المنتدى الاقتصادي العربي الإفريقي استثمارات عربية إفريقية مشتركة

المنتدى الاقتصادي العربي الإفريقي استثمارات عربية إفريقية مشتركة

نظم الصندوق الكويتي للتنمية بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي ما بين 11 و12 نوفمبر الماضي المنتدى الاقتصادي العربي الإفريقي تحت عنوان «ما وراء الوعود: التطلع إلى شراكة عربية/إفريقية فعالة»، وذلك في فندق جي دبليو ماريوت في الكويت.

اشتمل المنتدى على مجموعة من الجلسات الحوارية والنقاشات الاقتصادية والتنموية الخاصة بتعزيز أطر الشراكة بين الدول العربية ونظيراتها الإفريقية، خصوصا في القطاعات الخاصة بالأمن الغذائي والحد من الفقر وتطوير الأيدي العاملة ودعم التنمية وتفعيل دور المنظمات غير الحكومية.
شارك في المنتدى قادة القطاع العام والمنظمات العربية والإفريقية وكذلك المنظمات الإقليمية والدولية، والمؤسسات المتخصصة العربية والإفريقية، كما شارك المفكرون العرب وقادة مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني في العالمين العربي والإفريقي.
وجاء تنظيم الصندوق الكويتي لهذا الملتقى لمناقشة الشراكة العربية الإفريقية والمواضيع المتعلقة بالتنمية الاقتصادية في كلتا المنطقتين، ولتحديد مجالات التعاون بينهما، وقدم  المنتدى توصيات عملية للقمة العربية الإفريقية عن سياسات ووسائل تشجيع الاستثمارات المشتركة ورفع مستوى التجارة العربية ودور المنظمات غير الحكومية في دعم التنمية للنظر فيها من قبل القمة.
وهدف المنتدى إلى تسليط الضوء على واقع التعاون العربي الإفريقي في مجال التنمية بناءً على خبرات المؤسسات العربية والإفريقية المساهِمة في عمليات التنمية وبخاصة في مجالات البنية التحتية, النقل والطاقة وغيرهما، بالإضافة إلى تحديد المجالات المتاحة للتعاون في مجالي الزراعة والأمن الغذائي العربي الإفريقي. 
وتطرق المنتدى إلى المميزات وأوجه القصور والتحديات المستقبلية للاستثمارات العربية الإفريقية المشتركة وتسليط الضوء على القطاعات المتاحة للاستثمار العام والاستثمار الخاص. وجاء المنتدى يمنح الفرصة أمام الخبراء والمهتمين لتبادل الأفكار حول أسباب ضعف التبادلات التجارية بين الدول العربية والإفريقية، وتحديد أفضل السبل والوسائل لتعزيز التجارة بينهم.
واعتبر المشاركون في المنتدى أن إفريقيا تمتاز بفرص استثمارية عديدة ذات قيمة مضافة عالية، وخاصة في القطاعات الزراعية والسياحية والصناعية والتعدين وغيرها من القطاعات الخصبة للاستثمارات العربية.
ودعا المشاركون في مداخلاتهم إلى الاستفادة من العلاقات التاريخية التي تجمع بين المنطقتين العربية والإفريقية في تعزيز الاستثمار العربي في دول القارة الإفريقية.
من جهته طالب مدير الشئون الاقتــصادية في مفوضية الاتحاد الإفريقى د.رينيه نجوتيا كوسي بتسليط الضوء على القارة الإفريقية المتعطشة للاستثمارات والعمل على جذبها ولاسيما في مجال الطاقة، مضـــيفا أن إفريقيا جذبت 4 في المائة فـــقط من الاستــثـــمار المباشر، مبينا أن المؤسسات التي استثمرت في إفريقيا حققت ربحا كبيرا وخاصــة أن قارة إفريقيا تعد قارة المستــقبل، داعيا إلى العمل على تغيير الصورة النمطية لإفريقيا باعتبار أن ذلك سيحسن مـــن بيـــئــة الاستثـــمار وسيجذبه.
في حين قال المدير العام لمجمـــوعة المقرن الاستشارية مأمون حـــسن أن تدفــق الاستثمارات الأجنبية إلى العالم العربي بلغ 3.67 في المائة، في حين بلغ في قارة إفريقــيا 81.1 في المائة مضيفا أنه لأول مـــرة في عام 2012 تذهب الاستثمارات العالمية إلى الدول النامية والإفريقية ولاسيـــما الاستثمار المباشر.
وأوضح حسن أن المنطقـــة الوحيدة التي لم ينخفـــض فيهــــا الاستثــمار أثناء الأزمـــة المالية العالمية هي إفريقــيا، بل زادت بنــسبة 5 في المــائة مبينا أن هناك عوامل مشتركة كـــثــيرة بين المنطقــتـــين العربـــية والإفريقـــية في مجــــالات عــــدة، وأن الاستثمار بينهما أمر جيد للجميع.
وانعقدت في المنتدى مجموعة من جلسات العمل لمناقشة الاستثمارات العربية الإفريقية المشتركة والتعاون العربي الإفريقي في مجال الأمن الغذائي برئاسة مفوضة الاتحاد الإفريقي للزراعة والتنمية الريفية توموسييمي رودا بيس.
تضمنت الجلسة ثلاث محاضرات، الأولى حول التعاون العربي الإفريقي في مجال الأمن الغذائي وتحدث فيها المدير العام للمركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة الدكتور محمود الصلح، بينما حاضر في الثانية المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية د.طارق بن موسى الزدجالي، أما المحاضرة الثالثة فكانت حول تشجيع صناعة الثروة الحيوانية للأمن الغذائي بالدول العربية والإفريقية لمنسق البرنامج الإفريقي للتخلص من الـ «تسي تسي» بمفوضية الاتحاد الإفريقي الدكتور حسن محمد.
كذلك عقدت جلسة عمل تحت عنوان «تطور التجارة العربية الإفريقية ومجالات تعزيزها» برئاسة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير محمد التويجري.
وتضمنت الجلسة محاضرتين، الأولى حول تشجيع التبادل التجاري بين الدول العربية والإفريقية والمجالات المتاحة لمدير إدارة التكامل الاقتصادي العربي في جامعة الدول العربية محمد النسور، فيما تناولت الثانية موضوع «التبادلات التجارية.. الإجراءات والمحفزات» للمدير العام للشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية (أكديما) الدكتور مخــــتار شــهاب الدين.
وكانت جلسة العمل الثالثة بعنوان «دور المنظمات غير الحكومية في دعم التنمية» برئاسة رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر الدكتور عبدالرحمن المحيلان.
وعقدت في الجلسة ثلاث محاضرات، الأولى حول دور المنظمات غير الحكومية في دعم التنمية «رؤية إفريقيا» لمدير المجتمع المدني بالاتحاد الإفريقي الدكتور جينمي أديسا.
أما المحاضرة الثانية فحول دور المنظمات الأهلية ودورها في التنمية «رؤية عربية» لمديرة أمانة مؤسسات المجتمع المدني بجامعة الدول العربية إيناس مكاوي، فيما كانت «الثالثة» حول دور المنظمات غير الحكومية في دعم التنمية «الرؤية الكويتية» لفيصل الزامل من جمعية العون المباشر.

حشد الموارد 
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية الشيخ سالم العبدالعزيز الصباح أن الدول العربية والإفريقية تحتاج إلى حشد الموارد المالية اللازمة لتنفيذ برامج ومشروعات في قطاعات اقتصادية واجتماعية مختلفة، وهو أمر يقتضي أن تتضافر فيه الجهود لاستقطاب رءوس الأموال من مصادر محلية وخارجية، بما في ذلك من الدول المانحة ومؤسسات التنمية الوطنية والإقليمية والدولية والقطاع الخاص.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الشيخ سالم الصباح، الذي ناب عن سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك بحضوره الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي العربي الإفريقي، حيث أشار إلى أن الكويت والدول العربية الأخرى تدرك أهمية تعزيز تعاونها مع الدول الإفريقية في كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق تطلعات الشعوب الإفريقية والعربية إلى التقدم والازدهار في ظل الأمن والاستقرار والسلام.
وأشار إلى أن أهمية المنتدى تأتي من أنه يعقد قبل أسبوع من موعد انعقاد القمة العربية الإفريقية في الكويت، ويؤمل أن تتمخض أعمال المنتدى عن توصيات عملية قابلة للتنفيذ في ما يتعلق بمجالات اقتصادية واجتماعية مختلفة، تتيح للمنطقتين العربية والإفريقية فرصا لاستغلالها في إطار مزيد من التعاون في ما بينهما من أجل تحقيق ما تصبو إليه شعوبهما من التقدم والازدهار والعيش الكريم.
وأضاف: «إن أملنا وثقتنا قوية بأن التعاون العربي الإفريقي سيشق طريقه لما فيه خير الشعوب العربية والإفريقية، اعتمادا على العلاقات التاريخية بين الكتلتين العربية والإفريقية وقربهما الجغرافي وإرادتهما السياسية، إلى جانب ما تحظى به المنطقتان من موارد طبيعية متعددة، وموارد بشرية غنية بطاقاتها وقدراتها، وهو ما يمهد الطريق نحو التكامل الاقتصادي المنشود».
وأشار الشيخ سالم الصباح الى ما قامت به الدول العربية والإفريقية خلال العقود الثلاثة الماضية، من إصلاحات في الهياكل الاقتصادية، وتعديلات وتغييرات في السياسات الاقتصادية والمالية بغية تحقيق مزيد من الانفتاح الاقتصادي والتحرر من القيود التي تعيق النمو الاقتصادي وعملية التنمية.
وأضاف: «حقق العديد من تلك الدول إنجازات تمثلت في نمو اقتصاداتها وتحسُّن في مؤشرات التنمية الاجتماعية، ونلحظ النمو الاقتصادي المطرد الذي شهدته إفريقيا خلال العقد الماضي، وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الدول العربية، وبالرغم من ذلك، فإن النمو الاقتصادي لم يفلح في تحقيق طموحات الملايين من شعوبنا، وهو ما تدل عليه الأحداث والتغيرات التي نشهدها اليوم في دول عربية وإفريقية، والتي مردُّها تفشي البطالة والفقر والجوع، وعدم توافر الخدمات، كالتعليم والصحة والمياه الصالحة للشرب والكهرباء ووسائل النقل وسائر مقومات العيش الكريم».
وقال الشيخ سالم الصباح: ندرك التحديات التي لابد من التغلب عليها، لتمكين دولنا من تحقيق التنمية المستدامة بجميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتأتي في مقدمتها الأهداف الإنمائية للألفية كما حددها إعلان الأمم المتحدة للألفية عام 2000، وقد تراجعت آمال تحقيق تلك الأهداف بالكامل بحلول العام 2015، من جراء ما خلّفته الأزمات المتتالية من آثار سلبية على الجهود الدولية المبذولة، ولاسيما أزمة الغذاء العالمية التي نشبت فجأة خلال عامي 2007 و2008، مصحوبة بارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية والأزمة العالمية في أواخر العام 2008. 

التنمية المشتركة 
أوضح نائب المدير العام للصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية هشام الوقيان عن أن المنتدى الاقتصادي العربي -الإفريقي الذي ينظمه الصندوق مع جامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقى يوم 11 نوفمبر الماضي ناقش محاور وقضايا لوضع مقترحات بتوصيات عملية للنظر فيها من قبل القمة.
وأوضح الوقيان أن محاور المنتدى تتمثل في التعاون العربي - الإفريقي بمجالات التنمية والاستثمارات العربية الإفريقية المشتركة وتطور التجارة العربية الإفريقية ومجالات تعزيزها ودور المنظمات غير الحكومية في دعم التنمية.
وأكد أن المنتدى يهدف إلى تسليط الضوء على واقع التعاون العربى الإفريقي في مجال التنمية بناء على خبرات المؤسسات العربية والإفريقية المساهمة في عمليات التنمية، وخاصة في مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة، وتحديد المجالات المتاحة للتعاون في قطاعات الزراعة والأمن الغذائي العربي الإفريقي، إلى جانب التعرف على السلبيات والإيجابيات في مجالات التعاون والتحديات المستقبلية العربية - الإفريقية المشتركة.

الزراعة والأمن الغذائي
شاركت المنظمة العربية للتنمية الزراعية في فعاليات المنتدي، وقدم الدكتور طارق بن موسى الزدجالي المدير العام للمنظمة، عرضا حول التعاون العربي الإفريقي في مجال الأمن الغذائي.
تناول من خلاله أوضاع الأمن الغذائي في المنطقتين العربية والإفريقية، موضحا أوضاع إنتاج السلع الغذائية الذي يعتبر مرتفعا بالنسبة للسكان في الدول العربية مقارنة بدول إفريقيا جنوب الصحراء ومستويات إنتاجية المحاصيل الغذائية التي تقل في المنطقتين لمعظم المحاصيل عن نظيراتها العالمية، وفاقد وهدر الغذاء الذي قدِّر على المستوى العالمي بنحو 1.3 مليار طن /سنة بقيمة تريليون دولار، وفاقد ما بعد الحصاد لمحاصيل الحبوب الذي قدر بنحو 13 في المائة من إجمالي الحبوب في الدول العربية، وتراوح بين (10 و20 في المائة) في مرحلة التخزين لمحاصيل الحبوب في دول إفريقيا جنوب الصحراء.
وذلك إضافة إلى بحث تطورات التجارة الخارجية للسلع الغذائية، وأوضاع نقص التغذية والفجوة الغذائية ومعدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية في المنطقتين.. كما تناول العرض قطاع الثروة السمكية، شاملاً الإنتاج السمكي وأهم التحديات التي تواجهه في المنطقتين، وتجارة الأسماك ونظمها التسويقية ونظم تصنيع الأسماك والتحديات التي تواجهها.
واشتمل العرض على مجالات التعاون العربي الإفريقي المقترحة لتعزيز الأمن الغذائي وتنمية الثروة السمكية ومن أهمها: التعاون في تنفيذ خطة العمل المشتركة حول التنمية الزراعية والأمن الغذائي في المنطقتين – والتي اعتمدت في القمة العربية الإفريقية في ســرت (ليبيا) في العام 2010 – وتشمل تكثيف الإنتاج الزراعي بإقامة المشروعات المشتركة وإقامة المخزونات الإستراتيجية، وتطوير نظم التخزين، وإقامة شبكة عربية إفريقية لاحتياطيات غذائية إستراتيجية وتطوير نظم الري الحقلي وترشيد استخدامات مياه الري، وتطوير البنيات التحتية الريفية، وتسهيل وتعزيز التجارة الزراعية الإفريقية العربية. وقد تم التأكيد على أهمية النظر في جدوى تأسيس شركات عربية إفريقية لإنتاج الحبوب، والزيوت النباتية، والسكر، والمعدات والمستلزمات الزراعية.
وفى مجال الثروة السمكية اشتملت مجالات التعاون المقترحة على تقييم المخزونات السمكية، وتطوير البنيات التحتية، وتصنيع القوارب ومستلزمات الصيد، وتطوير الصناعات السمكية، والصيد والاستزراع السمكي، والبحث ونقل التقنيات، وبناء القدرات في مجال التنمية المستدامة للثروة السمكية، وقد تم التأكيد أيضا على أهمية النظر في جدوى إنشاء شركات عربية إفريقية للصيد البحري، والاستزراع السمكي، والتصنيع السمكي.

استثمار بلا حواجز
بدوره، ألقى نائب الأمين العام أحمد بن حلي كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية د.نبيل العربي، تناول فيها بإيجاز خمسة عناصر تشكل نقاط ارتكاز لتحديد نشاط المنتدى في مسار التعاون العربي الإفريقي، بدأها بالعمل على خلق فضاء للتواصـــل ما بيــن رجال المنتدى والمتعاملين الاقتصاديين العــرب والأفارقة، يتم من خلاله تبادل المعلومات والتجارب والإحصاءات ومصادر التمويل، لبناء شراكة عربية إفريقية.
أما ثانياً، فقد أكــــد بن حلي ضـــرورة الإجابة عن سؤال مهم وبسيط، وهو كــيف سيستثمر العربي في إفريقيا، والإفريقي في الوطن العربي دون حواجز أو عوائق، إضافة إلى تحديد الفرص المتاحة لهما، ودور الحكومات العربية والإفريـــقـــية لتيسير الاستثمارات ضمن قوانين ضامنة وبيئة جاذبـــة وتشجيع إقبال القطاع الخاص للمساهمة فــــي إنجاز المشاريع المختلفة، سواء تلك التي تدخل ضمن خطة العمل العربية والإفريقية المشتركة 2011-2012، أو أي مبادرة فردية رابحة وذات جدوى تسهم في بناء هذه الشراكة العـــربية الإفريقية.
وتحدث بن حلي عن العنصر الثالث الذي تمثَّل في استكشاف الأسواق العربية والإفريقية لزيادة حجم التجارة وتنميتها، فحسب الإحصاءات المتوافرة لدى الجامعة وصل حجم التبادل التجاري ما بين عدد من الدول العربية ودول إفريقية في العام 2012 إلى 25 مليار دولار، تتصدر القائمة الإمارات والسعودية ومن ثم مصر والكويت، حــيث يــتركز على هذا التبادل على الوقـــود المعدني، مضيفاً في الوقــــت نفسه أن حجم التبادل التجاري العربي بلغ مع تركيا عام 2012 نحـو 55 مليار دولار، ومع الصين نحو 190 مليارا، ومع اليابان 140 مليــــار دولار.
وفي حديثه عن العنصر الرابع، قال بن حلي إن هناك مشاريع عربية مشتركة كبرى جار العمل على إنجازها مثل الربط بين الدول العربية في مجال الكهرباء والطرق السريعة والسكك الحديدة وغيرها، مضيفاً: أعتقد بأنه من الممكن البحث في مدى إمكان مد هذه المشاريع إلى دول إفريقية، كما هي الحال بالنسبة لمشروع الطريق السريع الجزائر/ لاجوس، وكذلك الحال بالنسبة للمشاريع المقررة في إطار الاتحاد الإفريقي التي يمكن توسيعها لتشمل دولاً عربية.

العيش في زمن العولمة
من جهة أخرى شدد وزير المالية الشيخ سالم الصباح على ضرورة العيش في زمن العولمة، بما يتضمنه من تنامي ترابط اقتصادات الدول والاعتماد المتزايد بينها، فالسياسات الاقتصادية والمالية والتجارية التي تتبناها دولة ما، أو مجموعة من الدول، تناسب نتائجها دولاً ومناطق أخرى في العالم.
من جانبه، أكد المدير العام رئيس مجلس الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عبداللطيف الحمد ضرورة إعادة النظر في علاقات التعاون بين الدول العربية والإفريقية، ومراجعة أهداف عمليات التمويل وخطط التنمية ومشاريعها وتحديد أولويات جديدة تناسب الأوضاع والمعطيات المتغيرة في المنطقتين.
وقال الحمد في كلمة ألقاها خلال مشاركته في جلسة بعنوان دور المؤسسات العربية في دعم التنمية في إفريقيا، ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العربي الإفريقي، إن علاقة العالم العربي بدول إفريقيا تعود إلى ما قبل الإسلام، ويقطن في إفريقيا حوالي ثلثي العرب، مؤكداً أن المنطقتين تتشاركان علاقات قديمة وقوية ومتجذرة في أعماق التاريخ.
وذكر أن الدول العربية قدمت منذ عقود المساعدات لتحقيق التنمية في العالم وفي القارة الإفريقية على وجه الخصوص، وأنشأت لذلك مؤسسات تمويلية إقليمية ووطنية، بدءاً من العام 1973، أي بعد بضع سنوات من حصول هذه الدول على استقلالها.
وقال إنه وفق دراسة أصدرها البنك الدولي في يونيو 2010 بعنوان «العون العربي الإنمائي.. أربعة عقود من التعاون»، فالمساعدات العربية للتنمية الدولية منذ 1973 وحتى 2008، مثلت حوالي 17 في المائة من إجمالي مساعدات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبلغت حوالي 1.5 من إجمالي الدخل القومي للدول العربية المانحة، مقارنة بحوالي 0.3 في المائة للدول الصناعية. وقال إن هذه النسب انخفضت عام 2008 في أعقاب الأزمة المالية، إلا أنها لاتزال من أعلى المستويات في العالم، مقارنة بالدخل القومي العربي.
وأوضح أن الدول الإفريقية حظيت بأولوية عالية من المساعدات العربية للتنمية منذ أن بدأت مؤسسات التمويل الإنمائي تعمل وتنشط في هذا المجال، وازدادت التمويلات العربية المتخصصة لهذه الدول إلى أن صارت تمثل عنصرا أساسيا في علاقة الدولة العربية بمعظم الدول الإفريقية، وقد حظيت مجموعة الدول الإفريقية بنصف تمويلات مؤسسات التمويل العربية، بينما تحصل الدول العربية النامية الآسيوية على حوالي  10 في المائة من ذلك الإجمالي.

تمويل المشاريع التنموية
المؤسسات الوطنية العربية والإقليمية ساهمت في تمويل حوالي 3770 مشـــروعا تنمويا في الدول الإفريقـــية خلال الفترة من 1973 وحتى 2012، وتنوعت هذه المشاريع لتشمل مختلف القطاعات والأنـــشطة الاقتصادية والاجتماعية، بتكلفة إجمالية قيمتها 60 مليار دولار، ويمثل 51 في المائة من إجمالي التمويلات التي قدمتها مؤسسات التمويل العربية.

توصيات المنتدى الاقتصادي العربي الإفريقي 
أوصى المشاركون في المنتدى الاقتصادي العربى - الإفريقي بما يلي:
- ضرورة تسليط الضوء على واقع التعاون العربى الإفريقي في مجال التنمية بناء على خبرات الجهات العربية والإفريقية العاملة في هذا المجال، وخصوصا في قطاعات البنية التحتية.
- وجوب تحديد المجالات المتاحة للتعاون في مجال الزراعة والأمن الغذائي العربي الإفريقي، وتبيان الإيجابيات والسلبيات والتحديات المستقبلية للاستثمارات المتاحة من القطاعين العام والخاص.
- أهمية تبادل الأفكار حول أسباب ضعف التبادلات التجارية ببن الدول العربية والإفريقية، وتحديد أفضل السبل لتشجيع التبادل التجارى بينهما.
- وجوب تقديم مقترح خاص حول توصيات عملية تمهيدا لعرضها على القمة العربية الإفريقية في شأن السياسات والآليات لتشجيع الاستثمارات المشتركة ورفع مستوى التبادل التجاري العربي الإفريقي.
- تكثيف تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم عبر دعم برامج عمليات بنوك التنمية الوطنية والصناديق الاجتماعية في المنطقتين العربية والإفريقية، نظرا لدورهما في الحد من البطالة وازدهار الأعمال، والنظر في تأسيس منتدى لتعزيز التعاون مع مؤسسات التنمية الإفريقية.
- ضرورة تشجيع المؤسسات المالية العربية والإفريقية على وضع آليات تعمل على تحفيز الاستثمارات المتبادلة بين المنطقتين العربية والإفريقية، وتحديد فرص الاستثمار مع العمل على إزالة الصعوبات والعراقيل التى تواجه المستثمرين.
- دعت التوصيات الدول العربية والإفريقية إلى المحافظة على القدرة المحدودة للموارد الزراعية والأراضي والمياه، لتجديد خدماتها من خلال تبني سياسات زراعية مناسبة لتحقيق الامن الغذائي.
- ضرورة إقامة منطقة تجارة حرة عربية إفريقية، تسهم في تشجيع الاستثمار والتبادل التجاري بين المنطقتين، وحث الدول العربية والإفريقية على دعم شبكات النقل اللازمة لتطوير التجارة بينهما.
- أن تقوم مفوضية الاتحاد الإفريقى والجامعة العربــــية بمراجعة آلـــــيات التعاون بين المنطقتـــيـــــن العربية والإفريـــــقية، واتخاذ ما يلزم من من إجراءات لــــتقـــويـــتـــها وإنشاء آلـــيات جــــديدة لتـــنـــفيذ قرارات القـــمة المتـــعلقــــة بالتعاون الاقتصادى الـــعربي الإفريقي.