت‭ ‬قليلاً‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬كتاب‭ ‬أنجزه‭ ‬وأودعه‭... ‬وكل‭ ‬لقاء‭ ‬فاتحة‭ ‬فراق‭... ‬وكل‭ ‬حبّ‭ ‬كبير‭ ‬مشروع‭ ‬ألم‭ ‬كبير‭... ‬حين‭ ‬نصنع‭ ‬حياتنا‭ ‬بالكتابة‭ ‬قد‭ ‬نضمن‭ ‬أن‭ ‬نحيا‭ ‬عدة‭ ‬حيوات‭ ‬إضافية،‭ ‬وليس‭ ‬بالمعنى‭ ‬الزمني‭. ‬نحن‭ ‬نستطيع‭ ‬إرجاع‭ ‬عقارب‭ ‬ساعاتنا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬لا‭ ‬ساعة‭ ‬الزمن‭! ‬الموت‭ ‬حقيقة‭ ‬أعرفها‭ ‬منذ‭ ‬رحيل‭ ‬أمي‭ ‬وأنا‭ ‬طفلة،‭ ‬ولذا‭ ‬عاشرته‭ ‬طوال‭ ‬عمري‭ ‬وحاولت‭ ‬مصادقة‭ ‬موتي‭ ‬لعيش‭ ‬‮«‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬تعبيرك‭ ‬الجميل‭... ‬وربما‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬أخافه‭ ‬كثيراً‭ ‬فقد‭ ‬ألفته‭... ‬فأنا‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬الخوف‭ ‬لن‭ ‬يلغي‭ ‬زيارته‭ ‬التفقدية‭ ‬لي‭: ‬

وإذا‭ ‬المنية‭ ‬أنشبت‭ ‬أظفارها

ألفيت‭ ‬كل‭ ‬تميمة‭ ‬لا‭ ‬تنفع‭ ‬

نحتال‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬بالإبداع‭..  ‬ولكننا‭ ‬نولد‭ ‬لنموت‭!.. ‬

‭ ‬

الحُبُّ‭ ‬المرضُ‭ ‬الوحيدُ‭ ‬الّذي‭ ‬يتعسنا‭ ‬الشفاءُ‭ ‬منهُ

‭<‬‭ ‬لو‭ ‬أردتِ‭ ‬أن‭ ‬تضعي‭ ‬تعريفاً‭ ‬بليغاً‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬الحبّ،‭ ‬الحريّة،‭ ‬الوطن‮»‬‭ ‬ماذا‭ ‬تقولين؟‭ ‬ما‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬لغة‭ ‬له‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الأقاليم‭ ‬الثلاثة؟

‭- ‬لا‭ ‬تعريف‭ ‬بليغاً‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمات‭. ‬فهي‭ ‬تعني‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬شيئاً‭ ‬مغايراً‭ ‬وقابلاً‭ ‬للتبدل‭ ‬لديه‭ ‬أيضاً‭. ‬هذه‭ ‬كلمات‭ ‬ملتبسة‭ ‬نعرفها‭ ‬حين‭ ‬نعيشها‭ ‬كما‭ ‬تعرف‭ ‬النحلة‭ ‬الأزهار‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬من‭ ‬رحيقها‭ ‬لتغزل‭ ‬عسلها‭ ‬بنشوة‭ ‬العطاء‭. ‬وكما‭ ‬تستدل‭ ‬الطيور‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬هجرتها‭ ‬دونما‭ ‬بوصلة‭. ‬الحب‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬هو‭ ‬المرض‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يتعسنا‭ ‬الشفاء‭ ‬منه‭. (‬هذا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭) ‬وقد‭ ‬أقول‭ ‬شيئاً‭ ‬آخر‭ ‬غداً‭!‬

 

المدن‭ ‬المخيفة‭ ‬هي‭ ‬مدينتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬الداخلية

‭<‬‭ ‬‮«‬سأصل‭ ‬مدناً‭ ‬يحتمل‭ ‬جداً‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حقيقية‮»‬‭ (‬إيتالو‭ ‬كالفينو‭)! ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القول؟‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬مدن‭ ‬حقيقية‭ ‬وأخرى‭ ‬غير‭ ‬حقيقية؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجذبك‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تحبين؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يخيفك؟‭ ‬هل‭ ‬المدن‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬رغبات‭ ‬ومخاوف‭ ‬فعلاً؟‭ ‬حدثيني‭!‬

‭- ‬المستشرقة‭ ‬الإيطالية‭ ‬المعروفة‭ ‬إيزابيلا‭ ‬كاميرا‭ ‬دافليتو‭ ‬شبهتني‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬لها‭ ‬كتقديم‭ ‬لأحد‭ ‬كتبي‭ ‬المترجمة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الإيطالية‮»‬‭ ‬بكالفينو،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنني‭ ‬أوافقه‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭.‬

ماذا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬إيتالو‭ ‬كالفينو‭ ‬وكنت‭ ‬أنا‭ ‬أيضاً‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬رواية،‭ ‬شخصية‭ ‬وهمية‭  ‬يقذف‭ ‬بها‭ ‬ذلك‭ ‬المؤلف‭ ‬الغامض‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ليل‭ ‬لندن‭ ‬وباريس‭ ‬وجنيف‭ ‬وروما‭ ‬ونيويورك‭ ‬ومدن‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تحصى‭ ‬عشتها‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬ثري‭ ‬بالوحشة‭ ‬والتشرد؟‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬أتحرر‭ ‬للحظات‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المؤلف‭ ‬الكبير‭ ‬وأشعر‭ ‬بالخوف‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬النوافذ‭ ‬المصطنعة‭ ‬حولي‭ ‬مدججة‭ ‬ببشر‭ ‬بينهم‭ ‬ألفة‭ ‬ومودة‭ ‬أو‭ ‬كراهية،‭ ‬وتدور‭ ‬خلفها‭ ‬لحظات‭ ‬قتل‭ ‬وإجهاض‭ ‬وفرح‭ ‬وحب‭ ‬وفراق،‭ ‬وأنا‭ ‬غريبة‭ ‬وربما‭ ‬فقط‭ ‬بطلة‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬لمصيري‭ ‬شيئاً‭ ‬غير‭ ‬الوحشة‭!‬

ليست‭ ‬المدن‭ ‬هي‭ ‬المخيفة،‭ ‬بل‭ ‬مدينتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬الداخلية‭!‬

 

سأنشر‭ ‬كلّ‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬كُتِبَت‭ ‬كرسائل‭ ‬حُبٍّ‭ ‬لي

‭<‬‭ ‬نشرتِ‭ ‬رسائل‭ ‬غسان‭ ‬كنفاني‭ ‬لكِ‭... ‬هل‭ ‬كنتِ‭ ‬تؤسسين‭ ‬لأدب‭ ‬رسائل‭ ‬جديد؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬دعوة‭ ‬حميمية‭ ‬وشفافة‭ ‬للآخرين‭ ‬لأن‭ ‬ينشروا‭ ‬رسائلهم‭ ‬بجرأة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬خوف؟‭ ‬كيف‭ ‬واجهتِ‭ ‬الضجة‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬نشر‭ ‬الرسائل‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام؟‭ ‬ماذا‭ ‬تضيف‭ ‬رسالة‭ ‬المبدع‭ ‬إلى‭ ‬المبدع‭ ‬الصديق‭ ‬والحبيب‭ ‬أيضاً؟‭ ‬لإبداعنا‭ ‬وأدبنا‭ ‬وثقافتنا؟

‭- ‬نشرتها‭ ‬للأسباب‭ ‬كلها‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬سؤالك‭.‬

أما‭ ‬الضجة‭ ‬فقد‭ ‬واجهتها‭ ‬بأعصابي‭ ‬الباردة‭ ‬التي‭ ‬أنعم‭ ‬بها‭ ‬الخالق‭ ‬عليّ،‭ ‬وأستعين‭ ‬بها‭ ‬دائماً‭ ‬حين‭ ‬‮«‬تقوم‭ ‬القيامة‮»‬‭ ‬فوق‭ ‬رأسي‭ ‬لعمل‭ ‬ما‭ ‬أقدمت‭ ‬عليه‭. ‬وسأنشر‭ ‬أيضاً‭ ‬عما‭ ‬قريب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭.‬

كلما‭ ‬احترقت‭ ‬أوراق‭ ‬جبرا‭ ‬إبراهيم‭ ‬جبرا‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬حريق‭ ‬بيته‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية،‭ ‬ننوح‭ ‬عليها‭ ‬ونتأسف،‭ ‬ولم‭ ‬يقم‭ ‬أحد‭ ‬بتلبية‭ ‬مطالبتي‭ ‬بمؤسسة‭ ‬تحفظ‭ ‬أوراق‭ ‬المبدعين‭ ‬الخاصة‭ ‬بعد‭ ‬رحيلهم‭ ‬لننشرها‭ ‬حين‭ ‬ينتهي‭ ‬مفعولها‭ (‬الفضائحي‭)... ‬وريثما‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬سأنشر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬المبدعة‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تصادف‭ ‬أنها‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬رسائل‭ ‬حب‭ ‬لي‭ ‬أو‭ ‬صداقة‭ ‬لأدبي‭. ‬راجع‭ ‬كتابي‭ ‬‮«‬محاكمة‭ ‬حب‮»‬‭ ‬وستجد‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬قامت‭ ‬قيامتهم‮»‬‭ ‬لنشري‭ ‬الرسائل‭ ‬لم‭ ‬يدافعوا‭ ‬عن‭ ‬غسان،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬ازدواجيتهم‭ ‬وكانوا‭ ‬قد‭ ‬كتبوا‭ ‬لي‭ ‬رسائل‭ ‬مشابهة‭ ‬هي‭ ‬بحوزتي،‭ ‬وشنوا‭ ‬عليّ‭ ‬‮«‬حرباً‭ ‬وقائية‮»‬،‭ ‬وبينهم‭ ‬من‭ ‬زعم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬غسان‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬هاجمه‭ ‬شخصياً‭ ‬وسخر‭ ‬من‭ ‬كتبه‭ ‬خلال‭ ‬حياته‭. ‬أنا‭ ‬أقوم‭ ‬بتعرية‭ ‬الرياء‭ ‬العربي‭ ‬ولا‭ ‬يخيفني‭ ‬دفع‭ ‬الثمن،‭ ‬لأن‭ ‬إعلان‭ ‬الحقيقة‭ ‬يعتبر‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬‮«‬القبيلة‮»‬‭.‬

 

ثمّة‭ ‬نقاد‭ ‬نثقُ‭ ‬بكلماتهم‭ ‬لكنّهم‭ ‬قلّة

‭<‬‭ ‬اسمحي‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬النقد‭! ‬هل‭ ‬توجد‭ ‬حركة‭ ‬نقدية‭ ‬جادة‭ ‬مواكبة‭ ‬لإبداعاتنا؟‭ ‬لماذا‭ ‬يتهم‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬صحافتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬دائماً‭ ‬بالتقصير‭ ‬أو‭ ‬المجاملة‭ ‬والتلميع‭... ‬ومحاولة‭ ‬ترميم‭ ‬ما‭ ‬انهار‭ ‬من‭ ‬قامات‭ ‬ثقافية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لديها‭ ‬شيء‭ ‬تقوله؟‭ ‬هل‭ ‬انتهى‭ ‬الحكم‭ ‬الصائب؟‭ ‬مَنْ‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬يشغلك‭... ‬وتثقين‭ ‬بنزيف‭ ‬أصابعه؟

‭- ‬ثمة‭ ‬نقد‭ ‬جاد‭ ‬عميق‭ ‬ونقد‭ ‬سريع‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الراتب‭ ‬ونقد‭ ‬قاس‭ ‬في‭ ‬محله‭... ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬التعميم،‭ ‬وبالذات‭ ‬حين‭ ‬نرصد‭ ‬الناقد‭ ‬العربي‭.‬

وقد‭ ‬تعرضت‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬الأدبية‭ ‬الطويلة‭ ‬المدى‭ ‬لأنواع‭ ‬النقد‭ ‬كافة،‭ ‬وأذكر‭ ‬لك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬كاتب‭ ‬رواية‭ ‬نصف‭ ‬فاشل،‭ ‬لكنه‭ ‬يحتل‭ ‬موقعاً‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬الأدبية‭. ‬كتب‭ ‬مقالة‭ ‬يسيل‭ ‬منها‭ ‬الحسد‭ ‬الأدبي‭ ‬يوم‭ ‬أصدرت‭ ‬روايتي‭ ‬‮«‬بيروت‭ ‬75‮»‬‭ ‬قلت‭ ‬لنفسي‭: ‬الغيرة‭ ‬بين‭ ‬الأدباء‭ ‬شائعة،‭ ‬ثم‭ ‬فازت‭ ‬ترجمة‭ ‬كتابي‭ ‬‮«‬بيروت‭ ‬75‮»‬‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بجائزة‭ ‬رفيعة،‭ ‬ولم‭ ‬يذكر‭ ‬الروائي‭ ‬‮«‬النويقد‮»‬‭ ‬كلمة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬صحيفته‭. ‬بعدها‭ ‬فاز‭ ‬بالجائزة‭ ‬نفسها،‭ ‬لكنه‭ ‬أفرد‭ ‬للخبر‭ ‬أربع‭ ‬صفحات‭ ‬من‭ ‬الصحيفة‭ ‬مترجماً‭ ‬التقديم‭ ‬لكتابه‭. ‬قلت‭ ‬لنفسي‭: ‬لعله‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعرف‭ ‬قيمة‭ ‬الجائزة‭ ‬حين‭ ‬منحت‭ ‬لي‭ ‬والآن‭ ‬عرفها‭ ‬حين‭ ‬نالها‭. ‬بعدها‭ ‬بعام‭ ‬شاءت‭ ‬المصادفات‭ ‬أن‭ ‬يفوز‭ ‬كتابي‭ ‬المترجم‭ ‬للإنجليزية‭ ‬‮«‬القمر‭ ‬المربع‮»‬‭ ‬بالجائزة‭ ‬ذاتها‭. ‬وأهديته‭ ‬الكتاب‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬علم‭ ‬بالأمر‭. ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬ينشر‭ ‬خبراً‭ ‬واحداً‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭!! ‬إنه‭ ‬النقد‭ ‬حين‭ ‬ينحط‭ ‬ويصير‭ ‬مطية‭ ‬الغيرة‭ ‬والمصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬لكاتب‭ ‬ما‭. ‬ولحسن‭ ‬حظ‭ ‬أدبنا‭ ‬العربي‭ ‬ذلك‭ ‬استثناء،‭ ‬وثمة‭ ‬نقاد‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تثق‭ ‬بكلمتهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬‮«‬قلة‮»‬‭.‬

 

أنا‭ ‬واحدة‭  ‬من‭ ‬أيتام‭ ‬الحرية‭ ‬والعروبة

‭<‬‭ ‬يأخذ‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬الثقافية‭ ‬حيزاً‭ ‬في‭ ‬ندواتنا‭.. ‬وملتقياتنا‭ ‬ومؤتمراتنا‭ ‬الأدبية‭ ‬والفكرية‭ ‬والثقافية،‭ ‬قولي‭ ‬لي‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬التمزق‭ ‬والفرقة‭ ‬وغياب‭ ‬مدن‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬الخريطة،‭ ‬وتراجع‭ ‬دور‭ ‬المثقفين‭ ‬القوميين،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ثقافة‭ ‬عربية‭ ‬منافسة‭ ‬وتحقيق‭ ‬هوية‭ ‬ثقافية؟‭ ‬ماذا‭ ‬تقترحين‭ ‬لتحقيق‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الهوية‭ ‬الغائبة‭ ‬والمغيبة؟

‭- ‬إذا‭ ‬فرضنا‭ ‬جدلاً‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مدناً‭ ‬كاملة‭ ‬زالت‭ ‬من‭ ‬الخريطة،‭ ‬كما‭ ‬تقول،‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أظنها‭ ‬غابت‭ ‬عن‭ ‬القلب‭ ‬وعن‭ ‬أبجدية‭ ‬المبدعين‭ ‬الذين‭ ‬يعيدون‭ ‬تعميرها‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الجيل‭ ‬الشاب‭ ‬الحالي‭ ‬والآتي،‭ ‬صحيح‭ ‬أنني‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أيتام‭ ‬الحرية‭ ‬والعروبة‭ ‬والمشاعر‭ ‬القومية‭ ‬التي‭ ‬تلغي‭ ‬تكرار‭ (‬الفتنة‭ ‬الكبرى‭)‬،‭ ‬لكنني‭ ‬لن‭ ‬أفقد‭ ‬لحظات‭ ‬التفاؤل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬سطوه‭ ‬الظلام،‭ ‬والهوية‭ ‬الثقافية‭ ‬قد‭ ‬تحجبها‭ ‬السحب،‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭ ‬في‭ ‬آفاق‭ ‬قلوبنا‭ ‬وسطورنا‭.. ‬وهذا‭ ‬التمزق‭ ‬الموسمي‭ ‬من‭ ‬شيمنا‭ ‬كعرب‭!‬

 

أهدي‭ ‬وردة‭ ‬بيضاءَ‭ ‬لكلّ‭ ‬مَنْ‭ ‬أحبَّ‭ ‬سطوري

‭<‬‭ ‬قراؤك‭ ‬يفوق‭ ‬عددهم‭ ‬عدد‭ ‬الحروف‭ ‬والكلمات‭ ‬التي‭ ‬ضمتها‭ ‬إبداعاتك‭ ‬الجميلة‭.. ‬شعراً،‭ ‬وقصة،‭ ‬ورواية،‭ ‬وتأملات‭... ‬ماذا‭ ‬تقولين‭ ‬لهم؟‭ ‬وهم‭ ‬يقدمون‭ ‬لكِ‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬إبداعية‭ ‬وردة،‭ ‬وشمعة،‭ ‬وموكباً‭ ‬صاخباً‭ ‬من‭ ‬الأمنيات‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬التفوق؟‭!‬

‭- ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬لهم‭ ‬كلمات‭ ‬شكر‭ ‬مهترئة،‭ ‬بل‭ ‬أنبض‭ ‬لهم‭ ‬بمحبة‭ ‬القلب‭ ‬وامتنانه،‭ ‬وأهدي‭ ‬وردة‭ ‬بيضاء‭ ‬سحرية‭ ‬لكلّ‭ ‬من‭ ‬أحبَّ‭ ‬سطوري،‭ ‬وأشعل‭ ‬شمعة‭ ‬فرح‭ ‬له‭/ ‬لها‭ ‬في‭ ‬معابد‭ ‬قلبي‭... ‬وأحاول‭ ‬أن‭ ‬أستمر‭ ‬في‭ ‬جنوني‭ ‬الكتابي‭ ‬من‭ ‬أجلهم،‭ ‬ومن‭ ‬أجلي‭ ‬أيضاً‭! .‬