«العربي».. مؤسسة ثقافية

«العربي».. مؤسسة ثقافية

حين‭ ‬يُمتدحُ‭ ‬نظام‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬المحللون‭ ‬والخبراء‭: ‬دولة‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬نظام‭ ‬له‭ ‬فضائل‭ ‬حقيقية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬راسخة،‭ ‬وضوابط‭ ‬قانونية،‭ ‬وأنه‭ ‬نظام‭ ‬يتسم‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬والعدل،‭ ‬وأن‭ ‬له‭ ‬خططا‭ ‬طموحة،‭ ‬وأهدافا‭ ‬معلنة،‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬تطبيقها‭ ‬بالفرد‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬تمنحه‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬هو‭ ‬للصالح‭ ‬العام،‭ ‬وكأنها‭ ‬الشمسُ‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬شعاعها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز،‭ ‬تهب‭ ‬الدفء‭ ‬والضياء‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭. ‬

وقد‭ ‬يعتقد‭ ‬الناظرون‭ ‬لنشأة‭ ‬المؤسسة‭ ‬أنها‭ ‬ابنة‭ ‬النظم‭ ‬الغربية،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬أفكار‭ ‬الدول‭ ‬الحديثة،‭ ‬لكننا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المؤسسة‮»‬‭ ‬بمفهومها‭ ‬الشامل،‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬المتخصصين‭ ‬معًا‭ ‬للقيام‭ ‬بمهامها‭ ‬المنشودة،‭ ‬هي‭ ‬ابنة‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬كذلك‭. ‬

ولننظر «الديوان» الذي بدأ بالرسائل في عصر النبي (صلى الله عليه وسلم). وقد تناولتُ نشأة الرسائل في حديث سابق، حيث تطور فن الرسائل عند العربي حتى خُصص لها هيكلٌ عرف لاحقا باسم ديوان الإنشاء، كما شرحه أبوالعباس القلقشندي (المتوفى سنة 821 هجرية) في «صبح الأعشى» بأنه: «كل ما رجع من صناعة الكتابة إلى تأليف الكلام، وترتيب المعاني من المكاتبات، والولايات، والمسامحات، والإطلاقات، ومناشير الإقطاعات، والهُدَن، والأمانات، والأَيمان، وما في معنى ذلك ككتابة ونحوها»، ألا يمثل ذلك «الديوان» بذرة مؤسسات بأكملها، مثل وزارات الخارجية، والحكم المحلي، والتخطيط وغيرها؟

وإذ نتقصى ميلاد المؤسسة الثقافية العربية تاريخيا، نقف طويلا عند ديوان الترجمة، أو لنقل «المؤسسة» الأم للترجمة. صحيحٌ أن الترجمة كعلم ظهر في كل بلاط، حتى منذ أيام فراعنة المصريين القدماء، الذين صنفوا المترجمين بين النبلاء.

لكن الفتوحات العربية، واتساع رقاع الدولة الإسلامية، كان يعني أن هناك حركة ترجمة فاعلة تجعل من التواصل بين الشعوب المقيمة، والجيوش الوافدة، والسفارات المتنقلة، أمرا ممكنا، ولذلك، وفي عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، تم تعريب الدواوين (الإدارات) الفارسية إلى العربية.

بيت‭ ‬الحكمة‭ ‬

لكن هذه الجهود المتفرقات وجدت في عهد الخليفة المأمون ازدهارا بيِّنًا، وهو الذي شجع المترجمين، وروي أنه كان يكافئ المترجم حنين بن إسحاق بأن يعطيه وزن كتبه المترجمة ذهبًا. كما أصبح «بيت الحكمة» في بغداد مؤسسة ترجمة عالمية، تجمع فرق الترجمة من كل منشأ، فلا تفرق بين مسلم ونصراني ويهودي، مثلما لا تفرق بين من وُلد في أقصى البلاد أو جاء من أدناها، وإنما عُهد بالعمل فيها إلى كبار المترجمين الأكْفاء، لتصبح قاعدة تنوير، ومن يراجع نتاجها يدرك حجم ما قدمته للإنسانية، ما جعلها مصدرًا للعلوم، لأنها اهتمت بتراث الأمم المعاصرة، وترجمت من المصادر الفارسية واليونانية والهندية، وغيرها. 

وكان المترجمون يتمتعون بحرِّية فكرية قلما نجد مثيلها في كل العصور، وهو أمرٌ يجب أن نربط بينه وبين نجاح المؤسسة التي تحتضنه. فمكافأة المترجم التي أشرنا إليها تضاف إليها ميزة أخرى، وهي قيمة الحرية التي تمتع بها المترجمون، مما يعني ألا سقف ولا حدود ولا موانع تعيق من العمل والانفتاح على الآخر وثقافته وتراثه ونتاجه الفكري والعلمي.

وفي ظل الدولة العربية الحديثة، مهما اختلف نظام الحكم فيها، بدأ مفهوم المؤسسة الثقافية مرتبطا بالكيانات الحكومية الرسمية، وبهذا ارتبطت الثقافة بالوزارات والهيئات والمجالس التي ترأسها، والخبرات التي تديرها، والإدارات التي تضع خططها، وتخصص ميزانياتها وتنتخب العاملين فيها وتخصص جوائزها، وهو ما وضع المؤسسة الثقافية في مسارات الصعود والركود، بارتباط وثيق بحجم الاهتمام الذي توليه تلك الكيانات الحكومية الرسمية للمؤسسة الثقافية.

 

مؤسسات‭ ‬موازية‭ ‬

ثم ظهرت في الغرب والشرق معًا، مؤسسات ثقافية موازية، ولا نقول بديلة، تقوم على دعم الثقافة من أفراد موسرين، أو أصحاب الشركات الخاصة، يبادر بها من يرون أن تنمية المجتمعات ثقافيا هي سبيل للنهوض في مناحي الحياة كافة، ويمكن أن نضع تصنيفا أوليا لهذه المؤسسات غير الحكومية، وفقا لطبيعة عملها، كالآتي:  

< مؤسسات تنشيط ثقافي، معنية بزيادة الحراك الثقافي في مجتمعها، سواء بإقامة أنشطة ثقافية، دورية أو موزعة على أيام السنة، مثل موسم «أصيلة» الثقافي في المغرب، الذي بدأ في العام 1978م.

< مؤسسات للحفاظ على التراث الثقافي مثل مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث بدأ الماجد من خلال أسفاره الكثيرة بانتقاء المفيد من المطبوعات والمخطوطات لتتجمّع لديه خزانة كتب متنوعة ما لبث أن ضم إليها مجموعة كبيرة من كتب قيّمة اشتراها من ورثة أحد العلماء، والتي كانت في ما بعد نواة للمكتبات الخاصة التي يمتلكها المركز الذي أسس في 1988م.

< مؤسسات لمنح الجوائز الأدبية والعلمية مثل جائزة الملك فيصل العالمية بالسعودية، التي تُمنح للمساهمات البارزة في الإسلام والدراسات الإسلامية والأدب العربي والطب والعلوم منذ 1979م. وهناك بالمثل جائزة سلطان بن علي العويس، التي أسسها الشاعر سلطان العويس في 17 ديسمبر 1987 لتشجيع وتكريم الأدباء والكتاب والمفكرين والعلماء العرب، اعتزازاً بدورهم في النهوض الفكري والعلمي في مجالات الثقافة والأدب والعلم في الوطن العربي.

< مؤسسة للحفاظ على لون أدبي بعينه، مثل مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للشعر العربي، التي تم إشهارها عام 1989 في القاهرة كمؤسسة ثقافية خاصة غير ربحية، تعنى بالشعر دون سواه من الأجناس الأدبية. مثلما نجد عناية الجائزة العالمية للرواية العربية بالإمارات لفن الرواية، سواء من خلال جائزتها السنوية، أو ورشات الكتابة بها.

< مؤسسات بحثية، متخصصة، مثل مركز البحوث والدراسات الكويتية، الذي يعد منذ إنشائه في 1992م مصدرا وطنيا للمعرفة بشئون الكويت السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتراثها الحضاري، وقد تحددت أهداف المركز في إعداد البحوث والدراسات العلمية المتعلقة بهذه الجوانب ونشرها محلياً وعالمياً، والقيام بجمع الوثائق والكتب والدراسات والدوريات ذوات الصلة بتراث الكويت وقضاياها وعلاقاتها الإقليمية والدولية والإفادة منها في التعريف بالكويت وهويتها العربية.

 

المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬العربية

يمكننا أن نتلمس في الكيانات الثقافية التالية الأدوار المهمة التي تؤديها المؤسسات لمجتمعها العربي، وللمبدعين العرب، رغم حداثة إنشاء البعض منها.

في الأردن، نجد مؤسسة عبدالحميد شومان الثقافية التي تعنى بالشباب والشرائح الأخرى من المجتمع الأردني. وقد أسست سنة 1978 في جبل عمان، وشكلت تلك المؤسسة منذ إنشائها ظاهرة ثقافية علمية في الوطن العربي، وتطورت بحيث غدت تمثل مؤشراً للدور الذي يمكن أن يقوم به القطاع الخاص في مجال دعم الثقافة والعلوم والفنون وإشاعة الفكر العلمي، ولذلك تربطها علاقات تعاون وثيقة بالمؤسسات والمراكز الفكرية والعلمية والأدبية في الوطن العربي، كما تدعم المؤسسات والهيئات التعليمية، ومراكز الأبحاث، وعقد الندوات العلمية والبحثية، فقد قدمت الدعم لأشكال الإبداع المختلفة، سواء عبر العلاقة المباشرة بالمبدعين أو عبر العلاقة بالمؤسسات والمراكز العلمية المماثلة في الأردن والوطن العربي، وتمنح المؤسسة جائزة عبدالحميد شومان لمعلمي العلوم في المدارس الأساسية والثانوية الأردنية، وللباحثين العرب الشبان، ولأدب الأطفال.

وفي الإمارات، نشير بفخر إلى مركز مهم افتتح في أبريل 2007م، هو دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية والتي تعد بوتقة للعلوم البحثية التي ستساعد الباحثين على الوصول إلى الكثير من الوثائق والخرائط والصور لتوفر عليهم عناء السفر والوقت. فالدارة تضم مجموعة من الخرائط، وهي خرائط اصلية ليست منقولة ولا مصورة، وقد قام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة بجمعها على مدى 25 سنة، ويعود أقدمها إلى العام 1493م ، فضلا عن كتب نادرة كلها عن منطقة الخليج وثائق ومصورات وكتب وخرائط وأدوات ونماذج ومجسمات مادية لتراث تاريخي حضاري لمنطقة الخليج العربي عامة وللإمارات بشكل خاص وللشارقة بشكل اخص، وهي جميعها من مقتنيات سموه.

أما مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، التي أنشئت في دولة الكويت كمؤسسة خاصة غير ربحية بموجب مرسوم أميري صدر في 21 ذي الحجة 1396 هـ الموافق 12 ديسمبر 1976 م، فيديرها مجلس إدارة يرأسه حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، أمير الثقافة والسلام. وهي تقوم من خلال مراكزها على تطوير التوعية المؤيدة للعلم والتعليم والثقافة العلمية، ودمج القدرات البحثية في المعاهد العلمية الكويتية وفيما بينها، ودعم وتطوير منظومة العلوم الوطنية والتكنولوجيا والابتكار، ودعم وتطوير القدرات العلمية والتقنية للقطاع الخاص والمساهمة في بناء اقتصاد المعرفة.

وفي المملكة العربية السعودية، نضع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية المخصصة للأبحاث والدراسات العليا التي أنشئت على مساحة بحوالي 36 مليون متر مربع، لتكون أكبر مدن جامعية على مستوى العالم، وافتتحت رسميًا في 32 سبتمبر 9002 وهو اليوم الوطني للملكة العربية السعودية، ويخطط للجامعة بحلول عام 2020، أن تنفذ أحدث البحوث الأساسية والبحوث الموجهة نحو تحقيق أهداف محددة في مجال العلوم والتقنية تضاهي البحوث التي تجريها أفضل 10 جامعات للعلوم والتقنية في العالم.

وفي 23/7/1429هـ، أنشئ بالمملكة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، للمحافظة على هذه اللغة، ودعمها ونشرها، وتكريم علمائها. يقوم شعار المركز على رسم حرف الضاد المتكرر أربع مرات في الشعار؛ ليرمز إلى اللغة العربية الشهيرة بلغة الضاد؛ حيث إنه الحرف الوحيد الذي لا يوجد في لغة غيرها. ويجسد اللون الأخضر الذي رسم به حرف الضاد الدلالة على النضارة والحيوية، كما هي حال اللغة العربية، المتسمة بالتجدد والحيوية في عصورها المختلفة. ويأتي الخط الذي كتب به اسم المركز مستوحى في فكرته من ورقة الشجرة الخضراء الدالة على النضارة والحيوية، كما هي لغة العرب، بالإضافة إلى الإيحاء الآخر المتضمن حاجتها الدائمة إلى العناية والاهتمام.

ويمكن أن نضيف مؤسسات مشتركة الإنشاء، مثل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، التي أنشئت في 1976م، ومقرها دولة الكويت، كمؤسسة مشتركة بين دول الخليج العربي تشرف عليها وزارات الإعلام لإنتاج مسلسلات وبرامج شائقة وتعليمية وتثقيفية ذات طابع خليجي مشترك.  

 حتى خارج حدود الدول العربية، هناك معهد العالم العربي وهو مؤسسة قائمة على القانون الفرنسي، وأُنشِئت لتكون، في الأساس، أداة للتعريف بالثقافة العربية ولنشرها، منذ أسس في عام 1980 م، حيث اتفقت 18 دولة عربية مع فرنسا على إقامته ليكون مؤسسة تهدف إلى تطوير معرفة العالم العربي وبعث حركة أبحاث معمقة حول لغته وقيمه الثقافية والروحية. كما تهدف إلى تشجيع المبادلات والتعاون بين فرنسا والعالم العربي، وخاصة في ميادين العلوم والتقنيات، مساهمة بذلك في تنمية العلاقات بين العالم العربي وأوربا. ويكون ذلك من خلال  تحقيق ثلاثة أهداف؛ تطوير دراسة العالم العربي في فرنسا وتعميق فهم ثقافته وحضارته ولغته، وفهم جهوده الرامية إلى التطوّر، وتشجيع التبادل الثقافي وتنشيط التواصل والتعاون بين فرنسا والعالم العربي، ولاسيما في ميادين العلم والتقنيات، والإسهام على هذا النحو في إنجاح العلاقات بين فرنسا والعالم العربي عبر المشاركة في تعزيز العلاقات بين العرب وأوربا.

ولعل من أبرز المؤسسات الثقافية الصحفية العربية التي يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى؛ مؤسسة الأهرام في مصر، التي أسسها في 27 ديسمبر 1875م  الشقيقان اللبنانيان، بشارة وسليم تقلا، كمجرد جريدة يومية، لا تمتلك سوى مطبعتها الصغيرة، لتصبح اليوم كيانا عملاقا، يضم إصداراتها وهي جريدة الأهرام بطبعاتها المصرية والعربية والدولية وملاحقها الأسبوعية وأبرزها الأهرام لوموند ديبلوماتيك، فضلا عن جريدتي «الأهرام ويكلي» الأسبوعية الإنجليزية، و«الأهرام إبدو» الفرنسية، ومجلة «السياسة الدولية» الفصلية، ومجلة «لغة العصر الشهرية»، والأسبوعيات: «الأهرام العربي»، و«الاقتصادي« و«الشباب» و«علاء الدين» و«نصف الدنيا» و«التعاون». 

وتطور الهيكل الخاص بالأهرام / المؤسسة ليضم مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي بدأ كمعهد بحثي للدراسات السياسية في مصر في عام 1968م. وتضم الهيئة العلمية للمركز نحو 35 خبيرا وباحثا، ويتضمن التنظيم الداخلي للمركز الوحدات التالية: الدراسات العربية، والنظم السياسية والعلاقات الدولية والدراسات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والتاريخية والعسكرية ودراسات الثورة المصرية والدراسات الخليجية ودراسات الإنترنت. ثم تعددت القطاعات الاقتصادية الناشئة عن «الأهرام»، بين مطابع تجارية، وشركة للإعلان والتسويق ومركز للتدريب وشراكة للتعليم، كما في جامعة الأهرام الكندية. 

 

‮«‬العربي‮»‬‭ ‬على‭ ‬موعد

تلك كانت مقدمة، طالت قليلا، لكنها مهمة ونحن نأمل تحويل مجلة العربي إلى مؤسسة ثقافية. والحق أن مقومات المؤسسة نسجتها مجلة العربي لنفسها على مدى أكثر من 55 عامًا منذ صدور عددها الأول في ديسمبر 1958م. وبقراءة ما تقوم به المؤسسات الثقافية سالفة الذكر، نجد أن مجلة العربي تقوم بأدوار مماثلة، وبخاصة أنها حافظت على صورتها سفيرة للثقافة الإنسانية في كل بيت ناطق بالعربية. 

فهي جهة نشر، استطاعت بأكثر من 130 ألف صفحة أن تأخذ مكانها ومكانتها بين المجلات الأكثر انتشارًا، والأقوى تأثيرا، بما تقدمه بشكل متجدد كل شهر. وهذا لا يخص قراء مجلة العربي، وحدهم، وإنما اهتمت «العربي» بالأجيال كافة، وتضم إصداراتها الحالية، ملحق «البيت العربي»، ومجلة «العربي الصغير»، و«هدية العربي الصغير»، ومجلة «العربي العلمي»، بالإضافة إلى سلسلة كتبها الفصلية «كتاب العربي»، وسلسلة إصداراتها الخاصة «الكويت في نصف قرن»، و«المغرب ناس وحضارة»، و«آسيا بعيون العربي» و«الإمارات»، كما تخطط قريبا لإصدار مجلة «الشباب العربي».  

وهي - كذلك - كيان تنشيط ثقافي، ليس فقط باكتشاف مواهب القصة في مسابقتها الشهرية «قصص على الهواء» ولكن في ملتقاها الفكري السنوي، الذي أقيمت منذ أسابيع دورته الثالثة عشرة، بمشاركة أكثر من 100 باحث ومفكر وإعلامي يمثلون 21 دولة.

كما أنها - أيضا - اهتمت بالترجمة، وقد صدر منذ أيام «كتاب العربي» لمنتخبات قصص تُرجمت عن الإنجليزية والفرنسية والروسية والبولندية والصينية واليابانية، يقدم رافدا للثقافة العالمية لكل قارئ عربي. وتمنح «العربي» الجوائز منذ نشأتها في مسابقاتها الثقافية والأدبية والفنية، كما أن التكريم الرمزي ماديا، خلال ملتقاها السنوي، له قيمته الأدبية، لأنه يحمل اسم «العربي».

إن المشاريع الحالية التي تتبناها «العربي» بصدد التحديث والتطوير، كما أن هناك ذخيرة من المشروعات التي تناولناها في أحاديثنا السابقة، بصدد التأسيس والإنشاء، ونؤمن بأن «العربي» على موعد كي تتحول مؤسسة، لتحقق ذلك كله على النحو المرجو، كمؤسسة ثقافية قائمة بذاتها، تلقى الدعم من وزارة الإعلام، ممثلة بوزيرها معالي الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح  وزير الإعلام وزير الدولة لشئون الشباب، ومساندة وكيل الوزارة صلاح منصور المباركي، لتستمر في تأدية رسالتها الكويتية لخدمة الثقافة العربية .