ضيق الصدر والصعود في السماء!

ضيق الصدر والصعود في السماء!

يقول الحق جل وعلا: ‭{‬فَمَن‭ ‬يُرِدِ‭ ‬اللّهُ‭ ‬أَن‭ ‬يَهْدِيَهُ‭ ‬يَشْرَحْ‭ ‬صَدْرَهُ‭ ‬لِلإِسْلاَمِ‭ ‬وَمَن‭ ‬يُرِدْ‭ ‬أَن‭ ‬يُضِلَّهُ‭ ‬يَجْعَلْ‭ ‬صَدْرَهُ‭ ‬ضَيِّقًا‭ ‬حَرَجًا‭ ‬كَأَنَّمَا‭ ‬يَصَّعَّدُ‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاء‭ ‬كَذَلِكَ‭ ‬يَجْعَلُ‭ ‬اللّهُ‭ ‬الرِّجْسَ‭ ‬عَلَى‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬لاَ‭ ‬يُؤْمِنُونَ‭} (‬سورة الأنعام /125) .

أي من شاء الله هدايته قذف في قلبه نورا فينفسخ له وينشرح، وذاك علامة الهداية للإسلام. وعندما سئل رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) عن هذه الآية قال: إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح، قالوا: فهل لذلك من إمارة يُعرف بها؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله. ومن يرد شقاوته وإضلاله يجعل صدره ضيقا شديد الضيق لا يتسع لشيء من الهدي ولا يخلص إليه إيمان، فليس للخير فيه منفذ. ويكون مثله كمثل من يتكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء. و«ما» في (كأنما) هي المهيئة لدخول كأن على الجمل الفعلية. وكما جعل الله صدر الكافر شديد الضيق كذلك يلقي العذاب والخذلان على الذين لا يؤمنون بآياته.

والإعجاز العلمي هنا في بيان العلاقة الطردية بين ضيق الصدر وحرجه والصعود تدريجيا في السماء! إذ المعروف أن الأرض يحيطها غلاف جوي إحاطة تامة كإحاطة السوار بالمعصم أو بياض البيضة بصفارها. ويبلغ ارتفاع هذا الغلاف نحو 1000 كيلومتر، ولكنه يكون مخلخلا في الارتفاعات الشاهقة بحكم ضآلة الهواء.

ويقدر وزن الغلاف الجوي للأرض بنحو 5 ملايين مليار طن! ولهذا فهو يضغط على سطح الأرض بما يسمى الضغط الجوي، الذي يقدر بثقل كيلوجرام واحد لكل سنتيمتر مربع من سطح الأرض (ويعبر عنه فيزيائيا بوزن عمود من الزئبق طوله 76 سم، ومساحة مقطعه من هذا الضغط قد تساوي وزن سيارتك إن كنت تملك واحدة! وربما تعترض فتقول: لا أشعر بذلك، وأقول: معك حق، وذلك للتوازن بين الضغط الهائل داخل جسمك والضغط الجوي الخارجي الواقع عليه. ولولا هذا التوازن لشعرت حتما بذلك الضغط الهائل الواقع عليه ولأصبحت في مستوى سطح الأرض منبطحا لا تملك حراكاً.

وكلما صعدت في السماء يقل الضغط الجوي الواقع عليك تدريجيا حتى يصل إلى نصف قيمته الأصلية على ارتفاع ثلاثة أميال ونصف الميل، وإلى ربع قيمته الأصلية على ارتفاع سبعة أميال، وإلى 1 في المائة فقط من قيمته الأصلية على ارتفاع 18 ميلا! ولهذا نشعر بالاختناق التدريجي كلما ارتفعنا عن سطح البحر، بسبب نقص كل من الضغط الجوي والأكسجين. حتى لينفجر الإنسان ويندفع الدم من مسام جسمه عند ارتفاع عشرة كيلومترات!

والسؤال: من أعلَمَ محمدًا (صلى الله عليه وسلم) بتلك العلاقة الطردية بين ضيق الصدر والصعود في السماء في وقت لم يعرف فيه الإنسان قط الصعود إلى السماء؟! .