حكايات
صغُر العالم رغم اتساع رقعته، وتقارب البشر رغم انتشارهم على تلك الرقعة، ونمت في نفوسهم نبتة «الشغف» في التعرّف على مَن وما يملأ هذا الكون من حولهم... فكانت «الرحلات»، وما وجد صاحبنا طريقاً أقرب وأنفع مما يسمى «المتاحف» كحامل أمين للثقافة والحضارة، ثقافة الحاضر المرئي منها والمسموع من حوله، وحضارة الماضي، الأمر الذي يعد نسقاً معروفاً لأكبر وأقدم المتاحف في العالم... إذ يستقبلك... يعطيك بعضاً من نتاج الحاضر، ثم يقودك إلى إبداعات الماضي، وهي الثروة التي يزن العالم المتحضّر الأوطان بها.
وللنساء من تلك المتاحف نصيب، بدءاً باللؤلؤ الذي ازدانت به نحور الملكات، مروراً بالمعادن من ذهب أو فضة أو نحاس بألوانه المختلفة حتى أشرقت شمس الأحجار الكريمة، فكان الزمرد والياقوت بألوانه المتفاوتة من بين الأحمر القاني، والأزرق المائل قليلاً إلى الخضرة، والأزرق العميق المسمى «سفير» وما بين المعادن والأحجار مما عُرف باسم «الكورال» و«الشذر» - «المرجان» - «التركواز» - وهؤلاء من عائلة الصخور المرجانية، ولكن ما إن هلّ هلال «الألماس» حتى توارت كل تلك الأحجار وتسيّد صاحبنا الموقع زينة ونفعاً، فالزينة للنساء وبعض الرجال، والنفع للصناعات الثقيلة مثل صناعة النفط... إذ تتكون رؤوس الحفارات الباحثة عن النفط من مجموعة من حبات الألماس، نظراً لقدرته الفائقة على كسر وتهشيم كل ما يواجهه من عوائق صخرية.
لكن هل تطلّق المرأة حبيبها الأول (اللؤلؤ) وتقترن بالأخير (الألماس)؟... أظن أنها لن تتوانى في قبول الألماس زوجاً جديداً بديلاً عن ذاك كبير السن (اللؤلؤ)، خاصة بعد أن تعرف الحقيقة العلمية التي تؤكد أن حياة اللؤلؤ لا تتعدى مائة عام، يتحول بعد ذلك إلى «حفنة من رمل». أما الألماس فله ديمومة الوجود (والدوام لله وحده).
لكن العجيب في الأمر أن المرأة الخليجية عاشقة للؤلؤ، وهي تعرف أنها لابد أن تلبسه محاذياً لجسدها، لأنه يتغذى على أنفاسها.
تقول الأسطورة الروسية الفارسية إن اللؤلؤ يمكن أن يجدد حياته لو أعطيت حباته للديك يبلعها ثم يخرجها، فتتجدد مائة عام أخرى - والله أعلم.
أتذكر - أنا - منذ صباي سماعي لبعض النسوة يقلن إن وجه فلانة بدأ في الاصفرار، لأنها تلبـــس اللؤلــــؤ ليلاً ونهاراً... إشارة إلى أنه يمتص صحتها... والله أعلم.