لورانس ميكالك: الصورة النمطية للعرب في السينما الأمريكية

لورانس ميكالك: الصورة النمطية للعرب  في السينما الأمريكية

إذا‭ ‬كانت‭ ‬صورة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تخيلها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬الخير،‭ ‬فإنها‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬ميلاً‭ ‬إلى‭ ‬التفرُّد‭ ‬والدقة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وأقل‭ ‬عرضة‭ ‬للبتر،‭ ‬وأقل‭ ‬انحيازاً‭. ‬أعادت‭ ‬أحداث‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬النظر‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬العرب،‭ ‬فهل‭ ‬نشهد‭ ‬عودة‭ ‬قوية‭ ‬لصورة‭ ‬العربي‭ ‬البربري‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬السابع؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬نفحصه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقابلة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬خبراء‭ ‬قضية‭ ‬صورة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬البروفيسور‭ ‬لورانس‭ ‬ميكالك‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بيركلي،‭ ‬الخبير‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

‭<‬‭ ‬أولا،‭ ‬هل‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تشرح‭ ‬لنا‭ ‬باختصار‭ ‬الأسباب‭ ‬والدواعي‭ ‬التي‭ ‬دفعتك‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بقضية‭ ‬صورة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية؟

‭- ‬انخراطي‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬حادث‭. ‬ففي‭ ‬نهاية‭ ‬دراستي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1964‭ (‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ستانفورد‭)‬،‭ ‬تقدمت‭ ‬بطلب‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬فيلق‭ ‬السلام،‭ ‬فاقترحوا‭ ‬عليّ‭ ‬تعييني‭ ‬مدرساً‭ ‬للغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬وعندما‭ ‬توصلت‭ ‬بالتعيين‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬حتى‭ ‬كيف‭ ‬أحدد‭ ‬موقع‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬العالم‭. ‬التحقت‭ ‬أخيراً‭ ‬بالعاصمة‭ ‬تونس،‭ ‬وزرت‭ ‬دولاً‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬وبدأت‭ ‬أفتتن‭ ‬بالثقافة‭ ‬العربية‭ ‬واللغة‭ ‬العربية‭ ‬وحضارتها‭. ‬تأثرت‭ ‬دوماً‭ ‬عاطفياً‭ ‬وفكرياً‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬بالسينما،‭ ‬وعندما‭ ‬عُدت‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬صُدمت‭ ‬وأنا‭ ‬أعاين‭ ‬الفرق‭ ‬الشاسع‭ ‬بين‭ ‬الصورة‭ ‬السلبية‭ ‬جداً‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والانطباع‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬تنامى‭ ‬بداخلي‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع،‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬أثناء‭ ‬إقامتي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬العربي،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬ولبنان‭ ‬وسورية‭.‬

‭<‬‭ ‬كيف‭ ‬تصف‭ ‬صورة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية؟

‭- ‬لقد‭ ‬تطورت‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬تبعاً‭ ‬للسياقات‭ ‬التاريخية‭. ‬ففي‭ ‬سنوات‭ ‬العشرينيات،‭ ‬شهدنا‭ ‬ظهور‭ ‬صورة‭ ‬للإنسان‭ ‬العربي‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالشيخ‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬أكثر‭ ‬شهرة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الشيخ‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1921،‭ ‬لعب‭ ‬فيه‭ ‬الممثل‭ ‬رودولف‭ ‬فالنتينو‭ ‬دور‭ ‬رجل‭ ‬‮«‬عربي‮»‬‭ ‬يخطف‭ ‬نساء‭ ‬غربيات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬العصر‭ ‬عند‭ ‬العرب‭... ‬فرد‭ ‬عربي‭ ‬من‭ ‬المستعمرات‭ ‬الأوربية‭ ‬يتميز‭ ‬بالشهوة‭ ‬والفجور‭ ‬والعنف،‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مغازلة‭ ‬النساء‭ ‬الغربيات،‭ ‬فيعمد‭ ‬إلى‭ ‬اختطافهن‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عرضت‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬فيلماً‭ ‬آخر‭ ‬كلاسيكياً‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬نفسه‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬جيست‭ ‬العاشق‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1926،‭ ‬تناول‭ ‬وجود‭ ‬الجحافل‭ ‬الأجنبية‭ ‬فوق‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭. ‬يتم‭ ‬تمثيل‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬دوماً‭ ‬في‭ ‬أثواب‭ ‬طويلة‭ ‬ومهزومين‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬رغم‭ ‬تفوقهم‭ ‬في‭ ‬العدد‭. ‬نشعر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬بتبرير‭ ‬ضمني‭ ‬لمصداقية‭ ‬وشرعية‭ ‬المشروع‭ ‬الاستعماري‭ ‬الغربي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬يكافحون‭ ‬ويناضلون‭ ‬ضد‭ ‬الغزو‭ ‬الأجنبي‭. ‬هناك‭ ‬تمثيل‭ ‬آخر‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬الاستيهام‭ ‬والخيال‭ ‬والسحر،‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬سوى‭ ‬مستودع‭ ‬للاستيهامات‭ ‬الغربية‭. ‬ويتم‭ ‬تمثيل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬باعتبارها‭ ‬مكاناً‭ ‬للوحوش‭ ‬والأفاعي‭ ‬والنساء‭ ‬والحريم‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬لص‭ ‬من‭ ‬بغداد‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1924،‭ ‬و«عجائب‭ ‬علاء‭ ‬الدين‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1961‭. ‬وهناك‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬الغرائبية،‭ ‬يظهر‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬باعتباره‭ ‬فضاء‭ ‬يقدم‭ ‬إطاراً‭ ‬للمؤامرات‭ ‬والأحداث‭ ‬الغريبة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حقاً‭ ‬فاعلاً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬الفيلم‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصنف‭ ‬هو‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬الفيلم‭ ‬الموسوم‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الدار‭ ‬البيضاء‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1942‭.‬

‭<‬‭ ‬كيف‭ ‬تطورت‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬أكثر‭ ‬حداثة،‭ ‬سياق‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة؟‭ ‬

‭- ‬شكلت‭ ‬أحداث‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أي‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ذ‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والأعمال‭ ‬المذهلة‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬خلفية‭ ‬أساسية‭ ‬لسلسلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الأحكام‭ ‬المسبقة‭ ‬والصور‭ ‬النمطية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تعرض‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باعتباره‭ ‬بطلاً،‭ ‬والإنسان‭ ‬العربي‭ ‬باعتباره‭ ‬رجلاً‭ ‬شريراً‭. ‬الفيلم‭ ‬الأكثر‭ ‬تمثيلاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬النزوح‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬فيه‭ ‬الممثل‭ ‬بول‭ ‬نيومان‭ ‬دور‭ ‬القائد‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬هرّب‭ ‬اللاجئين‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم،‭ ‬هناك‭ ‬نوعان‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأوربيين،‭ ‬نوع‭ ‬يدعم‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وآخر‭ ‬يدعم‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭. ‬وأخيراً،‭ ‬هناك‭ ‬التمثيل‭ ‬الأخير‭ ‬للعرب،‭ ‬وهو‭ ‬تمثيل‭ ‬الرجل‭ ‬الإرهابي‭. ‬كان‭ ‬الفيلم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1977،‭ ‬الذي‭ ‬يروي‭ ‬قصة‭ ‬مؤامرة‭ ‬إرهابية‭ ‬عربية‭ ‬لاغتيال‭ ‬جمهور‭ ‬غفير،‭ ‬وكذلك‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة،‭ ‬خلال‭ ‬مباراة‭ ‬السوبر‭ ‬بول‭. ‬وتم‭ ‬إحباط‭ ‬المؤامرة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬عملاء‭ ‬إسرائيليين‭ ‬شجعان‭. ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التمثيل‭ ‬عُرض‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬دلتا‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬قوات‭ ‬أمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬تنقذ‭ ‬ركاب‭ ‬طائرة‭ ‬مختطفة‭ ‬وتقتل‭ ‬المهاجمين‭ ‬العرب‭. ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أيضاً‭ ‬أفلاماً‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أكاذيب‭ ‬حقيقية‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1994‭ ‬مع‭ ‬الممثل‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشهير‭ ‬شوارزنيجر،‭ ‬وأيضاً‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬تنفيذ‭ ‬القرار‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬المقاتلين‭ ‬العرب‭ ‬بزعامة‭ ‬متعصب‭ ‬بالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬طائرة‭ ‬لمهاجمة‭ ‬واشنطن‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعض‭ ‬الأفلام‭ ‬ذات‭ ‬نكهة‭ ‬إيجابية‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬المحارب‭ ‬رقم‭ ‬13‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬الذي‭ ‬يعرض‭ ‬قصة‭ ‬شخص‭ ‬يدعى‭ ‬ابن‭ ‬فضلان،‭ ‬وهو‭ ‬دبلوماسي‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الفولجا‭ ‬في‭ ‬أوربا،‭ ‬ويتم‭ ‬تصويره‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬باعتباره‭ ‬رجلاً‭ ‬مثقفاً‭ ‬وخيّراً‭ ‬يرفض‭ ‬شرب‭ ‬الكحول‭ ‬ويصلي‭ ‬قبل‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المعارك‭. ‬أفكر‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الملوك‭ ‬الثلاثة‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فيلم‭ ‬تخيلي‭ ‬تدور‭ ‬أحداثه‭ ‬حول‭ ‬جنود‭ ‬أمريكيين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬عام‭ ‬1991‭. ‬يتم‭ ‬تصوير‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬نمطية‭ ‬موغلة‭ ‬في‭ ‬الشر،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬يقدم‭ ‬الفيلم‭ ‬بعض‭ ‬العراقيين‭ ‬الأخيار‭ ‬والإنسانيين‭ ‬المترعة‭ ‬قلوبهم‭ ‬بالرأفة‭. ‬

‭<‬‭ ‬ما‭ ‬التحليل‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬تستخلصه‭ ‬من‭ ‬تمثيل‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية؟

‭- ‬يجب‭ ‬التذكير‭ ‬أولاً‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬العرب‭ ‬وحدهم‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬وصفهم‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هوليوود،‭ ‬بل‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬أيضاً‭ ‬تعرضت‭ ‬للتنميط‭ ‬حسب‭ ‬ظروف‭ ‬التاريخ،‭ ‬مثل‭: ‬اليابانيين‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬والروس‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬كثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬ليست‭ ‬سيئة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتمثيل‭ ‬العرب‭... ‬إنها‭ ‬أفلام‭ ‬رديئة‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفني،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬توجيه‭ ‬الممثلين‭ ‬والسيناريو‭. ‬أعمال‭ ‬سينمائية‭ ‬أخرى‭ - ‬بالعكس‭ - ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التمثيل‭ ‬السيئ‭ ‬للمجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬هي‭ ‬أفلام‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفنية‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المعدل‭ ‬العام،‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيف‭ ‬معظم‭ ‬الأفلام‭ ‬باعتبارها‭ ‬أفلاماً‭ ‬رديئة،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الاستثناءات‭ ‬المثيرة‭ ‬للاهتمام‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.‬

‭<‬‭ ‬لماذا‭ ‬يتم‭ ‬تمثيل‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟

‭- ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬هناك‭ ‬نزوع‭ ‬إلى‭ ‬التبسيط‭ ‬والاختزال‭ ‬وإنتاج‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تُقدم‭ ‬لنا‭ ‬باعتبارها‭ ‬رؤية‭ ‬كونية،‭ ‬تتلاءم‭ ‬جيداً‭ ‬مع‭ ‬السينما‭ ‬بقصصها‭ ‬عن‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭. ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الأكثر‭ ‬تحديداً‭ ‬وخصوصية‭ ‬عن‭ ‬العرب،‭ ‬ثمة‭ ‬جذور‭ ‬تاريخية‭ ‬لعامل‭ ‬عوج‭ ‬وتحريف‭ ‬صورتهم‭. ‬تم‭ ‬إعمار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬بالسكان‭ ‬الأوربيين‭ ‬الذين‭ ‬يملكون‭ ‬رؤية‭ ‬صدامية‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬بسبب‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬ميز‭ ‬الحضارتين‭ ‬في‭ ‬أوربا‭. ‬يعتبر‭ ‬الجهل‭ ‬أيضاً‭ ‬عاملاً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التنميط‭ ‬والصور‭ ‬المقولبة‭. ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬غياب‭ ‬الصوت‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الهجرة‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬جديدة‭ ‬نسبياً‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭. ‬وأخيراً،‭ ‬لايزال‭ ‬تأثير‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأيضاً‭ ‬الانحياز‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬في‭ ‬تصورنا‭ ‬للمجتمع‭ ‬العربي‭.‬

‭<‬‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬تمارس‭ ‬تأثيراً‭ ‬على‭ ‬التمثيل‭ ‬الشعبي‭ ‬للعرب‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي؟

‭- ‬الأفلام‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬تأثير‭ ‬حاسم‭ ‬على‭ ‬التصور‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعرب‭. ‬فمعظم‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لم‭ ‬يروا‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬في‭ ‬الشاشة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬عرض‭ ‬العرب‭ ‬باعتبارهم‭ ‬شعباً‭ ‬شريراً‭ ‬ومخيفاً‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مليار‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬من‭ ‬تذاكر‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الأفلام‭ ‬المشاهدة‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وجميع‭ ‬هذه‭ ‬التمثيلات‭ ‬السيئة‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬لها‭ ‬تأثيرها‭ ‬السلبي‭. ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الشباب،‭ ‬وهم‭ ‬أكبر‭ ‬المستهلكين‭ ‬للأفلام‭ ‬السينمائية‭.‬

‭<‬‭ ‬هل‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الصحيح‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الطوائف‭ ‬العرقية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يبقى‭ ‬العرب‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يعانون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬الأعم‭ ‬من‭ ‬التنميط‭ ‬الأكثر‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية؟

‭- ‬أعتقد‭ ‬ذلك،‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬صحيح‭. ‬العرب‭ ‬والفرس‭ ‬والأتراك‭ ‬هم‭ ‬الأعراق‭ ‬الأكثر‭ ‬تمثيلاً‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭.‬

‭<‬‭ ‬كيف‭ ‬يتفاعل‭ ‬العرب‭  ‬الأمريكيون‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التمثيل‭ ‬من‭ ‬ثقافتهم؟

‭- ‬تاريخياً،‭ ‬عبّر‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬خجلهم‭ ‬من‭ ‬ماضيهم‭ ‬الثقافي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬حاولوا‭ ‬إخفاء‭ ‬أصلهم،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬غيروا‭ ‬أسماءهم‭. ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تغيَّر‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالخجل‭ ‬والعار‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الغضب‭. ‬ومنذ‭ ‬بضع‭ ‬سنوات،‭ ‬بدأ‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬عملية‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬أبسكام‮»‬‭ (‬عملية‭ ‬الاحتيال‭ ‬العربي‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬شرع‭ ‬فيها‭ ‬وكلاء‭ ‬يزعمون‭ ‬أنهم‭ ‬عرب‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتحديد‭ ‬العناصر‭ ‬المفترض‭ ‬أنها‭ ‬فاسدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي‭. ‬وشعر‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬بالمهانة‭ ‬والإذلال‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬العنصرية،‭ ‬وأدت‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬جمعية‭ ‬لجنة‭ ‬العرب‭  ‬الأمريكيين‭ ‬لمكافحة‭ ‬التمييز‭. ‬أما‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬يقومون‭ ‬برد‭ ‬فعل‭ ‬قوي‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬تقديمهم‭ ‬بطريقة‭ ‬نمطية‭.‬

‭<‬‭ ‬هل‭ ‬شعرت‭ ‬بتأثير‭ ‬أحداث‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬على‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تقديمـها‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬السينمائية‭ ‬الأمريكية؟

‭- ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬إن‭ ‬الصورة‭ ‬المشوهة‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬تفاقمت،‭ ‬وشكل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬موضوعاً‭ ‬للتجنيب‭ ‬في‭ ‬المطارات‭ ‬وغيرها‭. ‬حماية‭ ‬حقوقهم‭ ‬المدنية‭ ‬تآكلت‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬قوانين‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬بالفعل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬السينمائية‭ ‬والوثائقية‭ ‬ذات‭ ‬لهجة‭ ‬مناهضة‭ ‬للعرب‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬والتلفزيون‭ ‬

لقطة‭ ‬من‭ ‬فيلم‭ ‬The‭ ‬13th warrior‭ (‬المحارب‭ ‬13‭)‬