من يملك يحكم.. فهل تصح القاعدة على شبكة الإنترنت؟

من يملك يحكم.. فهل تصح القاعدة على شبكة الإنترنت؟

علمتنا دروس التاريخ أن أصحاب القوة والمال والنفوذ هم من يتمكنون دوما من الوصول للسلطة، وأن الحكم غالبا يكون في إمكانهم. ولكن هل يظل هذا الشرط ضروريًا وحقيقيًا على شبكة الإنترنت؟

على سبيل المثال فإن شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» أو «فيس بوك» يزيد عدد المستخدمين لكل منها على عشرات الملايين، من جميع جنسيات العالم، يتبادلون الرأي والتعليقات ويتشاركون المواد الخبرية والفنية، ويصنعون أعرافا وتقاليد افتراضية جديدة، ويفرضون قيما جديدة، ويعبرون عن آرائهم بكامل الحرية، ويتبادلون المدائح أو يكيلون لبعضهم البعض النقد والسباب لو اقتضى الأمر، بما يجعل من هذه الوسائط دولا افتراضية تجمع بين جنسيات العالم، وبين الأفراد من مختلف المشارب ومستويات التعليم والثقافة، فمن يحكم دولة الوسائط الافتراضية هذه على سبيل المثال؟ 
من الذي يقضي في الخلافات بين المستخدمين أو يضع قوانين تحدد ما يعد سبًا أو إساءة شخصية أو تعليقا عنصريا، وكيف يمكن أن يعاقب المسيء؟ هل هو مؤسس «فيس بوك» وشركته مثلا؟ أم إدارة شبكة الإنترنت
 في الدولة أو الدول التي ينتمي إليها المتنازعون؟ 
هذا مثال صغير يختص بموقع تواصل اجتماعي له شعبية ضخمة، لكنه في النهاية، مقارنة بالمحتوى الهائل للشبكة العالمية للمعلومات «الإنترنت» لا يعد أكثر من دولة واحدة بين دول أخرى عديدة تكون دولة الإنترنت العظمى. 
إن المحتوى الضخم لشبكة المعلومات بما فيه من معلومات وأفكار وأخبار ومواد ترفيهية وتعليمية وثقافية مقروءة أو متلفزة تحركه قوى مختلفة ويتم من خلاله استثمار مليارات عدة من الدولارات سنويا، بما يحعله موضع تنافس قوي بين أصحاب رءوس الأموال، وخصوصا من أصحاب شركات المعلومات العملاقة، وصولا إلى حكومات بعض الدول. 
لكن هل يمكن لهؤلاء فقط أن يكونوا هم الذين يتحكمون في إدارة هذه الشبكة المعلوماتية العملاقة؟ وهل يمكن أن يتم ذلك بعيدا عن قوى الأفراد العاديين الذين يمارسون النقد والفكر بكامل الحرية على هذه الشبكة نفسها؟ أم أن هؤلاء الأفراد لهم نفوذ ما وتأثير - لو حتى ضمنيا - في أساليب حكم الإنترنت؟
ثم هل يمكن لنا أن نغفل الدور الخطير الذي يلعبه اليوم القراصنة أو «الهاكرز» في التأثير في شبكات الإنترنت، وبالتالي 
في الواقع الحقيقي الذي تعبر عنه هذه الشبكة؟ 
ألم يكن شخص مثل سنودن الذي سرب قضية التنصت الأمريكي على المواطنين الأمريكيين وغيرهم، قادرا على التأثير بقوة في الشبكة وفي «سمعة» الديمقراطية الأمريكية في العالم وفي علاقات أمريكا بمواطنيها من جهة وبالمجتمع الدولي من جهة أخرى؟
إن الأسئلة حول هذا الموضوع كثيرة، وتستحق أكثر من متابعة، وفي ما يلي نفسح المجال لموضوع تناول هذه القضية بتوسع، انطلاقا من مؤتمر دولي عقد في دبي قبل أشهر عدة حول الموضوع. وقد قام حاتم اللاطي بترجمة تقارير أجنبية عدة حول الموضوع، أوضحت الكثير من التفاصيل حول مستقبل حكومة إمبراطورية الشبكات الافتراضية.