أربع قصائد من فلسطين

أربع قصائد من فلسطين

لا ماءَ في الوقت

لا شيءَ أكتبُهُ هذا المساءَ ولا
خصرٌ لأُسندَ ديواني عليهِ غدا
لا ماءَ في الوقتِ لا وردٌ على قمَرٍ
قطفتُ لامرأةٍ حتى تمُدَّ يدا
لنا اصطفاقُ الأيادي خلفَ واجهةٍ
من الزجاجِ... بنا جرحانِ واتَّحدا
لنا حزيرانُ... نجماتُ البحارِ لنا
والأغنياتُ... أنا صوتٌ لها وصدى
نزعتُ أنهارَ هذي الأرضِ عن جسدي
يومَ ارتدتْ مثلَ خلخالينِ لي برَدى
***

حُب

تلتقطُ الحَبَّ عصفورةٌ من يدي 
مثلما التقطتْ كاميرا صورتي بغتةً
لأرى رجلاً قلقاً لستُ أعرفهُ وامرأةْ
ينظرانِ بحزنٍ عميقٍ إلى لوحةٍ في الجدارِ
يقولانِ من غيرِ أن ينبسا:
يا لهذا المساءِ الذي نحنُ فيهِ
قطارانِ من دونما وُجهةٍ
وصدى غامضٌ لنداءِ الشرايينِ...
يا حبُّ... 
يا سرَّ شهوتنا المطفأةْ
يا صليباً يسمِّرنا عندَ مفترقِ الزمهريرِ
ويا قبرَنا المشترَكْ
إنَّ نصفَ غواياتنا من ترابٍ
ونصفَ تآويلنا من سرابٍ
وأسماكَنا بينَ بحرٍ بعيدِ وبينَ الشرَكْ
هاتِ ماءً لوردةِ نوستالجيا في أصابعنا
ثمَّ خُذ دفترَ الشّعرِ للمدفأةْ
***

شُرود

في مكانٍ بعيدٍ وفي غرفةٍ باردةْ
تعتني بتفاصيلِ زينتها 
بالكتابةِ أو بالبيانو القديمِ...
بفستانها الأزرقِ اللونِ
بالأكاليبتوسِ أو بزهورِ الزجاجِ
بيأسِ شوبنهاورٍ
وبأشعارِ هايني
وبالذكرياتِ
بألبومها وهيَ ناحلةٌ كالفراشةِ في شهرِ نيسانَ
بالزعفرانِ المجفَّفِ فوقَ الرسالةِ
والوجعِ الافتراضيّ...
كلَّ مساءٍ تلوّحُ من خلفِ شُبَّاكها 
لملاكٍ صغيرٍ
وتبكي ليحملَها كالنسيمِ إلى بيتها 
زورقٌ من حبَقْ
منذُ خمسِ سنينَ تحاولُ تفسيرَ أحزانها 
بالكتابةِ والرسمِ لكن بلا فائدةْ
فتغسلُ أحداقها بالحنينِ 
وتشعلُ في قلبها المتوهجِ ليلَ النفَقْ
منذُ خمسِ سنينَ
تربّي عصافيرَ غربتها امرأةٌ شاردةْ
***

فم

فمُكِ الأرقُّ من القصائدِ كلِّها
ومن انبلاجِ الماءِ في الماوردِ
والأحلى من النثرِ الحزينِ أو المدوَّرِ
والأشفُّ من الأنينِ ومن زهورِ الشايِ والليمونِ
والأعلى سماءً في مدارِ القلبِ
والمنحوتُ من ماءِ النحيبِ الصلبِ
والمقدودُ من وترِ الغوايةْ
من أيِّ بحرٍ جاءَ كالعصفورِ لي يا نونُ؟
بل من أيِّ فردوسٍ جنتهُ يدايَ
عن شجرِ الأنوثةِ 
كي يعيدَ إلى مصبِّ النهرِ روحي 
مثلما أسرتْ بمعشوقٍ وشايةْ؟ ■