ديمقراطيتهم وديمقراطيتنا.. أيهما المدججة بالسلاح؟

ديمقراطيتهم وديمقراطيتنا.. أيهما المدججة بالسلاح؟
        

          إلى عناية المكرم رئيس تحرير «العربي» الغراء..

          لكم منا بعد - التحية - السلام والتقدير وفائق الاحترام. كما يطيب لي وبكل الود والترحاب أن أعلق على مقالكم المنشور بالعدد : 630 مايو 2011م والذي جاء تحت عنوان «ديمقراطيتهم المدججة بالسلاح».

          بدءًا أؤكد أنني لست مناصرًا لما تنتهجه دولة إسرائيل من نهج عدائي لأهل البلاد (الفلسطينيين)، غير أني أود أن أستميحكم عذرًا على جرأتي بهذا التعليق، فآمل أن يتسع صدركم لعدم اتفاقي معكم في ما ذهبتم إليه، لاسيما قولكم «... دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهي بلا شك الحقيقة المزيفة»، وقد تكرر هذا المعنى في أكثر من موضع في حديثكم الشهري.

          فلا يمكننا أن ننكر أن النظام الإسرائيلي شئنا أم أبينا يمثل الديمقراطية الوحيدة في منطقتنا، إنها الحقيقة التي لا يمكن أن نخفيها مهما فعلنا. فإن كانت ديمقراطيتهم مزيفة كما تراها أعيننا، فما الذي يمكن أن نقوله نحن عن نظم الحكم في بلادنا «الدول العربية»؟ بربك هل تكفي هذه الكلمة «مزيفة» لنصف بها حال أفضل دولة من دولنا؟ وإذا كانت إسرائيل تتدجج لحماية ديمقراطيتها بالسلاح لتهاجم غرباء عنها (الفلسطينيين) والذين يهددون أمنها واستقرارها، فإن حالنا نحن يغني عن سؤالنا.

          أما رأيناهم «الإسرائيليين» وهم يحاكمون بعض مسئوليهم الكبار وهم في قمة سلطتهم بل ويحكمون على من ثبتت عليه التهمة بالسجن؟ فبين عشية وضحاها أصبح المسئول الكبير صغيرًا يتواري خجلًا مما جنت يداه، ويُسحب إلى السجن بعد أن كان يعتلي المناصب العليا في الدولة، فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال، وسبحان من يغير ولا يتغير.

إسرائيل مشجبنا:

          لقد أصبحت إسرائيل تمثل ذلك المشجب الذي نعلق عليه كل فشل يلحق بأمتنا العربية أوالإسلامية. أيعقل هذا الذي يحدث؟ إلا أن الحقيقة التي أمام ناظرينا ولا يمكننا أن نتوارى عنها هي: أننا نرى الفيل ولا نستطيع حتى أن نطعن في ظله. فالفيل هو أمريكا بينما تشكل إسرائيل ذلكم الظل الذي لم نتمكن من طعنه على الإطلاق.

          فإن نحن أردنا الحقيقة المجردة دون أن نسترها ولو بورقة التوت فلا نملك إلا أن نقول إن أمريكا وإن تجملت وتزينت لنا هي العدو الحقيقي للعرب، ولست هنا من دعاة إعلان الحرب على أمريكا ؛ ولكن أرى أن نضع هذه الحقيقة أمام أعين حكامنا حتى لا يتناسوها أو يتجاهلوها.

          نحن نعلم أن إسرائيل صارت تعربد في منطقتنا كما شاءت دون ضابط أو رابط، ودون وجود أي رقيب عليها سواء أكان هذا الرقيب من قبلنا أو من قبل غيرنا. ولم يأت ذلك من فراغ ولكن مما كسبت أيدينا من ضعف وهوان ليس من شيم العرب ولا العروبة في شيء، وقد صدق المتنبي حين قال:

كُلُّ حِلمٍ أَتى بِغَيرِ اِقتِدارٍ
                              حُجَّةٌ لاجِئٌ إِلَيها اللِئامُ
من يهن يهن الهوان عليه
                              وما لجرح بميت إيلام

          ويقول بشار بن برد :

لَقَد أَسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيًّا
                              وَلَكِن لا حَياةَ لِمَن تُنادي

د. حسن محمد أحمد محمد
السودان الخرطوم

----------------------------------

ألاً إنَّنَا كُلُّنَا بائدُ
                              وأيّ بَني آدَمٍ خالِدُ؟
وبدءُهُمُ كانَ مِنْ ربِّهِمْ
                              وكُلٌّ إلى رَبّهِ عائِدُ
فيَا عَجَبَا كيفَ يَعصِي الإلهَ
                              أمْ كيفَ يجحدهُ الجاحِدُ
وللهِ فِي كلِّ تحرِيكَةٍ
                              وفي كلّ تَسكينَةٍ شاهِدُ
وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آيةٌ
                              تَدُلّ على أنّهُ الواحِدُ

أبوالعتاهية