نافستار Navstar... شبكة الأقمار الاصطناعية لتحديد المواقع
نافستار (Navstar) هو اسم شبكة الأقمار الاصطناعية الأمريكية التي تؤمن خدمات منظومة تحديد المواقع العالمية (GPS) التي تستخدم لجميع انواع الملاحة، العسكرية منها والمدنية. وتم تصميم المنظومة بحيث يظهر أربعة أقمار منها على الأقل في أي مكان من الكرة الأرضية، وعند أي وقت من الأوقات. وتدور هذه الأقمار دورة كاملة حول الأرض كل 12 ساعة ويتم تزمين (جعلها متزامنة) الإشارات التي تبعثها هذه الأقمار، لتصل في وقت واحد إلى محطة التسلم الأرضية. وعندما تتواصل أربعة أقمار على الأقل مع محطة التسلم، تقوم حواسيب المحطة بحساب المكان بدقة عالية لا تتجاوز بضعة أمتار.
وكانت خدمات هذه الأقمار تقتصر على الاستعمالات العسكرية الأمريكية وممنوعة على المدنيين حتى عام 2000، عندما وافق رئيس الولايات المتحدة آنذاك بيل كلينتون على استعمالها لكل أنواع الملاحة المدنية، وعدم اقتصار استخدامها على الاستخدامات العسكرية فقط.
ويعود تاريخ نشوئها إلى عام 1973 عندما اقترحت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنشاء شبكة عالمية من الأقمار الاصطناعية تعمل على تحديد المواقع، وتعرف هذه الشبكة حالياً باسم شبكة نافستار. وكانت تعرف وقتها باسم منظومة الأقمار الاصطناعية للملاحة الدفاعية. وكان السبب الرئيس وراء ذلك الاقتراح هو الحاجة إلى الدقة الشديدة عند تصويب الأسلحة على الأهداف، وكذلك للقضاء على ظاهرة كثرة أنظمة الملاحة التي كانت القوات الأمريكية تستخدمها في ذلك الوقت. وشهد عام 1973 إطلاق أول قمر من الجيل الأول من شبكة الأقمار الصطناعية نافستار، والذي يعرف باسم مجموعة نافستار1. وشهدت الأعوام بين 1978 و1980 إطلاق أقمار أخرى صنعتها شركة مارتن لوكهيد. وفي نهاية عام 1980 كانت كوكبة مجموعة نافستار1 تتكون من 6 أقمار تدور كل ثلاثة منها في مستوى مداري معين وتكمل دورتها في 12 ساعة وعلى ارتفاع 17440 كم.
نافستار II... الجيل الثاني
بعد ذلك بدأ التحضير لمرحلة المجموعة الثانية من نافستار II. وشهدت الفترة من 1989 إلى 1990 إطلاق أول مجموعة من أقمار تحديد المواقع متكاملة الخواص، وكان عددها تسعة أقمار، فقد صممت لتعمل وحدها مدة 14 يوماً من غير أنْ تتدخل المحطة الأرضية في عملها أو تصحيح مسارها. وصُمم القمر بميزة سرعة معالجته للبيانات وليعيش حوالي 12 سنة. وتوالى بعد ذلك إطلاق أقمار جديدة وإبدال أخرى قديمة، وآخر قمر من هذا الجيل تم إطلاقه في عام 2012. وأعلنت شركة بوينج في السنة نفسها أنها انتهت من صنع اثنين منها ومازالت تعمل على عدة أقمار أخرى. ويبلغ عدد أقمار الكوكبة حالياً 24 قمراً تتوزع على 6 مدارات بواقع 4 أقمار في كل مدار وعلى ارتفاع 20200 كم عن سطح الأرض.
نافستار III... الجيل الثالث
تم الإعلان في شهر مارس الماضي عن جاهزية شركة سبيس إكس لإطلاق أقمار لأجل منظومة خدمات الـ GPS في عام 2018 أو عام 2019 من قاعدة كيب كانفيرال الجوية في فلوريدا بواسطة صاروخ فالكون 9. وكان قد أعلن قبل ذلك فوز هذه الشركة بعقد بقيمة 96.5 مليون دولار لإطلاق أقمار المرحلة الثالثة من المشروع نافستار، المُسماة نافستار III. وهذا الجيل تصنعه شركة مارتن لوكهيد ومصمم ليكون أكثر دقة بثلاث مرات من الجيل الحالي وقد يعيش 15 سنة. وكان من المفترض أنْ يبدأ الإطلاق عام 2015, لكن ذلك لم يتم.
حقائق عن الأقمار الاصطناعية
- يوجد حالياً أكثر من 2500 قمر اصطناعي يدور حول الأرض. ومن بين هذه الآلاف من الأقمار الاصطناعية التي تجوب فضاءنا يوجد ثلاثة منها تحمل أسماء دائمية، وهي: المحطة الفضائية الدولية - مرصد تشاندري للأشعة السينية - تلسكوب هابل الفضائي.
- يوجد أكثر من 8000 جسم غريب يدور حول الأرض، ومصدرها بقايا الأقمار الاصطناعية التي تم التخلص منها أو التي تعرضت للتلف وبعض لوازم رواد الفضاء، وغيرها.
- أطلق أول قمر من كوكبة نافستار عام 1973.
- اكتمل عدد كوكبة الأقمار للمنظومة إلى 24 قمراً في عام 1994.
- بلغ عدد أقمار الـ GPS 27 قمراً حتى عام 1996، قسم منها يعمل وقسم توقف عن العمل.
- يبنى القمر الاصطناعي ليعمر ما لا يقل عن عشر سنوات.
- يتم باستمرار بناء وإطلاق أقمار جديدة للمنظومة للتعويض عن تلك التي انتهت أعمارها.
- يزن قمر المنظومة حوالي 900 كيلوجرام ويبلغ طوله حوالي 5 أمتار عدا طول الألواح الشمسية الممتدة على جوانبه.
- تبلغ القدرة الكهربائية لإشارات بثه حوالي 50 واط أو أقل.
- بعد أنْ كانت المنظومة الأمريكية نافستار وحدها في الأجواء نراها الآن تتعرض للمنافسة من منظومات أخرى، مثل المنظومة الروسية المسماة GLONASS ومنظومة الصين COMPASS ومنظومة أوربا Galileo. وتركز أمريكا في منافستها مع هذه المنظومات على تحسين دقة أجهزة التحديد.
تواصل المنظومة نافستار II مع أجهزة
الـ GPS
لنحو 6 سنوات بعد جعل استعمال منظومة تحديد المواقع متاحة للاستعمالات المدنية عام 2000، كان امتلاك جهاز GPS محدوداً جداً، فهو غالي الثمن. وكان الحصول على خريطة لموقع ما وتتغير كلما تحركت المركبة شيئاً عجيباً ومدهشاً. لكن الآن أصبح الجهاز رخيصاً جداً وفي متناول الجميع، والحصول على الخرائط أكثر من عادي ولا يستحق الدهشة أو الإعجاب، لكنه بالتأكيد شيء يستحق التساؤل، فكيف لصندوق صغير بحجم الكف وأصغر تحمله بيدك أو تضعه على اللوح الأمامي لمركبتك أنْ يعرف مكانك على سطح البسيطة؟ وبدقة تقرب من عشرة أمتار؟ في واقع الحال هذه العلبة الصغيرة تتسلم إشاراتها بشكل خرائط من 4 أقمار على الأقل من ضمن كوكبة الأقمار نافستارII التي تدور حول الأرض في مدارات ترتفع عن سطح الأرض بمقدار 20200 كم، وتميل هذه المدارات بزاوية 55 درجة عن خط الاستواء. ويكمل القمر دورتين في اليوم الواحد ويسير بسرعة 14000 كم/ سا (3.9 كيلومترات في الثانية).
ترسل الأقمار الاصطناعية إشاراتها، إما مباشرةً إلى أجهزة الـ GPS على الطائرات والبواخر والمركبات وغيرها، أو ترسلها إلى مُستَقبِلات الـ GPS الرئيسة الموضوعة في الخلاء والفضاءات المفتوحة لتجنب امتصاص الإشارات من قبل الأبنية العالية والجبال والغابات الكثيفة. وتحتاج هذه العمليات إلى نظام توقيت مرجعي دقيق جداً بوساطة ساعات ذرية توضع على الأقمار نفسها.
ويرسل كل قمر بيانات تُبَيِّن إحداثيات موقعه في تلك اللحظة. وتخضع جميع الأقمار إلى عملية تزمين بحيث يعاد إرسال البيانات من جميع الأقمار في اللحظة الزمنية نفسها. تصل هذه الإشارات الراديوية التي تسير بسرعة الضوء (لأنها موجات كهرومغناطيسية تماماً مثل الضوء) إلى مُستَقبِلات الـ GPS على الأرض بأوقات تختلف عن بعضها قليلاً بمقدار بضعة مايكروثانية (المايكرو هو 1 من مليون)، بسبب أن بعض الأقمار أبعد من غيرها عن المُستَقبِلات. وتحسب المسافة بين القمر والمُستَقبِل من معرفة الوقت الذي استغرقته الإشارة للوصول، لأن سرعة الضوء معروفة. وعندما يستطيع المُستَقبِل حساب بعده عن 4 أقمار على الأقل يستطيع حساب موضعه في الأبعاد الثلاثة.
دقة القياس
تعتمد دقة حسابات أجهزة الـ GPS على نوعية المُستَقبِلات المستعملة، ولمُستَقبِلات الاستعمالات المدنية تتراوح دقة القياس بين ١10 أمتار. وتستند حسابات المُستَقبِلات ذات الدقة العالية إلى طريقة الـ GPS التفاضلي (DGPS). وتتطلب هذه الطريقة وجود مُرسِل ومُستَقبِل مرجعي إضافي يُثَبّت في مكان معروف. وتُستعمل بيانات المُستَقبِل الثابت لتصحيح المواقع التي يسجلها المُستَقبِل المتحرك، وتصل الدقة إلى ١1 متر تقريبا.
حساب موقع المُستَقبِل
يحسب المستقبل موقع القمر من خلال البيانات التي ترسلها الأقمار الأربعة. وبحساب بعد كل قمر عن المُستَقبِل، يعرف ذلك المُستَقبِل أنه يقع في مكان ما على سطح خيالي لكرة مركزها القمر الاصطناعي. وبحساب نصف قطر كل كرة خيالية لبضعة أقمار، يكون موقع المُستَقبِل عند تقاطع هذه الكرات الخيالية.
يُمكن حساب نصف القطر لثلاث أو أربع كرات خيالية يقع قمر اصطناعي واحد في مركز كل منها. ويكون موقع المُستَقبِل حول نقطة تقاطع هذه الكرات. وإنْ لم تتقاطع الكرات في نقطة واحدة تؤخذ المساحة بين نقاط التقاطع الثلاث.
يحسب نصف قطر كل كرة خيالية تحيط بثلاثة أقمار، فيكون موقع المُستَقبِل عند تقاطع هذه الكرات.
تزامن توقيت إشارات الأقمار
تحوي جميع أقمار منظومة نافستار على ساعات ذرية عدة. والإشارات التي تبعثها الأقمار إلى الـ GPS تكون في تتابع عشوائي، أي غير منتظم. وتسمى هذه الإشارات االشيفرة العشوائية الكاذبةب. ويستمر إعادة البث العشوائي التتابعي باستمرار، وتكون جميع المُستَقبِلات على علم بهذا التتابع فتقوم بإعادته داخلياً. لذلك يجب تزمين الأقمار والمُستَقبِلات، فتقوم المُستَقبِلات حال تسلمها البث من الأقمار بمقارنة الإشارة القادمة مع إشارتها الداخلية. وبمعرفة مقدار فرق الوقت في تأخر إشارة القمر يتم حساب زمن وصول الإشارة.
مصادر الخطأ في إشارات منظومة الـ GPS
- تعمل طبقات الجو، مثل الطبقة الأيونية وطبقة التروبوسفير، على إبطاء سير الإشارات فتصل متأخرة للمُستَقبِل. لكن المنظومة تحوي أجهزة داخلية خاصة تحسب معدل زمن التأخير وتقوم بالتصحيح قدر الإمكان.
- عندما لا تصل الإشارة مباشرة من القمر إلى المُستَقبِل وإنما تنعكس انعكاسات عدة عن أبنية عالية أو صخور وجبال، يؤدي ذلك إلى مسارات متعددة للإشارة.
- تكون دقة ساعات المُستَقبِل أقل بكثير من دقة الساعات الذرية الموجودة على الأقمار.
- عدم التحديد الدقيق للمدارات.
- قلة الأقمار المنظورة من قبل المُستَقبِل، فكلما زاد عدد الأقمار الاصطناعية زادت الدقة.
- لا تعمل أجهزة الـ GPS عادةً داخل الأبنية وتحت الماء وفي الأنفاق وتحت الأرض، بل وأحياناً حتى الأشجار الكثيفة يمكن أنْ تمنع الإشارات.
- التظليل الهندسي للأقمار الذي يعتمد على المواقع النسبية لها في أي وقت من الأوقات. وأحسن تظليل هندسي يكون عندما تزداد قيمة الزوايا الفاصلة بين الأقمار. وأسوأ حالة تكون عند اصطفاف الأقمار على خط واحد.
أنواع المدارات
توجد أنواع عدة من المدارات، فهناك مدارات استوائية ومدارات قطبية ومدارات دائرية ومدارات بيضاوية، وهذه بدورها تقسم إلى تصنيفات أخرى، فمثلاً تقسم المدارات الدائرية إلى مدارات أرضية منخفضة LEO يتم القمر فيها دورته خلال 90 دقيقة والمدارات المتوسطة الارتفاع MEO. ومن أشهر المدارات الدائرية لدينا المدار الأرضي الثابت GEO، حيث يكمل القمر في هكذا مدارات دورة كاملة حول الأرض في مدة 24 ساعة وهي الدورة نفسها التي تستغرقها الأرض في الدوران حول نفسها. بذلك يبقى القمر الاصطناعي يشاهد البقعة نفسها من الأرض دائماً، لذلك تنعت هذه المدارات بالثابتة ويكون ارتفاع المدار كبيراً جداً ويبلغ 36 ألف كم. ومن هذا النوع لدينا أقمار الأرصاد الجوية.
ويتم اختيار نوع المدار حسب التطبيق الذي صنع القمر من أجله، فالأقمار التي تستعمل للبث التلفزيوني المباشر تدور في مدارات أرضية قريبة، بحدود 160 كم فوق سطح الأرض. بينما التي تستعمل مع الهواتف تحتاج إلى مدارات أقرب من ذلك.
كيف يبقى القمر الاصطناعي في مداره؟
تُسلط الأرض جذباً على القمر الاصطناعي فتجذبه نحوها، فلماذا لا يسقط القمر نحو الأرض فيتحطم؟ سبب ذلك أنَّ القمر من خلال دورانه حول الأرض يتعرض لقوة طاردة مركزية تحاول إبعاد القمر بعيداً عن الأرض، وهذه القوة تعتمد على سرعة القمر. ولكل مدار توجد سرعة تجعل قيمة القوة الطاردة المركزية تساوي مقدار قوة جذب الأرض، بذلك تتعادل القوتان وتصبح محصلتهما صفراً، لأنهما متعاكستان بالاتجاه. فيحافظ القمر على وجوده في المدار نفسه من غير أنْ يرتفع للأعلى أو ينزل للأسفل. وكلما كان المدار أقرب إلى الأرض كانت قوة الجذب الأرضي أكبر، وهذا يعني حاجته إلى سرعة أكبر كي يحصل على قوة مركزية طاردة تعادل الجاذبية الأرضية التي يتعرض لها. وعلى عكس ذلك كلما كان المدار أعلى كانت السرعة المطلوبة أقل. ففي المدارات الواطئة التي يبلغ ارتفاعها 160 كم يحتاج القمر إلى سرعة 28000 كم/ساعة، مما يعني أنْ القمر سيكمل دورته حول الأرض في حوالي 90 دقيقة. بينما المدارات العالية التي يبلغ ارتفاعها 36000 كم ستحرك القمر بسرعة تساوي تقريباً 1100 كم/ساعة، وسيكمل دورته في 24 ساعة.
قد تتقاطع الكرات في نقطة واحدة، وإن لم تتقاطع فتؤخذ المساحة بين نقاط التقاطع الثلاث.
منظومة DGPS التفاضلية
ترسل الأقمار الاصطناعية إشاراتها إلى أجهزة الـ GPS على الطائرات والبواخر والمركبات وغيرها، وكذلك إلى مُستَقبِلات المحطات الرئيسة.
< كوكبة أقمار نافستارII المكونة من 24 قمراً اصطناعياً تدور في 6 مدارات.
< أحد أقمار الكوكبة نافستارII ويزن 1660 كغم ويرتفع مداره بمقدار 20200 كم ويكمل دورته في 12 ساعة.
بعض أنواع المدارات
يوجد حالياً أكثر من 2500 قمر اصطناعي يدور حول الأرض, ويوجد أكثر من 8000 جسم غريب يدور حولها من بقايا الأقمار الاصطناعية وأشياء أخرى .