إقليم أزيلال في المغرب الجنـان المعلقـة

لإقليم أزيلال مداخل عدة، لعل أهمها وأجملها أن تأتيه من مدينة بني ملال عبر طريق مراكش، وفي الكيلومتر 20، تنعطف يساراً تجاه قرية أفورار، التي تستلقي فوق قدم الجبل، تدين هذه القرية التي مر بها لسان الدين بن الخطيب، في رحلته إلى منطقة تادلا، وسماها «تيط أفورار» في كتابه «نفاضة الجراب وعلالة الاغتراب»، بازدهارها وتوسعها إلى مشروع سد بين الويدان، في بدايات أربعينيات القرن الماضي، حيث كانت من مراكز التخطيط والتوجيه والإشراف.
يربطها بحقينة السد نفق أرضي طوله تسعة كيلومترات، وقد اختيرت القرية أخيراً لاحتضان مشروع طليعي لتوليد الطاقة الكهربائية، بتقنية تدوير الماء، هو الأول من هذا الطراز في إفريقيا. تمتلك القرية مؤسسة فندقية من الطراز الرفيع، وما إن تصعد قليلاً في الجبل المحاذي لها حتى يتراءى أمامك سهل تادلا بكل جلاله وخضرته وبهائه، مربعات فسيفسائية ممتدة حد البصر.
هنا صنعت هبة سد بين الويدان أول تجربة سقوية حديثة بالمغرب، في أواسط القرن الماضي. هنا ترى ما سمي حينئذ في ملصقات الدعاية بـ«كاليفورنيا المغرب».
تراث إنساني
تسير في طريق متعرجة، ما انفكت تصعد إلى السماء، تحيط بها غابات ذات خضرة باهرة. أنت الآن تدخل «جيوبارك مگون»، أول متنزه جيولوجي في إفريقيا، اعترفت به اليونيسكو سنة 2014، تراثاً إنسانياً ينبغي رعايته وصيانته. يمتد المتنزه الجيولوجي على مساحة 12000 كلم²، وسط الأطلس المتوسط الأوسط، وهي مساحة تتوافر على مواقع ذات أهمية علمية على الصعيد الجيولوجي، والأركيولوجي والثقافي، وكذا على مناظر طبيعية فاتنة. بعد كيلومترات من الصعود، وحين تدرك القمة، تبدأ في الانحدار تجاه حقينة السد، ترى نهراً أخضر يتهادى ببطء وسط خمائل الغابة الكثيفة، التي تحيط به من الجانبين، ثم ترى صرحاً إسمنتياً هائلاً يسد فجاً بين جبلين شاهقين، ويمسك، بجدارة، بحيرة تمتد على مساحة 17 كلم². كان سد بين الويدان الذي تتغذى عليه روافد أودية عديدة، أهمها «وادي العبيد»، أكبر سد في المغرب منذ نهاية أشغاله سنة 1952 حتى إنشاء سد المسيرة الخضراء سنة 1975، بطاقة استيعابية تصل إلى مليار و200 مليون متر مكعب.
لقد وفرت بحيرة السد المترامية مجالاً رحباً لهواة الصيد، والألعاب المائية لممارسة هواياتهم. وقد شهدت جوانب البحيرة أخيراً استثمارات سياحية مهمة في شكل فنادق ودور للضيافة، توفر، لمن تستهويه المياه المحاطة بقمم الجبال، السكينة والهدوء النادرين. حين تغادر السد باتجاه مدينة أزيلال، وكلما صعدت أرتك البحيرة جانباً منها، وتترك لك في تمنعها بألا تراها كاملة، إلا وأنت في القمة، ذلك هو دلال الجمال الكامل.
بنايات لا تخاصم الطبيعة
بعد كيلومترات عديدة، تجد نفسك في مدينة أزيلال، حاضرة الإقليم، حيث مقر العمالة، والمصالح الإدارية، بساكنة في حدود 30 ألف نسمة. أزيلال بالأمازيغية تعني «الممر»، ولا شك في أن المكان يدين للسوق الأسبوعية، التي تقام فيه، وللثكنة العسكرية التي أنشأها المستعمر، لمراقبة القبائل المجاورة. وبتحوله إلى مركز لإدارة الإقليم، وحتى لا تبقى المدينة معبراً للسياح فقط، فقد تم إنشاء متحف جيولوجي كبير بها، ستحتضن أروقته هيكل الديناصور، الذي وجد بمنطقة تيلوگيت سنة 1979، وكذا عينات من غنى التشكل الجيولوجي، كما أن المتحف سيشكل قبلة للباحثين والعلماء المهتمين بالمنطقة.
في أحد مقاهي أزيلال، يمكنك أن تحتسي كأس شاي بالنعناع، وأنت تتملى القمم المكللة بالثلوج طوال السنة، وتلحظ ذلك التحول، من بذخ الغابات الغامضة، والمتسترة على أسرار مهيبة إلى سطوة للندرة، والصخور الجرداء التي تشهر نقاء وطهارة لا شيء ينال منهما. كانت الطرق تتجاذبك وتشهر غواية لا تقاوم.
نباتات لا تخاصم الطبيعة
توجد مدينة أزيلال في قلب شبكة من المواقع الأثرية، والطبيعية والأركولوجية، أينما وليت وجهك، فثمة ما يستحق أن يرى. ونظراً لأن لوادي «أيت بوگماز» شهرة عالمية، ويرتاده سياح من كل بقاع العالم، فقد أخذت وجهة جنوب المدينة، الطريق إلى وادي أيت بوگماز بسحر خاص، من حين لآخر ترى تلك البنايات الشاهقة، التي تبدو كأنها قدت من الحجر والتراب المحيط بها، إنها المخازن الجماعية للقبائل، أو هي دور بعض الوجهاء، حيث برهنت العبقرية الأمازيغية في المعمار على قدرة في اجتراح بنايات لا تخاصم الطبيعة، بل تخاصرها، وتحنو عليها. ومن حين لآخر، تعبر مجاري ماء وترى سرب حجل أو مروراً خاطفاً لأرنب. يهبك المشهد الأجرد الحاد والصامت خدر استسلام تام لهدهدة الطريق بالتواءاتها المدوخة، ثم يصعقك صوت ما يصدر عن طائر وجل، جمال ما في وجه راعية تعبر بقطيعها أمامك، حركة ما لكائنات استأنست بالقساوة الظاهرة للجبل واستأثرت بسخائه الباطني.
لا يمكنك أن تصل إلى وادي أيت بوگماز ولا يذهلك التناقض الصارخ بين جبل لم يعد يملك إلا يباب صخوره ووادٍ طافح بالخضرة. هنا تريك الطبيعة حديها حين تمنع بقساوة، وحين تعطي بلا حدود. هنا تتكئ الصحراء على كتف جنة ممتدة حد البصر، حقول قمح وشعير وذرة وخضر وأشجار جوز باسقة وماء يختال في خيلاء من بيده أصل الحياة. في وادي أيت بوگماز عليك برؤية شيئين: مخازن سيدي موسى المعلقة في جرف منيع، عليك صعوده بتمهل لتجد كأس شاي في انتظارك يعدها شيخ وقور، مكلف بحراسة المخازن، وآثار خطى الديناصور في تبانت، تنتشر في وادي أيت بوگماز المآوي الجبلية وبها مدرسة لتكوين الأدلاء السياحيين الجبليين، يمكنك أن تنام هناك أو أن تعود لتأخذ الطريق غير المعبدة نحو زاوية أحنصال.
بعد حوالي ساعتين من السير في طريق متعرجة، ترى الزاوية ببناياتها الشاهقة المتعاضدة، تحفة معمارية تذهل كل من يراها، حتى إنها دفعت بعض الأجانب للإقامة الدائمة بها. أسس سيدي سعيد أحنصال الذي تروي الرواية الشفوية أنه خرج من آسفي هائماً على وجهه وأُرسِلَ له قِطٌّ يسير أمامه، تتبع القط حتى اختفى في مكان الزاوية الحالي، ففهم أنه المكان الموعود. طور ابنه يوسف الزاوية من بعده وذاع صيتها في المغرب ووصل حتى الجزائر، حيث لها أتباع هناك. كانت الزاوية هي موضوع بحث أرنست كيلنر في كتابه الشهير «صلحاء الأطلس»، حيث بلور نظرية الانقسامية التي ينتظم فيها نسيج المجتمع المغربي، بحسبه. عرفت الزاوية أيضاً من خلال سيدي محا وشراسة تصديه للمستعمر الفرنسي. إنها فضاء تقوى وتاريخ وعبر.
درر الطبيعة
بعد زيارة زاوية أحنصال، عليك العودة إلى مدينة أزيلال، ومن هناك تأخذ الطريق نحو مراكش، وبعد ما يزيد على خمسة عشر كيلومتراً، تنعطف يميناً لتنزل نحو شلالات أوزود، أو نياگارا المغرب، الشلالات التي يندر أن تجد ملصقاً سياحياً دعائياً ولا تجد صورتها فيه. صنفت الشلالات تراثاً وطنياً طبيعياً سنة 1943، وقد تمكنت أخيراً من أن تشكل من حولها حياة كاملة، فنادق ودور ضيافة ومطاعم وسوق للتبضع. حين تصل إلى موقف السيارات لا ترى شيئاً، عليك أن تنزل حوالي سبعمائة دركة لتصل إلى أسفل الوادي وسط باعة التحف ومقاه شعبية تقدم الشاي والطاجين. تنزل مأخوذاً بما تراه فيفاجئك رذاذ يصل إلى وجهك. ها أنت أمام إحدى درر الطبيعة، كميات هائلة من الماء تهوي، من فوق جرف عال، مشكلة بانعكاس الشمس فيها، قوس قزح دائماً، تعشش أسراب حمام في الجرف وتهب المشهد بطيرانها الخاطف وهو يتلافى الماء، طعم من يرى الأيام الأولى للخليقة وهي تتبرعم. ترى في الدغل المحيط بالشلالات قردة، أفسدها الناس بتقديم الطعام لها، فصارت على طول الممر النازل تمد قوائمها لكل عابر مثل متسولين محترفين. وبما أن الصعود دوماً أصعب من النزول، فإن الدرج الطويل يبدو لك كاختبار نصبه الشلال لإجبار كل من يريد أن يغادر على أن يتمهل قليلاً. تصعد بخليط من المشاعر ركب وهنة مترددة وقلباً يختلج فرحاً بالماء الذي لا شيء يحدّه، بالماء حين يفيض على نفسه ويتطاير في الهواء.
غير بعيد من شلالات أوزود، خمسة كيلومترات، توجد قرية تناغملت، القرية المكسيكية كما يسميها أدلاء السياحة، دور مائلة مبنية بالتراب والحجر تحرسها نخلة شاهقة. هنا أنشأ سيدي سعيد البوگمازي بائع الزيت في القرن الثامن عشر، زاوية عرفت بكرامة وفرة زيتها، حتى إن الناس كانوا يعتقدون أن طيور الزرزور تأخذ حبات الزيتون من أماكن نائية وتأتي بها لتلقيها قرب معصرة الزاوية. عرفت تناغملت أيضاً بمكتبتها الزاخرة بالكتب والمخطوطات.
ولأن الأمكنة مثل الأفكار يستدعي بعضها بعضاً، فإن زيارة تناغملت تدعوك لزيارة أيت عتاب، التي لا تبعد عنها إلا عشرين كيلومتراً، في اتجاه الشمال. عرفت أيت عتاب ومنذ القديم بكونها مركزاً تجارياً وإدارياً، وعرفت أيضاً بوفرة أشجار اللوز والجوز والزيتون، وبها ضريح أحد حفدة المولى إدريس الأكبر وهو يحيى بن إدريس.
موطن النسيج
من أيت عتاب إلى مدينة أولاد عياد، ومن هناك عبر طريق مراكش نحو «بزو» الذائعة الصيت، لا يمكنك أن تذكر بزو ولا تردد بداخلك مطلع قصيدة العلامة المختار السوسي في وصفها «أجنة الخلد هذه أم بزو». بزو واحة يانعة وسط جبال جرداء، بزو هبة عين تسمى تامدا، تعتقد النساء أن كل بنت استعصى عليها الزواج استحمت في مائها فجراً، سترزق ببركتها زوجاً صالحاً. تنقسم بزو إلى حيين كبيرين، باحي والمدرسة. وهي بالنسبة لكل المغاربة موطن النسيج البزيوي الشفاف والمترقرق في بياضه، والذي جعل منه الملك الحسن الثانــــي
- رحمه الله - لباساً وطنياً. تقام فيها سوق أسبوعية عشية كل جمعة، بين صلاتي العصر والمغرب، يأتيه تجار من كل مناطق المغرب لشراء النسيج البزيوي. المدينة معروفة أيضاً بثريدها الذي يحاكي نسيجها، وهو إحدى الأكلات النادرة التي تمزج المالح بالحلو، وذلك بخلطها لمرق الدجاج بالعسل، كما تشتهر بمكتبة زاوية سيدي الصغير، حيث عثر سنة 1958 على النسخة الوحيدة الباقية من كتاب الجاحظ، «رسالة العميان والعرجان والبرصان».
بعد مدينة بزو، تدعوك إليها حاضرة أخرى مجيدة. تعبر في الطريق إليها «فم الجمعة» و«تنانت»، وبعد حوالي 70 كيلومتراً تدخل مدينة «دمنات»، حاضرة قبائل هسكورة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، حتى إن إحدى الروايات ذكرت أن عقبة بن نافع مر منها. دمنات مشهورة بكونها مركزاً تجارياً مزدهراً، كان ينظم التجارة بين مراكش وفاس، وبين السهل والجبل، وبكونها كانت إحدى المدن المغربية الآهلة باليهود، ومازالت أسوارها وأبوابها وبعض دورها شاهدة على غناها ومجدها. دمنات مشهورة بخزفها وبدقتها الدمناتية وبفرق السماع والحديث فيها، وبكونها كانت إحدى بؤر المقاومة للاستعمار، فكثير من رموز المقاومة الوطنية من المدينة، حمان الفطواكي، الفقيه البصري، وغيرهما.
غير بعيد من دمنات، توجد قنطرة إيمي - ن- إيفري، وهي من أعاجيب الطبيعة، حيث تمكن وادي محصور في فترات وفرته من أن يحفر مجرى وسط التشكلات الجوراسية، وبعد ذلك تمكنت عيون وشلالات عدة من أن تراكم مستحثات استطاعت أن توحد الضفتين وتخلق مشهداً غريباً وساحراً. القنطرة تعبرها الشاحنات المثقلة بالبضائع، ولا تكترث لذلك. استوطنت تجاويف القنطرة أسراب هائلة من الوطاويط تهب المكان في الليل رهبة مكينة.
من قنطرة إيمي - ن- إيفري تبدأ الطريق التي تربط دمنات بورزازات، وغير بعيد منها تجد موقع إيواريضن، حيث ترى آثار خطى الديناصور، وهو موقع بصيت عالمي، نجد فيه آثار الديناصورات اللاحمة (التريبودوس) والعاشبة (السورابودوس). وقد عمدت إدارة المتنزه الجيولوجي لحمايته وتسييجه.
لا يمكن لمن يزور إقليم أزيلال ألا ينقاد لغواية زيارة قرية مگداز في وادي تساوت، رغم الطريق الوعرة وغير المعبدة التي تؤدي إليها. مگداز جوهرة المعمار الأمازيغي، وأنت تشرف عليها تكاد تحسب نفسك قد دخلت عالم الخرافات العجيبة، عمارات شاهقة من أربعة وخمسة طوابق مبنية بالحجر والخشب فقط، حجر أحمر يتلألأ حين يلتقي بأشعة الشمس، فيبهر البصر، المجد لبناة هذه الشواهق التي لم تنل منها عوادي الزمن، الريح والأنواء والثلج. فوق كل البنايات تقريباً ترى لقالق تتأمل الأفق في أعشاشها، تبدو كحراس يقظين للمكان. تدين مگداز بشهرتها لمعمارها ولشاعرة ولدت فيها وترعرعت وتشربت نورها الباهر، وانطلقت صادحة بأشعار تمجد حياة يومية شحذتها الطبيعية وعصف التاريخ، إنها الشاعرة الأمازيغية مريريدة نايت عتيق، التي عاشت محنة الدخول الدامي والمدمر للاستعمار الفرنسي، وأتقنت التعبير عن صدمة أهلها لرؤية الآلة الفتاكة لجيش المستعمر. منذ أن أعجب روني أولوج بأشعار مريريدة حين التقاها بأزيلال وترجمها إلى الفرنسية، صارت لها شهرة عالمية، حيث إن الرئيس السنغالي السابق سنغور قدم لديوانها «أغاني تساوت». مريريدة بالأمازيغية اسم لطائر صغير. وأنت تغادر مگداز تتردد بداخلك أشعار مريريدة العميقة في بساطتها، والمرحة في حزنها، والقوية حين تتحدث عن هشاشة كائنات اجتثت من محيطها.
فكُّ العزلة
لاحظت وأنت تجوب مواقع إقليم أزيلال خصاصاً كبيراً في ما يخص البنيات التحتية، وبالأخص الطرق المعبدة، ولاحظت غياب تجمعات سكنية كبيرة، فالمساكن مشتتة في المجال، مما يلقي بعبء ثقيل على الدولة في توفير مستلزمات عيش كريم. حملنا هذه الملاحظات إلى السيد خلا السعدي، وهو رئيس المجلس الإقليمي لإقليم أزيلال، أستاذ وكاتب، فصرح بما يلي: «مساحة الإقليم شاسعة جداً. لذا، ورغم المجهودات التي بذلت في العقود الأخيرة لفك العزلة عن الجماعات القروية وبعض الدواوير، فإن الخصاص كبير. ففي فصل الشتاء ومع تساقط الثلوج، تنقطع بعض المناطق عن العالم تماماً، ما جعل السلطات المحلية في الفترة الأخيرة تستعين بالهليكوبترات لإيصال المساعدات أو لإجلاء المرضى. عرف الإقليم توسيعاً لشبكة الكهرباء التي غطت 90 في المائة من المنازل، كما زودت تجمعات عدة بالماء الشروب، وتم تعميم التمدرس. وتمكنا من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أن نخلق بعض المشاريع المدرة للدخل، غير أن انتظارات السكان كبيرة، خصوصاً أنهم، ومع انتشار التمدرس والتلفاز ووسائل الاتصال، بدأوا يقارنون أوضاعهم بباقي مناطق المغرب. وهكذا صار الإقليم يعرف أيضاً بمسيرات للسكان من كل المناطق نحو مقر العمالة للمطالبة بتنمية تجمعاتهم السكنية وتوفير كل ما تفتقده من مستلزمات».
غنى ثقافي
ونظراً للمؤهلات الثقافية الهائلة للإقليم (معمار، تراث شفوي، حلي، أشكال غنائية، وشم...)، التي من شأن العناية بها واستثمارها أن يشكلا إحدى رافعات التنمية، فقد التقينا بالسيدة خديجة برعو، مديرة دار الثقافة في أزيلال والمسؤولة عن التنشيط الثقافي بالمدينة، وسألناها عن مساهمة القطاع الثقافي في تنمية إقليم أزيلال، فأجابت بأن «الغني الحقيقي للإقليم هو غنى ثقافي. فللإقليم مؤهلات ثقافية كبيرة تشكل جاذبية للسياح من كل بقاع العالم. وبما أن أحد التيارات الكبيرة للسياحة العالمية هو السياحة الثقافية، ولكون العرض الثقافي بالإقليم متنوعاً ويكاد يمس كل مكونات الشخصية المغربية، فإن من شأن تأهيل المواقع الأثرية وصيانتها وخلق بنية استقبال لائقة بها جذب آلاف السياح لها. هذا الغنى الثقافي يطرح على وزارة الثقافة والجماعات المحلية والسلطات تحديات جمة، ويتطلب إمكانات مادية كبيرة. وقد أنجزت الوزارة مشاريع ناجحة عدة لترميم بعض المخازن الجماعية في زاوية أحنصال وفاخور ومكداز ورممت جزءاً كبيراً من سور دمنات التاريخي، لكن الخصاص كبير والمآثر الآيلة للسقوط كثيرة، وينبغي تضافر جهود الجميع لإنقاذها».
وأنت تودِّع إقليم أزيلال، كنت على يقين بأن المكان بطبيعة أهله ووداعتهم، بجماله الباهر، ووفرة الرزق فيه، بتنوع مناظره وغرابتها وسحرها، حُفر له مكان راسخ في قلبك، حياك الله أزيلال وحماك. لم تزر وادي أنرگي بمخازنه الجماعية ومنبسطاته التي تصلح في فصل الشتاء لاحتضان موقع للتزلج، ولا كاتدرائية أيت تلكيت، حيث برعت الطبيعة في تشكيل صخرة عظيمة في هيئة كنيسة، ولا آيت بولي، ولا النقوش الصخرية بتيزي-ن- تيغريست، ولا أماكن أخرى في إقليم يتلألأ بالمواقع الباهرة، مواقع لم يفسدها بعد تطور لا يبقي ولا يذر، ولا تحتاج هذه المواقع إلى حمايتها فقط، بل يجب التعريف بها ■
حرث حقل حجري في إقليم أزيلال
نساء يحصدن العدس في إقليم أزيلال
مشهد غروب في وادي آيت بوكماز بإقليم أزيلال
قنطرة من صنع السكان لعبور مجرى الماء
بناء أمازيغي في منطقة آيت محمد بإقليم أزيلال
أحد مربي النحل في إقليم أزيلال
بناء أمازيغي من منطقة أنركي
أطفال من آيت بوكماز
زاوية أحنصال