استراتيجيّة العَوْلَمَة

استراتيجيّة العَوْلَمَة

يبدو‭ ‬عُنوانُ‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ - ‬الذي‭ ‬تقَاسم‭ ‬تأليفَه‭ ‬مجموعةٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬الباحِثين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المُتخصِّصِين‭ ‬في‭ ‬الإدارةِ‭ ‬والاقتصادِ‭ ‬والسياسةِ‭ ‬الدوليِّةِ‭- ‬مُراوِغاً‭ ‬إلى‭ ‬حدٍّ‭ ‬ما،‭ ‬وذلك‭ ‬مِن‭ ‬خلال‭ ‬انزياحِه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاستقبالِ‭ ‬المفهومي‭ ‬لمصطلحِ‭ ‬العولمة‭ ‬عن‭ ‬السائد،‭ ‬والنجاةِ‭ ‬بنفسهِ‭ ‬من‭ ‬الانغماسِ‭ ‬في‭ ‬مُعطيات‭ ‬البنيتين‭ ‬الفكريةِ‭ ‬والفلسفيةِ‭ ‬للمصطلح،‭ ‬وتركيزِه‭ ‬جُل‭ ‬اهتمامِه‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للعولمة،‭ ‬مُقدمًا‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تحديده‭ ‬بموجِّهات‭ ‬ذات‭ ‬صيغ‭ ‬علمية‭ ‬ناجعة‭ ‬تساعد‭ ‬الشركات‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬مالية،‭ ‬لتغدو‭ ‬العولمة‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬المفهومية‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬الكتابُ‭ ‬مُعادِلةً‭ ‬للخريطة‭ ‬ذات‭ ‬الحدود‭ ‬المنفتحة‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬قوتها‭ ‬الاقتصادية‭.‬

يحتوي‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬العمل‭ ‬العالمي،‭ ‬مسلطاً‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مجالين‭ ‬أساسيين‭: ‬استراتيجية‭ ‬العمل‭ ‬العالمي،‭ ‬والإدارة‭ ‬الشاملة،‭ ‬ويستعرض‭ ‬في‭ ‬فصوله‭ ‬مجموعة‭ ‬تحليلات‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬العالمية‭.‬

 

من‭ ‬دورة‭ ‬التغيير‭ ‬إلى‭ ‬الإدارة‭ ‬التحويلية

يفتتح‭ ‬الكتاب‭ ‬بدراسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الاستجابة‭ ‬للأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬باستخدام‭ ‬دورة‭ ‬التغيير‮»‬،‭ ‬ويعني‭ ‬مفهوم‭ ‬دورة‭ ‬التغيير‭ ‬المطروح‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جون‭ ‬سي‭ ‬بك‭ ‬آلة‭ ‬لتنظيم‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬واستجابات‭ ‬الشركات،‭ ‬حيث‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬بك‮»‬‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬شركة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجري‭ ‬تغييرات‭ ‬كبيرة‭ ‬أو‭ ‬صغيرة‭ ‬وتستجيب‭ ‬إلى‭ ‬الضغوط‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تكاليف‭ ‬الاستجابة‭ ‬لهذه‭ ‬الإشكالات‭ ‬الداخلية‭ ‬الصغيرة‭ ‬وما‭ ‬ينجم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬تعد‭ ‬قليلة‭ ‬مُقارنة‭ ‬بالتكاليف‭ ‬والمخاطر‭ ‬الهائلة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الاستجابة‭ ‬للضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬ذات‭ ‬التغييرات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وهناك‭ ‬أوضاع‭ ‬عديدة‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬هذين‭ ‬البعدين،‭ ‬غاية‭ ‬الإدارة‭ ‬هي‭ ‬فهم‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التغيير،‭ ‬استجابة‭ ‬لكل‭ ‬أنواع‭ ‬الضغوط‭ ‬وتقييم‭ ‬الاستجابات‭ ‬المطروحة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬بعدي‭ ‬دورة‭ ‬التغيير،‭ ‬حيث‭ ‬يقدم‭ ‬‮«‬بك‮»‬‭ ‬أدوات‭ ‬للاستجابة‭ ‬على‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مربع‭ ‬من‭ ‬مربعات‭ ‬مصفوفته،‭ ‬ويشرح‭ ‬بإسهاب‭ ‬كيفية‭ ‬استخدامها‭ ‬متخذًا‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬الآسيوية‭ (‬1994-1998‭) ‬نموذجًا‭ ‬تطبيقيًا‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬مفهوم‭ ‬دورة‭ ‬التغيير‭ ‬يشكل‭ ‬العنصر‭ ‬المحوري‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬بك‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬التحويلية‮»‬‭ ‬يشكل‭ ‬محور‭ ‬اهتمام‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬آي‭ ‬غروس‮»‬،‭  ‬ويعني‭ ‬غروس‭ ‬بهذا‭ ‬المفهوم‭ ‬طرائق‭ ‬استجابة‭ ‬الشركات‭ ‬لتغيرات‭ ‬السوق‭ ‬الدرامية‭ ‬وتغيرات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التنافسية،‭ ‬حيث‭ ‬يفترض‭ ‬غروس‭ ‬وجود‭ ‬نهج‭ ‬انحرافي‭ ‬مستهلك‭ ‬للزمن‭ ‬لا‭ ‬يتيح‭ ‬انتقالاً‭ ‬سهلاً‭ ‬لأي‭ ‬شركة‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬عملية‭ ‬التحويل‭ ‬والتوسع،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬لابد‭ ‬للشركات‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬كلما‭ ‬نضجت‭ ‬الأسواق‭ ‬وتفرعت‭ ‬وأعادت‭ ‬تشكيل‭ ‬نفسها‭ ‬نتيجة‭ ‬للتغيرات‭ ‬التقنية‭ ‬والتنظيمية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬ويضرب‭ ‬غروس‭ ‬مثالين‭ ‬للنتائج‭ ‬السلبية‭ ‬والإيجابية‭ ‬لاتباع‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات،‭ ‬حيث‭ ‬تمثل‭ ‬محاولة‭ ‬مؤسسة‭ ‬موتورولا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمشروع‭ ‬الايريديوم‭ ‬نموذجًا‭ ‬لضعف‭ ‬الاسترتيجية‭ ‬المستقبلية‭ ‬للمؤسسة‭ ‬والعواقب‭ ‬الوخيمة‭ ‬لذلك،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬النموذج‭ ‬الإيجابي‭ ‬لمؤسسة‭ ‬مونساتو‭ ‬التي‭ ‬خاضت‭ ‬مسار‭ ‬التحويل‭ ‬بنجاح،‭ ‬منتقلة‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬شركة‭ ‬للكيماويات‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬لعلوم‭ ‬الحياة‭ ‬ذات‭ ‬أنشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأدوية‭ ‬والكيماويات‭ ‬الزراعية‭ ‬ومكونات‭ ‬الأغذية‭.‬

تتضمن‭ ‬فكرة‭ ‬الإدارة‭ ‬التحويلية‭ ‬عند‭ ‬غروس‭ ‬نمطًا‭ ‬رباعي‭ ‬الخطوات،‭ ‬يبدأ‭ ‬بالتعرف‭ ‬على‭ ‬الشروط‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والتنافسية‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬ما،‭ ‬ثم‭ ‬جعل‭ ‬الشركة‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ثم‭ ‬إعلام‭ ‬الزبائن‭ ‬بالرؤية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬تطبيق‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لجعل‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل‭ ‬حقيقة‭ ‬واقعة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الإدارة‭ ‬التحويلية‭ ‬قاعدة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬حقيقة‭ ‬التطورات‭ ‬والتغيرات‭ ‬النوعية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬وسياقاتها‭ ‬التنافسية‭.‬

 

المُنافسةُ‭ ‬المَبْنيَّة‭ ‬على‭ ‬المَعْرِفة‭ ‬ومِيثاق‭ ‬الإبداع

تتركز‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬‮«‬ألن‭ ‬آي‭ ‬موريه‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬المعرفة،‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬الأساس‭ ‬المركزي‭ ‬للبقاء‭ ‬التنافسي‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الصناعات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬إبداع‭ ‬المعرفة‭ ‬والإدارة‭ ‬مفاتيح‭ ‬التوجيه‭ ‬لتنافسية‭ ‬الشركة،‭ ‬محاولاً‭ ‬تحديد‭ ‬العوائق‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬مثل‭ ‬التنافس‭ ‬والإمكانات‭ ‬والخيارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لهذه‭ ‬العوائق‭ ‬مثل‭ ‬تحديد‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬ترغب‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬فيه،‭ ‬والتصميم‭ ‬أو‭ ‬الشكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬المحدد‭ ‬لمتابعة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬ويحاول‭ ‬موريه‭ ‬تحديد‭ ‬الأسئلة‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الشركات‭ ‬طرحها‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬هيكلاً‭ ‬تنظيميًا‭ ‬وتحليليًا‭ ‬مفصلاً‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬سؤال،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬مرشدًا‭ ‬رائعًا‭ ‬لصانعي‭ ‬القرار‭ ‬يزودهم‭ ‬بطريقة‭ ‬كاملة‭ ‬البنية‭ ‬لتحديد‭ ‬الأسئلة‭ ‬الحرجة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬الشركة‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬إجابات‭ ‬لها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬تطور‭ ‬هذه‭ ‬الإجابات‭.‬

ويستكشف‭ ‬سونداريسان‭ ‬رام‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬تنمية‭ ‬المنتجات‭ ‬المتزامنة‭ ‬للأسواق‭ ‬المضاعفة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خياراً،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬ضرورة‭ ‬للبناء‭ ‬المشترك،‭ ‬إذاً‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬اليوم‭ ‬استخدام‭ ‬تنمية‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬تنافسيتها،‭ ‬بفضل‭ ‬تحقيق‭ ‬موفورات‭ ‬في‭ ‬كلفة‭ ‬التنمية‭ ‬الجوهرية،‭ ‬وبفضل‭ ‬الإفادة‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تتولد‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬فالأسواق‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مقسمة‭ ‬زمانيًا‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬تقديد‭ ‬المنتجات‭ ‬بصورة‭ ‬متتابعة‭ ‬عبر‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬العمل‭ ‬اليوم‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بالنقطة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬تحقيق‭ ‬وفورات‭ ‬في‭ ‬كلفة‭ ‬تنمية‭ ‬الإنتاج‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المنافسة،‭ ‬ويضرب‭ ‬سونداريسان‭ ‬مثالاً‭ ‬بالإلحاح‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬الخياطة‭ ‬وعندما‭ ‬تسود‭ ‬المتطلبات‭ ‬المحلية‭ ‬عندئذ‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬المفاضلة،‭ ‬وعندما‭ ‬يكون‭ ‬اقتصاد‭ ‬الحجم‭ ‬ذو‭ ‬الإنتاج‭ ‬المركزي‭ ‬مهمًا‭ ‬جدًا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬ربما‭ ‬يهيمن‭ ‬عليه‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تناقص‭ ‬قدرة‭ ‬تكييف‭ ‬الإنتاج‭ ‬والخدمات‭ ‬لمصلحة‭ ‬الأفضليات‭ ‬المحلية،‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬مماثلة‭ ‬للحوار‭ ‬التسويقي‭ ‬بين‭ ‬النمذجة‭ ‬وتكييف‭ ‬المنتجات‭ ‬والأسعار،‭ ‬والترويج،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬الوطنية‭.‬

كما‭ ‬يقدم‭ ‬سونداريسان‭ ‬فكرة‭ ‬يمكن‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بوصفها‭ ‬أداة‭ ‬جيدة‭ ‬ومفيدة‭ ‬للشركات‭ ‬لكي‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المنتجات‭ ‬وتحسينها‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬تتصف‭ ‬بالمنافسة‭ ‬الفائقة‭ ‬السرعة،‭ ‬تتمثل‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬وضع‭ ‬الشركات‭ ‬ميثاق‭ ‬إبداع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زيادة‭ ‬الأفكار‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬ستدخل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ميدان‭ ‬الإنتاج،‭ ‬ويحدد‭ ‬ميثاق‭ ‬الإبداع‭ ‬ببيان‭ ‬موجز‭ ‬واضح‭ ‬لفلسفة‭ ‬الشركة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتنمية‭ ‬المنتجات،‭ ‬وحينما‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬الميثاق‭ ‬وتعريفه‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة،‭ ‬ويجري‭ ‬إيصاله‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬قائد‭ ‬فكري‭ ‬في‭ ‬الشركة‭ ‬واستيعابه‭ ‬له،‭ ‬حتى‭ ‬ترتفع‭ ‬نوعية‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬ستدخل‭ ‬الطور‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬تنمية‭ ‬المنتجات‭.‬

الاهتِماماتُ‭ ‬الجَوْهَريَّةُ‭ ‬للمُديرِ‭ ‬العَالميّ

يحاول‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬جزئه‭ ‬الأخير‭ ‬استكشاف‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬واكتسبت‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم،‭ ‬فيحاول‭ ‬دي‭ ‬لانس‭ ‬ريفانو‭ ‬إلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬التحدي‭ ‬الضخم‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬لإدارة‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬بصورة‭ ‬ناجحة‭. ‬إن‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المصدر‭ ‬الجوهري‭ ‬للقيام‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬هو‭ ‬الناس‭ ‬القابلون‭ ‬للتكيف،‭ ‬وليس‭ ‬أكثر‭ ‬الآلات‭ ‬تقدمًا‭ ‬ولا‭ ‬البرامج‭ ‬المتطورة،‭ ‬فبالاكتفاء‭ ‬بمواكبة‭ ‬مستحدثات‭ ‬الآلات‭ ‬والبرامج‭ ‬لن‭ ‬تنجح‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬ميدان‭ ‬التنافس‭ ‬بنجاح،‭ ‬إلا‭ ‬بمساعدة‭ ‬مجموعة‭ ‬مميزة‭ ‬من‭ ‬الكادر‭ ‬البشري‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬بنجاح‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬واستخدامها‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬مصالح‭ ‬الشركة‭.‬

ويبرهن‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصيب‭ ‬الشركات‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تطور‭ ‬مستوى‭ ‬مواردها‭ ‬البشري‭ ‬ليغدو‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬التقني‭ ‬بنظام‭ ‬‮«‬ساب‮»‬،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬تخطيط‭ ‬موارد‭ ‬المشروعات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغمر‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬أي‭ ‬نجاح‭ ‬يذكر‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تأهيل‭ ‬الموظفين‭ ‬للتعامل‭ ‬معها‭ ‬ومع‭ ‬اقتراحاتها‭ ‬المتعددة،‭ ‬إذاً‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضيع‭ ‬اقتصادات‭ ‬الحجم،‭ ‬وما‭ ‬يكتسب‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬الشركة‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الإفادة‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬بنجاح،‭ ‬أو‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يعترضوا‭ ‬على‭ ‬جمود‭ ‬أنظمة‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬تخفض‭ ‬من‭ ‬إنتاجيتهم‭.‬

ولهذا‭ ‬يرى‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬المدير‭ ‬المتطلع‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬يحتـــاج‭ ‬بالضرورة‭ ‬إلى‭ ‬احتواء‭ ‬قاعدة‭ ‬مدخلات‭ ‬أوسع،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والموارد‭ ‬البشرية‭ ‬ستشكلان‭ ‬إسهامات‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تطوير‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

وهكذا‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬بثـــقة‭ ‬إن‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬تطرح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬استراتيجيات‭ ‬العمل‭ ‬العالمي،‭ ‬متوجهة‭ ‬إلى‭ ‬المديرين‭ ‬الأولين‭ ‬الذين‭ ‬تحتاج‭ ‬قراراتهم‭ ‬إلى‭ ‬نظرة‭ ‬شاملة‭ ‬سليمة،‭ ‬ودراسة‭ ‬متأنية‭ ‬لهذه‭ ‬المنظومة‭ ‬الواسعة‭ ‬من‭ ‬الشروط‭ ‬والاهتمامات‭ ‬