همسة

همسة

توقفي‭ ‬قليلاً‭ ‬وأنت‭ ‬تستقبلين‭ ‬صباحًا‭ ‬أشرق‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬غرفتكِ‭ ‬كفراشةِ‭ ‬ضوءٍ‭ ‬مشعة‭ ‬بالبهاء،‭ ‬توقفي‭ ‬لتغازلي‭ ‬حباتِ‭ ‬الصباح‭ ‬المتناثرة‭ ‬كاللآلئ‭ ‬على‭ ‬جبينك‭ ‬الوضاء،‭ ‬توقفي‭ ‬لتغزلي‭ ‬في‭ ‬داخلكِ‭ ‬أمنية‭ ‬جديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بكِ،‭ ‬أنتِ‭ ‬يا‭ ‬سيدة‭ ‬البهاء‭.‬

أيّتها‭ ‬المرأةُ‭  ‬الشرقيةُ‭ ‬اللاهثة‭ ‬خلف‭ ‬الكمال،‭ ‬الكمال‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكتمل‭ ‬قطّ‭  ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬عيني‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬غفت‭ ‬أحلامُك‭ ‬وأنتِ‭ ‬تهدهدين‭ ‬نومه‭ ‬على‭ ‬كتفك،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬من‭ ‬حولكِ‭ ‬ممن‭ ‬يبثّون‭ ‬بسمعك‭ ‬مذ‭ ‬وعيتِ‭ ‬أنوثتك‭ ‬بأنّكِ‭ ‬خُلقت‭ ‬لتوزعي‭ ‬أزاهيرَ‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬غيركِ‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتاح‭ ‬لكِ‭ ‬شمّها‭ ‬ولو‭ ‬بوقتٍ‭ ‬مستقطع،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬عيني‭ ‬ذاتكِ‭ ‬التي‭ ‬كبَّلتِها‭ ‬بالمفاهيم‭ ‬المغلوطة‭ ‬حول‭ ‬دورك‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والمختصر‭ ‬بدورٍ‭ ‬مركب‭ ‬متعدد‭ ‬يتعلق‭ ‬براحة‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إليكِ‭ ‬وإلى‭ ‬تعبكِ‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

توقفي‭ ‬يا‭ ‬سيدة‭ ‬البهاء‭ ‬هذا‭ ‬الصباح،‭ ‬ولا‭ ‬تتسرّعي‭ ‬بملء‭ ‬جدول‭ ‬أعمالك‭ ‬بمسح‭ ‬البلاط،‭ ‬وطهو‭ ‬الطعام‭ ‬وانتظار‭ ‬الآتين‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬دونك،‭ ‬وأنتِ‭ ‬كنافذةٍ‭ ‬مزروعة‭ ‬في‭ ‬جدار‭ ‬يرقب‭ ‬الطريقَ‭ ‬ولا‭ ‬يمشيها،‭ ‬لا‭ ‬تتسرعي‭... ‬فكري‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تدرجي‭ ‬اسمكِ‭ ‬بين‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬اعتدتِ‭ ‬السيرَ‭ ‬عليها‭ ‬كضابط‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬عسكري،‭ ‬وتُفسحي‭ ‬لقلبكِ‭ ‬مساحةً‭ ‬مضيئةً‭ ‬لتزرعي‭ ‬فيها‭ ‬وردةً‭ ‬للحياة‭ ‬وللحلم،‭ ‬ولا‭ ‬تكتفي‭ ‬بعيش‭ ‬أحلام‭ ‬الآخرين‭ ‬فحسب،‭ ‬ربما‭ ‬يحلو‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تقرئي‭ ‬كتابًا،‭ ‬أو‭ ‬تتابعي‭ ‬برنامجا‭ ‬تحبينه،‭ ‬أو‭ ‬تتمشي‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬هواء‭ ‬تستنشقه‭ ‬روحك‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أكوام‭ ‬الغسيل‭ ‬والأواني‭ ‬المتسخة‭ ‬وذرات‭ ‬الغبار‭ ‬العنيدة‭... ‬كلٌّ‭ ‬يمكنه‭ ‬الانتظار،‭ ‬انتظاركِ،‭ ‬ربما‭ ‬تقفزين‭ ‬كطفلة‭ ‬أو‭ ‬تغنين‭ ‬كمطربة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تستهويها‭ ‬الأضواء‭... ‬ربما،‭ ‬خربشي‭ ‬ما‭ ‬شئت‭ ‬على‭ ‬صفحة‭ ‬يوم‭ ‬لكِ‭ ‬أو‭ ‬بعضه،‭ ‬لكِ‭ ‬أنتِ‭ ‬هدية‭ ‬وتقديراً‭ ‬لتعب‭ ‬متكرر‭ ‬مثل‭ ‬ليل،‭ ‬وجهود‭ ‬متشعبة‭ ‬مثل‭ ‬مرجان،‭ ‬واجبات‭ ‬ملصقة‭ ‬بكِ‭ ‬مثل‭ ‬وشم،‭ ‬وأعباء‭ ‬تثقل‭ ‬يومك‭ ‬كأنها‭ ‬يدٌ‭ ‬ثالثة‭ ‬نبتت‭ ‬لكِ‭ ‬متذرعة‭ ‬بأنوثتكِ‭ ‬أو‭ ‬كأنّها‭ ‬فاتورة‭ ‬كونك‭ ‬أماً‭ ‬وزوجة‭ ‬وامرأة‭ ‬وموظفة‭. ‬اقتطعي‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬جزءًا‭ ‬يكونكِ‭ ‬وتكونينه،‭ ‬لا‭ ‬تهملي‭ ‬حاجتك‭ ‬بلحظة‭ ‬هدوء،‭  ‬وممارسة‭ ‬هواية‭ ‬تحبينها،‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬المثلى‭ ‬للأم‭ ‬ولربة‭ ‬البيت‭ ‬ممكن،‭ ‬حتى‭ ‬الآلات‭ ‬الكهربائية‭ ‬يصيبها‭ ‬التعب،‭ ‬لماذا‭ ‬عليكِ‭  ‬مطاردة‭ ‬ومحو‭ ‬ملامح‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬زوايا‭ ‬البيت؟‭ ‬وعليكِ‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬عدو‭ ‬مجهول‭ ‬ومراقب‭ ‬سري‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتك؟‭ ‬لماذا‭... ‬هل‭ ‬الصورة‭ ‬المرسومة‭ ‬في‭ ‬أذهاننا‭ ‬عن‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الشرقي‭ ‬صحية‭ ‬وتتوخى‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الأدوار؟‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬عائلتك‭ ‬وزوجك‭ ‬وأولادك‭ ‬مشاركتكِ‭ ‬العبء؟‭!‬

دعي‭  ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬وغيرها‭ ‬تتوالد‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬عقلك،‭ ‬لا‭ ‬تقمعيها،‭ ‬اسأليها،‭ ‬وكوني‭ ‬إجابةً‭ ‬مضيئةً‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الحياة،‭ ‬تعطي‭ ‬ولا‭ ‬تنسى‭ ‬أن‭ ‬تروي‭ ‬حدائقَ‭ ‬روحها،‭ ‬وتحميها‭ ‬من‭ ‬الذبول‭ .