معرض في كتاب.. بيوت الله في مدن الخليج العربية: عرض: أشرف أبو اليزيد

معرض في كتاب.. بيوت الله في مدن الخليج العربية: عرض: أشرف أبو اليزيد
        

          المصلي في بيوت الله بمدن الخليج العربية، والزائر لها، والعابر بها، والمتأمل في عمارتها، يكتشف أنها صورة مصغرة عن عمارة المساجد في العالم الإسلامي، مشارقه ومغاربه. لذلك، كان (كتاب / معرض) «مساجد خليجية» رحلة جغرافية وتاريخية وفنية إلى شواهد تلك العمارة الإسلامية الكونية، رغم أنها تسكن فضاء خمس دول وحسب، هي الكويت والبحرين وقطر والإمارات والسعودية.

          في المجتمع الإسلامي يتخذ المسجد أدوارًا تتواتر أهميتها بين عهد وآخر، إلا أن الدور الدائم الذي ظل ملازمًا لدور العبادة في المجتمعات الإسلامية هو أنها ساحة مخصصة لأداء الشعائر الدينية، وكأن ذلك المكان، على اختلاف عمارته ومساحته وجغرافيته، هو مرتقى العبد إلى ربه بالدعاء والصلاة والاعتكاف وتلاوة القرآن الكريم، والتدبر في أمور الدين.

          وبجانب كون المسجد مصلى، فقد عهدته المجتمعات الإسلامية المبكرة مركزًا للقيادة في عصر الفتوح، ومنارة للعلم، ودارًا للشورى، ولهذا كان تخطيط المدن الإسلامية يضع المسجد قرب دور الخلافة ومنازل القادة، ولعل مدن الإسلام الأولى كانت بمنزلة معسكرات مفتوحة للجيوش العربية، فقد خصصت للمساجد الجامعة مساحات كبيرة، ولذلك نشأت المساجد في فراغات عمرانية، لتكون بذرة المدن الجديدة، حين تتحول هذه المعسكرات مدنا وحواضر، هكذا كانت البصرة، والكوفة، والفسطاط، وقد شيدت في تلك المدن تحديدا مساجد على غرار مسجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فأقيم مسجد البصرة سنة 14 للهجرة، ومسجد الكوفة سنة 17 للهجرة، ومسجد الفسطاط سنة 21 للهجرة، وقد بلغت مساحة هذا الأخير 5030 ذراعا، ولم تكن فيها جميعا محاريب، ولم يكن لها مآذن، لأنها بنيت على غرار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.

          وحين انتقلت الخلافة إلى دمشق، رأى مؤسس الدولة الأموية الخليفة معاوية بن أبي سفيان أن يشيد دور عبادة لا تقل فخامة عن معابد أصحاب الديانات الأخرى، وهو ما مثل انتقال تشييد المساجد من البناء الوظيفي إلى البناء الجمالي.

          وقد دخلت على وظائف المسجد مكونات رافقت تطور المجتمعات الإسلامية، وقد ألحقت بها - فيما بعد - مدارس ومستشفيات استظلت بجوارها، ولكن العناصر الرئيسية للمساجد تظل «المحراب»، وهو جدار القبلة، وكانت الكلمة قديما تعني (الغرفة العالية أو المستقلة أو أفضل مكان في القصر أو البيت)، ولم يستقر معناها كما نعرفه اليوم إلا بعد انتشار الإسلام، وأصبحت هناك حاجة لمعرفة مكان القبلة، حتى أن عمرو بن العاص رضي الله عنه حين بنى مسجده «الفتح» في الفسطاط (القاهرة القديمة) استضاء برأي ثمانين صحابيًا لتحديد مكان القبلة.

          ونحن نعرف أن الصحابي بلال بن رباح، رضي الله عنه، كان أول من رفع الأذان، ونعرف أنه لم تكن لمسجد الرسول، عليه الصلاة والسلام، مئذنة، فكان يرتقي أسطوانة مرتفعة في دار عبدالله بن عمر رضي الله عنه، المواجهة للمسجد النبوي الشريف، مناديًا المؤمنين لأداء الصلاة.

          ولكن بعد 1200 سنة من الهجرة، كانت المآذن قد أصبحت جزءًا أصيلاً من عمارة المسجد، وتنوعت، شكلاً وهندسة وارتفاعًا وحجمًا، حتى عرفت القاهرة بمدينة الألف مئذنة، واسطنبول مدينة الـ444 مئذنة. وتفنن المعماريون على مدار القرون في كتابة النص المعماري لتلك المآذن.

          وبجانب المحراب والمئذنة يأتي المنبر، الذي تطور من ثلاث درجات مصنوعة من خشب الأثل، ارتفاعها ذراعان وثلاثة أصابع، في السنة السابعة للهجرة، لتكون كما هي عليه اليوم، من زخارف وارتفاع، وهي الزخارف التي سكنت المنبر، وزينت الجدران، ورسمت الأبواب، وطالت الأسقف، ودارت حول الأعمدة، ونقشت البسط.

          ثم نشأت القبة التي تعد أبرز العناصر التي تبرز مظهر المسجد الخارجي، وأولى قباب الإسلام شيدت فوق مسجد الصخرة المشرفة في القدس، وقد بناها الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان سنة 72 للهجرة، وقد أضافت عمارة المهندس العثماني سنان للقبة الكبرى في المساجد قبابا أصغر، صارت علمًا على تلك العمارة في مدن الإمبراطورية العثمانية.

          وفي عمارة المسجد «ساحة المسجد»، أو صحنه، وهو يضم في كثير من المساجد مصادر مياه، على هيئة بحيرات يصلها ماء جارٍ، للوضوء، وهناك الرواق، أو المجنبة، التي استخدمت مساحاتها للتدريس، والأعمدة التي كانت خشبًا يتحلى بالحفر، فأصبحت اليوم حجرًا ورخامًا تتزين لتشبه النخيل حينا، وزهرة اللوتس أو نبات البردى حينا آخر. وكانت الأعتاب تحمل الأسقف، فأصبحت هناك عقود نصف دائرية، ومرتدة مدببة وخماسية ومستقيمة تحمل الأوزان الكبيرة جميعها ليستقر السقف. وقد زينت المساحات بين الجدران والأسقف عند نقاط الالتقاء بالمقرنصات، التي تشبه خلايا النحل، وكانت عاملاً إنشائيًا يتدرج من السطح المربع إلى السطح الدائري، وأصبحت عنصرًا زخرفيًا في معظم المساجد.

          وبين أبواب المساجد وشرفاتها (نوافذها)، مساحات من السكينة، أضافت إليها الاستخدامات العصرية مكتبة، كما نرى بالمثل في المساجد فواصل معمارية تشبه الجدر، لفصل أماكن المصلين رجالا ونساء، ويبقى المسجد في ذلك كله صوتًا معماريًا يرتفع منه الأذان، مثلما أصبح كتابًا مشهودًا للحضور الإسلامي.

 

أشرف أبو اليزيد   
  




صورة الغلاف





باب ذو نقش هندسي، بزخرفة ألهمتها الطبيعة، لجامع المرحوم علي بن غانم، 2003، أبو ظبي، الإمارات





صدر كتاب «مساجد خليجية»، باللغتين العربية والإنجليزية، في 172 صفحة من القطع الكبير، عن «الوراقون» في مملكة البحرين، ضمن سلسلة يرأس تحريرها عبدالله الحسن، ويحررها حسن الشاخوري ويصورها محمد عبد علي بوحسن وميساء محمد جابر الأنصاري، وكتب خطوطها سيد عباس





محاريب ضمن مجموعة كبيرة منها، وضعت في نهايات الأروقة، تبطنها حجارة الفسيفساء، لتنطقها وسط تجريد الجدران بلونها الهادئ، في جامع السلطان قابوس الأكبر، سلطنة عُمان





محاريب ضمن مجموعة كبيرة منها، وضعت في نهايات الأروقة، تبطنها حجارة الفسيفساء، لتنطقها وسط تجريد الجدران بلونها الهادئ، في جامع السلطان قابوس الأكبر، سلطنة عُمان





محاريب ضمن مجموعة كبيرة منها، وضعت في نهايات الأروقة، تبطنها حجارة الفسيفساء، لتنطقها وسط تجريد الجدران بلونها الهادئ، في جامع السلطان قابوس الأكبر، سلطنة عُمان





محاريب ضمن مجموعة كبيرة منها، وضعت في نهايات الأروقة، تبطنها حجارة الفسيفساء، لتنطقها وسط تجريد الجدران بلونها الهادئ، في جامع السلطان قابوس الأكبر، سلطنة عُمان





الشرفات التراثية أحد المعالم الفنية التي تميز مسجد الخليفة (1727م)، دولة الكويت





منارة مسجد الشيوخ، بلونها الأخضر المميز، وزخرفها الناعم، دولة قطر





يتم الحفاظ على المساجد التراثية، بترميمها وتجديدها، كما يظهر هذا المسجد نموذجًا لها في منطقة الوكرة، بدولة قطر





يوضح هذا التصميم الخطي كيف يغزو اللون الذهبي الحروف العربية، في الآية الكريمة (25 من سورة الأحزاب)، وسورة الشمس، في سقف مسجد الحاجة فاطمة، دولة الكويت





حاجز يخصص حيزًا لقسم النساء في مركز أحمد الفاتح الإسلامي، مملكة البحرين





تمثل المكتبة ركنًا مهمًا في عمارة المسجد الحديثة، ومكتبة مسجد الحاجة فاطمة بدولة الكويت تقدم نموذجًا للمكتبة ذات التصميم الراقي





مسجد الجميرا في مدينة دبي، وتشبه منارته منارات الجامع النبوي الشريف





الرخام المزخرف والتمايز في لون الحجر مع لون الزجاج المنقوش لجامع السلطان قابوس الأكبر