الطاهر لبيب: هل انتهى دور المثقف في الحياة العربية؟

الطاهر لبيب: هل انتهى  دور المثقف في الحياة العربية؟

حين أتحدث مع المفكر وعالم الاجتماع التونسي الطاهر لبيب، أجد نفسي أتحدث مع مثقف عربي ذي رؤية فكرية واضحة التوجهات بالنسبة إلى الواقع، والإنسان، وللمثقف دور، إن خصّ هذا الدور بـ«عضوية الموقف» فإنه أراد للثقافة التي يُنتج أن تكون «ثقافة أسئلة» تواجه «ثقافة الأجوبة» التي يجدها شائعة في واقعنا العربي.
ثلاثة مفكرين كبار كان لهم دور في مسارات الفكر والمعرفة التي سلكها الطاهر لبيب، هم: لوسيان غولدمان وفرنان بروديل ورولان بارت. الأول أنار له مفاهيم علم الاجتماع، والثاني أطلّ به على الكليّات في سياق الزمن الممتد، والثالث جعله يميل إلى معرفة مكتنزة بالمتعة.
وفي ضوء هذا أسأل:


- أين تجد نفسك اليوم مثقفاً وصاحب دور ثقافي - مجتمعي؟
-  ليتني أعرف. فالوضع العربي تغيّر بصورة مربكة للمثقف، وللفكر إجمالاً إلى الحد الذي أصبحت معه الانتماءات القديمة، التي كنا نُوجدها ونصنف المثقف على أساسها، انتماءات مفككة. إن الانتماءات القائمة على الأصول الاجتماعية، والأساس الطبقي، أو الفئوي، وعلى أصناف أخرى من الالتزام لم تتفكك فحسب، وإنما تشوّهت إلى الحد الذي يصعب معه تحديد التمايز الاجتماعي الذي يمكن أن يتموضع على ما كان له من أسس... باختصار: هناك ضرب من الضياع لم يعد المثقف معه قادراً على أن يجد نفسه.
لقد اعتدنا الحديث عن المثقف ودوره. كان هذا في مرحلة أسند فيها هذا المثقف لنفسه، أو أسندت إليه أدوار. إلا أن هذه الأدوار، حقيقية كانت أم متوهَمة، انتهت من بعد أن حسب هذا المثقف، وعلى مديات من الزمن، أن له مثل هذه الأدوار التي استغنت عنها، وعنه السلطة. وأمام هذا لم يجد، أو لم يعد أمامه إلا أن يمرّ من «موقع المفكر» إلى «العمل السياسي». لقد تبيّن له أن ما يقوم به فكرياً لا يتحقق، بدرجة ما، إلا سياسياً، وإلى حدّ كبير من خلال التخلص من الفكر بذاته.
ويمكن القول: إنه عاش، وواصل، متوهماً أن هذا الدور مازال له.
- ألا تجد نفسك، بهذا، تهمّش المثقف واقعاً ودوراً؟
- شيء من هذا القبيل.
- إذن، ماذا أبقيتَ، أو بقي، له؟
- بقي له، وفق ما أرى، عملان أساسيان ومستعجلان، الأول: أن يُحاول، فكرياً، إيجاد خيوط لاتزال رابطة على الرغم من كل ما يبدو من تفكك في المجتمع العربي، وذلك بافتراض أن وراء هذا التفكك لايزال حدّ أدنى من التماسك. والثاني هو محاولة إعادة المعاني إلى الأشياء، وبالتالي مواجهة اللامعنى الذي يسود الآن في الثقافة العربية، ذلك أن الأغلبية تقول بهذا من دون تردد. تنتج اللامعنى، وتتداوله، أي إنها تتواطأ على اللامعنى.
- هل أفهم مما تقول أنك ترى أنه مازالت هناك إمكانية لاستئناف هذا المثقف دوره. فإن كان، فمن أين ينبغي أن تكون البداية برأيك؟
- لستُ متأكداً من دقّة كلمة «استئناف»، لأني أرى أن المطلوب ليس الاستئناف، وإنما التشديد في القطيعة مع فكر الماضي. وأنت تعرف أن مفهوم «القطيعة» غير موجود عملياً في تاريخ الثقافة العربية، لذلك تجد في هذه الثقافة، بما في ذلك ما يُكتب اليوم، اختلاط الأزمنة وتداخلها، وكذلك الأنساق الفكرية، وهذا ما يُفسّر، على سبيل المثال، اللجوء إلى الماضي، والتراث، والأصالة، والذاتية، والهوية، وكل ما يحفّ بذلك، حتى لو كان موضوع البحث في الحداثة والمستقبل،  لتشعر أحياناً وكأن العربي يمشي القهقرى ليرى ماضيه أمامه، فهو دائماً أمام «ماضٍ/مستقبل»، أو «مستقبل/ماضٍ».
- كأني بك تتمثل الواقع العربي الحاضر في حالتين: حالة إفراغ ثقافة الحاضر من أي مضمون بنّاء، أو إيجابي، وحالة اليأس من أن يكون للمثقف دور فاعل، ومُغيّر، يمكن أن يلعبه في الحاضر.
- لا... ليس يأساً. أنا أرى أن بإمكان هذا المثقف أن يقوم بدور،... إذ لايزال هناك أمل في المثقف في أن يُعيد التماسك، ويستعيد المعاني فيعيدها إلى الأشياء... ولكننا في واقع محبَط، مع أن إحباط الواقع لا يعني استحالة تغييره... إنما الأمر، كما أراه، بخلاف ذلك... فهذا الإحباط قد يحمل معنى عدم الرضا، أو عدم القبول، وبذلك يكون حافزاً على التغيير.
أنا أتحدث عن الإحباط الفكري الذي يدفع إليه ما نراه من «سريالية» غير منتظرة، منها، على سبيل المثال، هذا «السبيل الدموي» الذي يسلكه متطرفون في حياتنا اليوم.
- كيف تمكن هذا كله من ثقافة القرن الحادي والعشرين التي كان منتظراً أن تؤلف قوّة إيجابية جديدة أكبر فعلاً وأقوى تأثيراً؟
- هذا هو الشيء المحبِط. إننا اليوم أمام ظواهر يصعب تفسيرها فكرياً. أليس مُحبِطاً أن تجد «الظاهرة الداعشية» فئات عريضة تحتضنها، وأن تجد الدعاة لها وهم يصولون ويجولون على الشاشات وأرض الواقع، وأن تجد العرّافين يوزعون على الناس مصائرهم مع الجن والشياطين؟ أليس محبِطاً أن ينتشر بين الناس أن الأرض لا تدور؟ الإحباط ليس في أن يُقال بذلك، بل في أن ينتشر بين الناس، ويكون موضع نقاش وجدال في «ثقافة الفيسبوك».
- نبّهنا كثيراً في تسعينيات القرن الماضي إلى خطر العولمة الثقافية. ولكن يبدو أنها اليوم تحتاز دروباً أشد فتكاً بالعقول مما كان.
- أعتقد أن إشكالية العولمة مصطنعة، والموقف الثقافي العربي منها ليس قائماً على فهم ميكانيزماتي، وإنما هو نتيجة ردود فعل ثقافي صِرْف تتصل، على نحو خاص، بالهوية والقيم. ثم إن العولمة ليست حرباً موجهة ضدّ العرب، وإنما هي ظاهرة كونية مسّت المجتمعات والثقافات بوجه عام. أما الاختلاف في الموقف منها فهو وفق ثقة المجتمعات بنفسها، أو بدرجة اهتزازها. فالثقافة التي لا تثق بنفسها تأتي ردود فعلها على العولمة حادة، بينما تستوعب الثقافة المستقرّةُ العولمةَ من دون ذلك التشنج الثقافي العربي تجاهها.
- ولكننا نجد في بعض المجتمعات الغربية ردود فعل على العولمة قريبة، إن لم تكن متماثلة موقفاً منها مع الموقف العربي.
- ما يُثار من ردود فعل تجاه العولمة في المجتمعات الغربية هو بحث عن دور فاعل في هذه العولمة. أما نحن فلا نبحث عن موقع أو دور، لكنها ردود فعل من يشعر بأنه مهدّد. إن الموقف هنا هو دفاع عن الذات وليس إثباتاً للذات. أما اجتماعياً، فمن الطبيعي أن تكون انعكاسات العولمة على تركيبة المجتمع العربي ذات أثر أكثر سلبية منها على المجتمعات الغربية، نظراً لضعف المجتمع العربي من وجهة جيو - سياسية. إن المجتمع العربي ضعيف، وعلى ذلك فهو يتلقى النتائج من دون أن يُشارك في صناعتها.
- أنا هنا أحاور مفكراً، وعالم اجتماع، ومثقفاً تعنيه الثقافة في بُعدها الفاعل، ودورها التغييري. ولذلك سأسألك عن البديل كما تراه، أو يتعيّن عندك.
- قلتُ إن المثقف اليوم يعيش الحدّ الأدنى لدور المثقف مهما كانت ظروف المجتمع، وطبيعته هو أن ينتج ثقافة تحمل معنىً جديداً للأشياء. إن قواميس الثقافة والفكر لم يعد صالحاً منها ما صدر قبل ثلاثين عاماً. لابدّ من إعادة تعريف الأشياء وإكسابها بُعداً جديداً.
- هل أنت بهذا الذي تذهب فيه تلغي حقباً وتواريخ... أم...؟
- لا... هناك فرق بين أن تكون هذه الحقب والتواريخ موضوع تفكير وتأويل وتفسير جديدين وبين أن تكون موجِّهة لك ولفكرك (وهذا مطلوب)، ففي هذه الحال تكون عبئاً على الفكر.
- هل تضع لهذا أسساً فكرية، أو منطلقات؟
- من الصعب أن أرسم خطوطاً وأضع منطلقات لصيرورة مجتـــــمع. هــــذا عمل جماعي طويل المدى. ولكن هناك ما يُشبه المسلمات، على الأقل بالنسبة إلي، وأولى هذه المسلمات ما تبيّن من أنه لا مجال لبناء مجتمع متقدم وحديث من دون تصفية الحساب مع الماضي - أي إعادة النــــــظر فيه، وتحليله وفهــــمه لطرد كل ما ليس معقولاً ولا مُحفّزاً على الذهــــــاب نحو المستقبل. بعبارة أخرى: تخليص الثقافة من كل ما يعيق التقدّم، بما في ذلك إعادة النظر في المقولات الرائجة التي ظاهرها العلم وباطنها الجهل.
القول بأنه لا مستقبل من دون ماض عبءٌ مُعطِل يندرج ضمن هذا البتّ في ثنائيات عربية شهيرة لم يستطع الفكر العربي الاستغناء عنها ولا إيجاد حلول لها، وهي من نوع: الأصالة والمعاصرة، التراث والحداثة... إلخ. إنها ثنائيات معلّقة ترسل القول وتسيل الحبر من دون جدوى.
المسلمة الثانية هي ألا يكتفي المثقف بما يراه، وإنما يسعى إلى رصد المعنى الذي يُسنده الناس إلى أفعالهم، ويُعبّر عن ذلك بطريقة علمية. فالمفكر يسند المعاني إلى الظواهر الثقافية جاعلاً منها معانيَ لهذه الظواهر، لذلك تبقى أفكاره خارج/ أو موازية لرؤى الناس المعنيين مباشرة بهذه الظواهرـ وهو ما يُفسّر عدم تنبّه المثقفين إلى بعض المنعطفات التاريخية، ولا يهتمون برصد إرهاصاتها بين الناس.
المسلمة الثالثة: إن ما وراء الظواهر من سكون الحراك الاجتماعي، أو تراجعه، هناك دائماً نبض خفي في المجتمع قد يكون من الصعب رصده ميدانياً، ولكنه لا يُدرك إلا بالحدس التاريخي، وهذا يعني عدم إمكان الحكم على مجتمع ما بالجمود وعدم التغيُّر. فهناك، كما نعلم، تحولات كبرى، بما في ذلك ما كان منها في المجتمع، لم يتم التنبؤ بها.
- منذ ما يُقارب نصف القرن وأنت تشتغل، فكرياً وثقافياً، في هذا المجال، وقد خبرته وتوصلتَ إلى كثير من أسراره. فأين أنتَ اليوم، معطىً ثقافياً وموقفاً فكرياً، من هذا كلّه؟
- بكل تواضع مطلوب وغير مفتعل: أعدّ مهمتي الأساس مهمة أستاذ جامعي. وإذا كان لي أن آمل في شيء تحقق، بدرجة أو بأخرى، فهو توجيه بعض طلبتي، على الأقل، إلى مشارف لم تكن مطروقة من قبل، ولا مألوفة في ذلك الوقت... سواء جاء هذا في مستوى الرؤية، أو في مستوى المنهج، أو في اختيار الموضوعات الأكثر إنتاجاً للمعنى الجديد. من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، وبدرجة أساس: الربط التحليلي بين الفكر والواقع. وكنتُ شخصياً قد جرَّبتُ هذا الربط في ما كتبتُ في «سوسيولوجيا الغزل العربي»، ومن ثم حاولتُ تقديمه بشكل مكثف في «سوسيولوجيا الثقافة»، فضلاً عن بعض الأبحاث الأخرى.
 خارج مجال التعليم الجامعي من الصعب عليَّ القول ما إذا كان لما كتبتُ أثر ما، أو تأثير.
أما إذا كان مطلوباً مني أن أقيّم وضع الرؤى والمناهج التي اتبعت في الوقت الراهن، فإن ما حصل من تغيرات واسعة وعميقة في المجتمع العربي، وعلى صعيد كوني عرّضتُ هذه الرؤى والمناهج إلى إعادة نظر قويّة ومعروفة، خصوصاً ما اتصل منها بالفكر المعاصر، وبالفكر الماركسي والفكر القومي - وهما الفكران اللذان حاولتُ الربط بينهما.
- وأين تجد كلاً من الفكرين مما نحن عليه اليوم؟ وهل تجد أن في مقدورهما استئناف الدور الذي كان لكل منهما في حياتنا المجتمعية والثقافية، أم أن هناك أطروحات جديدة يمكن أن تكون مؤسِّسة لفكر آخر يمكن أن يحل محلهما، ويكون له دور مستقبلي؟
- أنتَ تعلم أن مشكلات الفكر العربي الكبرى تتركز في افتقاده إيقاع التطور المناسب للتغيّر الاجتماعي والمعرفي معاً. فنحن إزاء التغيّر الاجتماعي الذي يحصل في المجتمعات الأخرى لا نطوّر مناهجنا وآليات التحليل عندنا بالسرعة المناسبة لهذا التغير. لذا تبقى هناك مسافة بين الواقع والقدرة على تحليله، وهذا بذاته يُعطي الانطباع بأن أغلب ما نقوله ونكتبه متخلف كثيراً، أو متقدم عليه، وقد يجوز، من باب تقديم مثال على هذا، أن نذكر الفكر التقليدي من ناحية، وبعض الفكر الماركسي من ناحية أخرى... ففي كلتا الحالتين هناك تباعد وخلل في الربط بين الفكر والواقع، ما يعني ضرورة بناء نظرية، وتقديم نماذج تحليلية جديدة تعتمد الواقع الاجتماعي التاريخي من ناحية، وتقدم المعرفة من ناحية أخرى.
- الآن، أين تجد مشروعك الثقافي والفكري في ما آل إليه الواقع؟ 
- لا أريد أن أبدو محبَطاً أو متشائماً أكثر مما ينبغي... ولكني ألاحظ أنّ النتاج الواسع في مجال العلوم الإنسانية عموماً، والعلوم الاجتماعية بوجه خاص، لم ينتج تراكماً معرفياً قادراً على إحداث منعطفات واضحة في الفكر العربي، هذا على الرغم من أن هناك بعض النصوص المؤسِّسة فعلاً في مجالات المعرفة (تتمثل في كتابات عبدالله العروي، وهشام شرابي، وهشام جعيط، وكذلك كتابي «سوسيولوجيا الغزل العربي»...)، تؤثّر في الناس بطريقة جديدة، وتهديهم إلى سبل جديدة. ولكن هذه النصوص لم تُتْبع بالطريق الكافي، ولا بالنَفَس الكافي لتُحدث حركة جديدة، ولا خلّفتْ مذاهب أو أنشأت مدارس، بخلاف ما عليها الحال في أوربا، حيث المدارس والاتجاهات المستمدة وجوداً من أعمال مفكريها ومن أطروحاتهم فيها. فالمجتهدون عندنا، في العلوم الاجتماعية والإنسانية الذين أسسوا لفكر واتجاهات واضحة، لم تنتظم من حولهم مدارس واتجاهات واضحة. لذلك نحتاج اليوم إلى عمل يكشف عن هذه النصوص المؤسِّسة.
- ألا تجد أن لما سبق لي أن أطلقتُ عليه في بداية تسعينيات القرن الماضي تسمية «نقص الحرية في الحياة العربية» من تأثير مباشر في ما يتعيّن عندك، فكرياً، على هذا النحو؟
- نقص الحرية، أو غيابها لا يمنع من كل شيء... من تطوير تاريخ العصر الوسيط، مثلاً، فهي لا تتحرك بوصفها نصوصاً جماعية. غياب الحرية كثيراً ما يُتخذ تبريراً لعجزنا الفكري. كثير من النصوص المؤسسة في واقع غياب الحرية لم يمنعها القمع من الظهور. صحيح أن هناك أشياء لم تُكتب بسبب غياب الحرية. ولكن ظهرت نصوص في واقع غياب الحرية هذا.
- كيف يمكن أن نفسّر الانعطافة الثقافية لديك بتوجهك، أنت المفكّر، لكتابة الرواية التي هي فن أدبي خالص؟
- أولاً، الرواية عندي لاتزال حتى الآن مشروعاً تحت الكتابة... إنها مجرّد مشروع بدأته، ولستُ متأكداً من إنهائه! أما لماذا الرواية؟ فذلك لأني من الذين يعتقدون أن الإبداع الأدبي، شعراً كان أم رواية، له ما ليس للبحث العلمي المتخصص من حدس وخيال ومن قدرة على التعبير عن الوعي الممكن. البحث العلمي يُعبّر، بالدرجة الأولى، عن الوعي التجريبي، ولذلك قلّما تكون له القدرة على استشراف مستقبل التغيرات الاجتماعية. وفعلاً قد تجد في بيت من الشعر ما يتنبأ بالممكن ويُعبّر عنه أكثر مما تجده في أطنان من الأبحاث.
قد يكون وراء ميلي الحالي إلى كتابة نص إبداعي ما تفتقده الأبحاث العلمية من لذّة الكتابة. في الأبحاث قد تجد فكراً، ولكن 
لا تجد فيها لذّة النص. قد تجد في البحث كل شيء إلا «فن الكتابة».
- قبلك كتب عبدالله العروي الرواية. فهل وجدت في ما كتب ينطبق عليه ما ترى بشأن الفن؟
- لا أعرف ما طبيعة التفسير الذي أعطاه العروي لكتابته الرواية. ولكن اللافت للانتباه أن المغرب الأقصى أكثر بلد عربي جمع فيه المتخصصون في العلوم الإنسانية والاجتماعية والتحليل العلمي، الذي يقع فيه اختصاصهم، وبين الإبداع الأدبي. هذا يحتاج إلى تفسير بوصفه ظاهرة عامة لا فردية. فإلى جانب العروي كتب الرواية كل من عبدالعزيز الحبابي، وعبدالكبير الخطيبي - الذي كتب رواية عن الفن التشكيلي - ويبدو أن الظاهرة انتقلت إلى الجيل الجديد من المغاربة.
واللافت للانتباه هو أن كبار المفكرين في المغرب كتبوا الرواية وكأنهم يختمون مراحلهم الأكاديمية بكتابة أعمال إبداعية كما لو أن الإبداع مثّل عندهم «قفلة مريحة» ■