«الينابيع»... حركة إبداعية

«الينابيع»... حركة إبداعية


مثلما يكاد العالم يتفجر باليسر المادي والغنى الفاحش، فإن العالم ذاته يكاد يتفجر بالفقر والحاجة والعوز، وبين الاثنين يعيش الإنسان في حيرة، ولكل من تلك العوالم نفسية خاصة تصعد بالاستراحة والابتسامة وتهبط بالهموم والدموع.
لكن سيدة من الكويت حاولت أن تمدّ جسراً بين هؤلاء وهؤلاء في المحافظة على سر الميسور بمسح دموع المحتاج، وذلك بإنشاء مؤسسة خيرية اسمها «الينابيع»، يستطيع المحتاج أن يشتري منها بالقليل القليل ما هو كبير كبير، مادياً ومعنوياً.
البضائع المعروضة في المركز تتمحور حول حاجات النساء والرجال، وكذلك الأطفال من ملابس وأوانٍ منزلية، صعوداً إلى أثاث المنازل أحياناً، ولكن، وهذا شرط أساسي، فإن كل ما يصل الدار يكون بالمستوى اللائق من الجودة، يتماثل مع مستجدات المحلات الكبرى في السوق وبأسعار تدنو من الربع أو الخُمس أو ربما العشرة في المائة من السعر الأصلي، في وضع يماثل ما يعرض من أمثاله في الأسواق الراقية، مع المحافظة على السريّة التامة من قبل المؤسسة.
لقد أصبحت هذه الدار وجهة لزوار الكويت وخاصة الأجانب من الدبلوماسيين، وقد لا تكون الزيارة المستحقة من أجل شراء شيء ما، ولكن للاطلاع على هذا المشروع المميز والذي - كما أعرف شخصياً - قد هوّن العيش على مجموعة لا بأس بها من العائلات الكويتية، وفك أسر مجموعة أخرى من السجينات من النساء بقضايا مالية، من ريعه.
قد لا يجد أحدكم أي تميُّز لهذا النشاط، نظراً لوجود مثل هذه الدور عالمياً، مثل Oxfam وغيرها، إلا أن هذه الدار تُدار وفق الشريعة الإسلامية، فلا صاحبة الدار تُؤْجر نفسها وقد حصلت على الموقع من أهلها بلا مقابل، فلا يُؤْجر في الدار إلا العاملون كموظفين، وهم قلة قليلة.
شخصياً، أرى في مشروع «اليــنابـــيع» بيتاً خيرياً ثقافياً اجتماعياً يستحق رصـــــده مع جوائز الدولة التقديرية، إذ لا مثيل له في الوطن العربي - كما أظن - ولا مثيل له في دول الخليج، وأعتقد أنه مثال يجـــب أن يتكرر وبالاسم نفسه - برضا صاحبة المشروع الأصلية - بدءاً من دول الخلــيـــج والمملكــة العربـــية السعوديـــة، امــتداداً إلى الدول العربـــية والإسلامـــية، والبدء لابد أن يكون عندنا، لأننا الدول الحاويــــة للغنى الفاحش والفقر المدقع جنباً إلى جنب .