الديموغرافيا والاقتصاد العالمي

الديموغرافيا والاقتصاد العالمي

أشار‭ ‬اقتصاديون‭ ‬إلى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬التطورات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬والأزمة‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008‭. ‬

ويؤكد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الاقتصاديون‭ ‬أن‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬السكاني‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬السلوكيات‭ ‬الاستهلاكية‭. ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬المؤشرات‭ ‬انخفاض‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارهم‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العمل‭. ‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬القوة‭ ‬البشريـة‭ (‬Manpower‭)‬‭ ‬الذين‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬و65‭ ‬عاماً،‭ ‬سوف‭ ‬تنخفض‭ ‬بنسبة‭ ‬5‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬عن‭ ‬مستواها‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬بلداناً‭ ‬منها‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬سوف‭ ‬تواجه‭ ‬التطورات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬الأخرى‭. ‬أيضاً،‭ ‬فإن‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬تتعدى‭ ‬أعمارهم‭ ‬الخامسة‭ ‬والستين‭ ‬عاماً‭ ‬سوف‭ ‬ترتفع‭ ‬نسبتهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬السكاني‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭.‬

يعني‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتحملات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتزامات‭ ‬التقاعد‭. ‬وغني‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬أن‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬شهدت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬يقارب‭ ‬المائة‭ ‬عام‭ ‬متغيرات‭ ‬مهمة،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الحياة،‭ ‬حيث‭ ‬تتراوح‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬75‭ ‬و80‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬عديدة‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬هو‭ ‬متغير‭ ‬إيجابي‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬تحسن‭ ‬نوعية‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وشرق‭ ‬آسيا‭.‬

بلدان‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬واليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬تواجه‭ ‬استحقاقات‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الحياة‭ ‬Life‭ ‬Expectancy‭ ‬وتضطر‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬للعناية‭ ‬بكبار‭ ‬السن‭.‬

لكن‭ ‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬الأوضاع‭ ‬الديموغرافية‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬وشرق‭ ‬آسيا‭ ‬وعدد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬والناشئة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن؟‭ ‬

 

سياسات‭ ‬دعم‭ ‬الإنجاب

إن‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬توضيح‭ ‬أن‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬قد‭ ‬تراجعت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭. ‬ويقدر‭ ‬المختصون‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة‭ ‬المناسب‭ ‬للتعويض‭ ‬عن‭ ‬الوفيات‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬2.1‭ ‬طفل‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الإخصاب‭.‬

لكن‭ ‬معظم‭ ‬بلدان‭ ‬العالم،‭ ‬فيما‭ ‬عدا‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المستوى‭. ‬وتحاول‭ ‬بلدان‭ ‬عديدة،‭ ‬ومنها‭ ‬الصين‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأوربية،‭ ‬أن‭ ‬تحفز‭ ‬المواطنين‭ ‬لإنجاب‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬دعم‭ ‬اجتماعية‭ ‬متنوعة‭. ‬

الصين‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬سياسة‭ ‬الطفل‭ ‬الواحد‭ ‬للأسرة‭ ‬منذ‭ ‬أواسط‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬قررت‭ ‬تشجيع‭ ‬الأسر‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تنجب‭ ‬طفلين‭ ‬بموجب‭ ‬معايير‭ ‬محددة،‭ ‬مثل‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬الأبوين‭ ‬إخوة‭ ‬أو‭ ‬أخوات‭ ‬أو‭ ‬أبناء‭ ‬عمومة‭ ‬أو‭ ‬أقارب‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭.‬

اتخذت‭ ‬السلطات‭ ‬الصينية‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬الجديدة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تراجعت‭ ‬أعداد‭ ‬الشباب‭ ‬وصغار‭ ‬السن،‭ ‬وارتفعت‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬الخامسة‭ ‬والستين‭.‬

وهناك‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬المكسيك،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬المهاجرين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬انخفض‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬5.4‭ ‬أطفال‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬2.3‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬ويتوقع‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬إلى‭ ‬1.9‭ ‬طفل‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الإخصاب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2030‭.‬

‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬مثل‭ ‬المكسيك‭ ‬مازال‭ ‬يعاني‭ ‬الفقر‭ ‬وتدني‭ ‬المستويات‭ ‬التعليمية‭ ‬وانتشار‭ ‬الخرافات‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إمكانات‭ ‬لتراجع‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬نامية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬الأخرى‭.‬

إذاً‭ ‬فمعدلات‭ ‬النمو‭ ‬الطبيعية‭ ‬للسكان‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬تراجعت‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬حيث‭ ‬يقدر‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬للسكان‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬بنحو‭ ‬1.11‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬وهو‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬المعدل‭ ‬المتحقق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬1.13‭ ‬في‭ ‬المائة‭. ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬ستكون‭ ‬بحدود‭ ‬80‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬أن‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬سنوي‭ ‬لنمو‭ ‬السكان‭ ‬عالمياً‭ ‬بلغ‭ ‬2‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬عام‭ ‬1960‭.‬

ويرى‭ ‬اقتصاديون‭ ‬أن‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬السكاني‭ ‬سيكون‭ ‬مفيداً‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬خصوصاً‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭  ‬أوضاعاً‭ ‬اقتصادية‭ ‬صعبة‭ ‬واكتظاظاً‭ ‬سكانياَ‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬وأطرافها،‭ ‬مثل‭ ‬نيجيريا‭ ‬وإندونيسيا‭ ‬ومصر،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬العالمي‭ ‬لايزال‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭. ‬مازال‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬السكاني‭ ‬في‭ ‬الكونغو‭ ‬3.17‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬وفي‭ ‬مصر‭ ‬2.18‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وفي‭ ‬إثيوبيا‭ ‬2.53‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وفي‭ ‬كينيا‭ ‬2.65‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وفي‭ ‬نيجيريا‭ ‬2.67‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وبلغ‭ ‬في‭ ‬النيجر‭ ‬4.0‭ ‬في‭ ‬المائة‭.‬

هناك‭ ‬تفاوت،‭ ‬وتظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬عصية‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬واستيعاب‭ ‬أهمية‭ ‬تنظيم‭ ‬الأسرة‭. ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬تنموية‭ ‬مهمة،‭ ‬وترتبط‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬بالمشكلات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬محدودية‭ ‬الإيرادات‭ ‬الوطنية‭ ‬المتحققة‭ ‬من‭ ‬نشاط‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭.‬

 

آليات‭ ‬سياسية‭ ‬عطلت‭ ‬الإمكانات‭ ‬المالية

كما‭ ‬أن‭ ‬الإدارات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تعاقبت‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬إيقاع‭ ‬العملية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وعمدت‭ ‬إلى‭ ‬اتباع‭ ‬آليات‭ ‬سياسية‭ ‬عطلت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإمكانات‭ ‬المالية‭ ‬والبشرية،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬مرت‭ ‬بظروف‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬معقدة،‭ ‬وبعض‭ ‬منها‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬أهلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬نوعية‭ ‬الحياة‭ ‬وإهدار‭ ‬الموارد‭ ‬المحدودة‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬يمثل‭ ‬انخفاض‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬الطبيعي‭ ‬تحدياً‭ ‬ديموغرافياً‭ ‬مقلقاً‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬فإن‭ ‬ارتفاع‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬يشكل‭ ‬عبئاً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬مهماً‭.‬

وقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2016‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬7.5‭ ‬مليارات‭ ‬نسمة،‭ ‬ويعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬ارتفع‭ ‬من‭ ‬2.5‭ ‬مليار‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1950‭ ‬وبنسبة‭ ‬200‭ ‬في‭ ‬المائة‭.‬

هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬المهمة‭ ‬جرت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية،‭ ‬التي‭ ‬أوضحت‭ ‬آنفاً‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬منها،‭ ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬تشكو‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬أوضاعها‭ ‬الديموغرافية؟‭ ‬يقدر‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬معدلات‭ ‬الإعالة‭ ‬سوف‭ ‬ترتفع‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬متقدمة‭ ‬وناشئة‭ ‬عديدة،‭ ‬ومنها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭. ‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬هناك‭ ‬5.1‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬المعالين‭ ‬Dependents‭ ‬لكل‭ ‬10‭ ‬أفراد‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العمل‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ينقسمون‭ ‬بين‭ ‬2.2‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬و2‭.‬9‭ ‬من‭ ‬الصغار‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المعدل‭ ‬سيتغير‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬ليبلغ‭ ‬6.6‭ ‬من‭ ‬المعالين‭ ‬لكل‭ ‬10‭ ‬أفراد‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العمل،‭ ‬منهم‭ ‬3.7‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬و2.9‭ ‬من‭ ‬الصغار‭.‬

أما‭ ‬الصين‭ ‬فهي‭ ‬تواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬انخفاض‭ ‬أعداد‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العمل‭ (‬15‭ ‬ذ‭ ‬64‭)‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬معدل‭ ‬الإعالة‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬3.7‭ ‬لكل‭ ‬10‭ ‬من‭ ‬العاملين،‭ ‬وربما‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الثلاثين‭ ‬المقبلة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬أعداد‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬السكاني‭. ‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬قد‭ ‬تأثرت‭ ‬بالمتغيرات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬المتغيرات‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وانعكاسها‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬الاجتماعية‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬أجريت‭ ‬دراسات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬معاهد‭ ‬وجامعات‭ ‬مرموقة‭ ‬ربطت‭ ‬بين‭ ‬التحولات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والتحولات‭ ‬في‭ ‬الأنماط‭ ‬الديموغرافية‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة،‭ ‬ومنها‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوربي‭. ‬

وخلال‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬مروراً‭ ‬بالعقود‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬تراجعت‭ ‬معدلات‭ ‬الوفيات‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية،‭ ‬وتحسنت‭ ‬معدلات‭ ‬الحياة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ارتقت‭ ‬مستويات‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وزاد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بأوضاع‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭ ‬انخفضت‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬صبغة‭ ‬صناعية‭ ‬وحضرية،‭ ‬وتراجعت‭ ‬أعداد‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي،‭ ‬وارتفعت‭ ‬المستويات‭ ‬التعليمية‭ ‬للسكان،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬لم‭ ‬تخلُ‭ ‬من‭ ‬مفارقات،‭ ‬فمثلاً‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬برزت‭ ‬ظاهرة‭ ‬الولادات‭ ‬المتزايدة‭ ‬Baby Boom‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بما‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬الطبيعي‭ ‬للسكان‭ ‬هناك‭.‬

 

منافع‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬عبئاً‭ ‬اقتصادياً

ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬كانت‭ ‬مفيدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬أعداد‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬لاحقة،‭ ‬وفاء‭ ‬للطلب‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬المنافع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬ماضية‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬عبئاً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬الآن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬ولدوا‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬المتقاعدين‭ ‬والمعتمدين‭ ‬على‭ ‬المعاشات‭ ‬التقاعدية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭.‬

وقد‭ ‬ارتفع‭ ‬عدد‭ ‬المؤهلين‭ ‬للمعاشات‭ ‬التقاعدية‭ ‬من‭ ‬41.4‭ ‬مليونا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬إلى‭ ‬49.0‭ ‬مليونا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬وما‭ ‬يثير‭ ‬الانتباه‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يتقاعد‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬والستين‭ ‬ربما‭ ‬يظل‭ ‬مستحقاً‭ ‬لحقوقه‭ ‬من‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬الثمانين‭ ‬عاماً‭ ‬كمعدل‭ ‬عام‭.‬

ربما‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬حيث‭ ‬تظل‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬عالية‭ ‬مقابل‭ ‬تدني‭ ‬معدلات‭ ‬سنوات‭ ‬الحياة‭.‬

تؤكد‭ ‬النظرية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أمرين‭ ‬يحددان‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتحسين‭ ‬نوعية‭ ‬الحياة،‭ ‬وهما‭ ‬عدد‭ ‬العاملين‭ ‬والإنتاجية‭.‬

في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ظل‭ ‬معدل‭ ‬نمو‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬0.2‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬مقــــارنــة‭ ‬بـ‭ ‬1.2‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬سنوياً‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬العقد‭ ‬السابق‭.‬

وللتذكير،‭ ‬فإن‭ ‬القوة‭ ‬البشرية‭ ‬تُحدد‭ ‬بالسكان‭ ‬الذين‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬و64‭ ‬عاماً‭. ‬

وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬تعادل‭ ‬62.4‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهذا‭ ‬أدنى‭ ‬معدل‭ ‬منذ‭ ‬40‭ ‬عاماً،‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬المرأة‭ ‬تمثل‭ ‬نسبة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬العاملين‭.‬

هناك‭ ‬عوامل‭ ‬عديدة‭ ‬قد‭ ‬تخفض‭ ‬مستويات‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬منها‭ ‬إقدام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬على‭ ‬التقاعد‭ ‬وتراجع‭ ‬مشاركة‭ ‬النساء،‭ ‬وعزوف‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬نتيجة‭ ‬لاستمرار‭ ‬التحصيل‭ ‬التعليمي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬الذين‭ ‬يفقدون‭ ‬ميزاتهم‭ ‬المهنية‭ ‬نتيجة‭ ‬للتطورات‭ ‬التقنية‭ ‬قد‭ ‬يغادرون‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭.‬ت

لوحظ،‭ ‬أيضاً،‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتفاعلة‭ ‬مع‭ ‬التطورات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬تبدلات‭ ‬في‭ ‬عادات‭ ‬الادخار،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬سنواتهم‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬عشرينياتهم‭ ‬أو‭ ‬ثلاثينياتهم‭ ‬بالاقتراض‭ ‬لتحسين‭ ‬أوضاعهم‭ ‬المعيشية‭ ‬ومواجهة‭ ‬المديونيات‭ ‬من‭ ‬المداخيل،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬الاقتراض‭ ‬لاقتناء‭ ‬المساكن‭ ‬أو‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬أطفالهم‭ ‬الصغار،‭ ‬أو‭ ‬التمتع‭ ‬بالاستهلاك‭ ‬الترفي،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬المداخيل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتجاوزوا‭ ‬الأربعين،‭ ‬تتراجع‭ ‬الالتزامات‭ ‬بما‭ ‬يحسن‭ ‬القدرات‭ ‬على‭ ‬الادخار‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬على‭ ‬الادخار‭ ‬تتراجع‭ ‬بعد‭ ‬التقاعد،‭ ‬وربما‭ ‬تستخدم‭ ‬المدخرات‭ ‬لمواجهة‭ ‬أعباء‭ ‬سنوات‭ ‬الشيخوخة‭.‬

وتتفاوت‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬بين‭ ‬البلدان،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬واليابان،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬البلدان‭ ‬الأوربية،‭ ‬لذلك‭ ‬يجد‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬بلدان‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬أو‭ ‬ألمانيا‭ ‬تتمتع‭ ‬بفوائض‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الحساب‭ ‬الجاري‭ ‬أو‭ ‬حساب‭ ‬ميزان‭ ‬المدفوعات،‭ ‬بينما‭ ‬تحقق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عجزاً‭ ‬مستمراً‭ ‬في‭ ‬ميزانها‭ ‬التجاري،‭ ‬نظراً‭ ‬لتعاظم‭ ‬قيمة‭ ‬الواردات‭ ‬السلعية‭ ‬قياساً‭ ‬بالصادرات‭.‬

 

الادخار‭ ‬نتاج‭ ‬عادات‭ ‬الاستهلاك

ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالادخار‭ ‬من‭ ‬سلوكيات‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لعادات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬العمر‭. ‬تتبدل‭ ‬عادات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬عمر‭ ‬الإنسان‭. ‬الأسر‭ ‬الشابة‭ ‬تستهلك‭ ‬كثيراً،‭ ‬وكما‭ ‬أوضحت‭ ‬آنفاً،‭ ‬تنفق‭ ‬على‭ ‬اقتناء‭ ‬السكن‭ ‬والسيارات‭ ‬والسلع‭ ‬المعمرة‭ ‬وتعليم‭ ‬الأبناء‭ ‬ورعايتهم‭ ‬صحياً‭.‬

لكن‭ ‬عندما‭ ‬يتقدم‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬ينفق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬مداخيله‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وتنخفض‭ ‬معدلات‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الديون‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالعقار‭ ‬أو‭ ‬السلع‭ ‬المعمرة‭.‬

ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬أعداد‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬التزايد‭ ‬تواجه‭ ‬احتمالات‭ ‬الانكماش‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬وتدفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬الأعمال‭ ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬برامج‭ ‬التوسع،‭ ‬خصوصاً‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬التوزيع‭ ‬السلعي‭ ‬أو‭ ‬الخدمات‭ ‬مثل‭ ‬المطاعم‭ ‬والمقاهي‭ ‬أو‭ ‬وكالات‭ ‬السفر‭ ‬والسياحة‭. ‬وتواجه‭ ‬الحكومات‭ ‬هذه‭ ‬الاحتمالات‭ ‬المقلقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬تشجيع‭ ‬الإنجاب‭ ‬وتخصيص‭ ‬مكافآت‭ ‬للأسر‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬عدد‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬واحد‭ ‬إلى‭ ‬اثنين‭ ‬بموجب‭ ‬شروط،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كندا‭ ‬وسنغافورة‭ ‬وأستراليا‭ ‬اعتمدت‭ ‬تقديم‭ ‬مبالغ‭ ‬للأسر‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬عدد‭ ‬أطفالها‭. ‬كذلك‭ ‬وفرت‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬دعماً‭ ‬للأمهات‭ ‬العاملات‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬اهتمام‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬بظاهرة‭ ‬الخصوبة‭ ‬المنخفضة‭.‬ت

إن‭ ‬التفاوت‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬والنمو‭ ‬السكاني‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬سوف‭ ‬يحدث‭ ‬متغيرات‭ ‬كمية‭ ‬ونوعية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثين‭ ‬المقبلة‭ ‬بموجب‭ ‬تقديرات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمعاهد‭ ‬المتخصصة‭ ‬بعلم‭ ‬الإنسان‭. ‬

كما‭ ‬ستظل‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬الخصوبة‭ ‬العالية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وآسيا،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الهند‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬وتأتي‭ ‬نيجيريا‭ ‬في‭ ‬الترتيب‭ ‬الثالث،‭ ‬وستكون‭ ‬إندونيسيا‭ ‬الدولة‭ ‬الخامسة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭. ‬

هذه‭ ‬البلدان‭ ‬ستظل‭ ‬فقيرة،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬البلدان‭ ‬منخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬تمثل‭ ‬9‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬ترتفع‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2050‭. ‬

السؤال‭ ‬المهم‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬ستتمكن‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬أعباء‭ ‬التشغيل‭ ‬وخلق‭ ‬الوظائف؟‭ ‬أو‭ ‬هل‭ ‬ستضطر‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬للهجرة‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬ستعاني‭ ‬تراجع‭ ‬أعداد‭ ‬المؤهلين‭ ‬لسوق‭ ‬العمل؟‭ ‬

ثم‭ ‬هل‭ ‬ستتمكن‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬انخفاض‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬ومعدلات‭ ‬النمو‭ ‬الطبيعي‭ ‬للسكان‭ ‬وتراجع‭ ‬التدفق‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التحولات‭ ‬التقنية‭ ‬للتعويض‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬العاملين؟‭ ‬غني‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬أن‭ ‬البلدان‭ ‬الصناعية‭ ‬أخذت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تقييد‭ ‬تدفق‭ ‬المهاجرين‭ ‬لأسباب‭ ‬أمنية‭ ‬تواجتماعية،‭ ‬ولكن‭ ‬التحديات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬المتوقعة‭ ‬مهمة‭ ‬وتتطلب‭ ‬التمعن‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬بدائل‭ ‬متوازنة‭ .