تأثير المبيدات الحشرية على البيئة
تتعدد مصادر تلوث البيئة في البلدان النامية المستوردة للمبيدات الحشرية، وسوف نذكر أهمها في النقاط التالية:
1- تداول استخدام المبيدات عشوائياً
مما يؤسف له أن كثيرا من المزارعين يستخدمون تلك المبيدات من دون علمهم بنوع المبيد، ولا الاسم التجاري المستخدم، بالإضافة إلى ذلك لا يعتمدون على الجرعة الموصى بها من قبل الشركات المنتجة للمبيدات، ويرجع هذا إلى جهل بعض المزارعين بالقراءة والكتابة.
ولكن إذا اتبع المزارع التعليمات الموصى بها من قبل الشركات المنتجة للمبيدات، وكذلك توصيات مراكز الإرشاد الزراعي، فسيساعد ذلك في التقليل من عشــوائية الاســــتخدام، علماً بأن بعض المزارعين يتعمّدون إضافة المزيد من المبيدات، لاعتقادهم أنه كلما زاد التركيز زاد التأثير والفاعلية، ما يزيد من تلوث البيئة.
استخدام المبيدات المحظورة محلياً ودولياً
هذه الظاهرة ذات شهرة ورواج كبيرين في البلدان النامية، حيث إن هذه البلدان تعتبر سوقاً لتصريف تلك المركبات الكيميائية السامة، ومع أن بلادنا تقوم بتحريم تـــداول هذه المبيدات، فإن المنع والتحريم لا يجدان طريقهما إلى عصابات التهريب والاتجار بالمواد الكيميائية القاتلة، ما قد يسبب حالات تسمم ووفاة بين مستخدميها، ويــؤدي إلى أضرار بالغة ومدمرة للبيئة، وقد تم إعداد وإصدار تقرير بالمبيدات المسموح وغير المسموح باستخدامها، وصنفت تلك المبيدات في دوائر وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.
الحالات الطارئة أو المفاجئة
هي الحالات التي يتم فيها انتشار المبيدات في البيئة حال حدوث انفجارات أو انتشار للمبيدات، أو تسرّبها من مصانع إنتاجها ومراكز تخزينها، وتشير الدراسات إلى أن هناك حوادث حدثت بالفعل في عام 1976م في مدينة Sevose الإيطالية، وذلك إثر عمليات التصنيع غير السليمة (تصنيع مادة تري كلورفينول 5،4،2)، حيث أدت تلك الحوادث إلى تحرر مادة «8،7،3،2 تتراكلوروا دينزوا ديوكسين 8،7،3،2» (TCDD) في الهواء، ما تطلب تهجير أهالي المنطقة بكاملها وبذل جهود كبيرة للسيطرة على التلوث، ونتيجة لمثل هذه الملوثات يتعرض كثير من البشر للإصابة بالعاهات المختلفة والأمراض المزمنة بسبب تسرب المواد السامة من تلك المصانع المنتجة للمبيدات.
المبيدات القديمة
كمبيدات مكافحة الجراد الصحراوي، والتي بقيت بعض الكميات منها من دون استخدام، ذلك نظراً لانحسار حالة الجراد الصحراوي في المنطقة العربية، إضافة إلى وجود أنواع أخرى من المبيدات المختلفة دخلت البلاد عبر مشاريع ثنائية أو مساعدات أو عينات للتجارب، ما جعلها مصدراً ملوثاً نتيجة لمرور فترة زمنية طويلة من دون أن تُستخدم أو تُعدم، ما أدى إلى تحلل البراميل التي تحتويها بفعل موادها الكيميائية، وتكمن خطورتها في حال تخزينها في مستودعات غير مراقبة فنياً وغير ملائمة، حيث تعتبر هذه المبيدات من مصادر التلوث، وخاصة إذا تسرّبت إلى التربة بفعل الجاذبية الأرضية، ويخشى أن تصل إلى المخزون الجوفي للمياه في هذه المنطقة وتلوثها.
طرق الوقاية من التلوث بالمبيدات الحشرية
1- لا يجوز استخدام أي مبيد حشري أو غيره في الزراعة أو في مكافحة الحشرات من دون أن يكون مرخصاً قانونياً، ولا يجوز الترخيص إلا بعد خضوع المبيد لعدد من الشروط التي تحدد أو تقرر خلو تلك المادة المرخصة من تأثيرات ضارة على الصحة العامة وسلامة البيئة.
2- تحديد الزمن الفاصل ما بين استخدام المبيد ووقت الجني (القطاف)، حيث يعد عاملاً مهماً من عوامل الوقاية.
3- ضرورة وجود العناصر الغذائية في التربة، مثل النيتروجين والفسفور والكبريت وتوافر الأحياء الدقيقة الميكروبية من فطريات وبكتيريا لغرض سرعة تحلل وهضم المبيدات المتراكمة في التربة، حيث إن التربة ذات المحتوى العالي من المواد العضوية (الدبالية) تكون أكثر كفاءة في إنهاء فعالية المبيد الحشري.
4- يجب تصريف سوائل الرش والمغطس المستخدمة لمكافحة الطفيليات على الحيوانات البيطرية، بحيث يكون تصريفها بعيداً عن المزروعات ومجاري المياه ومصادر المياه الجوفية، وذلك لخطورة تسرب المبيدات الحشرية إلى الإنسان والحيوان والحياة المائية.
5- عند التفكير في بناء مجمع لمخازن المبيدات الكيميائية الخاصة بالدولة أو القطاع الخاص، يجب أن يكون طبقاً للمواصفات العالمية، بحيث يكون بعيداً عن المناطق الآهلة بالسكان، وبعيداً عن مساقط المياه ومجاري الأنهار والبحيرات.
6- عدم السماح بعقد أي اتفاقات دولية أو إقليمية، هدفها وجود كمية أو نوعية من المبيدات الكيميائية لأي ظرف أو سبب، كما يمنع قبول أي كمية أو نوعية تدخل البلاد على شكل هبة أو مساعدة أو إعانة، إلا بعد الرجوع إلى الجهات المختصة بالبلاد، ممثلة في وزارتي الصحة والزراعة ومراكز البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي، وذلك لمعرفة الحاجة إليها.
7- عدم السماح بدفن المبيدات القديمة أو التي تم الاستغناء عنها في الأراضي الزراعية أو بالقرب من الأنهار ومصادر المياه المستعملة للري أو للشرب، تلافياً لحدوث كارثة بيئية كبيرة، حيث أصبحت من أهم المشكلات البيئية في الوقت الحاضر لكثير من الدول، ويجب العمل وفق مقترحات وتعليمات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة لحل مثل تلك المشكلة.
8- تضافر الرقابة الجادة على استيراد المبيدات بمختلف أنواعها بين جهات الاختصاص والجهات المعنية، على أن تكون هناك جهة مسؤولة عن تحديد مواصفات المبيدات وفقاً للمعايير الدولية لسلامة البيئة، وتكون هي المعنية بإعطاء الموافقة الرسمية على استيراد المبيدات.
9- ضرورة وجود مخابر لتحليل عينات المبيدات الزراعية وغيرها، سواء كانت المستوردة أو المصنَّعة محلياً، وذلك لمعرفة كفاءتها ومطابقتها للمواصفات القياسية المرغوبة، ومعرفة أثرها السام على البيئة، ويجب إنشاء مثل هذه المخابر في جميع المحافظات.
10- عدم استخدام المبيدات الجهازية لمكافحة آفات الخضار والنباتات العشبية التي تؤكل نيئة، نظراً لبقائها فترة طويلة بين عصارة الأوراق وصعوبة التخلص منها إلا بعد انتهاء الفاعلية، كما أن التقليل من عدد الرشات المستخدمة للمكافحة وسيلة للحد من مخاطر التلوث.
11- اتباع طريقة الرش الجزئي للمساحة المطلوب رشها، وذلك برش صف من الأشجار الشديدة الإصابة، وترك صف أو صفوف عدة من دون رش، وانتقاء بعض الأشجار على مسافات محددة ورشها، وذلك ضماناً لبقاء العدد الاحتياطي من الأعداء الحيوية على الأجزاء غير المرشوشة، فذلك يساعد في خفض التلوث بالمبيدات.
12- إمكان استخدام بدائل المبيدات الحشرية، وذلك باستخدام المكافحة المتكاملة، مثل:
أ- استخدام المفترسات والطفيليات والطيور والأسماك في مكافحة الحشرات.
ب- استخدام الطرق والمواد المسببة لعقم الحشرات.
ج- استخدام المكافحة الميكروبية، وذلك بإنتاج مستحضرات في أشكال عدة (مساحيق قابلة للذوبان).
د- استخدام المواد الجاذبة والطاردة، إذ يمكن استخدام هذه المواد في المصائد الخاصة بذلك، ومن أهم نتائجها أنها تفيد في دراسة التاريخ الموسمي للحشرة، وفي عملية التنبؤ، وتقدير الحد الحرج للإصابة المستخدمة في تطبيقات المكافحة المتكاملة.
13- يجب على المزارعين وغيرهم من مستخدمي المبيدات إشعار النحالين بإغلاق مناحلهم مسبقاً قبل إجراء عمليات الرش بالمواد الكيميائية، تلافياً للأضرار التي تلحق بالنحل.
14- توعية المزارعين بمخاطر المبيدات التي يستخدمونها، كما يجب اللجوء إلى الجهة الإرشادية الزراعية أو الجهاز الفني المختص بوقاية المزروعات في وزارة الزراعة ومراكز البحوث الزراعية، وذلك للمساعدة في تحديد الإصابة واختيار المبيد المناسب والموصى به وتحديد عدد مرات الاستخـــدام والزمن الفاصل بيــــن كــــل رشة وأخرى، وكذلــــك معـــرفة الاحتياطات اللازم اتخاذها أثناء استخدام وتداول المبيد الموصى به، حيث إن عامل توعية المزارع أو المستهلك بتلك السموم وتثقيفه من الأمور الضرورية لحماية البيئة من التلوث ■