تكنولوجيا بلا حدود: د. أحمد أبوزيد

تكنولوجيا بلا حدود: د. أحمد أبوزيد
        

          في الوقت الذي تشكو فيه معظم المدارس والجامعات في العالم العربي من انصراف الطلاب الجدد عن الالتحاق بأقسام وكليات العلوم، وتفضيل الدراسات الأدبية والإنسانية ،على اعتبار أنها أسهل في الدراسة والتحصيل والاستذكار، تشكو بعض الجامعات في الخارج وخاصة في الولايات المتحدة من انصراف الدارسين عن الإنسانيات مثل التاريخ والعلوم الاجتماعية والفلسفة وما إليها، والإقبال الزائد على العلوم والدراسات التطبيقية والانشغال بالتكنولوجيا وتطبيقاتها في الحياة اليومية مما يهدد الفكر بالتراجع. وربما كان الأكثر تضررًا من هذا الاتجاه هو مجال الأدب بفروعه المختلفة، مما قد يعني في آخر الأمر ضياع الجانب الإنساني من تاريخ التفكير البشري وفقدان الشخصية الفردية تفردها في التفكير، وضياع الأسس التي تقوم عليها فكرة الشعور بالمواطنة والانتماء إلى ثقافة معينة. وقد بدأ الإحساس بخطورة هذه المشكلة عندما قامت مؤسسة «روكفلر» منذ الثمانينيات بدراسة هذا الموضوع وأصدرت تقريرها بعنوان «الإنسانيات في الحياة الأمريكية The Humanities in American Life» وفيه تقول : «من خلال الإنسانيات نستطيع أن نفكر في السؤال الأساسي: ما الذي نقصده من قولنا كل ما هو آدمي أو إنساني؟ إن الإنسانيات تقدم بعض المفاتيح ولكن ليس كل الإجابات الكاملة عن السؤال، فهي تكشف أن الناس لا يعطون نوعًا من الخلفية الروحانية الذهنية لعالم تسوده اللاعقلانية واليأس والشعور بالوحدة، بقدر ما يسوده الصداقة والأمل والعقل.  

          مع ذلك فإن الشعور السائد هو أن الإنسانيات لا تقدم فرصا كافية أو أنها لا تعد للحياة العملية مثلما يفعل التخصص في العلوم الطبيعية والتطبيقية والانشغال بالتكنولوجيات الجديدة وخاصة في المجتمع الرقمي الذي يسود الآن والذي يبدو أنه سوف يمتد إلى المستقبل البعيد سيتطلب إعدادًا خاصًا، فسوق العمل يتطلب «مهارات مفيدة» لا توفرها الإنسانيات في العادة.

          والواقع أننا نعيش الآن في عالم سريع التغير، كان يعتز منذ وقت قريب بما كان يطلق عليه اسم رأس المال الثقافي، فإذا به الآن يعطي أولوية للمعرفة العلمية ويعتبر التخصص في الإنسانيات مسألة عفى عليها الزمن، لأن الإنسانيات غير مفيدة في عالم يهتم بالعلم التجريبي الذي يتعارض مع دراسة الإنسانيات. وفي ذلك يقول مارفن مينسكي Marvin Minsky الخبير في الذكاء الصناعي: إننا نهدر أموالا كثيرة جدا على الإنسانيات ولو أنفقنا هذه الأموال في مجال التكنولوجيا لأمكن توفير عدد من المتخصصين أكثر فائدة وأفضل جدوى بالنسبة للعالم المعاصر.

          ويذهب الأستاذ جون بول رصّو John Paul Russo في كتابه «مستقبل بلا ماض.. الإنسانيات في مجتمع تكنولوجي» The Future without a Past :The Humanities in a Thechnological Society ، إلى تدهور وتراجع الإنسانيات وتوجه المجتمع المعاصر نحو التقنية بحيث أصبحت صفة بكل ما يترتب على ذلك من اتجاهات نحو العقلانية والنظرة الشمولية المتكاملة للأشياء والاستقلال في التفكير الشخصي، كما أن المواجهة بين البشر والطبيعة أصبحت عديمة الجدوى كما كان يحدث في الماضي إذ انفصل الإنسان عن الطبيعة لدرجة أننا أصبحنا نعيش في عالم من التكنولوجيا أكثر منه عالما من الطبيعة، كما أن القيم التكنولوجية أدت إلى تآكل القيم الإنسانية بدلا من ترسيخها وتكثيفها. وقد كانت النتيجة تراجع الإنسانيات التي يفترض أنها تحمي وتحرس ما هو إنساني وتحفظه من الزوال والاختفاء.

الظاهرة التكنولوجية

          والواقع أن سيطرة التكنولوجيا على الحياة في المجتمع المعاصر بل وعلى تشكيل التفكير والتوجهات الذهنية في السنوات الأخيرة من القرن الماضي جذبت انتباه أعداد كبيرة من كبار من المفكرين مثل لويس ممفورد وجاك إيلول وسيجفريد جديون ومن قبلهم جميعا كبار الفلاسفة من أمثال هربرت ماركوزة ، وكلهم حاولوا أن يفهموا ذلك التحول الهائل في السلوك، الذي حدث في فترة لا تزيد على المائة سنة من المجتمع الصناعي إلى المجتمع التكنولوجي. وثمة ميل في معظم هذه الكتابات إلى التفرقة بين «التكنولوجيا» و«التكنولوجيات»، على أساس أن المفهوم الأخير - أي التكنولوجيات - يشير إلى مختلف الآلات والأجهزة واستخداماتها وفائدتها المعينة بصرف النظر عن النظام الاجتماعي وظروف الحياة المجتمعية، بينما المفهوم الأول يعتبر التكنولوجيا نظاما اجتماعيا متواكبا بين النظم السائدة في المجتمع ويتأثر بها ويتفاعل معها، وهذا هو المفهوم الذي يتحدث عنه المفكرون والفلاسفة الكبار والذي يأخذ المصطلح بمعنى الظاهرة الفريدة وأن البشر هم مجرد «مادة خام» لو صح التعبير في خدمة النسق. التكنولوجيا بهذا المفهوم ليست نسقًا محايدًا كما في المفهوم الثاني. فالسيارة سيارة لها مواصفات معينة واستخدامات معروفة في كل المجتمعات ولا تتأثر باختلاف النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أما في المفهوم المجرد الثاني فإن التكنولوجيا لها جوانب كثيرة ومتعددة ومتزايدة بتعدد المجتمع ولها أبعاد اجتماعية وثقافية تستحق الدراسة، أي أنها تطبيقات تشير إلى طبيعة المفهوم، فهي تحدد رؤية وموقفًا واتجاهات معينة للمجتمع، أي أنها أسلوب للحياة. وهذا ما يجعل مفكرًا مثل جاك إيلول يفرق بين «التكنيك» la thechnique باعتباره مجموعة الوسائل التي توصل لها الإنسان من خلال التفكير والتي لها مهارات مطلقة في كل مجالات النشاط الإنساني وذلك بعكس التكنولوجيات أو الأدوات والأجهزة المختلفة.

          فالظاهرة التكنولوجية أصبحت أسلوبًا للحياة في كل مستويات المجتمع الإنساني المعاصر، مع الفارق حسب مدى تقدم هذا المجتمع أو تأخره، بل إنها مبعث الحضارة الكوكبية المعاصرة وهي التي تشكلها وتصوغها، كما أنها هي أداة الترابط بين الشعوب ووسيلة التدفق المعلوماتي وتوحيد المعرفة وردم الهوة الاجتماعية وتقريب التفاهم الثقافي. ولكن هناك بعض المخاوف التي تراود بعض الأذهان من التكنولوجيا بهذا المعنى خرجت من سيطرة وتحكم الإنسان وصلت إلى مستوى من التقدم الذي جعلها تعتمد على نفسها - إن صح التعبير - وتصبح قانونًا قائمًا بذاته، ترسم طريقها لنفسها على ما يقول جون رصّو. فحسب عبارته: «منذ خمسين عاما مضت كان بإمكان المرء أن يتكلم عى الاعتماد المتبادل بين التكنولوجيا والطبيعة، أما الآن فقد أصبحت للتكنولوجيا اليد العليا، بل الواقع أن الأمر يحتاج إلى الاستعانة بالتكنولوجيا لإنقاذ الطبيعة من التكنولوجيا مما يشير إلى مدى انتشار وقوة التكنولوجيا».

          بقول آخر، فإن التكنولوجيا تميل الآن للسيطرة والتحكم في مصير الإنسانية ذاته، بحيث يكاد الإنسان يكون عاجزًا أمامها تماما لدرجة ان كل الخيارات المتاحة أمامه هي خيارات تكنولوجية وهذا يصدق بشكل خاص على الكمبيوتر. فالتقدم التكنولوجي يتسارع بشكل مطرد، كما أن كل تكنولوجيا توجه وتؤدي إلى تكنولوجيا جديدة كما لو كانت التكنولوجيا تتوالد وتتكاثر بشكل تلقائي، دون تدخل خارجي وبدون توقف وهو ما سوف يصوغ المستقبل بشكل واضح، بحيث تحتفظ التكنولوجيا بكل مظاهر الحياة، فيقع الإنسان أسيرا لها مما قد يسلبه إرادته الحرة ويؤدي ذلك إلى خضوع أهداف المرء للوسائل التكنولوجية التي تفوق القدرات البشرية. وهذا يصدق كما قلنا على الكمبيوتر وعلاقة الإنسان به والسرعة التي ينجز بها الأشياء والتي لا يمكن مقارنة سرعة الإنسان بها، فضلاً عن كفاءة الإنجاز ودقته.

هزيمة الكتاب

          فالتكنولوجيا المتجددة تتولى تشكيل عقلية الإنسان وتفكيره بما يتلاءم مع متطلباته ومتطلبات العصر، إنها تتولى صياغة التفكير منذ الصغر مع الأطفال وتعاملهم مع وسائل الإعلام الحديثة ومع الأجهزة التكنولوجية التي تزخر بها حياتهم، ويظهر ذلك في أبسط مظاهره، حيث الدعوة الآن إلى أن يكون لكل تلميذ كمبيوتر بينما كان الأمر قبل ذلك أن يكون لكل مدرسة كمبيوتر خاص بها، ثم ازداد التطور وقامت الدعوة إلى أن يكون لكل فصل كمبيوتر في المجتمعات الراقية، وتبع ذلك في الدول النامية إلى حد ما. فبعدما كان التلامذة المتفوقون يحصلون على جوائزهم في شكل كتب باتوا يحصلون عليها في شكل كمبيوتر خاص، وذلك بصرف النظر عن مدى تأثير ذلك على القراءة من الكتب الورقية، وعلى التعليم من الحروف المطبوعة بدلا من التعليم عن طريق الصور أصبحت تخصص الآن مساحات واسعة في الكتب الدراسية للصور، ثم التعليق عليها وهو ما لم يوجد من قبل في الكتب المدرسية منذ عقدين أو ثلاثة. ولا مجال هنا للحديث عن تأثر حصيلة الطالب من العلم، ولكن المهم هو أن الذي يحصل عليه الطالب في المدرسة عن طريق الكتب أقل بكثير مما يحصل عليه من شاشة الكمبيوتر، بحيث إن جاك إيلول يقول إن الشخص الذي نشأ في مجتمع تكنولوجي يحتاج إلى أن يعيش من خلال الصور، وهو ما يعد تغييرًا جذريًّا في العادات الذهنية عن كل ما سبق ذلك منذ عصور طويلة منذ اكتشاف الكتابة.

          المفارقة هنا أنه في الوقت الذي تعمل فيه التكنولوجيا على التوحيد بين الشعوب، عن طريق انتشارها الواسع وفي الوقت الذي يقال فيه إن الكمبيوتر يساعد على نشر المعرفة وتقارب الثقافات وترسيخ التفاهم، فإن هذه الوسائل تساعد على وجود جماعات صغيرة تقوم بصياغة تفكيرها بحيث تنفرد بتفكير خاص بها بل إنها تصوغ عقلية خاصة وذاتية للفرد وتضع حدودا للتواصل، فلكل فرد ثقافاته الخاصة المتميزة التي من صنعه هو عن طريق التكنولوجيا وبذلك تساعد التكنولوجيات على هدم تلك الوحدة الثقافية بدلا من تعزيزها وتقويتها. فالتكنولوجيا تزيد الانفرادية والانعزالية، ولويس ممفورد يقول «إن الحضارة التكنولوجية تدمر قدرة الفرد على المشاركة», فتكنولوجيا الاتصال إذن تساعد على تفتيت الثقافة في المجتمع ونشأة ثقافات خاصة أو حتى ثقافات فردية، وهذه هي المفارقة في أبلغ صورها، حيث تؤدي إلى الفردية بدلا من الجماعية.

لغة تكنولوجية

          ربما كانت النتيجة الأشد خطورة بالنسبة لوحدة الثقافة في المجتمع، وخاصة بالنسبة للاستمرار الثقافي عبر الأجيال، هي ظهور لغة تكنولوجية جديدة تستخدمها الأجيال الحديثة الشابة، ولا تكاد تحيط بها الأجيال السابقة، وهي في الأغلب لغة رقمية عملية وسريعة ومختصرة متأثرة بالمستجدات التكنولوجية وتتماشى مع سرعة الإنجاز، مما قد يؤدي إلى تراجع اللغة الأدبية وهو ما يثير قلق جون رصّو باعتباره أستاذا للأدب الإنجليزي، فالأجيال الجديدة قلما تتذوق لغة الأدب - على حد زعمه - رغم ما فيها من جمال بعكس الحال بالنسبة للأجيال السابقة، التي كانت لديها وفرة من الوقت للاستمتاع بالحياة كما تعبر عنها اللغة. فاللغة الآن أصبحت محايدة، شأنها شأن التكنولوجيا التي لاتعرف لها موطنا ولا تتحمل أي أحكام قيمية . وإنما سمة التقدم هي القيمة العليا للتكنولوجيا وهي قيمة لا تعتبر ولا ترتبط بثقافة معينة، بل أصبحت هي الثقافة، أي أن الثقافة سوف تصبح ثقافة معلوماتية فحسب مع إغفال الجانب الإنساني أو تراجعه. وبينما تربطنا اللغة الأدبية ولغة الدراسات الإنسانية بالماضي وخاصة ما هو تاريخي وجماعي، فإن لغة التكنولوجيا الحديثة تتعلق بالحاضر والمستقبل ولم يعد الإنسان في حاجة إلى الذاكرة للاحتفاظ بالمعلومات والمعرفة وأصبح الحوار على الكمبيوتر هو أساس المعرفة، بل أصبح كما يقول جاك إيلول «هو النموذج لكل حوار آخر».

          والمهم في هذا كله أن التكنولوجيا الآن هي أحد أهم إنجازات الإنسان في عصرنا الحالي، واذا كان لكل عصر أبطاله ونوع البطولة التي تتلاءم مع تفكير العصر الذي تعيش فيه فإن بطل العصر الحديث هو «الإنسان التكنولوجي» دون منازع. وليس من شك في أن أهم أسباب التسارع الذي تتميز به التكنولوجيا الحديثة هو ما أحرزه العلم من تقدم وأن التكنولوجيا «تغذي نفسها بنفسها» كما يقال. فكل مرحلة تساعد على ظهور تكنولوجيا أخرى أكثر تقدما والتكنولوجيات في سباق دائم ليس فيه إبطاء بحكم طبيعة الحياة، والواقع أن ما يقال عن 90 في المائة من مجموع العلماء الذين أنجبتهم الإنسانية خلال تاريخها الطويل لم يجاوز الحقيقة وانعكس ذلك على التفكير العقلاني والتكنولوجيا المتخصصة.

          والشيء المهم على العموم هو أن التكنولوجيا أصبحت موضوعا أوشيئا «في حد ذاته» وحقيقة لها كيانها المستقل المتمايز. ولقد أصبحت التكنولوجيا في المجتمع المتقدم الحديث - ولأول مرة «نظاما» له استقلاليته ومقوماته الخاصة، فهي أسلوب للحياة يسود المجتمع وينتقل من جيل لآخر بعد التعديلات المطلوبة كما هو الحال في جميع النظم الاجتماعية في المجتمع الغربي الحديث. وهذا هو ما كنا نقصده حين قلنا إن التكنولوجيا الحديثة لها أبنيتها المميزة ودوافعها الخاصة وقوانينها الأخلاقية وإنها تخدم قيما معينة، على ما يقول جاك إيلول. وعلى أية حال فقد أصبحت للتكنولوجيا - من حيث هي نظام - وظيفة خاصة هي التحكم العقلاني الرشيد في الإنسان، كما أصبحت لها قيمها المتحكمة الخاصة، بحيث أصبحت الكثيرون يرون أنه من الخطأ إخضاع هذه القيمة لأي مكاسب أو فوائد أخرى.

التكنولوجيا الإنسانية

          صحيح أن هناك بعض الميل إلى اعتبار التكنولوجيا في مظاهرها الفيزيقية المختلفة مثل المصانع الكبرى والآلات المعقدة وما إلى ذلك، ولكن التكنولوجيا تمثل إلى جانب ذلك بعض الأمور والعلاقات الاجتماعية مثل المقدرات الخاصة بأهداف وغايات إنسانية. فليس من شك في أن التكنولوجيا الحديثة فيها جانب عقلاني واضح يهدف إلى إدخال الحساب الدقيق إلى كل ما هو تلقائي أو غير عقلاني في الحياة وتتمثل هذه العقلانية والإرشاد بوجه خاص في التنظيم والرتابة والدقة ومدى الكفاءة وما إلى ذلك. ولكنها قد تؤدي كثيرا على الجانب الآخر إلى القضاء على التلقائية والقدرة على الإبداع الشخصي. وليس من شك في أن التسارع الحثيث الذي تتجه فيه البيئة الطبيعية إلى التواري خلف التقدم التكنولوجي يوحي بهبوط الثقة في المستقبل والقضاء على الملكات الفردية أو على الأصح على ظهور ملكات فردية لا عهد للإنسانية بها، ولكن هذا يعتبر ضريبة التقدم التي لا بد من أدائها.

          منذ بضع سنوات كتب عدد من المفكرين والكتاب المهتمين بالدراسات المستقبلية يتوقعون أن العلم سوف يصل إلى مرحلة تستطيع فيها الآلة تولي صيانة نفسها، مثل ما يفعل جسم الإنسان من تجديد خلاياه بطريقة تلقائية. وقد وصل الأمر أبعد من ذلك بكثير حيث إن الآلات تخلق نفسها وتتوالد بشكل رهيب يهدد بقيام حضارة تكنولوجية جديدة تهدد ليس فقط الدراسات الإنسانية، على ما يقول رصّو بل الإنسانية ذاتها.

 

أحمد أبوزيد