تظاهرة شكسبير

تظاهرة شكسبير

‭ ‬تعددت‭ ‬الرؤى‭ ‬ومحاولات‭ ‬كشف‭ ‬غموض‭ ‬ستة‭ ‬حروف‭ ‬بالعربية‭ ‬يرادفها‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬حرفا‭ ‬بالإنجليزية،‭ ‬يتألف‭ ‬منها‭ ‬اسم‭ ‬شكسبير،‭ ‬لمعرفة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬شخصاً‭ ‬بشرياً‭ ‬حقيقياً‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وتبارى‭ ‬الرسامون‭ ‬يحاولون‭ ‬تحديد‭ ‬بعض‭ ‬ملامحه‭ ‬بريشاتهم؛‭ ‬وسواء‭ ‬أكان‭ ‬ما‭ ‬توصلوا‭ ‬إليه‭ ‬صحيحاً‭ ‬أم‭ ‬لا؛‭ ‬تبقى‭ ‬قيمة‭ ‬الكتابات‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬اسمه‭ ‬فخلدته‭ ‬وأجمع‭ ‬عليها‭ ‬الحلفاء‭ ‬والأعداء،‭ ‬ليحتفلوا‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬قرون‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬ظهوره‭.‬

‭ ‬حدد‭ ‬العالم‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬جيمس‭ ‬فرايزر‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬الأسطورة‭, ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قَصص‭ ‬خارق‭ ‬لطبيعة‭ ‬الأمور‭ ‬يشوبه‭ ‬الغموض‭, ‬ويغلب‭ ‬عليه‭ ‬الطابع‭ ‬الفلسفي‭ ‬العميق‭, ‬والتأثير‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الممتد‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬تصل‭ ‬لمئات‭ ‬أو‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭; ‬وكلها‭ ‬أمور‭ ‬قلما‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬أشياء‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬لفظ‭ ‬أسطورة‭, ‬ولكنها‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬شكسبير‭ ‬الغامض‭ ‬وصاحب‭ ‬التأثير‭ ‬القوي‭ ‬المتعدد‭ ‬الأبعاد‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬أسطورة‭ ‬حقيقية‭ ‬وربما‭ ‬وحيدة‭ ‬في‭ ‬الألف‭ ‬عام‭ ‬الأخيرة‭.‬

‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأماكن‭ ‬منذ‭ ‬عام‭; ‬وفي‭ ‬أخرى‭ ‬منذ‭ ‬عامين‭ ‬بل‭ ‬وخمسة‭, ‬استعدادات‭ ‬كبيرة‭ ‬للاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬الكاتب‭ ‬الإنجليزي‭ ‬ويليام‭ ‬شكسبير‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬رقم‭ ‬450‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الطقوس‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬سنوياً‭ ‬في‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬ببلدة‭ ‬ستراتفورد‭ ‬الريفية‭ ‬بإنجلترا‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭, ‬حيث‭ ‬يجتمع‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬محبيه‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬وكذا‭ ‬مدفنه‭ ‬والأركان‭ ‬المحيطة‭ ‬بهما‭.‬

‭ ‬وتختلف‭ ‬هذه‭ ‬الاحتفالات‭ ‬في‭ ‬طبيعتها‭ ‬ومضمونها‭ ‬وحتى‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬تستمر‭ ‬خلالها‭, ‬فتقتصر‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬على‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬وفي‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬أسبوع‭, ‬لتمتد‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬مثلا‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭, ‬لتختتم‭ ‬بذكرى‭ ‬رحيله‭ ‬رقم‭ ‬400‭ ‬عام‭ ‬2016‭, ‬حيث‭ ‬توفي‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬الثانية‭ ‬والخمسين‭, ‬وتستمر‭ ‬طقوس‭ ‬ستراتفورد‭ ‬لأسبوع‭ ‬تنتهي‭ ‬بالتجمع‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬الألعاب‭ ‬النارية‭, ‬ووصول‭ ‬الموكب‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الحديقة‭ ‬الكبرى‭ ‬وقوامه‭ ‬نحو‭ ‬ألف‭ ‬فنان‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمار‭, ‬تصحبهم‭ ‬إيقاعات‭ ‬الغجر‭ ‬الموسيقية‭ ‬برعاية‭ ‬مسرح‭ ‬شكسبير‭ ‬الملكي‭.‬

‭ ‬ويشارك‭ ‬متحف‭ ‬فيكتوريا‭ ‬وألبرت‭ ‬العريق‭ ‬جماهير‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاحتفالية‭ ‬والذي‭ ‬يعود‭ ‬تأسيسه‭ ‬لعام‭ ‬1852‭, ‬من‭ ‬خلال‭ ‬غرفة‭ ‬خاصة‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬شكسبير‭ ‬بها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬مقتنياته‭, ‬وتسجيلات‭ ‬لمقابلات‭ ‬مع‭ ‬المهتمين‭ ‬بحياته‭ ‬وأعماله‭, ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬تصوراً‭ ‬لكيفية‭ ‬انتشارها‭ ‬وانتقالها‭ ‬من‭ ‬محلية‭ ‬المكان‭ ‬إلى‭ ‬العالمية‭ ‬عبر‭ ‬الزمان‭, ‬واكتشاف‭ ‬أفكار‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬معالجة‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عرض‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الملابس‭ ‬الخاصة‭ ‬بشخصياته‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬في‭ ‬العروض‭ ‬خلال‭ ‬عصور‭ ‬مختلفة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المشغولات‭ ‬اليدوية‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬لوحة‭ ‬خاصة‭ ‬لأعمال‭ ‬شكسبير‭ ‬المترجمة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬90‭ ‬لغة‭.‬

‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬شكسبير‭ ‬حدود‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬فقط‭, ‬ولكنه‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬الأعداء‭ ‬والأشتات‭ ‬الذين‭ ‬بادروا‭ ‬بعمل‭ ‬تظاهرات‭ ‬مشتركة‭ ‬للاحتفال‭ ‬به‭, ‬ومنهم‭ ‬الجارتان‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭, ‬اللتان‭ ‬ستقيمان‭ ‬ماراثوناً‭ ‬من‭ ‬لاهور‭ ‬إلى‭ ‬بومباي‭, ‬وكذلك‭ ‬سلسلة‭ ‬عروض‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬نظيرتيهما‭ ‬المتخاصمتين‭ ‬روسيا‭ ‬وجورجيا‭ ‬تقدم‭ ‬بمسارح‭ ‬منطقة‭ ‬أوسيتيا‭ ‬الحدودية‭, ‬وفنزويلا‭ ‬وكولومبيا‭ ‬اللتين‭ ‬اتفقتا‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬عروض‭ ‬الشارع‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينهما‭, ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬مما‭ ‬ستكشف‭ ‬عنه‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬تضحيات‭ ‬أقبل‭ ‬عليها‭ ‬المثقفون‭ ‬والفنانون‭ ‬وخاصة‭ ‬آل‭ ‬المسرح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬شكسبير‭ ‬وذكراه‭.‬

 

في‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه

‭ ‬بدورها‭ ‬التاريخي‭, ‬استعادت‭ ‬بلدة‭ ‬ستراتفورد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬سماتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬شكسبير‭; ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يظن‭ ‬أنه‭ ‬كذلك‭, ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭ ‬وتسابق‭ ‬الزمن‭ ‬تطلعاً‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭, ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬البلدة‭ ‬الريفية‭ ‬اختارت‭ ‬طواعية‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الخلف‭, ‬حتى‭ ‬تسمح‭ ‬للجمهور‭ ‬الإنجليزي‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬بمعايشة‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬عاش‭ ‬فيها‭ ‬شكسبير‭, ‬ربما‭ ‬يتملكهم‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أفكاره‭ ‬ومشاعره‭, ‬فيكتشفون‭ ‬الجديد‭ ‬عنه‭ ‬ويسهمون‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬بعض‭ ‬الألغاز‭ ‬المتعلقة‭ ‬به‭ ‬والتي‭ ‬مازالت‭ ‬غامضة‭.‬

‭ ‬يقصد‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬محبيه‭ ‬وعشاق‭ ‬إبداعاته‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭, ‬حيث‭ ‬زاد‭ ‬عددهم‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬المليون‭ ‬زائر‭, ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬احتفالية‭ ‬تقام‭ ‬سنوياً‭ ‬منذ‭ ‬مائتي‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انقطاع‭ ‬برعاية‭ ‬جمعية‭ ‬شكسبير‭, ‬حيث‭ ‬تستمر‭ ‬الأنشطة‭ ‬المختلفة‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوع‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬فناني‭ ‬وسكان‭ ‬البلدة‭ ‬تقريبا‭, ‬يستقبلون‭ ‬سفراء‭ ‬الدول‭ ‬وآلاف‭ ‬الزوار‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭, ‬فيأخذونهم‭ ‬في‭ ‬جولات‭ ‬بشوارعها‭, ‬تصحبهم‭ ‬موسيقى‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭, ‬ويستمتعون‭ ‬بأنشطة‭ ‬متعددة‭ ‬تستمر‭ ‬لأربع‭ ‬وعشرين‭ ‬ساعة‭ ‬يومياً‭.‬

ممثل‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬العار

‭ ‬تهيأت‭ ‬مدينة‭ ‬شكسبير‭ ‬لتذكر‭ ‬الزائرين‭ ‬بابنها‭ ‬عبر‭ ‬لوحات‭ ‬وكلمات‭ ‬على‭ ‬الجدران‭, ‬بداية‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يهرب‭ ‬من‭ ‬مصيره‭, ‬بل‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬طواعية‭, ‬فعشقه‭ ‬للمسرح‭ ‬كان‭ ‬جارفاً‭, ‬والذي‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬مراقبته‭ ‬للمارة‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬بلدته‭ ‬وطرقاتها‭, ‬النساء‭ ‬والرجال‭, ‬الصبية‭ ‬والعجائز‭, ‬والتطلع‭ ‬إلى‭ ‬تعبيراتهم‭ ‬وردود‭ ‬أفعالهم‭ ‬المختلفة‭ ‬بتأمل‭ ‬وحيرة‭ ‬وتفكير‭ ‬طويل‭, ‬حتى‭ ‬أدرك‭ ‬أحاسيسهم‭, ‬فذهب‭ ‬يتقمص‭ ‬شخوصهم‭ ‬المختلفة‭ ‬بين‭ ‬رفقائه‭, ‬وأخذه‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التمثيل‭ ‬كهواية‭ ‬ومهنة‭ ‬أولى‭.‬

‭ ‬وكافح‭ ‬شكسبير‭ ‬كثيراً‭ ‬كممثل‭, ‬واستطاع‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬أن‭ ‬يمسك‭ ‬بتلابيب‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭, ‬بل‭ ‬والصناعة‭ ‬ككل‭, ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬الدرك‭ ‬الأسفل‭, ‬بل‭ ‬ووصم‭ ‬العاملون‭ ‬فيها‭ ‬بالسمعة‭ ‬السيئة‭, ‬وأفاده‭ ‬التمثيل‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬الشخصيات‭ ‬والمشاهد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬إجادته‭ ‬للغة‭, ‬لذا‭ ‬وجبت‭ ‬رؤيته‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬كونه‭ ‬ممثلا‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬كاتبا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

‭ ‬تناست‭ ‬الدراسات‭ ‬القديمة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بشكسبير‭ ‬كممثل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬برز‭ ‬ككاتب‭ ‬وحتى‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭, ‬نتيجة‭ ‬دنو‭ ‬قيمة‭ ‬ومنزلة‭ ‬الممثلين‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬‮«‬المشخصاتية‮»‬‭, ‬حيث‭ ‬انضم‭ ‬ويليام‭ ‬الشاب‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الفرق‭ ‬المسرحية‭, ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬السلطات‭ ‬الإنجليزية‭ ‬تطبق‭ ‬عليهم‭ ‬قانون‭ ‬التشرُّد‭, ‬مما‭ ‬دفعهم‭ ‬للترحال‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬لآخر‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تطاردهم‭ ‬بضراوة‭ ‬تفوق‭ ‬مطاردتها‭ ‬للبغايا‭.‬

‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬الأمر‭ ‬تعقيداً‭ ‬وألماً‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬كانت‭ ‬رؤية‭ ‬كُتاب‭ ‬المسرح‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬الممثلين‭, ‬ودلل‭ ‬الكاتب‭ ‬روبرت‭ ‬جراي‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬نقل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مذكرات‭ ‬أحد‭ ‬كتاب‭ ‬العصر‭ ‬الإليزابيثي‭ ‬وقوله‭ ‬‮«‬إنهم‭ ‬لا‭ ‬يثقون‭ ‬بهم‮»‬‭, ‬ومن‭ ‬الوقائع‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬كشف‭ ‬عنها‭ ‬أخيراً‭, ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬شكسبير‭ ‬بربع‭ ‬قرن‭ ‬رفض‭ ‬الكاتب‭ ‬والفيلسوف‭ ‬الإنجليزي‭ ‬ذو‭ ‬الأصول‭ ‬الأرستقراطية‭ ‬جون‭ ‬أوبري‭ ‬تكريم‭ ‬شكسبير‭ ‬رغم‭ ‬اعترافه‭ ‬وتقديره‭ ‬لما‭ ‬قدمه‭ ‬ككاتب‭; ‬كونه‭ ‬كان‭ ‬ممثلاً‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬والده‭ ‬كان‭ ‬صانع‭ ‬قفازات‭!‬

‭ ‬أثرت‭ ‬مهنته‭ ‬الأولى‭ ‬كممثل‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬ككاتب‭, ‬فمن‭ ‬ناحية‭ ‬كان‭ ‬شكسبير‭ ‬الكاتب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬وثق‭ ‬بالممثلين‭ ‬كونه‭ ‬كان‭ ‬واحداً‭ ‬منهم‭ ‬وأظهر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬كتاباته‭ - ‬ولكن‭ ‬بحرص‭ ‬شديد‭ -  ‬مما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬النظرة‭ ‬إليهم‭, ‬كما‭ ‬جعله‭ ‬هذا‭ ‬يهتم‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬للأشياء‭ ‬والأحداث‭, ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تظهر‭ ‬جوانب‭ ‬خفية‭ ‬بها‭, ‬وتجعل‭ ‬رؤيتها‭ ‬مختلفة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬النقيض‭.‬

‭ ‬ويستعين‭ ‬الممثلون‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬والنصائح‭ ‬التي‭ ‬تركها‭ ‬شكسبير‭ ‬للأجيال‭ ‬اللاحقة‭, ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الممثل‭ ‬يعد‭ ‬فاشلاً‭ ‬إذا‭ ‬أدرك‭ ‬المتفرجون‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭, ‬وهي‭ ‬قاعدة‭ ‬أساسية‭ ‬لكل‭ ‬ممثل‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬عام‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭, ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬تجربة‭ ‬يخوضها‭ ‬الممثل‭ ‬بمنزلة‭ ‬تحدٍ‭, ‬عملاً‭ ‬بعبارة‭ ‬‮«‬أكون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬أكون‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بشخصية‭ ‬هاملت‭, ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬بدورها‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصاعدين‭ ‬من‭ ‬المؤدين‭ ‬بطاقة‭ ‬مرور‭ ‬نحو‭ ‬التمكن‭ ‬والاحترافية‭.‬

 

ليلة‭ ‬جوديفا

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬براعة‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬شعره‭ ‬ومسرحياته‭ ‬أن‭ ‬الحظ‭ ‬ابتسم‭ ‬له‭ ‬تاريخياً‭ ‬في‭ ‬ارتباطه‭ ‬ببعض‭ ‬الأحداث‭ ‬المهمة‭, ‬سواء‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭, ‬بداية‭ ‬من‭ ‬بلدته‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬ولد‭ ‬فيها‭ ‬بمدينة‭ ‬كوفنتري‭, ‬وحتى‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬فيه‭, ‬وشخصيات‭ ‬عاصرها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وخارجها‭, ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تبلورت‭ ‬وتجمعت‭ ‬وجعلت‭ ‬منه‭ ‬أسطورة‭, ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الارتباطات‭ ‬التي‭ ‬ابتسم‭ ‬له‭ ‬الحظ‭ ‬فيها‭ ‬علاقته‭ ‬بالسيدة‭ ‬جوديفا‭.‬

‭ ‬فما‭ ‬بين‭ ‬الحقيقة‭ ‬والأسطورة‭, ‬يؤمن‭ ‬أهل‭ ‬مدينة‭ ‬كوفنتري‭ ‬بقدر‭ ‬ورفعة‭ ‬السيدة‭ ‬جوديفا‭, ‬التي‭ ‬يقال‭ ‬إنها‭ ‬سيدة‭ ‬أرستقراطية‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭, ‬ساءتها‭ ‬بشدة‭ ‬الضرائب‭ ‬الباهظة‭ ‬والظالمة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬زوجها‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬المدينة‭, ‬فامتطت‭ ‬حصاناً‭ ‬وهي‭ ‬عارية‭ ‬تماماً‭ ‬وسارت‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬شوارعها‭ ‬تطلب‭ ‬السماح‭ ‬والمغفرة‭ ‬من‭ ‬أهلها‭, ‬ونظير‭ ‬حبها‭ ‬وإخلاصها‭ ‬لهم‭, ‬أقاموا‭ ‬لها‭ ‬تمثالاً‭ ‬ممتطية‭ ‬حصاناً‭ ‬ووضعوه‭ ‬بميدان‭ ‬يحمل‭ ‬اسمها‭ ‬وسط‭ ‬المدينة‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المتاحف‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬اعتادوا‭ ‬إقامة‭ ‬احتفالية‭ ‬شعبية‭ ‬لها‭ ‬سنوياً‭ ‬بطرق‭ ‬وأساليب‭ ‬مختلفة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬عاماً‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬لم‭ ‬تنقطع‭ ‬منذ‭ ‬تسعة‭ ‬قرون‭ ‬مضت‭, ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المدينة‭ ‬لإظهار‭ ‬تقديرهم‭ ‬للسيدة‭ ‬جوديفا‭ ‬وشكسبير‭ ‬معاً‭, ‬مزجوا‭ ‬بين‭ ‬الاحتفاليتين‭ ‬وجعلوا‭ ‬جوديفا‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬احتفالات‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬أسبوعه‭,‬‭ ‬مما‭ ‬اضطرهم‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬موعد‭ ‬خروجها‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭.‬

‭ ‬

مدارس‭ ‬الفنون

رغم‭ ‬الظروف‭ ‬المالية‭ ‬الصعبة‭ ‬والأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يحاولون‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭, ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬لجوء‭ ‬حكومة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقطاع‭ ‬من‭ ‬ميزانيات‭ ‬بعض‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ ‬كالثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬التقشف‭ ‬العام‭, ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تتراجع‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بشكسبير‭, ‬وشكلوا‭ ‬لجنة‭ ‬وزارية‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التخطيط‭ ‬لأسبوع‭ ‬من‭ ‬التظاهرات‭ ‬الرسمية‭ ‬بمشاركة‭ ‬شعبية‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬أجله‭ ‬تعاونت‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬نظيراتها‭ ‬الأهلية‭, ‬لوضع‭ ‬برنامج‭ ‬لأسبوع‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬يسبق‭ ‬احتفالات‭ ‬مدينة‭ ‬ستراتفورد‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬معها‭, ‬بمشاركة‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬مؤسسة‭ ‬تضم‭ ‬المدارس‭ ‬والمسارح‭ ‬والمواقع‭ ‬التاريخية‭ ‬والمعارض‭ ‬ودور‭ ‬السينما‭ ‬والمكتبات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭, ‬وجعلوا‭ ‬منه‭ ‬‮«‬أسبوعاً‭ ‬للأطفال‮»‬‭ ‬كونهم‭ ‬الأحق‭ ‬بأن‭ ‬يعرفوا‭ ‬شكسبير‭ ‬ويستفيدوا‭ ‬منه‭, ‬وأنها‭ ‬فرصة‭ ‬لغرس‭ ‬خبرات‭ ‬إبداعية‭ ‬فيهم‭ ‬وخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاحتكاك‭ ‬الثقافي‭ ‬خارج‭ ‬الحجرات‭ ‬المدرسية‭. ‬وتقوم‭ ‬اللجنة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬شكسبير‭ ‬ومسرحه‭ ‬الملكي‭ ‬ومسرح‭ ‬جلوب‭ ‬بتقييم‭ ‬المواد‭ ‬الإبداعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأطفال‭, ‬والفائزون‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنافسة‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬شكسبير‭, ‬الذي‭ ‬يمكنهم‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاحتفالات‭ ‬السنوية‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬المراسم‭.‬

‭ ‬

جلوب‭ ‬خاص

استعان‭ ‬مسرح‭ ‬جلوب‭ ‬شكسبير‭ ‬بالفكر‭ ‬الجمعي‭, ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬عند‭ ‬الإنجليز‭ ‬المعاصرين‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬لأنه‭ ‬يفوق‭ ‬قدرة‭ ‬أكثر‭ ‬الأفراد‭ ‬عبقرية‭, ‬حيث‭ ‬أعلنوا‭ ‬عبر‭ ‬موقعهم‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬لتلقي‭ ‬الاقتراحات‭ ‬المختلفة‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدموه‭ ‬في‭ ‬احتفالية‭ ‬اليوبيل‭ ‬الذهبي‭ ‬التاسع‭ ‬لشكسبير‭, ‬وكانت‭ ‬الجماهير‭ ‬عند‭ ‬حسن‭ ‬الظن‭, ‬فانهالت‭ ‬عليهم‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حتى‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬مليون‭ ‬رسالة‭ ‬ومقترح‭, ‬فاختاروا‭ ‬الأفضل‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذه‭, ‬ودعوا‭ ‬أصحاب‭ ‬الاقتراحات‭ ‬لمناقشتهم‭ ‬فيها‭, ‬ليكشفوا‭ ‬عنها‭ ‬تباعاً‭ ‬ويفاجئوا‭ ‬بها‭ ‬الجمهور‭ ‬واحداً‭ ‬تلو‭ ‬الآخر‭, ‬ومنها‭ ‬عروض‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الطلق‭ ‬خارج‭ ‬مسرحهم‭ ‬بموقع‭ ‬فريد‭ ‬تم‭ ‬اختياره‭ ‬بجوار‭ ‬أحد‭ ‬الشواطئ‭.‬

وتتضمن‭ ‬أيضا‭ ‬عروضاً‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬الشموع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استخدام‭ ‬إضاءة‭ ‬كهربائية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لاستلهام‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬شكسبير‭, ‬ومنها‭ ‬عرض‭ ‬عن‭ ‬آخر‭ ‬نص‭ ‬كان‭ ‬يعكف‭ ‬شكسبير‭ ‬على‭ ‬كتابته‭ ‬ورحل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكمله‭ ‬ولم‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مسرح‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬دوقة‭ ‬مالفي‮»‬‭, ‬الذي‭ ‬سيعيدون‭ ‬تقديمه‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬مسرحهم‭ ‬ويخرجون‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬بمسارح‭ ‬المملكة‭.‬

ومن‭ ‬الاقتراحات‭ ‬التي‭ ‬حازت‭ ‬قبولهم‭ ‬عمل‭ ‬معالجات‭ ‬جديدة‭ ‬للشكسبيريات‭, ‬لهذا‭ ‬أتاحوا‭ ‬لمختلف‭ ‬كتَّاب‭ ‬المسرح‭ ‬الإنجليزي‭ ‬فرصة‭ ‬أن‭ ‬يتقدموا‭ ‬بمعالجاتهم‭ ‬الجديدة‭, ‬واختاروا‭ ‬بعضها‭ ‬وأعلنوا‭ ‬عنها‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬تاجر‭ ‬البندقية‮»‬‭ ‬و«ترويض‭ ‬الشرسة‮»‬‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عطيل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عروضها‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬اقترحه‭ ‬مدير‭ ‬جلوب‭ ‬بالخروج‭ ‬بعرض‭ ‬‮«‬هاملت‮»‬‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬دولة‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬نيودلهي‭ ‬وتستمر‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2016‭.‬

 

شغف‭ ‬فرنسي

من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تهتم‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬بشكسبير‭ ‬وذكرى‭ ‬ميلاده‭, ‬ولكن‭ ‬ولع‭ ‬الفرنسيين‭ ‬به‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الشعبي‭ ‬والرسمي‭ ‬بدا‭ ‬غريباً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬التناحر‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬فرنسا‭ ‬وإنجلترا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬وخاصة‭ ‬السياسية‭ ‬واللغوية‭, ‬وكم‭ ‬الاحتفالات‭ ‬والبرامج‭ ‬الرسمية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شعبية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محبيه‭ ‬من‭ ‬المسرحيين‭ ‬والمثقفين‭, ‬وأبرزها‭ ‬احتفاء‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬الفرنسية‭ ‬به‭ ‬لأسبوع‭ ‬كامل‭.‬

شكّلت‭ ‬الوزارة‭ ‬لجنة‭ ‬خاصة‭ ‬لوضع‭ ‬برنامج‭ ‬يشمل‭ ‬عشرات‭ ‬المحاضرات‭ ‬والموائد‭ ‬المستديرة‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬والحلقات‭ ‬الدراسية‭ ‬حتى‭ ‬تخرج‭ ‬الاحتفالية‭ ‬مثمرة‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الفنية‭ ‬الموسيقية‭ ‬والتمثيلية‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ‬متكاملة‭. ‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬يتضمنه‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭, ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الفقرات‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬حكايات‭ ‬شكسبير‭ ‬بالهندي‮»‬‭, ‬و«رقصات‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬شكسبير‮»‬‭, ‬و«ثلاث‭ ‬قارات‭ ‬شو‮»‬‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬الفرق‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مائدة‭ ‬مستديرة‭ ‬رئيسية‭ ‬بمشاركة‭ ‬المخرجين‭ ‬لوك‭ ‬بوندي‭, ‬جورج‭ ‬لافدان‭, ‬جورج‭ ‬بانو‭ ‬وغيرهم‭, ‬وسيناقشون‭ ‬شكسبير‭ ‬الحاضر‭ ‬لقرون‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬وفي‭ ‬شتى‭ ‬الفنون‭ ‬والآداب‭.‬

وتعقد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الندوات‭ ‬لمناقشة‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬بها‭ ‬جامعات‭ ‬عريقة‭ ‬كروان‭ ‬وكامبريدج‭, ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬‮«‬شكسبير‭ ‬والذاكرة‭ ‬الثقافية‮»‬‭, ‬‮«‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‮»‬‭, ‬‮«‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬قانونية‮»‬‭, ‬‮«‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬الفرنسية‮»‬‭, ‬‮«‬شكسبير‭ ‬وفيكتور‭ ‬هوجو‭ ‬وجها‭ ‬لوجه‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تناقش‭ ‬علاقتهما‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1864‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬البرازيلية‮»‬‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬حلقة‭ ‬خاصة‭ ‬بدار‭ ‬أوبرا‭ ‬باريس‭, ‬يناقش‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬الأدب‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬الاحتفال‭ ‬بشكسبير‭, ‬أوجه‭ ‬الشبه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الفكر‭ ‬والاختلاف‭ ‬في‭ ‬الشعبية‭ ‬بين‭ ‬شكسبير‭ ‬ومارلو‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬نظريات‭ ‬علوم‭ ‬الأنثروبولوجي‭ ‬والفنون‭ ‬البصرية‭, ‬ودرجة‭ ‬تأثير‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الاحتفال‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬عروض‭ ‬مسرحية‭ ‬مميزة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭.‬

 

هوجو‭ ‬1864

ويعود‭ ‬للأديب‭ ‬الفرنسي‭ ‬د‭.‬فيكتور‭ ‬هوجو‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬الإنجليزي‭ ‬شكسبير‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظلت‭ ‬مهملة‭ ‬لثلاث‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬الزمن‭, ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬العداء‭ ‬التاريخي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬والتنافر‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬ذات‭ ‬المهن‭, ‬وتعود‭ ‬قصته‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الذكرى‭ ‬الثالثة‭ ‬لميلاده‭ ‬بثلاث‭ ‬سنوات‭, ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هوجو‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬شكسبير‭ ‬ويقدره‭ ‬حق‭ ‬تقدير‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اعتبار‭ ‬للصراع‭ ‬والصدام‭ ‬الدائمين‭ ‬بين‭ ‬اللغتين‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والفرنسية‭, ‬ومن‭ ‬واقع‭ ‬بحثه‭ ‬الدءوب‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يخصه‭; ‬أخذ‭ ‬يكتب‭ ‬قصته‭ ‬بالفرنسية‭.‬

‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭, ‬كان‭ ‬هوجو‭ ‬يسجل‭ ‬ما‭ ‬يتراءى‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قراءاته‭ ‬حتى‭ ‬انتهى‭ ‬من‭ ‬مخطوط‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬قصة‭ ‬ميلاد‭ ‬شكسبير‮»‬‭, ‬ثم‭ ‬جاهد‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭, ‬وصادف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬مئويته‭ ‬الثالثة‭, ‬فكتب‭ ‬إهداء‭ ‬خاصاً‭ ‬في‭ ‬مقدمته‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬روح‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬ميلاده‭ ‬الثلاثمائة‮»‬‭, ‬فالتقط‭ ‬أحد‭ ‬الكتاب‭ ‬الإنجليز‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬وحاز‭ ‬إعجابه‭, ‬واستوقفته‭ ‬بعض‭ ‬العبارات‭ ‬فيه‭.‬

‭ ‬حمل‭ ‬هذا‭ ‬الكاتب‭ ‬كتاب‭ ‬هوجو‭ ‬عن‭ ‬شكسبير‭ ‬وعاد‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬ليهديه‭ ‬إلى‭ ‬مكتبة‭ ‬قصر‭ ‬سيدنهام‭ ‬آملا‭ ‬أن‭ ‬يهتموا‭ ‬به‭ ‬ويترجموه‭, ‬فأخضعه‭ ‬المسؤولون‭ ‬هناك‭ ‬للفحص‭ ‬وفطنوا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يفصلهم‭ ‬عن‭ ‬المئوية‭ ‬الثالثة‭ ‬لشكسبير‭ ‬سوى‭ ‬شهرين‭, ‬واكتشفوا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬مقتطفات‭ ‬وضع‭ ‬عليها‭ ‬الكاتب‭ ‬بعض‭ ‬العلامات‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يحتفلوا‭ ‬بالمئوية‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬الثانية‭.‬

‭ ‬أسهب‭ ‬هوجو‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الإنجليز‭ ‬لم‭ ‬يقدروا‭ ‬شكسبير‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬ولم‭ ‬يحتفلوا‭ ‬بمئويته‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬1664‭ ‬لانشغالهم‭ ‬بالهتاف‭ ‬لتشارلز‭ ‬الثاني‭ ‬بعد‭ ‬إعدام‭ ‬كورومويل‭ ‬وبيعه‭ ‬مدينة‭ ‬دونكريك‭ ‬لابن‭ ‬عمه‭ ‬لويس‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬ملك‭ ‬فرنسا‭ ‬بربع‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭, ‬وتكرر‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬مئويته‭ ‬الثانية‭ ‬عام‭ ‬1764‭, ‬حيث‭ ‬ألهتهم‭ ‬معارك‭ ‬جورج‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإعداده‭ ‬لمحاربة‭ ‬فرنسا‭ ‬عدوتهم‭ ‬الأزلية‭, ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬مدينة‭ ‬لهم‭ ‬بنحو‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬ترفض‭ ‬الوفاء‭ ‬بها‮»‬‭. ‬

‭ ‬وهكذا‭ ‬استدرك‭ ‬الإنجليز‭ ‬الموقف‭ ‬متأخراً‭, ‬فدعو‭ ‬إلى‭ ‬اجتماع‭ ‬استثنائي‭ ‬لرئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬أمرت‭ ‬بتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬خاصة‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالمئوية‭ ‬الثالثة‭ ‬لشكسبير‭ ‬وعمل‭ ‬النصب‭ ‬التذكاري‭ ‬الذي‭ ‬كُشف‭ ‬النقاب‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬أبريل‭ ‬عام‭ ‬1864‭.‬

 

رؤية‭ ‬يسارية

‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تبلور‭ ‬بعد‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬اليسارية‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬والعالم‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬عاش‭ ‬فيها‭ ‬شكسبير‭, ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭ ‬بما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬أو‭ ‬مائة‭ ‬وخمسين‭ ‬عاماً‭, ‬وبالتالي‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬قبول‭ ‬ادعاء‭ ‬أن‭ ‬شكسبير‭ ‬كان‭ ‬يسارياً‭, ‬ولكن‭ ‬آل‭ ‬اليسار‭ ‬وجدوا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬ترك‭ ‬من‭ ‬كتابات‭ ‬ما‭ ‬يرضيهم‭ ‬ويخدم‭ ‬قضاياهم‭ ‬وفكرهم‭, ‬بل‭ ‬أكد‭ ‬بعضهم‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬عاصر‭ ‬كارل‭ ‬ماركس‭ ‬لتبنى‭ ‬فكره‭, ‬وذهب‭ ‬آخرون‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬امتد‭ ‬به‭ ‬العمر‭ ‬لبات‭ ‬رفيقاً‭ ‬لجيفارا‭ ‬في‭ ‬السلاح‭, ‬ولهذا‭ ‬يحتفل‭ ‬به‭ ‬هؤلاء‭ ‬وأولئك‭ ‬في‭ ‬ذكراه‭.‬

‭ ‬ولم‭ ‬تتجل‭ ‬يسارية‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬المكسيك‭ ‬أو‭ ‬فنزويلا‭ ‬أو‭ ‬كوبا‭, ‬ولكنها‭ ‬توهجت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬باريس‭, ‬حيث‭ ‬نشطت‭ ‬الحركة‭ ‬الماركسية‭ ‬عبر‭ ‬مخرجها‭ ‬جان‭ ‬كريستوفر‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬فرسان‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬مسرح‭ ‬‮«‬دي‭ ‬شامبز‮»‬‭ ‬وكتب‭ ‬معالجة‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬جيوشينو‭ ‬روشيني‭ ‬الذي‭ ‬استخلص‭ ‬بعض‭ ‬طرق‭ ‬العلاج‭ ‬النفسي‭ ‬من‭ ‬نص‭ ‬‮«‬عطيل‮»‬‭ ‬ليقدمها‭ ‬به‭, ‬فذهب‭ ‬كريستوفر‭ ‬يجمع‭ ‬النطفات‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الشخصيات‭ ‬وليس‭ ‬الشخصية‭ ‬الرئيسة‭ ‬فقط‭, ‬واهتم‭ ‬في‭ ‬نصه‭ ‬الجديد‭ ‬بما‭ ‬تحدثه‭ ‬التفرقة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬لاختلاف‭ ‬عرقهم‭ ‬أو‭ ‬عقيدتهم‭ ‬أو‭ ‬لون‭ ‬بشرتهم‭, ‬وما‭ ‬يخلقه‭ ‬من‭ ‬حنق‭ ‬وغضب‭ ‬عارم‭ ‬في‭ ‬الصدور‭, ‬وما‭ ‬يولده‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬وريبة‭ ‬وعدم‭ ‬ثقة‭ ‬بالنفس‭, ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬يذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬الشخص‭ ‬المنبوذ‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭, ‬ويخرج‭ ‬منه‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬فارقة‭ ‬يصعب‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نفسه‭.‬

 

محراب‭ ‬العلماء

يحتل‭ ‬شكسبير‭ ‬مكانة‭ ‬رفيعة‭ ‬عند‭ ‬شباب‭ ‬الباحثين‭ ‬والعلماء‭ ‬الذين‭ ‬تحركوا‭ ‬لدراسة‭ ‬أعماله‭ ‬واستكمال‭ ‬ما‭ ‬بدأته‭ ‬دومينيك‭ ‬جوي‭, ‬التي‭ ‬ادّعت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بحوراً‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬شكسبير‭ ‬الشعرية‭, ‬وفي‭ ‬باريس‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬و2016‭, ‬قدمت‭ ‬جمعية‭ ‬شكسبير‭ ‬الفرنسية‭ ‬لرابطة‭ ‬العلماء‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬جوي‭ ‬ليقيموه‭, ‬الذين‭ ‬شرعوا‭ ‬في‭ ‬تقسيمه‭ ‬إلى‭ ‬محاور‭ ‬ودراسة‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬حدة‭, ‬حيث‭ ‬تتولى‭ ‬دائرة‭ ‬بحثية‭ ‬مستقلة‭ ‬كل‭ ‬محور‭ ‬منها‭, ‬واستعانت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعلماء‭ ‬وباحثين‭ ‬متخصصين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭, ‬ليجمعوا‭ ‬ما‭ ‬سيتوصلون‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬وثائق‭, ‬تتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬عنوانه‭ ‬‮«‬رسائل‭ ‬شكسبير‭ ‬العلمية‮»‬‭.‬

نتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬كم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬المتنوعة‭, ‬ولضيق‭ ‬الوقت‭ ‬اختارت‭ ‬اللجنة‭ ‬عدداً‭ ‬منها‭ ‬يستحق‭ ‬العرض‭ ‬والمناقشة‭ ‬والنشر‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬المشاركة‭ (‬ليفرس‭ ‬إبدو‭), (‬لوموند‭), (‬لوفيجارو‭), (‬فرانس‭ ‬كالتشر‭), (‬لاكروا‭) ‬و‭(‬لومجازين‭ ‬ليتراير‭), ‬وبدأت‭ ‬المناقشات‭ ‬ببحث‭ ‬‮«‬شكسبير‭ ‬والأرقام‮»‬‭ ‬لعالم‭ ‬الرياضيات‭ ‬ميشيل‭ ‬أودان‭, ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬نسخاً‭ ‬قصيرة‭ ‬ومركزة‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬شكسبير‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬هاملت‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬القيّمة‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬‮«‬شكسبير‭ ‬عبر‭ ‬العصور‮»‬‭ ‬لأستاذ‭ ‬المسرح‭ ‬جورج‭ ‬بانو‭, ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬دراسة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬بيتر‭ ‬بروك‭ ‬عام‭ ‬2005‭, ‬وأخرى‭ ‬لأستاذ‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬بيار‭ ‬برجونسكي‭ ‬وعنوانها‭ ‬‮«‬نمط‭ ‬شكسبير‭ ‬الجمالي‮»‬‭, ‬وكاتبة‭ ‬القصص‭ ‬القصيرة‭ ‬إيف‭ ‬بونفوري‭ ‬وبحثها‭ ‬‮«‬ما‭ ‬قل‭ ‬ودل‭ ‬عن‭ ‬شكسبير‮»‬‭, ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬ترجمت‭ ‬أعمالا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الإنجليزية‭ ‬للفرنسية‭, ‬مثل‭ ‬‮«‬يوليوس‭ ‬قيصر‮»‬‭, ‬‮«‬هاملت‮»‬‭ ‬و«هنري‭ ‬الرابع‮»‬‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬شأن‭ ‬آخر‭, ‬قدمت‭ ‬عالمة‭ ‬النفس‭ ‬هيلين‭ ‬فيكواس‭ ‬دراسة‭ ‬مميزة‭ ‬عن‭ ‬شكسبير‭ ‬والخيال‭, ‬وعلاقته‭ ‬بالتحليل‭ ‬النفسي‭, ‬ولم‭ ‬يبتعد‭ ‬الناشر‭ ‬جاك‭ ‬داراس‭ ‬عن‭ ‬مجاله‭ ‬في‭ ‬دراسته‭ ‬التي‭ ‬اختار‭ ‬لها‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬شكسبير‭ ‬والمصطلحات‮»‬‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دراستين‭ ‬مهمتين‭ ‬تقنياً‭, ‬إحداهما‭ ‬للطبيب‭ ‬ميشيل‭ ‬لودوف‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬الطب‭, ‬وأخرى‭ ‬للمحامي‭ ‬والفيلسوف‭ ‬وعضو‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الملكية‭ ‬البلجيكية‭ ‬فرانسوا‭ ‬أوست‭ ‬عن‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬القانونين‭ ‬المدني‭ ‬والجنائي‭.‬

 

نساء‭ ‬ويل

‭ ‬وذهبت‭ ‬الممثلة‭ ‬والباحثة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تينا‭ ‬باركر‭ ‬بروحها‭ ‬وعقلها‭ ‬إلى‭ ‬شكسبير‭ ‬وجعلته‭ ‬معلمها‭, ‬فكانت‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬مؤلفاته‭ ‬كلما‭ ‬احتاجت‭ ‬لاستشارة‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬مرجعاً‭ ‬علمياً‭ ‬ووجدانياً‭ ‬لها‭, ‬وتوّجت‭ ‬علاقتها‭ ‬به‭ ‬بتأسيس‭ ‬شركة‭ ‬مسرحية‭ ‬باسمه‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬لينوكس‭ ‬بولاية‭ ‬ماساتشوستس‭ ‬عام‭ ‬1978‭, ‬وأنتجت‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬عمر‭ ‬هذه‭ ‬الشركة‭ ‬خمسين‭ ‬عرضاً‭ ‬عن‭ ‬مسرحياته‭, ‬وذهبت‭ ‬إلى‭ ‬المكسيك‭ ‬لتشارك‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬ميلاده‭.‬

‭ ‬أعدت‭ ‬تينا‭ ‬عرضاً‭ ‬جديداً‭ ‬ومبتكراً‭, ‬حيث‭ ‬جمعت‭ ‬بين‭ ‬الشخصيات‭ ‬النسائية‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬مسرحيات‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬واحد‭ ‬أطلقت‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬نساء‭ ‬ويل‮»‬‭, ‬رصدت‭ ‬فيه‭ ‬قدرة‭ ‬الكاتب‭ ‬الإنجليزي‭ ‬الفذة‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬أحاسيس‭ ‬ومشاعر‭ ‬المرأة‭ ‬وطبيعة‭ ‬تفكيرها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المواقف‭, ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اتفق‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النساء‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬دراسات‭ ‬متعددة‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬به‭, ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬تينا‭ ‬نفسها‭ ‬كباحثة‭.‬

‭ ‬ومما‭ ‬رصدته‭ ‬باركر‭ ‬أن‭ ‬نساء‭ ‬شكسبير‭ ‬اتسمن‭ ‬بالإرادة‭ ‬القوية‭ ‬في‭ ‬الحق‭ ‬والباطل‭, ‬والعاطفة‭ ‬الجياشة‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬والكره‭, ‬وكانت‭ ‬عنده‭ ‬مضحكة‭ ‬مرحة‭ ‬شرسة‭, ‬صاحبة‭ ‬نظرة‭ ‬عميقة‭ ‬لنفسها‭ ‬وما‭ ‬تشعر‭ ‬به‭, ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬الاهتمام‭, ‬ولهذا‭ ‬اهتم‭ ‬بها‭ ‬وأهمل‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭, ‬كما‭ ‬توقف‭ ‬كثيراً‭ ‬عند‭ ‬حالات‭ ‬الغيرة‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬لأخرى‭, ‬عند‭ ‬الأم‭ ‬غيرها‭ ‬عند‭ ‬الأخت‭.‬

‭ ‬واهتم‭ ‬شكسبير‭ ‬كثيرا‭ ‬بالعلاقات‭ ‬التي‭ ‬تقيمها‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬مع‭ ‬غيرها‭ ‬ووصف‭ ‬ذلك‭ ‬بدقة‭, ‬كوصفه‭ ‬لما‭ ‬تشعر‭ ‬به‭ ‬تجاه‭ ‬ابنها‭ ‬وكيف‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬حبها‭ ‬له‭ ‬وحبها‭ ‬لزوجها‭ ‬أو‭ ‬عشيقها‭, ‬ومتى‭ ‬تتغلب‭ ‬مشاعرها‭ ‬تجاه‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬الآخر‭, ‬كما‭ ‬أبرز‭ ‬أنانيتها‭ ‬أحياناً‭, ‬وتضحياتها‭ ‬برؤيتها‭ ‬الثاقبة‭ ‬لبعض‭ ‬الأمور‭, ‬وتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬أياً‭ ‬كان‭ ‬حجمها‭ ‬حتى‭ ‬المُلك‭ ‬والسلطة‭, ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وأكثر‭ ‬تجسده‭ ‬تينا‭ ‬في‭ ‬ليلتها‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬انحنت‭ ‬في‭ ‬ختامها‭ ‬لمعلمها‭ ‬الجليل‭.‬

 

جذوره‭ ‬في‭ ‬ماينز‭ ‬الألمانية

‭ ‬ورث‭ ‬الإنجليز‭ ‬المعاصرون‭ ‬إرثاً‭ ‬ثقيلاً‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬السيئة‭ ‬مع‭ ‬جيرانهم‭, ‬ورصد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بعلاقتها‭ ‬بفرنسا‭, ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬علاقتها‭ ‬بألمانيا‭ ‬أقل‭ ‬سوءاً‭, ‬رغم‭ ‬الجذور‭ ‬الجيرمانية‭ ‬المشتركة‭, ‬ويمتد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬حرب‭ ‬الثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬فيها‭ ‬إنجلترا‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬لتفكيك‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الألمانية‭ ‬خلال‭ ‬الرايخ‭ ‬الأول‭, ‬مروراً‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬المواجهات‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية‭, ‬ولكن‭ ‬الماضي‭ ‬المؤلم‭ ‬والعميق‭ ‬لم‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬الدوائر‭ ‬الثقافية‭ ‬الألمانية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تحتفل‭ ‬بالذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬لميلاد‭ ‬شكسبير‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬الإنجليز‭ ‬عام‭ ‬1864‭, ‬ففي‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬شُكلت‭ ‬جمعية‭ ‬شكسبير‭ ‬الألمانية‭ ‬بمدينة‭ ‬ماينز‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬أكاديمية‭ ‬واحتفلت‭ ‬كذلك‭ ‬بمئويته‭ ‬الرابعة‭.‬

‭ ‬تقدم‭ ‬هذه‭ ‬الأكاديمية‭ ‬منذ‭ ‬قرن‭ ‬ونصف‭ ‬القرن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬فعاليات‭ ‬ثقافية‭ ‬وفنية‭ ‬تتعلق‭ ‬بشكسبير‭ ‬ومختلف‭ ‬أعماله‭, ‬حيث‭ ‬ترجموا‭ ‬جميع‭ ‬مسرحياته‭ ‬وأشعاره‭ ‬وكل‭ ‬كلمة‭ ‬كتبها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يرجح‭ ‬أنه‭ ‬قالها‭ ‬للألمانية‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تجديد‭ ‬المبنى‭ ‬ومحيطه‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬قصراً‭ ‬فخماً‭ ‬ملحقاً‭ ‬به‭ ‬حديقة‭ ‬رائعة‭ ‬بأشجارها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسقط‭ ‬أوراقها‭ ‬صيفاً‭ ‬أو‭ ‬شتاء‭ ‬وتحتضن‭ ‬تمثالاً‭ ‬مميزاً‭ ‬ولا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬لشكسبير‭.‬

‭ ‬وبهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬وضعوا‭ ‬برنامجاً‭ ‬أقرب‭ ‬لمؤتمر‭ ‬علمي‭, ‬أطلقوا‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭ ‬الشكسبيرية‮»‬‭ ‬مدته‭ ‬ثلاثون‭ ‬يوماً‭ ‬تعقد‭ ‬فيه‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الندوات‭, ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬ما‭ ‬يناقش‭ ‬تأثير‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والمسارح‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬اللغة‭, ‬وقيمته‭ ‬العلمية‭, ‬ودراسة‭ ‬خاصة‭ ‬عن‭ ‬المأساة‭ ‬في‭ ‬أشعاره‭ ‬والاختلاف‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬أرسطو‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬ومنها‭ ‬العناق‭ ‬الشعري‭, ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬الشباب‭ ‬بإلقاء‭ ‬بعض‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬شكسبير‭ ‬الشعرية‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬ومنح‭ ‬المتميزين‭ ‬منهم‭ ‬جوائز‭ ‬رمزية‭, ‬وإقامة‭ ‬معرض‭ ‬لمقتنياته‭ ‬التي‭ ‬جمعتها‭ ‬جمعية‭ ‬الآثار‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأكاديمية‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬ونصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

 

هاملت‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬سارتر

‭ ‬وعلى‭ ‬طريقتها‭, ‬قامت‭ ‬الكاتبة‭ ‬إيف‭ ‬بونفوري‭ ‬بزيارة‭ ‬مسرح‭ ‬71‭ ‬بمدينة‭ ‬مالاكوف‭ ‬الألمانية‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭, ‬وعرضت‭ ‬عليهم‭ ‬ترجمة‭ ‬خاصة‭ ‬لهاملت‭, ‬تلامس‭ ‬فيها‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬بمعطيات‭ ‬شكسبير‭ ‬نفسها‭, ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأطماع‭ ‬والصراع‭ ‬وتحمل‭ ‬المعاني‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأم‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقتل‭ ‬فتذهب‭ ‬بوليدها‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬مثلما‭ ‬وهبته‭ ‬الحياة‭, ‬ورشحت‭ ‬لها‭ ‬إدارة‭ ‬المسرح‭ ‬المخرجة‭ ‬‮«‬لورا‭ ‬يوجوا‮»‬‭, ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بوضع‭ ‬التصاميم‭ ‬الخاصة‭ ‬والمعبرة‭ ‬والتي‭ ‬شجعت‭ ‬بونفوري‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬معها‭.‬

‭ ‬دارت‭ ‬مناقشات‭ ‬عدة‭ ‬بين‭ ‬بونفوري‭ ‬ويوجوا‭ ‬تستحق‭ ‬الاهتمام‭ ‬ليستفيد‭ ‬منها‭ ‬المتخصصون‭ ‬وغير‭ ‬المتخصصين‭ ‬كأطروحة‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬وكيف‭ ‬يتحول‭ ‬معه‭ ‬المرء‭ ‬إلى‭ ‬وحش‭ ‬بشري‭, ‬والتوقف‭ ‬عند‭ ‬العلامات‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬الانتباه‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬كافة‭ ‬وليس‭ ‬الأطباء‭ ‬فقط‭ ‬لتشخيص‭ ‬المرض‭ ‬النفسي‭ ‬مبكراً‭.‬

‭ ‬وكذلك‭ ‬طرح‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الهوية‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬الشخصية‭, ‬فالهوية‭ ‬التي‭ ‬يكتسبها‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬طفولته‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬قوية‭ ‬ومؤثرة‭ ‬تخلق‭ ‬منه‭ ‬قائداً‭ ‬صلباً‭, ‬وإن‭ ‬أضفنا‭ ‬إليها‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬كيان‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬كضرورة‭ ‬حتمية‭ ‬غيابها‭ ‬فذلك‭ ‬يعني‭ ‬فشل‭ ‬منظومة‭ ‬الإنسان‭ ‬وتوقع‭ ‬أسوأ‭ ‬النتائج‭; ‬فإن‭ ‬كليهما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬قائداً‭ ‬صلباً‭ ‬وصالحاً‭.‬

‭ ‬واستحضرت‭ ‬بونفوري‭ ‬في‭ ‬معالجتها‭ ‬الجديدة‭ ‬روح‭ ‬ونهج‭ ‬سارتر‭ ‬في‭ ‬جانبين‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬النص‭, ‬أولهما‭ ‬أن‭ ‬فقد‭ ‬الهوية‭ ‬والانتماء‭ ‬يعني‭ ‬العدم‭ ‬والدونية‭ ‬التي‭ ‬تحصر‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬بوتقة‭ ‬تأخذه‭ ‬إلى‭ ‬الطمع‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭, ‬ومحاولة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭, ‬ويصعب‭ ‬عليه‭ ‬مهما‭ ‬حاول‭ ‬غيره‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬الحصار‭, ‬وثانيهما‭ ‬هو‭ ‬ربط‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬بالزمن‭ ‬المعاصر‭ ‬كزمن‭ ‬مسرحي‭ ‬مأساوي‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الملابس‭ ‬والمتعلقات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالشخصية‭, ‬مع‭ ‬تنحية‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬مبهماً‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬بين‭ ‬عالمين‭ ‬يمكن‭ ‬لكل‭ ‬متفرج‭ ‬أن‭ ‬يفسره‭ ‬كما‭ ‬يتراءى‭ ‬له‭ ‬ولن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬فرقاً‭ ‬جوهرياً‭.‬

 

شكسبير‭ ‬النفيس

مثلما‭ ‬صنع‭ ‬الفراعنة‭ ‬التماثيل‭ ‬تكريماً‭ ‬وتخليداً‭ ‬لذكرى‭ ‬من‭ ‬يقدرونهم‭, ‬ولأمور‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بمعتقداتهم‭ ‬الدينية‭ ‬وإيمانهم‭ ‬بالبعث‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭, ‬ظفر‭ ‬شكسبير‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التماثيل‭ ‬والمشغولات‭, ‬ويشارك‭ ‬متحف‭ ‬الأرميتاج‭ ‬الروسي‭ - ‬أكبر‭ ‬متاحف‭ ‬العالم‭ ‬بمدينة‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬سان‭ ‬بطرسبرج‭ - ‬بعمل‭ ‬نسخ‭ ‬طبق‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬التماثيل‭ ‬والعملات‭ ‬والميداليات‭ ‬الخاصة‭ ‬بشكسبير‭ ‬مرفق‭ ‬بها‭ ‬قصة‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬لعرضها‭ ‬في‭ ‬مقرهم‭ ‬الرئيس‭ ‬والخروج‭ ‬بها‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬فروعه‭ ‬بأمستردام‭ ‬ولندن‭ ‬ولاس‭ ‬فيجاس‭ ‬وفيرارا‭ ‬بإيطاليا‭ ‬وبرشلونة‭ ‬وغيرها‭.‬

 

الأب‭ ‬الروحي‭ ‬في‭ ‬بوينس‭ ‬أيرس

وإلى‭ ‬بقاع‭ ‬أخرى‭; ‬عشق‭ ‬أهل‭ ‬مدينة‭ ‬بوينس‭ ‬أيرس‭ ‬شكسبير‭ ‬واعتبروه‭ ‬بمنزلة‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭, ‬ولهذا‭ ‬دعموا‭ ‬الممثلة‭ ‬والمخرجة‭ ‬مرسيدس‭ ‬دي‭ ‬لا‭ ‬نوزي‭ ‬لتؤسس‭ ‬جمعية‭ ‬شكسبير‭ ‬الأرجنتينية‭ ‬عام‭ ‬2011‭, ‬بهدف‭ ‬فهم‭ ‬واستيعاب‭ ‬حياة‭ ‬وأعمال‭ ‬شكسبير‭ ‬والسير‭ ‬على‭ ‬دربه‭, ‬إيماناً‭ ‬بأنه‭ ‬يمنح‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬روحاً‭ ‬مختلفة‭ ‬ممزوجة‭ ‬بالإنسانية‭ ‬والمواطنة‭, ‬ويحثهم‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والإيمان‭ ‬بالهوية‭, ‬لتقدم‭ ‬أنشطتها‭ ‬طوال‭ ‬العام‭, ‬والتي‭ ‬أعدت‭ ‬لاحتفالية‭ ‬خاصة‭.‬

ومن‭ ‬فعالياتها‭ ‬ندوة‭ ‬للمحاضر‭ ‬الجامعي‭ ‬أوجستو‭ ‬فرنانديز‭ ‬الذي‭ ‬يناقش‭ ‬فيها‭ ‬ويقدم‭ ‬لكتاب‭ ‬عن‭ ‬شكسبير‭ ‬لمواطنه‭ ‬خورخي‭ ‬لويس‭ ‬بورفيس‭ ‬الذي‭ ‬عشقه‭ ‬بدوره‭, ‬واعتقد‭ ‬أنه‭ ‬أحب‭ ‬الكون‭ ‬ككل‭ ‬فكتب‭ ‬له‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قراءة‭ ‬لترجمة‭ ‬خاصة‭ ‬لمسرحيات‭ ‬‮«‬الملك‭ ‬لير‮»‬‭, ‬‮«‬عطيل‮»‬‭, ‬‮«‬روميو‭ ‬وجولييت‮»‬‭, ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬المحاضرة‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬بورفيس‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬فولجر‭ ‬بواشنطن‭, ‬وترعى‭ ‬المؤسسة‭ ‬أيضا‭ ‬قراءة‭ ‬شعرية‭ ‬خاصة‭ ‬بالمسرح‭ ‬الوطني‭ ‬لمسرحية‭ ‬‮«‬عطيل‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬استعان‭ ‬فيها‭ ‬مخرجها‭ ‬جورج‭ ‬أوزموندي‭ ‬بإرشادات‭ ‬شكسبير‭ ‬المكتوبة‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭, ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬المؤسسة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬منها‭. ‬

كما‭ ‬يكشف‭ ‬الطبيبان‭ ‬شيلا‭ ‬كافنجي‭ ‬وكيفن‭ ‬كورامبي‭ ‬عن‭ ‬مشروعهما‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬شكسبير‮»‬‭, ‬الذي‭ ‬استخدموا‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لجمع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬شكسبير‭ ‬وأعماله‭ ‬حول‭ ‬العالم‭, ‬وهو‭ ‬خاص‭ ‬بطلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬ومتاح‭ ‬بعشر‭ ‬لغات‭.‬

 

الأوراق‭ ‬تتحدث

ومن‭ ‬الأحداث‭ ‬البصرية‭ ‬إلى‭ ‬الكتابات‭; ‬ربطت‭ ‬الدراسات‭ ‬المتخصصة‭ ‬بين‭ ‬إبداعات‭ ‬شكسبير‭ ‬الشعرية‭ ‬المسرحية‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬من‭ ‬فلك‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬وديانات‭ ‬وعلوم‭ ‬الإنسان‭ ‬والنفس‭ ‬والاجتماع‭ ‬وحتى‭ ‬الفيزياء‭ ‬والكيمياء‭, ‬واستثمرتها‭ ‬جمعية‭ ‬شكسبير‭ ‬الإنجليزية‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬الاحتفالات‭ ‬السنوية‭ ‬وأعلنت‭ ‬عن‭ ‬دعوة‭ ‬عامة‭ ‬ومفتوحة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أبحاث‭ ‬تتعلق‭ ‬بعلاقة‭ ‬شكسبير‭ ‬بالعلوم‭ ‬الأخرى‭, ‬وبدأوا‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬الأوراق‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬الستة‭ ‬السابقة‭ ‬للاحتفالية‭, ‬بعدها‭ ‬حددوا‭ ‬موعداً‭ ‬لعقد‭ ‬حلقات‭ ‬تقييم‭ ‬لها‭.‬

وفي‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬استعرض‭ ‬الباحثون‭ ‬القادمون‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬بعيدة‭ ‬ما‭ ‬توصلوا‭ ‬إليه‭ ‬وسجلوه‭ ‬في‭ ‬دراساتهم‭, ‬بداية‭ ‬من‭ ‬الأمريكي‭ ‬رحيل‭ ‬رودمان‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬ارتباط‭ ‬أربع‭ ‬وعشرين‭ ‬من‭ ‬شخصيات‭ ‬شكسبير‭ ‬ببعض‭ ‬العلوم‭ ‬ومنها‭ ‬الفلك‭, ‬فأطلق‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الأقمار‭ ‬أسماء‭ ‬بعضهم‭ ‬مثل‭ ‬أورانوس‭, ‬كما‭ ‬استفاد‭ ‬علماء‭ ‬علم‭ ‬الوراثة‭ ‬بوصفه‭ ‬لذبابة‭ ‬الفاكهة‭ ‬في‭ ‬المختبر‭, ‬ومثلهم‭ ‬علماء‭ ‬الأحياء‭ ‬الذين‭ ‬أطلقوا‭ ‬على‭ ‬جين‭ ‬الجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬اسم‭ ‬هاملت‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أوصاف‭ ‬بعض‭ ‬الحيوانات‭ ‬والنباتات‭ ‬الدقيقة‭ ‬وأمراض‭ ‬كالنقرس‭ ‬والزهري‭ ‬اللذين‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬اكتشافهما‭.‬

ومن‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬إيريك‭ ‬هاربر‭ ‬وبحثه‭ ‬‮«‬الدين‭ ‬والوثنية‭ ‬في‭ ‬مسرحيات‭ ‬شكسبير‮»‬‭, ‬وناقش‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬شكسبير‭ ‬تجاه‭ ‬البروتستانت‭ ‬وتأثيره‭ ‬في‭ ‬التمرد‭ ‬الكاثوليكي‭ ‬ومنظوره‭ ‬تجاه‭ ‬الوثنية‭, ‬والثنائي‭ ‬الفرنسي‭ ‬ميليسا‭ ‬روتيه‭ ‬ودوجلاس‭ ‬لانير‭ ‬ودراستهما‭ ‬عن‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬الفرنسية‭ ‬وعن‭ ‬نصوصه‭, ‬والكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬كانج‭ ‬كيم‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬شكسبير‭ ‬والثقافة‭ ‬الشعبية‭.‬

‭ ‬وعرض‭ ‬الثنائي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أريان‭ ‬بالازيت‭ ‬ومارسيل‭ ‬كوستوفا‭ ‬علاقة‭ ‬شكسبير‭ ‬بالعولمة‭ ‬عندما‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬بكتاباته‭, ‬فذهب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬والدنمارك‭ ‬والهند‭ ‬ومعه‭ ‬قراؤه‭ ‬وجمهور‭ ‬مسرحه‭, ‬وبيّن‭ ‬لشريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬إمكان‭ ‬اندماج‭ ‬البشر‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬ينتمون‭ ‬إليه‭ ‬وتشابههم‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة‭ ‬تجعل‭ ‬العالم‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة‭.‬

وفي‭ ‬بحثهما‭ ‬‮«‬حيوات‭ ‬متعددة‭ ‬لشكسبير‮»‬‭ ‬عدّد‭ ‬الثنائي‭ ‬الإيطالي‭ ‬باولا‭ ‬بوجلتي‭ ‬ووليم‭ ‬ليهاي‭ ‬المرات‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬شكسبير‭ ‬وبلغت‭ ‬سبعاً‭, ‬أولاها‭ ‬ما‭ ‬عاشه‭ ‬لحماً‭ ‬ودماً‭, ‬ثم‭ ‬ست‭ ‬مرات‭ ‬أخرى‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬أربعمائة‭ ‬عام‭, ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتناول‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬ما‭ ‬شكسبير‭ ‬برؤية‭ ‬مختلفة‭ ‬ويسير‭ ‬على‭ ‬دربه‭ ‬آخرون‭ ‬لمدة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬ويولد‭ ‬من‭ ‬جديد‭, ‬وهكذا‭ ‬حتى‭ ‬شكسبير‭ ‬المعاصر‭ ‬الذي‭ ‬يحتفلون‭ ‬بميلاده‭ ‬رقم‭ ‬450‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬حياته‭ ‬الثامنة‭.‬

 

أرفين‭ ‬تكتب‭ ‬ب

وكتبت‭ ‬عنه‭ ‬الصحفية‭ ‬البريطانية‭ ‬فيرن‭ ‬أرفين‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬مسافر‭ ‬بحب‭ ‬شديد‭ ‬وبدا‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬انتقائها‭ ‬لكلماتها‭ ‬المتشبعة‭ ‬بالعاطفة‭ ‬والشجون‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭, ‬وبدأتها‭ ‬بقولها‭ ‬‮«‬ينمو‭ ‬ارتباط‭ ‬الإنجليز‭ ‬ومن‭ ‬يتعلمون‭ ‬الإنجليزية‭ ‬بشكسبير‭ ‬رويدا‭, ‬فيبدأ‭ ‬مع‭ ‬الصغار‭ ‬بمقت‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬وملل‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬يحتل‭ ‬جزءاً‭ ‬كبير‭ ‬منها‭, ‬ولكن‭ ‬خروج‭ ‬الملايين‭ ‬للاحتفال‭ ‬به‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحب‭ ‬بعد‭ ‬المقت‭ ‬والملل‭ ‬الشديد‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‮»‬‭.‬

‭ ‬واستطردت‭ ‬‮«‬ولد‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬وهب‭ ‬الرب‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬جاليليو‭ ‬أيضا‭, ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬450‭ ‬عاماً‭ ‬وتوفي‭ ‬منذ‭ ‬400‭ ‬عام‭ ‬تقريبا‭, ‬حيث‭ ‬عاش‭ ‬نحو‭ ‬اثنين‭ ‬وخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬فقط‭, ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬أضاف‭ ‬مئات‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬آلاف‭ ‬الكلمات‭ ‬إلى‭ ‬معاجم‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭, ‬أذكر‭ ‬منها‭ ‬‮«‬دورنايل‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬معناها‭ ‬جثة‭ ‬هامدة‭, ‬‮«‬لافينج‭ ‬ستوك‮»‬‭ ‬وتعني‭ ‬أضحوكة‭, ‬‮«‬فير‭ ‬بلاي‮»‬‭ ‬ومعناها‭ ‬الإنصاف‭, ‬‮«‬نايزر‭ ‬هير‭ ‬نور‭ ‬زير‮»‬‭ ‬ومعناها‭ ‬لا‭ ‬هنا‭ ‬ولا‭ ‬هناك‭, ‬وكتب‭ ‬مسرحيات‭ ‬مازالت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تمس‭ ‬قلوب‭ ‬وعقول‭ ‬الجماهير‭ ‬جيلاً‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬لغة‭ ‬منطوقة‭ ‬بكوكب‭ ‬الأرض‮»‬‭.‬

‭ ‬وأضافت‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬شكسبير‭ ‬بتمعن‭ ‬ونتأمل‭ ‬الكفاح‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬حياته‭, ‬وقيمة‭ ‬السعادة‭ ‬بعد‭ ‬الشقاء‭ ‬والكفاح‭ ‬والبؤس‭, ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬نضال‭ ‬وحزن‭ ‬لن‭ ‬نشعر‭ ‬بالسعادة‭ ‬واللذة‭ ‬في‭ ‬النجاح‭, ‬ويمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬نبتسم‭ ‬وقت‭ ‬الضيم‭, ‬وألا‭ ‬نفرط‭ ‬وقت‭ ‬الرخاء‭, ‬دروس‭ ‬غالية‭ ‬نحتاج‭ ‬إليها‭ ‬بشدة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‮»‬‭ ‬

برنامج‭ ‬جلوب‭ ‬شكسبير‭, ‬الذي‭ ‬يهتم‭ ‬باستعادة‭ ‬وعرض‭ ‬أعمال‭ ‬شكسبير