اللغة العربية في غرب إفريقيا «النيجر نموذجاً»

اللغة العربية في  غرب إفريقيا «النيجر نموذجاً»

  إن دخول اللغة العربية إلى غرب إفريقيا عامة، والنيجر خاصة، قد واكب انتشار الإسلام في المنطقة، وإن كانت هناك إشارات إلى وجودها قبل الإسلام، وذلك في المراكز التجارية. ولكن لم يكن لها اعتبار قبل الإسلام، لأن الإسلام واللغة العربية متلازمان، فحيثما حلّ حلت اللغة العربية معه، ولا يكاد الإسلام يستقر في مدينة أو قرية حتى يفتح الدعاة أو التجار – خصوصاً مَن يجمعون بين الدعوة والتجارة - مدرسة لتعليم القرآن الكريم، ومبادئ الدين، واللغة العربية التي لا يُفهم الإسلام فهماً صحيحاً من دونها. 

دخل الإسلام إلى غرب إفريقيا بالطرق السلمية قبل الحربية، ولكن لم تقم دولة إسلامية في المنطقة إلا بعد فتح المرابطين لدولة غانة الوثنية. وأيضا فإن دولة غانة الإسلامية لم تتوسع نحو الشرق كثيراً، ولم يثبت في كتب التاريخ المحلية مثل تاريخ الفتاش أو السعدي أن دولة غانة كانت تحكم تنبكتو أو غاو، فضلاً عن غيرهما من المدن التي في أقصى الشرق مثل أغاديس، وكذلك كتب التاريخ العربية مثل تاريخ ابن خلدون والبكري. وقد ذكر البكري في كتابه أن الإسلام كان موجوداً في عاصمة غانة قبل فتح المرابطين، حيث قال: «ومدينة غانة مدينتان سهليتان إحداهما المدينة التي يسكنها المسلمون، وهي مدينة كبيرة، وفيها اثنا عشر مسجداً، أحدها يجمعون فيه. ولها الأئمة والمؤذنون والراتبون وفيها فقهاء وحمَلة علم... وفي مدينة الملك مسجد يصلي فيه من يفد عليه من المسلمين على مقربة من مجلس حكم الملك». وقال أيضاً: «فأهل التكرور اليوم مسلمون... أسلموا على يدي وارجابي بن رابيس الذي أسلم، وأقام عندهم شرائع الإسلام وحملهم عليها... وتوفي وارجابي سنة  432هـ». ومن المعلوم أن فتح المرابطين للمنطقة كان في عام 460هـ، والشيء الذي نريد أن نثبته هنا هو أن الإسلام واللغة العربية قد سبقا فتح المرابطين للمنطقة، وليس كما يشاع عند بعض الباحثين أن المرابطين هم الذين أدخلوا الإسلام إلى غرب إفريقيا، ولكن الصحيح أن المرابطين هم الذين أقاموا أول دولة إسلامية في المنطقة، وقد سبقهم وارجابي بن رابيس في إقامة شرائع الإسلام، ولكن الدولة لم تحمل صبغة إسلامية بمعنى الكلمة. ولو انتقلنا إلى النيجر فسنجد أن الإسلام قد دخل في أجزائها الشرقية – بِلْمَا وما جاورها - في القرن الأول الهجري على يدي التابعي الجليل عقبة 
بن نافع الفهري، الذي توغل في فتوحاته الإسلامية إلى منطقة كعوار KAWAR، وذلك في عام 46 هـ الموافق 666م، فحارب أهلها وأدخلهم في الإسلام، وواصل حروبه حتى أتى آخر المنطقة ثم رجع إلى غدامس. فكان هذا أول وصول شعاع الإسلام ونوره إلى المنطقة.
  لقد صارت اللغة العربية هي لغة الثقافة، والتعامل التجاري، والرسمية في الدواوين، خصوصاً في عصور الإمبراطوريات الإسلامية التي قامت في غرب إفريقيا. وكانت بعض أجزاء النيجر جزءاً منها، ومن الإمبراطوريات الإسلامية التي لعبت دوراً كبيراً في نشر الإسلام واللغة العربية في المنطقة، إمبراطورية مالي الإسلامية (638-791هـ) الموافق (1240-1389م) وكانت تشتمل على جمهورية مالي الحديثة والسنغال الشرقي وشمال غينيا وشمال بوركينا فاسو وغرب النيجر وجنوب موريتانيا. وقد وفد عليها العلماء من مصر وشمال إفريقيا، واستقدم بعض سلاطينها العلماء للتدريس، وبخاصة السلطان كنكن موسى (707-738هـ) الذي قام برحلة إلى الحج (728هـ) واستقدم معه العلماء مثل الشيخ إبراهيم الساحلي، والقاضي عبدالرحمن التميمي والشيخ عبدالله البلبالي المغربي، وكذلك اشترى كتباً كثيرة في العلوم الشرعية واللغوية. وقد كانت اللغة العربية والثقافة الإسلامية مزدهرتين في الدولة حتى قبل استقدام أولئك العلماء، لكنه أراد الاستفادة من الخبرات الخارجية، ودليل ذلك أن الشيخ عبدالرحمن التميمي الذي استقدمه السلطان كنكن موسى إلى مدينة تنبكتو للتدريس وجدها حافلة بالفقهاء السودانيين الذين تفوقوا عليه في الفقه وغيره من العلوم الشرعية واللغوية، ما اضطره إلى السفر إلى المغرب للاستزادة من العلم ثم العودة إلى تنبكتو للتدريس. 
لم يكتف سلاطين مالي باستقدام العلماء، بل كانوا يرسلون الطلاب إلى خارج السودان الغربي لطلب العلم، ومن ذلك إرسال السلطان كنكن موسى كاتبه وأخويه إلى فاس بالمغرب لطلب العلم، وكان الآباء يهتمون بتعليم أبنائهم القرآن الكريم وحفظه، وبلغت شدة اهتمامهم بذلك أنهم يضعون القيود على الأطفال الذين لم يحفظوا القرآن الكريم، فلا تفك عنهم حتى يحفظوه. ولكن ومع الأسف الشديد لم يصلنا من إنتاجات علماء إمبراطورية مالي الإسلامية شيء، مع كثرتهم.
وقامت على أنقاض إمبراطورية مالي الإسلامية إمبراطورية سنغي الإسلامية في القرن الرابع عشر الميلادي. وقد أولى سلاطينها العلم اهتماماً ونشر الإسلام في الدول المجاورة، وقاموا بفتوحات عدة وأسسوا مراكز للعلم في كل أرجاء الإمبراطورية، وجعلوا للعلماء رواتب منتظمة من الدولة، وفتحوا مكتبات في المدن والحلقات العلمية في المساجد، ونبغ فيها علماء واشتهروا عالمياً بكثرة إنتاجاتهم العلمية، وعلى رأسهم الشيخ أحمد بابا التنبكتي صاحب المؤلفات المشهورة في العلوم الشرعية والتاريخية، ومن أشهرها «نيل الابتهاج بتطريز الديباج»، وشيخه أحمد بغيغ الذي وصل إلى رتبة شيخ الإسلام في المنطقة، وكان مولعاً بشراء الكتب وإعارتها لطلاب العلم، وخصوصاً كتب النحو والأدب. 
وكانت المدارس القرآنية منتشرة فيها بكثرة، وقام بعض العلماء بإحصاء المدارس القرآنية في مدينة تنبكتو وحدها فبلغت حوالي 150 إلى 180 مدرسة. ويبلغ عدد تلاميذ الواحدة 123 تلميذاً، ما يدل على إقبال شعبها على العلم وازدهاره فيها. وقد بلغ من اهتمام سلاطينها بالعلم وشراء الكتب أن سلطان أسكيا داود اشترى نسخة من القاموس المحيط بثمانين مثقالاً، وكان لديه نساخ ينسخون له الكتب، وله شيخ يدرسه كتب الفقه مثل رسالة 
ابن أبي زيد القيرواني.
 ووفد على سنغي بعض العلماء ليساهموا في نهضتها العلمية، ومن ذلك وفود الشيخ محمد 
بن عبدالكريم المغيلي إلى المنطقة. ووفد على بلاط سلطان أسكيا محمد توري في غاو واستفتاه في بعض المسائل الدينية. وينسب إلى المغيلي تأسيس المدارس القرآنية في مدينة تغيدا (TIGGEDA) بمنطقة أغاديس، وقد خلّف بها طلاباً صاروا من العلماء الذين يُشار إليهم بالبنان في المنطقة مثل الشيخ العاقب بن عبدالله التغداوي الأغدسي، والشيخ شمس الدين بن النجيب التغداوي الذي وصفه الشيخ أحمد بابا في «نيل الابتهاج» بقوله: «أحد شيوخ عصره، معه فقه وصلاح، شرح مختصر خليل بشرحين: كبير في أربعة، وصغير في سفرين، وله أيضاً تعليق على المعجزات الكبرى للسيوطي».
وقد برع كثير من علمائها في اللغة والأدب. ومن أدبائها الذين وصلتنا بعض أشعارهم الأديب أبو عبدالله محمد البكري. ومن ذلك قصيدته التي مدح بها الشيخ أحمد بن محمد بن أقيت استهلها بقوله: 
أحبتنا والله إني على عهدي
وحبي لكم حبي وودي لكم ودي
ولم أنس أيام التداني وطيبها
إلى الله فيما ترتجون من الرقدي
وأسأله في كل وقت مكرم
بتحقيق ما تبغون من واسع المدي
ومن أدبائها الشيخ يحيى التادلي ، وله قصيدة في رثاء القاضي محمد الكابري وقد استهلها بقوله:
تذكر ففي التذكار خير الفؤاد
وفي طيِّه ورد على خير وارد
ألم تر سفر الحب بالفصل خصصوا
وسفر ذوي الأفكار أحظى بزائد
فيا عجباً هل بعده من مبين
ويا عربا هل بعده من مجالد؟
فلولا التعزي بالنبي صحبه
وأعلام علم الدنيا منه وزائد
لحق لدمع العين سيخ على الولا
لإفنـاء أشبـاح وإطفاء واقد
وللشيخ أحمد بابا قصيدة الحنين إلى وطنه لما نُفي إلى مراكش بعد احتلال المغاربة لدولة سنغي (999هـ الموافق 1591م)، حيث قال:
أيا قاصداً كاغو فعج نحو بلدتي
وزمزم لهم باسمي وبلغ أحبتي
سلاماً عطيراً من غريب وشائق
إلى وطن الأحباب رهطي وجيراني
وإذا انتقلنا إلى شرق النيجر نجد دولة كانم برنو الإسلامية التي كانت تضم منطقة زندر وما جاورها، وقد ازدهرت فيها اللغة العربية ازدهاراً كبيراً ويبدو ذلك في مؤلفات علمائها ورسائل سلاطينها إلى سلاطين مصر في ذلك العصر – وهم المماليك- مثل رسالة الماي عثمان بن إدريس إلى السلطان أبي سعيد الظاهر برقوق في شأن إفساد بعض الأعراب في أرضهم. وقد ورد فيها: «فإن حكم مصر قد جعله الله في أيديكم من البحر إلى أسوان... فإن بعض الأعراب يُفسدون في الأرض، ولا يُصلحون، فإنهم جاهلون كتاب الله وسنة رسولنا، فإنهم يزينون الباطل، فاتقوا الله واخشوه...»، ثم أورد أدلة من القرآن الكريم في النهي عن الفساد في الأرض. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكانت المدارس القرآنية والحلقات العلمية منتشرة في طول البلاد وعرضها، وكذلك العلماء من أمثال الشيخ أحمد بن فرتو الذي تعتبر مؤلفاته من المراجع الأساسية لتاريخ دولة كانم برنو، وخصوصاً فترة حكم الماي إدريس ألوما (699-717هـ). والشيخ أبي بكر الباركوم الذي وصفه الشيخ محمد بلو بقوله: «كان الشيخ عالماً بالمنقول والمعقول صالحاً تقياً بارعاً، والحاصل أنه بلغ مبلغ الرجال».
ومن مؤلفاته في اللغة العربية كتاب «منار الجامع في علم التصريف»، وله قصائد عدة في نصح الحكام والأمراء، وعتابهم، مثل قوله لحاكم من الحكام لما أغلق دونه الباب، ومنعه من الدخول عليه بسبب وشاية من بعض حساده:
أتركتَ باباً لا يحد مسافة
وأتيت باباً سدَّه تواب
باب يقول فلا تلج وتولَّ من
بخل وكل ضم هذا الباب
وفي القرن التاسع عشر الميلادي قامت الخلافة العثمانية في المنطقة، وقد أولت اللغة العربية وآدابها والعلوم الشرعية كل اهتمام. «وقد لا نبالغ إن قلنا إنها لم تزدهر في الدول الإسلامية التي سبقتها مثلما ازدهرت فيها، ودليل ذلك إنتاجاتها الأدبية والدينية. ولعل سبب ذلك هو أن مؤسسيها، وجل خلفائها علماء بعكس اللاتي قبلها».  لقد اهتموا باللغة العربية فتعلموها وأتقنوها غاية الإتقان حتى ظهر منهم من إذا خطب حسبته عربياً قحاً. واهتموا كذلك بالشعر العربي، وقرضوا في أغراض عدة، ولعل من أحسن ما يمكن أن نستشهد به من أشعارهم جيمية الشيخ عبدالله بن فوديو في مدح شيخه جبريل بن عمر الأغدسي – وهو ممن حاز لقب شيخ الإسلام في السودان الغربي وأستاذ للشيخ عثمان بن فوديو وأخيه عبدالله - وقد استهل القصيدة بقوله:
عُجَّ نحو أضواح الأحبة مامج
واشرب من الأنشاج ماء الزعيج
ثج الدموع على منازلهم بها
واشف الجنان من الهموم الدمج
إلى أن قال في مدح شيخه:
شيخ الشيوخ فريد دهر ظاهر
فوق المبارز بالعلوم متوّج
جبريل من جبر الإله لنا به
دينا حنيفا مستقيم المنهج
وافى وحزب ضلاله في تلقه
والدين في وهد كشيء بهرج
نلاحظ أن قصيدته على نمط القصائد الجاهلية التي تستهل بالبكاء على الأطلال والتصريع، ثم الانتقال إلى الغرض المقصود.
وقد خلّف الشيخ عبدالله بن فوديو مؤلفات عدة في العلوم الشرعية واللغوية والأدبية واستحق بجدارة لقب علامة السودان، أو عربي السودان، أو نادرة السودان. وكذلك الحال عند أخيه الشيخ عثمان بن فوديو وابنه محمد بلو ووزيره غدادليم وغيرهم. 
وكانت المدارس القرآنية والحلقات العلمية منتشرة في كل أرجاء الدولة التي كانت تمتد من دُوري (DORI) في بوركينا فاسو إلى شمال كمرون، ومن جنوب النيجر إلى إلوري في نيجيريا، وقد سقطت تحت معاول ومخالب الاستعمار الإنجليزي عام 1903م.
هذه أهم الدول الإسلامية الكبرى التي قامت في غرب إفريقيا قبل الاستعمار الفرنسي والإنجليزي للمنطقة. 
  وقامت على أنقاضها بعض الإمارات الإسلامية أقل منها حجماً وساهمت في تفعيل اللغة العربية والثقافة الإسلامية في المنطقة. ومن تلك الإمارات إمارات الطوارق والقبائل العربية في شمال نيجيريا ومالي. وكانت لها مساهمات أدبية وإسلامية في المنطقة، ولها مدارس وحلقات علمية متنقلة في الصحراء ومواقع القطر. ومن علمائها المشهورين الشيخ سيدي المختار الكبير، والشيخ باي الكنتي، والشيخ الجيلاني وغيرهم.
ومنها الدولة الإمامية في منطقة فوتا تورو وفوتا جالون في السنغال وغينيا كوناكري. ومن أشهر علماء وسلاطين الدولة الإمامية في فوتا تورو الشيخ عبدالقادر كن (ت: 1810م) وكان له دور كبير في إنعاش الثقافة الإسلامية، واللغة العربية في المنطقة «وكان أول عمل قام به لإصلاح وإنعاش الحركة الثقافية أن أقدم على بناء أربعين مسجداً جامعاً في طول البلاد وعرضها، وعيَّن في كل مسجد إماماً راتباً. ويتولى القضاء في الوقت نفسه، وفي كل مسجد حلقات لدراسة القرآن الكريم والدين واللغويات». وشجَّع العلماء، حتى وصلت بلاد فوتا في عهده إلى مستوى انتزاع قيادة الحركة الثقافية من حوض النيجر، وكذلك الحال في فوتا جالون، وخصوصاً في عهد ألفا كراموكو الذي بويع بالملك عام 1725م وكان شيخاً ذا قوة وعزم، فاجتهد في القضاء على الوثنية في بلاده حتى أصبحت إسلامية خالصة، وكذلك خلفه ألفا إبراهيم سَوْري الذي أكمل عمل سابقه. 
ومنها إمارة الشيخ أحمد حمدي لبو الماسني وقد أسس هذه الإمارة الإسلامية في القرن التاسع عشر الميلادي في منطقة ماسينا –في إقليم مبتي بجمهورية مالي- وقد نظم الشيخ أحمد لبو دولته تنظيماً جيداً حتى أصبحت من أرقى الدول في زمانه، وأولى الجانب العلمي اهتماماً كبيراً، حيث افتتح في حمد الله (العاصمة)  وحدها ستمائة مدرسة قرآنية لتعليم الصغار، وعين لها مشرفاً عاماً، وأصدر قراراً يلزم كل طفل بلغ السابعة من عمره أن يلتحق بالمدرسة القرآنية، وكل من لم يُدخل طفله المدرسة بعد بلوغه السابعة يجب أن يمثل أمام مجلس تأديبي مكون لذلك لتأديبه. ويلتحق الطفل بعد حفظ القرآن الكريم بالحلقات العلمية المنتشرة في الإمارة لمواصلة دراسته، أو يتفرع للأعمال التي يختارها كالتجارة والزراعة. وقد ارتفعت نسبة الحفاظ والفقهاء، وعلماء اللغة بين مختلف طبقات المجتمع، وتقدر بعض الكتب التاريخية عدد العلماء والفقهاء المشهورين في ماسينا بنيف وثلاثمائة عالم، ولكن معظم إنتاجاتهم العلمية والأدبية اندثرت بسبب الحرب الأهلية التي نشبت بين حفيد المؤسس أحمد أحمد أحمد لبو والشيخ عمر بن سعيد الفوتي، التي انتهت بسقوط دولة ماسينا الإسلامية على يدي الحاج عمر الفوتي، وبموت الحاج عمر بعد ذلك في عام 1865م، رحم الله الجميع.
أما دولة الحاج عمر تال الفوتي التي خلفت دولة ماسينا الإسلامية، فقد أسسها الحاج عمر بعد عودته من رحلته الحجية الطويلة، وكانت نقطة انطلاقها من دِنْغِراي في غينيا كناكري، ثم توسعت نحو الشمال والغرب وشملت أجزاء من غينيا والسنغال ومالي وموريتانيا. وكان الحاج عمر يهدف إلى تأسيس دولة تجانية في غرب إفريقيا، وطرد الفرنسيين من سواحل السنغال. وقد ألف كتباً عدة في الأدب والتصوف والأخلاق، من أشهرها رماح حزب الرحيم في نحور حزب الرجيم، ومنظومة إصلاح ذات البين، وسفينة السعادة.
 وهناك دويلات إسلامية أخرى أقل من المذكورة من حيث المساحة والعمر، ولكنها ساهمت بدورها في إدخال وتطوير اللغة العربية في غرب إفريقيا مثل دولة غُنْجا في شمال غانا، ودولة باباتو في شمال غانا وتوغو، والدولة الإسلامية التي كانت في شمال ساحل العاج.
 وفي الحقيقة، فإن اللغة العربية والثقافة الإسلامية قد ثبَّتتا أقدامهما في غرب إفريقيا عامة قبل الاستعمار الأوربي للمنطقة، وشكل الإسلام عادات السكان، وطور أحوالهم حتى صار مستوى التفكير والحضارة والثقافة فيها يقارب نظائره أو يفوقها في بعض الدول المعاصرة لها في تلك الفترة في أوربا.
لكن مما يجدر ذكره هنا أن القول إن اللغة العربية هي الرسمية ولغة الثقافة وغيرها لا يعني أن عامة الشعب كانوا يتحدثون بها، بل هي منحصرة في محيط العلماء وطلاب العلم والمثقفين، فإن العامة يتحدثون باللغات المحلية، ويكتبون رسائلهم وبعض العقود التجارية باللغات المحلية ولكن بالحرف العربي، ولا يعرفون غيره، حتى جاء الاستعمار وحاربه واستبدل الحرف اللاتيني به. وكذلك الحال 
في الالتزام الديني، لا يعني القول بانتشار الإسلام وتشكيل العادات أن عامة الشعب ملتزمون به، بل هناك عادات وتقاليد وممارسات مخالفة للإسلام، بدليل أسئلة الحاج أسكيا محمد للشيخ المغيلي، ولكننا نَصِفُ الحالة السائدة في المجتمعات والرسمية عند الحكام .