متحف يونيفرسيوم أكبر متحف علمي في منطقة الدول الإسكندنافية

متحف يونيفرسيوم  أكبر متحف علمي في منطقة الدول الإسكندنافية

هو متحف لايمل ولايكل، يفتح أبوابه لزواره طوال أيام الأسبوع وعلى مدار السنة، حتى في أيام العطلات الرسمية! ذلك هو متحف يونيفرسيوم (Universeum). منذ إنشائه في العام ٢٠٠١ وهو بلا مُنازع حتى اليوم أكبر متحف علمي في منطقة الدول الإسكندنافية.

متحف يونيفرسيوم العلمي (Universeum) في مدينة غوثانبورغ السويدية (أو يوتابوري، كما يطلق عليها باللغة السويدية) ليس من أهم المقاصد التعليمية والترفيهية للسكان المحليين وحسب وإنما هو مقصد سياحي مهم لكل من يزور مدينة يوتابوري والسويد بشكل عام، فموقعه المهم النابض بالحيوية من أهم أسباب شعبيته. يقع المتحف في وسط قلب المدينة إلى جانب عدد من المعالم السياحية والثقافية المهمة في المدينة كملعب سكاندينافيم (Scandinavium) الميدان الرياضي العالمي السويدي، والمركز السويدي للمعارض والمؤتمرات (Svenska Mässan) الذي يجذب ما يقارب  المليون زائر سنويًا، ومدينة الألعاب ليزبير (liseberg) المشهورة والأكثر زيارة في الدول الاسكندنافية، ومتحف الثقافة العالمية (Världskulturmuseet).
ذلك الجو الخارجي النابض بالنشاط يدبُ أيضًا بقوة داخل متحف يونيفرسيوم، وكما هو بطبيعة الحال في أي متحف آخر تكون ذروة الزيارة في المتحف في أيام عطلة نهاية الأسبوع حيثُ يكون مقصد العائلات وكل محب للاستكشاف. وهكذا زرناه نحن أيضًا في عطلة نهاية الأسبوع. يعجُ المتحف بالزوار من مختلف الأعمار والجنسيات ويُقدر بأن المتحف يستقبل حوالي ٥٩٠٠٠ زائر سنويًا من داخل وخارج السويد. وذلك الرقم يفوق الكثافة السكانية لمدينة يوتابوري! 

دعم أكاديمي
لعل أهم خاصية تجذب الزوار للمتحف هو أن للمتحف إمكانات كبيرة بحُكم الدعم الذي يتلقاه من جهات مرموقة كشركات ومؤسسات أكاديمية، فحتمًا سيشعر الزائر بأنه بين أيادٍ أمينة. الدعم الرئيسي للمتحف يأتي من مؤسسات حكومية وأكاديمية سويدية كبيرة كجامعة شالمر للتكنولوجيا
(بالسويدية Chalmers tekniska högskola)، جامعة يوتابوري، مركز التجارة السويدي، ومؤسسة تحالف القطاعات في منطقة يوتابوري. بالإضافة إلى ذلك يحصل المتحف على عائد ربحي لا يُستهان به من زواره، فحوالي ٨٨ في المائة من دخل المتحف يأتي من عائد مبيعات التذاكر، الأمر الذي يترك النسبة الباقية من دخل المتحف من المؤسسات التي ذكرناها. كما أن الاستثمارات في برامج علمية تنهال على المتحف من قِبل مراكز علمية أو شركات تكنولوجيا في المنطقة بُغية الترويج لبرنامج علمي معين. فعلى سبيل المثال كان للمتحف معرض علمي كبير في الفترة الأخيرة عن تكنولوجيا الجرائم (criminal technology)، إلى جانب استثمار علمي آخر ممثل في صفقة أجراها المتحف مع شركة إريكسون السويدية، حيثُ أعطت الشركة مجموعة من أجهزة إنسان آلي (روبوتات) (robots), وذلك بهدف عرضها وجذب اهتمام الزوار لهذه الصناعة. قامت الشركة بتلك الخطوة بعد أن رأت أنها تواجه صعوبة في جعل طلاب المواد العلمية في المدارس يُبدون اهتمامًا أكبر في المجال العلمي.

تعزيز التفكير العلمي
بشكل عام يقوم المتحف بمشاريع تعاونية مع عدد من الجهات المختصة في المجال العلمي والتقني، فهناك مايقارب من عشرة مشاريع تهدف إلى رفع الوعي في مجال القطاع العلمي في السويد على مختلف المستويات. يخبرنا يوهانس إليوت، أحد المرشدين في المتحف عن أحدث مشاريع المتحف: في الوقت الراهن هناك مشروع يركز على تعزيز التفكير التحليلي العلمي لدى عدد من طلاب المدارس، يُدعى المشروع بـ«توقعات الشباب» حيثُ يشارك ٧٦٠ طالبًا وطالبة من جميع أنحاء السويد في مسابقة تُجرى هنا في المتحف تُعنى بحل المشكلات التقنية لوسائل المواصلات. تتكون المسابقة من سلسلة من ورشات العمل حيثُ على الطلاب المشاركين إنجاز مهام تتحدى إبداعهم العلمي. في المرحلة النهائية يشارك أيضًا أكاديميون ومسؤولون سياسيون ومجموعات مختصة في الشأن العلمي إلى أن يتم إصدار النتائج النهائية. يتم اختيار أفضل الحلول لتكون مسودة للإصلاحات في مجال وسائل المواصلات. بالإضافة إلى ذلك هناك جوائز مادية وعينية ضخمة تنتظر الفائزين في المسابقة. وبذلك يقوم المتحف بتشجيع الشباب في التفكير التحليلي العلمي ويمنحهم أيضًا الفرصة للتأثير في إجراء تغيرات وإصلاحات. 
إذن، مما يتكون هذا المتحف الضخم؟ ينقسم المتحف إلى جزءين، الأول هو الجزء الحيوي الذي يُركز على الماء والحياة التي يُنتجها، فنجد عرضًا للطبيعة السويدية - المعروفة بجمالها - من الشمال حتى الجنوب مرورًا بالجبال، والأنهار حتى نصل إلى المحيط، في تلك النقطة يعرض المتحف ثاني أكبر حوض أسماك في السويد حيثُ تسبح فيه أنواع شتى من الأسماك. بعد ذلك نأتي إلى القسم الاستوائي وفيه يتم عرض أكبر حوض أسماك في السويد حيثُ يحتوي على ١٢٤ مليون لتر من الماء و١٥٠٠ سمكة من ١٠٠ نوع من أنواع الأسماك، وفي نهاية القسم نمر على قسم الأفاعي، ثم الطيور التي تعشعش في قسم الغابات. الجزء الثاني والأخير هو أصغر مساحة من الجزء الأول ولكن ذلك لا يقلل من الإثارة فيه. هذا الجزء التكنولوجي يعرض طائرات وأجزاء من مراكب فضائية وأجهزة تقنية متعلقة بالطيران. يجد الزائر في هذا القسم وسائل للتسلية واللعب ويتم فيه أيضا إقامة العديد من ورشات العمل والمسابقات.

تجارب تفاعلية
يسعى المتحف للتعريف بأمور علمية بشكل سلس ومسلٍ، فبالدرجة الأساسية يقدم المتحف دورات تعريفية مجانية في أرجاء المتحف لجميع الزوار، سواء ممن هم ضمن برنامج معين بين المتحف والمدارس أو حتى للعامة. تللك الدورات تتضمن تجارب عملية تفاعلية حيثُ يكون للزوار الفرصة في أن يقتربوا من المعروضات كالثعابين بل إنهم يلمسونها أيضًا. وفي الدرجة الثانية يوفر المتحف مدرسين مختصين يتم توظيفهم لفترات معينة حتى يقدموا شرحًا علميًا وافيًا للطلاب الزوار. 
بالرغم من كل تلك المحاولات والبرامج العلمية لايزال اهتمام العامة بالإنتاج العلمي والتكنولوجي ضئيلاً. يشرح لنا يوهانس بأن أهم تحد يواجه المتحف هو الاهتمام الضئيل للمجال العلمي. يقول يوهانس: «خلال الصفوف العلمية التي أعطيها للطلاب الزائرين وخلال الحوارات أجد أنهم يستصعبوا الأمر في وقت ما، فهم ينظرون للمواد العلمية على أنها أمر صعب، أشعر ذلك بشكل أكبر من خلال حوارات مع الطالبات، فالكيمياء والفيزياء والرياضيات مواد صعبة بالنسبة لهن، وقلة منهن من تثق في اهتمامها العلمي. في الحقيقة نحن نرى أن العلم بحر واسع ومانحاول صنعه هو أن نخلق قاربًا خياليًا نصطحب فيه الناس للإبحار في ذك البحر العلمي. في نهاية الأمر نأمل أن تطور الناس شغفها العلمي إلى أوسع مدى».

العلم للجميع
مبتغى المتحف الرئيسي هو الترويج للأمور العلمية والتكنولوجيا وبالتأكيد إعطاء فرصة لمن له شغف علمي أن يلاقي ما يرضيه. ولكن مازال أمام المتحف الكثير من العمل لتحقيق مبتغاه بشكل تام، يقول يوهانس: «أنا لستُ راضيًا بعد مما حققناه، فبالرغم من أننا نستقبل ما يقارب من ٥٩٠٠٠ زائر سنويًا، فنحن نأمل في جذب المزيد من الزوار. ثم هناك معضلة مازلنا نعمل على حلها منذ ١٢ عامًا مع الساسة. نسعى لتسهيل دخول طلاب المدارس من كل صفوف المرحلة الإعدادية مجانًا برعاية حكومية».
كل تلك الجهود التي يبذلها المتحف هي محط تقدير الزوار ولكن لا يضر من وجود بعض التحفظات. يخبرنا مارتين توفليك، الذي يزور المتحف مع ابنه في جولة علمية استكشافية بأن المتحف مثير للاهتمام وينصح أي سائح أو حتى سكان يوتابوري من زيارته والاستمتاع باستكشاف أقسام المتحف المثيرة للاهتمام، ولكن له عتبًا بسيطًا، «فمع الأسف تذكرة الدخول ثمنها باهظ بعض الشيء مقارنة بالمتاحف الأخرى، ثم إن القيمين عليهم أن يعطوا اهتمامًا أكبر في المحافظة والترتيب في المتحف».
لا شك في أن كُبر مساحة المتحف تتطلب المزيد من القدرة التنظيمية لمعالجة سوء التنظيم الذي قد يبديه أحيانًا، ولكن لابد من الإشارة إلى أن أهم ميزة في المتحف هو أن أغلب العاملين فيه هم طلاب جامعيون يدرسون اختصاصات علمية، الأمر الذي يشكل نقطة قوة للمتحف.