فلسفة الجمال الأنثوي في المأثور الشفهي المغربي

فلسفة الجمال الأنثوي  في المأثور الشفهي المغربي

  ‬شكلت‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬أبرز‭ ‬الحقول‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬حضوراً‭ ‬عميقاً‭ ‬وعريقاً،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬المغربية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬بقية‭  ‬الثقافات‭ ‬الأخرى‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬حيث‭ ‬تحضر‭ ‬بشكل‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬مخيلة‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وإن‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭. ‬

هذا‭ ‬الحضور‭ ‬نجده‭ ‬داخل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الثقافية‭ ‬المشكلة‭ ‬للذاكرة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وبالأخص‭ ‬الحكاية‭ ‬واللغز‭ ‬والشعر‭ ‬والمثل،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬الشفهية‭ ‬البسيطة،‭ ‬التي‭ - ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬ارتجالات‭ ‬شفهية‭ ‬تتسم‭ ‬بالتلقائية‭ ‬والسذاجة‭ ‬أحيانا‭ - ‬فإنها‭ ‬تعكس‭ ‬تصورات‭ ‬وتمثلات‭ ‬المجتمع‭ ‬للجمال‭.‬

وللوقوف‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬القيمة،‭ ‬سنحاول‭ ‬رصدها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحليلنا‭ ‬لبعض‭ ‬النماذج‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬الشفهية،‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬هنا‭ ‬بالمثل‭ ‬الشعبي،‭ ‬ليظل‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬بإلحاح‭: ‬كيف‭ ‬تحضر‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال‭ ‬داخل‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي؟‭ ‬وما‭ ‬أبرز‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬استخلاصها‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬تحليلنا‭ ‬لبعض‭ ‬الأمثال‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الحقل‭ ‬القيمي؟

 

تمثل‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال

سنحاول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬تقديم‭ ‬قراءة‭ ‬تحليلية‭ ‬لواحد‭ ‬من‭ ‬الأمثال‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬يكتظ‭ ‬بها‭ ‬التراث‭ ‬الشفهي‭ ‬للمجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬وقد‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬تعبيراً‭ ‬واضحاً‭ ‬عن‭ ‬اختلاف‭ ‬الأذواق‭ ‬والتصورات‭ ‬حول‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ضرورة‭ ‬تحليله‭ ‬وتفكيك‭ ‬مختلف‭ ‬أبعاده‭.‬

المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬اخترناه‭ ‬نموذجاً‭ ‬لهذه‭ ‬القراءة‭ ‬هو‭: ‬اكُلْ‭ ‬خَنْفُوسَة‭ ‬عَنْدْمْهَا‭ ‬يَاقُوتَةب،‭ ‬فماذا‭ ‬تعني‭ ‬أولاً‭ ‬االخنفوسةب‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يصطلح‭ ‬عليه‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬بالخنفساء؟‭ ‬

هي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الحشرات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬البيئات‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬إلى‭ ‬الغابات‭ ‬والصحارى،‭ ‬وحتى‭ ‬داخل‭ ‬أكياس‭ ‬القمح‭ ‬والأرز‭ ‬المخزنة،‭ ‬ينفرها‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لما‭ ‬تثيره‭ ‬في‭ ‬نفوسهم‭ ‬من‭ ‬اشمئزاز‭ ‬وتقزز،‭ ‬وأيضاً‭ ‬لشكلها‭ ‬البشع،‭ ‬لكن‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬ممن‭ ‬يعتبرون‭ ‬هذه‭ ‬الحشرات‭ ‬جميلة،‭ ‬إذ‭ ‬يقوم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬بجمعها‭ ‬كهواية،‭ ‬وهذا‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬فإنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬االخنفوسةب،‭ ‬برغم‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬يصفها‭ ‬بالبشاعة‭ ‬والقبح،‭ ‬فإن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬يقدر‭ ‬قيمتها‭ ‬الجمالية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعكسه‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬بصدد‭ ‬تحليله،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬اخنفوسةب‭ ‬عند‭ ‬صاحبها‭ ‬وعند‭ ‬من‭ ‬يدرك‭ ‬قيمتها‭ ‬هي‭ ‬ياقوتة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التفريط‭ ‬فيها‭.‬

ويكشف‭ ‬لنا‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬أبعاداً‭ ‬أخرى‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬اختلاف‭ ‬التمثلات‭ ‬والتصورات‭ ‬حول‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال‭ ‬باختلاف‭ ‬الثقافات‭ ‬والمناطق،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اختلاف‭ ‬الأذواق،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬ميرسيا‭ ‬إلياد‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬االمقدس‭ ‬والمدنسب‭ ‬بلفظ‭ ‬التجلي،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬للجمال‭ ‬مجالات‭ ‬تجلٍ‭ ‬متعددة‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬المكان‭ ‬والزمان،‭ ‬وكذلك‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬إيميل‭ ‬دور‭ ‬كايم‭ ‬بلفظ‭ ‬التمثل،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭: ‬اتمثلات‭ ‬الأفراد‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬القيم‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬اكتسبوها‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬وبــاخـتلاف‭ ‬استـعــداداتـهــم‭ ‬العقلية‭ ‬والوجدانية‭ ‬والجسديةب،‭ ‬وهكذا،‭ ‬فما‭ ‬يعتبر‭ ‬جميلاً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬معينة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬قبيحاً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى،‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭.‬

 

الجمال‭ ‬المطلق‭... ‬والجمال‭ ‬النسبي

إذا‭ ‬عدنا‭ ‬وتأملنا‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬جيداً،‭ ‬فسنجده‭ ‬يعبر‭ ‬بصورة‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬أفكار‭ ‬فلسفة‭ ‬الجمال‭ ‬الديكارتية،‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬بالجمال‭ ‬المطلق،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يحوز‭ ‬إعجاب‭ ‬البعض‭ ‬منا‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحوز‭ ‬إعجاب‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬اكُلْ‭ ‬خَنْفُوسَة‭ ‬عَنْدْمْهَا‭ ‬يَاقُــوتَةب،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬االخنفوسةب‭ ‬برغم‭ ‬بشاعة‭ ‬مظهرها‭ ‬فهي‭ ‬حســــب‭ ‬المنطــــق‭ ‬الديــــكارتي‭ ‬جميلة‭ ‬وعادية‭ ‬بالنـــسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض،‭ ‬لكنها‭ ‬تحتمل‭ ‬بالمنطق‭ ‬السوسيولوجي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محل‭ ‬سخرية‭ ‬واشمئزاز‭ ‬وقبح‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭.‬

لذلك‭ ‬يــــرى‭ ‬ديكارت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجـــب‭ ‬التسليم‭ ‬بمعــــيار‭ ‬مطلـــق‭ ‬للظاهرة‭ ‬الجـــمالية،‭ ‬بل‭ ‬لابـــد‭ ‬من‭ ‬الأخذ‭ ‬بمبدأ‭ ‬النسبية،‭ ‬فالـــذي‭ ‬يســتحوذ‭ ‬على‭ ‬إعجاب‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬المشــاهدين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصفه‭ ‬بأنه‭ ‬جميل،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬عنه‭ ‬إنه‭ ‬الأجمل‭.‬

وقد‭ ‬يعكس‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬أيضاً‭ ‬قضية‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬المغربية،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬جمال‭ ‬المرأة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الجمال‭ ‬نجده‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬المتخيل‭ ‬الشعبي‭ ‬مرتبطاً‭ ‬ارتباطاً‭ ‬وثيقاً‭ ‬بالجسد،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال‭ ‬خارج‭ ‬سياق‭ ‬الجـــسد‭ ‬إنما‭ ‬تحيل‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬مضاد‭ ‬هو‭ ‬القبح،‭ ‬ولو‭ ‬اقتصرنا‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬الجسدي‭ ‬للمرأة،‭ ‬لوجدنا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يفضل‭ ‬الأنف‭ ‬الدقيق‭ ‬للمرأة‭ ‬والعيـــنيــــن‭ ‬الواسعتين‭ ‬والشعر‭ ‬الأسود‭ ‬وطول‭ ‬القامة،‭ ‬فيما‭ ‬يفـــضل‭ ‬آخرون‭ ‬قصر‭ ‬القامة‭ ‬والصوت‭ ‬الهادئ،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬يفضلون‭ ‬المرأة‭ ‬السمـــينة،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭ ‬الحسانية‭ ‬الصحراويــــة،‭ ‬وهذا‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬جماعة‭ ‬أو‭ ‬مجتمــــع‭ ‬أو‭ ‬فرد‭ ‬له‭ ‬ذوقه‭ ‬الخاص‭ ‬ومقاييسه‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬قيمة‭ ‬الجمال‭.‬

 

الجمال‭ ‬بين‭ ‬الذاتية‭ ‬والموضوعية

يدفعنا‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬طرح‭ ‬تساؤل‭ ‬مهم‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬الجمال‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬رسم‭ ‬حدود‭ ‬موضوعية‭ ‬أو‭ ‬صفات‭ ‬مشتركة‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬أو‭ ‬قبيح‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬معين؟‭ ‬أو‭ ‬بصيغة‭ ‬أخرى،‭ ‬ما‭ ‬العوامل‭ ‬والمؤثرات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬االخنفوسةب‭ ‬جميلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض‭ ‬وقبيحة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر؟‭ ‬أو‭ ‬بمنطق‭ ‬فلسفي،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ديكارت‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬الجمال‭ ‬النسبي،‭ ‬وآمن‭ ‬بلذة‭ ‬جمالية‭ ‬مرجعها‭ ‬الانسجام‭ ‬والتوازن‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الحواس‭ ‬وأفعال‭ ‬الذهن،‭ ‬ألا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬مطلق‭ ‬لا‭ ‬تغيره‭ ‬أو‭ ‬تؤثر‭ ‬فيه‭ ‬الظروف؟

هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬نفـــســها‭ ‬طــــرحها‭ ‬أفلاطـــــون‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬حين‭ ‬تساءل‭ ‬عن‭ ‬علة‭ ‬جمال‭ ‬الزهرة،‭ ‬وهل‭ ‬تكمن‭ ‬هذه‭ ‬العلة‭ ‬فــــي‭ ‬لونـــها‭ ‬الجـــمــيل،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬شذاها‭ ‬العبــــق؟‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬ســر‭ ‬جمـــالهـــا‭ ‬يكــمن‭ ‬في‭ ‬علة‭ ‬أخرى‭ ‬معقولة‭ ‬ومثالية‭ ‬هي‭ ‬مثال‭ ‬الجمال؟

بهذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬يضع‭ ‬أفلاطون‭ ‬الأساس‭ ‬الأول‭ ‬لبناء‭ ‬ميتافيزيقا‭  ‬عقلية‭ ‬مثالية‭ ‬تحاول‭ ‬تفسير‭ ‬جمال‭ ‬الأشياء‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬العلــــل‭ ‬الأولى،‭ ‬المعقولة،‭ ‬الثابتة‭ ‬والأزلية،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬الأفلاطوني‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬فكرة‭ ‬الجمال‭ ‬المثالي،‭ ‬أو‭ ‬المطلق‭ ‬الذي‭ ‬تغيره‭ ‬أو‭ ‬تؤثر‭ ‬فيه‭ ‬الظروف،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يتأثر‭ ‬باختلاف‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭. ‬

وإذا‭ ‬تفحصنا‭ ‬المثل‭ ‬السابق‭ ‬موضوع‭ ‬التحليل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬الفلسفي،‭ ‬فسنصل‭ ‬إلى‭ ‬خلاصة‭ ‬أساسية‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬كي‭ ‬تستقيم‭ ‬أحكامنا‭ ‬الجمالية،‭ ‬وتقوم‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬الجوانب‭ ‬الجمالية،‭  ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬مهمة،‭ ‬هي‭:‬

‭- ‬الصفات‭ ‬الجمالية‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬وجود‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬ما‭.‬

‭- ‬الذات‭ ‬المدركة،‭ ‬أي‭ ‬المتأمل‭/ ‬المتذوق‭.‬

‭- ‬المعايير‭ ‬والقيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭.‬

فتكون‭ ‬بالتالي‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية،‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الحكم‭ ‬الجمالي‭ ‬هو‭ ‬ثمرة‭ ‬طبيعية‭ ‬لذوق‭ ‬وفن‭ ‬واتجاه‭ ‬مجتمع‭ ‬ما،‭ ‬فالفرد‭ ‬يستوعب‭ ‬الجمال‭ ‬ويحس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معاييره‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ويبقى‭ ‬المثل‭ ‬اكُلْ‭ ‬خَنْفُوسَة‭ ‬عَنْدْمْهَا‭ ‬يَاقُوتَةب‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬الجمالي‭ ‬هو‭ ‬حكم‭ ‬تقييمي‭ ‬ونسبي‭ ‬يختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬الأشخاص،‭ ‬بل‭ ‬يختلف‭ ‬أيضا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬تبعاً‭ ‬لأحواله‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭ ‬والمؤثرة‭ ‬عليه،‭ ‬أي‭ ‬تداخل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الفسيولوجية‭ ‬والسيكولوجية‭ .